×

We use cookies to help make LingQ better. By visiting the site, you agree to our cookie policy.


image

هاري بوتر وحجر الفيلسوف, ١٧ الرجل ذو الوجهين

١٧ الرجل ذو الوجهين

إنه (كويريل)!

صرخ (هاري): «أنت؟!».

وابتسم (كويريل)..لم يكن وجهه يرتعش على الإطلاق!

وقال بهدوء: «نعم أنا..توقعت لقاءك هنا يا (بوتر)!».

(هاري): «ولكنني ظننت (سنايب)..».

وضحك (كويريل) ضحكة باردة خشنة لا تشبه في شيء ارتجافه المعتاد: «سيفيروس؟..نعم.. إنه يبدو ــ فعلًا ــ مناسبًا لذلك! كان من المفيد أن أتركه يدور حول المكان جاذبًا الشكوك نحوه. فمقارنة به، من ذا الذي سيشك بالأستاذ (كويريل) المسكين الذي يتهته».

لم يستطع (هاري) أن يصدق ما يحدث.. لا يمكن أن يكون هذا صحيحًا.. لا يمكن!

(هاري): «لكن (سنايب) حاول أن يقتلني!».

(كويريل): «لا، لا، لا، أنا الذي كنت أحاول قتلك..لكن صديقتك أنقذتك عندما اصطدمت بى وهي في طريقها لإشعال النيران في (سنايب) في مباراة (الكويدتش)؛ لأنها أبعدت تركيز عيني عنك.. بضع ثوان أخرى وكنت أوقعتك من فوق تلك المقشة، والحقيقة أنني كنت سأنجح قبل ذلك لولا (سنايب) الذي كان يتمتم بتعويذة مضادة محاولًا إنقاذك!».

(هاري): «(سنايب) كان يحاول إنقاذي؟».

قال (كويريل) بفتور: «بالطبع، لماذا في رأيك أراد أن يكون الحكم في مباراتك التالية؟ كان يحاول التأكد من أنني لن أحاول قتلك مرة أخرى.. والغريب أنه لم يكن عليه أن يقلق.. فلم يكن بإمكاني أن أفعل شيئًا في وجود (دمبلدور).. والأغرب أن باقي الأساتذة ظنوا أن (سنايب) يريد أن يمنع (جريفندور) من الفوز؛ مما جعله غير محبوب بينهم..ومع ذلك ما الفائدة من كل هذا؟ سوف أقتلك الليلة..».

وصفق بيديه.. فاندفعت بعض الحبال من الهواء.. وقيدت (هاري) بإحكام.

وقال (كويريل): «إنك تتدخل كثيرًا فيما لا يعنيك.. وتدور في المدرسة هنا وهناك..مثل يوم الهالووين.. عندما كنت ذاهبًا لأنظر إلى الشيء الذي يحرس الحجر».

«كنت أنت من أدخل الغول!».

«بالتأكيد، لديَّ موهبة خاصة في التعامل مع الغيلان.. لابد أنك رأيت ما فعلته مع الغول في الغرفة السابقة! ولكن للأسف بينما أسرع الجميع يبحثون عن الغول يومها، ذهب (سنايب) -الذي كان قد بدأ يشك فيَّ ــ مباشرة إلى الدور الثالث؛ ليسبقني.. ومن سوء الحظ، فإن الغول لم يفشل فقط في قتلك ولكنَّ الكلب ذا الرءوس الثلاثة فشل أيضًا في عض قدم (سنايب) بصورة جيدة.

الآن..انتظر يا (بوتر).. أريد أن أكتشف كيف تعمل هذه المرآة!».

وفي هذه اللحظة فقط أدرك (هاري) أن مرآة أريسيد تقف وراء (كويريل)!

تمتم (كويريل) وهو يدور حول برواز المرآة متفحصًا: «هذه المرآة هي مفتاح الحصول على الحجر.. إن (دمبلدور) بارع جدًّا.. لكنه في لندن الآن.. وسأكون قد أصبحت بعيدًا جدًّا عندما يعود..».

كل ما استطاع (هاري) أن يفكر فيه هو أن يبقى (كويريل) مشغولًا بالكلام؛ حتى لا يركز على المرآة.

فقال: «لقد رأيتك أنت و(سنايب) في الغابة..».

قال (كويريل) بتثاقل وهو يدور حول المرآة؛ لينظر إلى ظهرها: «لقد كان يتتبعني عن كثب في ذلك الوقت، ويحاول أن يعرف إلى أي مدى يمكنني الوصول..كان يشك بي من البداية.. كان يحاول إخافتي وكأنه يستطيع ذلك بينما معي لورد (فولدمور)...».

وخرج (كويريل) من وراء المرآة.. وحدق باشتياق داخلها وقال: «أستطيع أن أرى الحجر..وأنا أقدمه هدية لسيدي.... لكن أين هو؟».

كان (هاري) يحاول التخلص من الحبال التي تربطه ولكنها كانت شديدة الإحكام حوله.. كان عليه أن يبقي (كويريل) مشغولًا؛ حتى لا يعطي اهتمامه الكامل إلى المرآة.

«ولكن (سنايب) بدا أنه يكرهني كثيرًا جدًّا».

قال (كويريل) بلا اهتمام: «آه، إنه يكرهك فعلًا.. ألا تعرف أنه كان في (هوجوورتس) مع والدك؟ لقد كانا يكرهان بعضهما بعضًا جدًّا لكنه لم يتمن موتك قطُّ».

(هاري): «ولكنني سمعتك منذ أيام قليلة تنتحب، واعتقدت أن (سنايب) يهددك..».

ولأول مرة ظهر الخوف في وجه (كويريل).

وقال: «أحيانًا، أجد صعوبة في اتباع أوامر سيدي؛ فهو ساحر عظيم وأنا ضعيف».

شهق (هاري) وقال: «هل تعني أنه كان معك داخل هذا الفصل؟».

قال (كويريل) بهدوء: «إنه معي في كل مكان أذهب إليه.. لقد قابلته وأنا أسافر حول العالم.. كم كنت شابًّا غبيًّا وقتها.. كان عقلي مليئًا بأفكار سخيفة عن الخير والشر.. ولقد جعلني لورد (فولدمور) أدرك كم كنت مخطئًا.. وعلمني أنه ليس هناك خير أو شر.. هناك فقط القوة.. ومن هم أضعف من أن يحاولوا امتلاكها.. ومن وقتها وأنا أخدمه بإخلاص.. رغم أنني خيبت ظنه عددًا من المرات، وكان عليه أن يقسو عليَّ» ارتعد (كويريل) فجأة وأكمل: «إنه لا يسامح من يرتكب الأخطاء بسهولة.. عندما فشلت في سرقة الحجر من (جرينجوتس).. كان غاضبًا جدًّا وعاقبني.. وقرر أن يبقى قريبًا مني؛ حتى يراقبني...».

وتذكر (هاري) رحلته إلى حارة (دياجون).. كيف كان غبيًّا لهذه الدرجة؟ لقد رأى (كويريل) لأول مرة في هذا اليوم وصافحه في كافيتريا (المرجل الراشح).

وأخذ (كويريل) يلهث لاعنًا: «أنا لا أفهم..هل الحجر داخل المرآة؟ هل أحطمها؟».

كان عقل (هاري) يعمل بسرعة.. إن أهم شيء أريده الآن في حياتي هو أن أحصل على الحجر قبل (كويريل)، فلو نظرت إلى المرآة..فسوف أرى نفسي وأنا أجده؛ مما يعني أنني سأرى مكانه! لكن كيف أنظر إليها دون أن يعرف (كويريل) ما أنويه؟

حاول (هاري) الاقتراب من يسارها؛ لينظر فيها دون أن يلاحظ (كويريل) ولكن الحبال حول قدميه أعاقته فوقع على الأرض وتجاهله (كويريل) الذي كان لا يزال يكلم نفسه.

قال (كويريل): «ما الذي تفعله هذه المرآة؟ كيف تعمل؟ ساعدني يا سيدي!».

ولدهشة (هاري) الشديدة ورعبه..سمع صوتًا خافتًا خشنًا يبدو وكأنه يصدر من داخل (كويريل) نفسه: «استعمل الولد..استعمل الولد..».

استدار (كويريل) إلى (هاري).

قال: «(بوتر)..تعال هنا!».

وصفق بيديه فتركته الحبال.. وسقطت إلى الأرض! وقام (هاري) واقفًا على قدميه ببطء.

«تعال هنا..انظر إلى المرآة..وأخبرني ماذا ترى!».

اتجه (هاري) إلى المرآة وفكر بيأس: «سأنظر إليها..وأكذب فيما أراه!».

ووقف (كويريل) بالقرب منه.. وتنشق (هاري) الرائحة الغريبة التي بدا أنها تصدر عن عمامة (كويريل) وأغمض عينيه، وخطا أمام المرآة ثم فتحها!

ورأى انعكاس صورته؛ وجهه أبيض شاحبٌ ونظراته مليئة بالخوف.. ولكن بعد لحظة ابتسم خياله..ووضع يده في جيبه.. وأخرج حجرًا أحمر اللون..في لون الدم، وغمز بعينيه، ثم أعاد الحجر إلى جيبه.. وأحس (هاري) بأن شيئًا ثقيلًا يسقط في جيبه الحقيقي.. ياللعجب! لقد حصل على الحجر! !

قال (كويريل) بصبر نافد: «حسنًا.. ماذا ترى؟».

استجمع (هاري) شجاعته وقال: «رأيت (دمبلدور) يصافحني ويقدم لي كأس المنازل!».

لعن (كويريل) مرة أخرى وصاح: «ابعد من هنا!»، وبينما خطا (هاري) جانبًا وهو يشعر بالحجر في جيبه ويفكر إن كان يستطيع الهرب به.

ولكنه لم يكن قد ابتعد أكثر من خمس خطوات عندما ارتفع الصوت الخشن قائلًا: «إنه يكذب.. يكذب..» ولم تكن شفتا (كويريل) تتحركان.

صاح (كويريل): «(بوتر).. تعال هنا.. قل لي الحقيقة! ما الذي رأيته؟».

وارتفع الصوت مرة أخرى: «دعني أواجهه بنفسي!».

قال (كويريل): «ولكنك يا سيدي لست قويًّا بما يكفي بعد!».

قال: «لا..لديَّ ما يكفي من القوة لذلك!».

وشعر (هاري) كما لو أن فروع نبات مخالب الشيطان تثبته في مكانه، لم يستطع التحرك من مكانه..وأخذ ينظر وهو مرعوب إلى (كويريل) وهو يمسك بالعمامة ويفكها عن رأسه..ما الذي يفعله؟ وبدا رأس (كويريل) صغيرًا بدون العمامة..ثم استدار ببطء!

أراد (هاري) أن يصرخ، لكن صوته اختنق.. وبدلًا من مؤخرة رأس (كويريل).. رأى أبشع وجه يمكن أن تقع عليه عيناه؛ وجهًا أبيض كالطباشير، مع عينين حمراوين واسعتين.. وخطًّا بدل الأنف!

وهمس: «(هاري) (بوتر)!».

أراد (هاري) أن يرجع خطوة للخلف، لكنه لم يستطع الحركة!

قال الوجه: «هل ترى كيف أصبح حالي؟ مجرد ظلٍّ لا أظهر إلا إذا شاركت أحدًا جسده.. ولكن هناك دائمًا من هم مستعدون لإدخالي في قلوبهم وعقولهم.. وقد منحتني دماء الحصان وحيد القرن بعض القوة خلال الأسابيع الماضية، لقد رأيت (كويريل) المخلص وهو يشربها من أجلي في الغابة.. وبمجرد حصولي على إكسير الحياة، سيكون بإمكاني أن أصنع جسدًا لنفسي.. والآن.. لماذا لا تعطيني الحجر الموجود في جيبك؟».

إذًا.. فهو يعرف.. ودبت القوة في سيقان (هاري) فأسرع مبتعدًا إلى الخلف..

وتبعه (كويريل) وهو يسير إلى الخلف.. حتى يظل (فولدمور) مواجهًا لـ(هاري)..

وقال الوجه: «لا تكن غبيًّا.. من الأفضل لك أن تنقذ نفسك وتنضم إليَّ.. وإلا لقيت نفس مصير أبويك.. لقد ماتا وهما يتوسلان إليَّ أن أرحمهما!».

صاح (هاري) فجأة: «كاذب!».

وابتسم الوجه الشرير وقال: «شيء مؤثر.. إنني دائما أقدر الشجاعة.. نعم يا فتى، لقد كان والداك في منتهى الشجاعة.. لقد قتلت أباك أولًا بعد أن حارب ببسالة.. ولم يكن من خطتي أن أقتل أمك.. لكنها ماتت دفاعًا عنك.. الآن، أعطني هذا الحجر.. إلا إذا أردت أن تجعل موتها يذهب هباء».

(هاري): «أبدًا!».

أسرع (هاري) متراجعًا نحو ألسنة اللهب الأسود التي تسد الباب.

وصرخ (فولدمور): «اقبض عليه..».

وانقضَّ (كويريل) على (هاري)..وشعر (هاري) بيدي (كويريل) على رسغه.. ولكنه ما إن لمسه حتى أحس (هاري) وكأن سيخًا من الحديد المحمي قد اخترق ندبته.. وشعر بأن رأسه يكاد ينقسم من الألم.. وصرخ وهو يقاوم مهاجمه بكل ما أوتي من قوة.. ولدهشته الشديدة، تركه (كويريل) وقلَّ ألم رأسه ونظر حوله ليرى أين ذهب (كويريل) فرآه يتلوَّى من الألم وينظر إلى أصابعه..كانت يداه تحترقان!

وصاح (فولدمور) من جديد: «اقبض عليه! اقبض عليه!»، واندفع (كويريل) ناحية (هاري) موقعًا إياه على الأرض ثم وضع يديه فوق رقبته، وأصبح (هاري) لا يرى شيئًا من الألم الذي شعر به في ندبته، ولكنه ما لبث أن رأى (كويريل) وهو يولول من شدة الألم. ويصرخ: «سيدي، لا أستطيع لمسه.. يداي.. يداي!».

وكان (كويريل) لا يزال مثبتًا (هاري) على الأرض بركبتيه ولكنه ترك رقبته وأخذ يحدق إلى راحتي يديه متألمًا ــ ورأى (هاري) كيف تبدوان حمراوين لامعتين وكأنهما تعرضتا للحرق.

صاح (فولدمور): «اقتله أيها الغبي وأنهِ الأمر!».

ورفع (كويريل) يديه؛ ليؤدي تعويذة قاتلة على (هاري).. لكن (هاري) مد يديه وقبض على وجهه.

«آآآآآآآآي!».

وتدحرج (كويريل) مبتعدًا عن (هاري) وقد احترق وجهه وتأكد (هاري) عندها أن (كويريل) لا يستطيع لمسه وإلا تعرض لألم شديد، وعرف أن فرصته الوحيدة هي أن يجعله يتألم بشدة؛ حتى لا يستطيع رميه بتعويذة تقتله.

وقف (هاري) وأمسك بذراع (كويريل) بكل قوته.. صرخ (كويريل) وحاول أن يبعد (هاري) عنه، لكنه ظل متعلقًا به.. واشتدت آلام رأسه.. ولم يعد يستطيع النظر واختلطت صرخات (كويريل) مع صيحات (فولدمور): «اقتله! اقتله!»، مع أصوات ربما كان يتخيلها تصيح: «(هاري! هاري)!».

وشعر بذراع (كويريل) تنتزع من يده.. وعرف أن كل شيء ضاع.. وسقط في ظلام..عميق..عميق..عميق!

كان هناك شيء ذهبي يلمع فوقه؛ الكرة الذهبية! حاول أن يمسك بها ولكنه شعر بأن ذراعيه ثقيلتان جدًّا.

طرف بعينيه.. لم تكن الكرة الذهبية؛ كانت نظارة؛ شيئًا غريبًا.

طرف مرة أخرى.. ورأى وجه (ألباس دمبلدور) الباسم يظهر فوقه!

قال (دمبلدور): «مساء الخير يا (هاري)!».

حدق (هاري) إليه بدهشة، ثم تذكر كل شيء: «سيدي! الحجر... إنه... (كويريل)! لقد استولى على الحجر! بسرعة يا سيدي..».

(دمبلدور): «اهدأ يا بني.. (كويريل) لم يحصل على الحجر...».

(هاري): «إذًا... من الذي أخذه؟ سيدي، أنا...».

(دمبلدور): «اهدأ يا (هاري) و إلا أخرجتني مدام (بومفري) من هنا».

ابتلع (هاري) ريقه ونظر حوله وأدرك أنه لا بد أن يكون في جناح المستشفى. كان مستلقيًا في سرير، ملاءته بيضاء وبجواره منضدة عليها كومة هائلة من الحلوى.

قال (دمبلدور) مبتسمًا: «هذه هدايا من أصدقائك والمعجبين بك! ما حدث بينك وبين الأستاذ (كويريل) في القبو كان سريًّا جدًّا ومع ذلك فإن المدرسة كلها عرفته.. أعتقد أن صديقيك السيدين (فريد) و(جورج ويزلي) مسئولان عن محاولة إرسال مقعد تواليت إليك..بلا شك كانا يظنان أن هذا سوف يضحكك ولكن مدام (بومفري) صادرته ربما اعتقادًا منها أنه غير صحي».

(هاري): «منذ متى وأنا هنا؟».

«منذ ثلاثة أيام.. سيكون السيد (رونالد ويزلي) والآنسة (جرانجر) سعيديْن؛ لأنك استعدت وعيك.. كانا في شدة القلق عليك!».

(هاري): «لكن يا سيدي.. الحجر..».

(دمبلدور)»: «ما زلت مصرًّا.. حسنًا.. لم يستطع (كويريل) أن يأخذ منك الحجر، فقد وصلت في الوقت المناسب؛ لأمنع هذا، على الرغم من أنك أنت الذي نجحت في حماية الحجر في الحقيقة!».

(هاري): «وصلت هناك؟ هل وصلتك بومة (هرمايني)؟».

(دمبلدور): «لابد أننا تقابلنا في وسط الطريق؛ لأنني بمجرد وصولي إلى لندن أدركت أن المكان الذي يجب أن أكون به هو المكان الذي تركته وقد وصلت في الوقت المناسب؛ لأبعد (كويريل) عنك..».

(هاري): «لقد كنت أنت».

(دمبلدور): «لقد خفت أن أصل متأخرًا».

(هاري): «لا، لقد وصلت في اللحظة المناسبة.. لم أكن أستطيع منعه من الوصول إلى الحجر أكثر من ذلك!».

الأستاذ: «ليس الحجر هو المهم.. بل أنت يا بنيّ الأهم.. لقد كدت تموت من التعب والقتال..أما الحجر، فقد دمرته».

هتف (هاري): «دمرته؟! ولكن صديقك (نيكولاس فلاميل)».

قال (دمبلدور) مبتهجًا: «أتعرف بأمر (نيكولاس)؟ إنك تقوم بالأشياء بشكل رائع.. حسنًا، لقد ناقشت الأمر معه.. واتفقنا على أن هذا هو الأفضل للجميع!».

(هاري): «ولكن هذا يعني أنه وزوجته سوف يموتان!».

(دمبلدور): «إن لديهما من إكسير الحياة ما يكفي ليرتبا أمورهما.. ثم.. بعد ذلك.. نعم سيموتان».

وابتسم (دمبلدور) من نظرة التعجب التي ظهرت على وجه (هاري).

وقال: «قد يبدو الأمر عجيبًا بالنسبة لشخص صغير السن مثلك ولكن بالنسبة لـ(نيكولاس) و(بيرينيل)، يبدو الأمر مثل الذهاب إلى النوم بعد يوم طويل جدًّا والعقل المرتب سيرى الموت مجرد مغامرة كبيرة قادمة.. ولكن.. أتعرف؟ لم يكن الحجر شيئًا رائعًا فعلًا. فرغم أن أكثر شيئين يريدهما الإنسان هما المال والحياة فإن البشر دائمًا يختارون الأشياء التي تضرهم».

لم يعرف (هاري) ماذا يقول.. وكان (دمبلدور) ينظر باسمًا إلى السقف!

أخيرًا قال (هاري): «سيدي.. كنت أفكر.. حتى لو كنت قد دمرت الحجر، هل فولـ... أقصد (أنت ــ تعرف ــ من)..».

«قل اسمه.. (فولدمور).. استعمل الاسم دائمًا يا (هاري).. الخوف من الاسم يزيد خوفك من الشيء نفسه».

(هاري): «حسنًا يا سيدي.. سيحاول (فولدمور) إيجاد وسائل أخرى؛ ليتمكن من العودة.. أليس كذلك؟ لم ينته الأمر».

«نعم يا (هاري).. لم ينته الأمر.. إنه موجود في مكان ما.. ربما يبحث عن شخص يشترك معه في جسمه، فكونه ليس حيًّا فعلًا يعني أنك لا يمكنك قتله، لقد ترك (كويريل) يموت وحده.. إنه لا يظهر أي رحمة لأتباعه.. تمامًا كأعدائه.. وربما وجد شخصًا يساعده.. وقد يقف في طريقه شخص آخر كما فعلت أنت ويؤخر عودته وقد يفشل مرة أخرى وأخرى..من يدري قد لا يعود أبدًا!».

أومأ (هاري) برأسه، ثم توقف بسرعة؛ لأن رأسه آلمه وقال: «سيدي.. هناك بعض الأشياء الأخرى التي أريد معرفتها، وأرجو أن تخبرني بها.. أريد أن أعرف الحقيقة عن...».

تنهد (دمبلدور) وقال: «الحقيقة.. إنها شيء جميل ومخيف.. يجب أن تعامل بحرص شديد.. على كل حال، سوف أجيبك إلا إذا كان هناك سبب وجيه يمنعني من إخبارك.. وفي هذه الحالة، اعذرني فأنا لا يمكنني أن أكذب بالطبع!».

(هاري): «حسنًا.. لقد قال لي (فولدمور) إنه قتل أمي؛ لأنها حاولت منعه من قتلي ولكنني لا أفهم لماذا أراد أن يقتلني أصلًا؟».

وتنهد (دمبلدور) بعمق أكثر هذه المرة وقال: «للأسف! هذا سؤال لن أستطيع أن أجيبك عنه.. أبعده عن ذهنك الآن.. ستعرف إجابته عندما تصبح أكبر سنًّا.. قد لا يعجبك ذلك، ولكن عندما تصبح مستعدًّا سوف تعرف!».

وتأكد (هاري) أنه لا فائدة من المناقشة.

(هاري): «ولكن لماذا لم يستطع (كويريل) لمسي؟».

(دمبلدور): «لقد ماتت أمك لتنقذك..الشيء الوحيد الذي لا يستطيع (فولدمور) فهمه هو الحب.. إنه لا يدرك أن حبًّا قويًّا كحب أمك لك يترك أثرًا.. ليس ندبة، فعلامته ليست ظاهرة..فالحب يحوط الإنسان ويحميه إلى الأبد حتى لو رحل الشخص الذي أحبه عن الدنيا.. وهذه الحماية موجودة في جلدك.. وهكذا فإن شخصًا مملوءًا بالكراهية والحقد والطمع مثل (كويريل) الذي يشارك جسده مع (فولدمور) لا يستطيع أن يلمسك..وهو يتألم عندما يلمس شخصًا به أثر شيء رائع مثل هذا».

وحول (دمبلدور) انتباهه إلى طائر يقف على حافة النافذة؛ مما أعطى لـ(هاري) الفرصة؛ لكي يجفف دموعه في الملاءة. وعندما عاد إليه صوته قال: «ولكن..هل تعرف من الذي أرسل لي عباءة الإخفاء؟!».

(دمبلدور): «آه..نعم..لقد تركها والدك معي.. واعتقدت أنها قد تعجبك». ولمعت عيناه وهو يضيف: «قد تكون مفيدة.. كان والدك يستعملها في التسلل إلى المطابخ؛ ليسرق الطعام عندما كان هنا!».

(هاري): «هناك شيء آخر..».

(دمبلدور): «اسأل».

«(كويريل) قال إن (سنايب)...».

(دمبلدور): «الأستاذ (سنايب) يا (هاري)».

(هاري): «نعم هو ــ قال (كويريل) إنه يكرهني؛ لأنه يكره والدي. هل هذا حقيقي؟».

(دمبلدور): «حسنًا، لقد كانا بالفعل يبغضان بعضهما.. تمامًا مثلك أنت والسيد (مالفوي). ثم فعل والدك شيئًا لا يمكن لـ(سنايب) أن يغفره له أبدًا».

(هاري): «ما هو؟».

(دمبلدور): «أنقذ حياته».

(هاري): «ماذا؟».

قال (دمبلدور) بصوت حالم: «نعم...كم هي غريبة الطريقة التي تعمل بها عقول الناس! لم يستطع الأستاذ (سنايب) تحمل فكرة أن يكون مدينًا لوالدك.. حتى إنني أعتقد أنه عمل جاهدًا على حمايتك هذا العام؛ لأنه شعر أن هذا سيجعله يتعادل معه.. وهكذا يمكنه أن يعود إلى كراهية ذكرى والدك في سلام...».

حاول (هاري) أن يفهم ذلك، ولكن المحاولة جعلت عقله يطن فكفَّ عنها.

(هاري): «لديَّ سؤال واحد أخير يا سيدي...».

«سؤال واحد فقط؟».

(هاري): «كيف حصلت على الحجر من المرآة؟».

(دمبلدور): «آه.. هذا سؤال جيد.. إنه واحد من أعمالي العبقرية..كان عليَّ أن أنقل الحجر إلى شخص يريده، ولكن.. لا يريد استعماله.. أما أي شخص آخر فسيرى نفسه يحصل على الذهب أو إكسير الحياة.. وهكذا انتقل إليك في اللحظة المناسبة.. إن عقلي يدهشني أنا نفسي أحيانًا.. والآن.. كفى أسئلة.. يجب أن تستريح.. ما رأيك أن تبدأ في التهام كل هذه الأكوام من الحلوى التي بعثها لك أصدقاؤك؟! آه، حبوب (بيرتي بوت) بكل النكهات! لقد كنت غير محظوظ في شبابي وقمت بتذوق واحدة بطعم القيء ومن وقتها أصبحت لا أحبها.. ولكن لا أمانع أن أجرب واحدة من هذه الآن».

ابتسم ووضع حبة ذهبية في فمه، ثم مضغها وقال: «يالسوء حظي! إنها بطعم صملاخ الأذن!».

كانت مدام (بومفري) سيدة لطيفة ولكنها حازمة جدًّا.

أخذ (هاري) يرجوها: «خمس دقائق فقط».

مدام بومفري: «قطعًا لا».

(هاري): «لقد سمحت للأستاذ (دمبلدور) بالدخول..».

مدام بومفري: «حسنًا، بالطبع، إنه الناظر وهذا أمر مختلف.. فأنت لا تزال في حاجة إلى الراحة».

(هاري): «أنا مرتاح، انظري، إنني مستلقٍ في السرير وكل شيء.. أرجوكِ يا مدام (بومفري)..».

قالت: «حسنًا، ولكن خمس دقائق فقط».

وسمحت لـ(رون) و(هرمايني) بالدخول.

«(هاري)!».

قالت (هرمايني): «آه يا (هاري)، لقد كنا متأكدين من أنك سوف.. كان (دمبلدور) قلقًا جدًّا..».

قال (رون): «المدرسة كلها تتكلم عن الأمر.. ما الذي حدث فعلًا؟».

لقد كانت هذه إحدى المناسبات التي تكون فيها القصة الحقيقية أكثر غرابة وإثارة من أكثر الشائعات جموحًا.. وأخبرهما (هاري) بكل شيء عن (كويريل) و المرآة والحجر و(فولدمور). كان (رون) و(هرمايني) مستمعين جيدين؛ فقد شهقا في جميع الأماكن الصحيحة، وعندما أخبرهما عما كان أسفل عمامة (كويريل) صرخت (هرمايني) صرخة عالية.

وقال (رون) أخيرًا: «إذًا، تم تدمير الحجر؟ وسوف يموت (فلاميل) ببساطة؟».

قال (هاري): «هذا ما قلته لـ(دمبلدور) ولكنه يعتقد ــ حسبما قال ــ أن العقل المرتب يرى الموت مجرد مغامرة كبيرة قادمة».

قال (رون) وقد بدا متأثرًا بمدى جنون مثله الأعلى: «لقد كنت دائمًا أقول إنه مجنون».

قال (هاري): «ولكن ما الذي حدث لكما أنتما الاثنين؟».

قالت (هرمايني): «حسنًا، لقد عدت إلى (رون) واستطعنا الخروج بلا عوائق، وكنا في طريقنا إلى بيت البوم عندما التقينا (دمبلدور) في قاعة الدخول.. كان يعرف ما حدث.. فقد قال بمجرد رؤيتنا: «لقد ذهب (هاري) وراءه، أليس كذلك؟ وأسرع في اتجاه الطابق الثالث».

قال (رون): «هل تعتقد أنه أرادك أن تقوم بذلك؟ لقد أرسل إليك عباءة والدك وما إلى ذلك».

وانفجرت (هرمايني): «حسنًا، لو أنه فعل ذلك ــ أقصد ــ هذا شيء فظيع - كان يمكن أن تقتل».

قال (هاري) بحكمة: «لا، ليس الأمر كذلك. إن (دمبلدور) رجل غريب. أعتقد أنه أراد أن يعطيني فرصة. فأنا أظن أنه على علم بكل ما يدور بالمدرسة، أتعرفون؟ ربما كان يعلم أننا سوف نحاول وبدلًا من أن يوقفنا، علمنا ما يكفي؛ لكي يساعدنا.. لم يكن الأمر مصادفة أن يتركني أعرف كيف تعمل المرآة.. ربما فكر أن لي الحق في مواجهة (فولدمور) لو استطعت..».

قال (رون) بفخر: «نعم، إن هذا هو أسلوب تفكير (دمبلدور). اسمع، يجب أن تكون معنا في حفل نهاية العام غدًا.. لقد انتهت المسابقة وفاز (سليذرين) بالطبع، فأنت لم تحضر مباراة (الكويدتش) الأخيرة والتي فازت بها (رافينكلو) بسبب عدم وجودك مع الفريق.. ولكن الطعام سيكون جيدًا».

وفي هذه اللحظة، أتت مدام (بومفري) مندفعة وقالت بحزم: «إنكم هنا منذ ما يقرب من ١٥ دقيقة، يكفي ذلك، هيا إلى الخارج».

وبعد ليلة هادئة نام فيها (هاري) نومًا عميقًا.. استيقظ وهو يشعر أنه قد استعاد صحته، وقال لمدام (بومفري) وهي تقوم بترتيب صناديق الحلوى الكثيرة: «أريد أن أحضر احتفال آخر العام. هل يمكنني ذلك؟».

قالت بأنفة وكأنها تعتقد أن الحفلات تؤذي الصحة: «لقد أخبرني الأستاذ (دمبلدور) أنه يمكنك حضور الاحتفال! وهناك زائر آخر لك».

قال (هاري): «من هو؟».

وبينما (هاري) يسأل، دخل (هاجريد) من الباب وكعادته بدا ضخمًا جدًّا بالنسبة للمكان. جلس بالقرب من (هاري) ونظر إليه ثم انفجر في البكاء.

وأخذ ينشج ووجهه بين يديه: «إن.. كل.. هذا.. غلطتي.. أنا.. لقد أخبرت هذا الشرير كيف يمر من (فلافي)! لقد أخبرته! لقد كان هذا هو الشيء الوحيد الذي لا يعرفه وأنا أخبرته! كان يمكن أن تموت! وكل هذا من أجل بيضة تنين! كان يجب أن يتم طردي؛ لكي أعيش بين العامة!».

قال (هاري) وقد صدمه أن يرى (هاجريد) وهو يهتز من الحزن والدموع تتسرب من لحيته بهذا الشكل: «(هاجريد)! كان سيعرف هذا بطريقة ما.. إننا نتكلم عن (فولدمور).. كان سيكتشف الأمر حتى لو لم تقل له».

قال (هاجريد): «كان يمكن أن تموت! ولا تقول الاسم!».

صاح (هاري): «(فولدمور)!» وصدم (هاجريد) حتى إنه توقف عن البكاء وأكمل (هاري): «لقد التقيته وأنا أناديه باسمه. أرجوك ألا تبكي يا (هاجريد) لقد أنقذنا الحجر وقد تم تدميره ولا يمكن أن يستخدمه.. خذ واحدة من شيكولاتة الضفادع.. لديَّ الكثير منها..».

ومسح (هاجريد) أنفه بظهر يده وقال: «هذا يذكرنى أن لدي هدية لك».

قال (هاري) بترقب: «ليست ساندوتش فقمة؟» وأخيرًا ضحك (هاجريد) وقال: «لا، لقد أعطاني (دمبلدور) أمس إجازة؛ حتى أقوم بإعداده.. كان عليه أن يطردني بدلًا من ذلك بالطبع.. على أية حال، لقد أحضرت لك ذلك..».

كان يبدو كتابًا جميلًا مغطى بالجلد.. فتحه (هاري) بفضول.. كان مليئًا بصور السحرة وكانت أمه وأبوه يبتسمان ويلوحان له في كل صفحة.

(هاجريد): «لقد أرسلت بومًا إلى كل أصدقاء وزملاء والديك القدامى، أطلب منهم أن يرسلوا صورهما... فأنا أعلم أنك لا تملك صورًا لهما.. هل أعجبك؟».

لم يستطع (هاري) الكلام ولكن (هاجريد) أدرك مشاعره.

ذهب (هاري) إلى وليمة آخر العام وحده في هذه الليلة. فقد أخرته مدام (بومفري) التي أصرت أن تكشف عليه مرة أخيرة قبل أن تسمح له بالذهاب. كان البهو العظيم ممتلئًا بالناس عندما وصل إليه، وكان المكان مزينًا بالألوان الخضراء والفضية الخاصة بـ(سليذرين) للاحتفال بفوزهم بكأس المنزل للسنة السابعة على التوالي، وهناك راية كبيرة مرسوم عليها ثعبان (سليذرين) تغطي الحائط خلف مائدة الأساتذة.

وعندما دخل (هاري) إلى البهو العظيم، ساد الصمت المكان للحظة ثم بدأ الجميع يتكلمون بصوت عال على الفور، وجلس (هاري) في مقعد بين (رون) و(هرمايني) على مائدة (جريفندور)، وحاول تجاهل حقيقة أن الناس كانوا يقفون؛ حتى ينظروا إليه.

ومن حسن حظه أن (دمبلدور) وصل بعد لحظة، وساد الهدوء المكان!

قال (دمبلدور) بمرح: «لقد انقضى عام آخر! ويجب أن ألقي عليكم بعض الكلام بهذه المناسبة قبل أن نبدأ الوليمة.. يا له من عام! أرجو أن تكون رءوسكم قد امتلأت قليلًا عما كانت.. وأمامكم الصيف بأكمله لتجعلوها خالية من جديد قبل أن يبدأ العام الدراسي القادم.

«والآن علينا تقديم كأس المنازل للفائز.. والنقاط كما يلي.. (جريفندور) في المركز الرابع ٣١٢ نقطة.. (هافلباف) الثالث ٣٥٢ نقطة.. رافينكلو الثاني ٤٢٦ نقطة..و(سليذرين) ٤٧٢ نقطة..».

وثارت عاصفة من التصفيق والتهليل من مائدة (سليذرين)..رفع (مالفوي) كوبه إلى أعلى فرحًا!

قال (دمبلدور): «نعم، نعم..عمل عظيم يا (سليذرين)..ومع ذلك يجب وضع الأحداث الأخيرة في الاعتبار».

ساد الصمت القاعة.. وذوت الابتسامة من وجه طلاب (سليذرين) قليلًا..

قال (دمبلدور): «هناك بعض النقاط الأخيرة التي يجب أن تضاف! دعوني أفكر، نعم.

«أولًا: السيد (رونالد ويزلي)..

تحول لون وجه (رون) إلى اللون البنفسجي وبدا مثل الفجل الذي لفحته الشمس.

(دمبلدور): «لأنه لعب أفضل دور شطرنج شهدته (هوجوورتس) لسنوات عديدة.. يستحق خمسين نقطة!».

وارتفع تصفيق طلاب (جريفندور) أعلى من السقف المسحور حتى بدت النجوم وكأنها ترتجف وكان يمكنك أن تسمع (بيرسي) وهو يقول لباقي رواد المنازل: «إنه أخي.. نعم أخي الصغير! لقد نجح في المرور من مجموعة شطرنج (ماكجونجال) العملاقة!».

وأخيرًا ساد الصمت من جديد!

(دمبلدور): «ثانيًا: الآنسة (هرمايني جرانجر)؛ لاستعمالها العقل في مواجهة النيران..تنال خمسين نقطة!».

ودفنت (هرمايني) رأسها في ذراعها وشك (هاري) أنها انفجرت في البكاء.. أما باقي طلاب (جريفندور) فلم يستطيعوا تمالك أنفسهم من الفرحة.. لقد زادت نقاطهم مائة نقطة.

(دمبلدور): «ثالثًا: السيد (هاري بوتر)..» وساد الصمت التام!

«لأعصابه القوية. وشجاعته النادرة..ينال ستين نقطة!».

وانفجر الموقف؛ فقد أصبحت نقاط (جريفندور) ٤٧٢ وبذلك يكون متساويًا مع (سليذرين).. لقد أصبحوا متعادلين.. لو أن (دمبلدور) فقط أعطى نقطة واحدة إضافية لـ(هاري)!

رفع (دمبلدور) يده وخفت الصوت في الغرفة تدريجيًّا حتى ساد الصمت.

قال (دمبلدور) مبتسمًا: «هناك أنواع مختلفة من الشجاعة.. هناك شجاعة نحتاجها للوقوف في وجه الأعداء.. لكن، نحتاج إلى أكثر منها للوقوف في وجه الأصدقاء؛ لذلك أعطي عشر درجات إلى السيد (نيفيل لونجبوتم)!».

لو أن أحدًا يقف بالخارج؛ لتصور أن انفجارًا قد حدث في القاعة..كانت الضجة القادمة من مائدة (جريفندور) عالية جدًّا.. ووقف (رون) و(هاري) و(هرمايني) يصيحون ويهللون تحية لنيفيل.. وقد ازداد بياض وجهه، وكاد يفقد أنفاسه من كثرة الذين التفوا حوله ليعانقوه! إنه لم يربح أي نقط لـ(جريفندور) من قبل.. ولكز (هاري) (رون) في ضلوعه دون أن ينقطع عن التشجيع، وأشار إلى (مالفوي) الذي كان يبدو مذهولًا ومرعوبًا وكأن أحدًا رماه بتعويذة تجميد الجسد.

ورفع (دمبلدور) صوته فوق التصفيق..فقد انضم (رافينكلو) و(هافلباف) إلى (جريفندور) احتفالًا بسقوط (سليذرين).. وقال: «وهذا يعني أننا نحتاج إلى تغيير قليل في الديكور».

وصفق بيديه فتغيرت الألوان من الأخضر إلى القرمزي.. وتحول الفضي إلى الذهبي.. وتغير ثعبان (سليذرين) إلى أسد (جريفندور).. وصافح (سنايب) يد الأستاذة (ماكجونجال) مهنئًا وقد رسم على وجهه ابتسامة فظيعة وعندما التقت عيناه بعيني (هاري)، عرف (هاري) أنه لا يزال يكرهه ولكن هذا لم يقلقه.. وفكر أن الحياة ستعود طبيعية في (هوجوورتس) العام القادم أو على الأقل بقدر ما هي طبيعية في (هوجوورتس).

وكانت أفضل ليلة في حياة (هاري).. أفضل من الفوز في (الكويدتش) والكريسماس أو حتى مصارعة الغيلان الجبلية.. كانت ليلة لن ينساها أبدًا!

كان (هاري) قد نسي أن نتائج الامتحانات لم تظهر بعد.. وقد فوجئ بشدة أنه هو و(رون) قد نجحا وبدرجات جيدة.. أما (هرمايني) فقد جاءت على القمة بالطبع.. حتى (نيفيل) نجح أيضًا وقد عوض ارتفاع درجاته في مادة علم النباتات تدني درجاته في مادة الوصفات.. وكانوا يأملون أن (جويل) الذي كان غباؤه مساويًا لخبثه قد يفشل ويطرد من المدرسة إلا أنه استطاع النجاح للأسف؛ مما جعل (رون) يقول: «لا نستطيع أن نحصل على كل شيء في الحياة!».

وفجأة، أصبحت الدواليب خالية وقاموا بحزم صناديقهم ووجدوا ضفدع (نيفيل) مختبئًا في ركن الحمام، وتم تسليم خطابات لكل التلاميذ تحذرهم من استخدام السحر خلال الإجازة؛ مما جعل (فريد ويزلي) يقول بحزن: «دائمًا ما أتمنى لو أنهم ينسون تسليمنا هذه».. وحضر (هاجريد)؛ ليأخذهم إلى أسطول القوارب الذي أبحر بهم عبر البحيرة ثم ركبوا قطار (هوجوورتس) السريع وهم يتكلمون ويضحكون بينما يتناولون حبوب (بيرتي بوت) بكل النكهات.. وأسرع القطار عابرًا مدن العامة وقد أصبح الريف في الخارج أكثر اخضرارًا.. وخلعوا عباءات السحرة؛ ليرتدوا السترات والمعاطف بدلًا منها.. وأخيرًا وصلوا إلى الرصيف رقم تسعة وثلاثة أرباع في محطة (كينجز كروس).

وأخذوا بعض الوقت في النزول إلى الرصيف وكان هناك حارس عجوز يقف عند حاجز التذاكر يسمح لهم بالمرور كل اثنين أو ثلاثة معًا؛ حتى لا يلفتوا انتباه العامة إذا ما خرجوا جميعًا فجأة من الحائط الصلب.

قال (رون) لـ(هاري) و(هرمايني): «سوف أرسل لكما بومة.. يجب أن تحضرا لنقضي معًا بعض الوقت في الإجازة!».

قال (هاري): «شكرًا، سأحتاج شيئًا لأتطلع إليه».

وكان الناس يتدافعون من حولهم وهم يتقدمون باتجاه البوابة في طريقهم إلى عالم العامة.. والبعض منهم يقول:

«إلى اللقاء يا (هاري)!».

«مع السلامة يا (بوتر)!».

وابتسم (رون) قائلًا: «مازلت مشهورًا!».

قال (هاري): «ولكن..ليس في المكان الذي أنا ذاهب إليه!».

وعبر هو و(رون) و(هرمايني) البوابة معًا..

«ها هو يا أمي.. ها هو ذا.. انظري!».

لقد كانت (جيني ويزلي) أخت (رون) الصغيرة ولكنها لم تكن تشير إلى (رون).

وصاحت: «(هاري بوتر)! انظري يا أمي! أستطيع..».

«اسكتي يا (جيني) وكُفِّي عن الإشارة؛ لأنها شيء غير لطيف».

ابتسمت لهم السيدة (ويزلي) وقالت: «كان عامًا مزدحمًا؟».

(هاري): «جدًّا، شكرًا لك يا سيدة (ويزلي) على الحلوى والبلوفر».

السيدة (ويزلي): «آه، إنه لا شيء يا عزيزي».

وسمع صوتًا: «هل أنت جاهز؟».

كان صوت الخال (فيرنون)! ما زال أحمر الوجه.. وما زال شاربه كبيرًا.. ومازال غاضبًا من جرأة (هاري) على حمل قفص به بومة في محطة ممتلئة بالناس العاديين.. وكانت وراءه الخالة (بتونيا) و(ددلي) الذي ينظر إليه خائفًا!

قالت السيدة (ويزلي): «لا بد أنكم أسرة (هاري)!».

قال الخال (فيرنون): «إلى حد ما، أسرع يا ولد..هل سنضيع اليوم كله هنا؟!».

وتأخر (هاري) لحظة ليودع (رون) و(هرمايني).

قال (رون): «أراك في الصيف إذًا».

قالت (هرمايني) وهي تنظر إلى الخال (فيرنون) غير مصدقة أن يكون هناك شخص كئيب إلى هذه الدرجة: «(هاري).. أتمنى لك إجازة سعيدة!».

قال (هاري): «نعم..أرجو ذلك!».

ودهشوا لهذه الابتسامة على وجهه وقال: «إنهم لا يعرفون أننا ممنوعون من استخدام السحر مع العامة.. حسنًا.. سأقضي وقتًا رائعًا مع (ددلي) هذا الصيف..».


١٧ الرجل ذو الوجهين 17 The two-faced man 17 L'homme à deux visages

إنه (كويريل)!

صرخ (هاري): «أنت؟!».

وابتسم (كويريل)..لم يكن وجهه يرتعش على الإطلاق!

وقال بهدوء: «نعم أنا..توقعت لقاءك هنا يا (بوتر)!».

(هاري): «ولكنني ظننت (سنايب)..».

وضحك (كويريل) ضحكة باردة خشنة لا تشبه في شيء ارتجافه المعتاد: «سيفيروس؟..نعم.. إنه يبدو ــ فعلًا ــ مناسبًا لذلك! كان من المفيد أن أتركه يدور حول المكان جاذبًا الشكوك نحوه. فمقارنة به، من ذا الذي سيشك بالأستاذ (كويريل) المسكين الذي يتهته».

لم يستطع (هاري) أن يصدق ما يحدث.. لا يمكن أن يكون هذا صحيحًا.. لا يمكن!

(هاري): «لكن (سنايب) حاول أن يقتلني!».

(كويريل): «لا، لا، لا، أنا الذي كنت أحاول قتلك..لكن صديقتك أنقذتك عندما اصطدمت بى وهي في طريقها لإشعال النيران في (سنايب) في مباراة (الكويدتش)؛ لأنها أبعدت تركيز عيني عنك.. بضع ثوان أخرى وكنت أوقعتك من فوق تلك المقشة، والحقيقة أنني كنت سأنجح قبل ذلك لولا (سنايب) الذي كان يتمتم بتعويذة مضادة محاولًا إنقاذك!».

(هاري): «(سنايب) كان يحاول إنقاذي؟».

قال (كويريل) بفتور: «بالطبع، لماذا في رأيك أراد أن يكون الحكم في مباراتك التالية؟ كان يحاول التأكد من أنني لن أحاول قتلك مرة أخرى.. والغريب أنه لم يكن عليه أن يقلق.. فلم يكن بإمكاني أن أفعل شيئًا في وجود (دمبلدور).. والأغرب أن باقي الأساتذة ظنوا أن (سنايب) يريد أن يمنع (جريفندور) من الفوز؛ مما جعله غير محبوب بينهم..ومع ذلك ما الفائدة من كل هذا؟ سوف أقتلك الليلة..».

وصفق بيديه.. فاندفعت بعض الحبال من الهواء.. وقيدت (هاري) بإحكام.

وقال (كويريل): «إنك تتدخل كثيرًا فيما لا يعنيك.. وتدور في المدرسة هنا وهناك..مثل يوم الهالووين.. عندما كنت ذاهبًا لأنظر إلى الشيء الذي يحرس الحجر».

«كنت أنت من أدخل الغول!».

«بالتأكيد، لديَّ موهبة خاصة في التعامل مع الغيلان.. لابد أنك رأيت ما فعلته مع الغول في الغرفة السابقة! ولكن للأسف بينما أسرع الجميع يبحثون عن الغول يومها، ذهب (سنايب) -الذي كان قد بدأ يشك فيَّ ــ مباشرة إلى الدور الثالث؛ ليسبقني.. ومن سوء الحظ، فإن الغول لم يفشل فقط في قتلك ولكنَّ الكلب ذا الرءوس الثلاثة فشل أيضًا في عض قدم (سنايب) بصورة جيدة.

الآن..انتظر يا (بوتر).. أريد أن أكتشف كيف تعمل هذه المرآة!».

وفي هذه اللحظة فقط أدرك (هاري) أن مرآة أريسيد تقف وراء (كويريل)!

تمتم (كويريل) وهو يدور حول برواز المرآة متفحصًا: «هذه المرآة هي مفتاح الحصول على الحجر.. إن (دمبلدور) بارع جدًّا.. لكنه في لندن الآن.. وسأكون قد أصبحت بعيدًا جدًّا عندما يعود..».

كل ما استطاع (هاري) أن يفكر فيه هو أن يبقى (كويريل) مشغولًا بالكلام؛ حتى لا يركز على المرآة.

فقال: «لقد رأيتك أنت و(سنايب) في الغابة..».

قال (كويريل) بتثاقل وهو يدور حول المرآة؛ لينظر إلى ظهرها: «لقد كان يتتبعني عن كثب في ذلك الوقت، ويحاول أن يعرف إلى أي مدى يمكنني الوصول..كان يشك بي من البداية.. كان يحاول إخافتي وكأنه يستطيع ذلك بينما معي لورد (فولدمور)...».

وخرج (كويريل) من وراء المرآة.. وحدق باشتياق داخلها وقال: «أستطيع أن أرى الحجر..وأنا أقدمه هدية لسيدي.... لكن أين هو؟».

كان (هاري) يحاول التخلص من الحبال التي تربطه ولكنها كانت شديدة الإحكام حوله.. كان عليه أن يبقي (كويريل) مشغولًا؛ حتى لا يعطي اهتمامه الكامل إلى المرآة.

«ولكن (سنايب) بدا أنه يكرهني كثيرًا جدًّا».

قال (كويريل) بلا اهتمام: «آه، إنه يكرهك فعلًا.. ألا تعرف أنه كان في (هوجوورتس) مع والدك؟ لقد كانا يكرهان بعضهما بعضًا جدًّا لكنه لم يتمن موتك قطُّ».

(هاري): «ولكنني سمعتك منذ أيام قليلة تنتحب، واعتقدت أن (سنايب) يهددك..».

ولأول مرة ظهر الخوف في وجه (كويريل).

وقال: «أحيانًا، أجد صعوبة في اتباع أوامر سيدي؛ فهو ساحر عظيم وأنا ضعيف».

شهق (هاري) وقال: «هل تعني أنه كان معك داخل هذا الفصل؟».

قال (كويريل) بهدوء: «إنه معي في كل مكان أذهب إليه.. لقد قابلته وأنا أسافر حول العالم.. كم كنت شابًّا غبيًّا وقتها.. كان عقلي مليئًا بأفكار سخيفة عن الخير والشر.. ولقد جعلني لورد (فولدمور) أدرك كم كنت مخطئًا.. وعلمني أنه ليس هناك خير أو شر.. هناك فقط القوة.. ومن هم أضعف من أن يحاولوا امتلاكها.. ومن وقتها وأنا أخدمه بإخلاص.. رغم أنني خيبت ظنه عددًا من المرات، وكان عليه أن يقسو عليَّ» ارتعد (كويريل) فجأة وأكمل: «إنه لا يسامح من يرتكب الأخطاء بسهولة.. عندما فشلت في سرقة الحجر من (جرينجوتس).. كان غاضبًا جدًّا وعاقبني.. وقرر أن يبقى قريبًا مني؛ حتى يراقبني...».

وتذكر (هاري) رحلته إلى حارة (دياجون).. كيف كان غبيًّا لهذه الدرجة؟ لقد رأى (كويريل) لأول مرة في هذا اليوم وصافحه في كافيتريا (المرجل الراشح).

وأخذ (كويريل) يلهث لاعنًا: «أنا لا أفهم..هل الحجر داخل المرآة؟ هل أحطمها؟».

كان عقل (هاري) يعمل بسرعة.. إن أهم شيء أريده الآن في حياتي هو أن أحصل على الحجر قبل (كويريل)، فلو نظرت إلى المرآة..فسوف أرى نفسي وأنا أجده؛ مما يعني أنني سأرى مكانه! لكن كيف أنظر إليها دون أن يعرف (كويريل) ما أنويه؟

حاول (هاري) الاقتراب من يسارها؛ لينظر فيها دون أن يلاحظ (كويريل) ولكن الحبال حول قدميه أعاقته فوقع على الأرض وتجاهله (كويريل) الذي كان لا يزال يكلم نفسه.

قال (كويريل): «ما الذي تفعله هذه المرآة؟ كيف تعمل؟ ساعدني يا سيدي!».

ولدهشة (هاري) الشديدة ورعبه..سمع صوتًا خافتًا خشنًا يبدو وكأنه يصدر من داخل (كويريل) نفسه: «استعمل الولد..استعمل الولد..».

استدار (كويريل) إلى (هاري).

قال: «(بوتر)..تعال هنا!».

وصفق بيديه فتركته الحبال.. وسقطت إلى الأرض! وقام (هاري) واقفًا على قدميه ببطء.

«تعال هنا..انظر إلى المرآة..وأخبرني ماذا ترى!».

اتجه (هاري) إلى المرآة وفكر بيأس: «سأنظر إليها..وأكذب فيما أراه!».

ووقف (كويريل) بالقرب منه.. وتنشق (هاري) الرائحة الغريبة التي بدا أنها تصدر عن عمامة (كويريل) وأغمض عينيه، وخطا أمام المرآة ثم فتحها!

ورأى انعكاس صورته؛ وجهه أبيض شاحبٌ ونظراته مليئة بالخوف.. ولكن بعد لحظة ابتسم خياله..ووضع يده في جيبه.. وأخرج حجرًا أحمر اللون..في لون الدم، وغمز بعينيه، ثم أعاد الحجر إلى جيبه.. وأحس (هاري) بأن شيئًا ثقيلًا يسقط في جيبه الحقيقي.. ياللعجب! لقد حصل على الحجر! !

قال (كويريل) بصبر نافد: «حسنًا.. ماذا ترى؟».

استجمع (هاري) شجاعته وقال: «رأيت (دمبلدور) يصافحني ويقدم لي كأس المنازل!».

لعن (كويريل) مرة أخرى وصاح: «ابعد من هنا!»، وبينما خطا (هاري) جانبًا وهو يشعر بالحجر في جيبه ويفكر إن كان يستطيع الهرب به.

ولكنه لم يكن قد ابتعد أكثر من خمس خطوات عندما ارتفع الصوت الخشن قائلًا: «إنه يكذب.. يكذب..» ولم تكن شفتا (كويريل) تتحركان.

صاح (كويريل): «(بوتر).. تعال هنا.. قل لي الحقيقة! ما الذي رأيته؟».

وارتفع الصوت مرة أخرى: «دعني أواجهه بنفسي!».

قال (كويريل): «ولكنك يا سيدي لست قويًّا بما يكفي بعد!».

قال: «لا..لديَّ ما يكفي من القوة لذلك!».

وشعر (هاري) كما لو أن فروع نبات مخالب الشيطان تثبته في مكانه، لم يستطع التحرك من مكانه..وأخذ ينظر وهو مرعوب إلى (كويريل) وهو يمسك بالعمامة ويفكها عن رأسه..ما الذي يفعله؟ وبدا رأس (كويريل) صغيرًا بدون العمامة..ثم استدار ببطء!

أراد (هاري) أن يصرخ، لكن صوته اختنق.. وبدلًا من مؤخرة رأس (كويريل).. رأى أبشع وجه يمكن أن تقع عليه عيناه؛ وجهًا أبيض كالطباشير، مع عينين حمراوين واسعتين.. وخطًّا بدل الأنف!

وهمس: «(هاري) (بوتر)!».

أراد (هاري) أن يرجع خطوة للخلف، لكنه لم يستطع الحركة!

قال الوجه: «هل ترى كيف أصبح حالي؟ مجرد ظلٍّ لا أظهر إلا إذا شاركت أحدًا جسده.. ولكن هناك دائمًا من هم مستعدون لإدخالي في قلوبهم وعقولهم.. وقد منحتني دماء الحصان وحيد القرن بعض القوة خلال الأسابيع الماضية، لقد رأيت (كويريل) المخلص وهو يشربها من أجلي في الغابة.. وبمجرد حصولي على إكسير الحياة، سيكون بإمكاني أن أصنع جسدًا لنفسي.. والآن.. لماذا لا تعطيني الحجر الموجود في جيبك؟».

إذًا.. فهو يعرف.. ودبت القوة في سيقان (هاري) فأسرع مبتعدًا إلى الخلف..

وتبعه (كويريل) وهو يسير إلى الخلف.. حتى يظل (فولدمور) مواجهًا لـ(هاري)..

وقال الوجه: «لا تكن غبيًّا.. من الأفضل لك أن تنقذ نفسك وتنضم إليَّ.. وإلا لقيت نفس مصير أبويك.. لقد ماتا وهما يتوسلان إليَّ أن أرحمهما!».

صاح (هاري) فجأة: «كاذب!».

وابتسم الوجه الشرير وقال: «شيء مؤثر.. إنني دائما أقدر الشجاعة.. نعم يا فتى، لقد كان والداك في منتهى الشجاعة.. لقد قتلت أباك أولًا بعد أن حارب ببسالة.. ولم يكن من خطتي أن أقتل أمك.. لكنها ماتت دفاعًا عنك.. الآن، أعطني هذا الحجر.. إلا إذا أردت أن تجعل موتها يذهب هباء».

(هاري): «أبدًا!».

أسرع (هاري) متراجعًا نحو ألسنة اللهب الأسود التي تسد الباب.

وصرخ (فولدمور): «اقبض عليه..».

وانقضَّ (كويريل) على (هاري)..وشعر (هاري) بيدي (كويريل) على رسغه.. ولكنه ما إن لمسه حتى أحس (هاري) وكأن سيخًا من الحديد المحمي قد اخترق ندبته.. وشعر بأن رأسه يكاد ينقسم من الألم.. وصرخ وهو يقاوم مهاجمه بكل ما أوتي من قوة.. ولدهشته الشديدة، تركه (كويريل) وقلَّ ألم رأسه ونظر حوله ليرى أين ذهب (كويريل) فرآه يتلوَّى من الألم وينظر إلى أصابعه..كانت يداه تحترقان!

وصاح (فولدمور) من جديد: «اقبض عليه! اقبض عليه!»، واندفع (كويريل) ناحية (هاري) موقعًا إياه على الأرض ثم وضع يديه فوق رقبته، وأصبح (هاري) لا يرى شيئًا من الألم الذي شعر به في ندبته، ولكنه ما لبث أن رأى (كويريل) وهو يولول من شدة الألم. ويصرخ: «سيدي، لا أستطيع لمسه.. يداي.. يداي!».

وكان (كويريل) لا يزال مثبتًا (هاري) على الأرض بركبتيه ولكنه ترك رقبته وأخذ يحدق إلى راحتي يديه متألمًا ــ ورأى (هاري) كيف تبدوان حمراوين لامعتين وكأنهما تعرضتا للحرق.

صاح (فولدمور): «اقتله أيها الغبي وأنهِ الأمر!».

ورفع (كويريل) يديه؛ ليؤدي تعويذة قاتلة على (هاري).. لكن (هاري) مد يديه وقبض على وجهه.

«آآآآآآآآي!».

وتدحرج (كويريل) مبتعدًا عن (هاري) وقد احترق وجهه وتأكد (هاري) عندها أن (كويريل) لا يستطيع لمسه وإلا تعرض لألم شديد، وعرف أن فرصته الوحيدة هي أن يجعله يتألم بشدة؛ حتى لا يستطيع رميه بتعويذة تقتله.

وقف (هاري) وأمسك بذراع (كويريل) بكل قوته.. صرخ (كويريل) وحاول أن يبعد (هاري) عنه، لكنه ظل متعلقًا به.. واشتدت آلام رأسه.. ولم يعد يستطيع النظر واختلطت صرخات (كويريل) مع صيحات (فولدمور): «اقتله! اقتله!»، مع أصوات ربما كان يتخيلها تصيح: «(هاري! هاري)!».

وشعر بذراع (كويريل) تنتزع من يده.. وعرف أن كل شيء ضاع.. وسقط في ظلام..عميق..عميق..عميق!

كان هناك شيء ذهبي يلمع فوقه؛ الكرة الذهبية! حاول أن يمسك بها ولكنه شعر بأن ذراعيه ثقيلتان جدًّا.

طرف بعينيه.. لم تكن الكرة الذهبية؛ كانت نظارة؛ شيئًا غريبًا.

طرف مرة أخرى.. ورأى وجه (ألباس دمبلدور) الباسم يظهر فوقه!

قال (دمبلدور): «مساء الخير يا (هاري)!».

حدق (هاري) إليه بدهشة، ثم تذكر كل شيء: «سيدي! الحجر... إنه... (كويريل)! لقد استولى على الحجر! بسرعة يا سيدي..».

(دمبلدور): «اهدأ يا بني.. (كويريل) لم يحصل على الحجر...».

(هاري): «إذًا... من الذي أخذه؟ سيدي، أنا...».

(دمبلدور): «اهدأ يا (هاري) و إلا أخرجتني مدام (بومفري) من هنا».

ابتلع (هاري) ريقه ونظر حوله وأدرك أنه لا بد أن يكون في جناح المستشفى. كان مستلقيًا في سرير، ملاءته بيضاء وبجواره منضدة عليها كومة هائلة من الحلوى.

قال (دمبلدور) مبتسمًا: «هذه هدايا من أصدقائك والمعجبين بك! ما حدث بينك وبين الأستاذ (كويريل) في القبو كان سريًّا جدًّا ومع ذلك فإن المدرسة كلها عرفته.. أعتقد أن صديقيك السيدين (فريد) و(جورج ويزلي) مسئولان عن محاولة إرسال مقعد تواليت إليك..بلا شك كانا يظنان أن هذا سوف يضحكك ولكن مدام (بومفري) صادرته ربما اعتقادًا منها أنه غير صحي».

(هاري): «منذ متى وأنا هنا؟».

«منذ ثلاثة أيام.. سيكون السيد (رونالد ويزلي) والآنسة (جرانجر) سعيديْن؛ لأنك استعدت وعيك.. كانا في شدة القلق عليك!».

(هاري): «لكن يا سيدي.. الحجر..».

(دمبلدور)»: «ما زلت مصرًّا.. حسنًا.. لم يستطع (كويريل) أن يأخذ منك الحجر، فقد وصلت في الوقت المناسب؛ لأمنع هذا، على الرغم من أنك أنت الذي نجحت في حماية الحجر في الحقيقة!».

(هاري): «وصلت هناك؟ هل وصلتك بومة (هرمايني)؟».

(دمبلدور): «لابد أننا تقابلنا في وسط الطريق؛ لأنني بمجرد وصولي إلى لندن أدركت أن المكان الذي يجب أن أكون به هو المكان الذي تركته وقد وصلت في الوقت المناسب؛ لأبعد (كويريل) عنك..».

(هاري): «لقد كنت أنت».

(دمبلدور): «لقد خفت أن أصل متأخرًا».

(هاري): «لا، لقد وصلت في اللحظة المناسبة.. لم أكن أستطيع منعه من الوصول إلى الحجر أكثر من ذلك!».

الأستاذ: «ليس الحجر هو المهم.. بل أنت يا بنيّ الأهم.. لقد كدت تموت من التعب والقتال..أما الحجر، فقد دمرته».

هتف (هاري): «دمرته؟! ولكن صديقك (نيكولاس فلاميل)».

قال (دمبلدور) مبتهجًا: «أتعرف بأمر (نيكولاس)؟ إنك تقوم بالأشياء بشكل رائع.. حسنًا، لقد ناقشت الأمر معه.. واتفقنا على أن هذا هو الأفضل للجميع!».

(هاري): «ولكن هذا يعني أنه وزوجته سوف يموتان!».

(دمبلدور): «إن لديهما من إكسير الحياة ما يكفي ليرتبا أمورهما.. ثم.. بعد ذلك.. نعم سيموتان».

وابتسم (دمبلدور) من نظرة التعجب التي ظهرت على وجه (هاري).

وقال: «قد يبدو الأمر عجيبًا بالنسبة لشخص صغير السن مثلك ولكن بالنسبة لـ(نيكولاس) و(بيرينيل)، يبدو الأمر مثل الذهاب إلى النوم بعد يوم طويل جدًّا والعقل المرتب سيرى الموت مجرد مغامرة كبيرة قادمة.. ولكن.. أتعرف؟ لم يكن الحجر شيئًا رائعًا فعلًا. فرغم أن أكثر شيئين يريدهما الإنسان هما المال والحياة فإن البشر دائمًا يختارون الأشياء التي تضرهم».

لم يعرف (هاري) ماذا يقول.. وكان (دمبلدور) ينظر باسمًا إلى السقف!

أخيرًا قال (هاري): «سيدي.. كنت أفكر.. حتى لو كنت قد دمرت الحجر، هل فولـ... أقصد (أنت ــ تعرف ــ من)..».

«قل اسمه.. (فولدمور).. استعمل الاسم دائمًا يا (هاري).. الخوف من الاسم يزيد خوفك من الشيء نفسه».

(هاري): «حسنًا يا سيدي.. سيحاول (فولدمور) إيجاد وسائل أخرى؛ ليتمكن من العودة.. أليس كذلك؟ لم ينته الأمر».

«نعم يا (هاري).. لم ينته الأمر.. إنه موجود في مكان ما.. ربما يبحث عن شخص يشترك معه في جسمه، فكونه ليس حيًّا فعلًا يعني أنك لا يمكنك قتله، لقد ترك (كويريل) يموت وحده.. إنه لا يظهر أي رحمة لأتباعه.. تمامًا كأعدائه.. وربما وجد شخصًا يساعده.. وقد يقف في طريقه شخص آخر كما فعلت أنت ويؤخر عودته وقد يفشل مرة أخرى وأخرى..من يدري قد لا يعود أبدًا!».

أومأ (هاري) برأسه، ثم توقف بسرعة؛ لأن رأسه آلمه وقال: «سيدي.. هناك بعض الأشياء الأخرى التي أريد معرفتها، وأرجو أن تخبرني بها.. أريد أن أعرف الحقيقة عن...».

تنهد (دمبلدور) وقال: «الحقيقة.. إنها شيء جميل ومخيف.. يجب أن تعامل بحرص شديد.. على كل حال، سوف أجيبك إلا إذا كان هناك سبب وجيه يمنعني من إخبارك.. وفي هذه الحالة، اعذرني فأنا لا يمكنني أن أكذب بالطبع!».

(هاري): «حسنًا.. لقد قال لي (فولدمور) إنه قتل أمي؛ لأنها حاولت منعه من قتلي ولكنني لا أفهم لماذا أراد أن يقتلني أصلًا؟».

وتنهد (دمبلدور) بعمق أكثر هذه المرة وقال: «للأسف! هذا سؤال لن أستطيع أن أجيبك عنه.. أبعده عن ذهنك الآن.. ستعرف إجابته عندما تصبح أكبر سنًّا.. قد لا يعجبك ذلك، ولكن عندما تصبح مستعدًّا سوف تعرف!».

وتأكد (هاري) أنه لا فائدة من المناقشة.

(هاري): «ولكن لماذا لم يستطع (كويريل) لمسي؟».

(دمبلدور): «لقد ماتت أمك لتنقذك..الشيء الوحيد الذي لا يستطيع (فولدمور) فهمه هو الحب.. إنه لا يدرك أن حبًّا قويًّا كحب أمك لك يترك أثرًا.. ليس ندبة، فعلامته ليست ظاهرة..فالحب يحوط الإنسان ويحميه إلى الأبد حتى لو رحل الشخص الذي أحبه عن الدنيا.. وهذه الحماية موجودة في جلدك.. وهكذا فإن شخصًا مملوءًا بالكراهية والحقد والطمع مثل (كويريل) الذي يشارك جسده مع (فولدمور) لا يستطيع أن يلمسك..وهو يتألم عندما يلمس شخصًا به أثر شيء رائع مثل هذا».

وحول (دمبلدور) انتباهه إلى طائر يقف على حافة النافذة؛ مما أعطى لـ(هاري) الفرصة؛ لكي يجفف دموعه في الملاءة. وعندما عاد إليه صوته قال: «ولكن..هل تعرف من الذي أرسل لي عباءة الإخفاء؟!».

(دمبلدور): «آه..نعم..لقد تركها والدك معي.. واعتقدت أنها قد تعجبك». ولمعت عيناه وهو يضيف: «قد تكون مفيدة.. كان والدك يستعملها في التسلل إلى المطابخ؛ ليسرق الطعام عندما كان هنا!».

(هاري): «هناك شيء آخر..».

(دمبلدور): «اسأل».

«(كويريل) قال إن (سنايب)...».

(دمبلدور): «الأستاذ (سنايب) يا (هاري)».

(هاري): «نعم هو ــ قال (كويريل) إنه يكرهني؛ لأنه يكره والدي. هل هذا حقيقي؟».

(دمبلدور): «حسنًا، لقد كانا بالفعل يبغضان بعضهما.. تمامًا مثلك أنت والسيد (مالفوي). ثم فعل والدك شيئًا لا يمكن لـ(سنايب) أن يغفره له أبدًا».

(هاري): «ما هو؟».

(دمبلدور): «أنقذ حياته».

(هاري): «ماذا؟».

قال (دمبلدور) بصوت حالم: «نعم...كم هي غريبة الطريقة التي تعمل بها عقول الناس! لم يستطع الأستاذ (سنايب) تحمل فكرة أن يكون مدينًا لوالدك.. حتى إنني أعتقد أنه عمل جاهدًا على حمايتك هذا العام؛ لأنه شعر أن هذا سيجعله يتعادل معه.. وهكذا يمكنه أن يعود إلى كراهية ذكرى والدك في سلام...».

حاول (هاري) أن يفهم ذلك، ولكن المحاولة جعلت عقله يطن فكفَّ عنها.

(هاري): «لديَّ سؤال واحد أخير يا سيدي...».

«سؤال واحد فقط؟».

(هاري): «كيف حصلت على الحجر من المرآة؟».

(دمبلدور): «آه.. هذا سؤال جيد.. إنه واحد من أعمالي العبقرية..كان عليَّ أن أنقل الحجر إلى شخص يريده، ولكن.. لا يريد استعماله.. أما أي شخص آخر فسيرى نفسه يحصل على الذهب أو إكسير الحياة.. وهكذا انتقل إليك في اللحظة المناسبة.. إن عقلي يدهشني أنا نفسي أحيانًا.. والآن.. كفى أسئلة.. يجب أن تستريح.. ما رأيك أن تبدأ في التهام كل هذه الأكوام من الحلوى التي بعثها لك أصدقاؤك؟! آه، حبوب (بيرتي بوت) بكل النكهات! لقد كنت غير محظوظ في شبابي وقمت بتذوق واحدة بطعم القيء ومن وقتها أصبحت لا أحبها.. ولكن لا أمانع أن أجرب واحدة من هذه الآن».

ابتسم ووضع حبة ذهبية في فمه، ثم مضغها وقال: «يالسوء حظي! إنها بطعم صملاخ الأذن!».

كانت مدام (بومفري) سيدة لطيفة ولكنها حازمة جدًّا.

أخذ (هاري) يرجوها: «خمس دقائق فقط».

مدام بومفري: «قطعًا لا».

(هاري): «لقد سمحت للأستاذ (دمبلدور) بالدخول..».

مدام بومفري: «حسنًا، بالطبع، إنه الناظر وهذا أمر مختلف.. فأنت لا تزال في حاجة إلى الراحة».

(هاري): «أنا مرتاح، انظري، إنني مستلقٍ في السرير وكل شيء.. أرجوكِ يا مدام (بومفري)..».

قالت: «حسنًا، ولكن خمس دقائق فقط».

وسمحت لـ(رون) و(هرمايني) بالدخول.

«(هاري)!».

قالت (هرمايني): «آه يا (هاري)، لقد كنا متأكدين من أنك سوف.. كان (دمبلدور) قلقًا جدًّا..».

قال (رون): «المدرسة كلها تتكلم عن الأمر.. ما الذي حدث فعلًا؟».

لقد كانت هذه إحدى المناسبات التي تكون فيها القصة الحقيقية أكثر غرابة وإثارة من أكثر الشائعات جموحًا.. وأخبرهما (هاري) بكل شيء عن (كويريل) و المرآة والحجر و(فولدمور). كان (رون) و(هرمايني) مستمعين جيدين؛ فقد شهقا في جميع الأماكن الصحيحة، وعندما أخبرهما عما كان أسفل عمامة (كويريل) صرخت (هرمايني) صرخة عالية.

وقال (رون) أخيرًا: «إذًا، تم تدمير الحجر؟ وسوف يموت (فلاميل) ببساطة؟».

قال (هاري): «هذا ما قلته لـ(دمبلدور) ولكنه يعتقد ــ حسبما قال ــ أن العقل المرتب يرى الموت مجرد مغامرة كبيرة قادمة».

قال (رون) وقد بدا متأثرًا بمدى جنون مثله الأعلى: «لقد كنت دائمًا أقول إنه مجنون».

قال (هاري): «ولكن ما الذي حدث لكما أنتما الاثنين؟».

قالت (هرمايني): «حسنًا، لقد عدت إلى (رون) واستطعنا الخروج بلا عوائق، وكنا في طريقنا إلى بيت البوم عندما التقينا (دمبلدور) في قاعة الدخول.. كان يعرف ما حدث.. فقد قال بمجرد رؤيتنا: «لقد ذهب (هاري) وراءه، أليس كذلك؟ وأسرع في اتجاه الطابق الثالث».

قال (رون): «هل تعتقد أنه أرادك أن تقوم بذلك؟ لقد أرسل إليك عباءة والدك وما إلى ذلك».

وانفجرت (هرمايني): «حسنًا، لو أنه فعل ذلك ــ أقصد ــ هذا شيء فظيع - كان يمكن أن تقتل».

قال (هاري) بحكمة: «لا، ليس الأمر كذلك. إن (دمبلدور) رجل غريب. أعتقد أنه أراد أن يعطيني فرصة. فأنا أظن أنه على علم بكل ما يدور بالمدرسة، أتعرفون؟ ربما كان يعلم أننا سوف نحاول وبدلًا من أن يوقفنا، علمنا ما يكفي؛ لكي يساعدنا.. لم يكن الأمر مصادفة أن يتركني أعرف كيف تعمل المرآة.. ربما فكر أن لي الحق في مواجهة (فولدمور) لو استطعت..».

قال (رون) بفخر: «نعم، إن هذا هو أسلوب تفكير (دمبلدور). اسمع، يجب أن تكون معنا في حفل نهاية العام غدًا.. لقد انتهت المسابقة وفاز (سليذرين) بالطبع، فأنت لم تحضر مباراة (الكويدتش) الأخيرة والتي فازت بها (رافينكلو) بسبب عدم وجودك مع الفريق.. ولكن الطعام سيكون جيدًا».

وفي هذه اللحظة، أتت مدام (بومفري) مندفعة وقالت بحزم: «إنكم هنا منذ ما يقرب من ١٥ دقيقة، يكفي ذلك، هيا إلى الخارج».

وبعد ليلة هادئة نام فيها (هاري) نومًا عميقًا.. استيقظ وهو يشعر أنه قد استعاد صحته، وقال لمدام (بومفري) وهي تقوم بترتيب صناديق الحلوى الكثيرة: «أريد أن أحضر احتفال آخر العام. هل يمكنني ذلك؟».

قالت بأنفة وكأنها تعتقد أن الحفلات تؤذي الصحة: «لقد أخبرني الأستاذ (دمبلدور) أنه يمكنك حضور الاحتفال! وهناك زائر آخر لك».

قال (هاري): «من هو؟».

وبينما (هاري) يسأل، دخل (هاجريد) من الباب وكعادته بدا ضخمًا جدًّا بالنسبة للمكان. جلس بالقرب من (هاري) ونظر إليه ثم انفجر في البكاء.

وأخذ ينشج ووجهه بين يديه: «إن.. كل.. هذا.. غلطتي.. أنا.. لقد أخبرت هذا الشرير كيف يمر من (فلافي)! لقد أخبرته! لقد كان هذا هو الشيء الوحيد الذي لا يعرفه وأنا أخبرته! كان يمكن أن تموت! وكل هذا من أجل بيضة تنين! كان يجب أن يتم طردي؛ لكي أعيش بين العامة!».

قال (هاري) وقد صدمه أن يرى (هاجريد) وهو يهتز من الحزن والدموع تتسرب من لحيته بهذا الشكل: «(هاجريد)! كان سيعرف هذا بطريقة ما.. إننا نتكلم عن (فولدمور).. كان سيكتشف الأمر حتى لو لم تقل له».

قال (هاجريد): «كان يمكن أن تموت! ولا تقول الاسم!».

صاح (هاري): «(فولدمور)!» وصدم (هاجريد) حتى إنه توقف عن البكاء وأكمل (هاري): «لقد التقيته وأنا أناديه باسمه. أرجوك ألا تبكي يا (هاجريد) لقد أنقذنا الحجر وقد تم تدميره ولا يمكن أن يستخدمه.. خذ واحدة من شيكولاتة الضفادع.. لديَّ الكثير منها..».

ومسح (هاجريد) أنفه بظهر يده وقال: «هذا يذكرنى أن لدي هدية لك».

قال (هاري) بترقب: «ليست ساندوتش فقمة؟» وأخيرًا ضحك (هاجريد) وقال: «لا، لقد أعطاني (دمبلدور) أمس إجازة؛ حتى أقوم بإعداده.. كان عليه أن يطردني بدلًا من ذلك بالطبع.. على أية حال، لقد أحضرت لك ذلك..».

كان يبدو كتابًا جميلًا مغطى بالجلد.. فتحه (هاري) بفضول.. كان مليئًا بصور السحرة وكانت أمه وأبوه يبتسمان ويلوحان له في كل صفحة.

(هاجريد): «لقد أرسلت بومًا إلى كل أصدقاء وزملاء والديك القدامى، أطلب منهم أن يرسلوا صورهما... فأنا أعلم أنك لا تملك صورًا لهما.. هل أعجبك؟».

لم يستطع (هاري) الكلام ولكن (هاجريد) أدرك مشاعره.

ذهب (هاري) إلى وليمة آخر العام وحده في هذه الليلة. فقد أخرته مدام (بومفري) التي أصرت أن تكشف عليه مرة أخيرة قبل أن تسمح له بالذهاب. كان البهو العظيم ممتلئًا بالناس عندما وصل إليه، وكان المكان مزينًا بالألوان الخضراء والفضية الخاصة بـ(سليذرين) للاحتفال بفوزهم بكأس المنزل للسنة السابعة على التوالي، وهناك راية كبيرة مرسوم عليها ثعبان (سليذرين) تغطي الحائط خلف مائدة الأساتذة.

وعندما دخل (هاري) إلى البهو العظيم، ساد الصمت المكان للحظة ثم بدأ الجميع يتكلمون بصوت عال على الفور، وجلس (هاري) في مقعد بين (رون) و(هرمايني) على مائدة (جريفندور)، وحاول تجاهل حقيقة أن الناس كانوا يقفون؛ حتى ينظروا إليه.

ومن حسن حظه أن (دمبلدور) وصل بعد لحظة، وساد الهدوء المكان!

قال (دمبلدور) بمرح: «لقد انقضى عام آخر! ويجب أن ألقي عليكم بعض الكلام بهذه المناسبة قبل أن نبدأ الوليمة.. يا له من عام! أرجو أن تكون رءوسكم قد امتلأت قليلًا عما كانت.. وأمامكم الصيف بأكمله لتجعلوها خالية من جديد قبل أن يبدأ العام الدراسي القادم.

«والآن علينا تقديم كأس المنازل للفائز.. والنقاط كما يلي.. (جريفندور) في المركز الرابع ٣١٢ نقطة.. (هافلباف) الثالث ٣٥٢ نقطة.. رافينكلو الثاني ٤٢٦ نقطة..و(سليذرين) ٤٧٢ نقطة..».

وثارت عاصفة من التصفيق والتهليل من مائدة (سليذرين)..رفع (مالفوي) كوبه إلى أعلى فرحًا!

قال (دمبلدور): «نعم، نعم..عمل عظيم يا (سليذرين)..ومع ذلك يجب وضع الأحداث الأخيرة في الاعتبار».

ساد الصمت القاعة.. وذوت الابتسامة من وجه طلاب (سليذرين) قليلًا..

قال (دمبلدور): «هناك بعض النقاط الأخيرة التي يجب أن تضاف! دعوني أفكر، نعم.

«أولًا: السيد (رونالد ويزلي)..

تحول لون وجه (رون) إلى اللون البنفسجي وبدا مثل الفجل الذي لفحته الشمس.

(دمبلدور): «لأنه لعب أفضل دور شطرنج شهدته (هوجوورتس) لسنوات عديدة.. يستحق خمسين نقطة!».

وارتفع تصفيق طلاب (جريفندور) أعلى من السقف المسحور حتى بدت النجوم وكأنها ترتجف وكان يمكنك أن تسمع (بيرسي) وهو يقول لباقي رواد المنازل: «إنه أخي.. نعم أخي الصغير! لقد نجح في المرور من مجموعة شطرنج (ماكجونجال) العملاقة!».

وأخيرًا ساد الصمت من جديد!

(دمبلدور): «ثانيًا: الآنسة (هرمايني جرانجر)؛ لاستعمالها العقل في مواجهة النيران..تنال خمسين نقطة!».

ودفنت (هرمايني) رأسها في ذراعها وشك (هاري) أنها انفجرت في البكاء.. أما باقي طلاب (جريفندور) فلم يستطيعوا تمالك أنفسهم من الفرحة.. لقد زادت نقاطهم مائة نقطة.

(دمبلدور): «ثالثًا: السيد (هاري بوتر)..» وساد الصمت التام!

«لأعصابه القوية. وشجاعته النادرة..ينال ستين نقطة!».

وانفجر الموقف؛ فقد أصبحت نقاط (جريفندور) ٤٧٢ وبذلك يكون متساويًا مع (سليذرين).. لقد أصبحوا متعادلين.. لو أن (دمبلدور) فقط أعطى نقطة واحدة إضافية لـ(هاري)!

رفع (دمبلدور) يده وخفت الصوت في الغرفة تدريجيًّا حتى ساد الصمت.

قال (دمبلدور) مبتسمًا: «هناك أنواع مختلفة من الشجاعة.. هناك شجاعة نحتاجها للوقوف في وجه الأعداء.. لكن، نحتاج إلى أكثر منها للوقوف في وجه الأصدقاء؛ لذلك أعطي عشر درجات إلى السيد (نيفيل لونجبوتم)!».

لو أن أحدًا يقف بالخارج؛ لتصور أن انفجارًا قد حدث في القاعة..كانت الضجة القادمة من مائدة (جريفندور) عالية جدًّا.. ووقف (رون) و(هاري) و(هرمايني) يصيحون ويهللون تحية لنيفيل.. وقد ازداد بياض وجهه، وكاد يفقد أنفاسه من كثرة الذين التفوا حوله ليعانقوه! إنه لم يربح أي نقط لـ(جريفندور) من قبل.. ولكز (هاري) (رون) في ضلوعه دون أن ينقطع عن التشجيع، وأشار إلى (مالفوي) الذي كان يبدو مذهولًا ومرعوبًا وكأن أحدًا رماه بتعويذة تجميد الجسد.

ورفع (دمبلدور) صوته فوق التصفيق..فقد انضم (رافينكلو) و(هافلباف) إلى (جريفندور) احتفالًا بسقوط (سليذرين).. وقال: «وهذا يعني أننا نحتاج إلى تغيير قليل في الديكور».

وصفق بيديه فتغيرت الألوان من الأخضر إلى القرمزي.. وتحول الفضي إلى الذهبي.. وتغير ثعبان (سليذرين) إلى أسد (جريفندور).. وصافح (سنايب) يد الأستاذة (ماكجونجال) مهنئًا وقد رسم على وجهه ابتسامة فظيعة وعندما التقت عيناه بعيني (هاري)، عرف (هاري) أنه لا يزال يكرهه ولكن هذا لم يقلقه.. وفكر أن الحياة ستعود طبيعية في (هوجوورتس) العام القادم أو على الأقل بقدر ما هي طبيعية في (هوجوورتس).

وكانت أفضل ليلة في حياة (هاري).. أفضل من الفوز في (الكويدتش) والكريسماس أو حتى مصارعة الغيلان الجبلية.. كانت ليلة لن ينساها أبدًا!

كان (هاري) قد نسي أن نتائج الامتحانات لم تظهر بعد.. وقد فوجئ بشدة أنه هو و(رون) قد نجحا وبدرجات جيدة.. أما (هرمايني) فقد جاءت على القمة بالطبع.. حتى (نيفيل) نجح أيضًا وقد عوض ارتفاع درجاته في مادة علم النباتات تدني درجاته في مادة الوصفات.. وكانوا يأملون أن (جويل) الذي كان غباؤه مساويًا لخبثه قد يفشل ويطرد من المدرسة إلا أنه استطاع النجاح للأسف؛ مما جعل (رون) يقول: «لا نستطيع أن نحصل على كل شيء في الحياة!».

وفجأة، أصبحت الدواليب خالية وقاموا بحزم صناديقهم ووجدوا ضفدع (نيفيل) مختبئًا في ركن الحمام، وتم تسليم خطابات لكل التلاميذ تحذرهم من استخدام السحر خلال الإجازة؛ مما جعل (فريد ويزلي) يقول بحزن: «دائمًا ما أتمنى لو أنهم ينسون تسليمنا هذه».. وحضر (هاجريد)؛ ليأخذهم إلى أسطول القوارب الذي أبحر بهم عبر البحيرة ثم ركبوا قطار (هوجوورتس) السريع وهم يتكلمون ويضحكون بينما يتناولون حبوب (بيرتي بوت) بكل النكهات.. وأسرع القطار عابرًا مدن العامة وقد أصبح الريف في الخارج أكثر اخضرارًا.. وخلعوا عباءات السحرة؛ ليرتدوا السترات والمعاطف بدلًا منها.. وأخيرًا وصلوا إلى الرصيف رقم تسعة وثلاثة أرباع في محطة (كينجز كروس).

وأخذوا بعض الوقت في النزول إلى الرصيف وكان هناك حارس عجوز يقف عند حاجز التذاكر يسمح لهم بالمرور كل اثنين أو ثلاثة معًا؛ حتى لا يلفتوا انتباه العامة إذا ما خرجوا جميعًا فجأة من الحائط الصلب.

قال (رون) لـ(هاري) و(هرمايني): «سوف أرسل لكما بومة.. يجب أن تحضرا لنقضي معًا بعض الوقت في الإجازة!».

قال (هاري): «شكرًا، سأحتاج شيئًا لأتطلع إليه».

وكان الناس يتدافعون من حولهم وهم يتقدمون باتجاه البوابة في طريقهم إلى عالم العامة.. والبعض منهم يقول:

«إلى اللقاء يا (هاري)!».

«مع السلامة يا (بوتر)!».

وابتسم (رون) قائلًا: «مازلت مشهورًا!».

قال (هاري): «ولكن..ليس في المكان الذي أنا ذاهب إليه!».

وعبر هو و(رون) و(هرمايني) البوابة معًا..

«ها هو يا أمي.. ها هو ذا.. انظري!».

لقد كانت (جيني ويزلي) أخت (رون) الصغيرة ولكنها لم تكن تشير إلى (رون).

وصاحت: «(هاري بوتر)! انظري يا أمي! أستطيع..».

«اسكتي يا (جيني) وكُفِّي عن الإشارة؛ لأنها شيء غير لطيف».

ابتسمت لهم السيدة (ويزلي) وقالت: «كان عامًا مزدحمًا؟».

(هاري): «جدًّا، شكرًا لك يا سيدة (ويزلي) على الحلوى والبلوفر».

السيدة (ويزلي): «آه، إنه لا شيء يا عزيزي».

وسمع صوتًا: «هل أنت جاهز؟».

كان صوت الخال (فيرنون)! ما زال أحمر الوجه.. وما زال شاربه كبيرًا.. ومازال غاضبًا من جرأة (هاري) على حمل قفص به بومة في محطة ممتلئة بالناس العاديين.. وكانت وراءه الخالة (بتونيا) و(ددلي) الذي ينظر إليه خائفًا!

قالت السيدة (ويزلي): «لا بد أنكم أسرة (هاري)!».

قال الخال (فيرنون): «إلى حد ما، أسرع يا ولد..هل سنضيع اليوم كله هنا؟!».

وتأخر (هاري) لحظة ليودع (رون) و(هرمايني).

قال (رون): «أراك في الصيف إذًا».

قالت (هرمايني) وهي تنظر إلى الخال (فيرنون) غير مصدقة أن يكون هناك شخص كئيب إلى هذه الدرجة: «(هاري).. أتمنى لك إجازة سعيدة!».

قال (هاري): «نعم..أرجو ذلك!».

ودهشوا لهذه الابتسامة على وجهه وقال: «إنهم لا يعرفون أننا ممنوعون من استخدام السحر مع العامة.. حسنًا.. سأقضي وقتًا رائعًا مع (ددلي) هذا الصيف..».