×

We use cookies to help make LingQ better. By visiting the site, you agree to our cookie policy.


image

Science, اكتشاف الموجات الجاذبية، وعصر جديد من التلسكوبات الفلكية (1)

اكتشاف الموجات الجاذبية، وعصر جديد من التلسكوبات الفلكية (1)

المقدمة لابد أنك سمعت الخبر، الخبر الذي يعتبر نقطة تحول في تاريخ علم الفلك، الخبر الذي نقلنا إلى حقبة جديدة في معرفة الكون، إذا لم تسمعه بعد، كن معي في هذه الحلقة، وسأفصل لك المعلومات بالكامل، الموضوع كبير جدا، وهو واحد من أكبر إن لم يكن أكبر أخبار العصر الحالي هكذا افتتح الفيزيائي ديفيد رايتزي (David Reitzi) كلمته في مؤتمر مؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية: “سيداتي وسادتي، لقد اكتشفنا الموجات الجاذبية، لقد نجحنا”،

معلنا في أول جملة له أن الموجات الجاذبية التي تنبأ بها آينشتاين قد اكتشفت عن طريق مرصد لايغو، وأكمل بقوله: “قبل 400 عام أدار غاليليو تلسكوبا إلى السماء وفتح الأجواء للمراصد الفلكية الحديثة، أعتقد أننا نقوم بشيء بنفس مستوى الأهمية اليوم، أعتقد أننا نفتتح نافذة على الكون، نافذة من فلك الموجات الجاذبية”. في هذه الجملة عمق كبير، وسنفهمه خلال الحلقة كان من أبرز من تواجد من المشاركين هو العالم الفيزيائي كيب ثورن، الذي كتب وأنتج فيلم انترستلر

(بدأت في فيزياء الفيلم انترستلر الحلقة الماضية، وسأكمل لاحقا)، والأهم من ذلك، أنه هو أحد ثلاث علماء أسسوا المرصد لايغو الذي لم يكن فقط سببا لاكتشاف الموجات الجاذبية في الواقع (كما ذكر في الأخبار)، إنما كان السبب في اكتشاف الموجات الجاذبية في الفيلم الخيالي انترستلر،وهو الذي دل على وجود ثقب أسود تتحرك موجاته الجاذبية خلال ثقب دودي، لتصل إلى الأرض سأتناول هذا الاكتشاف وتاريخه، وكذلك المختبر لايغو،

والسؤال الذي سألنيه الكثير من المتابعين:“ما هي أهمية الاكتشاف؟ ” وفي نهاية الحلقة سأسمعكم صوت الثقوب السوداء وهي تبتلع بعضها، والتي اكتشفت من خلال الموجات الجاذبية تاريخ الموجات الجاذبية

صدق آينشتاين حينما كتب رسالة لابنه ذكر فيها:

“الأشياء التي حزت عليها من العمل المضني لن تكون ذا فائدة فقط للغرباء، بل حتى بالخصوص لأبنائي، في الأيام الماضية انتهيت من واحدة من أعظم الأوراق في حياتي”

كتبها لابنه وهو مثخن بساعات العمل المتواصلة على النظرية النسبية العامة، كان ذلك قبل أيام من تقديمه للنسخة النهائية من البحث، كان عمله مضنيا ، أبعده عن أبنائه، ولكن نظريته كانت ذي فائدة لهم وللغرباء، وكانت من أعظم ما قدمه للبشرية من نظريات

تنبأ آينشتاين بالعديد من النظريات الأخرى المعتمدة على الأساس المتين للنظرية النسبية العامة،

وكلما تنبأ في نظرية أقام العلماء التجارب عليها لمعرفة توافقها مع التجربة، أثبت صحة ما تقدم به، ربما أخطأ آينشتاين مرات طفيفة، ولكن عدد نظرياته الصحيحة الكبير غفر له الأخطاء الطفيفة هنا وهناك،

واليوم تتوج نظرية أخرى له بالتاج التجريبي من مرصد الجاذبية

“لايغو”، ليضاف هذا النجاح إلى رزمة نظرياته الصحيحة

تصحيح: بما أننا بصدد النظرية النسبية العامة، لابد أن أصحح معلومة ذكرتها في حلقة

“مرور 100 عام على نظرية آينشتاين النسبية العامة”، حلقة رقم 114، وهي معلومة حتى الكثير من الذين كتبوا عن آينشتاين لا يعلمونها، وهي عن المحاضرات الأربعة الأخيرة التي قدمها، وكان في الأخيرة منها تقديم ورقته حول النسبية العامة

كنت أجلس في قاعة بقسم الفيزياء في جامعة ساوثهامتون، وكانت ستقدم محاضرة عن النسبية العامة بعنوان

“الفلك النسبي في القرن الواحد والعشرين” للفيزيائي Perdro Ferreira، كانت بمناسبة مرور مئة عام على النظرية النسبية العامة، كان يجلس أمامي قبل المحاضرة، وكان يخاطب الفيزيائي الذي دعاه من جامعة ساوثهامتون،

فقال له الداعي أن آينشتاين قدم أربع محاضرات كل منها في أسبوع في الأكاديمية البروسية وسلم الورقة في الأخيرة،

فرد عليه بيدرو أن هذا الكلام غير صحيح، فقلت له: “كيف أن هذا الكلام غير صحيح، كل وكالات الأخبار، وكذلك الكتب تذكر هذا الشي.

” فرد علي أنه هو أيضا كتب هذه المعلومة في كتاب نشره، اسم الكتاب:

“النظرية الكاملة: قرن من العبقرية وحرب على النظرية النسبية العامة”،

ذكر في كتابه أن أينشتاين قدم تلك المحاضرات كما اشتهر عنه،

فهو أيضا كان مخطئا في هذه القصة، ولكن مؤرخا ألمانيا راسله بعد قراءته للكتاب،

وأرسل له الأدلة أن آينشتاين لم يقدم أي محاضرة، بل إن كل ما عمله هو أنه قدم أربعة أوراق، كل منها في أسبوع، وفي النهاية قدم الورقة الأهم (النظرية النسبية العامو)، وخرج.

وقد تأكد بيدرو من المصادر، واتضح كلام المؤرخ صحيح. وأنت الآن تعلم معلومة قليل من الناس يعلمونها

بعدما انتهى آينشتاين من النظرية النسبية العامة ونشرها،

وحتى قبل أن تكتشف صحة النظرية عن طريق السير آرثر أدينغتون سنة 1919،

تنبأ آينشتاين بوجود الموجات الجاذبية، ونشرها في مجلة علمية ألمانية،

وكان ذلك في شهر يونيو سنة 1916،

وفي سنة 1918 نشر ورقة أخرى – وكان مرغما عليها – تعالج أخطاء رياضية في ورقة سنة 1916،

كانت هذه الورقة الجديدة بعنوان:

“عن موجات الجاذبية”، فيها حسبت الموجات الجاذبية بالحسابات الرياضية،

وكذلك كشف أن الموجات الجاذبية تحدث بسبب دوران جرمين كونين حول بعضهما، مثل نجمين، لكن بحسب النظرية في تلك الأيام لم يكن بالإمكان الكشف عن هذه الموجات بأي شكل من الأشكال،

لأنها كانت ضعيفة جدا

في تلك الفترة وحتى سنة 1936 لم يكن هناك توافقا تاما بين العلماء على الموجات الجاذبية، لقد كان هناك تحركا ناحية قبولها، وفي تلك السنة حينما كان آينشتاين في الولايات المتحدة الأمريكية كان يعمل معه العالم نيثن روزن (Nathen Rosen). وقدم له مجموعة من الحسابات الرياضية التي تدل على أن الموجات الجاذبية غير موجودة، فبعث آينشتاين رسالة إلى العالم الكبير ماكس بورن يقول فيها: “الفصل القادم سوف يكون لدينا المشارك المؤقت إنفيلد (Infeld) في برينستون، أتطلع للتناقش معه، معا ومع مشارك يافع وصلت إلى نتيجة مثيرة، وهي أن الموجات الجاذبية ليست موجودة، وقد كان يعتقد أنها مؤكدة للتقريب الأولي.

” وفي هذه الرسالة كان يبين أنه يعمل مع العالم نيثان روزن الذكي، والذي كتب معه ورقتين علميتين إحداهما كانت تتحدى مكانيكا الكم، والأخرى عن الثقوب الدودية، وفي الورقة الثالثة التي بدأ بكتابتها اكتشف هو ونيثان أن الموجات الجاذبية لم تكن موجودة، وأن ما نشره في سنة 1916

لم يكن إلا تقريبا للحسابات، وبعد حسابه إياها بمعادلات أدق توصل إلى خلافها

بعد ذلك أرسل آينشتاين ونيثان روزن ورقة علمية إلى المجلة التي تعد من أقوى المجلات العلمية في الفيزياء، وهي فيزيكال ريفيو (Physical review)، كانت الورقة بعنوان: “هل الموجات الجاذبية موجودة؟”، الإجابة على هذا السؤال وباستخدام القوانين الرياضية هي: لا، وبعد ذلك حضر إليه العالم ليوبولد إنفيلد (Leopold Infeld)، الذي لم يصدق أن آينشتاين غير رأيه عن الموجات الجاذبية، فاقتنع بما قاله آينشتاين رغم تشككه

لم تقبل ورقة آينشتاين في مجلة الفيزيكال رفيو، وذلك بعد أن أرسلت إلى محكم، وبعد نظره في القوانين الرياضية اكتشف خللا فيها.

أرسلت له الأخطاء الرياضية حتى يصحح الورقة، تضايق أينشتاين من الرفض، وأرسل رسالة شديدة اللهجة إلى محرر المجلة، قائلا فيها

السيد العزيز

نحن (السيد روزن ونفسي) قد أرسلنا لك كتابا للنشر،

ولم نسمح لك بعرضه على مختصين قبل طباعته،

أنا لا أرى أي مبرر لأن أرد على الأخطاء إن كانت موجودة وقد أتت من شخص مختص مجهول،

وبناء على هذه الحادثة أفضل أن أنشر هذه الورقة في مكان آخر

مع خالص الاحترام

لماذا كان آينشتاين يرد بهذه الطريقة؟ لأنه اعتاد ألا تراجع الأوراق العلمية في المجلات الألمانية، وقد قرأت في كتاب: السفر بسرعة الضوء (Traveling at the Speed of Light)، أن المجلة آنالين دير فيزيك التي نشر فيها النظرية النسبية الخاصة كانت ترفض فقط 10 بالمئة من المقالات العلمية التي تقدم لها، وأنها كانت تخشى من العلماء الذين كانت لهم سمعة قوية، وهذا ما لم يتوفر لآينشتاين في مجلة فيزيكال ريفيو، وخصوصا أن المحرر John Torrence Tate، والذي مسك المجلة سنة 1926 قلبها إلى مجلة ناجحة في حقل الفيزياء، ولم يكن ليفوت مقالة آينشتاين مهما كانت شهرته

وفي تلك الأثناء تناقش ليوبولد إنفيلد مع الرياضي هاورد روبرتسون الهائل، وشرح له ما كان يعتقده آينشتاين، فاكتشف روبرتسون خطأ آينشتاين وذكر ذلك ليوبولد، فعاد ليوبولد ليخبر آينشتاين بالخطأ، وإذا به يكتشف أن آينشتاين هو أيضا اكتشف الخطأ واعترف به بسرعة، وصحح الرياضيات، وبعد فترة نشر الورقة العلمية في مجلة مؤسسة فرانكلين، والتي نشر فيها العام الماضي، ولكن هذه المرة غير العنوان إلى:

“عن الموجات الجاذبية”، وتغيرت النتائج إلى وجود الموجات الجاذبية بدلا من نفي وجودها، لقد تغير النتائج 180 درجة. وقد ذكر في ورقة مرفقة مع الورقة العلمية تقديرا لمساهمة روبرتسون، من غير ذكر التفاصيل، ولو أن آينشتاين نظر في تحكيم مجلة الفيزياكال ريفيو لوجد الحل مباشرة

الأدلة الواضحة تبين أن الشخص المجهول الذي اكتشف الأخطاء في ورقة آينشتاين حينما حكمت في الفيزيكال ريفو،

والشخص الذي ساهم في تصحيحها لاحقا قبل أن تنشر في مجلة فرانكلين، هو نفسه روبرتسون،

ولكنه لم يخبر آينشتاين بذلك،

ربما أراد أن يصححه من غير أن يواجهه كما واجهه حينما حكم ورقته مع ذلك لم ينشر آينشتاين ورقة علمية أخرى في مجلة الفيزيكال ريفيو،

للأسف أن كبرياءه أثر في قراره

كيف يمكن اكتشاف الموجات الجاذبية؟

أكتشف العلماء الذين يعملون في لايغو موجات جاذبية انطلقت من ثقبين أسودين على بعد 1.3 مليار سنة ضوئية، كانا يدوران حول بعضهما، بسرعة تعادل نصف سرعة الضوء،

قطر أفق الحدث في الثقبين هو حوالي 150 كيلومتر،

أي أنهما أصغر من دولة الكويت، وبداخل الثقب الأول ما يعادل 29 شمسا،

والثاني ما يعادل 36 شمس،

دار الثقبان حول بعضهما ثم تصادما بجبروت،

وتكون ثقب واحد بعد الالتقاء،

وهذا الثقب كتلته أقل من كتلتي الثقبين كل على حدة، بحيث أصبح يعادل 62 شمسا

(لو جمعت 29 + 36 = 65، ولكن الكتلة النهائية كانت 62)، أين ذهبت هذه الكتلة المتبقية، إنها هي الطاقة التي كونت الأمواج الجاذبية وانطلقت عبر الكون، تخيل طاقة تعادل 3 شموس تحولت في لحظة إلى موجات جاذبية، هائل بكل المقاييس

هذه كانت أول مرة يثبت فيه العلماء ثقوب سوداء ثنائية، أي أثبتوا اكتشاف ثقوب سوداء تدور حول بعضها، هذا الحدث تكون قبل 1.3 مليار سنة في الماضي لتصل موجاته إلى الأرض ليكتشفها لايغو بتاريخ 14 سبتمبر سنة 2015

قبل أن أبدأ بشرح كيف يمكن اكتشاف الموجات الجاذبية، لأتحدث أولا عن ماهية هذه الموجات، فهي ليست مثل الضوء أو الموجات الكهرومغناطيسية، وليست كالجسيمات (وإن كانت هناك بعض النظريات التي تدعي أن الجاذبية هي جسيمات الغرافاتونز Gravitons، لم تثبت بعض)، الموجات الجاذبية هي تموجات جاذبية في الزمكان، أي أن الزمن والمكان يتموجان، ويحدث ذلك بسبب إعصار تسببت في الثقوب السوداء أو النجوم النيوترونية حينما تدور حول بعضها البعض،

ويحدث أيضا حينما يكون هناك انفجار نجمي سوبر نوفا،

أو دوران نجمة ليست كروية 100% حول نفسها،

أو حدثت بسبب الانفجار العظيم في بداية الكون

منذ أن فسر آينشتاين الجاذبية على أنها انحناء في الزمكان أو الزمن والمكان أو الفضاوقت ونحن ننظر للجاذبية على أنها تقعر رباعي الأبعاد،

أحيانا ترى صورة أو فيديو يشرح هذا التقعر في بعدين مكانيين،

حتى نتخيل الفكرة نستخدم الفراش الناعم، إن لم يكن عليه شيء سيكون مسطحا،

ولكن بمجرد وضع كرة ثقيلة في الوسط سينخفض الفراش إلى الأسفل، ويتقعر،

وإذا ما أطلقت كرات صغيرة على الفراش وبسرعة معينة بجانب الكرة،

ستجد أن الكرات الصغيرة تلتف في هذا التقعر،

وتدور حول الكرة الكبيرة،

طبعا ستفقد طاقتها تدريجا وتنزل إلى الكرة الكبيرة،

ولكن في الفضاء ليس هناك فقد بنفس الدرجة بالمقارنة مع الفراش،

والفضاء أيضا ثلاثي الأبعاد، وفيه أيضا الزمان،

وفيه كرات أو أجرام سماوية كثيرة، كل كرة تقعر السماء،

فالشمس تقوم بذلك، ويدور في فلكها الأرض،

والأرض تقعر السماء، ويدور في فلكها القمر والمحطة الفضائية الدولية، والقمر يقعر السماء وتدور حوله الأقمار الصناعية،

وهكذا بالنسبة للكواكب كلها، والأجرام السماوية،

وهو كذلك ينطبق على الثقوب السوداء والنجوم النيوترونية الثنائية والثقوب السوداء الثنائية

هذه الصورة التي طرحتها تبدل الجاذبية بهندسة لشكل الفضاوقت،

ولكن هذا الشكل لا يعطي الصورة الكاملة له، فهي صورة هادئة جدا،

كالفراش الذي ذكرته، ينخفض بتدرج ناحية الكرة الثقيلة،

ولكنه أملس وغير متعرج، ولكن لو أدخلنا الموجات الجاذبية في الصورة لأصبح الفضاوقت متعرج،

كما أنك لو كنت تقف بعيدا عن البحر وهو في حالة هدوء،

ستراه صافيا، ولكن إن اقتربت سترى التموجات الصغيرة

وهذا التعرج يتسبب به دوران الأجرام حول بعضها البعض أو حول نفسها في بعض الحالات أو الانفجارات الهائلة،

فالأرض والشمس تصدران هذه التموجات أثناء الدوران، ولكن الموجات متناهية الصغر،

وفي العصر الحالي لا يمكن الكشف عن تموجات بهذا الصغر، لذلك يلجأ العلماء للكشف التموجات لدوران النجوم النيوترونية حول بعضها أو حول الثقوب السوداء،

أو من خلال الثقوب السوداء حول بضعها، وفي هذه الحالة ستكون الموجات الجاذبية أشد بكثير،

وستسافر إلى مسافات بعيدة جدا

وهنا يجب أيضا أن أتوقف عند فكرة مهمة، وهي هذه شكل الموجات، حينما أقول لك كلمة موجات، ماذا يخطر على ذهنك؟

فكر في صورة موجات الآن،

ستجد أن الصورة التي تتكون هي موجات شبيهة بموجات البحر،

وهذه تسمى بموجات عرضية، تتحرك الموجة إلى الأمام وهي تفعل ذلك صعودا ونزولا،

ما يحدث هو أن الموجات الجاذبية هي موجات عرضية، ولكنها ليست تماما كموجات البحر،

فهي تضغط الزمكان من جهة وتمدده من جهة ثم يتبدل الضغط والتمدد في الجهتين،

امسك كرة صغيرة في يدك، اضغطها، ستجد أنها تنضغط من جهة وتتمدد في جهة أخرى، وهذه هي الفكرة بتبسيط شديد (كتبت مقالة على الجزيرة علوم، وأخطأت في هذا الجانب من شرح الموجات، والآن أنا أصحح الفكرة في البودكاست، حصلت لي لخبطة بسبب عدم التركيز، كنت أحضر للموضوعين هنا وهناك) لما مرت الموجات الجاذبية على الأرض ضغطتها وضغطتك أنت بقدر أقل من حجم البروتون، وهذا ما كان كشفه العلماء باستخدام المرصد لايغو، لنرى كيف صنعوا مثل هذا المرصد، ليصبح بهذه الدقة (أنا شخصيا أفضل كلمة فضاوقت بدلا من زمكان، لأن كلمة زمكان تضع الزمن قبل المكان، والمكان فيه 3 أبعاد والزمن بعد واحد، والاصطلاح المستخدم في اللغة الإنجليزية هو Spacetime، أي فضاوقت، ولكني سأستخدم المصطلحين). مختبر اللايغو

قبل أن أتحدث عن مرصد لايغو، لابد أن أذكر أن الموجات الجاذبية اكتشفت قبل أن يبنى هذا المرصد، ولكن الفرق بين هذا الاكتشاف الجديد سنة 2015 عن القديم سنة 1974 هو أن مختبر لايغو كشفها بطريقة مباشرة، بينما اكتشفت موجات الجاذبية عن طريق غير مباشر سابقا

العالمان رسل هالس وجوزيف تايلار (Russle Hulse and Joseph Tyler) اكتشفا نجم نيوتروني ثنائي، أو نجمين يدوران حول بعضهما، وقد تعرفا عليهما من خلال الإشارات الراديوية على مدى سنة كاملة،

ومن خلال معرفة سرعة دورانهما حول بعض اكتشفا أن السرعة تطابق قوانين آينشتاين العامة، راقب العالمان النجمين على مدى 8 سنوات أخرى،

ولاحظا أنهما يقتربان من بعضهما بالضبط كما تنبأت قوانين آينشتاين للنسبية العامة،

والسبيل الوحيد لحركة النجوم بهذه الطريقة هو أن تفقد طاقتها بالموجات الجاذبية.

كان ذلك اكتشافا كبيرا، حتى أنهما حصلا على جائزة النوبل سنة 1993،

واليوم وبعد مراقبة النجم الثنائي لمدة 40 سنة، لا تزال حركتهما مطابقة لنظريات آينشتاين للنسبية العامة.

ولكن حتى مع وجود الاكتشاف الأول، فإن الموجات الجاذبية لم تكتشف بطريقة مباشرة حتى نهاية سنة 2015، وأعلن عنها في المؤتمر قبل أيام

أول من طرح الطريقة العملية والمخبرية لاكتشاف الموجات الجاذبية هما العالمان الروسيان ميخائيل غيرتسنشتين وفلاديسلاف بوستوفويت (Mikhail Gertsenshtein and Vladislav Pustovoit)، وذلك في سنة 1962، لنتذكر أن الموجات الجاذبية ضعيفة جدا، ولا يمكن التقاطها بالأجهزة التقليدية، لذلك اقترح العالمان استخدام ما يطلق عليه بجهاز قياس التداخل (Interferometer). وأسست القواعد التي سيعمل عليها المرصد لايغو ليكشتف الموجات الجاذبية على مبدأ قياس التداخل سنة 1992، وذلك من قبل العالم الفيزيائي كيب ثورن، وكذلك العالمان رينر وايز (Rainer Weiss) ورونالد دريفر (Ronald Drever)، وفعل المرصد سنة 2002، طوال هذه المدة تكلمت عن مرصد لايغو، في الحقيقة هناك مرصدان، واحد في واشنطن ستيت والآخر في لويزيانا، كلاهما في الولايات المتحدة الأمريكية kip and weiss رونالد دريفر رونالد دريفر قبل سنة 1992، كان كيب ثورن يحلم في أن تكتشف موجات الجاذبية وحتى قبل أن يصبح هو أحد منشئي مرصد لايغو، ستجد خارج مكتبه ورقة اتفق عليها هو زميله مبروزة فيها رهان،

الرهان كان عن أنه ستكتشف الجاذبية سنة 1988،

ولكن لم يتحقق هذه الشيء إلا اليوم، وقد خسر الرهان وانتهى بعشاء على حسابه الشخصي.


اكتشاف الموجات الجاذبية، وعصر جديد من التلسكوبات الفلكية (1) اكتشاف الموجات الجاذبية، وعصر جديد من التلسكوبات الفلكية (1) The discovery of gravitational waves, and a new era of astronomical telescopes (1) Yerçekimi dalgalarının keşfi ve astronomik teleskoplarda yeni bir çağ (1)

المقدمة لابد أنك سمعت الخبر، الخبر الذي يعتبر نقطة تحول في تاريخ علم الفلك، الخبر الذي نقلنا إلى حقبة جديدة في معرفة الكون، إذا لم تسمعه بعد، كن معي في هذه الحلقة، وسأفصل لك المعلومات بالكامل، الموضوع كبير جدا، وهو واحد من أكبر إن لم يكن أكبر أخبار العصر الحالي إذا لم تسمعه بعد، كن معي في هذه الحلقة، وسأفصل لك المعلومات بالكامل، الموضوع كبير جدا، وهو واحد من أكبر إن لم يكن أكبر أخبار العصر الحالي هكذا افتتح الفيزيائي ديفيد رايتزي (David Reitzi) كلمته في مؤتمر مؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية: “سيداتي وسادتي، لقد اكتشفنا الموجات الجاذبية، لقد نجحنا”،

معلنا في أول جملة له أن الموجات الجاذبية التي تنبأ بها آينشتاين قد اكتشفت عن طريق مرصد لايغو، وأكمل بقوله: “قبل 400 عام أدار غاليليو تلسكوبا إلى السماء وفتح الأجواء للمراصد الفلكية الحديثة، أعتقد أننا نقوم بشيء بنفس مستوى الأهمية اليوم، أعتقد أننا نفتتح نافذة على الكون، نافذة من فلك الموجات الجاذبية”. في هذه الجملة عمق كبير، وسنفهمه خلال الحلقة I think we are opening a window into the universe, a window into the gravitational wave orbit.” This sentence has great depth, and we will understand it during the episode كان من أبرز من تواجد من المشاركين هو العالم الفيزيائي كيب ثورن، الذي كتب وأنتج فيلم انترستلر

(بدأت في فيزياء الفيلم انترستلر الحلقة الماضية، وسأكمل لاحقا)، والأهم من ذلك، أنه هو أحد ثلاث علماء أسسوا المرصد لايغو الذي لم يكن فقط سببا لاكتشاف الموجات الجاذبية في الواقع (كما ذكر في الأخبار)، إنما كان السبب في اكتشاف الموجات الجاذبية في الفيلم الخيالي انترستلر،وهو الذي دل على وجود ثقب أسود تتحرك موجاته الجاذبية خلال ثقب دودي، لتصل إلى الأرض سأتناول هذا الاكتشاف وتاريخه، وكذلك المختبر لايغو،

والسؤال الذي سألنيه الكثير من المتابعين:“ما هي أهمية الاكتشاف؟ ” وفي نهاية الحلقة سأسمعكم صوت الثقوب السوداء وهي تبتلع بعضها، والتي اكتشفت من خلال الموجات الجاذبية تاريخ الموجات الجاذبية

صدق آينشتاين حينما كتب رسالة لابنه ذكر فيها:

“الأشياء التي حزت عليها من العمل المضني لن تكون ذا فائدة فقط للغرباء، بل حتى بالخصوص لأبنائي، في الأيام الماضية انتهيت من واحدة من أعظم الأوراق في حياتي”

كتبها لابنه وهو مثخن بساعات العمل المتواصلة على النظرية النسبية العامة، كان ذلك قبل أيام من تقديمه للنسخة النهائية من البحث، كان عمله مضنيا ، أبعده عن أبنائه، ولكن نظريته كانت ذي فائدة لهم وللغرباء، وكانت من أعظم ما قدمه للبشرية من نظريات

تنبأ آينشتاين بالعديد من النظريات الأخرى المعتمدة على الأساس المتين للنظرية النسبية العامة،

وكلما تنبأ في نظرية أقام العلماء التجارب عليها لمعرفة توافقها مع التجربة، أثبت صحة ما تقدم به، ربما أخطأ آينشتاين مرات طفيفة، ولكن عدد نظرياته الصحيحة الكبير غفر له الأخطاء الطفيفة هنا وهناك،

واليوم تتوج نظرية أخرى له بالتاج التجريبي من مرصد الجاذبية

“لايغو”، ليضاف هذا النجاح إلى رزمة نظرياته الصحيحة

تصحيح: بما أننا بصدد النظرية النسبية العامة، لابد أن أصحح معلومة ذكرتها في حلقة

“مرور 100 عام على نظرية آينشتاين النسبية العامة”، حلقة رقم 114، وهي معلومة حتى الكثير من الذين كتبوا عن آينشتاين لا يعلمونها، وهي عن المحاضرات الأربعة الأخيرة التي قدمها، وكان في الأخيرة منها تقديم ورقته حول النسبية العامة

كنت أجلس في قاعة بقسم الفيزياء في جامعة ساوثهامتون، وكانت ستقدم محاضرة عن النسبية العامة بعنوان

“الفلك النسبي في القرن الواحد والعشرين” للفيزيائي Perdro Ferreira، كانت بمناسبة مرور مئة عام على النظرية النسبية العامة، كان يجلس أمامي قبل المحاضرة، وكان يخاطب الفيزيائي الذي دعاه من جامعة ساوثهامتون،

فقال له الداعي أن آينشتاين قدم أربع محاضرات كل منها في أسبوع في الأكاديمية البروسية وسلم الورقة في الأخيرة،

فرد عليه بيدرو أن هذا الكلام غير صحيح، فقلت له: “كيف أن هذا الكلام غير صحيح، كل وكالات الأخبار، وكذلك الكتب تذكر هذا الشي.

” فرد علي أنه هو أيضا كتب هذه المعلومة في كتاب نشره، اسم الكتاب:

“النظرية الكاملة: قرن من العبقرية وحرب على النظرية النسبية العامة”،

ذكر في كتابه أن أينشتاين قدم تلك المحاضرات كما اشتهر عنه،

فهو أيضا كان مخطئا في هذه القصة، ولكن مؤرخا ألمانيا راسله بعد قراءته للكتاب،

وأرسل له الأدلة أن آينشتاين لم يقدم أي محاضرة، بل إن كل ما عمله هو أنه قدم أربعة أوراق، كل منها في أسبوع، وفي النهاية قدم الورقة الأهم (النظرية النسبية العامو)، وخرج.

وقد تأكد بيدرو من المصادر، واتضح كلام المؤرخ صحيح. وأنت الآن تعلم معلومة قليل من الناس يعلمونها

بعدما انتهى آينشتاين من النظرية النسبية العامة ونشرها،

وحتى قبل أن تكتشف صحة النظرية عن طريق السير آرثر أدينغتون سنة 1919،

تنبأ آينشتاين بوجود الموجات الجاذبية، ونشرها في مجلة علمية ألمانية،

وكان ذلك في شهر يونيو سنة 1916،

وفي سنة 1918 نشر ورقة أخرى – وكان مرغما عليها – تعالج أخطاء رياضية في ورقة سنة 1916،

كانت هذه الورقة الجديدة بعنوان:

“عن موجات الجاذبية”، فيها حسبت الموجات الجاذبية بالحسابات الرياضية،

وكذلك كشف أن الموجات الجاذبية تحدث بسبب دوران جرمين كونين حول بعضهما، مثل نجمين، لكن بحسب النظرية في تلك الأيام لم يكن بالإمكان الكشف عن هذه الموجات بأي شكل من الأشكال،

لأنها كانت ضعيفة جدا

في تلك الفترة وحتى سنة 1936 لم يكن هناك توافقا تاما بين العلماء على الموجات الجاذبية، لقد كان هناك تحركا ناحية قبولها، وفي تلك السنة حينما كان آينشتاين في الولايات المتحدة الأمريكية كان يعمل معه العالم نيثن روزن (Nathen Rosen). وقدم له مجموعة من الحسابات الرياضية التي تدل على أن الموجات الجاذبية غير موجودة، فبعث آينشتاين رسالة إلى العالم الكبير ماكس بورن يقول فيها: “الفصل القادم سوف يكون لدينا المشارك المؤقت إنفيلد (Infeld) في برينستون، أتطلع للتناقش معه، معا ومع مشارك يافع وصلت إلى نتيجة مثيرة، وهي أن الموجات الجاذبية ليست موجودة، وقد كان يعتقد أنها مؤكدة للتقريب الأولي.

” وفي هذه الرسالة كان يبين أنه يعمل مع العالم نيثان روزن الذكي، والذي كتب معه ورقتين علميتين إحداهما كانت تتحدى مكانيكا الكم، والأخرى عن الثقوب الدودية، وفي الورقة الثالثة التي بدأ بكتابتها اكتشف هو ونيثان أن الموجات الجاذبية لم تكن موجودة، وأن ما نشره في سنة 1916

لم يكن إلا تقريبا للحسابات، وبعد حسابه إياها بمعادلات أدق توصل إلى خلافها

بعد ذلك أرسل آينشتاين ونيثان روزن ورقة علمية إلى المجلة التي تعد من أقوى المجلات العلمية في الفيزياء، وهي فيزيكال ريفيو (Physical review)، كانت الورقة بعنوان: “هل الموجات الجاذبية موجودة؟”، الإجابة على هذا السؤال وباستخدام القوانين الرياضية هي: لا، وبعد ذلك حضر إليه العالم ليوبولد إنفيلد (Leopold Infeld)، الذي لم يصدق أن آينشتاين غير رأيه عن الموجات الجاذبية، فاقتنع بما قاله آينشتاين رغم تشككه

لم تقبل ورقة آينشتاين في مجلة الفيزيكال رفيو، وذلك بعد أن أرسلت إلى محكم، وبعد نظره في القوانين الرياضية اكتشف خللا فيها.

أرسلت له الأخطاء الرياضية حتى يصحح الورقة، تضايق أينشتاين من الرفض، وأرسل رسالة شديدة اللهجة إلى محرر المجلة، قائلا فيها

السيد العزيز

نحن (السيد روزن ونفسي) قد أرسلنا لك كتابا للنشر،

ولم نسمح لك بعرضه على مختصين قبل طباعته،

أنا لا أرى أي مبرر لأن أرد على الأخطاء إن كانت موجودة وقد أتت من شخص مختص مجهول،

وبناء على هذه الحادثة أفضل أن أنشر هذه الورقة في مكان آخر

مع خالص الاحترام

لماذا كان آينشتاين يرد بهذه الطريقة؟ لأنه اعتاد ألا تراجع الأوراق العلمية في المجلات الألمانية، وقد قرأت في كتاب: السفر بسرعة الضوء (Traveling at the Speed of Light)، أن المجلة آنالين دير فيزيك التي نشر فيها النظرية النسبية الخاصة كانت ترفض فقط 10 بالمئة من المقالات العلمية التي تقدم لها، وأنها كانت تخشى من العلماء الذين كانت لهم سمعة قوية، وهذا ما لم يتوفر لآينشتاين في مجلة فيزيكال ريفيو، وخصوصا أن المحرر John Torrence Tate، والذي مسك المجلة سنة 1926 قلبها إلى مجلة ناجحة في حقل الفيزياء، ولم يكن ليفوت مقالة آينشتاين مهما كانت شهرته

وفي تلك الأثناء تناقش ليوبولد إنفيلد مع الرياضي هاورد روبرتسون الهائل، وشرح له ما كان يعتقده آينشتاين، فاكتشف روبرتسون خطأ آينشتاين وذكر ذلك ليوبولد، فعاد ليوبولد ليخبر آينشتاين بالخطأ، وإذا به يكتشف أن آينشتاين هو أيضا اكتشف الخطأ واعترف به بسرعة، وصحح الرياضيات، وبعد فترة نشر الورقة العلمية في مجلة مؤسسة فرانكلين، والتي نشر فيها العام الماضي، ولكن هذه المرة غير العنوان إلى:

“عن الموجات الجاذبية”، وتغيرت النتائج إلى وجود الموجات الجاذبية بدلا من نفي وجودها، لقد تغير النتائج 180 درجة. وقد ذكر في ورقة مرفقة مع الورقة العلمية تقديرا لمساهمة روبرتسون، من غير ذكر التفاصيل، ولو أن آينشتاين نظر في تحكيم مجلة الفيزياكال ريفيو لوجد الحل مباشرة

الأدلة الواضحة تبين أن الشخص المجهول الذي اكتشف الأخطاء في ورقة آينشتاين حينما حكمت في الفيزيكال ريفو،

والشخص الذي ساهم في تصحيحها لاحقا قبل أن تنشر في مجلة فرانكلين، هو نفسه روبرتسون،

ولكنه لم يخبر آينشتاين بذلك،

ربما أراد أن يصححه من غير أن يواجهه كما واجهه حينما حكم ورقته مع ذلك لم ينشر آينشتاين ورقة علمية أخرى في مجلة الفيزيكال ريفيو،

للأسف أن كبرياءه أثر في قراره

كيف يمكن اكتشاف الموجات الجاذبية؟

أكتشف العلماء الذين يعملون في لايغو موجات جاذبية انطلقت من ثقبين أسودين على بعد 1.3 مليار سنة ضوئية، كانا يدوران حول بعضهما، بسرعة تعادل نصف سرعة الضوء،

قطر أفق الحدث في الثقبين هو حوالي 150 كيلومتر،

أي أنهما أصغر من دولة الكويت، وبداخل الثقب الأول ما يعادل 29 شمسا،

والثاني ما يعادل 36 شمس،

دار الثقبان حول بعضهما ثم تصادما بجبروت،

وتكون ثقب واحد بعد الالتقاء،

وهذا الثقب كتلته أقل من كتلتي الثقبين كل على حدة، بحيث أصبح يعادل 62 شمسا

(لو جمعت 29 + 36 = 65، ولكن الكتلة النهائية كانت 62)، أين ذهبت هذه الكتلة المتبقية، إنها هي الطاقة التي كونت الأمواج الجاذبية وانطلقت عبر الكون، تخيل طاقة تعادل 3 شموس تحولت في لحظة إلى موجات جاذبية، هائل بكل المقاييس

هذه كانت أول مرة يثبت فيه العلماء ثقوب سوداء ثنائية، أي أثبتوا اكتشاف ثقوب سوداء تدور حول بعضها، هذا الحدث تكون قبل 1.3 مليار سنة في الماضي لتصل موجاته إلى الأرض ليكتشفها لايغو بتاريخ 14 سبتمبر سنة 2015

قبل أن أبدأ بشرح كيف يمكن اكتشاف الموجات الجاذبية، لأتحدث أولا عن ماهية هذه الموجات، فهي ليست مثل الضوء أو الموجات الكهرومغناطيسية، وليست كالجسيمات (وإن كانت هناك بعض النظريات التي تدعي أن الجاذبية هي جسيمات الغرافاتونز Gravitons، لم تثبت بعض)، الموجات الجاذبية هي تموجات جاذبية في الزمكان، أي أن الزمن والمكان يتموجان، ويحدث ذلك بسبب إعصار تسببت في الثقوب السوداء أو النجوم النيوترونية حينما تدور حول بعضها البعض،

ويحدث أيضا حينما يكون هناك انفجار نجمي سوبر نوفا،

أو دوران نجمة ليست كروية 100% حول نفسها،

أو حدثت بسبب الانفجار العظيم في بداية الكون

منذ أن فسر آينشتاين الجاذبية على أنها انحناء في الزمكان أو الزمن والمكان أو الفضاوقت ونحن ننظر للجاذبية على أنها تقعر رباعي الأبعاد،

أحيانا ترى صورة أو فيديو يشرح هذا التقعر في بعدين مكانيين،

حتى نتخيل الفكرة نستخدم الفراش الناعم، إن لم يكن عليه شيء سيكون مسطحا،

ولكن بمجرد وضع كرة ثقيلة في الوسط سينخفض الفراش إلى الأسفل، ويتقعر،

وإذا ما أطلقت كرات صغيرة على الفراش وبسرعة معينة بجانب الكرة،

ستجد أن الكرات الصغيرة تلتف في هذا التقعر،

وتدور حول الكرة الكبيرة،

طبعا ستفقد طاقتها تدريجا وتنزل إلى الكرة الكبيرة،

ولكن في الفضاء ليس هناك فقد بنفس الدرجة بالمقارنة مع الفراش،

والفضاء أيضا ثلاثي الأبعاد، وفيه أيضا الزمان،

وفيه كرات أو أجرام سماوية كثيرة، كل كرة تقعر السماء،

فالشمس تقوم بذلك، ويدور في فلكها الأرض،

والأرض تقعر السماء، ويدور في فلكها القمر والمحطة الفضائية الدولية، والقمر يقعر السماء وتدور حوله الأقمار الصناعية،

وهكذا بالنسبة للكواكب كلها، والأجرام السماوية،

وهو كذلك ينطبق على الثقوب السوداء والنجوم النيوترونية الثنائية والثقوب السوداء الثنائية

هذه الصورة التي طرحتها تبدل الجاذبية بهندسة لشكل الفضاوقت،

ولكن هذا الشكل لا يعطي الصورة الكاملة له، فهي صورة هادئة جدا،

كالفراش الذي ذكرته، ينخفض بتدرج ناحية الكرة الثقيلة،

ولكنه أملس وغير متعرج، ولكن لو أدخلنا الموجات الجاذبية في الصورة لأصبح الفضاوقت متعرج،

كما أنك لو كنت تقف بعيدا عن البحر وهو في حالة هدوء،

ستراه صافيا، ولكن إن اقتربت سترى التموجات الصغيرة

وهذا التعرج يتسبب به دوران الأجرام حول بعضها البعض أو حول نفسها في بعض الحالات أو الانفجارات الهائلة،

فالأرض والشمس تصدران هذه التموجات أثناء الدوران، ولكن الموجات متناهية الصغر،

وفي العصر الحالي لا يمكن الكشف عن تموجات بهذا الصغر، لذلك يلجأ العلماء للكشف التموجات لدوران النجوم النيوترونية حول بعضها أو حول الثقوب السوداء،

أو من خلال الثقوب السوداء حول بضعها، وفي هذه الحالة ستكون الموجات الجاذبية أشد بكثير،

وستسافر إلى مسافات بعيدة جدا

وهنا يجب أيضا أن أتوقف عند فكرة مهمة، وهي هذه شكل الموجات، حينما أقول لك كلمة موجات، ماذا يخطر على ذهنك؟

فكر في صورة موجات الآن،

ستجد أن الصورة التي تتكون هي موجات شبيهة بموجات البحر،

وهذه تسمى بموجات عرضية، تتحرك الموجة إلى الأمام وهي تفعل ذلك صعودا ونزولا،

ما يحدث هو أن الموجات الجاذبية هي موجات عرضية، ولكنها ليست تماما كموجات البحر،

فهي تضغط الزمكان من جهة وتمدده من جهة ثم يتبدل الضغط والتمدد في الجهتين،

امسك كرة صغيرة في يدك، اضغطها، ستجد أنها تنضغط من جهة وتتمدد في جهة أخرى، وهذه هي الفكرة بتبسيط شديد (كتبت مقالة على الجزيرة علوم، وأخطأت في هذا الجانب من شرح الموجات، والآن أنا أصحح الفكرة في البودكاست، حصلت لي لخبطة بسبب عدم التركيز، كنت أحضر للموضوعين هنا وهناك) لما مرت الموجات الجاذبية على الأرض ضغطتها وضغطتك أنت بقدر أقل من حجم البروتون، وهذا ما كان كشفه العلماء باستخدام المرصد لايغو، لنرى كيف صنعوا مثل هذا المرصد، ليصبح بهذه الدقة (أنا شخصيا أفضل كلمة فضاوقت بدلا من زمكان، لأن كلمة زمكان تضع الزمن قبل المكان، والمكان فيه 3 أبعاد والزمن بعد واحد، والاصطلاح المستخدم في اللغة الإنجليزية هو Spacetime، أي فضاوقت، ولكني سأستخدم المصطلحين). مختبر اللايغو

قبل أن أتحدث عن مرصد لايغو، لابد أن أذكر أن الموجات الجاذبية اكتشفت قبل أن يبنى هذا المرصد، ولكن الفرق بين هذا الاكتشاف الجديد سنة 2015 عن القديم سنة 1974 هو أن مختبر لايغو كشفها بطريقة مباشرة، بينما اكتشفت موجات الجاذبية عن طريق غير مباشر سابقا

العالمان رسل هالس وجوزيف تايلار (Russle Hulse and Joseph Tyler) اكتشفا نجم نيوتروني ثنائي، أو نجمين يدوران حول بعضهما، وقد تعرفا عليهما من خلال الإشارات الراديوية على مدى سنة كاملة،

ومن خلال معرفة سرعة دورانهما حول بعض اكتشفا أن السرعة تطابق قوانين آينشتاين العامة، راقب العالمان النجمين على مدى 8 سنوات أخرى،

ولاحظا أنهما يقتربان من بعضهما بالضبط كما تنبأت قوانين آينشتاين للنسبية العامة،

والسبيل الوحيد لحركة النجوم بهذه الطريقة هو أن تفقد طاقتها بالموجات الجاذبية.

كان ذلك اكتشافا كبيرا، حتى أنهما حصلا على جائزة النوبل سنة 1993،

واليوم وبعد مراقبة النجم الثنائي لمدة 40 سنة، لا تزال حركتهما مطابقة لنظريات آينشتاين للنسبية العامة.

ولكن حتى مع وجود الاكتشاف الأول، فإن الموجات الجاذبية لم تكتشف بطريقة مباشرة حتى نهاية سنة 2015، وأعلن عنها في المؤتمر قبل أيام

أول من طرح الطريقة العملية والمخبرية لاكتشاف الموجات الجاذبية هما العالمان الروسيان ميخائيل غيرتسنشتين وفلاديسلاف بوستوفويت (Mikhail Gertsenshtein and Vladislav Pustovoit)، وذلك في سنة 1962، لنتذكر أن الموجات الجاذبية ضعيفة جدا، ولا يمكن التقاطها بالأجهزة التقليدية، لذلك اقترح العالمان استخدام ما يطلق عليه بجهاز قياس التداخل (Interferometer). وأسست القواعد التي سيعمل عليها المرصد لايغو ليكشتف الموجات الجاذبية على مبدأ قياس التداخل سنة 1992، وذلك من قبل العالم الفيزيائي كيب ثورن، وكذلك العالمان رينر وايز (Rainer Weiss) ورونالد دريفر (Ronald Drever)، وفعل المرصد سنة 2002، طوال هذه المدة تكلمت عن مرصد لايغو، في الحقيقة هناك مرصدان، واحد في واشنطن ستيت والآخر في لويزيانا، كلاهما في الولايات المتحدة الأمريكية kip and weiss رونالد دريفر رونالد دريفر قبل سنة 1992، كان كيب ثورن يحلم في أن تكتشف موجات الجاذبية وحتى قبل أن يصبح هو أحد منشئي مرصد لايغو، ستجد خارج مكتبه ورقة اتفق عليها هو زميله مبروزة فيها رهان،

الرهان كان عن أنه ستكتشف الجاذبية سنة 1988،

ولكن لم يتحقق هذه الشيء إلا اليوم، وقد خسر الرهان وانتهى بعشاء على حسابه الشخصي.