×

Nous utilisons des cookies pour rendre LingQ meilleur. En visitant le site vous acceptez nos Politique des cookies.


image

سلسلة المرأة, المرأة والبحث عن الذات (2)

المرأة والبحث عن الذات (2)

متوتِّراتٍ نفسيًّا، مشتَّتاتٍ، شاعراتٍ بالتَّقصيرِ والضَّياعِ

وعدمِ الرِّضا عنْ أدائِهنَّ في كلِّ شيءٍ غالبًا،

وما ينتجُ عنْ ذلكَ منْ مشاكل نفسيَّةٍ وتربويَّةٍ لديها ولدى أبنائِها،

وتفكُّكٍ أسريٍّ، ليسَ بالضَّرورةِ أنْ يكونَ طلاقًا،

بلْ لطالما قامَتْ بيوتٌ على جفاءِ وسوءِ علاقاتٍ قدْ يكونُ أسوأَ منَ الطّلاقِ.

قدْ تستطيعُ بعضُ النِّساءِ التَّوفيقَ بينَ مستوَيَيِ النَّجاحِ،

ولكنًّ هذهِ نُدرةٌ يصعبُ القياسُ عليها،

ولا ينبغي أنْ تكونَ الأصلَ في المجتمعِ، ولا الثَّقافةَ الَّتي يخاطَبُ بها الجميعُ.

فما بالُكم عندَما يتوجَّهُ الإعلامُ إلى مخاطبةِ المرأةِ

بالمستوى الثّالثِ منَ النَّجاحِ،

ألا وهوَ: النَّجاحُ في الاستثنائياتِ؟َ!

كوني مكتشِفةً، مخترِعةً، إعلاميَّةً مشهورةً، مديرةَ شركةٍ،

وعندَما تُقدَّمُ هذهِ النَّماذجُ كرموز وقدواتٍ للفتياتِ كلِّهنَّ،

بحيثُ تقارِنَ الفتاةُ نفسَها بهِنَّ،

ثمَّ تشعرُ بالفشلِ والألمِ إذا لم تحقِّقْ مثلَ ما حقَّقْنَه،

-ولن تحقِّقَه- إذْ إنَّنا لم نُخلَقْ جميعًا استثنائيّينَ.

ما بالُكم عندَما تُشغلُ الفتاةُ بهذا،

ولا هيَ ولا هؤلاءِ الرُّموزُ حقَّقْنَ المستوى الأساسيَّ الأوَّلَ اللّازمَ منَ النَّجاحِ.

بينَما ينبغي أنْ تُبنى ثقافةُ المجتمعِ كلِّهِ على ألّا تنتقلَ المرأةُ منْ دائرةٍ إلى الَّتي تليها

إلّا بعدَ إحكامِ الأولى،

وإلّا كانَتْ كطبيبٍ يعرِّضُ نفسَه لمرضى الأمراضِ المُعديةِ بأشكالِها،

وهوَ عديمُ المناعةِ، وغيرُ آخذٍ بوسائلِ الحمايةِ،

ويبرِّرُ بأنَّ علاجَ النّاسِ خيرٌ ونفعٌ عامٌّ!

نعمْ، كانَ في الأمَّةِ استثنائياتٌ، كخديجةَ -رضيَ اللهُ عنْها-

الَّتي كانَتْ باللُّغةِ المعاصرةِ: (امرأةَ أعمالٍ ناجحةً) ودعمَتِ الدَّعوةَ بمالِها،

لكنَّها كانَتْ في الوقتِ ذاتِه مثالًا للنَّجاحِ في الأساسيّاتِ.

المرأةُ المؤمنةُ تستحضرُ قولَ نبيِّها -صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ:

«فأعطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه» [صحيح البخاري]

وقولَه: «وهيَ مسؤولةٌ عنْ رعيَّتِها» [صحيح البخاري ومسلم]

فلنْ تُقدِّمَ على النَّجاحِ في هذهِ المسؤوليَّةِ نجاحًا لم تُكلَّفْ بِه،

ولنْ تبحثَ عنْ نجاحٍ إضافيٍّ وهيَ لمْ تعطي أصحابَ الحقوقِ حقوقَهم،

وإلّا كانَتْ كمَدينٍ يتبرَّعُ بالمالِ.

المرأةُ النّاجحةُ في الأساسيّاتِ قدْ تعملُ منْ بيتِها أو بدوامٍ جزئيٍّ، وضمنَ تحكُّمِها،

معَ كونِ السِّيادةِ للمستوى الأوَّلِ وجلّ الوقت فيه،

قدْ تؤخِّرُ هذا العملَ إلى ما بعدَ وصولِها حدًّا مرضيًا منْ قوَّةِ النَّفسِ واستقلالِ أبنائِها،

وبعدَ أنْ قامَتْ بما عليها واكتسبَتْ خبرةَ التَّربيةِ وحكمتَها،

ممّا يؤهِّلُها للنَّجاحِ في الإضافيَّاتِ.

ولا شيءَ يستعجلُها في ذلكَ لأنَّها لا تنطلي عليها

حيلُ منْ يؤزُّونَها ويُشعرونَها بالدّونيَّةِ والفشلِ.

مرَّةً أخرى: بماذا يختلفُ الرَّجلُ عنِ المرأةِ في ذلكَ؟

يختلفُ بأنَّ الإسلامَ أوجبَ عليهِ النَّفقةَ على المرأةِ وعلى الأبناءِ،

وحمايتَهم وتوفيرَ السَّكنِ والعيشَ الكريمَ لهم، وفقَ ما حدَّدَه الإسلامُ منْ تقسيم الأدوارِ،

فنجاحُه في ذلكَ هوَ منَ الأساسيّاتِ الَّتي يأثمُ إذا فرَّطَ فيها.

فخطابُنا لهُ هوَ خطابُنا للمرأةِ تمامًا، منْ حيثُ التزامِ الأولويَّاتِ كما شرعَها اللهُ،

وعلى الرَّجلِ أنْ يسعى سعيَه على الرِّزقِ لا منْ قبيل إثباتِ الذّاتِ للنّاسِ،

بلْ أداءً لأمرِ اللهِ تعالى، وتحقيقًا للعبوديَّةِ بمفهومِها الشّاملِ.

فإذا انهمَكَ الرَّجلُ في العملِ حبًّا في المالِ، أوْ إثباتًا للذّاتِ، أو منافسةً للآخرينَ،

على حسابِ زوجتِه وأولادِه، وإعطائِهم حقوقَهم منْ عاطفتِه ووقتِه وتوجيهِه،

فهوَ آثمٌ كالمرأةِ الَّتي تنشغلُ عنِ الأساسيّاتِ.

ربمّا لا زالَت لديكِ أسئلةٌ:

يعني هلْ تقولونَ لي هذا الكلامَ لتقنعوني بالزَّواجِ وتكوينِ أسرةٍ

بدلًا منَ الدِّراسةِ الجامعيَّةِ والعملِ؟!

هلِ المطلوبُ منَ المرأةِ أنْ تكونَ شغّالة البيت؟!

ماذا إذا كنتُ لا أجدُ نفسي معَ زوجٍ وأولادٍ، وإنَّما في العملِ التَّطوُّعيِّ أوِ التَّثقيفيِّ،

أليسَتْ هذهِ أهدافًا ساميةً، وليسَتْ مادِّيَّةً كما تقولونَ؟

تقولونَ: تربيةُ الأولادِ، يعني العبارةَ ما غيرَها: "كوني شمعةً تحترقُ لتضيءَ للآخرينَ"؟

أليسَ في شهادةِ المرأةِ وعملِها حمايةً لها؟

سنجيبُك عنْ هذهِ الأسئلةِ كلِّها في ما يأتي بإذنِ اللهِ.

خلاصةُ ما قلناهُ اليومَ: أنتِ مسلمةٌ، فلكِ تميُّزُكِ وأهدافُكِ،

فحقِّقي ذاتَكِ بالعملِ لتحقيقِ هذهِ الأهدافِ ضمنَ الأولويّاتِ الصَّحيحةِ،

هنا النَّجاحُ وهذا ميدانُ التَّنافسِ الحقيقيِّ،

ومنْ هنا تنشأُ شخصيَّتُكِ كأنثى سوِيَّةٍ مستقرَّةٍ مطمئنَّةٍ متوازنةٍ واثقةٍ،

مصطلِحةٍ معَ نفسِها، مقدِّرةٍ لذاتِها، ناجحةٍ في علاقاتِها، ومُرضيةٍ لربِّها.

والسَّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ.

المرأة والبحث عن الذات (2) Women and the search for self (2)

متوتِّراتٍ نفسيًّا، مشتَّتاتٍ، شاعراتٍ بالتَّقصيرِ والضَّياعِ

وعدمِ الرِّضا عنْ أدائِهنَّ في كلِّ شيءٍ غالبًا،

وما ينتجُ عنْ ذلكَ منْ مشاكل نفسيَّةٍ وتربويَّةٍ لديها ولدى أبنائِها،

وتفكُّكٍ أسريٍّ، ليسَ بالضَّرورةِ أنْ يكونَ طلاقًا،

بلْ لطالما قامَتْ بيوتٌ على جفاءِ وسوءِ علاقاتٍ قدْ يكونُ أسوأَ منَ الطّلاقِ.

قدْ تستطيعُ بعضُ النِّساءِ التَّوفيقَ بينَ مستوَيَيِ النَّجاحِ،

ولكنًّ هذهِ نُدرةٌ يصعبُ القياسُ عليها،

ولا ينبغي أنْ تكونَ الأصلَ في المجتمعِ، ولا الثَّقافةَ الَّتي يخاطَبُ بها الجميعُ.

فما بالُكم عندَما يتوجَّهُ الإعلامُ إلى مخاطبةِ المرأةِ

بالمستوى الثّالثِ منَ النَّجاحِ،

ألا وهوَ: النَّجاحُ في الاستثنائياتِ؟َ!

كوني مكتشِفةً، مخترِعةً، إعلاميَّةً مشهورةً، مديرةَ شركةٍ،

وعندَما تُقدَّمُ هذهِ النَّماذجُ كرموز وقدواتٍ للفتياتِ كلِّهنَّ،

بحيثُ تقارِنَ الفتاةُ نفسَها بهِنَّ،

ثمَّ تشعرُ بالفشلِ والألمِ إذا لم تحقِّقْ مثلَ ما حقَّقْنَه،

-ولن تحقِّقَه- إذْ إنَّنا لم نُخلَقْ جميعًا استثنائيّينَ.

ما بالُكم عندَما تُشغلُ الفتاةُ بهذا،

ولا هيَ ولا هؤلاءِ الرُّموزُ حقَّقْنَ المستوى الأساسيَّ الأوَّلَ اللّازمَ منَ النَّجاحِ.

بينَما ينبغي أنْ تُبنى ثقافةُ المجتمعِ كلِّهِ على ألّا تنتقلَ المرأةُ منْ دائرةٍ إلى الَّتي تليها

إلّا بعدَ إحكامِ الأولى،

وإلّا كانَتْ كطبيبٍ يعرِّضُ نفسَه لمرضى الأمراضِ المُعديةِ بأشكالِها،

وهوَ عديمُ المناعةِ، وغيرُ آخذٍ بوسائلِ الحمايةِ،

ويبرِّرُ بأنَّ علاجَ النّاسِ خيرٌ ونفعٌ عامٌّ!

نعمْ، كانَ في الأمَّةِ استثنائياتٌ، كخديجةَ -رضيَ اللهُ عنْها-

الَّتي كانَتْ باللُّغةِ المعاصرةِ: (امرأةَ أعمالٍ ناجحةً) ودعمَتِ الدَّعوةَ بمالِها،

لكنَّها كانَتْ في الوقتِ ذاتِه مثالًا للنَّجاحِ في الأساسيّاتِ.

المرأةُ المؤمنةُ تستحضرُ قولَ نبيِّها -صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ:

«فأعطِ كلَّ ذي حقٍّ حقَّه» [صحيح البخاري]

وقولَه: «وهيَ مسؤولةٌ عنْ رعيَّتِها» [صحيح البخاري ومسلم]

فلنْ تُقدِّمَ على النَّجاحِ في هذهِ المسؤوليَّةِ نجاحًا لم تُكلَّفْ بِه،

ولنْ تبحثَ عنْ نجاحٍ إضافيٍّ وهيَ لمْ تعطي أصحابَ الحقوقِ حقوقَهم،

وإلّا كانَتْ كمَدينٍ يتبرَّعُ بالمالِ.

المرأةُ النّاجحةُ في الأساسيّاتِ قدْ تعملُ منْ بيتِها أو بدوامٍ جزئيٍّ، وضمنَ تحكُّمِها،

معَ كونِ السِّيادةِ للمستوى الأوَّلِ وجلّ الوقت فيه،

قدْ تؤخِّرُ هذا العملَ إلى ما بعدَ وصولِها حدًّا مرضيًا منْ قوَّةِ النَّفسِ واستقلالِ أبنائِها،

وبعدَ أنْ قامَتْ بما عليها واكتسبَتْ خبرةَ التَّربيةِ وحكمتَها،

ممّا يؤهِّلُها للنَّجاحِ في الإضافيَّاتِ.

ولا شيءَ يستعجلُها في ذلكَ لأنَّها لا تنطلي عليها

حيلُ منْ يؤزُّونَها ويُشعرونَها بالدّونيَّةِ والفشلِ.

مرَّةً أخرى: بماذا يختلفُ الرَّجلُ عنِ المرأةِ في ذلكَ؟

يختلفُ بأنَّ الإسلامَ أوجبَ عليهِ النَّفقةَ على المرأةِ وعلى الأبناءِ،

وحمايتَهم وتوفيرَ السَّكنِ والعيشَ الكريمَ لهم، وفقَ ما حدَّدَه الإسلامُ منْ تقسيم الأدوارِ،

فنجاحُه في ذلكَ هوَ منَ الأساسيّاتِ الَّتي يأثمُ إذا فرَّطَ فيها.

فخطابُنا لهُ هوَ خطابُنا للمرأةِ تمامًا، منْ حيثُ التزامِ الأولويَّاتِ كما شرعَها اللهُ،

وعلى الرَّجلِ أنْ يسعى سعيَه على الرِّزقِ لا منْ قبيل إثباتِ الذّاتِ للنّاسِ،

بلْ أداءً لأمرِ اللهِ تعالى، وتحقيقًا للعبوديَّةِ بمفهومِها الشّاملِ.

فإذا انهمَكَ الرَّجلُ في العملِ حبًّا في المالِ، أوْ إثباتًا للذّاتِ، أو منافسةً للآخرينَ،

على حسابِ زوجتِه وأولادِه، وإعطائِهم حقوقَهم منْ عاطفتِه ووقتِه وتوجيهِه،

فهوَ آثمٌ كالمرأةِ الَّتي تنشغلُ عنِ الأساسيّاتِ.

ربمّا لا زالَت لديكِ أسئلةٌ:

يعني هلْ تقولونَ لي هذا الكلامَ لتقنعوني بالزَّواجِ وتكوينِ أسرةٍ

بدلًا منَ الدِّراسةِ الجامعيَّةِ والعملِ؟!

هلِ المطلوبُ منَ المرأةِ أنْ تكونَ شغّالة البيت؟!

ماذا إذا كنتُ لا أجدُ نفسي معَ زوجٍ وأولادٍ، وإنَّما في العملِ التَّطوُّعيِّ أوِ التَّثقيفيِّ،

أليسَتْ هذهِ أهدافًا ساميةً، وليسَتْ مادِّيَّةً كما تقولونَ؟

تقولونَ: تربيةُ الأولادِ، يعني العبارةَ ما غيرَها: "كوني شمعةً تحترقُ لتضيءَ للآخرينَ"؟

أليسَ في شهادةِ المرأةِ وعملِها حمايةً لها؟

سنجيبُك عنْ هذهِ الأسئلةِ كلِّها في ما يأتي بإذنِ اللهِ.

خلاصةُ ما قلناهُ اليومَ: أنتِ مسلمةٌ، فلكِ تميُّزُكِ وأهدافُكِ،

فحقِّقي ذاتَكِ بالعملِ لتحقيقِ هذهِ الأهدافِ ضمنَ الأولويّاتِ الصَّحيحةِ،

هنا النَّجاحُ وهذا ميدانُ التَّنافسِ الحقيقيِّ،

ومنْ هنا تنشأُ شخصيَّتُكِ كأنثى سوِيَّةٍ مستقرَّةٍ مطمئنَّةٍ متوازنةٍ واثقةٍ،

مصطلِحةٍ معَ نفسِها، مقدِّرةٍ لذاتِها، ناجحةٍ في علاقاتِها، ومُرضيةٍ لربِّها.

والسَّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ.