×

We use cookies to help make LingQ better. By visiting the site, you agree to our cookie policy.


image

Philosophy*, نيتشه وسؤال السعادة

نيتشه وسؤال السعادة

السلام عليكم ومرحبا بكل متابعي ومتابعات قناة عالم الفلسفة

في هذه الحلقة وكما هو واضح من خلال العنوان

فموضوع هذه الحلقة هو الفيلسوف نيتشه

لكنني لن أُعرف بصاحب المطرقة ولا بأعماله

أتمنى أن تستمر رحلتنا في عالم الفلسفة حتى نصل إلى حقبته

ونتعرف عليه بشكل أكثر تفصيل،

لكن إلى ذلك الحين سنكتفي فقط بإلقاء نظرة على تصوره للسعادة،

يرى نيتشه أن السعادة هي تصالح مع الشقاء.

فهذا الأخير جزء من الحياة، ولكي يكون المرء سعيدا

يجب أن يتعلم كيف يحب الحياة كما هي، في كل تجلياتها،

بمعنى أنه يجب أن نحب الحياة لما تمنحه من رخاء وسعادة

وفي نفس الوقت لأسوء ما يمكن أن تقدمه.

نيتشه يسمي هذا الموقف الفرح،

يريدنا نيتشه أن نقول نعم، أن نقبل الحياة بكليتها.

يدعونا نيتشه إلى حب القدر أو ما يسمى باللاتينية amor fati

يجب أن نحب الحياة كما نحب الموسيقى.

فنحن لا نحب فقط الموسيقى الهادئة،

نحب أيضا ذلك الصخب، الصمت، النشوز،

كل تلك اللحظات التي تساهم في سمو وجمال التحفة الموسيقية.

إذا كانت المقطوعة رتيبة فالأكيد أنها ستشعرنا بالضجر.

الجمال ناتج عن التناغم بين هذه العناصر،

كما أن الحكمة هي التصالح بين السعادة والشقاء.

الحياة تشبه لازمة موسيقية، تعيد نفسها في كل مرة، ويجب أن ننصت إليها بحب،

ونغنيها مرارا وتكرارا إلى ما لانهاية. هذا التكرار هو ما يسميه نيتشه " العود الأبدي ".

فكل شيء يتكرر إلى ما لا نهاية.

هل هذا صحيح؟ في الحقيقة لا ندري،

ولكنها عقيدة نستطيع من خلالها أن نعرف إلى أي حد نحب الحياة.

إن كنا فعلا سعداء بالعيش، فالأحرى أن نرغب في تكرار كل لحظة من حياتنا إلى ما لا نهاية،

حتى تلك اللحظات الأكثر إيلاما.

وحتى تكون الأمور أكثر وضوحا : ف آمور فاتي amor fati هو حب.

فالأمر لا يتعلق باستسلام بئيس للقدر، تحمل ثقل الحياة في شقاء وتعاسة،

ولكنه إرادة القدر، أن تحبه بقوة، أن تقول له "نعم"، أن تستمتع به.

إنه قبول فرح يحب ما هو كائن، بما في ذلك آلام الحياة، المعاناة، الموت.

حب القدر يتناقض إذن مع كل مواساة،

خصوصا تلك المواساة التي يقدمها لنا الدين

والتي تجعلنا نتمنى حياة أفضل بعد الموت.

أن تحب ما هو كائن، له بعد جمالي أيضا.

أن تحب يعني أن ترى الجمال، أن تحب شخصا يعني أن تراه جميلا

وبالمثل فأنت تحب الحياة يعني أن تراها جميلة وتستمتع بجمالها.

يقول نيتشه في الفقرة 276 من العلم الجذل: " ...

أريد أن أتعلم اعتبار الضرورة في الأشياء على أنها الجمال في ذاته:

هكذا أصير واحدا ممن يرون الأشياء جميلة:

حب القدر amor fati : فليكن ذلك من الآن فصاعدا حبي !

لا أريد أن أحارب القبح ! ...لا أريد منذ اليوم، إلا أن أكون رجلا يقول " نعم "

يرتبط حب القدر بشكل كبير بالعود الأبدي. هذه العقيدة هي تأكيد،

قبول مطلق لما هو كائن، قبول للضرورة،

باعتبار أنها تؤكد على الرغبة في تكرار كل أمور الحياة بحذافيرها مرارا وتكرارا إلى ما لانهاية،

فالعود الأبدي هي العقيدة التي تجعل حب القدر ممكنا.

يقول نيتشه في ما وراء الخير والشر ( الفقرة 56) : " ...

مثال الإنسان الأكثر جموحا وحيوية وقبولا للعالم، الإنسان الذي لم يرض وحسب بما كان وبما هو،

ولم يتعلم التكيف معه وحسب، بل الذي يريد أن يعود كل شيء كما كان

وكما هو وإلى أبد الآبدين، فيظل يصرخ ولا يرتوي، De capo أعد من جديد "

في الإيطالية مصطلح موسيقي تفيد الإعلان عن

إعادة المقطوعة من جديد، وهذا يؤكد المثال (المجاز) الموسيقي الذي أشرنا له في البداية :

يجب تقبل الحياة كما نتقبل الموسيقى، بأن نرغب في الإستماع لها، كما هي، مرارا وتكرارا.

من أين أتت فكرة العود الأبدي هذه؟

إنها عقيدة كسمولوجية لها أصول في الحضارات القديمة، ولدى فلاسفة اليونان،

خصوصا لدى الرواقيين. نيتشه يعيد استثمارها

كاختبار...اختبار يجب أن يخوضه الجميع: إلى أي حد تحب الحياة؟ هل أن مستعيد لإعادة عيش كل شيء من جديد؟

والنص الأساسي الذي يتناول هذه الفكرة هو الشذرة 341 من كتاب العلم الجذل (الوزن الأثقل) : "

ماذا لو أتاك، ذات يوم أو ذات ليلة، شيطان وأنت في أكثر لحظاتك وحدة

وقال لك: " يجب عليك تكرار هذه الحياة مرار وتكرارا كما عشتها وكما تعيشها الآن،

دون أي جديد، بل على العكس ! إن أقل ألم، واقل لذة، وأقل فكرة، واقل آهة، كل ما في حياتك سيعود،

كل ما فيها مما لا توصف عظمته ومما لا يوصف صغره،

الكل سيعود وسيعود بالترتيب عينه، تبعا لنفس التعاقب الذي لا يرحم،

....هذا العنكبوت أيضا سيعود، وضوء القمر هذا بين الأشجار، وهذه اللحظة وأنا أيضا !

ساعة الحياة الرملية الأبدية ستعود بلا انقطاع، وأنت أيضا، يا ذرة الغبار، ستعود معها" ...

ألن ترمي بنفسك على الأرض، صارا بأسنانك ولاعنا هذا الشيطان؟

أم أنك عشت، ذات يوم، لحظة مدهشة تجعلك تجيبه: "

أنت إله ! فأنا لم أسمع إطلاقا بكلام أشد ألوهية !" .

إذا ما تملكتك هذه الفكرة فإنها ربما ستحولك جاعلة منك شخصا آخر،

وربما ستحطمك.

والسؤال الذي يطرح بخصوص كل شيء، "هل تريد هذا؟ هل ستريده من جديد، مرة أخرى وإلى الأبد؟"،

سننزل على فكرك بأثقل الأوزان !

كم ستحتاج لتحب نفسك وتحب الحياة حتى لا تتمنى شيئا آخر سوى هذا التأكيد الأسمى والأبدي للحياة !".

إن عنوان هذه الشذرة ( الوزن الأثقل)

يشير إلى أن الأمر يتعلق بأكثر الأفكار ثقلا، صعوبة وإلحاحا.

إنه تحد يلقيه نيتشه أمام قارئ يخاطبه بشكل مباشر حتى يصل إلى أعمق أعماقه.

هذه الفكرة تريدنا أن نرغب في عيش اللحظات السعيدة من جديد،

ولكن معها أيضا تلك اللحظات القاسية و الأكثر إيلاما في حياتنا، تطالبنا بأن نحب تلك اللحظات والإستمتاع بها.

أن تكون قادرا على الإستمتاع بالمعاناة، الألم والإنهيار،

أن تقول نعم للحياة، ليس فقط لما هو رائع بل لكل ما هو مريع ومرعب أيضا،

تلك هي متعة الحياة. إنها أثقل الأفكار، لأنها تطلب مني أن أكون مسؤولا:

فلا وجود للخلاص ولا وجود للغفران، مسؤوليتي لا نهائية وأبدية،

لأن كل ما أفعله أفعله إلى الأبد بدون أدنى إمكانية للتراجع لتغيير أي سلوك.

كل فعل، كل قرار سيثقل كاهلي إلى الأبد، لانني عشته ما لانهاية له من المرات

وسأعيشه للأبد. فكرة كهذه تجبرني على أن أكون سعيدا في هذه الحياة والآن،

لأنني إن كنت تعيسا الآن فسأكون تعيسا إلى الأبد.

يجب إذن أن نحب القدر، أن نحب الحياة كما هي في كل تجلياتها.

فبكوننا سعداء الآن وهنا، حتى ولو كانت الحياة قاسية، فسنفوز بحياة سعيدة إلى الأبد.

الإيمان بالعود الأبدي يقضي على كل أمل في حياة مختلفة بعد الموت،

فكل ما ستعيشه بعد الموت هو ما سبق وعشته قبل الموت،

لا مفر وما عليك إلا أن تحب الحياة كما هي الآن.

نيتشه يحثنا على أن نتحلى بالشجاعة ونخلق سعادتنا مهما كانت الظروف،

أن نقول نعم للحياة بوعي تام لما فيها من فظاعة ومعاناة.

اختر الحياة التي ستعيشها ما لانهاية له من المرات، حياة ستتكرر إلى الأبد.

في كل مرة تقدم فيها على فعل ما ذكر نفسك أنك ستعيد هذا الفعل إلى الأبد.


نيتشه وسؤال السعادة Nietzsche and the question of happiness Nietzsche y la cuestión de la felicidad Nietzsche e la questione della felicità

السلام عليكم ومرحبا بكل متابعي ومتابعات قناة عالم الفلسفة Peace be upon you and welcome to all followers of the world of philosophy channel La paz sea contigo y bienvenidos a todos los seguidores del canal mundo de la filosofía.

في هذه الحلقة وكما هو واضح من خلال العنوان In this episode, as is evident from the title En este episodio, como lo indica el título

فموضوع هذه الحلقة هو الفيلسوف نيتشه The subject of this episode is the philosopher Nietzsche El tema de este episodio es el filósofo Nietzsche.

لكنني لن أُعرف بصاحب المطرقة ولا بأعماله But I will not be known as the owner of the hammer or his deeds Pero no seré conocido como el dueño del martillo ni de sus obras.

أتمنى أن تستمر رحلتنا في عالم الفلسفة حتى نصل إلى حقبته I hope our journey in the world of philosophy continues until we reach its era Espero que nuestro viaje en el mundo de la filosofía continúe hasta llegar a su era.

ونتعرف عليه بشكل أكثر تفصيل، We get to know him in more detail. Llegamos a conocerlo con más detalle.

لكن إلى ذلك الحين سنكتفي فقط بإلقاء نظرة على تصوره للسعادة، But until then we'll just take a look at his conception of happiness, Pero hasta entonces, solo echaremos un vistazo a su concepción de la felicidad,

يرى نيتشه أن السعادة هي تصالح مع الشقاء. Nietzsche sees happiness as reconciliation with misery. Nietzsche ve la felicidad como una reconciliación con la miseria.

فهذا الأخير جزء من الحياة، ولكي يكون المرء سعيدا The latter is part of life, and to be happy Esto último es parte de la vida, y ser feliz

يجب أن يتعلم كيف يحب الحياة كما هي، في كل تجلياتها، He must learn to love life as it is, in all its manifestations, Debe aprender a amar la vida tal como es, en todas sus manifestaciones,

بمعنى أنه يجب أن نحب الحياة لما تمنحه من رخاء وسعادة Meaning that we must love life because of the prosperity and happiness it gives En el sentido de que debemos amar la vida por la prosperidad y felicidad que da.

وفي نفس الوقت لأسوء ما يمكن أن تقدمه. And at the same time the worst it can offer. Y al mismo tiempo lo peor que puede ofrecer.

نيتشه يسمي هذا الموقف الفرح، Nietzsche calls this position joy, Nietzsche llama a esta posición alegría,

يريدنا نيتشه أن نقول نعم، أن نقبل الحياة بكليتها. Nietzsche wants us to say yes, to accept life in its entirety. Nietzsche quiere que digamos que sí, que aceptemos la vida en su totalidad.

يدعونا نيتشه إلى حب القدر أو ما يسمى باللاتينية  amor fati Nietzsche calls us to love fate, or what is called in Latin amor fati Nietzsche nos llama a amar el destino, o lo que se llama en latín amor fati

يجب أن نحب الحياة كما نحب الموسيقى. Debemos amar la vida como amamos la música.

فنحن لا نحب فقط الموسيقى الهادئة، We don't just like soft music, No solo nos gusta la música suave,

نحب أيضا ذلك الصخب، الصمت، النشوز، We also like the noise, the silence, the discord, También nos gusta el ruido, el silencio, la discordia,

كل تلك اللحظات التي تساهم في سمو وجمال التحفة الموسيقية. All those moments that contribute to the majesty and beauty of the masterpiece. Todos esos momentos que contribuyen a la majestuosidad y belleza de la obra maestra.

إذا كانت المقطوعة رتيبة فالأكيد أنها ستشعرنا بالضجر. If the piece is monotonous, it will surely make us bored. Si la pieza es monótona, seguro que nos aburrirá.

الجمال ناتج عن التناغم بين هذه العناصر، Beauty is the result of the harmony between these elements, La belleza es el resultado de la armonía entre estos elementos,

كما أن الحكمة هي التصالح بين السعادة والشقاء. Wisdom is the reconciliation between happiness and misery. La sabiduría es la reconciliación entre la felicidad y la miseria.

الحياة تشبه لازمة موسيقية، تعيد نفسها في كل مرة، ويجب أن ننصت إليها بحب، Life is like a musical imperative, it repeats itself every time, and we must listen to it with love, La vida es como un imperativo musical, se repite cada vez, y debemos escucharla con amor,

ونغنيها مرارا وتكرارا إلى ما لانهاية. هذا التكرار هو ما يسميه نيتشه " العود الأبدي ". And we sing it over and over to infinity. This repetition is what Nietzsche calls the "eternal return".

فكل شيء يتكرر إلى ما لا نهاية. Everything is repeated endlessly.

هل هذا صحيح؟ في الحقيقة لا ندري، Is that correct? In fact, we do not know

ولكنها عقيدة نستطيع من خلالها أن نعرف إلى أي حد نحب الحياة. But it is a doctrine by which we can know how much we love life.

إن كنا فعلا سعداء بالعيش، فالأحرى أن نرغب في تكرار كل لحظة من حياتنا إلى ما لا نهاية، If we are really happy to live, we would rather want to repeat every moment of our life indefinitely,

حتى تلك اللحظات الأكثر إيلاما. Even those most painful moments.

وحتى تكون الأمور أكثر وضوحا :  ف آمور فاتي  amor fati  هو حب. And to make things clearer: amor fati is love.

فالأمر لا يتعلق باستسلام بئيس للقدر، تحمل ثقل الحياة في شقاء وتعاسة، It is not about a miserable surrender to fate, bearing the weight of life in misery and misery.

ولكنه إرادة القدر، أن تحبه بقوة، أن تقول له "نعم"، أن تستمتع به. But it is the will of fate, to love him strongly, to say “yes” to him, to enjoy him.

إنه قبول فرح يحب ما هو كائن، بما في ذلك آلام الحياة، المعاناة، الموت. It is a joyful acceptance of what is, including life's pain, suffering, death.

حب القدر يتناقض إذن مع كل مواساة، The love of fate, then, contrasts with every consolation,

خصوصا تلك المواساة التي يقدمها لنا الدين Especially the condolences that religion gives us

والتي تجعلنا نتمنى حياة أفضل بعد الموت.

أن تحب ما هو كائن، له بعد جمالي أيضا. To love what is, also has an aesthetic dimension.

أن تحب يعني أن ترى الجمال، أن تحب شخصا يعني أن تراه جميلا To love is to see beauty, to love someone is to see beauty

وبالمثل فأنت تحب الحياة يعني أن تراها جميلة وتستمتع بجمالها. Likewise, to love life means to see it beautiful and enjoy its beauty.

يقول نيتشه في الفقرة 276 من العلم الجذل: " ... Nietzsche says in paragraph 276 of The Happy Science: “...

أريد أن أتعلم اعتبار الضرورة في الأشياء على أنها الجمال في ذاته: I want to learn to regard necessity in things as beauty in itself:

هكذا أصير واحدا ممن يرون الأشياء جميلة: This is how I become one of those who see beautiful things:

حب القدر  amor fati : فليكن ذلك من الآن فصاعدا حبي ! love of fate amor fati: So from now on, my love!

لا أريد أن أحارب القبح ! ...لا أريد منذ اليوم، إلا أن أكون رجلا يقول " نعم " I don't want to fight ugliness! ...from today, I only want to be a man who says "yes"

يرتبط حب القدر بشكل كبير بالعود الأبدي. هذه العقيدة هي تأكيد، The love of fate is closely related to the eternal return. This belief is an affirmation,

قبول مطلق لما هو كائن، قبول للضرورة، absolute acceptance of what is, acceptance of necessity,

باعتبار أنها تؤكد على الرغبة في تكرار كل أمور الحياة بحذافيرها مرارا وتكرارا إلى ما لانهاية، Considering that it emphasizes the desire to repeat everything in life in its entirety over and over again to infinity,

فالعود الأبدي هي العقيدة التي تجعل حب القدر ممكنا. The eternal return is the doctrine that makes the love of fate possible.

يقول نيتشه في ما وراء الخير والشر ( الفقرة 56) : " ... In Beyond Good and Evil (paragraph 56), Nietzsche says: “...

مثال الإنسان الأكثر جموحا وحيوية وقبولا للعالم، الإنسان الذي لم يرض وحسب بما كان وبما هو، The example of the most wild, lively and accepting of the world, the man who was not satisfied only with what was and what is,

ولم يتعلم التكيف معه وحسب، بل الذي يريد أن يعود كل شيء كما كان And he not only learned to adapt to it, but he who wants everything to return to the way it was

وكما هو وإلى أبد الآبدين، فيظل يصرخ ولا يرتوي، De capo  أعد من جديد " And as it is and for ever and ever, crying out and relentless, De capo made anew.”

في الإيطالية مصطلح موسيقي تفيد الإعلان عن In Italian, a musical term for

إعادة المقطوعة من جديد، وهذا يؤكد المثال (المجاز) الموسيقي الذي أشرنا له في البداية : Repeating the piece again, and this confirms the musical example (metaphor) that we referred to at the beginning:

يجب تقبل الحياة كما نتقبل الموسيقى، بأن نرغب في الإستماع لها، كما هي، مرارا وتكرارا. We must accept life as we accept music, by wanting to listen to it, as it is, over and over again.

من أين أتت فكرة العود الأبدي هذه؟ Where did this idea of eternal return come from?

إنها عقيدة كسمولوجية لها أصول في الحضارات القديمة، ولدى فلاسفة اليونان، It is a cosmological doctrine that has its origins in ancient civilizations, and among the Greek philosophers,

خصوصا لدى الرواقيين. نيتشه يعيد استثمارها Especially among the Stoics. Nietzsche reinvests it

كاختبار...اختبار يجب أن يخوضه الجميع: إلى أي حد تحب الحياة؟ هل أن مستعيد لإعادة عيش كل شيء من جديد؟ As a test...a test everyone should take: How much do you love life? Is it restored to re-live it all?

والنص الأساسي الذي يتناول هذه الفكرة هو الشذرة 341 من كتاب العلم الجذل (الوزن الأثقل) : " The main text that deals with this idea is the fragment 341 of the book Al-Ilm Al-Jazl (The Weight of the Weight):

ماذا لو أتاك، ذات يوم أو ذات ليلة، شيطان وأنت في أكثر لحظاتك وحدة What if, one day or one night, a demon came to you and you were in your loneliest moment

وقال لك: " يجب عليك تكرار هذه الحياة مرار وتكرارا كما عشتها وكما تعيشها الآن، And he said to you, “You must repeat this life over and over again, as you lived it and as you live it now.

دون أي جديد، بل على العكس ! إن أقل ألم، واقل لذة، وأقل فكرة، واقل آهة، كل ما في حياتك سيعود، Without anything new, on the contrary! The less pain, less pleasure, less thought, less sigh, all that is in your life will return,

كل ما فيها مما لا توصف عظمته ومما لا يوصف صغره، Everything in it is indescribable in its greatness and indescribable in its smallness.

الكل سيعود وسيعود بالترتيب عينه، تبعا لنفس التعاقب الذي لا يرحم، All will return and return in the same order, in the same unforgiving succession,

....هذا العنكبوت أيضا سيعود، وضوء القمر هذا بين الأشجار، وهذه اللحظة وأنا أيضا ! ....this spider will also return, this moonlight among the trees, and this moment me too!

ساعة الحياة الرملية الأبدية ستعود بلا انقطاع، وأنت أيضا، يا ذرة الغبار، ستعود معها" ... The hourglass of eternal life shall return without ceasing, and you, too, speck of dust, shall return with it...

ألن ترمي بنفسك على الأرض، صارا بأسنانك ولاعنا هذا الشيطان؟ Won't you throw yourself on the ground, with your teeth and the curse of this devil?

أم أنك عشت، ذات يوم، لحظة مدهشة تجعلك تجيبه: " Or have you experienced, once upon a time, an astonishing moment that makes you answer him:

أنت إله ! فأنا لم أسمع إطلاقا بكلام أشد ألوهية !" . You are a god! I have never heard more divine words!”

إذا ما تملكتك هذه الفكرة فإنها ربما ستحولك جاعلة منك شخصا آخر، If you have this idea, it may turn you into someone else,

وربما ستحطمك. And maybe it will break you.

والسؤال الذي يطرح بخصوص كل شيء، "هل تريد هذا؟ هل ستريده من جديد، مرة أخرى وإلى الأبد؟"، And the question that arises about everything, "Do you want this? Are you going to want it again, once and for all?",

سننزل على فكرك بأثقل الأوزان ! We will come down on your mind with the heaviest weights!

كم ستحتاج لتحب نفسك وتحب الحياة حتى لا تتمنى شيئا آخر سوى هذا التأكيد الأسمى والأبدي للحياة !". How much it would take to love yourself and love life to wish for nothing else but this supreme and eternal affirmation of life!

إن عنوان هذه الشذرة ( الوزن الأثقل) The title of this fragment (heaviest weight)

يشير إلى أن الأمر يتعلق بأكثر الأفكار ثقلا، صعوبة وإلحاحا. He points out that it is about the heaviest, most difficult and urgent ideas.

إنه تحد يلقيه نيتشه أمام قارئ يخاطبه بشكل مباشر حتى يصل إلى أعمق أعماقه. It is a challenge that Nietzsche throws in front of a reader who addresses him directly in order to reach his deepest depths.

هذه الفكرة تريدنا أن نرغب في عيش اللحظات السعيدة من جديد، This idea makes us want to relive the happy moments,

ولكن معها أيضا تلك اللحظات القاسية و الأكثر إيلاما في حياتنا، تطالبنا بأن نحب تلك اللحظات والإستمتاع بها. But with it also those harsh and most painful moments in our lives, asking us to love and enjoy those moments.

أن تكون قادرا على الإستمتاع بالمعاناة، الألم والإنهيار، To be able to enjoy the suffering, the pain and the breakdown,

أن تقول نعم للحياة، ليس فقط لما هو رائع بل لكل ما هو مريع ومرعب أيضا، To say yes to life, not only to what is wonderful but to everything that is horrible and horrible as well,

تلك هي متعة الحياة. إنها أثقل الأفكار، لأنها تطلب مني أن أكون مسؤولا: That is the joy of life. It is the heaviest of thoughts, because it asks me to be responsible:

فلا وجود للخلاص ولا وجود للغفران، مسؤوليتي لا نهائية وأبدية، There is no salvation and no forgiveness, my responsibility is infinite and eternal,

لأن كل ما أفعله أفعله إلى الأبد بدون أدنى إمكانية للتراجع لتغيير أي سلوك. Because everything I do I do forever with no possibility of backing out to change any behavior.

كل فعل، كل قرار سيثقل كاهلي إلى الأبد، لانني عشته ما لانهاية له من المرات Every action, every decision will weigh me down forever, because I've lived through it endlessly

وسأعيشه للأبد. فكرة كهذه تجبرني على أن أكون سعيدا في هذه الحياة والآن، I will live it forever. An idea like that compels me to be happy in this life and now,

لأنني إن كنت تعيسا الآن فسأكون تعيسا إلى الأبد. Because if I am miserable now, I will be miserable forever.

يجب إذن أن نحب القدر، أن نحب الحياة كما هي في كل تجلياتها. We must therefore love fate, to love life as it is in all its manifestations.

فبكوننا سعداء الآن وهنا، حتى ولو كانت الحياة قاسية، فسنفوز بحياة سعيدة إلى الأبد. By being happy now and here, even if life is hard, we will win a happy life forever.

الإيمان بالعود الأبدي يقضي على كل أمل في حياة مختلفة بعد الموت، Belief in the eternal return destroys all hope of a different life after death,

فكل ما ستعيشه بعد الموت هو ما سبق وعشته قبل الموت، All that you will live after death is what you lived before death.

لا مفر وما عليك إلا أن تحب الحياة كما هي الآن. There is no escape, you just have to love life as it is now.

نيتشه يحثنا على أن نتحلى بالشجاعة ونخلق سعادتنا مهما كانت الظروف، Nietzsche urges us to be brave and create our happiness no matter the circumstances.

أن نقول نعم للحياة بوعي تام لما فيها من فظاعة ومعاناة. To say yes to life with full awareness of its horror and suffering.

اختر الحياة التي ستعيشها ما لانهاية له من المرات، حياة ستتكرر إلى الأبد. Choose a life that will be lived infinitely, a life that will be repeated forever.

في كل مرة تقدم فيها على فعل ما ذكر نفسك أنك ستعيد هذا الفعل إلى الأبد. Every time you do something remind yourself that you will do it again forever.