٤،٤،٢٤ - وصيتان
الوصية الأولى
كتب أبو بكر - رضي الله عنه - إلى بعض قواد جيشه قال: إذا سرت فلا تعنف أصحابك في السير، ولا تغضبهم، وشاور ذوي الآراء منهم، واستعمل العدل، وأبعد عنك الجور؛ فإنه ما أفلح قوم ظلموا، ولا نصروا على عدوهم. وإذا لقيتم الذين كفروا زحفا فلا تولوهم الأدبار، ومن يولهم يومئذ دبره، إلا متحرفا لقتال، أو متحيزا إلى فئة، فقد باء بغضب من الله. وإذا نصرتم عليهم، فلا تقتلوا شيخا ولا امرأة ولا طفلا ولا تحرقوا زرعا، ولا تقطعوا شجرا، ولا تذبحوا بهيمة. إلا ما يلزمكم أكله، ولا تغدروا إذا هادنتم ولا تنقضوا إذا صالحتم وستمرون على أقوام في الصوامع رهبان ترهبوا لله، فدعوهم وما انفردوا إليه، وارتضوه لأنفسهم، فلا تهدموا صوامعهم، ولا تقتلوهم والسلام.
الوصية الثانية
من وصايا عمر رضي الله عنه - للقاضي: آس بين الناس في مجلسك ووجهك، حتى لا يطمع شريف في حيفك ولا ييأس ضعيف من عدلك . والبينة على من ادعى، واليمين على من أنكر. والصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحا حرم حلالا أو أحل حراما . ولا يمنعك قضاء قضيته بالأمس، ثم راجعت فيه نفسك وهديت فيه لرشدك أن ترجع عنه . فإن الحق قديم، ومراجعة الحق خير من التمادي في الباطل الفهم الفهم عند ما يتلجلج في صدرك، ما لم يبلغك في كتاب الله ولا في سنة النبي ﷺ. واعرف الأمثال والأشباة، وقس الأمور عند ذلك، ثم اعمد إلى أحبها عند الله، وأشبهها بالحق فيما ترى. واجعل للمدعي حقا غائبا أو بينة أمدا ينتهي إليه، فإن أحضر بينته أخذت له بحقه، وإلا وجهت عليه القضاء فإن ذلك أنفى للشك وأجلى للعمى وأبلغ في العذر ...
المسلمون عدول بعضهم على بعض، إلا مجلودا في حد، أو مجربا عليه شهادة زور، أو ظنينا في ولا أو قرابة فإن الله قد تولى منكم السرائر ودرأ عنكم بالشبهات ثم إياك والقلق والضجر والتأذي بالناس والتنكر للخصوم في مواطن الحق، التي يوجب الله بها الأجر، ويحسن بها الذخر، فإنه من يخلص نيته فيما بينه وبين الله -تبارك وتعالى - ولو على نفسه، يكفه الله ما بينه وبين الناس.