زاد الحكايا - قصص اطفال - السمكة الصغيرة
ما بك يا صغيري؟ لِمَ تجلس وحدك هنا؟
سلحوف وسلحوفة قاما بطردي، لا يريدان أنْ ألعب معهما
لمَ رفضا ذلك؟
يقولان أنّي صغير، وكلما أردت اللعب معهما سخرا مني
حسنا لا تقلق، أنا سأتصرف
أمّي ألا تريدين أنْ تروي لنا قصة؟
بالطبع سأروي لكم، كنت أنتظر أنْ ننهي غداءنا فقط
ما رأيكم أنْ أروي لكم قصة سموكة الصغيرة؟
سموكة الصغيرة! يبدو أنَّها قصة شيقة
في البحر الأزرق العميق، تعيش سموكة الصغيرة مع مجموعة من الأسماك الكبيرة
هذه الأسماك الكبيرة دائمة الاستهزاء بسموكة، لأنها صغيرة الحجم، وضعيفة البنية
فلا تتوقف الأسماك عن مضايقتها وتوبيخها، كلما حاولت الاقتراب منها
أريد اللعب معكن، هل تسمحن لي بذلك؟
وهنا أرادت الأسماك أنْ تتسلى وتستهزئ بسموكة
بالتأكيد يا سموكة تعالي وادفعي ذلك الحجر للأعلى مثلنا لنرى قوتك
وهل تستطيع هذه السمكة النحيلة فعلها؟
دعيها تجرب، ألا تحبين الضحك؟
شعرت سموكة بالغضب من كلامهن، فقامت بدفع الحجر إلى الأعلى بكل قوة
ولكن دون جدوى فالحجارة ثقيلة
هذا يكفي يا صغيرتي فقد ضحكنا بما يكفي اليوم
معك حق، كم هي ضعيفة! انظرْن لها كأن كلامنا لم يعجبها
وفي هذا الوقت حضر صديقاها منشار وسلطعون للعب معها
انظرا مَن أتى
هل تلعبين معنا يا سموكة؟
خذي أصدقاءك وغادري من هنا يا سموكة، لم أر سمكة تصادق منشارا سلطعونا من قبل
شعرت سموكة بغضب شديد، فتركت الأسماك وذهبت برفقة صديقيها منشار وسلطعون
لم يعاملنك هكذا يا سموكة؟
كم أتمنى أنْ أصبح منشارا أو سلطعونا، لا أريد أنْ أبقى سمكة
لا تقولي هذا يا سموكة؟
لا أحد يقدرني أو يحترمني بين الأسماك، فالكل يطردني، ويستهزئ بي
سيأتي اليوم الذي يقدرنك فيه، وتصبحين صديقة لهُن
وفي هذه الأثناء وصل قارب صيد إلى البحر
وبدأت المياه تهتز بقوة
ما هذا الصوتُ القويّ؟
تعالا لنختبئَ داخلَ هذهِ الصدفة
ربَّما تكونُ دوامةً قويَّةً داخلَ الماء
وألقى الصيَّادُ شبكتَهُ بكلِّ قوَّةٍ داخلَ الماء
ولسوء حظِّ الأسماكِ الكبيرة، وقعتْ كلُّها داخلَ الشبكة
ساعدونا، ساعدونا
النجدة
نحنُ هُنا، هل هناكَ أحدٌ يسمعُنا؟
ساعدونا
سمعتْ سمُّوكةُ صوتَ الصراخِ والاستغاثةِ من داخلِ الصدفة
أعرفُ هذا الصوت، سأذهبُ لأرى ما حدث
توقفي يا سمُّوكة، لننتظرْ قليلاً حتّى يَهدأَ البحر
لا أستطيعُ الانتظار، أشعرُ بالقلق
النجدة
تَتَبَّعَتْ سموكةُ مصدرَ الصوت
نحن هنا
ساعدونا
حتَّى شاهدتِ الأسماكَ داخلَ الشبكة
سموكة
سموكة، ساعدينا النجدة
إنّه يقومُ بسحبِنا للأعلى
يا إلهي ماذا سأفعل
فكَّرتْ سموكةُ للحظات، ثمَّ انطلقتْ بكلِّ قوَّة
إلى أينَ تذهبينَ وتتركيننا؟! أرجوكِ سموكة
سأعودُ على الفور، انتظرْنَني
وصلتْ سموكةُ إلى صديقيها وهيَ تلهث
سلطعون أريدُ مساعدَتَك، ذلكَ الصوتُ الذي سمعناه، هو صوتُ قاربِ صيد
يجبُ أنْ تقطعَ خيوطَ الشبكةِ بكلَّاباتِكَ قبلَ أنْ يسحبَها الصيادُ للأعلى
أنا جاهز، فلننطلق
سيري أمامَنا يا سموكة
انطلقت سموكةُ بكلِّ قوةٍ برفقةِ صديقَيْها
صيدٌ وفير، إنهُ يومٌ موفق، سأكتفي بهذا اليوم، عليَّ العودةُ إلى الشاطئ
ساعدونا
النجدة
أينَ الشبكةُ يا سموكة؟
لا أدري كانتْ هنا
انظرا إلى الأعلى ها هوَ القاربُ يغادرُ المكان
ماذا سأفعل؟ لن أتمكَّنْ مِنَ اللَّحاقِ بهنّ
انتظرا هنا سأتولَّى المُهِمّة
وانطلقَ منشارُ إلى الأعلى بكلِّ قوة، يخرِقُ القارِبَ الخشبيَّ بمنشارِهِ الحاد
خذْ هذه
بدأتِ المياهُ تتسربُ بسرعةٍ إلى داخلِ القارب
وتابعَ منشارُ ضربَ القارب
وهذه
وهذه أيضاً
حتَّى تمايلَ القاربُ فسقطتِ الشبكةُ داخلَ الماء
ما هذا الحظُّ العاثر؟ عليَّ الوصولُ إلى الشاطئِ قبل أن يمتلئَ القاربُ بالماء
ولكنَّ الصيَّادَ لم يستسلمْ وبقيَ ممسكاً بطَرَفِ الشبكة، وانطلقَ نحوَ الشاطئِ يسحبُ الشبكة
حانَ دورُكَ يا سلطعون، انطلقْ
حاضر يا سموكة
وانطلقَ سلطعونُ يقُصُّ خيوطَ الشبكةِ بكلَّاباتِه
حتَّى فتحَ ثُقباً كبيراً، فتمكَّنتِ الأسماكُ مِنَ الخروجِ والهروبِ بعيداً
غادرتْ سموكةُ برفقةِ صديقَيْهَا دونَ أنْ تتكلَّمَ كلمةً واحدة
اجتمعتِ الأسماكُ الكبيرةُ والندمُ واضحٌ عليها
لقد أخطأْنا بحقِّ سموكة
نعم وبحقِّ صديقيها
كيفَ ذلك؟
لقدْ قُمْنا بطردِهم مراراً وعندما احتجنا لمساعدَتِهِم خاطروا بحياتِهِمْ لأجلِنا
سأذهبُ لأعتذرَ منهم
سنذهبُ جميعاً
وبينما تلعبُ سموكةُ مَعَ صديقَيْها وصلتِ الأسماكُ ونادتْ على سموكة
سموكة، تعالي قليلاً
ماذا هناك؟
لقد جئنَا للاعتذارِ منكِ أيَّتها البطلةُ الشجاعة
نعرفُ أنَّهُ كانَ بإمكانِكِ تركُنا لِنلقى مصيرَنا
ولكنْ أنا لا أستطيعُ الاستغناءَ عَنْ صديقَي
ومن قالَ أنَّكِ ستستغنينَ عنهما؟ على العكسِ نحنُ نرحبُ بهما وسنعتذرُ منهُما أيضاً
حقاً هذا يعني أنَّهُما سيلعبانِ معي
بالطبعِ يا سموكة
وهكذا اعتذرتِ الأسماكُ مِنْ سموكةَ وصديقيها وذهبوا جميعاً للعبِ معاً
أمَّا الصيادُ فوصلَ إلى الشاطئِ وقامَ بسحبِ شبكتِه
فوجدَها فارغةً لا تحملُ شيئاً داخلَها
كانَ بإمكانِ سموكةُ أنْ تتركَ الأسماكَ تلقى مصيرَها وتقعَ فريسةً بيدِ الصيَّاد
ولكنَّها أبتْ أنْ تَرُدَّ الإساءَةَ بمثلِها، فحصلَتْ على احترامِ وتقديرِ الجميع
لا أصدقُ ما قامتْ بِهِ سموكةُ وصديقاها
أنا فَهِمتُ ما تقصدينَ يا أمي، أعتذرُ مِنكَ يا سلحف، غداً سأُعوِّضُكَ عمَّا فاتَكَ اليوم
شكراً يا سلحوفة، وأنا سأكونُ قويَّاً مثلَ سموكة
شكراً لكِ يا أمي فهمت العبرة