×

We use cookies to help make LingQ better. By visiting the site, you agree to our cookie policy.


image

Philosophy*, نظريات العقد الإجتماعي #سياسة #عقد_اجتماعي

نظريات العقد الإجتماعي #سياسة #عقد_اجتماعي

السلام عليكم ومرحبا بكم من جديد في عالم الفلسفة

في هذا الفيديو سنتعرف بشكل مقتضب على آراء بعض الفلاسفة في العقد الإجتماعي

وقد اخترت أن تكون البداية من سنة 1642 حيث اندلعت حرب أهلية دموية في إنجلترا

نتيجة انتفاض البرلمانيين ضد الملك شارل الأول

وقد حكموا عليه بالموت وقاموا بتقطيع أوصاله

فترأس أوليفر كرومويل الحكومة الجديدة

وقد قضى فترة حكم مرعبة حيث قضى على الكاثوليك الارلنديين الذي ثاروا ضده بطرق بشعة جدا

وفي دروغيدا، أول من سيقاومه، خلف 2500 قتيل بينهم رجال ونساء وأطفال

وحتى الذين احتموا بالكنيسة تم أحراقهم أحياء داخلها

فعم الرعب بالجزيرة حيث كثرت المجازر

وأنا أسوق هذه الأحداث وأذكر بها لأنني أعتقد أنها كانت حاضرة بقورة في ذهن توماس هوبز

عندما الف كتابه الشهير "اللوفياتان" 1651

حيث يصور الطبيعة الإنسانية في أكثر تجلياتها سوداوية

وأنا هنا لا أحاول أن أقول بوجود علاقة ميكانيكية بين هذه الأوضاع السياسية وفلسفة هوبز

لكن شخصيا أرى أن السياق التاريخي والاطلاع على حياة الفيلسوف يخولان لنا فهما أكبر لأفكار الفيلسوف وتصورات

خصوصا أن هوبز كان شديد الخوف وقد زعم أنه أول من فر من الحرب الأهلية

عموما، قلت أن هوبز صور الطبيعة الانسانية في أكثر تجلياتها سوداوية

حيث يرى هوبز أن الناس في حالة الطبيعة

،وهي الحالة السابقة على حالة الاجتماع

كانوا يعيشون كمجموعة من الكائنات المتوحشة، العنيفة والأنانية،

مستعدة على الدوام لافتراس بعضها البعض

لأن كل فرد يقف مانعا أمام الحق المطلق للفرد الآخر

وبذلك ينتصب الأفراد كمنافسين لبعضهم البعض أي كالأعداء

ولهذا فهو يصف هذه الحالة، أي حالة الطبيعة، بكونها " حرب الكل ضد الكل

وبأن الإنسان " ذئب لأخيه الإنسان

ولذلك كان يرى أن "الحياة في حالة الطبيعة كانت منزوية، فقيرة، بغيضة، همجية، وقصيرة

ولتفادي حالة الحرب هذه، اضطر الأفراد إلى التعاقد لإنشاء جماعة سياسية

فاختاروا بمقتضى هذا التعاقد حاكما تنازلوا له عن كل حقوقهم حتى يحافظ على حياتهم وعلى الاستقرار والأمن

ومن الضروري أن يملك هذا الحاكم سلطة مطلقة حتى يستطيع حفظ النظام

وبالتالي فهوبز يفضل النظام الملكي على الارستقراطي والشعبي

وقد سبق له أن ناصر الملك ضد البرلمان ولكنه أنكر الحق الإلهي الذي زعمه الملك .

كان توماس هوبز يدافع عن الحكم المطلق

فمن خلال هذا التعاقد تمنح الرعية للملك هدية مجانية كما يسميها هوبز هي الطاعة

وذلك على أمل العيش بسلام وطمأنينة

ولكن ماذا لو كان الحاكم مستبدا ؟

في هذه الحالة يقول هوبز أن الملك يجب عليه أن يتصرف بحيث لا يتأتى للمانح،

الذي أعطى هدية مجانية للملك، أن يندم على إهدائه ما أهدى

لكن لو حدث العكس فلا يحق للشعب أن يقول أن الملك غير عادل أو مستبد

لأن ذلك سيوجب معاقبته وهذا سيؤدي إلى قيام حرب أهلية

فيضيع الأمن والسلام الذي كان هدفا أول لكل هذا

أي الهدف الذي كان يسعى وراءه هذا الفرد

فهوبز يرى أن ما هو أخلاقي ولا أخلاقي، عادل أو غير عادل

إنما يحدد من خلال ما يؤدي إلى السلام أو العكس أي ما يحول دون تحقيقه

فما يؤدي إلى السلام هو الأخلاقي وما يحول دون تحقيقه هو اللاأخلاقي

فأهم شيء بالنسبة لهوبز هو الأمن كما سبقت الإشارة

حيث يقول : أصبحت كل واجبات الحكام الآن متضمنة في جملة واحدة، أمن الناس هو القانون الأعظم

لقد كان لفلسفة هوبز أثر عظيم على المفكرين اللاحقين

إذ أصبح جميع المشتغلين بالنظريات السياسية بعده يعتبرون الحكومة نظاما أنتجته احتياجات الإنسان ومصالحه

وليست نابعة عن نزعة اجتماعية غريزية لدى الإنسان باعتباره حيوانا سياسيا كما كان يقول أرسطو

كما أن الملك لم يعد يمتلك شرعية إلهية مقدسة

ولكن بالمقابل، المقصود مقابل هذه الإيجابيات التي جاءت بها فلسفة هوبز

فقد كان له تأثير سلبي على من أتى بعده، أو على بعض من أتى بعده بما ساقه من حجج تدعم السيادة المطلقة

لكن موقف هوبز كان مبررا فغايته كانت توفير السلام الداخلي وطمأنينة الأفراد من خلال تحقيق الأمن

نصف قرن بعد هوبز،سيأتي جون لوك (1632-1704)، أحد آباء الليبرالية السياسية

ويتناول أو يعيد مسألة العقد الاجتماعي ففي كتابه الحكومة المدنية (1960)

يلتقي مع هوبز في كون الناس اتفقوا على العقد الاجتماعي لحماية أنفسهم وممتلكاتهم

ولكنه يختلف معه في تصوره السوداوي للإنسان

ونظرته لحالة الطبيعة باعتبارها حالة توحش

حيث يرى أن الناس في حالة الطبيعَة عقلاء يحسنون التصرف يرغبون في التعاون مع الآخرين

فقد كانت حالة حرية ومساواة

ولكن أغلب الناس في حالة الطبيعة لم يكونوا قادرين على جعل الجميع يحترم حقوقهم الطبيعية

ولا يستطيعون بمجهودهم الفردي حماية ملكيتهم

فرغم كون الحق والقانون الطبيعيين واضحين ومفهومين بالعقل

كان لابد من أخذ ما تخلفه المصلحة الشخصية من جهل وعمى بالحسبان

هذا بالإضافة إلى أن الفرد في حالة الطبيعة كان قاضيا ومعاقبا في نفس الوقت

ومن غير المستبعد أن ينحاز لنفسه،

لهذا اتفقوا فيما بينهم على إقامة حكومة تلزم الناس بالمحافظة على احترام حقوق الجميع.

وهكذا يتم تفويض الحكم للملك أو الحكومة بمقتضى عقد ولكنه عقد مشروط على عكس ما ذهب إليه هوبز

فهو يرى أن حقوق الحاكم محدودة كغيره من الناس

وأن السلطة المخولة للحكومة هي نوع من الثقة التي تهدف لتحقيق خير المجتمع

ويمكن استردادها إذا زالت هذه الثقة

فلو خرج الملك عن أحكام العقد وهدد الحقوق الطبيعية

خصوصا الحرية وحق الملكية،

يكون من حق المحكوم محاسبته وعند الضرورة القصوى له أن يثور عليه.

فهدف الحكومة المدنية هو حماية الفرد وضمان ممارسته لحرياته

والحفاظ على حقوقه خصوصا الحق في الملكية

فالناس قد خرجوا من الحالة الطبيعية وكونوا مجتمعا مدنيا غايته الأساسية المحافظة على الملكية

يقول لوك " كل حكومة لا غاية لها غير الحفاظ على الملكية من خلال الإرادة والتشريع لا الحكم"،

وهنا تجدر الإشارة إلى أن لوك لم يكن ديموقراطيا فقد كان يرى أن الملكية هي خير نظام

بشرط وجود مجلس يذكر الملك بالتزام الثقة الموضوعة فيه و هذاالمجلس هو الآخر يكون مسؤولا أمام الشعب.

بعد 75 سنة تقريبا قام روسو ببلورة تصوره الخاص للعقد الاجتماعي،

وهو يرى أن هوبز قد أخطأ في قوله أن حالة الطبيعة تتميز بالطمع والكبرياء،

فهاتان العاطفان لا تنشآن إلا في حالة الاجتماع،

وذلك لأنه يرى أن الإنسان في حالة الطبيعَة لم يكن مرتبطا بغيره بأي نوع من العلاقات

سواء كانت أخلاقية أو واجبات مشتركة،

لقد كان الإنسان في حالة براءة،

حالة ما قبل أخلاقية،

فلم تكن له لغة ولا صناعة،

يحصل بسهولة على وسائل إرضاء حاجاته الطبيعية وقد كان كاملا سعيدا لأن حاجاته قليلة.

وأهم ما كان يميزه هو الحرية،

ولكنه خرج من حالة الطبيعة لأسباب طبيعية أولا

فبعد أن عرض له الجذب والبرد اضطر إلى التعاون مع غيره تعاونا مؤقتا

كان الغرض منه صيد الحيوان ثم اضطرته الظروف المناخية الأخرى إلى الاجتماع بصفة مستديمة،

وقد ساهم ظهور الزراعة والصناعة أيضا في تمدن الإنسان،

كما ساهم أيضا في تقسيم الأرض مما أدى إلى ظهور تمايز بين الغني والفقير،

فتغير سلوكه وبرز الحسد،

وهكذا بدأ الإنسان الطيب بالطبع يتحول إلى شرير بالاجتماع

نظرا لتثبيت الملكية وازدياد التفاوت بين الناس.

وأصبح الأغنياء أكثر عرضة للاعتداء مما دفعهم لحث الناس على التعاقد وتكوين حكومة تضمن مصالح الجميع،

لكن روسو يرى أن هذا التعاقد مزيف لأنه مجرد غطاء يكتسب من خلاله الغني مزيدا من القوة فيما يكرس وضعية الفقير.

ولكن هذا الاجتماع أصبح ضروريا ومن العبث التخلي عنه،

وكل ما يمكن فعله هو إصلاح مفاسده،

وذلك من خلال خلق نوع من الاتحاد يحمي بقوة المجتمع كل عضو وحقوقه

ويسمح للكل وهو متحد بالكل بأن لا يخضع إلا لنفسه وبأن تبقى له الحرية التي كانت له.

فمبقتضى العقد الاجتماعي يصبح الكل متساوين في ظل القانون،

والقانون تجسيد لإرادة الكل التي تقر المنفعة العامة،

فالإرادة الكلية مستقيمة دائما ومن يأبى الخضوع لها يرغمه المجتمع على ذلك.

لقد كان العقد أداة إرادية يتنازل الأفراد بموجبه عن حريتهم الطبيعية إلى كل فرد آخر،

حيث تذوب الإرادة الفردية في إرادة عامة مشتركة،

وهذه الأرادة هي صاحبة السلطة والسيادة،

أما الحكومَة فهي أمر ثانوي عرضي،

فالملك والممثلون المنتخبون ممثلون عن الشعب الذي يملك السلطة والسيادة.

وعليه فممثلوا السلطة السياسية موظفون عند الشعب الذي يعينهم

والذي يملك الحق في التخلي عنهم أيضا.

كالعادة هذه مجرد إطلالات سريعة على أفكار تتعلق بالعقد الاجتماعي

وهذه النظريات التي كانت محفزا وملهما للكثير من الأفكار والنظريات الفلسفية والسياسية التي انتشرت فيما بعد،

كما كان العقد الاجتماعي بداية اختمار فكرة الدساتير الحديثة

التي قامت على أساس تمثيل الأرادة الشعبية العامة

وعموما فحركات التحرر مدينة بصورة مباشرة وغير مباشرة لنظريات العقد الاجتماعي التي نبهت الشعوب

إلى أن لها دورا في حياة أفرادها وأن الكلمة الفاصلة بيدها لا بيد الحكومات.

ونختم بالأسئلة التالية:

أي التصورين أقرب إلى تجسيد حالة الطبيعَة تصور هوبز أم روسو؟

هل تعتقد أن الإنسان شرير بطبعه أم أن العكس هو الصحيح؟

هل تعتقد أن شعوبنا مؤهلة لتبني الديموقراطية أم أنها لا تزال في حاجة لحكم مطلق يضمن الاستقرار والأمن؟

تحية عطرة للجميع - من - قناة عالم الفلسفة


نظريات العقد الإجتماعي #سياسة #عقد_اجتماعي Gesellschaftsvertragstheorien #Politik #Sozialvertrag Social contract theories #politics #social_contract Teorie del contratto sociale #politica #contratto_sociale Socialinių sutarčių teorijos #politika #socialinis_kontraktas

السلام عليكم ومرحبا بكم من جديد في عالم الفلسفة

في هذا الفيديو سنتعرف بشكل مقتضب على آراء بعض الفلاسفة في العقد الإجتماعي In this video, we will briefly learn about the opinions of some philosophers on the social contract Šiame vaizdo įraše trumpai sužinosime kai kurių filosofų nuomones apie socialinę sutartį

وقد اخترت أن تكون البداية من سنة 1642 حيث اندلعت حرب أهلية دموية في إنجلترا I chose to start in 1642, when a bloody civil war broke out in England

نتيجة انتفاض البرلمانيين ضد الملك شارل الأول The result of the uprising of parliamentarians against King Charles I Parlamento narių sukilimo prieš karalių Karolį I rezultatas

وقد حكموا عليه بالموت وقاموا بتقطيع أوصاله They sentenced him to death and dismembered him Jie nuteisė jį mirties bausme ir supjaustė

فترأس أوليفر كرومويل الحكومة الجديدة Oliveris Cromwellas vadovavo naujajai vyriausybei

وقد قضى فترة حكم مرعبة حيث قضى على الكاثوليك الارلنديين الذي ثاروا ضده بطرق بشعة جدا And he underwent a terrifying reign as he wiped out the Irish Catholics who had revolted against him in very gruesome ways. Jis praleido siaubingą valdymo laikotarpį, kai pašalino Airijos katalikus, kurie sukilo prieš jį labai siaubingais būdais.

وفي دروغيدا، أول من سيقاومه، خلف 2500 قتيل بينهم رجال ونساء وأطفال

وحتى الذين احتموا بالكنيسة تم أحراقهم أحياء داخلها

فعم الرعب بالجزيرة حيث كثرت المجازر

وأنا أسوق هذه الأحداث وأذكر بها لأنني أعتقد أنها كانت حاضرة بقورة في ذهن توماس هوبز

عندما الف كتابه الشهير "اللوفياتان" 1651

حيث يصور الطبيعة الإنسانية في أكثر تجلياتها سوداوية

وأنا هنا لا أحاول أن أقول بوجود علاقة ميكانيكية بين هذه الأوضاع السياسية وفلسفة هوبز

لكن شخصيا أرى أن السياق التاريخي والاطلاع على حياة الفيلسوف يخولان لنا فهما أكبر لأفكار الفيلسوف وتصورات

خصوصا أن هوبز كان شديد الخوف وقد زعم أنه أول من فر من الحرب الأهلية

عموما، قلت أن هوبز صور الطبيعة الانسانية في أكثر تجلياتها سوداوية

حيث يرى هوبز أن الناس في حالة الطبيعة

،وهي الحالة السابقة على حالة الاجتماع

كانوا يعيشون كمجموعة من الكائنات المتوحشة، العنيفة والأنانية،

مستعدة على الدوام لافتراس بعضها البعض

لأن كل فرد يقف مانعا أمام الحق المطلق للفرد الآخر

وبذلك ينتصب الأفراد كمنافسين لبعضهم البعض أي كالأعداء

ولهذا فهو يصف هذه الحالة، أي حالة الطبيعة، بكونها " حرب الكل ضد الكل

وبأن الإنسان " ذئب لأخيه الإنسان

ولذلك كان يرى أن "الحياة في حالة الطبيعة كانت منزوية، فقيرة، بغيضة، همجية، وقصيرة

ولتفادي حالة الحرب هذه، اضطر الأفراد إلى التعاقد لإنشاء جماعة سياسية

فاختاروا بمقتضى هذا التعاقد حاكما تنازلوا له عن كل حقوقهم حتى يحافظ على حياتهم وعلى الاستقرار والأمن

ومن الضروري أن يملك هذا الحاكم سلطة مطلقة حتى يستطيع حفظ النظام

وبالتالي فهوبز يفضل النظام الملكي على الارستقراطي والشعبي

وقد سبق له أن ناصر الملك ضد البرلمان ولكنه أنكر الحق الإلهي الذي زعمه الملك .

كان توماس هوبز يدافع عن الحكم المطلق

فمن خلال هذا التعاقد تمنح الرعية للملك هدية مجانية كما يسميها هوبز هي الطاعة

وذلك على أمل العيش بسلام وطمأنينة

ولكن ماذا لو كان الحاكم مستبدا ؟

في هذه الحالة يقول هوبز أن الملك يجب عليه أن يتصرف بحيث لا يتأتى للمانح،

الذي أعطى هدية مجانية للملك، أن يندم على إهدائه ما أهدى

لكن لو حدث العكس فلا يحق للشعب أن يقول أن الملك غير عادل أو مستبد

لأن ذلك سيوجب معاقبته وهذا سيؤدي إلى قيام حرب أهلية

فيضيع الأمن والسلام الذي كان هدفا أول لكل هذا

أي الهدف الذي كان يسعى وراءه هذا الفرد

فهوبز يرى أن ما هو أخلاقي ولا أخلاقي، عادل أو غير عادل

إنما يحدد من خلال ما يؤدي إلى السلام أو العكس أي ما يحول دون تحقيقه

فما يؤدي إلى السلام هو الأخلاقي وما يحول دون تحقيقه هو اللاأخلاقي

فأهم شيء بالنسبة لهوبز هو الأمن كما سبقت الإشارة

حيث يقول : أصبحت كل واجبات الحكام الآن متضمنة في جملة واحدة، أمن الناس هو القانون الأعظم

لقد كان لفلسفة هوبز أثر عظيم على المفكرين اللاحقين

إذ أصبح جميع المشتغلين بالنظريات السياسية بعده يعتبرون الحكومة نظاما أنتجته احتياجات الإنسان ومصالحه

وليست نابعة عن نزعة اجتماعية غريزية لدى الإنسان باعتباره حيوانا سياسيا كما كان يقول أرسطو

كما أن الملك لم يعد يمتلك شرعية إلهية مقدسة

ولكن بالمقابل، المقصود مقابل هذه الإيجابيات التي جاءت بها فلسفة هوبز

فقد كان له تأثير سلبي على من أتى بعده، أو على بعض من أتى بعده بما ساقه من حجج تدعم السيادة المطلقة

لكن موقف هوبز كان مبررا فغايته كانت توفير السلام الداخلي وطمأنينة الأفراد من خلال تحقيق الأمن

نصف قرن بعد هوبز،سيأتي جون لوك (1632-1704)، أحد آباء الليبرالية السياسية

ويتناول أو يعيد مسألة العقد الاجتماعي ففي كتابه الحكومة المدنية (1960)

يلتقي مع هوبز في كون الناس اتفقوا على العقد الاجتماعي لحماية أنفسهم وممتلكاتهم

ولكنه يختلف معه في تصوره السوداوي للإنسان

ونظرته لحالة الطبيعة باعتبارها حالة توحش

حيث يرى أن الناس في حالة الطبيعَة عقلاء يحسنون التصرف يرغبون في التعاون مع الآخرين

فقد كانت حالة حرية ومساواة

ولكن أغلب الناس في حالة الطبيعة لم يكونوا قادرين على جعل الجميع يحترم حقوقهم الطبيعية

ولا يستطيعون بمجهودهم الفردي حماية ملكيتهم

فرغم كون الحق والقانون الطبيعيين واضحين ومفهومين بالعقل

كان لابد من أخذ ما تخلفه المصلحة الشخصية من جهل وعمى بالحسبان

هذا بالإضافة إلى أن الفرد في حالة الطبيعة كان قاضيا ومعاقبا في نفس الوقت

ومن غير المستبعد أن ينحاز لنفسه،

لهذا اتفقوا فيما بينهم على إقامة حكومة تلزم الناس بالمحافظة على احترام حقوق الجميع.

وهكذا يتم تفويض الحكم للملك أو الحكومة بمقتضى عقد ولكنه عقد مشروط على عكس ما ذهب إليه هوبز

فهو يرى أن حقوق الحاكم محدودة كغيره من الناس

وأن السلطة المخولة للحكومة هي نوع من الثقة التي تهدف لتحقيق خير المجتمع

ويمكن استردادها إذا زالت هذه الثقة

فلو خرج الملك عن أحكام العقد وهدد الحقوق الطبيعية

خصوصا الحرية وحق الملكية،

يكون من حق المحكوم محاسبته وعند الضرورة القصوى له أن يثور عليه.

فهدف الحكومة المدنية هو حماية الفرد وضمان ممارسته لحرياته

والحفاظ على حقوقه خصوصا الحق في الملكية

فالناس قد خرجوا من الحالة الطبيعية وكونوا مجتمعا مدنيا غايته الأساسية المحافظة على الملكية

يقول لوك " كل حكومة لا غاية لها غير الحفاظ على الملكية من خلال الإرادة والتشريع لا الحكم"،

وهنا تجدر الإشارة إلى أن لوك لم يكن ديموقراطيا فقد كان يرى أن الملكية هي خير نظام

بشرط وجود مجلس يذكر الملك بالتزام الثقة الموضوعة فيه و هذاالمجلس هو الآخر يكون مسؤولا أمام الشعب.

بعد 75 سنة تقريبا قام روسو ببلورة تصوره الخاص للعقد الاجتماعي،

وهو يرى أن هوبز قد أخطأ في قوله أن حالة الطبيعة تتميز بالطمع والكبرياء،

فهاتان العاطفان لا تنشآن إلا في حالة الاجتماع،

وذلك لأنه يرى أن الإنسان في حالة الطبيعَة لم يكن مرتبطا بغيره بأي نوع من العلاقات

سواء كانت أخلاقية أو واجبات مشتركة،

لقد كان الإنسان في حالة براءة،

حالة ما قبل أخلاقية،

فلم تكن له لغة ولا صناعة،

يحصل بسهولة على وسائل إرضاء حاجاته الطبيعية وقد كان كاملا سعيدا لأن حاجاته قليلة.

وأهم ما كان يميزه هو الحرية،

ولكنه خرج من حالة الطبيعة لأسباب طبيعية أولا

فبعد أن عرض له الجذب والبرد اضطر إلى التعاون مع غيره تعاونا مؤقتا

كان الغرض منه صيد الحيوان ثم اضطرته الظروف المناخية الأخرى إلى الاجتماع بصفة مستديمة،

وقد ساهم ظهور الزراعة والصناعة أيضا في تمدن الإنسان،

كما ساهم أيضا في تقسيم الأرض مما أدى إلى ظهور تمايز بين الغني والفقير،

فتغير سلوكه وبرز الحسد،

وهكذا بدأ الإنسان الطيب بالطبع يتحول إلى شرير بالاجتماع

نظرا لتثبيت الملكية وازدياد التفاوت بين الناس.

وأصبح الأغنياء أكثر عرضة للاعتداء مما دفعهم لحث الناس على التعاقد وتكوين حكومة تضمن مصالح الجميع،

لكن روسو يرى أن هذا التعاقد مزيف لأنه مجرد غطاء يكتسب من خلاله الغني مزيدا من القوة فيما يكرس وضعية الفقير.

ولكن هذا الاجتماع أصبح ضروريا ومن العبث التخلي عنه،

وكل ما يمكن فعله هو إصلاح مفاسده،

وذلك من خلال خلق نوع من الاتحاد يحمي بقوة المجتمع كل عضو وحقوقه

ويسمح للكل وهو متحد بالكل بأن لا يخضع إلا لنفسه وبأن تبقى له الحرية التي كانت له.

فمبقتضى العقد الاجتماعي يصبح الكل متساوين في ظل القانون،

والقانون تجسيد لإرادة الكل التي تقر المنفعة العامة،

فالإرادة الكلية مستقيمة دائما ومن يأبى الخضوع لها يرغمه المجتمع على ذلك.

لقد كان العقد أداة إرادية يتنازل الأفراد بموجبه عن حريتهم الطبيعية إلى كل فرد آخر،

حيث تذوب الإرادة الفردية في إرادة عامة مشتركة،

وهذه الأرادة هي صاحبة السلطة والسيادة،

أما الحكومَة فهي أمر ثانوي عرضي،

فالملك والممثلون المنتخبون ممثلون عن الشعب الذي يملك السلطة والسيادة.

وعليه فممثلوا السلطة السياسية موظفون عند الشعب الذي يعينهم

والذي يملك الحق في التخلي عنهم أيضا.

كالعادة هذه مجرد إطلالات سريعة على أفكار تتعلق بالعقد الاجتماعي

وهذه النظريات التي كانت محفزا وملهما للكثير من الأفكار والنظريات الفلسفية والسياسية التي انتشرت فيما بعد،

كما كان العقد الاجتماعي بداية اختمار فكرة الدساتير الحديثة

التي قامت على أساس تمثيل الأرادة الشعبية العامة

وعموما فحركات التحرر مدينة بصورة مباشرة وغير مباشرة لنظريات العقد الاجتماعي التي نبهت الشعوب

إلى أن لها دورا في حياة أفرادها وأن الكلمة الفاصلة بيدها لا بيد الحكومات.

ونختم بالأسئلة التالية:

أي التصورين أقرب إلى تجسيد حالة الطبيعَة تصور هوبز أم روسو؟

هل تعتقد أن الإنسان شرير بطبعه أم أن العكس هو الصحيح؟

هل تعتقد أن شعوبنا مؤهلة لتبني الديموقراطية أم أنها لا تزال في حاجة لحكم مطلق يضمن الاستقرار والأمن؟

تحية عطرة للجميع - من - قناة عالم الفلسفة