×

We use cookies to help make LingQ better. By visiting the site, you agree to our cookie policy.


image

تاريخ × حدوتة (History), معركة فحل | حين نصب الروم فخا للمسلمين فانقلب عليهم بتخطيط رائع من خالد بن الوليد - Battle of Fahl

معركة فحل | حين نصب الروم فخا للمسلمين فانقلب عليهم بتخطيط رائع من خالد بن الوليد - Battle of Fahl

في أواخر السنة الثالثة عشر هجريا

... كانت الأوضاع بسلطان المسلمين على صفيح ساخن

ففي الثالث و العشرين من شهر شعبان

... وقعت معركة الجسر بالعراق بين جيش الدولة الساسانية و جيش المسلمين

حيث استطاع الفرس الإنتصار ولأول مرة على جيش المسلمين بتلك المعركة

.. و عانى المسلمون من خسائر جسيمة بعدها

فقد استشهد حوالي 4000 مقاتل و تبدد شمل 4000 اخرين

واضطر المثنى بن حارثة للإنسحاب ب 4000 رجل وهم في حالة شديدة من الجراح

... فخسر المسلمون الكثير من الأراضي التي كانوا قد ضموها من قبل

أما على المستوى الغربي

... فقد كانت الأوضاع بالشام لا تقل خطورة

فقد نما إلى علم المسلمين أن هناك جيش جديد يبلغ 10 الاف مقاتل

قد استقر في مدينة بعلبك بأوامر من الإمبراطور البيزنطي هرقل

... و كانت كل الدلائل تُشير إلى أنه على إستعداد للإنقضاض على جيش المسلمين المرابط أمام دمشق

كما وصلت إليهم الأخبار أن هناك تجمعات هائلة من الروم وعرب الغساسنة من جهة فلسطين و الأردن

و التي اتحدت معا من أجل الهجوم على جيش شرحبيل و عمرو بن العاص جنوب الشام

و أضف على ذلك

كانت وفاة أبي بكر الصديق رضي الله عنه الخليفة الأول للمسلمين بالمدينة

لا تزال تلقى بظلالها على جميع أنحاء الدولة الإسلامية ...

فكل ذلك .. كان على عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يتعامل معه سريعا

بمجرد إعلانه أمير المؤمنين الجديد

... و قد كانت الأوضاع شديدة بحق

لقد كانت الأوضاع شديدة بحق

ولكن عمر رضي الله عنه و كعادته

.. كان حاسما للغاية منذ اللحظة الأولى لولايته

فبدأ على الفور في مراسلة العديد من القبائل العربية .. و اجتمع بالفعل مع قادتهم

... وجاء وفد قبيلة بجيلة إلى المدينة

فسألهم عمر رضي الله عنه عن الجهة التي يفضلون التوجه إليها ؟

.. فاجاب الجميع انهم يريدون التوجه إلى الشام لنجدة المسلمين هناك ..

و لكن عمر أشار عليهم بالتوجه إلى العراق

حيث كان وضع المسلمين في شدة الخطورة

و كانوا على وشك فقدان جميع الأراضي التي ضمها خالد بن الوليد من الفرس

و بعد ذلك الاجتماع بفترة قصيرة

جاء 700 شخص من قبائل كنانة و الأزد

فكرر عمر رضي الله عنه السؤال عليهم

فكان ردهم ايضا الشام حيث يتواجد أسلافهم

ولكن عمر صمم ايضا على اتجاههم للعراق حتى يكونوا عونا للمسلمين هناك

ونجح بالفعل في إقناعهم جميعا برأيه

ولعل ذلك الأمر يوضح لنا مدى الخطر الذي كانت تتعرض له جيوش المسلمين بالعراق في ذلك التوقيت

و حاجتها للمدد سريعا

كما يوضح لنا مدى ثقة أمير المؤمنين

في قدرة الجيوش بالشام على التعامل مع ما يواجهها من أخطار في نفس الوقت

و بالفعل .. نجحت رؤية عمر رضي الله عنه و حسن تخطيطه

.. ففي خلال شهر رمضان من نفس العام ( نوفمبر 634 ) ..

.. استطاع المثنى بن حارثة أن يثأر لهزيمة المسلمين في يوم الجسر

و استطاع الإنتصار على الفرس

بمساعدة المدد القادم من القبائل العربية في معركة البويب

.. واستعاد بذلك جزء من الأراضي التي كان قد فقدها المسلمون من جديد

... و سنتحدث عن ذلك بالتفصيل عندما نستكمل فتح العراق في الحلقات القادمة إن شاءالله

.. ولكن دعونا الآن ننتقل لمعسكر المسلمين في الشام

فقد وصلت رسالة إلى أبي عبيدة بن الجراح قائد الجيوش الإسلامية الجديد بالشام من عمرو بن العاص

.. تحذره بأن الروم قد اجتمعوا معا في نواحي فلسطين والأردن

و تعاهدوا على أن لا يرجعوا إلى نسائهم و اطفالهم الا بعد طرد جيشه من الشام

.. وطلب منه الرأي و المشورة

فلما قرأ أبو عبيدة الخطاب

.. سلمه إلى خالد بن الوليد رضي الله عنه و سأله عن رأيه

فقال خالد بأن عليهم مراقبة الجيش الذي نزل ببعلبك

.. فلو خرج هذا الجيش لملاقاة المسلمين بالجنوب

فسيسير المسلمون إليهم من قطاع دمشق للقائهم

... أما إن ظلوا في مكانهم ببعلبك

.. فكان يرى أن تظل القوات الإسلامية مكانها أمام دمشق

و يُرسل أبو عبيدة إليهم من يقاتلهم في مدينتهم

كما يُرسل مدد آخر الى الجيوش الإسلامية بالأردن و فلسطين

لمواجهة خطر الروم في الجنوب

... فاستحسن أبو عبيدة رأي خالد

و قام بإرسال مدد مكون من 2800 رجل إلى جيش المسلمين بالجنوب

و الذي كان يبلغ عندئذ 2500 مقاتل ...

... و قال أبو عبيدة لخالد بعدئذ أنه الآن لم يتبقى أحد للذهاب إلى الجيش ببعلبك

سوى هو أو خالد أو يزيد

فتطوع خالد للقيام بتلك المهمة و قال

بل أنا أسير إليهم

... فوافق أبو عبيدة و قام بإرساله مع 5000 فارس نحو الروم في الشمال

فكان وضع الجيوش الإسلامية بالشام كالآتي

حوالي 5300 مقاتل في فلسطين تحت قيادة عمرو بن العاص و شرحبيل بن حسنة بعد إرسال المدد إليهم

و 5000 فارس تحت قيادة خالد بن الوليد يتجهون إلى بعلبك

و 21700 مقاتل حول دمشق تحت قيادة أبي عبيدة بن الجراح و معه يزيد بن أبي سفيان

وصلت الأنباء إلى هرقل بتحركات جيوش المسلمين الجديدة

.. فكان رده سريعا و حاسما

.. فقام بإرسال رسالة إلى الجيش البيزنطي ببعلبك

.. وأمرهم بالتحرك فورا و الالتحاق بالجيش الذي تجمع ببيسان

فقد كان يهدف من ذلك أن يخف الضغط على مدينة دمشق

و يٌجبر المسلمين على فك الحصار عنها و السير مسافات طويلة من أجل لقاء الروم

فقام ذلك الجيش بالفعل في تنفيذ الأوامر و تحرك سريعا من مكانه

قبل وصول خالد بن الوليد إليهم

و انضم لهم في الطريق الكثير من أهل بعلبك و حمص رغبة منهم في طرد المسلمين من الشام

وقد ذكرت المصادر أن عدد الجيش البيزنطي الذي تحرك من مكانه أصبح أكثر من 20 الف مقاتل

فلما وصل خالد بن الوليد إلى بعلبك

.. تفاجأ بعدم وجود الجيش بالمدينة

... فبالرغم من انتشار عيون المسلمين بالشام

والتي كانت دائما تُعلم خالد بتحركات الجيوش البيزنطية

إلا أنهم هذه المرة

استطاعوا التحرك سريعا في الطرق الداخلية من خلال التخفي بسلسلة الجبال الشاهقة المنتشرة بالمنطقة

فقام خالد بالإغارة سريعا على نواحي بعلبك

واستاق معه المواشي والحيوانات كمؤن للجيش

و عاد مسرعا إلى أبي عبيدة أمام دمشق

لإبلاغه بالتطورات الجديدة

فتشاور الجميع

و أجمع القادة الثلاث أن الوضع أكثر خطورة على جيش عمرو بن العاص و شرحبيل

.. و اتفقوا على أن يسير أبو عبيدة بجموع المسلمين إلى ذلك التجمع الكبير من الروم في الجنوب

بدأت الجيوش الإسلامية في التحرك من دمشق

... و أمر أبو عبيدة أن يتقدم خالد ويسير على رأس 1500 فارس في المقدمة

حتى يسرع إلى عمرو بن العاص و يجعل الروم على علم بقدوم المدد من المسلمين إليهم

... و قام أبو عبيدة بالتحرك بباقي الجيش خلفه

... و لم يبقى سوى يزيد مع جزء بسيط من الجيش لإستكمال الحصار على دمشق

وبالفعل استطاع خالد في الركض سريعا بفرسان المسلمين

... وقام بعبور نهر الأردن إلى ضفته الغربية جنوب بحيرة طبرية

... واستطاع اللحاق بمؤخرة جيش الروم القادم من بعلبك إلى بيسان

.. فهجم عليهم وسط ذهول الروم

و استطاع أن يفتك بعدد كبير منهم قبل أن تفر البقية

و تدخل معسكر الروم حيث كان يتواجد الجزء الأكبر من الجيش

.. فعاد خالد سريعا و عبر نهر الأردن مرة آخرى إلى ضفته الشرقية

و التحق بمعسكر شرحبيل و عمرو في مدينة فحل

ففرح المسلمون بقدومهم

و انتظروا جميعا قدوم الجيش الرئيسي بقيادة أبي عبيدة

مدينة فحل كانت تعرف عند الروم بإسم بلا

.. و هي اليوم عبارة عن أطلال تقع إلى الشرق من نهر الأردن

بين نهر الزرقاء في الجنوب واليرموك في الشمال

... و كانت محتلة من قبل حامية صغيرة للروم قبل مجئ المسلمين إليها

.. فلما وصلت اليهم الأخبار بقدوم جيوش المسلمين الأولية بقيادة شرحبيل و عمرو بن العاص

قاموا على الفور بإخلاء المدينة و عبروا نهر الأردن حتى استقروا في مدينة بيسان

والتي كانت تقع على الشمال الغربي من مدينة فحل

ومع مرور الأيام

.. ظل المدد يتوافد على المعسكرين على جانبي نهر الأردن

.. فقد رأت بعض البطون من قبائل لخم و جذام و غسان و قضاعة

أن الأيام في صالح المسلمين

فانحازوا إليهم و ازدادت الأعداد بمعسكرهم خاصة مع توافد الجيش الرئيسي إليها

بينما ظلت الوفود تأتي على معسكر الروم من نصارى العرب و حلفاء الدولة البيزنطية

حتى ازدادت هناك الاعداد بشكل كبير

و حسب رواية الأزدي

فكان عدد من تجمع للروم في تلك المعركة قد وصل إلى 50 الف مقاتل بيزنطي ...

و مع نظرة بسيطة للخريطة

سنرى أن موقع جيش الروم كان مثاليا لهم عن موقع جيوش المسلمين

فقد استقر الروم على الجانب الخصب من الأردن

ولم يكن الحال مماثل بالنسبة للمسلمين

.. و لذلك فقد كان الروم يفضلون أن يماطلوا في المواجهة

على أمل أن يرسل لهم هرقل المزيد من المدد

مستغلين بذلك خيرات المكان الذي استقروا به

... و بسبب خشيتهم من هجوم المسلمين المفاجئ

.. قاموا بتدمير جسور نهر جالود و أطلقوا المياه في الساحة التي بينهم و بين جيش المسلمين

حتى يصعبوا من وصول المسلمين إليهم

.. فأصبح الوحل شديدا بين الطرفين

مما صعب من مهمة وصول أي جيش للطرف الآخر بسهولة ...

و بالفعل أدرك أبو عبيدة بن الجراح خطة الروم الذكية في المماطلة

ولم يرغب في الإنتظار أكثر من ذلك

... فأصدر الأوامر للمسلمين بالمسير حتى بيسان و التواجه مع جيش الروم

و لكن ما أن حاول المسلمون عبور الوحل الذي انتشر في كل مكان

حتى وضح لهم أن الإستمرار مستحيل

خاصة مع ما يحملون من معدات

.. فلم يكن هناك أحد بينهم يعلم المسار الصحيح اللازم إتخاذه للعبور دون خسائر

فقرر أبو عبيدة أن يتوقف عن المسير

و أمرهم ان يغيروا على أهل القرى و المزارع حتى يقطعوا المدد و التموين عن جيش الروم

قبل أن يعودوا مجددا إلى مدينة فحل

وبالفعل انطلقت جماعة صغيرة من بني سليم في محاولة للإغارة على القرى المحيطة

و استطاعوا بالفعل أن يغنموا منها غنائم كثيرة

ولكنهم و في خلال طريق العودة

تقابلوا مع قوة كبيرة للروم و تقاتلوا معهم قتالا شديدا

.. استطاع فيه الروم استرداد الغنيمة و رد جماعة فرسان المسلمين

... و حاولت جماعة اخرى من طئ أن تهجم

و استطاعت بالفعل تخليص اخوانهم من الجماعة الأولى من ايدي الروم

قبل أن ينجح الروم في الضغط عليهم جميعا

و يجبروهم على التراجع من حيث أتوا

ففرح الروم بذلك الإنتصار الصغير و أرسلوا إلى أبي عبيدة خطابا ملئ بالتهديد و التوعد له ومن معه

فرد أبو عبيدة عليهم بخطاب طويل

أظهر فيه مدى ثقته في نصر الله للمسلمين

و توعد الروم بالمسير إليهم حتى وإن لم يأتوا له

فأدرك الروم أن أسلوب الترهيب لن يأتي بثماره مع المسلمين

و حاولوا بعد ذلك تخفيف اللهجة و أن يرسلوا بعض من رجالهم للتفاوض مع جيش المسلمين

... وبالفعل .. عرض الروم تسليم البلقاء و جزء من الأردن للمسلمين مع مبالغ كبيرة من المال للمسلمين

مقابل الرحيل عن بلاد الشام ...

ولكن باءت جميع المحاولات بالفشل

ولم ينجح مسعاهم في إغراء أبي عبيدة و المسلمين بالمال

.. فقد كان أبو عبيدة يتمسك بنشر الدعوة بين أهالي الشام على أمل دخولهم في الإسلام

.. فإن لم يقبلوا بعد ذلك فسيكفل لهم العيش حسب معتقداتهم الدينية وسط حماية المسلمين

مقابل دفع مبالغ بسيطة من الجزية سنويا

ولم يكن يطمع هو و من معه في أموال الروم أو ثرواتهم كما اعتقدوا

ولذلك عندما فشلت المفاوضات

.. توعده وفد الروم في نهاية المطاف وأخبروه

أنه سيتمنى لو كان قد قبل عرضهم

... فوضح أن القتال سيكون هو الحاسم بين الطرفين

في اليوم التالي

قام أبو عبيدة بإرسال خالد بن الوليد على رأس فرسان المسلمين إلى معسكر الروم ببيسان

و بقى هو مع المشاة في مدينة فحل

... فتقدم خالد مع الفرسان كالسهم حتى عبر نهر الأردن

و لكنه ما ان اقترب من بيسان

.. حتى أخرج الروم له جماعة كبيرة من الفرسان لقتاله

... فظل خالد في مكانه و أمر قيس بن هبيرة المرادي

أن يتقدم بمجموعة من الفرسان لقتالهم

فانطلق قيس بالفعل و التحم مع الفرسان التحاما عنيفا

.. و بينما كان الجميع يترقب ما يحدث بين الجماعتين

.. أقبلت سريعا كتيبة آخرى كبيرة من فرسان الروم

تريد الإنضمام ومساعدة جماعتهم الأولى

... فأصدر خالد الأوامر سريعا إلى ميسرة بن مسروق بأن يتقدم و يمنعهم من ذلك

فانطلق ميسرة كالسهم و التحم مع الجماعة الجديدة من فرسان الروم و قاتلهم قتالا شديدا

ويبدو أن الروم كانوا قد خططوا جيدا لتلك المواجهة

.. فبعد فترة قصيرة

جاءت جماعة كبيرة جدا من الفرسان أكبر من الجماعات الأولى

يقودهم بطريق كبير من بطارقة الروم ...

... و كان هذا البطريق قد قسم جماعته إلى نصفين

فلما شاهد خالد بن الوليد يقف مع جماعة الفرسان المتبقية من المسلمين

.. أمر النصف الأول من جيشه أن يهجموا عليهم فورا ...

فانطلق هذا الجزء من الفرسان البيزنطيين و التحموا في غضون لحظات بسيطة مع خالد و جماعته

... ولكن لدهشتهم الشديدة

.. استطاع خالد أن يمتص هذا الهجوم العنيف مع فرسانه بل ونجح في رد الهجوم

والضغط عليهم

فأمر البطريق البيزنطي النصف الثاني سريعا أن يتقدم و يساعد النصف الأول ...

وبالفعل

انطلق هذا الجزء و اجتمع مع الجزء الأول

و بدأووا في الضغط على خالد و جماعته من الفرسان ..

و لكن وللمرة الثانية .. نجح خالد في الصمود أمامهم و قام بالضغط عليهم بشدة

في نفس الوقت

الذي كان كل من قيس و ميسرة يزيدون الضغط مع جماعتهم من الفرسان على أعدائهم من الروم

... فلما رأي القائد البيزنطي أنه لا فائدة من الهجوم الذي نفذه

.. أصدر الأوامر للجميع بالتراجع و الإنسحاب سريعا نحو معسكر الروم

.... و كان هذا ما ينتظره خالد

فما أن شاهد الجميع يتقهقر إلى الوراء

حتى صاح في فرسانه و قال

أحملوا معي يا اهل الإسلام واتبعوهم ولا تغفلوا عنهم

فانطلق فرسان المسلمين سريعا وراء فرسان الروم و استطاعوا تنفيذ هجوم ناجح عليهم في كل الجبهات

فاختل نظام الفرسان البيزنطيين

و بدأووا في الفرار سريعا نحو المعسكر بعدما أصيبوا بالعديد من الخسائر

و عاد المسلمون في تلك الليلة إلى المعسكر و هم في حالة نشوة من الإنتصار

و بنظرة القائد العسكري المحنك ..

.. أدرك خالد رضي الله عنه مدى تفوق فرسان المسلمين على الروم رغم قلة العدد

سواء من ناحية اللياقة البدنية و المعنوية

او من ناحية أفضلية الخيل العربي على خيل الروم ...

و لذلك ما أن إجتمع مع أبي عبيدة

حتى قال له أن الإنتصار الذي حققه المسلمون على فرسان الروم قد أصاب جماعتهم بالرعب

و لذلك كان لابد عليهم من إنتهاز هذه الفرصة و الهجوم سريعا في اليوم التالي عليهم

وهم في هذه الحالة من التخبط قبل أن يستعيدوا نظامهم و يجترأوا على المسلمين من جديد

فوافق أبو عبيدة علي كلامه و قال له

“فانهضوا على بركة الله”

في ليلة يوم السابع والعشرين من ذي القعدة في العام الثالث عشر هجريا( 23 يناير 634 )

قام أبو عبيدة و بدأ في تعبئة الجيش الإسلامي و تنظيم الأفراد ..

.. وسار وسط الصفوف و أخذ يحمس الجنود بكلمات تشجيعية

و أمر بأن يكون خالد بن الوليد على الفرسان في مقدمة الجيش

... و بعد أن اطمئن لتنفيذ الجميع لأوامره

.. أصدر الأمر بالزحف فورا نحو معسكر الروم

و في خلال تلك الأثناء

كان قائد الروم سقلار بن مخراق يعتقد أن جيش المسلمين لن يتوقع عبور الروم إليهم

وكان يظن أن إنتصار المسلمين الأخير عليهم سيجعلهم يخلدون إلى الراحة

و أنه إذا أخذ القوات و جاءهم فسيكونوا في خيامهم نائمين

فيستطيع أن ينقض عليهم ويفاجئهم عندئذ

ولذلك قرر فورا أن يسير بالقوات من مدينة بيسان

و اتجه نحو مدينة فحل حيث يتواجد المسلمون

واستمر في المسير حتى قام بعبور منطقة الأوحال الشديدة بحرص شديد

و لكنه ما أن عبر تلك المنطقة

حتى تفاجأ بعد وقت قصير بوصول فرسان المسلمين و على رأسهم خالد بن الوليد

بعد أن كانوا عبروا نهر الأردن

و من خلفهم قوات الجيش الإسلامي كما قسمها أبو عبيدة

فأصدر سقلار الأوامر سريعا للجيش بالثبات و الإستعداد في وضعية القتال

اختلفت المصادر الإسلامية حول عدد جيش الروم في ذلك اليوم

فالإمام الطبري ينقل عن سيف بن عمر

أن عدد الروم قد وصل إلى 80 ألف جندي بيزنطي

بينما قال الأزدي أن العدد كان خمسين ألفا

وهو الأقرب للصواب من وجهة نظر الكثير من المؤرخين

أما جيش المسلمين فلم تذكر المصادر عدده

ولكن حسب المعطيات السابقة

فقد تراوح عدده بين ال26 إلى 30 ألف

و يبدو أن الروم قد تعلموا من المواجهة السابقة بين فرسانهم و فرسان المسلمين

.. فبعد أن ادرك سقلار مدى تفوق الخيل والفارس العربي على نظيره من الروم

قرر أن يؤمن فرسانه في تقسيمه لصفوف الجيش

فجعل الفرسان في الصف الأول من القلب

و كان كل فارس يقف بين جنديين من المشاة .

أحدهما يحمل الرمح و الثاني يرمي بالسهام

حتى يكون كل فارس محميا من جميع الأطراف

.. و قام سقلار بوضع المشاة على الجانبين من الجيش

أما جيش المسلمين .. فقد قام أبو عبيدة بتقسيمه إلى ميمنة بقيادة معاذ بن جبل

و ميسرة بقيادة هاشم بن عتبة

و جعل على المشاة بالوسط سعيد بن زيد

... وأسند مهمة قيادة الفرسان إلى خالد بن الوليد في المقدمة

فلما شاهد خالد بن الوليد ترتيب الروم الجديد للفرسان و تقدمهم البطئ نحو جيش المسلمين

أصدر الأوامر للجميع بالانطلاق و صد هذا الهجوم

اندفع فرسان المسلمين نحو فرسان جيش الروم الزاحف نحوهم

.. و حاولوا بالفعل الإلتحام معهم

و تشتيتهم كما حدث في الإشتباك السابق

ولكن ما أن إقترب الفرسان من المكان

حتى انطلق وابل من السهام عليهم من الرماة بجانب فرسان الروم

فتوقف خالد عن التقدم مع بقية فرسانه

و لم يستطع أن يكمل التقدم بسبب غزارة السهام الملقاة عليهم

فالتفت إلى الفرسان و أمرهم بالتراجع فورا نحو جيش المسلمين من جديد

وهم يحتمون من تلك السهام الغزيرة

.. فبدأت صفوف الفرسان في التراجع البطئ نحو مشاة المسلمين

و صفوف الروم تواصل تقدمها ببطء نحوهم

... وبينما كان خالد بن الوليد يتراجع نحو صفوف المسلمين

أخذ ينظر نحو صفوف الروم و يحاول إيجاد ثغرة سريعا بينهم

و استطاع أن يلاحظ ان فكره تدعيم فرسان الروم بالمشاة و الرماة في القلب

كانت نقطة تفوق في صالحهم

ولكنهم بهذا التشكيل

جعلوا تشكيل المشاة في الجوانب مجرد تماما من الفرسان او الرماة

وأدرك أنه إن أراد التفوق في هذا اليوم

فلابد عليه من إستغلال ذلك الأمر جيدا

... و بالفعل قام فورا بتقسيم قوة الفرسان لديه إلى ثلاثه أقسام

.. فجعل على الميمنة ثلث القوة بقيادة قيس بن هبيرة المرادي

.. و جعل ثلث القوة في المنتصف تحت قيادة ميسرة بن مسروق

و أخذ هو الثلث الأخير و استقر في الميسرة

و شرح لكل قائد خطته سريعا

و في اللحظة المناسبة و بينما كان جيش الروم يعيد تحميل الأقواس بالسهام

.. انطلق خالد بن الوليد سريعا مع جماعته من الفرسان نحو ميمنة الروم من المشاة

فاندهش سقلار من ذلك التصرف

و خشى أن يتفوق خالد بسهولة على المشاة و يلتف من وراء الجيش

ولذلك أمر سريعا جماعة من الفرسان أن تتقدم سريعا و تصده قبل أن يصل لميمنة الروم

... و بينما كانت جماعة الروم تنطلق سريعا نحو خالد

.. تفاجأ سقلار بخروج فرسان المسلمين من الجانب الأيمن بقيادة قيس

و انطلاقها سريعا نحو المشاة في ميسرة جيش الروم

فصاح سقلار في جماعة آخرى من الفرسان أن تتقدم سريعا و تحمي ميسرة جيشهم من هذا الهجوم

فكان ذلك هو ما أراده خالد بن الوليد

.. فقد أراد ان يستدرج فرسان الروم بعيدا عن مشاتهم ليفقدهم عنصر التعاون بينهم

.. و تركهم يتقدمون لمسافة مناسبة حتى اقتربوا منه

فصاح عندئذ وقال : الله أكبر .. أخرجهم الله لكم .. فشدوا عليهم ! "

التحم فرسان المسلمين على كلا الجانبين مع فرسان الروم الذين تقدموا لهم

ووضح منذ الوهلة الأولى تفوق فرسان المسلمين

فقد كان القتال شديدا عنيفا سريعا للغاية

و بدأ فرسان الروم يتساقطون واحدا تلو الآخر

.. ويقال ان قيس قد تكسر في يده 3 أسياف و بضعة عشر رمحا في ذلك اليوم

فلما رأى هاشم بن عتبة تفوق الفرسان في الميسرة بقيادة خالد بن الوليد

قام بهز الراية أمام الجنود وصاح قائلا

والله لا اردها حتى اثبتها في صفهم

.. فمن شاء فليتبعني .. ومن شاء فليتخلف عني

وانطلق سريعا نحو صفوف مشاة الروم في الميسرة

و معه جميع المسلمين لم يتخلف منهم أحدا

وما ان اقترب منهم حتى انطلقت السهام نحوهم

فجلس المسلمون على الركب و اتقوا سهامهم بالدروع

و أخذ هاشم يصيح و يقول

شدوا عليهم أنا فداؤكم ... فإنها غنيمة الدنيا والأخرة

فانطلق مشاة المسلمين حتى وصلوا لصفوف الروم

و التحموا معهم التحاما عنيفا بالسيف و ارتفعت وتيرة القتال ...

فلما شاهد ميسرة ذلك الوضع

أمر الفرسان في القلب أن يتقدموا سريعا حتى يلتحموا مع منتصف جيش الروم

.. فانطلقوا جميعا في الحال

ورغم أن الأوضاع على جوانب الجيشين كانت تميل إلى المسلمين

إلا أن تشكيل الروم في المنتصف كان لا يزال قويا و من الصعب إختراقه .

فبمجرد وصول ميسرة على الخيل

حتى كان القتال عنيفا للغاية في تلك الجهة

و استمر الوضع على ذلك و كل طرف يسدد الضربات المميتة إلى الآخر

و سقط ميسرة من على فرسه بعد أن كان قتل أحد قادة الروم

فالتف حوله جماعة من المشاة و أحاطوا به و أصابوه

و ظن ميسرة أنها النهاية

ولكن لم تمر سوى بضعة ثوان

حتى سمع الجميع وقع أقدام مشاة المسلمين بقيادة سعيد بن زيد

وهي تقبل بغزارة لنجدة الفرسان

فاستطاعت المشاة أن ترد من كان حول ميسرة

و بدأت صفوف الروم تتراجع ببطء لتصد هذا الإندفاع الشرس من المسلمين ...

فلما لاحظ سقلار مقدار الضغط الذي تتعرض له القوات البيزنطية في كل جهة

حاول أن يلجأ للحيلة

و امر بعض من صفوف ميسرة الروم

أن تتقدم و تلتحم مع ميمنة المسلمين الخالية من أي رقابة

على أمل ان يجبر المسلمين على التراجع لإنقاذهم

فانطلقت الصفوف الأمامية من مشاة الروم سريعا نحو المسلمين

... و انقضوا بكل عنف على المشاة في الميمنة

فلما اقتربوا منهم صاح معاذ بن جبل قائد الميمنة في الرجال و قال لهم

أيها الناس اعلموا رحمكم الله

أن الله قد وعدكم بالنصر و أيدكم بالإيمان

فانصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم

فتحمس المسلمون و قاموا بالتصدي بكل شجاعة لهجمات الروم عليهم

.. و في خلال دقائق

كان المسلمون يبادرون بالهجوم

و يجبرون صفوف الروم على التراجع من جديد نحو صفوف جيشهم

واستمر الحال على ذلك وكان القتال أشد قتال اقتتله المسلمون قط حتى هذه اللحظة

ومع وصول معاذ و رجال المسلمين إلى صفوف جيش الروم

حتى كان فرسان المسلمين في الميمنة والميسرة قد نجحوا في الفتك بفرسان الروم على أخرهم .

فقام خالد و قيس بمعاونة المشاة في كل جانب في هجومهم على الروم

وأصبحت الآن مشاة الروم في كل جانب معرضة لهجوم مزودج من المسلمين

فانتشرت الفوضى و تم ذبح الآلاف من الروم نتيجة لذلك الهجوم الشرس من المسلمين

و شيئا فشئ

ازداد تقدم الفرسان والمشاة حتى وصلوا إلى قلب جيش الروم مع قدوم الليل

فلم يستطع القلب أن يصمد أمام كل تلك الهجمات

و سقط القائد البيزنطي سقلار صريعا

و انتشر الهلع وسط جنود الروم

وبسبب عدم وجود خطة انسحاب محكمة لديهم

لم يجد أحدا منهم مفرا سوى بالهروب و التوغل داخل الأوحال التي كانوا هم السبب فيها قبل عدة أيام

... فانطلقوا سريعا نحوها للنجاة بحياتهم

ولكن لصعوبة التوغل بها .. سقط العديد منهم خلال هروبهم

و قام المسلمون باتباعهم و اصطيادهم بالرماح

فانتهت معركة فحل بنتيجة كارثية على الروم

و انتصر المسلمون مرة آخرى على الجيوش البيزنطية بالشام

كانت معركة فحل من أشد المعارك التي خاضها المسلمون خلال رحلة فتح الشام

فيقال أن عدد قتلاهم قد وصل إلى 10 آلاف

ولم يسلم أحدا ممن هرب من هجوم المسلمين

وإذا نظرنا بتمعن إلى أحداث تلك المعركة

فسنرى أنه من أهم العوامل التي ساهمت في انتصار المسلمين بعد التوفيق من الله سبحانه وتعالى

هو تفوق الفارس العربي وخيله على نظرائهم من الروم

.. فخفة سلاح الفرسان في جيش المسلمين لم تكن تتوفر ابدا لفرسان الفرس و الروم كما ظهر في العديد من المناسبات السابقة

فمع حسن الإدارة .. كان دائما المسلمون يستطيعون تنفيذ الهجمات و الإنسحاب في الوقت المناسب

.. و رغم أن قائد الروم في تلك المعركة قد حاول أن يتغلب على تلك العقبة

بتنظيمه الجيد للفرسان وسط حماية الرماحين والرماة

الا أن سرعة البديهة التي تمتع بها خالد بن الوليد و بصيرته المميزة

مكنته من تنفيذ خطة عبقرية لسحب الفرسان وإستدراجهم نحو الجوانب

حتى يصعب عليهم صد هجمات المسلمين

ونجح في فصل سلاح الفرسان الخاص بالروم عن المشاة وأفقدهم أفضلية التعاون بينهم

ولعل من أهم أسباب تلك الهزيمة أيضا

هو تسرع القائد البيزنطي في تنفيذ هجومه

فخطته كلها كانت تعتمد على مفاجأة جيش المسلمين و الهجوم عليهم في معسكرهم بمدينة فحل

و لم يكلف نفسه بارسال كتيبة لإستطلاع أحوالهم

فلم يعلم بتحرك المسلمين من مكانهم قبل ذلك

فكان ذلك سببا رئيسيا في عدم وضعه خطه للإنسحاب

و توريطه للجيش بأن يقف أمام منطقة الأوحال

التي حاول أن يحتمي بها من هجمات المسلمين في السابق

وبدلا من أن تكون تلك المنطقة خط دفاع لهم .. أصبحت هي المكان الذي لاقى فيه الجيش البيزنطي حتفه و انقلب الفخ على أصحابه

بعد ذلك الإنتصار

أرسل أبو عبيدة خطابا إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه

حتى يعلمه بأخبار الإنتصار الأخير على الروم

ثم قام أبو عبيدة بمصالحة من كان بالحصون في بيسان و سائر أراضي الأردن على الأمان

و اتفق معهم على أداء الجزية

وأعطى الفرصة لمن رفض ذلك

أن يلتحق بالروم في أعلى الشام و يخلي بلاد الأردن

و صالح كذلك أهل طبرية و غيرها من البلاد

أما من فتحت أرضه بغير صلح

فقد رفض أبو عبيدة أن يستولى المسلمون على ارضهم

و نفذ أوامر أمير المؤمنين بأن يتركهم في سبيل حالهم

وعدم التعرض لهم وحمايتهم مقابل دفع الجزية السنوية

و بعد أن استقرت الأوضاع بالمنطقة

أمر أبو عبيدة الجميع بأن يشدوا الرحال نحو مدينة دمشق من جديد

معركة فحل | حين نصب الروم فخا للمسلمين فانقلب عليهم بتخطيط رائع من خالد بن الوليد - Battle of Fahl stallion battle | When the Romans set a trap for the Muslims, it turned against them with a wonderful plan from Khalid bin Al-Walid - Battle of Fahl Battaglia di Fahl | Quando i romani tesero una trappola ai musulmani, si rivoltarono contro di loro con un piano brillante di Khalid bin Al-Walid - Battaglia di Fahl Битва при Фале | Когда римляне устроили ловушку для мусульман, они обернулись против них блестящим планом Халида бин Аль-Валида - битва при Фахле. aygır savaşı | Romalılar Müslümanlara tuzak kurduğunda Halid bin Velid'in muhteşem planıyla onların aleyhine döndü - Battle of Fahl

في أواخر السنة الثالثة عشر هجريا At the end of the 13th Hijri year,

... كانت الأوضاع بسلطان المسلمين على صفيح ساخن the situation in the Muslim authority was really heating up...

ففي الثالث و العشرين من شهر شعبان On the 23rd of Shaaban,

... وقعت معركة الجسر بالعراق بين جيش الدولة الساسانية و جيش المسلمين the battle of al-Jisr took place in Iraq between the Sassanid and the Muslim armies,

حيث استطاع الفرس الإنتصار ولأول مرة على جيش المسلمين بتلك المعركة where the Persians were able to gain victory against the Muslim army for the first time..

.. و عانى المسلمون من خسائر جسيمة بعدها Muslims suffered great losses

فقد استشهد حوالي 4000 مقاتل و تبدد شمل 4000 اخرين as about 4000 fighters were martyred and another 4000 were dissipated.

واضطر المثنى بن حارثة للإنسحاب ب 4000 رجل وهم في حالة شديدة من الجراح Al- Muthanna ibn Haritha was forced to withdraw with 4000 men who were severely injured...

... فخسر المسلمون الكثير من الأراضي التي كانوا قد ضموها من قبل Therefore, Muslims lost much of the land they had annexed before ...

أما على المستوى الغربي While in the west,

... فقد كانت الأوضاع بالشام لا تقل خطورة the situation in the Levant was also dangerous...

فقد نما إلى علم المسلمين أن هناك جيش جديد يبلغ 10 الاف مقاتل Muslims learned that a new army of 10,000 fighters

قد استقر في مدينة بعلبك بأوامر من الإمبراطور البيزنطي هرقل had settled in Baalbek according to the orders of Hercules, the Byzantine emperor...

... و كانت كل الدلائل تُشير إلى أنه على إستعداد للإنقضاض على جيش المسلمين المرابط أمام دمشق All signs pointed out that he was ready to attack the Muslim army stationed in front of Damascus...

كما وصلت إليهم الأخبار أن هناك تجمعات هائلة من الروم وعرب الغساسنة من جهة فلسطين و الأردن They also received news that there were huge gatherings of Romans and Gassanid Arabs from Palestine and Jordan,

و التي اتحدت معا من أجل الهجوم على جيش شرحبيل و عمرو بن العاص جنوب الشام who united together to attack the army of Shurahbil and Amr ibn al-Aas in the south of the Levant...

و أضف على ذلك In addition,

كانت وفاة أبي بكر الصديق رضي الله عنه الخليفة الأول للمسلمين بالمدينة the death of Abu Bakr al-Siddiq (may Allah be pleased with him), the first caliph of Muslims in Madinah

لا تزال تلقى بظلالها على جميع أنحاء الدولة الإسلامية ... still had an impact over all parts of the Islamic State...

فكل ذلك .. كان على عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن يتعامل معه سريعا Umar ibn al-Khattab (may Allah be pleased with him) had to deal with all of this

بمجرد إعلانه أمير المؤمنين الجديد as soon as he was announced the new muslim's caliph

... و قد كانت الأوضاع شديدة بحق So it was obvious for all, The situation was really serious.

لقد كانت الأوضاع شديدة بحق The situation was very serious everywhere,

ولكن عمر رضي الله عنه و كعادته But Omar (may Allah be pleased with him), as usual,

.. كان حاسما للغاية منذ اللحظة الأولى لولايته was very decisive since the very first moment of his reign ...

فبدأ على الفور في مراسلة العديد من القبائل العربية .. و اجتمع بالفعل مع قادتهم He immediately began to write to many Arab tribes and he actually met with their leaders ...

... وجاء وفد قبيلة بجيلة إلى المدينة A delegation from the Bejila tribe came to Madinah

فسألهم عمر رضي الله عنه عن الجهة التي يفضلون التوجه إليها ؟ and Omar (may Allah be pleased with him) asked them about the destination they would prefer to go to.

.. فاجاب الجميع انهم يريدون التوجه إلى الشام لنجدة المسلمين هناك .. Everyone replied that they wanted to go to the Levant to aid the Muslims there.

و لكن عمر أشار عليهم بالتوجه إلى العراق But Omar advised them to go to Iraq,

حيث كان وضع المسلمين في شدة الخطورة where the Muslims' situation was very dangerous

و كانوا على وشك فقدان جميع الأراضي التي ضمها خالد بن الوليد من الفرس and they were about to lose all the land annexed by Khaled ibn Al-Waleed from the Persians...

و بعد ذلك الاجتماع بفترة قصيرة Shortly after that meeting,

جاء 700 شخص من قبائل كنانة و الأزد 700 from the Kanana and Azd tribes came.

فكرر عمر رضي الله عنه السؤال عليهم Umar (may Allah be pleased with him) repeated his question to them

فكان ردهم ايضا الشام حيث يتواجد أسلافهم and their response was also the Levant, where their ancestors were.

ولكن عمر صمم ايضا على اتجاههم للعراق حتى يكونوا عونا للمسلمين هناك But Umar also insisted to direct them to Iraq to help the Muslims there

ونجح بالفعل في إقناعهم جميعا برأيه and he succeeded to convince them of his opinion...

ولعل ذلك الأمر يوضح لنا مدى الخطر الذي كانت تتعرض له جيوش المسلمين بالعراق في ذلك التوقيت Perhaps this shows the danger to which the Muslim armies in Iraq were exposed to at that time

و حاجتها للمدد سريعا and their urgent need for help..

كما يوضح لنا مدى ثقة أمير المؤمنين It also shows the new caliph's trust

في قدرة الجيوش بالشام على التعامل مع ما يواجهها من أخطار في نفس الوقت in the ability of the armies in the Levant to deal with the dangers which they were facing at the same time...

و بالفعل .. نجحت رؤية عمر رضي الله عنه و حسن تخطيطه Indeed, Umar's vision (may Allah be pleased with him) and his good planning succeeded.

.. ففي خلال شهر رمضان من نفس العام ( نوفمبر 634 ) .. In Ramadan of the same year (November 634),

.. استطاع المثنى بن حارثة أن يثأر لهزيمة المسلمين في يوم الجسر Al-Muthanna ibn Haritha was able to avenge the defeat of Muslims on the day of al-Jisr( Battle of the bridge),

و استطاع الإنتصار على الفرس and he was able to gain victory over the Persians

بمساعدة المدد القادم من القبائل العربية في معركة البويب with the help of the of the Arab tribes that came to hid aid in the battle of Al-Buwaib..

.. واستعاد بذلك جزء من الأراضي التي كان قد فقدها المسلمون من جديد Thus, he regained part of the land that the Muslims had lost...

... و سنتحدث عن ذلك بالتفصيل عندما نستكمل فتح العراق في الحلقات القادمة إن شاءالله We will talk about it in detail when we complete the annexation of Iraq in the coming episodes.

.. ولكن دعونا الآن ننتقل لمعسكر المسلمين في الشام But let's now move to the Muslim camp in the Levant ...

فقد وصلت رسالة إلى أبي عبيدة بن الجراح قائد الجيوش الإسلامية الجديد بالشام من عمرو بن العاص A message reached Abu Ubaida ibn al-Jarrah, the new commander of Islamic armies in the Levant, from Amr ibn al-Aas.

.. تحذره بأن الروم قد اجتمعوا معا في نواحي فلسطين والأردن It warned him that the Romans have gathered in the areas of Palestine and Jordan

و تعاهدوا على أن لا يرجعوا إلى نسائهم و اطفالهم الا بعد طرد جيشه من الشام and vowed not to return to their women and children until they expel his army from the Levant.

.. وطلب منه الرأي و المشورة He asked him for his opinion and advice ...

فلما قرأ أبو عبيدة الخطاب When Abu Ubaida read the message,

.. سلمه إلى خالد بن الوليد رضي الله عنه و سأله عن رأيه he handed it to Khaled ibn Al-Waleed (may Allah be pleased with him) and asked his opinion.

فقال خالد بأن عليهم مراقبة الجيش الذي نزل ببعلبك Khaled said that they should monitor the army in Baalbek.

.. فلو خرج هذا الجيش لملاقاة المسلمين بالجنوب If this army went out to meet the Muslims in the south,

فسيسير المسلمون إليهم من قطاع دمشق للقائهم Muslims will march from Damascus to meet them...

... أما إن ظلوا في مكانهم ببعلبك But if they stayed in their position in Baalbek,

.. فكان يرى أن تظل القوات الإسلامية مكانها أمام دمشق he saw that the Muslim forces should remain in front of Damascus

و يُرسل أبو عبيدة إليهم من يقاتلهم في مدينتهم and that Abu Ubaida should send them those who fight them in their city..

كما يُرسل مدد آخر الى الجيوش الإسلامية بالأردن و فلسطين Khaled also said that he should send more supplies to the Islamic armies in Jordan and Palestine

لمواجهة خطر الروم في الجنوب to face the Roman threat in the south...

... فاستحسن أبو عبيدة رأي خالد Abu Ubaida liked Khaled's opinion

و قام بإرسال مدد مكون من 2800 رجل إلى جيش المسلمين بالجنوب and sent 2,800 men as supply to the Muslim army in the south,

و الذي كان يبلغ عندئذ 2500 مقاتل ... which then numbered 2,500 fighters...

... و قال أبو عبيدة لخالد بعدئذ أنه الآن لم يتبقى أحد للذهاب إلى الجيش ببعلبك Abu Ubaida told Khaled that there was no one left to go to the army in Baalbek

سوى هو أو خالد أو يزيد except him, Khaled or Yazid..

فتطوع خالد للقيام بتلك المهمة و قال Khaled volunteered to do this mission and said

بل أنا أسير إليهم “I will march to them”...

... فوافق أبو عبيدة و قام بإرساله مع 5000 فارس نحو الروم في الشمال Abu Ubaida agreed and sent him with 5,000 knights towards the Romans in the north...

فكان وضع الجيوش الإسلامية بالشام كالآتي The situation of the Islamic armies in the Levant was as follows...

حوالي 5300 مقاتل في فلسطين تحت قيادة عمرو بن العاص و شرحبيل بن حسنة بعد إرسال المدد إليهم 5,300 fighters in Palestine under the leadership of Amr ibn Al-Aas and Shurahbil ibn Hasna after sending them more troops...

و 5000 فارس تحت قيادة خالد بن الوليد يتجهون إلى بعلبك 5,000 knights under Khaled ibn Al-Waleed's leadership heading to Baalbek.

و 21700 مقاتل حول دمشق تحت قيادة أبي عبيدة بن الجراح و معه يزيد بن أبي سفيان And 21,700 fighters around Damascus under the command of Abu Ubaida ibn Al-Jarrah and Yazid ibn Abi Sufyan.

وصلت الأنباء إلى هرقل بتحركات جيوش المسلمين الجديدة News about the movements of the new Muslim armies reached Hercules.

.. فكان رده سريعا و حاسما His response was rapid and decisive.

.. فقام بإرسال رسالة إلى الجيش البيزنطي ببعلبك He sent a message to the Byzantine army in Baalbek

.. وأمرهم بالتحرك فورا و الالتحاق بالجيش الذي تجمع ببيسان and ordered them to move immediately and join the army gathering in Besan...

فقد كان يهدف من ذلك أن يخف الضغط على مدينة دمشق His goal was to ease the pressure on Damascus

و يٌجبر المسلمين على فك الحصار عنها و السير مسافات طويلة من أجل لقاء الروم and force Muslims to eliminate the siege on it and to march for long distances to meet the Romans...

فقام ذلك الجيش بالفعل في تنفيذ الأوامر و تحرك سريعا من مكانه That army implemented the orders and moved rapidly from its place

قبل وصول خالد بن الوليد إليهم before Khaled ibn Al-Waleed's arrival.

و انضم لهم في الطريق الكثير من أهل بعلبك و حمص رغبة منهم في طرد المسلمين من الشام Many people from Baalbek and Homs joined them on their way aiming to expel Muslims from the Levant.

وقد ذكرت المصادر أن عدد الجيش البيزنطي الذي تحرك من مكانه أصبح أكثر من 20 الف مقاتل Sources mentioned that the number of the Byzantine army that moved became more than 20 thousand fighters ...

فلما وصل خالد بن الوليد إلى بعلبك When Khaled ibn Al-Waleed arrived in Baalbek,

.. تفاجأ بعدم وجود الجيش بالمدينة he was surprised by the absence of the army.

... فبالرغم من انتشار عيون المسلمين بالشام Despite the spread of the Muslim spies in the Levant,

والتي كانت دائما تُعلم خالد بتحركات الجيوش البيزنطية which always informed Khaled about the Byzantine armies' movements,

إلا أنهم هذه المرة but that time

استطاعوا التحرك سريعا في الطرق الداخلية من خلال التخفي بسلسلة الجبال الشاهقة المنتشرة بالمنطقة they were able to move rapidly through the internal routes and hide behind the high mountain range scattered in the area ...

فقام خالد بالإغارة سريعا على نواحي بعلبك Khaled quickly raided the areas of Baalbek

واستاق معه المواشي والحيوانات كمؤن للجيش and took livestock and animals as army supplies

و عاد مسرعا إلى أبي عبيدة أمام دمشق and returned quickly to Abu Ubaida in front of Damascus

لإبلاغه بالتطورات الجديدة to inform him of the new updates...

فتشاور الجميع Everyone discussed the matter

و أجمع القادة الثلاث أن الوضع أكثر خطورة على جيش عمرو بن العاص و شرحبيل and the three leaders agreed that the situation was more dangerous for the army of Amr Ibn al-Aas and Shurahbil..

.. و اتفقوا على أن يسير أبو عبيدة بجموع المسلمين إلى ذلك التجمع الكبير من الروم في الجنوب They agreed that Abu Ubaida would march with the Muslim forces to the large Roman gathering in the south...

بدأت الجيوش الإسلامية في التحرك من دمشق Islamic armies started moving from Damascus...

... و أمر أبو عبيدة أن يتقدم خالد ويسير على رأس 1500 فارس في المقدمة Abu Ubaida ordered that Khaled should advance and march at the head of 1,500 knights in the foreground

حتى يسرع إلى عمرو بن العاص و يجعل الروم على علم بقدوم المدد من المسلمين إليهم to rush to Amr ibn al-Aas and make the Romans aware of the arrival of the Muslims' supplies...

... و قام أبو عبيدة بالتحرك بباقي الجيش خلفه Abu Ubaida moved with the rest of the army behind him

... و لم يبقى سوى يزيد مع جزء بسيط من الجيش لإستكمال الحصار على دمشق and only Yazid was left with few of the army to maintain the siege on Damascus ...

وبالفعل استطاع خالد في الركض سريعا بفرسان المسلمين Indeed, Khaled was able to rush quickly with the Muslim knights...

... وقام بعبور نهر الأردن إلى ضفته الغربية جنوب بحيرة طبرية He crossed the Jordan River to reach its western bank, south of Lake Tiberias...

... واستطاع اللحاق بمؤخرة جيش الروم القادم من بعلبك إلى بيسان He managed to catch up with the rear of the Roman army coming from Baalbek to Besan.

.. فهجم عليهم وسط ذهول الروم He attacked them amid the amazement of the Romans

و استطاع أن يفتك بعدد كبير منهم قبل أن تفر البقية and was able to kill a large number of them before the rest fled

و تدخل معسكر الروم حيث كان يتواجد الجزء الأكبر من الجيش and entered the Roman camp where the largest part of the army was..

.. فعاد خالد سريعا و عبر نهر الأردن مرة آخرى إلى ضفته الشرقية Khaled returned quickly and crossed the Jordan River again to its eastern bank

و التحق بمعسكر شرحبيل و عمرو في مدينة فحل and joined Shurahbil and Amr's camp in the city of Fahl..

ففرح المسلمون بقدومهم So the Muslims rejoiced at their arrival

و انتظروا جميعا قدوم الجيش الرئيسي بقيادة أبي عبيدة and they all waited for the arrival of the main army led by Abu Ubaida...

مدينة فحل كانت تعرف عند الروم بإسم بلا The city of Fahl was known by the Romans as "Pella".

.. و هي اليوم عبارة عن أطلال تقع إلى الشرق من نهر الأردن Today it became ruins east of the Jordan River

بين نهر الزرقاء في الجنوب واليرموك في الشمال between the Zarqa River in the south and Yarmouk in the north...

... و كانت محتلة من قبل حامية صغيرة للروم قبل مجئ المسلمين إليها It was occupied by a small Roman garrison before the arrival of the Muslims..

.. فلما وصلت اليهم الأخبار بقدوم جيوش المسلمين الأولية بقيادة شرحبيل و عمرو بن العاص When they received the news of the arrival of the primary Muslim army, led by Shurahbil and Amr ibn Al-Aas,

قاموا على الفور بإخلاء المدينة و عبروا نهر الأردن حتى استقروا في مدينة بيسان they immediately evacuated the city and crossed the Jordan River until they settled in the city of Besan,

والتي كانت تقع على الشمال الغربي من مدينة فحل located on the northwest of the city of Fahl...

ومع مرور الأيام As days passed,

.. ظل المدد يتوافد على المعسكرين على جانبي نهر الأردن More troops arrived at both camps on both sides of the Jordan River..

.. فقد رأت بعض البطون من قبائل لخم و جذام و غسان و قضاعة Some branches from the tribes of Lakhm, Jadam, Ghassan and Qadaa

أن الأيام في صالح المسلمين saw that the events were in favor of Muslims,

فانحازوا إليهم و ازدادت الأعداد بمعسكرهم خاصة مع توافد الجيش الرئيسي إليها so they took their side and the numbers increased in their camp, especially with the arrival of the main army...

بينما ظلت الوفود تأتي على معسكر الروم من نصارى العرب و حلفاء الدولة البيزنطية Delegations from Arab Christians and allies of the Byzantine state continued to flow to the Roman camp

حتى ازدادت هناك الاعداد بشكل كبير until their number increased dramatically...

و حسب رواية الأزدي According to al-Azdi's narration,

فكان عدد من تجمع للروم في تلك المعركة قد وصل إلى 50 الف مقاتل بيزنطي ... the number of Romans gathered for that battle reached 50,000 Byzantine fighters...

و مع نظرة بسيطة للخريطة With a simple look at the map,

سنرى أن موقع جيش الروم كان مثاليا لهم عن موقع جيوش المسلمين we could see that the Roman army's location was perfect in comparison to the Muslim armies' location...

فقد استقر الروم على الجانب الخصب من الأردن The Romans were settled on the fertile side of Jordan River

ولم يكن الحال مماثل بالنسبة للمسلمين but the situation was not the same for Muslims.

.. و لذلك فقد كان الروم يفضلون أن يماطلوا في المواجهة Therefore, the Romans preferred to procrastinate in the confrontation

على أمل أن يرسل لهم هرقل المزيد من المدد hoping that Hercules would send them more supplies,

مستغلين بذلك خيرات المكان الذي استقروا به taking advantage of the bounties of the place where they had settled..

... و بسبب خشيتهم من هجوم المسلمين المفاجئ And because they feared the sudden attack of Muslims,

.. قاموا بتدمير جسور نهر جالود و أطلقوا المياه في الساحة التي بينهم و بين جيش المسلمين they destroyed the bridges of the Jaloud River and released water into the area between them and the Muslim army

حتى يصعبوا من وصول المسلمين إليهم to prevent Muslims from reaching them.

.. فأصبح الوحل شديدا بين الطرفين It became severely muddy between both sides,

مما صعب من مهمة وصول أي جيش للطرف الآخر بسهولة ... making it difficult for any army to reach the other side..

و بالفعل أدرك أبو عبيدة بن الجراح خطة الروم الذكية في المماطلة Abu Ubaida ibn al-Jarrah realized the smart Roman plan in stalling

ولم يرغب في الإنتظار أكثر من ذلك and did not want to wait any longer...

... فأصدر الأوامر للمسلمين بالمسير حتى بيسان و التواجه مع جيش الروم So he ordered the Muslims to march to Besan and confront the Roman army there.

و لكن ما أن حاول المسلمون عبور الوحل الذي انتشر في كل مكان But as soon as the Muslims tried to cross the mud that spread everywhere,

حتى وضح لهم أن الإستمرار مستحيل it became clear to them that continuing was impossible,

خاصة مع ما يحملون من معدات especially with the equipment they were carrying..

.. فلم يكن هناك أحد بينهم يعلم المسار الصحيح اللازم إتخاذه للعبور دون خسائر There wasn't anyone among them who knew the right route to take without losses.

فقرر أبو عبيدة أن يتوقف عن المسير Abu Ubaida decided to stop marching

و أمرهم ان يغيروا على أهل القرى و المزارع حتى يقطعوا المدد و التموين عن جيش الروم and ordered them to raid the people of villages and farms to cut off supplies from the Roman army

قبل أن يعودوا مجددا إلى مدينة فحل before returning to the city of Fahl...

وبالفعل انطلقت جماعة صغيرة من بني سليم في محاولة للإغارة على القرى المحيطة Indeed, a small group of Bani Salim rushed in an attempt to raid the surrounding villages

و استطاعوا بالفعل أن يغنموا منها غنائم كثيرة and were able to loot a lot of spoils,

ولكنهم و في خلال طريق العودة but on the way back,

تقابلوا مع قوة كبيرة للروم و تقاتلوا معهم قتالا شديدا they met with a large Roman force in a fierce fight

.. استطاع فيه الروم استرداد الغنيمة و رد جماعة فرسان المسلمين where the Romans were able to regain the loots and stop the Muslim knights...

... و حاولت جماعة اخرى من طئ أن تهجم Another group from Taie tried to attack

و استطاعت بالفعل تخليص اخوانهم من الجماعة الأولى من ايدي الروم and managed to rid their brothers from Roman hands

قبل أن ينجح الروم في الضغط عليهم جميعا before the Romans were able to put pressure on all of them

و يجبروهم على التراجع من حيث أتوا and force them to retreat to their position...

ففرح الروم بذلك الإنتصار الصغير و أرسلوا إلى أبي عبيدة خطابا ملئ بالتهديد و التوعد له ومن معه Romans rejoiced at that little victory and sent Abu Ubaida a threatening letter.

فرد أبو عبيدة عليهم بخطاب طويل Abu Ubaida replied with a long message

أظهر فيه مدى ثقته في نصر الله للمسلمين in which he showed his confidence in Allah's victory for Muslims

و توعد الروم بالمسير إليهم حتى وإن لم يأتوا له and he threatened the Romans to march to them even if they did not come to him...

فأدرك الروم أن أسلوب الترهيب لن يأتي بثماره مع المسلمين Romans realized that the method of intimidation would not succeed with the Muslims

و حاولوا بعد ذلك تخفيف اللهجة و أن يرسلوا بعض من رجالهم للتفاوض مع جيش المسلمين and they then tried to soften the tone and send some of their men to negotiate with the Muslim army...

... وبالفعل .. عرض الروم تسليم البلقاء و جزء من الأردن للمسلمين مع مبالغ كبيرة من المال للمسلمين Indeed, Romans offered to surrender al-Balqaa and part of Jordan and to give the Muslims large amounts of money

مقابل الرحيل عن بلاد الشام ... in exchange for leaving the Levant.

ولكن باءت جميع المحاولات بالفشل However, all attempts failed

ولم ينجح مسعاهم في إغراء أبي عبيدة و المسلمين بالمال and their quest did not succeed in luring Abu Ubaida and the Muslims with money.

.. فقد كان أبو عبيدة يتمسك بنشر الدعوة بين أهالي الشام على أمل دخولهم في الإسلام Abu Ubaida was determined to spread the Islamic call among the people of the Levant.

.. فإن لم يقبلوا بعد ذلك فسيكفل لهم العيش حسب معتقداتهم الدينية وسط حماية المسلمين If they did not accept it, then he would guarantee them to live according to their religious beliefs in the midst of Muslims' protection

مقابل دفع مبالغ بسيطة من الجزية سنويا in exchange for small amounts of annual tribute.

ولم يكن يطمع هو و من معه في أموال الروم أو ثرواتهم كما اعتقدوا He and those with him did not covet the money or wealth of the Romans as they thought.

ولذلك عندما فشلت المفاوضات So when the negotiations failed,

.. توعده وفد الروم في نهاية المطاف وأخبروه the Roman delegation eventually threatened him and told him

أنه سيتمنى لو كان قد قبل عرضهم that he would wish he had accepted their offer...

... فوضح أن القتال سيكون هو الحاسم بين الطرفين It was obvious that the fight would be decisive between both parties ...

في اليوم التالي On the following day,

قام أبو عبيدة بإرسال خالد بن الوليد على رأس فرسان المسلمين إلى معسكر الروم ببيسان Abu Ubaida sent Khaled ibn Al-Waleed at the head of the Muslim knights to the Roman camp in Besan

و بقى هو مع المشاة في مدينة فحل and he stayed with the infantry in the city of Fahl...

... فتقدم خالد مع الفرسان كالسهم حتى عبر نهر الأردن Khaled advanced with the knights like an arrow until they crossed the Jordan River...

و لكنه ما ان اقترب من بيسان But as soon as they got close to Besan,

.. حتى أخرج الروم له جماعة كبيرة من الفرسان لقتاله the Romans let out a large group of knights to fight him...

... فظل خالد في مكانه و أمر قيس بن هبيرة المرادي Khaled remained in his place and ordered Qais ibn Habira al-Muradi

أن يتقدم بمجموعة من الفرسان لقتالهم to advance with a group of knights to fight them.

فانطلق قيس بالفعل و التحم مع الفرسان التحاما عنيفا Qais rushed out and clashed with the knights violently.

.. و بينما كان الجميع يترقب ما يحدث بين الجماعتين While everyone was awaiting for what was happening between both groups,

.. أقبلت سريعا كتيبة آخرى كبيرة من فرسان الروم another large battalion of Roman knights arrived,

تريد الإنضمام ومساعدة جماعتهم الأولى which wanted to join and help the former group.

... فأصدر خالد الأوامر سريعا إلى ميسرة بن مسروق بأن يتقدم و يمنعهم من ذلك Khaled quickly ordered Maysara ibn Masrouq to advance and prevent them from doing so...

فانطلق ميسرة كالسهم و التحم مع الجماعة الجديدة من فرسان الروم و قاتلهم قتالا شديدا He set off quickly and engaged with the new group of Roman knights and fought them violently...

ويبدو أن الروم كانوا قد خططوا جيدا لتلك المواجهة It seems that the Romans had planned well for that confrontation.

.. فبعد فترة قصيرة After a short while,

جاءت جماعة كبيرة جدا من الفرسان أكبر من الجماعات الأولى a very large group of knights came, that was greater than the former groups

يقودهم بطريق كبير من بطارقة الروم ... and was led by a great Roman Patrician...

... و كان هذا البطريق قد قسم جماعته إلى نصفين That patrician had divided his people in half...

فلما شاهد خالد بن الوليد يقف مع جماعة الفرسان المتبقية من المسلمين When he saw Khaled ibn Al-Waleed standing with the remaining Muslim knights,

.. أمر النصف الأول من جيشه أن يهجموا عليهم فورا ... he ordered the first half of his army to attack them immediately...

فانطلق هذا الجزء من الفرسان البيزنطيين و التحموا في غضون لحظات بسيطة مع خالد و جماعته That part of the Byzantine knights took off and engaged with Khaled and his people in a few moments...

... ولكن لدهشتهم الشديدة But to their great surprise,

.. استطاع خالد أن يمتص هذا الهجوم العنيف مع فرسانه بل ونجح في رد الهجوم Khaled and his knights were able to get over that violent attack and succeeded in repelling it

والضغط عليهم and putting pressure on them.

فأمر البطريق البيزنطي النصف الثاني سريعا أن يتقدم و يساعد النصف الأول ... The Byzantine Patrician quickly ordered the second half to advance and help the first one ...

وبالفعل Indeed,

انطلق هذا الجزء و اجتمع مع الجزء الأول that part set off and met with the first one

و بدأووا في الضغط على خالد و جماعته من الفرسان .. and they started to put pressure on Khaled and his knights..

و لكن وللمرة الثانية .. نجح خالد في الصمود أمامهم و قام بالضغط عليهم بشدة But for the second time, Khaled succeeded to stay steady against them and put severe pressure on them

في نفس الوقت at the same time

الذي كان كل من قيس و ميسرة يزيدون الضغط مع جماعتهم من الفرسان على أعدائهم من الروم that both Qais and Maysara and their knights were increasing the pressure on their Roman enemies...

... فلما رأي القائد البيزنطي أنه لا فائدة من الهجوم الذي نفذه When the Byzantine leader realized that the attack he had carried out was useless,

.. أصدر الأوامر للجميع بالتراجع و الإنسحاب سريعا نحو معسكر الروم he ordered everyone to retreat and withdraw quickly towards the Roman camp....

.... و كان هذا ما ينتظره خالد And that was what Khaled was waiting for.

فما أن شاهد الجميع يتقهقر إلى الوراء As soon as he saw everyone retreating backwards,

حتى صاح في فرسانه و قال he shouted at his knights saying:

أحملوا معي يا اهل الإسلام واتبعوهم ولا تغفلوا عنهم “Fight with me, people of Islam, follow them and do not lose sight of them.”

فانطلق فرسان المسلمين سريعا وراء فرسان الروم و استطاعوا تنفيذ هجوم ناجح عليهم في كل الجبهات The Muslim knights quickly went after the Roman knights and successfully attacked them on all sides..

فاختل نظام الفرسان البيزنطيين The Byzantine cavalry regime was disturbed

و بدأووا في الفرار سريعا نحو المعسكر بعدما أصيبوا بالعديد من الخسائر and they began to flee quickly towards the camp after suffering many losses...

و عاد المسلمون في تلك الليلة إلى المعسكر و هم في حالة نشوة من الإنتصار That night, Muslims returned to the camp rejoiced of victory

و بنظرة القائد العسكري المحنك .. With the point of view of an experienced military commander,

.. أدرك خالد رضي الله عنه مدى تفوق فرسان المسلمين على الروم رغم قلة العدد Khaled (may Allah be pleased with him) realized the extent to which the Muslim knights outperformed the Romans despite the small number,

سواء من ناحية اللياقة البدنية و المعنوية in terms of fitness, morality

او من ناحية أفضلية الخيل العربي على خيل الروم ... and preference of the Arab horse over the Roman one...

و لذلك ما أن إجتمع مع أبي عبيدة Therefore, as soon as he met with Abu Ubaida,

حتى قال له أن الإنتصار الذي حققه المسلمون على فرسان الروم قد أصاب جماعتهم بالرعب he told him that the victory achieved by Muslims over the Roman knights had terrified them,

و لذلك كان لابد عليهم من إنتهاز هذه الفرصة و الهجوم سريعا في اليوم التالي عليهم so they had to seize this opportunity and attack them quickly on the following day

وهم في هذه الحالة من التخبط قبل أن يستعيدوا نظامهم و يجترأوا على المسلمين من جديد before they regain their regime and dare to attack the Muslims again...

فوافق أبو عبيدة علي كلامه و قال له Abu Ubaida agreed to his words and told him:

“فانهضوا على بركة الله” “Set off with Allah's blessing.”

في ليلة يوم السابع والعشرين من ذي القعدة في العام الثالث عشر هجريا( 23 يناير 634 ) On the night before the 27th of Dhu Al-Qada in the 13th Hijri year (January 23, 634),

قام أبو عبيدة و بدأ في تعبئة الجيش الإسلامي و تنظيم الأفراد .. Abu Ubaida started preparing the Islamic army and organizing its individuals.

.. وسار وسط الصفوف و أخذ يحمس الجنود بكلمات تشجيعية He passed among the ranks and started to encourage the soldiers with his words.

و أمر بأن يكون خالد بن الوليد على الفرسان في مقدمة الجيش He ordered Khaled ibn Al-Waleed to be at the forefront of the army...

... و بعد أن اطمئن لتنفيذ الجميع لأوامره After he was assured that everyone was following his orders,

.. أصدر الأمر بالزحف فورا نحو معسكر الروم he issued the order to march immediately towards the Roman camp.

و في خلال تلك الأثناء In the meantime,

كان قائد الروم سقلار بن مخراق يعتقد أن جيش المسلمين لن يتوقع عبور الروم إليهم the Roman commander, Sakellarius, believed that the Muslim army would not expect the Romans to cross to them...

وكان يظن أن إنتصار المسلمين الأخير عليهم سيجعلهم يخلدون إلى الراحة He thought that the recent Muslims' victory against them would make them rest

و أنه إذا أخذ القوات و جاءهم فسيكونوا في خيامهم نائمين and that if he took the troops to them, they would be in their tents asleep,

فيستطيع أن ينقض عليهم ويفاجئهم عندئذ so he could pounce on them and surprise them...

ولذلك قرر فورا أن يسير بالقوات من مدينة بيسان So he immediately decided to march with the troops from Besan

و اتجه نحو مدينة فحل حيث يتواجد المسلمون and headed towards the city of Fahl where Muslims were...

واستمر في المسير حتى قام بعبور منطقة الأوحال الشديدة بحرص شديد He continued to march until he carefully crossed the severely muddy area...

و لكنه ما أن عبر تلك المنطقة But as soon as he crossed that area,

حتى تفاجأ بعد وقت قصير بوصول فرسان المسلمين و على رأسهم خالد بن الوليد he was surprised with the arrival of the Muslim knights, led by Khaled ibn Al-Waleed,

بعد أن كانوا عبروا نهر الأردن after they had crossed the Jordan River

و من خلفهم قوات الجيش الإسلامي كما قسمها أبو عبيدة followed by the Muslim army's forces as divided by Abu Ubaida ...

فأصدر سقلار الأوامر سريعا للجيش بالثبات و الإستعداد في وضعية القتال Sakellarius quickly ordered the army to remain steady and ready in combat mode...

اختلفت المصادر الإسلامية حول عدد جيش الروم في ذلك اليوم Islamic sources differed about the number of the Roman army on that day...

فالإمام الطبري ينقل عن سيف بن عمر Imam Tabari quoted Saif ibn Omar

أن عدد الروم قد وصل إلى 80 ألف جندي بيزنطي that the number of the Romans reached 80,000 Byzantine soldiers.

بينما قال الأزدي أن العدد كان خمسين ألفا While Al-Azdi stated that the number was 50,000

وهو الأقرب للصواب من وجهة نظر الكثير من المؤرخين and that is the closest to truth from the point of view of many historians...

أما جيش المسلمين فلم تذكر المصادر عدده As for the Muslim army, sources did not mention its number,

ولكن حسب المعطيات السابقة but according to previous data,

فقد تراوح عدده بين ال26 إلى 30 ألف it ranged from 26,000 to 30,000.

و يبدو أن الروم قد تعلموا من المواجهة السابقة بين فرسانهم و فرسان المسلمين It seems that the Romans learned from the previous confrontation between their knights and the Muslims'.

.. فبعد أن ادرك سقلار مدى تفوق الخيل والفارس العربي على نظيره من الروم After Sakellarius had realized the superiority of the Arab horses and knights over their Roman counterpart,

قرر أن يؤمن فرسانه في تقسيمه لصفوف الجيش he decided to secure his knights when dividing the army's ranks.

فجعل الفرسان في الصف الأول من القلب He placed the knights in the first row of the heart.

و كان كل فارس يقف بين جنديين من المشاة . Each knight stood between two infantry soldiers,

أحدهما يحمل الرمح و الثاني يرمي بالسهام one held a spear and the other threw arrows,

حتى يكون كل فارس محميا من جميع الأطراف so that each knight was protected from all sides.

.. و قام سقلار بوضع المشاة على الجانبين من الجيش Sakellarius placed infantry on both sides of the army...

أما جيش المسلمين .. فقد قام أبو عبيدة بتقسيمه إلى ميمنة بقيادة معاذ بن جبل As for the Muslim army, Abu Ubaida divided it into a right side led by Moaz ibn Jabal

و ميسرة بقيادة هاشم بن عتبة and a left side led by Hashim ibn Utba

و جعل على المشاة بالوسط سعيد بن زيد and the infantry in the center were led by Saeed ibn Zeid ...

... وأسند مهمة قيادة الفرسان إلى خالد بن الوليد في المقدمة The leadership of the knights in the foreground was assigned to Khaled ibn Al-Waleed...

فلما شاهد خالد بن الوليد ترتيب الروم الجديد للفرسان و تقدمهم البطئ نحو جيش المسلمين When Khaled ibn Al-Waleed saw the new order of the Roman knights and their slow progress towards the Muslim army,

أصدر الأوامر للجميع بالانطلاق و صد هذا الهجوم he ordered everyone to set off and repel that attack...

اندفع فرسان المسلمين نحو فرسان جيش الروم الزاحف نحوهم The Muslim knights rushed towards the Roman ones creeping towards them.

.. و حاولوا بالفعل الإلتحام معهم They tried to engage with them

و تشتيتهم كما حدث في الإشتباك السابق and distract them as they had done in the previous clash.

ولكن ما أن إقترب الفرسان من المكان But as soon as the knights approached,

حتى انطلق وابل من السهام عليهم من الرماة بجانب فرسان الروم many arrows were set off towards them from the archers beside the Roman knights.

فتوقف خالد عن التقدم مع بقية فرسانه Khaled and the knights stopped advancing

و لم يستطع أن يكمل التقدم بسبب غزارة السهام الملقاة عليهم and were not able to continue the progress because of the arrows thrown at them.

فالتفت إلى الفرسان و أمرهم بالتراجع فورا نحو جيش المسلمين من جديد He turned to the knights and ordered them to retreat immediately towards the Muslim army

وهم يحتمون من تلك السهام الغزيرة while taking shelter from those arrows.

.. فبدأت صفوف الفرسان في التراجع البطئ نحو مشاة المسلمين The knights' ranks began to slowly retreat towards the Muslim infantry

و صفوف الروم تواصل تقدمها ببطء نحوهم and the Roman ranks continued to advance slowly towards them...

... وبينما كان خالد بن الوليد يتراجع نحو صفوف المسلمين While Khaled ibn Al-Waleed was retreating towards the Muslim ranks,

أخذ ينظر نحو صفوف الروم و يحاول إيجاد ثغرة سريعا بينهم he looked at the Roman ranks and tried to quickly find a gap between them.

و استطاع أن يلاحظ ان فكره تدعيم فرسان الروم بالمشاة و الرماة في القلب He noticed that the idea of supporting the Roman knights in the heart with infantry and archers

كانت نقطة تفوق في صالحهم was a point of superiority in their favor.

ولكنهم بهذا التشكيل But with this formation,

جعلوا تشكيل المشاة في الجوانب مجرد تماما من الفرسان او الرماة they made the infantry in the sides lack knights and archers..

وأدرك أنه إن أراد التفوق في هذا اليوم He realized that if he wanted to succeed that day,

فلابد عليه من إستغلال ذلك الأمر جيدا he must take advantage of that point...

... و بالفعل قام فورا بتقسيم قوة الفرسان لديه إلى ثلاثه أقسام He immediately divided his cavalry into three divisions.

.. فجعل على الميمنة ثلث القوة بقيادة قيس بن هبيرة المرادي He placed one third of the force on the right side led by Qais ibn Habira al-Muradi

.. و جعل ثلث القوة في المنتصف تحت قيادة ميسرة بن مسروق and one third of the force in the middle led by Maysara ibn Masrouq

و أخذ هو الثلث الأخير و استقر في الميسرة and he took the last third and settled on the left side

و شرح لكل قائد خطته سريعا and explained his plan quickly to each commander..

و في اللحظة المناسبة و بينما كان جيش الروم يعيد تحميل الأقواس بالسهام At the suitable moment, while the Roman army was reloading the bows with arrows,

.. انطلق خالد بن الوليد سريعا مع جماعته من الفرسان نحو ميمنة الروم من المشاة Khaled ibn Al-Waleed and his group of knights quickly set off towards the Roman infantry on the right side...

فاندهش سقلار من ذلك التصرف Sakellarius was surprised by that maneuver

و خشى أن يتفوق خالد بسهولة على المشاة و يلتف من وراء الجيش and feared that Khaled would easily outperform the infantry and turn behind the army...

ولذلك أمر سريعا جماعة من الفرسان أن تتقدم سريعا و تصده قبل أن يصل لميمنة الروم Therefore, he quickly ordered a group of knights to advance rapidly and repel him before reaching the right side of the Romans...

... و بينما كانت جماعة الروم تنطلق سريعا نحو خالد While the Roman group was moving quickly towards Khaled,

.. تفاجأ سقلار بخروج فرسان المسلمين من الجانب الأيمن بقيادة قيس Sakellarius was surprised by Muslim knights, led by Qais, coming out of the right side

و انطلاقها سريعا نحو المشاة في ميسرة جيش الروم and quickly setting off towards the infantry on the left side of the Roman army..

فصاح سقلار في جماعة آخرى من الفرسان أن تتقدم سريعا و تحمي ميسرة جيشهم من هذا الهجوم Sakellarius shouted at another group of knights to advance quickly and protect the left side of their army from that attack...

فكان ذلك هو ما أراده خالد بن الوليد That was what Khaled ibn Al-Waleed aimed at.

.. فقد أراد ان يستدرج فرسان الروم بعيدا عن مشاتهم ليفقدهم عنصر التعاون بينهم He wanted to lure the Roman knights away from their infantry to make them lose the element of cooperation between them.

.. و تركهم يتقدمون لمسافة مناسبة حتى اقتربوا منه He let them advance to a suitable distance until they approached him,

فصاح عندئذ وقال : الله أكبر .. أخرجهم الله لكم .. فشدوا عليهم ! " then he shouted and said: “Allahu Akbar.. Allah took them out for you.. Attack them!"

التحم فرسان المسلمين على كلا الجانبين مع فرسان الروم الذين تقدموا لهم The Muslim knights on both sides clashed with the Roman knights who advanced to them..

ووضح منذ الوهلة الأولى تفوق فرسان المسلمين The superiority of the Muslim knights was clear from the very beginning..

فقد كان القتال شديدا عنيفا سريعا للغاية The fighting was very intense, violent and fast,

و بدأ فرسان الروم يتساقطون واحدا تلو الآخر and the Roman knights began to fall one after the other..

.. ويقال ان قيس قد تكسر في يده 3 أسياف و بضعة عشر رمحا في ذلك اليوم It is said that Qais broke 3 swords and tens of spears that day...

فلما رأى هاشم بن عتبة تفوق الفرسان في الميسرة بقيادة خالد بن الوليد When Hashem ibn Utba saw the superiority of the knights on the left side led by Khaled ibn Al-Waleed,

قام بهز الراية أمام الجنود وصاح قائلا he shook the flag in front of the soldiers and shouted,

والله لا اردها حتى اثبتها في صفهم "I swear I will not return it until I fix it on their side.

.. فمن شاء فليتبعني .. ومن شاء فليتخلف عني Whoever wants, follow me. And whoever wants, leave me.”

وانطلق سريعا نحو صفوف مشاة الروم في الميسرة He quickly set off towards the ranks of the Roman infantry on the left side,

و معه جميع المسلمين لم يتخلف منهم أحدا and all Muslims went after him and nobody stayed behind...

وما ان اقترب منهم حتى انطلقت السهام نحوهم As soon as he approached them, arrows were thrown towards them,

فجلس المسلمون على الركب و اتقوا سهامهم بالدروع so the Muslims sat on their knees and protected themselves from the arrows with shields.

و أخذ هاشم يصيح و يقول Hashem started shouting and saying,

شدوا عليهم أنا فداؤكم ... فإنها غنيمة الدنيا والأخرة “Attack them, I am your redemption. It is the trophy of life and hereafter.”

فانطلق مشاة المسلمين حتى وصلوا لصفوف الروم The Muslim infantry set off till they reached the Roman ranks

و التحموا معهم التحاما عنيفا بالسيف و ارتفعت وتيرة القتال ... and they clashed with them violently with swords and the pace of fighting increased...

فلما شاهد ميسرة ذلك الوضع When Maysara saw the situation,

أمر الفرسان في القلب أن يتقدموا سريعا حتى يلتحموا مع منتصف جيش الروم he ordered the knights in the heart to advance quickly to engage with the heart of the Roman army.

.. فانطلقوا جميعا في الحال So they all set off immediately.

ورغم أن الأوضاع على جوانب الجيشين كانت تميل إلى المسلمين Although the situations on the sides of both armies were in favor of Muslims,

إلا أن تشكيل الروم في المنتصف كان لا يزال قويا و من الصعب إختراقه . but the formation of the Romans in the heart was still strong and difficult to penetrate.

فبمجرد وصول ميسرة على الخيل As soon as Maysara arrived on his horse,

حتى كان القتال عنيفا للغاية في تلك الجهة the fighting was very violent on that side.

و استمر الوضع على ذلك و كل طرف يسدد الضربات المميتة إلى الآخر The situation remained as it was, and each side hit the other with deadly strokes.

و سقط ميسرة من على فرسه بعد أن كان قتل أحد قادة الروم Maysara fell off his horse after he had killed one of the Roman leaders.

فالتف حوله جماعة من المشاة و أحاطوا به و أصابوه So, a group of infantry encircled him and caused him injury,

و ظن ميسرة أنها النهاية Maysara thought it was the end..

ولكن لم تمر سوى بضعة ثوان But it was only a few seconds

حتى سمع الجميع وقع أقدام مشاة المسلمين بقيادة سعيد بن زيد until everyone heard the footsteps of the Muslim infantry led by Saeed ibn Zeid

وهي تقبل بغزارة لنجدة الفرسان approaching profusely to aid the knights...

فاستطاعت المشاة أن ترد من كان حول ميسرة The infantry was able to repel those who were surrounding Maysara

و بدأت صفوف الروم تتراجع ببطء لتصد هذا الإندفاع الشرس من المسلمين ... and the Roman ranks began to slowly retreat to repel this fierce rush of Muslims...

فلما لاحظ سقلار مقدار الضغط الذي تتعرض له القوات البيزنطية في كل جهة When Sakellarius noticed the amount of pressure that Byzantine forces were exposed to on each side,

حاول أن يلجأ للحيلة he tried to resort to deceit

و امر بعض من صفوف ميسرة الروم and ordered some ranks of the Roman left side

أن تتقدم و تلتحم مع ميمنة المسلمين الخالية من أي رقابة to advance and clash with the right side of the Muslims which was free from control,

على أمل ان يجبر المسلمين على التراجع لإنقاذهم in the hope that he would force Muslims to retreat to save them.

فانطلقت الصفوف الأمامية من مشاة الروم سريعا نحو المسلمين The front rows of Roman infantry quickly set off to Muslims

... و انقضوا بكل عنف على المشاة في الميمنة and pounced violently on infantry in the right side.

فلما اقتربوا منهم صاح معاذ بن جبل قائد الميمنة في الرجال و قال لهم When they approached them, Moaz ibn Jabal, commander of the right side, shouted,

أيها الناس اعلموا رحمكم الله “Hey people, listen, may Allah bless you,

أن الله قد وعدكم بالنصر و أيدكم بالإيمان Allah has promised you victory and supported you with faith.

فانصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم So support Allah, He will support you and stabilize you."

فتحمس المسلمون و قاموا بالتصدي بكل شجاعة لهجمات الروم عليهم So, the Muslims sought and bravely confronted the Roman attacks against them.

.. و في خلال دقائق Within minutes,

كان المسلمون يبادرون بالهجوم Muslims were attacking

و يجبرون صفوف الروم على التراجع من جديد نحو صفوف جيشهم and forcing the Roman ranks to retreat backwards towards their army.

واستمر الحال على ذلك وكان القتال أشد قتال اقتتله المسلمون قط حتى هذه اللحظة The situation remained like that and the fighting was the most intense one ever fought by Muslims so far ...

ومع وصول معاذ و رجال المسلمين إلى صفوف جيش الروم As soon as Moaz and the Muslim men arrived at the Roman army's ranks,

حتى كان فرسان المسلمين في الميمنة والميسرة قد نجحوا في الفتك بفرسان الروم على أخرهم . the Muslim knights in the right and left sides had succeeded to completely eliminate the Roman knights...

فقام خالد و قيس بمعاونة المشاة في كل جانب في هجومهم على الروم Khaled and Qais, aided the infantry on each side, attacked the Romans

وأصبحت الآن مشاة الروم في كل جانب معرضة لهجوم مزودج من المسلمين and the Roman infantry on each side became exposed to a double Muslim attack...

فانتشرت الفوضى و تم ذبح الآلاف من الروم نتيجة لذلك الهجوم الشرس من المسلمين Chaos spread and thousands of Romans were killed as a result of the fierce Muslim attack...

و شيئا فشئ And gradually,

ازداد تقدم الفرسان والمشاة حتى وصلوا إلى قلب جيش الروم مع قدوم الليل the progress of the knights and infantry increased until they reached the Roman army's heart with the fall of the night...

فلم يستطع القلب أن يصمد أمام كل تلك الهجمات The heart could not withstand all these attacks,

و سقط القائد البيزنطي سقلار صريعا and Sakellarius, the Byzantine leader was killed,

و انتشر الهلع وسط جنود الروم and panic spread among the Roman soldiers.

وبسبب عدم وجود خطة انسحاب محكمة لديهم Due to the lack of a tight withdrawal plan,

لم يجد أحدا منهم مفرا سوى بالهروب و التوغل داخل الأوحال التي كانوا هم السبب فيها قبل عدة أيام all of them fled and went deep into the muds that they had made a few days ago...

... فانطلقوا سريعا نحوها للنجاة بحياتهم They quickly went towards it in a trial to survive,

ولكن لصعوبة التوغل بها .. سقط العديد منهم خلال هروبهم but because of the difficulty of penetrating into it, many of them fell during their escape

و قام المسلمون باتباعهم و اصطيادهم بالرماح and Muslims followed them and hit them with spears...

فانتهت معركة فحل بنتيجة كارثية على الروم The battle of Fahl ended with a disastrous result to the Romans

و انتصر المسلمون مرة آخرى على الجيوش البيزنطية بالشام while the Muslims again defeated the Byzantine armies in the Levant...

كانت معركة فحل من أشد المعارك التي خاضها المسلمون خلال رحلة فتح الشام The Battle of Fahl was one of the most intense battles that Muslims fought during the journey of annexing the Levant...

فيقال أن عدد قتلاهم قد وصل إلى 10 آلاف It is said that the number of the Roman deaths reached 10 thousand

ولم يسلم أحدا ممن هرب من هجوم المسلمين and none of those who escaped the Muslim attack remained safe...

وإذا نظرنا بتمعن إلى أحداث تلك المعركة If we look closely at the events of that battle,

فسنرى أنه من أهم العوامل التي ساهمت في انتصار المسلمين بعد التوفيق من الله سبحانه وتعالى we could see that one of the most important factors that contributed to the victory of Muslims, after the reconcile of Allah Almighty,

هو تفوق الفارس العربي وخيله على نظرائهم من الروم was the superiority of the Arab knight and his horse over their Roman counterparts..

.. فخفة سلاح الفرسان في جيش المسلمين لم تكن تتوفر ابدا لفرسان الفرس و الروم كما ظهر في العديد من المناسبات السابقة The lightness of the cavalry in the Muslim army was never available to the Persian and Roman knights as it was clear on many previous occasions..

فمع حسن الإدارة .. كان دائما المسلمون يستطيعون تنفيذ الهجمات و الإنسحاب في الوقت المناسب With good management, Muslims were always able to carry out attacks and to withdraw in the suitable time.

.. و رغم أن قائد الروم في تلك المعركة قد حاول أن يتغلب على تلك العقبة Although the Roman leader in that battle tried to overcome that obstacle

بتنظيمه الجيد للفرسان وسط حماية الرماحين والرماة by well organizing the knights amid the protection of shooters and archers,

الا أن سرعة البديهة التي تمتع بها خالد بن الوليد و بصيرته المميزة however, the speed of intuition of Khaled ibn Al-Waleed and his distinctive insight

مكنته من تنفيذ خطة عبقرية لسحب الفرسان وإستدراجهم نحو الجوانب enabled him to implement a brilliant plan to withdraw the knights and draw them towards the sides

حتى يصعب عليهم صد هجمات المسلمين to prevent them from repelling the Muslim attacks...

ونجح في فصل سلاح الفرسان الخاص بالروم عن المشاة وأفقدهم أفضلية التعاون بينهم He also succeeded in separating the Roman cavalry from the infantry and making them lose the advantage of cooperating together.

ولعل من أهم أسباب تلك الهزيمة أيضا Also, perhaps one of the most important reasons for that defeat

هو تسرع القائد البيزنطي في تنفيذ هجومه was the haste of the Byzantine leader to carry out his attack.

فخطته كلها كانت تعتمد على مفاجأة جيش المسلمين و الهجوم عليهم في معسكرهم بمدينة فحل His plan was to surprise the Muslim army and to attack them in their camp in the city of Fahl.

و لم يكلف نفسه بارسال كتيبة لإستطلاع أحوالهم He did not bother to send a battalion to survey their situation,

فلم يعلم بتحرك المسلمين من مكانهم قبل ذلك so he did not know about their movement from their place ahead...

فكان ذلك سببا رئيسيا في عدم وضعه خطه للإنسحاب This was a major reason for not putting a withdrawal plan

و توريطه للجيش بأن يقف أمام منطقة الأوحال and implicating the army to stand in front of the muddy area

التي حاول أن يحتمي بها من هجمات المسلمين في السابق that it tried to shelter in from Muslim attacks previously..

وبدلا من أن تكون تلك المنطقة خط دفاع لهم .. أصبحت هي المكان الذي لاقى فيه الجيش البيزنطي حتفه و انقلب الفخ على أصحابه The trap turned against its maker and that area became the place where the Byzantine army died instead of being their line of defense.

بعد ذلك الإنتصار After that victory,

أرسل أبو عبيدة خطابا إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه Abu Ubaida sent a letter to Umar ibn al-Khattab (may Allah be pleased with him)

حتى يعلمه بأخبار الإنتصار الأخير على الروم to inform him of the news of the recent victory over the Romans...

ثم قام أبو عبيدة بمصالحة من كان بالحصون في بيسان و سائر أراضي الأردن على الأمان Then Abu Ubaida reconciled those who were in the forts in Besan and the rest of Jordan on safety

و اتفق معهم على أداء الجزية and agreed with them to perform the tribute..

وأعطى الفرصة لمن رفض ذلك As for those who refused,

أن يلتحق بالروم في أعلى الشام و يخلي بلاد الأردن he gave them the opportunity to join the Romans in the top of the Levant and evacuate the land of Jordan.

و صالح كذلك أهل طبرية و غيرها من البلاد He also reconciled the people of Tiberias and other countries.

أما من فتحت أرضه بغير صلح As for those whose land was annexed without reconciliation,

فقد رفض أبو عبيدة أن يستولى المسلمون على ارضهم Abu Ubaida refused that the Muslims take over their land

و نفذ أوامر أمير المؤمنين بأن يتركهم في سبيل حالهم and executed the orders of new caliph to leave them for their own sake

وعدم التعرض لهم وحمايتهم مقابل دفع الجزية السنوية and not to be exposed to them in exchange for the payment of the annual tribute...

و بعد أن استقرت الأوضاع بالمنطقة After the situation in the area stabilized,

أمر أبو عبيدة الجميع بأن يشدوا الرحال نحو مدينة دمشق من جديد Abu Ubaida ordered everyone to start their journey towards Damascus city again..