×

We use cookies to help make LingQ better. By visiting the site, you agree to our cookie policy.


image

Podcast 3Eib, أبناء الأردنيات: ما بين البينين

أبناء الأردنيات: ما بين البينين

مرحبا، أنا جنة من فريق صوت.

بالموسم السابع من بودكاست عيب،

رح نشارككم بمقاطع من دفاتر يومياتنا.

بكل حلقة رح نروي لكم قصة صغيرة من قصصنا إحنا الخمسة.

إحنا مختلفين كتير وما بيجمعنا إلا تفصيل صغير.

إنه كل الوقت في حدا تاني عم يقولنا مين إحنا وكيف لازم نكون.

اليوم رح أترككم مع حمزة.

أنا حمزة، فلسطيني، أردني أو الاثنين سوا.

يمكن ولا واحد.

اليوم رح أحكي لكم عن أربع مشاهد عشتها بحياتي ونبهتني على هاي الحقيقة.

وخلتني أشوف كيف بتغير أيامي وشكل حياتي والقرارات اللي بأخدها كل يوم.

المشهد الأول، سحر.

سنة 1999، بعد 20 سنة من إبعاد الاحتلال لبابا،

قدر أخيراً يرجع على فلسطين.

صار عقيد بالسلطة الفلسطينية.

من وقتها وضعنا عم بتحسن وأنا حابب أغير مدرستي.

عمري 11 سنة، وأنا من عمان، انولدت هون، وطول عمري عايش هون.

ساكن بحي الجامعة الأردنية، وبحب كتير أمشي بالحي تبعنا.

لأنه جوه لطيف، وإحنا والجيران منعرف بعض.

بروح عادةً على الحديقة التحت عند الجامعة بوقت الجامعة.

هناك الشجر والخضار بكل مكان.

كأننا عايشين بحديقة كبيرة، لافة وحاضنة بيوتنا وحوارينا.

وأنا بتمشى بالحي، بشوف مدرسة جوا سور الجامعة،

وبتسأل شو هاي المدرسة؟

بشكلها حلو، وقريبة على البيت.

مش زي مدرستي اللي بعيدة.

بعدين مدرستي إسلامية، وهيك محافظة كتير.

كل إشي حرام، الموسيقى، الفن، الغنى، الرأس، التزئيف،

استدقات المختلطة، الشيطان موجود بكل مكان.

ومع أنه إحنا عائلة مسلمة ومؤمنة، كنت أحسهم بالمدرسة عم ببالغهم.

الأساد زي بيحكوا حكي مش حلو عن الغير محجبات،

والماما مش محجبة.

هذا الإشي كتير بيدايقني.

وبالفعل، نقيت على الماما.

وأخيراً، نقلت على مدرستي الجامعة القريبة.

ومش بس هيك، مدرستي الجديدة فيها موسيقى، وفرنسي،

وقاعات للموسيقى، والفن، ومشاغل للمهني.

وأنا هلأ عم بعمل صداقات جديدة.

وحتى أنا وأصحابي وصحباتي الجداد بنروح على البيت ماشي.

عم بحس حالي عم ببلش فصل جديد من حياتي.

المشهد الثاني، الدوامي.

أهلي قرروا نضل عايشين بعمام،

بس الوالد ضل بفلسطين.

صرنا نزوره وهو يزورنا كل أكم من شهر في القردن.

بمعظم زياراتنا لفلسطين،

كنا نقعد ببيت تيتا، بالبلدة الأديمة في الخليل.

هذا المكان اللي كبر فيه أهلي وعائلتي ساحر جداً،

بس مخيفة بنفس الوقت.

ومليان تناقضات.

فيه بقلبه جنود، وكلهم مسلحين.

فيه كثير جمال وتاريخ وزقاء وشوارع قديمة،

لكنه مشوه بنقاط جيشه،

سلاك شائكة وكاميرات وأبراج مراقبة.

والمستوطنين اللي ساكنين فوق الأزقة هاي،

ممكن يرموا عليك زبالة بأي لحظة،

وأنت بتتمشى بالسوق القديم.

أرايبي في الخليل ما عم بتوانوا عن تذكيري

إني من عمان ومش من الخليل.

لهجتي ولبسي، طريقة كلامي بالنسبة إلهم مختلفين جداً.

حتى بيسموني الأردني.

مع إنه بالأردن كل أصحابي ومحيطي

دايماً بيذكروني إني خليلي، ابن خلائل.

حتى الطريق وتجربة الجسر،

الحدود مع التفتيشات والانتظارات.

وبعدين منظر المستوطنات،

عم بيخلقوا حالة من الغثيان والأهل،

مخلوطين بالخضر والنكران والرفض.

الصحيح إن هاي الزيارات عم بتذكرني بحقيقة وعالم موازيين.

أكبر مني ومن مدرستي ومن كل السحر اللي عم بعيشه.

رجعت بابا ع فلسطين عم بتغير كتير أمور.

وصار البيت كأنه بدوامة.

بيت واحد مقسوم بين ضفتين وانتفاضة

وإخواني اللي عم بصره نرجع ع فلسطين.

بطلت الرجعة خيار لما الوالد انقسر سنة 2002 في سجون الاحتلال.

بواحدة من الزيارات لفلسطين،

موظفين الاحدود في الأردن حجزوا أوراقنا

وطلبوا من أمي تراجع المتابعة والتفتيش ووزارة الداخلية في عمان.

ما كنت فاهم بالزبط شو يعني.

بس بعد ما رجعنا من الزيارة لفلسطين،

أمي سارعت كتير بالدوائر الحكومية بعمان

لتقدر تحافظلنا على أرقامنا الوطنية أنا وإخواني.

الرقم الوطني الأردني هو مرادف للجنسية الأردنية.

مع الوقت، افهمت التعقيدات بالتاريخ بين الأردن وفلسطين.

خصوصي إن هالضفة الغربية في فلسطين كانت تحت الحكم الأردني لحد 1989.

المهم، قدرت أمي تحافظ على رقمها الوطني على جنسيتها،

بس أنا وإخواني لا.

خسرنا لأن والدي فلسطيني.

عم بشوف مشاعر ملخبطة في عيون أمي.

محتارة بين حياة طفولة واحتلال تركتهم في فلسطين من جهة،

وبيرقراطية ومكاتب وأوراق من جهة تانية.

كيف نخسر أشياء أساسية مثل الجنسية بهذه السهولة وهذه السرعة؟

وحياة عائلة كاملة تصبح مربوطة بمزاعج موظفة حدود؟

هي أم، وصارت فوقها زوجة أسير.

كيف يمكن أن تهتم بأربع أولاد بدون جنسية؟

نرجع إلى فلسطين؟

نرجع إلى أين؟ وإلى ماذا؟

وكيف نرجع إلى مكان لم نكن فيه أصلا؟

المشهد الثالث، هندسة.

أذهب كل سيف إلى فرنسا مع المدرسة بتكلفة قليلة كجزء من برنامج منح.

وكل مرة أتخيل أنني أعيش وأدرس في هذا البلد.

إهتمامي بالفن والرسم ألهموني أدرس هندسة معمارية.

قدمت قبلي التوجيهة لمدارس معمارية في فرنسا.

وفي مكتب التقديم التابع للسفارة طلبوا مني ورائي.

رجعنا إلى نفس القصة.

سألوني، لماذا لا تمتلك هوية أردنية؟

وهل أنا في فرنسا سأنحسب على مقاعد الطلاب الأردنيين أو الفلسطينيين؟

هل أقدم من الضفة؟

هل أهلي سيوافقوا؟

أرسلت بكل حال.

بعد بقى كم من شهر وأقدم التوجيهة الثانوية العامة في الأردن،

جاء الرد.

بالرغم من جودة الطلب، للأسف لا يوجد مقاعد كافية.

من جامعتين، ليس من واحدة فقط.

وهنا، تبدأ حلم الدراسة في فرنسا.

وهنا فهمت أيضا أنني لن أقدم مثل بنات وولاد صفي

على المقاعد الجامعية في الأردن إلا عن نظام الدولي،

ما كانت علامتي.

بين الأردن، فلسطين، ومقاعد السلطة الفلسطينية،

ما يمكن أهلي أن يقدمونه؟

احترت وضعت، وبدأت أعرف أين سأدرس وما سيحدث لي.

أهلي فهموا أنه لا يوجد أمامهم غير أن يدفعوا مبالغ أكبر لدراستي.

في نفس الوقت، نحن على قانون بدين المحامي

الذي يدفع عن والدي في محاكم الاحتلال.

بدأت الدوام، ولم أسجل في أي جامعة.

لكن بمساعدة معارفي والعائلة،

تدبرت أمور دراستي ودرست في جامعة خاصة في الأردن.

المشهد الرابع، هروب.

في الجامعة، كبوس الرقم الوطني يصبح شباحاً

يرافقني من تفاصيل يومية لأمور كبيرة.

من خط موبايل، لرخصة سواء المخابرات تمنعني أقدم لها،

لتشجيل سيارتي باسمي الذي كان مستحيل،

لرحلات جامعية على سوريا ولبنان ومصر تذهب علي،

لمراجعات في المتابعة والتفتيش تجعلها محاولات الحصول على رشوة،

وأجوبة وتجارب غريبة تحاول مخي يمحيها لشدة سخافتها.

كأنه رافض يكون هذا الأمر هو الواقع.

بالتوازي، صار لي سبع سنين من رؤية البابا،

ولكن أخيراً طرع لي تصريح زيارة للسجن لأول مرة،

عن طريق الصليب الأحمر.

على الطريق من عمان إلى جسر الملك حسين للضفة الغربية،

ثم إلى حواجز العسكرية فيها،

وصلت للتفتيش في السجن في بير السبع، جنوب فلسطين،

مكان مقصور للبابا.

الخضر هو سيد الموقف.

أول ما شافني أبوي عدى عني وما عرفني.

تركني وعمري 14 سنة،

وهلأ أول مرة بشوفني وعمري 21.

شدد علي بالزيارة وفي مكالمات ورسائل

أني أحاول أرجع رقمي الوطني وما أيقص.

ويمكن أهاجر بكون أحسن.

كانت هاي آخر مرة بشوفها،

لأنه توفى بسجن سنة 2013.

أنا هلأ اتخرجت وبشتغل بالأردن بشركة هندسية كبيرة.

عم بتابع عجروب عالفيسبوك سيدة أردنية جبارة،

نعمة الحباشنة.

رجعت عالأردن،

واكتشفت أنها ما تقدر تعطي جنسيتها الأردنية لولادها.

قدرت تحشد ناس ودعم وتجبر الحكومة على إيجاد حل.

طبعاً للأسف لبعض وفاتها سنة 2015

لعملوا إشي اسمه بطاقة أبناء الأردنيات.

وصار معي الكرت البطاقة.

كانت مخلصة صلاحية رخصة الأردنية

اللي كنت مطلعها بواسطات من المخابرات.

فكرت هلأ أكيد تجديد الرخصة أسهل

لأنه عندي كرت أبناء أردنيات.

قدمت كمان مرة وهون نفس الاشي

لازم نطلع بيطلع عالمخابرات

أوكي مش مهم عندي أبناء أردنيات.

بعد أسبوعين رفت.

لحد الآن ما بعرف شو غيرت هاي البطاقة.

عم بقول لحالي لازم أحاول أرجع رقمي الوطني كمان مرة.

وبالفعل هيني بالمتابعة والتفتيش.

ومعي ملف خميل معبه تفاصيل حياتي.

الدنيا رمضان والدائرة هادية.

عم بطلب أشوف المدير العام

وبالفعل دخلوني لعنده.

أنا مبسوط وخايف بنفس الوقت.

صارت المتابعة والتفتيش مكان مرعب وحزين بالنسبة لي.

محطة تذكيرية بأبسط الحقوق اللي ما عندي إياها.

وأنا عنده عم بشرح له الوضع بسألني

ليش أنت وأخوانك ما انضميتوا للوالد وعشتوا كلكم هناك؟

قلت له الوالد أسير وكانت انتفاضة.

وأنا طول عمري عايش هون وأنا ابن هاي البلد كمان.

هون برفع صوته بيقول لي

اسمع عمو قلت له ما إلك هون عندي شي روح أضفه عند أبوك.

قلت له رمضان كريم وطلعت من المكتب.

كنا معكم بالكتابة والتقديم حمزة أبو حمدية

وبالتحرير لما ربح وبالتصميم الصوتي محمود أبو ندا.

اشتركوا في القناة


أبناء الأردنيات: ما بين البينين Children of Jordanian women: Between the two children

مرحبا، أنا جنة من فريق صوت.

بالموسم السابع من بودكاست عيب،

رح نشارككم بمقاطع من دفاتر يومياتنا.

بكل حلقة رح نروي لكم قصة صغيرة من قصصنا إحنا الخمسة.

إحنا مختلفين كتير وما بيجمعنا إلا تفصيل صغير.

إنه كل الوقت في حدا تاني عم يقولنا مين إحنا وكيف لازم نكون.

اليوم رح أترككم مع حمزة.

أنا حمزة، فلسطيني، أردني أو الاثنين سوا.

يمكن ولا واحد.

اليوم رح أحكي لكم عن أربع مشاهد عشتها بحياتي ونبهتني على هاي الحقيقة.

وخلتني أشوف كيف بتغير أيامي وشكل حياتي والقرارات اللي بأخدها كل يوم.

المشهد الأول، سحر.

سنة 1999، بعد 20 سنة من إبعاد الاحتلال لبابا،

قدر أخيراً يرجع على فلسطين.

صار عقيد بالسلطة الفلسطينية.

من وقتها وضعنا عم بتحسن وأنا حابب أغير مدرستي.

عمري 11 سنة، وأنا من عمان، انولدت هون، وطول عمري عايش هون.

ساكن بحي الجامعة الأردنية، وبحب كتير أمشي بالحي تبعنا.

لأنه جوه لطيف، وإحنا والجيران منعرف بعض.

بروح عادةً على الحديقة التحت عند الجامعة بوقت الجامعة.

هناك الشجر والخضار بكل مكان.

كأننا عايشين بحديقة كبيرة، لافة وحاضنة بيوتنا وحوارينا.

وأنا بتمشى بالحي، بشوف مدرسة جوا سور الجامعة،

وبتسأل شو هاي المدرسة؟

بشكلها حلو، وقريبة على البيت.

مش زي مدرستي اللي بعيدة.

بعدين مدرستي إسلامية، وهيك محافظة كتير.

كل إشي حرام، الموسيقى، الفن، الغنى، الرأس، التزئيف،

استدقات المختلطة، الشيطان موجود بكل مكان.

ومع أنه إحنا عائلة مسلمة ومؤمنة، كنت أحسهم بالمدرسة عم ببالغهم.

الأساد زي بيحكوا حكي مش حلو عن الغير محجبات،

والماما مش محجبة.

هذا الإشي كتير بيدايقني.

وبالفعل، نقيت على الماما.

وأخيراً، نقلت على مدرستي الجامعة القريبة.

ومش بس هيك، مدرستي الجديدة فيها موسيقى، وفرنسي،

وقاعات للموسيقى، والفن، ومشاغل للمهني.

وأنا هلأ عم بعمل صداقات جديدة.

وحتى أنا وأصحابي وصحباتي الجداد بنروح على البيت ماشي.

عم بحس حالي عم ببلش فصل جديد من حياتي.

المشهد الثاني، الدوامي.

أهلي قرروا نضل عايشين بعمام،

بس الوالد ضل بفلسطين.

صرنا نزوره وهو يزورنا كل أكم من شهر في القردن.

بمعظم زياراتنا لفلسطين،

كنا نقعد ببيت تيتا، بالبلدة الأديمة في الخليل.

هذا المكان اللي كبر فيه أهلي وعائلتي ساحر جداً،

بس مخيفة بنفس الوقت.

ومليان تناقضات.

فيه بقلبه جنود، وكلهم مسلحين.

فيه كثير جمال وتاريخ وزقاء وشوارع قديمة،

لكنه مشوه بنقاط جيشه،

سلاك شائكة وكاميرات وأبراج مراقبة.

والمستوطنين اللي ساكنين فوق الأزقة هاي،

ممكن يرموا عليك زبالة بأي لحظة،

وأنت بتتمشى بالسوق القديم.

أرايبي في الخليل ما عم بتوانوا عن تذكيري

إني من عمان ومش من الخليل.

لهجتي ولبسي، طريقة كلامي بالنسبة إلهم مختلفين جداً.

حتى بيسموني الأردني.

مع إنه بالأردن كل أصحابي ومحيطي

دايماً بيذكروني إني خليلي، ابن خلائل.

حتى الطريق وتجربة الجسر،

الحدود مع التفتيشات والانتظارات.

وبعدين منظر المستوطنات،

عم بيخلقوا حالة من الغثيان والأهل،

مخلوطين بالخضر والنكران والرفض.

الصحيح إن هاي الزيارات عم بتذكرني بحقيقة وعالم موازيين.

أكبر مني ومن مدرستي ومن كل السحر اللي عم بعيشه.

رجعت بابا ع فلسطين عم بتغير كتير أمور.

وصار البيت كأنه بدوامة.

بيت واحد مقسوم بين ضفتين وانتفاضة

وإخواني اللي عم بصره نرجع ع فلسطين.

بطلت الرجعة خيار لما الوالد انقسر سنة 2002 في سجون الاحتلال.

بواحدة من الزيارات لفلسطين،

موظفين الاحدود في الأردن حجزوا أوراقنا

وطلبوا من أمي تراجع المتابعة والتفتيش ووزارة الداخلية في عمان.

ما كنت فاهم بالزبط شو يعني.

بس بعد ما رجعنا من الزيارة لفلسطين،

أمي سارعت كتير بالدوائر الحكومية بعمان

لتقدر تحافظلنا على أرقامنا الوطنية أنا وإخواني.

الرقم الوطني الأردني هو مرادف للجنسية الأردنية.

مع الوقت، افهمت التعقيدات بالتاريخ بين الأردن وفلسطين.

خصوصي إن هالضفة الغربية في فلسطين كانت تحت الحكم الأردني لحد 1989.

المهم، قدرت أمي تحافظ على رقمها الوطني على جنسيتها،

بس أنا وإخواني لا.

خسرنا لأن والدي فلسطيني.

عم بشوف مشاعر ملخبطة في عيون أمي.

محتارة بين حياة طفولة واحتلال تركتهم في فلسطين من جهة،

وبيرقراطية ومكاتب وأوراق من جهة تانية.

كيف نخسر أشياء أساسية مثل الجنسية بهذه السهولة وهذه السرعة؟

وحياة عائلة كاملة تصبح مربوطة بمزاعج موظفة حدود؟

هي أم، وصارت فوقها زوجة أسير.

كيف يمكن أن تهتم بأربع أولاد بدون جنسية؟

نرجع إلى فلسطين؟

نرجع إلى أين؟ وإلى ماذا؟

وكيف نرجع إلى مكان لم نكن فيه أصلا؟

المشهد الثالث، هندسة.

أذهب كل سيف إلى فرنسا مع المدرسة بتكلفة قليلة كجزء من برنامج منح.

وكل مرة أتخيل أنني أعيش وأدرس في هذا البلد.

إهتمامي بالفن والرسم ألهموني أدرس هندسة معمارية.

قدمت قبلي التوجيهة لمدارس معمارية في فرنسا.

وفي مكتب التقديم التابع للسفارة طلبوا مني ورائي.

رجعنا إلى نفس القصة.

سألوني، لماذا لا تمتلك هوية أردنية؟

وهل أنا في فرنسا سأنحسب على مقاعد الطلاب الأردنيين أو الفلسطينيين؟

هل أقدم من الضفة؟

هل أهلي سيوافقوا؟

أرسلت بكل حال.

بعد بقى كم من شهر وأقدم التوجيهة الثانوية العامة في الأردن،

جاء الرد.

بالرغم من جودة الطلب، للأسف لا يوجد مقاعد كافية.

من جامعتين، ليس من واحدة فقط.

وهنا، تبدأ حلم الدراسة في فرنسا.

وهنا فهمت أيضا أنني لن أقدم مثل بنات وولاد صفي

على المقاعد الجامعية في الأردن إلا عن نظام الدولي،

ما كانت علامتي.

بين الأردن، فلسطين، ومقاعد السلطة الفلسطينية،

ما يمكن أهلي أن يقدمونه؟

احترت وضعت، وبدأت أعرف أين سأدرس وما سيحدث لي.

أهلي فهموا أنه لا يوجد أمامهم غير أن يدفعوا مبالغ أكبر لدراستي.

في نفس الوقت، نحن على قانون بدين المحامي

الذي يدفع عن والدي في محاكم الاحتلال.

بدأت الدوام، ولم أسجل في أي جامعة.

لكن بمساعدة معارفي والعائلة،

تدبرت أمور دراستي ودرست في جامعة خاصة في الأردن.

المشهد الرابع، هروب.

في الجامعة، كبوس الرقم الوطني يصبح شباحاً

يرافقني من تفاصيل يومية لأمور كبيرة.

من خط موبايل، لرخصة سواء المخابرات تمنعني أقدم لها،

لتشجيل سيارتي باسمي الذي كان مستحيل،

لرحلات جامعية على سوريا ولبنان ومصر تذهب علي،

لمراجعات في المتابعة والتفتيش تجعلها محاولات الحصول على رشوة،

وأجوبة وتجارب غريبة تحاول مخي يمحيها لشدة سخافتها.

كأنه رافض يكون هذا الأمر هو الواقع.

بالتوازي، صار لي سبع سنين من رؤية البابا،

ولكن أخيراً طرع لي تصريح زيارة للسجن لأول مرة،

عن طريق الصليب الأحمر.

على الطريق من عمان إلى جسر الملك حسين للضفة الغربية،

ثم إلى حواجز العسكرية فيها،

وصلت للتفتيش في السجن في بير السبع، جنوب فلسطين،

مكان مقصور للبابا.

الخضر هو سيد الموقف.

أول ما شافني أبوي عدى عني وما عرفني.

تركني وعمري 14 سنة،

وهلأ أول مرة بشوفني وعمري 21.

شدد علي بالزيارة وفي مكالمات ورسائل

أني أحاول أرجع رقمي الوطني وما أيقص.

ويمكن أهاجر بكون أحسن.

كانت هاي آخر مرة بشوفها،

لأنه توفى بسجن سنة 2013.

أنا هلأ اتخرجت وبشتغل بالأردن بشركة هندسية كبيرة.

عم بتابع عجروب عالفيسبوك سيدة أردنية جبارة،

نعمة الحباشنة.

رجعت عالأردن،

واكتشفت أنها ما تقدر تعطي جنسيتها الأردنية لولادها.

قدرت تحشد ناس ودعم وتجبر الحكومة على إيجاد حل.

طبعاً للأسف لبعض وفاتها سنة 2015

لعملوا إشي اسمه بطاقة أبناء الأردنيات.

وصار معي الكرت البطاقة.

كانت مخلصة صلاحية رخصة الأردنية

اللي كنت مطلعها بواسطات من المخابرات.

فكرت هلأ أكيد تجديد الرخصة أسهل

لأنه عندي كرت أبناء أردنيات.

قدمت كمان مرة وهون نفس الاشي

لازم نطلع بيطلع عالمخابرات

أوكي مش مهم عندي أبناء أردنيات.

بعد أسبوعين رفت.

لحد الآن ما بعرف شو غيرت هاي البطاقة.

عم بقول لحالي لازم أحاول أرجع رقمي الوطني كمان مرة.

وبالفعل هيني بالمتابعة والتفتيش.

ومعي ملف خميل معبه تفاصيل حياتي.

الدنيا رمضان والدائرة هادية.

عم بطلب أشوف المدير العام

وبالفعل دخلوني لعنده.

أنا مبسوط وخايف بنفس الوقت.

صارت المتابعة والتفتيش مكان مرعب وحزين بالنسبة لي.

محطة تذكيرية بأبسط الحقوق اللي ما عندي إياها.

وأنا عنده عم بشرح له الوضع بسألني

ليش أنت وأخوانك ما انضميتوا للوالد وعشتوا كلكم هناك؟

قلت له الوالد أسير وكانت انتفاضة.

وأنا طول عمري عايش هون وأنا ابن هاي البلد كمان.

هون برفع صوته بيقول لي

اسمع عمو قلت له ما إلك هون عندي شي روح أضفه عند أبوك.

قلت له رمضان كريم وطلعت من المكتب.

كنا معكم بالكتابة والتقديم حمزة أبو حمدية

وبالتحرير لما ربح وبالتصميم الصوتي محمود أبو ندا.

اشتركوا في القناة