×

We use cookies to help make LingQ better. By visiting the site, you agree to our cookie policy.


image

Gamal Abd El Nasser Speeches, 29/03/1969. Millenium celebrations of Cairo

29/03/1969. Millenium celebrations of Cairo

أيها الأصدقاء:

من دواعى سعادتى أن تتاح لى هذه الفرصة للقاء بهذه الصفوة من العلماء والمفكرين الذين يجتمعون فى هذا المكان من القاهرة للحفاوة بالعيد الألفى لهذه العاصمة المجيدة، عن طريق هذه الندوة الدولية لتاريخها.

وفى الحقيقية - أيها الأصدقاء - وأظن أن بعض ذلك قد وصل إلى علمكم، فإن الاحتفال بالعيد الألفى للقاهرة أحاطت به أفكار متعددة متنازعة؛ كان هناك رأى يقول بأن القاهرة أقدم من هذه الألف سنة التى يحتفل اليوم بها، وأن هذه الألف سنة هى فى الواقع بداية حقبة فى تاريخ القاهرة، وهى حقبة بارزة وظاهرة، لكنها ليست البداية، وإنما البداية سبقتها بكثير، وإلى حد ما فإن ذلك صحيح، وكان هناك رأى آخر يتخذ من الظروف التى يعيشها وطننا الآن وأمتنا العربية كلها نزعة إلى التأجيل، بصرف النظر عن حساب الألف سنة أو حساب آلاف السنين، وفى النهاية فلقد كان القرار الذى انتهينا جميعاً إليه هو أن يمضى احتفال الألف سنة على تاريخ القاهرة فى طريقه المرسوم له، خصوصاً وأن الطريق الذى رسمته له وزارة الثقافة المصرية كان طريقاً مستنيراً وجاداً، وليس أدل على ذلك من هذه الندوة العظيمة التى أتاحت لنا فرصة لقائكم جميعاً.

وأعترف أمامكم - أيها الأصدقاء - أننى أعطيت صوتى لصالح المضى فى احتفالات العيد الألفى للقاهرة حين بحث هذا الموضوع، وكنت أصدر عن إحساس لعلكم تأذنون لى أن أعرضه عليكم؛ لم يكن يشغلنى حساب الألف سنة أو آلاف من السنين ورأيى فيه على أى حال أن تكريم الجزء تكريم للكل كما أن تكريم الكل تكريم للجزء، وفوق ذلك فلقد وجدت أن الظروف التى يعيشها وطننا الآن وأمتنا العربية كلها ليست مانعاً من الاحتفال بعيد القاهرة الألفى؛ بل لعلها أن تكون دافعاً يرجح إقامة هذا الاحتفال فى موعد تقرر له.

كان شعورى فى ذلك أن الشعوب والأمم أشد حاجة فى أوقات الأزمات إلى تاريخها تتمثل عصوره الباهرة وتستذكر أبطاله ورجاله، إن الأمم فى أوقات الأزمات تحس بالأمن إذ تفتش فى تاريخها، وتجد فيه أسباباً إضافية تضمها إلى إمكانياتها فى مواجهة ما يحيط بها من مخاطر؛ بحيث يكون لها من ذلك طمأنينة نفسية وروحية تهيب بها إلى أنها القادرة فى الحاضر كما قدرت فى الماضى، وأنها واجهت الظلم من قبل ودفعته بالحق، وواجهت الظلام من قبل وبددته بشعلة حضارية تعرضت للرياح الهوج كثيراً، ولكن شعلتها لم تنطفئ ولم ينضب الزيت منها على طول العصور.

وليس أحق من شعبنا بهذه الطمأنينة التى يستطيع التاريخ أن يعطيها للحياة المعاصرة، ذلك أن شعبنا حين يتطلع إلى الوراء يحس محقاً وصادقاً أنه القادر على الاجتياز والتخطى، القادر على الاختبار والتحدى، لقد حقق فى تاريخه وأنجز وقدم الكثير وأعطى، ولم يكن ما حققه وقدمه محدوداً أو رخيصاً بل على العكس؛ فلقد كان هذا الشعب بداية أول الحضارات، كما أن المجرى العالمى للحضارة الإنسانية يشهد لهذه الأمة العربية كلها إسهامها الموفور والمقتدر، وذلك التاريخ الطويل كله وما حفل به تهون إزاءه أزمة عارضة صنعتها المطامع التى تتصور نفسها غلابة، بينما التاريخ الطويل يؤكد أنها مغلوبة، وفرضتها القوة العمياء بينما التاريخ الطويل يشير إلى أن الإيمان كانت له فى النهاية الكلمة العليا إلى جانب أن التقدم لا يمكن اعتراضه فحركة الشعوب دائماً هى حركة التقدم إلى أمام، وذلك درس من دروس التاريخ لا يمكن أن يضيع وإن تناساه الأقوياء أو مدعو القوة، على تضاد مع المبادئ وعداء لها. أيها الأصدقاء:

وفوق ذلك فإن ندوتكم هنا قد تكون إسهاماً قيماً فى قضية من أهم القضايا التى تواجه شعبنا الآن ولعلها تواجه شعوباً غيره تعيش فى معاناة التطور وتعالج قضاياه الكبيرة والملحة.

والتطور الصحيح امتداد للتاريخ وليس انقطاعاً عنه، بل إن الثورة وهى أسرع درجات التطور ليست فى حقيقة أمرها إلا محاولة مكثفة للحاق بحركة التاريخ والانسجام معها والسير فيها نحو التقدم. ولكن هناك أسئلة كبيرة تواجهنا وتواجه غيرنا، كيف تستطيع شعوبنا أن تعيش عصر الفضاء، وفى نفس الوقت تستبقى جذورها فى ترابها الوطنى؟ كيف تستطيع شعوبنا أن توفق بين الأصالة وهى التاريخ وبين التجديد وهو المستقبل؟ كيف تستطيع شعوبنا أن تعيش عصر العالمية الذى تلاشت فيه الحدود والمسافات وفى نفس الوقت لا تضيع ذاتها وصفاتها؟ كيف تستطيع شعوبنا أن تنطلق إلى آفاق التكنولوجيا الحديثة وفى نفس الوقت لا تدوس على التراث المجيد؟ تلك كلها أسئلة كبيرة، إجاباتها حيوية، لكننا - أيها الأصدقاء - انتظرنا ندوتكم هذه لنسمع لا لنتكلم، ولست أشك لحظة أن كثيرين من فى هذا الشعب الذى يسعد بضيافتكم، كما أن كثيرين فى هذه الأمة العربية المناضلة، بل أكاد أقول إن كثيرين فى أمم عديدة غيرنا، ينتظرون هذه الندوة باهتمام فكرى لا يعادله اهتمام.

فلتبدءوا على بركة الله. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.


29/03/1969. Millenium celebrations of Cairo 03/29/1969. Millennium celebrations of Cairo 29/03/1969. Célébrations du millénaire du Caire 29/03/1969. Celebrações do milênio do Cairo

أيها الأصدقاء: Liebe Freunde: Friends:

من دواعى سعادتى أن تتاح لى هذه الفرصة للقاء بهذه الصفوة من العلماء والمفكرين الذين يجتمعون فى هذا المكان من القاهرة للحفاوة بالعيد الألفى لهذه العاصمة المجيدة، عن طريق هذه الندوة الدولية لتاريخها. Es ist mir eine Freude, diese Gelegenheit zu haben, diese Elite von Gelehrten und Denkern zu treffen, die sich an diesem Ort in Kairo versammeln, um das Millennium-Jubiläum dieser glorreichen Hauptstadt durch dieses internationale Symposium ihrer Geschichte zu feiern. It is my pleasure to have this opportunity to meet with this elite of scholars and intellectuals who gather in this place from Cairo to celebrate the thousand anniversary of this glorious capital through this international symposium of its history. C'est pour moi un plaisir d'avoir cette opportunité de rencontrer cette élite d'érudits et de penseurs qui se rassemblent en ce lieu du Caire pour célébrer le millénaire de cette glorieuse capitale, à travers ce symposium international sur son histoire.

وفى الحقيقية - أيها الأصدقاء - وأظن أن بعض ذلك قد وصل إلى علمكم، فإن الاحتفال بالعيد الألفى للقاهرة أحاطت به أفكار متعددة متنازعة؛ كان هناك رأى يقول بأن القاهرة أقدم من هذه الألف سنة التى يحتفل اليوم بها، وأن هذه الألف سنة هى فى الواقع بداية حقبة فى تاريخ القاهرة، وهى حقبة بارزة وظاهرة، لكنها ليست البداية، وإنما البداية سبقتها بكثير، وإلى حد ما فإن ذلك صحيح، وكان هناك رأى آخر يتخذ من الظروف التى يعيشها وطننا الآن وأمتنا العربية كلها نزعة إلى التأجيل، بصرف النظر عن حساب الألف سنة أو حساب آلاف السنين، وفى النهاية فلقد كان القرار الذى انتهينا جميعاً إليه هو أن يمضى احتفال الألف سنة على تاريخ القاهرة فى طريقه المرسوم له، خصوصاً وأن الطريق الذى رسمته له وزارة الثقافة المصرية كان طريقاً مستنيراً وجاداً، وليس أدل على ذلك من هذه الندوة العظيمة التى أتاحت لنا فرصة لقائكم جميعاً. In fact, dear friends, I think some of this has come to your attention. The celebration of the thousand days of Cairo was surrounded by conflicting ideas. There was a view that Cairo is more than the millennium that is being celebrated today. It is an era in the history of Cairo, an era that is prominent and phenomenal, but it is not the beginning, but the beginning was preceded by much, and to a certain extent it is true, and there was another view taking the conditions that our country now and our Arab nation is going to postpone, Or counting thousands of years, and in the end it was the decision we all made Is that the celebration of a thousand years on the history of Cairo in the way prescribed for him, especially since the road set by the Egyptian Ministry of Culture was an enlightened and serious way, not evidence of this of this great symposium, which gave us the opportunity to meet all of you.

وأعترف أمامكم - أيها الأصدقاء - أننى أعطيت صوتى لصالح المضى فى احتفالات العيد الألفى للقاهرة حين بحث هذا الموضوع، وكنت أصدر عن إحساس لعلكم تأذنون لى أن أعرضه عليكم؛ لم يكن يشغلنى حساب الألف سنة أو آلاف من السنين ورأيى فيه على أى حال أن تكريم الجزء تكريم للكل كما أن تكريم الكل تكريم للجزء، وفوق ذلك فلقد وجدت أن الظروف التى يعيشها وطننا الآن وأمتنا العربية كلها ليست مانعاً من الاحتفال بعيد القاهرة الألفى؛ بل لعلها أن تكون دافعاً يرجح إقامة هذا الاحتفال فى موعد تقرر له. I would like to thank you, dear friends, for giving me my voice in favor of the celebration of the 1000th anniversary of Cairo when I discussed this subject. I issued a feeling that you would allow me to present it to you. I did not consider the account of a thousand years or thousands of years, Honoring all, honoring everyone is a tribute to the part. Moreover, I have found that the conditions in our country and our Arab nation are not prevented from celebrating the Millennium Day; it is even more likely that this celebration will be held on a date to be decided upon.

كان شعورى فى ذلك أن الشعوب والأمم أشد حاجة فى أوقات الأزمات إلى تاريخها تتمثل عصوره الباهرة وتستذكر أبطاله ورجاله، إن الأمم فى أوقات الأزمات تحس بالأمن إذ تفتش فى تاريخها، وتجد فيه أسباباً إضافية تضمها إلى إمكانياتها فى مواجهة ما يحيط بها من مخاطر؛ بحيث يكون لها من ذلك طمأنينة نفسية وروحية تهيب بها إلى أنها القادرة فى الحاضر كما قدرت فى الماضى، وأنها واجهت الظلم من قبل ودفعته بالحق، وواجهت الظلام من قبل وبددته بشعلة حضارية تعرضت للرياح الهوج كثيراً، ولكن شعلتها لم تنطفئ ولم ينضب الزيت منها على طول العصور. It was my feeling that peoples and nations are in dire need of their history, their glorious times and their heroes and men. The nations in times of crisis feel safe as they search their history and find additional reasons for their potential in the face of their dangers. It has a psychological and spiritual reassurance that it is capable in the present as estimated in the past, and that it faced injustice before and paid it right, and faced the darkness before and squandered by the flame of civilization subjected to the wind a lot, but the flame did not extinguish and did not run out of oil throughout the ages.

وليس أحق من شعبنا بهذه الطمأنينة التى يستطيع التاريخ أن يعطيها للحياة المعاصرة، ذلك أن شعبنا حين يتطلع إلى الوراء يحس محقاً وصادقاً أنه القادر على الاجتياز والتخطى، القادر على الاختبار والتحدى، لقد حقق فى تاريخه وأنجز وقدم الكثير وأعطى، ولم يكن ما حققه وقدمه محدوداً أو رخيصاً بل على العكس؛ فلقد كان هذا الشعب بداية أول الحضارات، كما أن المجرى العالمى للحضارة الإنسانية يشهد لهذه الأمة العربية كلها إسهامها الموفور والمقتدر، وذلك التاريخ الطويل كله وما حفل به تهون إزاءه أزمة عارضة صنعتها المطامع التى تتصور نفسها غلابة، بينما التاريخ الطويل يؤكد أنها مغلوبة، وفرضتها القوة العمياء بينما التاريخ الطويل يشير إلى أن الإيمان كانت له فى النهاية الكلمة العليا إلى جانب أن التقدم لا يمكن اعتراضه فحركة الشعوب دائماً هى حركة التقدم إلى أمام، وذلك درس من دروس التاريخ لا يمكن أن يضيع وإن تناساه الأقوياء أو مدعو القوة، على تضاد مع المبادئ وعداء لها. Our people, when they look back, feel right and true that they are capable of passing and overcoming, capable of testing and challenging. They have achieved in their history, accomplished, made much and given, and their achievements and achievements have not been limited. The world has been the first of civilizations, and the global course of human civilization is witnessing the entire Arab nation, its long and long history, and the humiliation of a casual crisis created by the ambitions that conceive of itself, while the long history Confirms It is blind, and imposed by the blind force, while the long history indicates that faith ultimately had the upper word and that progress can not be contested. The movement of peoples is always the movement of progress in front of the lesson of history that can not be lost, , On the contrary with its principles and hostility. أيها الأصدقاء: Dear friends:

وفوق ذلك فإن ندوتكم هنا قد تكون إسهاماً قيماً فى قضية من أهم القضايا التى تواجه شعبنا الآن ولعلها تواجه شعوباً غيره تعيش فى معاناة التطور وتعالج قضاياه الكبيرة والملحة. Moreover, your seminar here may be a valuable contribution to one of the most important issues facing our people now, and it may face other peoples living in the suffering of development and dealing with its big and urgent issues.

والتطور الصحيح امتداد للتاريخ وليس انقطاعاً عنه، بل إن الثورة وهى أسرع درجات التطور ليست فى حقيقة أمرها إلا محاولة مكثفة للحاق بحركة التاريخ والانسجام معها والسير فيها نحو التقدم. The correct development is an extension of history, not a break from it. Rather, the revolution, the fastest development, is in fact only an intensive attempt to catch up with the movement of history and harmony with it and to move towards progress. ولكن هناك أسئلة كبيرة تواجهنا وتواجه غيرنا، كيف تستطيع شعوبنا أن تعيش عصر الفضاء، وفى نفس الوقت تستبقى جذورها فى ترابها الوطنى؟ كيف تستطيع شعوبنا أن توفق بين الأصالة وهى التاريخ وبين التجديد وهو المستقبل؟ كيف تستطيع شعوبنا أن تعيش عصر العالمية الذى تلاشت فيه الحدود والمسافات وفى نفس الوقت لا تضيع ذاتها وصفاتها؟ كيف تستطيع شعوبنا أن تنطلق إلى آفاق التكنولوجيا الحديثة وفى نفس الوقت لا تدوس على التراث المجيد؟ But there are great questions facing us and confronting others, how can our peoples live the space age while keeping their roots in their national soil? How can our peoples reconcile authenticity with history and renewal, the future? How can our peoples live the age of the world in which borders and distances have disappeared and at the same time do not lose themselves? How can our peoples embark on the horizons of modern technology while at the same time not trampling on the glorious heritage? تلك كلها أسئلة كبيرة، إجاباتها حيوية، لكننا - أيها الأصدقاء - انتظرنا ندوتكم هذه لنسمع لا لنتكلم، ولست أشك لحظة أن كثيرين من فى هذا الشعب الذى يسعد بضيافتكم، كما أن كثيرين فى هذه الأمة العربية المناضلة، بل أكاد أقول إن كثيرين فى أمم عديدة غيرنا، ينتظرون هذه الندوة باهتمام فكرى لا يعادله اهتمام. These are all great questions, their answers are vital, but we are waiting for your call to hear, not to speak, and I do not doubt for a moment that many people in this nation are happy with your hospitality, and many in this struggling Arab nation. Others, are waiting for this seminar with an intellectual interest that is not of interest.

فلتبدءوا على بركة الله. Let us begin the blessing of God. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.