The Way of Zen: philosophy and practice طريق الزن: الفلسفة والممارسة (2)
منذ بدأ بوذا بالتعليم رفض نظام الطبقات الاجتماعي والذي بسببه تم استبعاد الكثير من الناس من المشاركة الاجتماعية والروحية وكما اعلم لايزال الأمر موجودا حتى اليوم
ومثالا على ذلك فإن أحد تلاميذ بوذا كان قاتلا مجرما في حياته السابقة
أما فيما يخص النساء من المثير للاهتمام أن الامر احتاج عدة سنوات بالإضافة إلى جهود امرأة متواصلة
إلى أن رفض بوذا الأفكار السابقة التي تربى عليها تجاه النساء وعند ذلك دعاهن وضمن حقهن بالتدرب
ماهاباجاباتي كانت مربية بوذا لان أمه البيولوجية كانت قد توفيت أثناء الولادة
في وقت لم يكن يسمح فيه للنساء في الهند أن يكون لهن حقوق
أشارت ماهاباجاباتي إلى معاناة النساء ورغبتهن بالتدرب
رفض بوذا هذا الاقتراح ثلاث مرات. لكن ماهاجاباتي حلقت رأسها ولبست الرداء الأصفر والذي كان حكرا على الرجال وقادت حافية القدمين مجموعة من النساء مسافة 350 كم
إن هذا الفعل أقنع بوذا وهكذا نشأ خلال حياته نظام رهبنة للنساء
والآن نقفز عبر المكان والزمان ونجد أنفسنا في الصين في القرن السادس الميلادي
على طريق التجارة الآسيوي القديم وعبر بحار شرق آسيا وصلت تعاليم بوذا الى الصين شيئا فشيئا
لكنها بقيت غريبة على الصينين في البداية
إن الطراز الفلسفي رفيع المستوى للنصوص السنسيكريتية اصطدم مع اللغة المجازية والشعرية للطاوية
إن حياة الزهد والعزوبة وممارسة التسول الطقسي الخاص بالبوذية تم رفضهم من قبل الكونفوشيوسية والتي كانت موجهة إلى حد كبير نحو عالم السياسة والعمل والأسرة
لم يكن هذا سهلا للبوذية والزن
لكن عندما بدأ ممارسوا الزن باستخدام لغة الطاو ولم يتسول الكهنة بل عملوا في الزراعة كسبوا تأثيرا
وفي الصين بين القرن 6 و 13 أصبح الزن قوة ثقافية و روحية أساسية
لأن الزن ربط نفسه واعتمد تعاليم بوذا الأصلية
ووضع التعقيد والدوغمائية جانبا والتي تطورت خلال الألف سنة (الأولى)
إن هذا التغير تجسد من خلال شخص بوديدارما
والذي وكما يحكى اسس الزن في الصين في سنة 500 للميلاد
انحدر بوديدارما من جنوب الهند وسافر بحرا إلى الصين
وفي وقت تم فيه استخدام والتركيز بشكل كبير على السوترات والنصوص في التعليم، قال بوديدارما أن الزن هو تعليم خارج النصوص
إنه اظهار الكشف المباشر للطبيعة البشرية
هذه الطبيعة هي أناتا. وهي كلمة سنسكريتية وتعني اللا-ذات
هناك مصطلح الآخر والذي أثر دائماً في الزن هو الخلو أو الفراغ والذي يسمى شونياتا في السنسكريتية
إن هذا الفراغ أو الخلو لايعني عدم وجود شئ بل أننا نحن وكل الاشياء فارغون من ذات جوهرية
فارغون من ذات منفصلة، فارغون من ذات دائمة
ويمكن القول أن طبيعة كل الأشياء والبشر أنهم لا يملكون طبيعة ثابتة
هذا ما عبر عنه بوديدارما بعد وصوله واستقباله من قبل الإمبراطور وو في جنوب الصين
الإمبراطور وقد كان مؤمنا بالبوذية سأل بوديدارما
ما هو أعلى فهم للحقيقة المقدسة؟
قال بوديدارما: فضاء مفتوح لاشئ مقدس
قال الإمبراطور: من أنت هذا الذي يقف أمامي؟ أجاب بوديدارما: لا أعلم
ولكن لنتذكر قصة باهيا
عندما نجسد اللاذات أو الخلو
في العقل والجسد لا يوجد لا هنا ولا هناك ولا ما بينهما
إذاً لا نستطيع القول هذا أو ذاك بطبيعته مقدس أو دنس
إن الأشياء تتغير باستمرار
باللإضافة إلى ذلك نحن لا نتقابل
لا نقف أمام بعضنا البعض ولا نقف متواجهين
إن إجابة بوديدارما لاأعرف
هي تعبير عن ترابطنا. ولذلك لانستطيع القول
هنا أبدأ أنا وفي مكان ما تنتهي أنت أو أنتم
لكن الإمبراطور لم يفهم أو بشكل آخر إن الثقافة لم تكن مستعدة لسماع راديكالية تعاليم الزن
وهكذا اعتكف بوديدارما في شمال الصين ومارس تأمل الزن في كهف لمدة تسع سنوات وفي النهاية ظهر أناس الذين رغبوا بالتعلم منه
وقبل موته حدد بوديدارما 4 أشخاص ليخلفوه. 3 رجال وامرأة واحدة. تلك المرأة تم شطبها من سجلات الزن بعد مئات السنين
لأنه أيضا في الصين لم يكن سهلا على النساء التدرب لكن بعضهن وجدن طريقهن وغالبا تحت ظروف صعبة
عاشت معلمة الزن واي يو بين عامي 1044-1115
انحدرت من عائلة ارستقراطية لكن حتى مع امتيازاتها هذه لم يكن سهلا بالنسبة لها ممارسة الزن
وفي نهاية حياتها لم تفتتح مركزا للزن بل حماما عاما
ربما فعلت ذلك لأنه لم يسمح لها بالتدريس في تجمعات الزن الرسمية. أو لأن ذلك كان تعبيرا عن ممارسة الزن الأصلية الخاصة بها
في مدخل الحمام كان هناك لوح معلق، كتبت عليه القصيدة التالية
لا شيء موجود، فما الذي تغسله؟
إذا كان هناك ذرة غبار، فمن أين تأتي؟
قل جملة واحدة عميقة، ثم يمكنك الدخول إلى هذا الحمام
يمكن للأرواح القديمة أن تحك ظهرك فقط؛
كيف يمكنني أنا مالكة هذا المكان أنْ أنير عقلك
إذا كنت تريد أن تصل إلى حالة خلو من الأوساخ
يجب عليك أولا أن تدع جميع أجزاء جسمك تتعرق ابذل جهدا
يقال أن الماء يمكن أن يغسل الغبار،
لكن كيف يمكن للناس أن يفهموا أن الماء هو بدوره غبار أيضا ؟
حتى لو تخلصت من [التمييز بين] الماء والأوساخ فجأة،
لا يزال يتعين عليك التخلص من كل ذلك عندما تأتي إلى هنا
واي يو قامت بالتعبير عن المفارقة الأساسية في حياتنا في جملة واحدة من خلال وجهة نظر الزن
لا شيء يوجد... وأضيف أنا هنا بين قوسين لا شيء يوجد بشكل منفصل
هي تقول لا شيء يوجد إذا مالذي تغسله؟ ما هذه الحياة العابرة التي نعيشها ونختبرها؟
لقد اتخذت واي يو من مكان عملها وعاء لانصهار للزن
يعلم أن كل شيء يتغير ولا يوجد شيء كما تتخيله أنت
لماذا يجب أن يأخذ حماما أحدنا أو أن يبني حماماً. طالما أن هذا الجسد الغير منفصل لا يحتوي ذاتا منفصلة ما الذي نفعله عندها؟
في معظم الأوقات نتجاهل هذه المشكلة
ونتجاهل الأسئلة الأعمق التي تثيرها هذه الحياة
بعد 600 سنة من وقت بوديدارما، في ال 1200 ميلادية ولد في اليابان صبي اسمه ايهي دوغن أحد مؤسسي الزن في اليابان
إن سؤال. ما هذه الحياة العابرة والتي نعيشها؟
تم ادراكه بشكل باكر من قبل هذا الصبي
كبر دوغن دون أب وتوفيت أمه عندما كان عمره 7 سنوات
وكما تروي القصة فإنه لمس تغير الواقع بعمق عندما رأى عملية حرق جثة امه
وفي عمر 13 أصبح راهبا بوذيا في دير التنداي
وهي مدرسة كبيرة للبوذية في اليابان في ذلك العصر
لكن سؤالا أساسيا عذبه
إذا كنا كلنا كبشر نحمل طبيعة الاستنارة داخلنا
إذا كنا منذ البداية أحرارا لماذا يتعين علينا التدرب من أجل الحصول على الاستنارة أو تجسيدها؟
لم يجد دوغن جوابا مع معلمي الزن في عصره في اليابان
وهكذا في عمر 23 سافر إلى الصين ليدرس الزن
وبعد خمس سنوات عاد إلى اليابان وبدأ بتعليم الزازن
لقد بدأ بتعليم الزازن كممارسة وحيدة
إن الزازن الخاص بدوغن وهذا يذكرنا بداية المحاضرة هو ليس تأملا يقود إلى الاستنارة وليس تأملا نبلغ من خلاله شيئا ما
إن الزازن الخاص به هو تجسيد الاستنارة التي نمتلكها
يقول دوغن
مشبعا ومحاطا بالتنوير، أنت مثالي كما أنت
في الحقيقة إن تأمل الزازن الخاص بدوغن
ليس مختلفلأ عن تعليمات بوذا لـ باهيا
ربما ما قيل لباهيا أقنع بعضكم وما سأقوله الآن نقلا عن دوغن سيقنع بعضكم الآخر
قام دوغن بكتابة الكثير من النصوص خلال حياته
لكن فيما يخص التأمل قام بكتابة نص قصير عندما كان شابا يافعا إثر عودته من الصين
في اليابانية يدعى هذا النص كانزازينكي وهو يعني الدعوة العالمية لممارسة الزازن
ويمكن فهم ذلك على الشكل التالي
كل البشر بإمكانهم ممارسة الزازن. إن هذا لم يكن أمرا مفروغا منه في القرن 13
ولذا فإن هذا النص بسيط جدا وهو ليس نصا للخبراء أو للناس الذين يمتلكون رفاهية العيش في دير. إنه نص للناس مثلي ومثلكم
هذا النص يصف وضعية الزازن من خلال الجسد
مرة أخرى لا يتوجب عليكم الجلوس على وسادة بإمكانكم الجلوس على كرسي
هذه الممارسة يمكن القيام بها وقوفا أو أثناء الاستلقاء أو المشي
عندما يكون لدينا أساس جيد في النصف السفلي من الجسد والرجلين نشعر بسهولة جعل العمود الفقري مستقيما وهذه نقطة أساسية
بعد ذلك يضيف دوغن شيئا والذي لايزال يشغلني منذ عشرين سنة
دوغن يقول: لا تمل إلى اليسار، لا تمل إلى اليمين. لا تمل إلى الأمام، لا تمل إلى الخلف
إن دوغن يقول اجلس تماما في المركز وهو يعني ذلك حرفيا
عندما لا نكون في مركز تجربتنا تصبح حياتنا صعبة ولكن في المركز نكون مسترخين وحياتنا أسهل
أعتقد أن جملة دوغن لا تمل إلى اليمين أو اليسار أو الأمام أو الخلف
تعبر عن الدوكاه وكيف يمكن أن نتجاوز ألمنا
كيف يمكن أن نصبح غير منزعجين
لا تمل إلى اليسار يعني بالنسبة لي لا تمل إلى الماضي. أو لا تتمسك بالماضي. الماضي مضى بشكل كلي لا يوجد ما نتمسك به
وكذلك لا تمل إلى المستقبل... كن هنا. على الأغلب إن مخاوفك ليست واقعية
المستقبل سيكون دائماً مختلفاً عما نرسمه في ذهننا
الأمام والخلف يعنيان بالنسبة لي ما كنت قد حاولت وصفه بأنه علاقة احتكاك أو تصادم بين الطبيعة العابرة لكل الأشياء وبين التعلق بذات منفصلة
نحن نرغب بالتمسك بأشياء جميلة
نحن نرغب أن تستمر هذه الأشياء لفترة أطول
وهذا ما تعنيه بالنسبة لي جملة لا تمل إلى الأمام
هذا لا يعني أنه لا يجب أن نستمتع بالأشياء
بل بالعكس بامكاننا الاستمتاع بجمال الأشياء عندما نكون في الوسط
وفي توازن في الداخل معها
مثلا قد يرغب الواحد منا
بالتعلق بشخص ما، والذي يعتقد أنه رائع
لكن هذا الشخص لا يرغب ربما بذلك
نحن نصنع معاناة لنا وللآخرين
والأمر كذلك بالنسبة للخيرات الصعبة
في الحقيقة إنه أمر عبثي
لكن الذات " الدائمة " في داخبنا تشعر بأنها مهددة
وهو ما لايمكن أن يحدث لأنها دائمة
لكن الأمر هكذا
ولذا نحاول تجنب التجارب المؤلمة
وهو ما يجب علينا فعله لكن ذلك لا يعمل طوال الوقت
عندما يتبدد وعينا ولا نشعر بأننا هناك يتكون لدينا شعور بالنقص أو الدوكاه
نحاول التعلق بشيء او بشخص ولكن هذا لا ينجح
إن تدريب الزن هو الاستقامة في الجلوس في وسط تجربتنا كما هي تنبثق في هذه اللحظة
هذه كانت مقدمتي عن فهم لدوغن لتأمل الزن
والآن فلنجرب هذا التأمل لبضع دقائق
جرس وأصوات طيور
بالنسبة لي كمتدرب على الزن فإنَّ الممارسة هي الأهم
إن الأفكار التي أقولها ليست معقدة أو صعبة ويمكن فهمها
لكن الأهم هو الإحساس بها حقا
لأنه يمكن عندها أن تمتلك تأثيرا كبيرا في حياتنا
وهذا لا يمكن الوصول إليه إلا من خلال ممارسة جسدية
إن الزازن الخاص بدوغن وبحسب رأيي هو عودة تامة لتعاليم بوذا بخصوص غياب الأشياء المنفصلة والذات المنفصلة
في واحدة من أشهر جمله يقول دوغن
أن ندرس الزن يعني أن ندرس أنفسنا
أن ندرس أنفسنا يعني أن نترك أنفسنا
أن نترك أنفسنا تعني أن نكون مستنيرين من كل الأشياء في الكون
هذه الاستنارة لا تترك آثارا. وهذا اللا - أثر يتقدم إلى ما لا نهاية
هذه المقولة هي بالنسبة لي هي نشيد للحياة وفي نفس الوقت هي تعليمات زازن محددة
أن لا تميل بنفسك لليمين أو لليسار أو للأمام او للخلف
الزازن يعني دراسة النفس
عادة لا نرى ذلك و نتبع اندفاعاتنا بشكل اعمى. عندما نبدأ برؤية ذلك. نترك هذه الذات أو نتخلى عنها وتزول
ولا يتوجب علينا أن نفعل الكثير من أجل ذلك يجب فقط أن نكون منفتحين على تجربتنا الآن وعندها سنكون مستنيرين بفعل كل الأشياء في الكون
عندما نرى أنه في هذه اللحظة لا توجد حياة أخرى ما عدا تلك التي نملكها. الكون بمجمله يهديكنا الحياة الآن
كلمات كبيرة!!
لكن بإمكاننا أن نشعر بذلك بشكل مباشر أثناء تأمل الزازن
ربما أصبح واضحا بالنسبة لكم أن الزازن ليس تأملا لكسب شئ ما
أو ربما بالنسبة للناس الذين يملكون بعض المعرفة المسبقة بالبوذية
الزازن ليس جزءا من الطريق الثماني
الزازن هو الطريق نفسه
وفي الحقيقة هو شيء بسيط جدا نحن نجلس في الوسط فقط. بشكل مباشر ومتجسد بشكل كلي
يقال أن الممارسات البوذية وممارسات الزن تملك وجهين اثنين
إن هذين الوجهين هما وجهان لعملة واحدة لايمكن الفصل بينهما
الجانب الأول هو الحكمة. حكمة رؤية اللاأنا أو رؤية الفراغ والخلو
إن الجانب الآخر هو التعاطف... وليس الشفقة
إن التعاطف هو الشعور الذي نشعر به عندما نتبنى هذه الرؤية عندما نبدأ حقا برؤية أن السبب الرئيسي لمعاناتنا هو التمسك بذات متخيلة ومنفصلة
عندها نرى سبب معاناة الآخرين كما نرى معاناتنا بشكل مباشر. بغض النظر عن الشكل الفردي الذي تتجسد من خلاله هذه المعاناة على السطح
والآن إليكم مثالا عن قصة زن من اليابان عن التعاطف
قبل سنة من وفاة دوغن 1253 قامت راهبة الزن كازوان بتأسيس دير للنساء. وهو موجود اليوم تحت اسم توكيجي
ًكانت كازوان أرملة لشوغون قائد الجيش الرجل الأكثر نفوذا في الدولة ة
استطاعت كازوان جعل هذا الدير مكانا للتعاطف
رغم أن ذلك كان عكس قيم وتصورات عصرها
إن هذا الدير أصبح منطقة لجوء للنساء. النساء اللاتي كن يضربن من قبل أزواجهن العنيفين
وفي اليابان فإن هاته النسوة لم يكن لديهن أية حقوق حتى عام 1866. لم يكن يوجد طلاق وتم النظر إليهن على أنهن نسوة ساقطات
لكن كازوان حصلت من القيصر على الحق باستقبال النساء في ديرها وهكذا كان بإمكانهن المغادرة بعد سنتين بأوراق طلاق رسمية
إن الامرأة التي خلفت كازوان وهي احدى بنات القيصر
قامت بأخذ هذه الممارسة المتعاطفة المعاكسة للمجتمع إلى بعد آخر
لقد قامت بإلباس راهباتها أثوابا بنفسجية
وهو يتعين الإشارة إلى أن اللون البنفسجي كان محصورا على القيصر وعائلته
ولا يسمح لأحد تحت طائلة الموت أن يلبسه
لكن القيصر منح بعض معلمي الزن الذكور بعض الأثواب البنفسجية