×

Używamy ciasteczek, aby ulepszyć LingQ. Odwiedzając stronę wyrażasz zgodę na nasze polityka Cookie.


image

سلسلة المرأة, ليطمئن قلبُكِ (1)

ليطمئن قلبُكِ (1)

السَّلامُ عليكُم يا كرامُ، ويا كريماتُ.

في الحلقتَينِ الماضيَتينِ من سلسلةِ المرأةِ استعرضْنا معًا موضوعَ الإسلامِ وضربِ المرأةِ،

وموضوعَ القِوامةِ،

وعملنا استبيانًا لكلٍّ منَ الحلقتَينِ؛

لنرى أثرَهما في تغييرِ قناعاتِ ومشاعرِ المتابعينَ تجاهَ الإسلامِ.

وسنستعرضُ معكُم اليومَ النَّتائجَ لهذينِ الاستبيانينِ،

وسنعطيكَ، ونعطيكِ المنهجيَّةَ الَّتي تتعاملينَ بها معَ كلِّ تساؤلٍ عنِ الإسلامِ،

ومعَ كلِّ نفورٍ تجدينَهُ،

وسنرى ختامًا قصَّةَ بروفيسورِ التّاريخِ الملحدِ الَّذي ثبَّتَ إيمانَ يوسفَ ابنِ صديقي.

تعالَوا بدايةً للنَّتائِج:

حلقةُ (الإسلامِ وضربِ المرأةِ)

ممَّن عبَّؤوا الاستبيانَ حوالي 7200 متابعٍ ومتابعةٍ؛

قالوا أنَّهم حضروا الحلقةَ كاملةً،

وهؤلاءِ أجابوا سؤالَ التَّأثيرِ؛

تأثيرِ الحلقةِ على الشُّعورِ تجاهَ "واضْرِبوهُنَّ" في قولهِ تعالى:

﴿ واللّاتي تخافونَ نُشوزَهُنَّ فَعِظوهُنَّ واهجُروهُنَّ في المضاجِعِ واضْرِبوهُنَّ

فإنْ أطعْنَكُم فلا تبْغوا عليهِنَّ سَبيلًا إنَّ اللهَ كانَ عَلِيًّا كَبيرًا ﴾ [النساء: 34]

وكانتِ النَّتيجةُ كالتَّالي:

منَ الَّذينَ كانَ لديهِم حرجٌ قبلَ أن يشاهِدوا الحلقةَ:

حوالي 92% منهُم زالَ هذا الحرجُ منْ صدورِهم أوْ قلَّ بعدَ الحلقةِ،

وحوالي 4 من كلِّ 5 منْ هؤلاءِ زالَ الحرجُ من صدورِهم تمامًا.

النَّتائُج لحلقةِ (أنا حرَّةٌ) عنْ قوامةِ الرَّجلِ:

- الَّذينَ عبَّؤوا الاستبيانَ ممَّنْ يقولونَ أنَّهم حضَروا الحلقةَ كاملةً

حوالي 8600 شخصٍ، وأجابوا سؤالَ التَّأثيرِ:

- هلْ كانَ لديكَ شعورٌ بالحرجِ، أو بعدمِ الطُّمأنينَةِ والاستيعابِ تجاهَ آياتِ القِوامةِ؟

وكيفَ أثَّرَتِ الحلقةُ فيكَ؟

منَ الَّذينَ كانَ لديهِم هذا الشُّعورُ 81% منهُم زالَ هذا الشُّعورُ، أوْ قلَّ بعدَ الحلقةِ،

وأكثرُ منْ ثُلثَيْ هؤلاءِ زالَ الشُّعورُ بالحرجِ، أوْ عدمِ الاستيعابِ تمامًا!

ما فعلْناهُ في هاتَينِ الحلقتَينِ هوَ أشبهُ بدراسةِ حالةٍ "Case study"؛

لتَطْمئنِّي أكثرَ إلى حقيقةِ أنَّهُ ربٌّ يُعبَدُ!

ناقشْنا هذهِ التَّشريعاتِ الرَّبَّانيَّةِ لنقومَ بما يُسمَّى إثباتَ المفهومِ (proof of concept)؛

مفهومَ أنَّ الحرجَ الَّذي قدْ نجدُهُ تجاهَ آيةٍ أو حكمٍ شرعيٍّ هوَ نتيجةُ العطبِ

الَّذي أصابَ عناصرَ المعادلةِ الثَّلاثَ:

- صورةَ الشَّريعةِ الرَّبَّانيَّةِ.

- وصورةَ الجاهليَّةِ الحديثةِ.

- والميزانُ الَّذي يوازنُ بينَهما.

فشُوِّهَتِ الشَّريعةُ،

وزُيِّنَت الجاهليَّةُ،

وأُعطِبَ الميزانُ،

فخرجَتِ النَّتيجة ُاستِقْباحًا لأمرِ اللهِ، واستِحْسانًا للجاهليَّةِ!

فلمّا أريْناكِ حقيقةَ الجاهليَّةِ، وجمالَ الشَّريعةِ،

وضبطْنا الميزانَ على معاييرِ الحقِّ والعدلِ،

ووضعْنا الآياتِ في السِّياقِ الصَّحيحِ، قلَّ الحرجُ بشكلٍ كبيرٍ، أو زالَ بالكُلِّيَّةِ!

ونحنُ هنا يا كرامُ نتكلَّمُ عن حلقاتٍ نظريَّةٍ،

لا عنْ تطبيقٍ عمليٍّ!

ومنْ أكثرِ ما يُظلَمُ بهِ الإسلامُ هوَ أنَّهُ لا يُرى واقعًا عمليًّا!

فلَكُم أنْ تتصوَّروا كيفَ سيكونُ الأمرُ

إذا عاشَ النَّاسُ الإسلامَ واقعًا!

نتكلَّمُ عنْ حلقاتٍ من نصفِ ساعةٍ

تُغيِّرُ قناعاتٍ ومشاعرَ سلبيَّةً،

تشكَّلَتْ وكُرِّسَتْ عبرَ عقودٍ منَ الزَّمنِ بتشويهٍ مُمنْهجٍ، وبمُمارساتٍ خاطئةٍ!

فلكُم أنْ تتصوَّروا كيفَ لو عاشَ المسلمونَ الإسلامَ واقعًا

وبالمناسبةِ، ففي الحلقتينِ كانت نسبةُ الَّذينَ زالَ الحرجُ منْ صدورِهم تمامًا

أعلى في الَّذينَ شاهدوها كاملةً مقارنةً بالَّذينَ شاهدوها جزئيًّا،

أعلى بكثيرٍ!

وهذا يدلُّ على ضرورةِ الصَّبرِ في متابعةِ مثلِ هذهِ الحلقاتِ المنهجيَّةِ،

وإتمامِها كاملةً.

ولا بدَّ أنْ نشيرَ إلى أنَّ العيِّنةَ الَّتي عبَّأَتِ الاستبيانَ؛

ليسَ شرطًا أن تكونَ ممثِّلةً لعامَّةِ المجتمعِ،

ولنْ ندخلَ في تفاصيلَ عنِ الاقترانِ والتَّسبُّبِ

"causation and correlation"

حتّى لا تتحوَّلَ الحلقةُ إلى محاضرةٍ أكاديميَّةٍ جافَّةٍ،

لكنْ، هذهِ النَّتائجُ تعطي دلالاتٍ بلا شكٍّ!

إنْ كانَ هذا كلُّهُ في كلامٍ نظريٍّ،

فما بالُكم إنْ تحوَّلْنا إلى قُدواتٍ حيَّةٍ؛

نُغيِّرُ الصُّورَ النَّمطيَّةَ عنِ الشَّريعةِ بسلوكنِا الصَّحيحِ؟

وبالمناسبةِ، عندما ننشرُ بعضَ التَّعليقاتِ الَّتي تدلُّ على التَّأثيرِ الإيجابيِّ للحلقاتِ،

فقدْ تقولُ: لماذا هذهِ الانتقائيَّةُ؟ تنشرونَ الإيجابيَّةَ، وتُهملونَ السَّلبيَّةَ؟

لا نهملُ شيئًا، بلْ ها نحنُ نُظهرُ لكُمُ النَّتائجَ بالأرقامِ -يا كرامُ-!

والَّذينَ لمْ يتلاشَ الحرجُ منْ صدورِهم،

فإنَّا لا نيأسُ منْ هدايتِهمْ،

ونسألُ اللهَ أنْ يجمعَنا بهِم على محبَّةِ كتابِهِ وشريعتِهِ.

إذنْ، بعدَ هذا -يا كرامُ، ويا كريماتُ-

ما هيَ المنهجيَّةُ الَّتي تتعاملُ بها المسلمةُ

معَ كلِّ تساؤلٍ، أو نفورٍ، أو حرجٍ

تجدُهُ تجاهَ آيةٍ منْ كتابِ اللهِ أو شيءٍ يُنسَبُ إلى دينِهِ -سبحانَهُ-؟

أوَّلًا؛ أنْ تتذكَّري أيَّتُها المسلمةُ أنَّ إيمانَكِ باللهِ يجبُ أنْ يكونَ مبنيًّا على أصولٍ:

- على الإجاباتِ العلميَّةِ المحكمةِ المقنعةِ الَّتي أتى بها الإسلامُ.

- عنِ الأسئلةِ الوجوديَّةِ الكُبرى:

منْ أنا؟ منْ أينَ المنشأُ؟ إلى أينَ المصيرُ؟

ما الغايةُ منْ وجودي؟ منْ خلقَني؟

ماذا يريدُ منّي؟

وهوَ الإيمانُ الَّذي نُعالجُ ما يطرأُ عليهِ

في سلسلةِ رحلةِ اليقينِ.

عندما يتشكَّلُ هذا الإيمانُ العلميُّ الجادُّ، فإنَّ التَّساؤلاتِ عنْ أمورٍ فرعيَّةٍ لنْ تضُرَّكِ،

لأنَّ الجهلَ بالفرعِ لا يهدمُ الأصلَ،

فإذا كانَتْ آيةٌ أوْ حديثٌ أو تشريعٌ ما تخلعُ إيمانَكِ،

فهذا ببساطةٍ لأنَّ إيمانَكِ ليسَ مبنيًَّا على أُسسٍ.

قدْ يكونُ عندَكِ تساؤلاتٌ عن حجابِ المرأةِ، تعدُّدِ الزَّوجاتِ، وغيرِها منَ المسائلِ...

نعمْ! ابحثي عنْ إجاباتٍ بالطَّريقةِ المنهجيَّةِ الَّتي اتَّبعْناها في موضوعِ الضَّربِ والقوامةِ:

تصحيحِ الميزانِ، ونفضِ الغبارِ عنِ الشَّريعةِ،

وإدراكِ القبحِ الحقيقيِّ للجاهليَّةِ.

لكنَّكِ تدرسينَ هذا كلَّهُ،

لا كشرطٍ قبلَ أنْ تؤمني باللهِ ربًّا، وبالإسلامِ دينًا،

فإيمانُكِ مستقرٌّ على قواعدِهِ كالجبالِ الرّاسخاتِ،

وإنَّما لتزدادي إيمانًا منْ بابِ:

﴿ أوَلمْ تؤمنْ قالَ بلى ولكنْ ليطمئنَّ قلبي ﴾ [البقرة: 260]

لتزدادي يقينًا، وتعظيمًا، واعتزازًا بدينِ ربِّ العالمينَ.

أنتِ حينَ آمنتِ باللهِ في المنظومةِ الإسلاميَّةِ

فقدْ آمنْتِ بربٍّ هوَ ﴿ نورُ السَّماواتِ والأرضِ ﴾ [النور: 35]

﴿ لهُ مقاليدُ السَّماواتِ والأرضِ ﴾ [الشورى: 12]

﴿ تسبِّحُ لهُ السَّماواتُ السَّبعُ والأرضُ ومنْ فيهنَّ

وإنْ مِنْ شيءٍ إلَّا يسبِّحُ بحمدِهِ ﴾ [الإسراء: 44]

﴿ يقضي بالحقِّ ﴾ [غافر: 20]

﴿ تمَّتْ كلمتُهُ صدقًا وعدلًا ﴾ [الأنعام: 115]

﴿ لا يُسألُ عمّا يفعلُ وهُم يُسألونَ ﴾ [الأنبياء: 23]

﴿ لهُ الخلقُ والأمرُ ﴾ [الأعراف: 54]

﴿ وهوَ القاهرُ فوقَ عبادِه وهوَ الحكيمُ الخبيرُ ﴾ [الأنعام: 18]

﴿ وسِعَتْ رحمتُهُ كلَّ شيءٍ ﴾ [الأعراف: 156]

و ﴿ أحاطَ بكلِّ شيءٍ علمًا ﴾ [الطلاق: 12]

أنتِ حينَ آمنتِ باللهِ ربًّا، فعندَكِ أصولٌ راسخةٌ، شواهدُ على حكمتِهِ، وعدلِهِ، ورحمتِهِ -سبحانَهُ-

فإنْ لمْ تُدركي الحكمةَ في تشريعٍ ما، فإنَّكِ تَرُدّينَهُ إلى هذهِ الأصولِ.

الفتاةُ الَّتي تُعلنُ تركَ الإسلامِ لأجلِ آيةٍ لمْ تفهمْ حكمتَها، أو تشريعٍ لم يعجبْها

هذهِ ما عرفَتِ الإسلامَ أصلًا،

وما عرفَتِ الإيمانَ الجادَّ يومًا أصلًا،

حتَّى وإنْ كانَتْ منَ الحافظاتِ للقرآنِ والمصلِّياتِ!

-كما أصبحْنا نسمعُ-!

مشكلةُ كثيرٍ منَ النَّاسِ أنَّ هذهِ الأصولَ والشَّواهدَ على حكمةِ اللهِ وعدلِهِ

ليسَتْ موجودةً عندَهم أصلًا؛

فيهتزُّ إيمانُهم لأدنى سببٍ!

إذا وجدْتِ في نفسِكِ حرجًا منْ آيةٍ فتذكَّري خطورةَ هذا الشُّعورِ،

وتذكَّري قولَ نبيِّكِ -صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-:

«لا يموتَنَّ أحدُكُم إلّا وهوَ يُحسنُ الظَّنَّ بربِّهِ -عزَّ وجلَّ-» ( رواه مسلمٌ)

فأعظمُ شعورٍ تلقَينَ بهِ ربَّكِ حسنُ الظنِّ بهِ -سبحانَهُ-، وبكلامِهِ، وشريعتِهِ.

عندما أرادَ اللهُ أنْ يبيِّنَ أسوأَ صفةٍ في الكافرينَ قالَ:

﴿ ذلكَ بأنَّهم كرهوا ما أنزلَ اللهُ فأحبطَ أعمالهُم ﴾ [محمد: 9]

وفي المقابلِ عندما ذكرَ نعمتَهُ الكُبرى على المؤمنينَ قالَ:

﴿ ولكنَّ اللهَ حبَّبَ إليكُم الإيمانَ وزيَّنهُ في قلوبِكم

وكرَّهَ إليكُمُ الكُفرَ والفسوقَ والعصيانَ

أولئكَ همُ الرّاشدونَ ﴾ [الحجرات:7]

﴿ فضلًا منَ اللهَ ونعمةً واللهُ عليمٌ حكيمٌ ﴾ [الحجرات: 8]

إذا نفرتِ من آيةٍ أو حديثٍ صحيحٍ فلنْ تنساقي وراءَ هذا النُّفورِ؛

بلْ أنتِ الآنَ لديكِ تفكيرٌ ناقدٌ، ومنهجيَّةٌ علميَّةٌ

رأيتِ أثرَها في الحلقتَينِ الماضيتَينِ،

فتحاكمينَ نفسَكِ ومشاعرَكِ، وتعيدينَ صياغةَ نفسِكِ، وتقولينَ لها:

﴿ وإنَّهُ لكتابٌ عزيزٌ لا يأتيهِ الباطلُ من بينِ يدَيهِ ولا منْ خلفِهِ

تنزيلٌ منْ حكيمٍ حميدٍ ﴾ [فصلت: 41-42]

فننتبهُ إلى ضرورةِ عملِ "فرمتةٍ": مسحٍ كاملٍ لعقولِنا ومشاعرِنا منْ كلِّ صورةٍ نمطيَّةٍ مسبقةٍ

متأثِّرةٍ بالإعلامِ، والتَّعليمِ التَّجهيليِّ،

ونُقبلُ على دراسةِ دينِنا بتجرُّدٍ؛

لتتحوَّلَّ قناعاتُنا العقليَّةُ -بعدلِ اللهِ، وحكمتِهِ، ورحمتِهِ-

إلى طمأنينةٍ قلبيَّةٍ، وأُنْسٍ بكلامهِ -سبحانهُ-.

نضبطُ بوصَلَتَنا باتِّجاهِ رضا ربِّ العالمينَ،

وشعارُنا: ﴿ وعجلتُ إليكَ ربِّ لترضى ﴾ [طه: 84]

﴿ سمعْنا وأطعْنا غفرانَكَ ربَّنا وإليكَ المصيرُ ﴾ [البقرة: 285]

بعدَ ما سبقَ من حلقاتٍ

فإنَّكِ تُدركينَ أنَّ نفورَكِ منْ آيةٍ

ليسَ لأنَّها تُصادمُ عقلَكِ،

بل لأنَّها تُصادمُ صورًا نمطيَّةً، مكرَّسةً، مشوَّهةً، وفهمًا خاطئًا،

فإذا وجدْتِ في نفسِكِ نفورًا تجاهَ أمرِ ربِّكِ،

اتَّهمْتِ مَنْ يُنفِّرُكِ!

﴿ ويريدُ الَّذينَ يتَّبعونَ الشَّهواتِ أنْ تميلوا ميلًا عظيمًا ﴾ [النساء: 27]

واتَّهمْتِ نفسَكِ وقلْتِ: أنا لطَّختُ مرآةَ قلبي بالذُّنوبِ فما عادَتْ ترى الأشياءَ على حقيقتِها

فتفِرِّينَ إلى ربِّكِ القائلِ: ﴿ ففِرُّوا إلى اللهِ ﴾، [الذاريات: 50]

إلى ربِّكِ القائلِ:

﴿ واللهُ يدعو إلى دارِ السَّلامِ

ويهدي منْ يشاءُ إلى صراطٍ مستقيمٍ ﴾. [يونس: 25]

وتخضَعينَ لما يدلُّ عليهِ عقلُكِ وفطرتُكِ،

مناديةً في كيانِكِ:

﴿ وعسى أنْ تكرهوا شيئًا وهوَ خيرٌ لكُم وعسى أنْ تحبُّوا شيئاً وهو شرٌّ لكُم

واللهُ يعلمُ وأنتُمْ لا تعلمونَ ﴾. [البقرة: 216]

ومؤمنةً بقولِ ربِّكِ -عزَّ وجلَّ-:

﴿ وتمَّتْ كلمةُ ربِّكَ صدقًا وعدلًا ﴾ [الأنعام: 115]

صدقًا في الأخبارِ، وعدلًا في الأحكامِ.

وتؤمنينَ بقولِ نبيِّكِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-:

«إنَّ اللهَ أعطى كلَّ ذي حقٍّ حقَّهُ»، (صحيح التّرمذيّ)

وتقولينَ بملءِ الفمِ: هاجَرُ تُمثِّلُني؛

هاجَرُ؛ إذْ قالَتْ لإبراهيمَ -عليهِ السَّلامُ-

يومَ أرادَ أنْ يتركَها وولدَها بوادٍ غيرِ ذي زرعٍ:

آللهُ الَّذي أمرَكَ بهذا؟

قالَ: نعمْ، قالَت: إذنْ لا يُضيِّعُنا. (رواهُ البخاريُّ)

تقولينَ بملءِ الفمِ أُمَيمةُ تُمثِّلُني.

منْ أُمَيمةُ؟

أُمَيمةُ بنتُ رُقَيقةَ، صحابيَّةٌ جاءَتْ معَ نِسوةٍ يبايعْنَ رسولَ اللهِ على أمورٍ،

فقالَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-:

"فيما استطعْتُنَّ وأطقْتُنَّ"،

فقالَتْ أُميمةُ: "للهُ ورسولُهُ أرحمُ بنا منَّا بأنفسِنا" (صحيح التّرمذي)

يعني إذا قضى اللهُ أو رسولهُ أمرًا؛

فإنّا على يقينٍ أنَّ فيهِ منَ الرَّحمةِ ومراعاةِ مصالحِنا أكثرُ ممَّا نرحمُ أنفسَنا.

إيمانٌ وثقةٌ مطلقةٌ برحمةِ اللهِ في تشريعاتِهِ.

سرْنا معكِ في هذهِ السِّلسلةِ يا كريمةُ!

يا منْ كرَّمَكِ اللهُ بإنسانيَّتِكِ، ثُمَّ بالإسلامِ!

سرْنا معكِ لتعلمي أنَّه إنْ ظلمَكِ بشرٌ؛ فالحلُّ في شريعةِ ربِّ البشرِ،

فاللهُ ملاذُكِ لا خَصْمُكِ؛ لئلَّا يكونَ عندَكِ عصبٌ ملتهبٌ تجاهَ ربِّكِ -سبحانَهُ-،

ولا نظرةُ توجُّسٍ، بل حُسنُ ظنٍّ مطلقٌ، ويقينٌ راسخٌ،

فاللهُ ملاذُكِ لا خصمُكِ!

سرْنا معَكِ في هذهِ السِّلسلةِ لا لنقولَ لكِ سلِّمي واخضَعي لكلِّ ما يُقالُ لكِ أنَّه منَ الدِّينِ!

فنحنُ أمَّةٌ شرَّفَها اللهُ بحفظِ كتابِها بالتَّواترِ،

وحفظِ سُنَّةِ نبيِّها بعلمِ الحديثِ،

فالفَيصلُ هو صحَّةُ الثُّبوتِ، وصحَّةُ الدِّلالةِ،

إذا ثبتَ نصٌّ وثبتَتْ دلالتُهُ، وخالفَ ما ترينَهُ حقًّا وعدلًا،

فاتَّهمي نفسَكِ وقولي: لعلَّ الخللَ فيَّ!

لكنْ، خدي بالك!

ليسَ مطلوبًا أنْ تتَّهمي نفسَكِ في كلِّ مقامٍ؛

فقدْ يكون ُما يُقالُ لكِ ليسَ منَ الإسلامِ بالفعلِ.

ذكرْنا لكِ في الحلقةِ الماضيةِ أنَّ المعاييرَ الحاكمةَ المطلقةَ،

الَّتي يحقِّقُها الإسلامُ هيَ: الحقُّ والعدلُ، لا الحرِّيَّةُ والمساواةُ!

وأنَّ المساواةَ تكونُ أحيانًا باطلًا وظلمًا، فلا تَصلحُ أنْ تكونَ مسطرةً تقيسينَ بها،

طيب ماذا إذا نُسِبَ إلى الإسلامِ ما يظهرُ أنَّه يُخالفُ الحقَّ والعدلَ؟

ماذا إذا نُسِبَ إلى الإسلامِ ما يبدو باطلًا وظلمًا؟

لا ترفضيهِ بدعوى أنَّهُ مناقضٌ للحقِّ والعدلِ،

فقدْ يكونُ تقييمُكِ أنتِ للحقِّ والعدلِ غيرَ صحيحٍ!

لكنْ أيضًا لا تُدخليهِ إلى منظومتِكِ المعرفيَّةِ، ولا تُمرِّريهِ دونَ تحقُّقٍ؛

فإنَّهُ قد يُحدِثُ لديكِ نُفورًا خفيًّا منَ الشَّريعةِ، لا تعرفينَ سببَهُ فيما بعدُ!

قدْ تجدينَ منْ أشهرِ العلماءِ المعروفينَ مَن يَقُصُّ على النَّاسِ قصَّةً موجودةً بالفعلِ في بعضِ المراجعِ

أنَّ الزُّبيرَ بنَ العوَّامِ -رضيَ اللهُ عنهُ- غضبَ مرَّةً من زوجتَيهِ؛

فربطَهما منْ شعرِهما، وضربَهما ضربًا شديدًا،

إحدى زوجتَيهِ أسماءُ بنتُ أبي بكرٍ،

فذهبتْ تشكو إلى أبيها، فقالَ لها:

أيْ بُنيَّةُ! اصبري! فإنَّ الزُّبيرَ رجلٌ صالحٌ، ولعلَّهُ أنْ يكونَ زوجَكِ في الجنَّةِ،

ولقدْ بلغَني أنَّ الرَّجلَ إذا ابتكرَ بامرأةٍ تزوَّجَها في الجنَّةِ.

فيقعُ في نفسِكِ أنَّ أبا بكرٍ سكتَ عنْ هذا الظُّلمِ،

بلْ وتقولينَ: ربَّما حصلَ هذا في عهدِ النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-

فتأخذُ القصَّةُ في ذهنِكِ خاتمَ الموافقةِ منَ النَّبيِّ؛

وبالتَّالي يُصبحُ هذا التَّعاملُ معَ الزَّوجةِ منَ الدِّينِ بالنِّسبةِ لكِ!

لا، بلْ تقولينَ لقائلِ هذا الكلامِ:

﴿ قُلْ هَاتُوا۟ بُرْهَـٰنَكُمْ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ ﴾ [البقرة:111]

هلْ صحَّ ذلكَ عنِ الزُّبيرِ؟

وهلْ مرَّتِ الحادثةُ دونَ مُساءلةٍ منَ النَّبيِّ والصَّحابةِ؟

هذا الأثرُ المذكورُ عنِ الزُّبيرِ ليسَ لهُ إسنادٌ صحيحٌ،

فهوَ لا يصحُّ في علمِ الحديثِ،

فنفورُكِ منهُ ليسَ نفورًا منَ الدِّينِ،

بل هوَ نفورٌ حقٌّ منْ خبرٍ لا يصحُّ،

ولو ثبتَ فلا يعني أنَّ النَّبي أقرَّه، ولا أنَّه أصبحَ منَ الإسلامِ،

ومعَ ذلكَ فنقولُ مرةً أخرى إنَّه خبرٌ لا يصحُّ،

لذا فعليكِ استخدامُ التَّفكيرِ النَّاقدِ،

ليسَ معَ أعداءِ الشَّريعةِ فقطْ،

بلْ ومعَ المتكلِّمينَ باسمِها،

ومعَ أنصارِها ممَّنْ قدْ يُسيئونَ عنْ غيرِ قصدٍ.

وما ندعوكِ إليهِ هوَ أنْ تُسلِّمي للهِ وشريعتِهِ،

لا لكلِّ ما يُنسبُ إلى الإسلامِ هكذا بلا تمحيصٍ.

قدْ تقولينَ: لكنْ - يا أخي - هذا مشوارٌ صعبٌ:

فرمتةٌ لإزالةِ الصُّورِ النَّمطيَّةِ، طلبُ العلمِ،

فرزُ الشَّريعةِ عمّا نُسبَ إليها بباطلٍ،

تفكيرٌ ناقدٌ، اتِّهامُ نفسي،...

هذا مشوارٌ صعبٌ!

نعمْ، هوَ صعبٌ!

صعبٌ إذا أركنتِ فيهِ على ذكائِكِ وقدُراتِكِ،

"إذا لم يكنْ منَ اللهِ عونٌ للفتى فأوَّلُ ما يقضي عليهِ اجتهادهُ"

فاستحْضري هذهِ المعانيَ وأنتِ تقرئينَ: ﴿ ٱهْدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة: 6]

تريدينَ معونةَ اللهِ في هذا المشوارِ؟

﴿ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِن تَتَّقُوا۟ ٱللَّـهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا ﴾ [الأنفال: 29]

فرقانًا تُفرِّقينَ بهِ بينَ الحقِّ والباطلِ.

عندما تفرِّطينَ في صلاتِكِ، حجابِكِ، علاقاتِكِ، تسمعينَ أو تُشاهدينَ ما لا يُرضي اللهَ،

وتقولينَ معَ ذلكَ: أنا أعملُ أعمالًا صالحةً، والحسناتُ يُذهبنَ السَّيِّئاتِ،

فتذكَّري اللَّذاتِ العظيمةَ الَّتي تحرمينَ نفسَكِ منها،

لذَّةَ محبَّةِ كلامِ خالقِكِ ورازقِكِ الَّذي إليهِ معادُكِ،

لذَّةَ النُّورِ الَّذي يجعلُهُ في قلبِكِ إذا أطعتِه وجاهدْتِ نفسَكِ وشهواتِها،

﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69]

تضعُفينَ أمامَ بعضِ المعاصي، اعترِفي للهِ! لتدخلي في رحمتِهِ -سبحانَهُ- إذ قالَ:

﴿ وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۚ

إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [التوبة: 102]

ولا تُكابري ولا تُبرِّري الذَّنبَ، أرجوكِ!

ولا تدافعي عنهُ، فهذا كلُّهُ منَ الظُّلمِ،

﴿ وَاللَّـهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [آل عمران: 86]

اطلبي منَ اللهِ العونَ على الطَّاعةِ،

حتّى لا يحرمَكِ منْ لذَّةِ محبَّةِ كلامِهِ وشريعتِهِ، بشُؤمِ معاصيكِ وذنوبِكِ.

بعدَ هذا كلِّهِ يا كريمةُ!

إذا بقيتِ تجدينَ في نفسِكِ نُفرةً منْ حكمٍ شرعيٍّ، أوْ آيةٍ، فابكي، وتباكي للهِ، وتضرَّعي وقولي:

ربّي أنا لكَ فلا تردَّني إليَّ،

قولي: يا حيُّ يا قيّومُ برحمتِكَ أستغيثُ، أصلحْ شأني كلَّهُ ولا تكلْني إلى نفسي طَرفةَ عينٍ.

ليطمئن قلبُكِ (1) um dein Herz zu beruhigen (1) to calm your heart (1)

السَّلامُ عليكُم يا كرامُ، ويا كريماتُ.

في الحلقتَينِ الماضيَتينِ من سلسلةِ المرأةِ استعرضْنا معًا موضوعَ الإسلامِ وضربِ المرأةِ،

وموضوعَ القِوامةِ،

وعملنا استبيانًا لكلٍّ منَ الحلقتَينِ؛

لنرى أثرَهما في تغييرِ قناعاتِ ومشاعرِ المتابعينَ تجاهَ الإسلامِ.

وسنستعرضُ معكُم اليومَ النَّتائجَ لهذينِ الاستبيانينِ،

وسنعطيكَ، ونعطيكِ المنهجيَّةَ الَّتي تتعاملينَ بها معَ كلِّ تساؤلٍ عنِ الإسلامِ،

ومعَ كلِّ نفورٍ تجدينَهُ،

وسنرى ختامًا قصَّةَ بروفيسورِ التّاريخِ الملحدِ الَّذي ثبَّتَ إيمانَ يوسفَ ابنِ صديقي.

تعالَوا بدايةً للنَّتائِج:

حلقةُ (الإسلامِ وضربِ المرأةِ)

ممَّن عبَّؤوا الاستبيانَ حوالي 7200 متابعٍ ومتابعةٍ؛

قالوا أنَّهم حضروا الحلقةَ كاملةً،

وهؤلاءِ أجابوا سؤالَ التَّأثيرِ؛

تأثيرِ الحلقةِ على الشُّعورِ تجاهَ "واضْرِبوهُنَّ" في قولهِ تعالى:

﴿ واللّاتي تخافونَ نُشوزَهُنَّ فَعِظوهُنَّ واهجُروهُنَّ في المضاجِعِ واضْرِبوهُنَّ

فإنْ أطعْنَكُم فلا تبْغوا عليهِنَّ سَبيلًا إنَّ اللهَ كانَ عَلِيًّا كَبيرًا ﴾ [النساء: 34]

وكانتِ النَّتيجةُ كالتَّالي:

منَ الَّذينَ كانَ لديهِم حرجٌ قبلَ أن يشاهِدوا الحلقةَ:

حوالي 92% منهُم زالَ هذا الحرجُ منْ صدورِهم أوْ قلَّ بعدَ الحلقةِ،

وحوالي 4 من كلِّ 5 منْ هؤلاءِ زالَ الحرجُ من صدورِهم تمامًا.

النَّتائُج لحلقةِ (أنا حرَّةٌ) عنْ قوامةِ الرَّجلِ:

- الَّذينَ عبَّؤوا الاستبيانَ ممَّنْ يقولونَ أنَّهم حضَروا الحلقةَ كاملةً

حوالي 8600 شخصٍ، وأجابوا سؤالَ التَّأثيرِ:

- هلْ كانَ لديكَ شعورٌ بالحرجِ، أو بعدمِ الطُّمأنينَةِ والاستيعابِ تجاهَ آياتِ القِوامةِ؟

وكيفَ أثَّرَتِ الحلقةُ فيكَ؟

منَ الَّذينَ كانَ لديهِم هذا الشُّعورُ 81% منهُم زالَ هذا الشُّعورُ، أوْ قلَّ بعدَ الحلقةِ،

وأكثرُ منْ ثُلثَيْ هؤلاءِ زالَ الشُّعورُ بالحرجِ، أوْ عدمِ الاستيعابِ تمامًا!

ما فعلْناهُ في هاتَينِ الحلقتَينِ هوَ أشبهُ بدراسةِ حالةٍ "Case study"؛

لتَطْمئنِّي أكثرَ إلى حقيقةِ أنَّهُ ربٌّ يُعبَدُ!

ناقشْنا هذهِ التَّشريعاتِ الرَّبَّانيَّةِ لنقومَ بما يُسمَّى إثباتَ المفهومِ (proof of concept)؛

مفهومَ أنَّ الحرجَ الَّذي قدْ نجدُهُ تجاهَ آيةٍ أو حكمٍ شرعيٍّ هوَ نتيجةُ العطبِ

الَّذي أصابَ عناصرَ المعادلةِ الثَّلاثَ:

- صورةَ الشَّريعةِ الرَّبَّانيَّةِ.

- وصورةَ الجاهليَّةِ الحديثةِ.

- والميزانُ الَّذي يوازنُ بينَهما.

فشُوِّهَتِ الشَّريعةُ،

وزُيِّنَت الجاهليَّةُ،

وأُعطِبَ الميزانُ،

فخرجَتِ النَّتيجة ُاستِقْباحًا لأمرِ اللهِ، واستِحْسانًا للجاهليَّةِ!

فلمّا أريْناكِ حقيقةَ الجاهليَّةِ، وجمالَ الشَّريعةِ،

وضبطْنا الميزانَ على معاييرِ الحقِّ والعدلِ،

ووضعْنا الآياتِ في السِّياقِ الصَّحيحِ، قلَّ الحرجُ بشكلٍ كبيرٍ، أو زالَ بالكُلِّيَّةِ!

ونحنُ هنا يا كرامُ نتكلَّمُ عن حلقاتٍ نظريَّةٍ،

لا عنْ تطبيقٍ عمليٍّ!

ومنْ أكثرِ ما يُظلَمُ بهِ الإسلامُ هوَ أنَّهُ لا يُرى واقعًا عمليًّا!

فلَكُم أنْ تتصوَّروا كيفَ سيكونُ الأمرُ

إذا عاشَ النَّاسُ الإسلامَ واقعًا!

نتكلَّمُ عنْ حلقاتٍ من نصفِ ساعةٍ

تُغيِّرُ قناعاتٍ ومشاعرَ سلبيَّةً،

تشكَّلَتْ وكُرِّسَتْ عبرَ عقودٍ منَ الزَّمنِ بتشويهٍ مُمنْهجٍ، وبمُمارساتٍ خاطئةٍ!

فلكُم أنْ تتصوَّروا كيفَ لو عاشَ المسلمونَ الإسلامَ واقعًا

وبالمناسبةِ، ففي الحلقتينِ كانت نسبةُ الَّذينَ زالَ الحرجُ منْ صدورِهم تمامًا

أعلى في الَّذينَ شاهدوها كاملةً مقارنةً بالَّذينَ شاهدوها جزئيًّا،

أعلى بكثيرٍ!

وهذا يدلُّ على ضرورةِ الصَّبرِ في متابعةِ مثلِ هذهِ الحلقاتِ المنهجيَّةِ،

وإتمامِها كاملةً.

ولا بدَّ أنْ نشيرَ إلى أنَّ العيِّنةَ الَّتي عبَّأَتِ الاستبيانَ؛

ليسَ شرطًا أن تكونَ ممثِّلةً لعامَّةِ المجتمعِ،

ولنْ ندخلَ في تفاصيلَ عنِ الاقترانِ والتَّسبُّبِ

"causation and correlation"

حتّى لا تتحوَّلَ الحلقةُ إلى محاضرةٍ أكاديميَّةٍ جافَّةٍ،

لكنْ، هذهِ النَّتائجُ تعطي دلالاتٍ بلا شكٍّ!

إنْ كانَ هذا كلُّهُ في كلامٍ نظريٍّ،

فما بالُكم إنْ تحوَّلْنا إلى قُدواتٍ حيَّةٍ؛

نُغيِّرُ الصُّورَ النَّمطيَّةَ عنِ الشَّريعةِ بسلوكنِا الصَّحيحِ؟

وبالمناسبةِ، عندما ننشرُ بعضَ التَّعليقاتِ الَّتي تدلُّ على التَّأثيرِ الإيجابيِّ للحلقاتِ،

فقدْ تقولُ: لماذا هذهِ الانتقائيَّةُ؟ تنشرونَ الإيجابيَّةَ، وتُهملونَ السَّلبيَّةَ؟

لا نهملُ شيئًا، بلْ ها نحنُ نُظهرُ لكُمُ النَّتائجَ بالأرقامِ -يا كرامُ-!

والَّذينَ لمْ يتلاشَ الحرجُ منْ صدورِهم،

فإنَّا لا نيأسُ منْ هدايتِهمْ،

ونسألُ اللهَ أنْ يجمعَنا بهِم على محبَّةِ كتابِهِ وشريعتِهِ.

إذنْ، بعدَ هذا -يا كرامُ، ويا كريماتُ-

ما هيَ المنهجيَّةُ الَّتي تتعاملُ بها المسلمةُ

معَ كلِّ تساؤلٍ، أو نفورٍ، أو حرجٍ

تجدُهُ تجاهَ آيةٍ منْ كتابِ اللهِ أو شيءٍ يُنسَبُ إلى دينِهِ -سبحانَهُ-؟

أوَّلًا؛ أنْ تتذكَّري أيَّتُها المسلمةُ أنَّ إيمانَكِ باللهِ يجبُ أنْ يكونَ مبنيًّا على أصولٍ:

- على الإجاباتِ العلميَّةِ المحكمةِ المقنعةِ الَّتي أتى بها الإسلامُ.

- عنِ الأسئلةِ الوجوديَّةِ الكُبرى:

منْ أنا؟ منْ أينَ المنشأُ؟ إلى أينَ المصيرُ؟

ما الغايةُ منْ وجودي؟ منْ خلقَني؟

ماذا يريدُ منّي؟

وهوَ الإيمانُ الَّذي نُعالجُ ما يطرأُ عليهِ

في سلسلةِ رحلةِ اليقينِ.

عندما يتشكَّلُ هذا الإيمانُ العلميُّ الجادُّ، فإنَّ التَّساؤلاتِ عنْ أمورٍ فرعيَّةٍ لنْ تضُرَّكِ،

لأنَّ الجهلَ بالفرعِ لا يهدمُ الأصلَ،

فإذا كانَتْ آيةٌ أوْ حديثٌ أو تشريعٌ ما تخلعُ إيمانَكِ،

فهذا ببساطةٍ لأنَّ إيمانَكِ ليسَ مبنيًَّا على أُسسٍ.

قدْ يكونُ عندَكِ تساؤلاتٌ عن حجابِ المرأةِ، تعدُّدِ الزَّوجاتِ، وغيرِها منَ المسائلِ...

نعمْ! ابحثي عنْ إجاباتٍ بالطَّريقةِ المنهجيَّةِ الَّتي اتَّبعْناها في موضوعِ الضَّربِ والقوامةِ:

تصحيحِ الميزانِ، ونفضِ الغبارِ عنِ الشَّريعةِ،

وإدراكِ القبحِ الحقيقيِّ للجاهليَّةِ.

لكنَّكِ تدرسينَ هذا كلَّهُ،

لا كشرطٍ قبلَ أنْ تؤمني باللهِ ربًّا، وبالإسلامِ دينًا،

فإيمانُكِ مستقرٌّ على قواعدِهِ كالجبالِ الرّاسخاتِ،

وإنَّما لتزدادي إيمانًا منْ بابِ:

﴿ أوَلمْ تؤمنْ قالَ بلى ولكنْ ليطمئنَّ قلبي ﴾ [البقرة: 260]

لتزدادي يقينًا، وتعظيمًا، واعتزازًا بدينِ ربِّ العالمينَ.

أنتِ حينَ آمنتِ باللهِ في المنظومةِ الإسلاميَّةِ

فقدْ آمنْتِ بربٍّ هوَ ﴿ نورُ السَّماواتِ والأرضِ ﴾ [النور: 35]

﴿ لهُ مقاليدُ السَّماواتِ والأرضِ ﴾ [الشورى: 12]

﴿ تسبِّحُ لهُ السَّماواتُ السَّبعُ والأرضُ ومنْ فيهنَّ

وإنْ مِنْ شيءٍ إلَّا يسبِّحُ بحمدِهِ ﴾ [الإسراء: 44]

﴿ يقضي بالحقِّ ﴾ [غافر: 20]

﴿ تمَّتْ كلمتُهُ صدقًا وعدلًا ﴾ [الأنعام: 115]

﴿ لا يُسألُ عمّا يفعلُ وهُم يُسألونَ ﴾ [الأنبياء: 23]

﴿ لهُ الخلقُ والأمرُ ﴾ [الأعراف: 54]

﴿ وهوَ القاهرُ فوقَ عبادِه وهوَ الحكيمُ الخبيرُ ﴾ [الأنعام: 18]

﴿ وسِعَتْ رحمتُهُ كلَّ شيءٍ ﴾ [الأعراف: 156]

و ﴿ أحاطَ بكلِّ شيءٍ علمًا ﴾ [الطلاق: 12]

أنتِ حينَ آمنتِ باللهِ ربًّا، فعندَكِ أصولٌ راسخةٌ، شواهدُ على حكمتِهِ، وعدلِهِ، ورحمتِهِ -سبحانَهُ-

فإنْ لمْ تُدركي الحكمةَ في تشريعٍ ما، فإنَّكِ تَرُدّينَهُ إلى هذهِ الأصولِ.

الفتاةُ الَّتي تُعلنُ تركَ الإسلامِ لأجلِ آيةٍ لمْ تفهمْ حكمتَها، أو تشريعٍ لم يعجبْها

هذهِ ما عرفَتِ الإسلامَ أصلًا،

وما عرفَتِ الإيمانَ الجادَّ يومًا أصلًا،

حتَّى وإنْ كانَتْ منَ الحافظاتِ للقرآنِ والمصلِّياتِ!

-كما أصبحْنا نسمعُ-!

مشكلةُ كثيرٍ منَ النَّاسِ أنَّ هذهِ الأصولَ والشَّواهدَ على حكمةِ اللهِ وعدلِهِ

ليسَتْ موجودةً عندَهم أصلًا؛

فيهتزُّ إيمانُهم لأدنى سببٍ!

إذا وجدْتِ في نفسِكِ حرجًا منْ آيةٍ فتذكَّري خطورةَ هذا الشُّعورِ،

وتذكَّري قولَ نبيِّكِ -صلّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-:

«لا يموتَنَّ أحدُكُم إلّا وهوَ يُحسنُ الظَّنَّ بربِّهِ -عزَّ وجلَّ-» ( رواه مسلمٌ)

فأعظمُ شعورٍ تلقَينَ بهِ ربَّكِ حسنُ الظنِّ بهِ -سبحانَهُ-، وبكلامِهِ، وشريعتِهِ.

عندما أرادَ اللهُ أنْ يبيِّنَ أسوأَ صفةٍ في الكافرينَ قالَ:

﴿ ذلكَ بأنَّهم كرهوا ما أنزلَ اللهُ فأحبطَ أعمالهُم ﴾ [محمد: 9]

وفي المقابلِ عندما ذكرَ نعمتَهُ الكُبرى على المؤمنينَ قالَ:

﴿ ولكنَّ اللهَ حبَّبَ إليكُم الإيمانَ وزيَّنهُ في قلوبِكم

وكرَّهَ إليكُمُ الكُفرَ والفسوقَ والعصيانَ

أولئكَ همُ الرّاشدونَ ﴾ [الحجرات:7]

﴿ فضلًا منَ اللهَ ونعمةً واللهُ عليمٌ حكيمٌ ﴾ [الحجرات: 8]

إذا نفرتِ من آيةٍ أو حديثٍ صحيحٍ فلنْ تنساقي وراءَ هذا النُّفورِ؛

بلْ أنتِ الآنَ لديكِ تفكيرٌ ناقدٌ، ومنهجيَّةٌ علميَّةٌ

رأيتِ أثرَها في الحلقتَينِ الماضيتَينِ،

فتحاكمينَ نفسَكِ ومشاعرَكِ، وتعيدينَ صياغةَ نفسِكِ، وتقولينَ لها:

﴿ وإنَّهُ لكتابٌ عزيزٌ لا يأتيهِ الباطلُ من بينِ يدَيهِ ولا منْ خلفِهِ

تنزيلٌ منْ حكيمٍ حميدٍ ﴾ [فصلت: 41-42]

فننتبهُ إلى ضرورةِ عملِ "فرمتةٍ": مسحٍ كاملٍ لعقولِنا ومشاعرِنا منْ كلِّ صورةٍ نمطيَّةٍ مسبقةٍ

متأثِّرةٍ بالإعلامِ، والتَّعليمِ التَّجهيليِّ،

ونُقبلُ على دراسةِ دينِنا بتجرُّدٍ؛

لتتحوَّلَّ قناعاتُنا العقليَّةُ -بعدلِ اللهِ، وحكمتِهِ، ورحمتِهِ-

إلى طمأنينةٍ قلبيَّةٍ، وأُنْسٍ بكلامهِ -سبحانهُ-.

نضبطُ بوصَلَتَنا باتِّجاهِ رضا ربِّ العالمينَ،

وشعارُنا: ﴿ وعجلتُ إليكَ ربِّ لترضى ﴾ [طه: 84]

﴿ سمعْنا وأطعْنا غفرانَكَ ربَّنا وإليكَ المصيرُ ﴾ [البقرة: 285]

بعدَ ما سبقَ من حلقاتٍ

فإنَّكِ تُدركينَ أنَّ نفورَكِ منْ آيةٍ

ليسَ لأنَّها تُصادمُ عقلَكِ،

بل لأنَّها تُصادمُ صورًا نمطيَّةً، مكرَّسةً، مشوَّهةً، وفهمًا خاطئًا،

فإذا وجدْتِ في نفسِكِ نفورًا تجاهَ أمرِ ربِّكِ،

اتَّهمْتِ مَنْ يُنفِّرُكِ!

﴿ ويريدُ الَّذينَ يتَّبعونَ الشَّهواتِ أنْ تميلوا ميلًا عظيمًا ﴾ [النساء: 27]

واتَّهمْتِ نفسَكِ وقلْتِ: أنا لطَّختُ مرآةَ قلبي بالذُّنوبِ فما عادَتْ ترى الأشياءَ على حقيقتِها

فتفِرِّينَ إلى ربِّكِ القائلِ: ﴿ ففِرُّوا إلى اللهِ ﴾، [الذاريات: 50]

إلى ربِّكِ القائلِ:

﴿ واللهُ يدعو إلى دارِ السَّلامِ

ويهدي منْ يشاءُ إلى صراطٍ مستقيمٍ ﴾. [يونس: 25]

وتخضَعينَ لما يدلُّ عليهِ عقلُكِ وفطرتُكِ،

مناديةً في كيانِكِ:

﴿ وعسى أنْ تكرهوا شيئًا وهوَ خيرٌ لكُم وعسى أنْ تحبُّوا شيئاً وهو شرٌّ لكُم

واللهُ يعلمُ وأنتُمْ لا تعلمونَ ﴾. [البقرة: 216]

ومؤمنةً بقولِ ربِّكِ -عزَّ وجلَّ-:

﴿ وتمَّتْ كلمةُ ربِّكَ صدقًا وعدلًا ﴾ [الأنعام: 115]

صدقًا في الأخبارِ، وعدلًا في الأحكامِ.

وتؤمنينَ بقولِ نبيِّكِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-:

«إنَّ اللهَ أعطى كلَّ ذي حقٍّ حقَّهُ»، (صحيح التّرمذيّ)

وتقولينَ بملءِ الفمِ: هاجَرُ تُمثِّلُني؛

هاجَرُ؛ إذْ قالَتْ لإبراهيمَ -عليهِ السَّلامُ-

يومَ أرادَ أنْ يتركَها وولدَها بوادٍ غيرِ ذي زرعٍ:

آللهُ الَّذي أمرَكَ بهذا؟

قالَ: نعمْ، قالَت: إذنْ لا يُضيِّعُنا. (رواهُ البخاريُّ)

تقولينَ بملءِ الفمِ أُمَيمةُ تُمثِّلُني.

منْ أُمَيمةُ؟

أُمَيمةُ بنتُ رُقَيقةَ، صحابيَّةٌ جاءَتْ معَ نِسوةٍ يبايعْنَ رسولَ اللهِ على أمورٍ،

فقالَ رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-:

"فيما استطعْتُنَّ وأطقْتُنَّ"،

فقالَتْ أُميمةُ: "للهُ ورسولُهُ أرحمُ بنا منَّا بأنفسِنا" (صحيح التّرمذي)

يعني إذا قضى اللهُ أو رسولهُ أمرًا؛

فإنّا على يقينٍ أنَّ فيهِ منَ الرَّحمةِ ومراعاةِ مصالحِنا أكثرُ ممَّا نرحمُ أنفسَنا.

إيمانٌ وثقةٌ مطلقةٌ برحمةِ اللهِ في تشريعاتِهِ.

سرْنا معكِ في هذهِ السِّلسلةِ يا كريمةُ!

يا منْ كرَّمَكِ اللهُ بإنسانيَّتِكِ، ثُمَّ بالإسلامِ!

سرْنا معكِ لتعلمي أنَّه إنْ ظلمَكِ بشرٌ؛ فالحلُّ في شريعةِ ربِّ البشرِ،

فاللهُ ملاذُكِ لا خَصْمُكِ؛ لئلَّا يكونَ عندَكِ عصبٌ ملتهبٌ تجاهَ ربِّكِ -سبحانَهُ-،

ولا نظرةُ توجُّسٍ، بل حُسنُ ظنٍّ مطلقٌ، ويقينٌ راسخٌ،

فاللهُ ملاذُكِ لا خصمُكِ!

سرْنا معَكِ في هذهِ السِّلسلةِ لا لنقولَ لكِ سلِّمي واخضَعي لكلِّ ما يُقالُ لكِ أنَّه منَ الدِّينِ!

فنحنُ أمَّةٌ شرَّفَها اللهُ بحفظِ كتابِها بالتَّواترِ،

وحفظِ سُنَّةِ نبيِّها بعلمِ الحديثِ،

فالفَيصلُ هو صحَّةُ الثُّبوتِ، وصحَّةُ الدِّلالةِ،

إذا ثبتَ نصٌّ وثبتَتْ دلالتُهُ، وخالفَ ما ترينَهُ حقًّا وعدلًا،

فاتَّهمي نفسَكِ وقولي: لعلَّ الخللَ فيَّ!

لكنْ، خدي بالك!

ليسَ مطلوبًا أنْ تتَّهمي نفسَكِ في كلِّ مقامٍ؛

فقدْ يكون ُما يُقالُ لكِ ليسَ منَ الإسلامِ بالفعلِ.

ذكرْنا لكِ في الحلقةِ الماضيةِ أنَّ المعاييرَ الحاكمةَ المطلقةَ،

الَّتي يحقِّقُها الإسلامُ هيَ: الحقُّ والعدلُ، لا الحرِّيَّةُ والمساواةُ!

وأنَّ المساواةَ تكونُ أحيانًا باطلًا وظلمًا، فلا تَصلحُ أنْ تكونَ مسطرةً تقيسينَ بها،

طيب ماذا إذا نُسِبَ إلى الإسلامِ ما يظهرُ أنَّه يُخالفُ الحقَّ والعدلَ؟

ماذا إذا نُسِبَ إلى الإسلامِ ما يبدو باطلًا وظلمًا؟

لا ترفضيهِ بدعوى أنَّهُ مناقضٌ للحقِّ والعدلِ،

فقدْ يكونُ تقييمُكِ أنتِ للحقِّ والعدلِ غيرَ صحيحٍ!

لكنْ أيضًا لا تُدخليهِ إلى منظومتِكِ المعرفيَّةِ، ولا تُمرِّريهِ دونَ تحقُّقٍ؛

فإنَّهُ قد يُحدِثُ لديكِ نُفورًا خفيًّا منَ الشَّريعةِ، لا تعرفينَ سببَهُ فيما بعدُ!

قدْ تجدينَ منْ أشهرِ العلماءِ المعروفينَ مَن يَقُصُّ على النَّاسِ قصَّةً موجودةً بالفعلِ في بعضِ المراجعِ

أنَّ الزُّبيرَ بنَ العوَّامِ -رضيَ اللهُ عنهُ- غضبَ مرَّةً من زوجتَيهِ؛

فربطَهما منْ شعرِهما، وضربَهما ضربًا شديدًا،

إحدى زوجتَيهِ أسماءُ بنتُ أبي بكرٍ،

فذهبتْ تشكو إلى أبيها، فقالَ لها:

أيْ بُنيَّةُ! اصبري! فإنَّ الزُّبيرَ رجلٌ صالحٌ، ولعلَّهُ أنْ يكونَ زوجَكِ في الجنَّةِ،

ولقدْ بلغَني أنَّ الرَّجلَ إذا ابتكرَ بامرأةٍ تزوَّجَها في الجنَّةِ.

فيقعُ في نفسِكِ أنَّ أبا بكرٍ سكتَ عنْ هذا الظُّلمِ،

بلْ وتقولينَ: ربَّما حصلَ هذا في عهدِ النَّبيِّ -صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ-

فتأخذُ القصَّةُ في ذهنِكِ خاتمَ الموافقةِ منَ النَّبيِّ؛

وبالتَّالي يُصبحُ هذا التَّعاملُ معَ الزَّوجةِ منَ الدِّينِ بالنِّسبةِ لكِ!

لا، بلْ تقولينَ لقائلِ هذا الكلامِ:

﴿ قُلْ هَاتُوا۟ بُرْهَـٰنَكُمْ إِن كُنتُمْ صَـٰدِقِينَ ﴾ [البقرة:111]

هلْ صحَّ ذلكَ عنِ الزُّبيرِ؟

وهلْ مرَّتِ الحادثةُ دونَ مُساءلةٍ منَ النَّبيِّ والصَّحابةِ؟

هذا الأثرُ المذكورُ عنِ الزُّبيرِ ليسَ لهُ إسنادٌ صحيحٌ،

فهوَ لا يصحُّ في علمِ الحديثِ،

فنفورُكِ منهُ ليسَ نفورًا منَ الدِّينِ،

بل هوَ نفورٌ حقٌّ منْ خبرٍ لا يصحُّ،

ولو ثبتَ فلا يعني أنَّ النَّبي أقرَّه، ولا أنَّه أصبحَ منَ الإسلامِ،

ومعَ ذلكَ فنقولُ مرةً أخرى إنَّه خبرٌ لا يصحُّ،

لذا فعليكِ استخدامُ التَّفكيرِ النَّاقدِ،

ليسَ معَ أعداءِ الشَّريعةِ فقطْ،

بلْ ومعَ المتكلِّمينَ باسمِها،

ومعَ أنصارِها ممَّنْ قدْ يُسيئونَ عنْ غيرِ قصدٍ.

وما ندعوكِ إليهِ هوَ أنْ تُسلِّمي للهِ وشريعتِهِ،

لا لكلِّ ما يُنسبُ إلى الإسلامِ هكذا بلا تمحيصٍ.

قدْ تقولينَ: لكنْ - يا أخي - هذا مشوارٌ صعبٌ:

فرمتةٌ لإزالةِ الصُّورِ النَّمطيَّةِ، طلبُ العلمِ،

فرزُ الشَّريعةِ عمّا نُسبَ إليها بباطلٍ،

تفكيرٌ ناقدٌ، اتِّهامُ نفسي،...

هذا مشوارٌ صعبٌ!

نعمْ، هوَ صعبٌ!

صعبٌ إذا أركنتِ فيهِ على ذكائِكِ وقدُراتِكِ،

"إذا لم يكنْ منَ اللهِ عونٌ للفتى فأوَّلُ ما يقضي عليهِ اجتهادهُ"

فاستحْضري هذهِ المعانيَ وأنتِ تقرئينَ: ﴿ ٱهْدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة: 6]

تريدينَ معونةَ اللهِ في هذا المشوارِ؟

﴿ يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓا۟ إِن تَتَّقُوا۟ ٱللَّـهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَانًا ﴾ [الأنفال: 29]

فرقانًا تُفرِّقينَ بهِ بينَ الحقِّ والباطلِ.

عندما تفرِّطينَ في صلاتِكِ، حجابِكِ، علاقاتِكِ، تسمعينَ أو تُشاهدينَ ما لا يُرضي اللهَ،

وتقولينَ معَ ذلكَ: أنا أعملُ أعمالًا صالحةً، والحسناتُ يُذهبنَ السَّيِّئاتِ،

فتذكَّري اللَّذاتِ العظيمةَ الَّتي تحرمينَ نفسَكِ منها،

لذَّةَ محبَّةِ كلامِ خالقِكِ ورازقِكِ الَّذي إليهِ معادُكِ،

لذَّةَ النُّورِ الَّذي يجعلُهُ في قلبِكِ إذا أطعتِه وجاهدْتِ نفسَكِ وشهواتِها،

﴿ وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ ﴾ [العنكبوت: 69]

تضعُفينَ أمامَ بعضِ المعاصي، اعترِفي للهِ! لتدخلي في رحمتِهِ -سبحانَهُ- إذ قالَ:

﴿ وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا عَسَى اللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ ۚ

إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ ﴾ [التوبة: 102]

ولا تُكابري ولا تُبرِّري الذَّنبَ، أرجوكِ!

ولا تدافعي عنهُ، فهذا كلُّهُ منَ الظُّلمِ،

﴿ وَاللَّـهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ﴾ [آل عمران: 86]

اطلبي منَ اللهِ العونَ على الطَّاعةِ،

حتّى لا يحرمَكِ منْ لذَّةِ محبَّةِ كلامِهِ وشريعتِهِ، بشُؤمِ معاصيكِ وذنوبِكِ.

بعدَ هذا كلِّهِ يا كريمةُ!

إذا بقيتِ تجدينَ في نفسِكِ نُفرةً منْ حكمٍ شرعيٍّ، أوْ آيةٍ، فابكي، وتباكي للهِ، وتضرَّعي وقولي:

ربّي أنا لكَ فلا تردَّني إليَّ،

قولي: يا حيُّ يا قيّومُ برحمتِكَ أستغيثُ، أصلحْ شأني كلَّهُ ولا تكلْني إلى نفسي طَرفةَ عينٍ.