×

We use cookies to help make LingQ better. By visiting the site, you agree to our cookie policy.


image

هاري بوتر وحجر الفيلسوف, ١٦ عبـر البـاب الأرضي

١٦ عبـر البـاب الأرضي

لن يعرف (هاري) أبدًا كيف تمكن من اجتياز هذه الامتحانات.. وهو يتوقع اندفاع (فولدمور) من الباب ليقتله بين لحظة وأخرى.. إلا أن الأيام مرت يومًا بعد الآخر ولم يكن هناك شك أن (فلافي) موجود وراء الباب المغلق وأنه في أحسن حال!

كان الجو شديد الحرارة خصوصًا في قاعة الامتحان الكبيرة التي يؤدون فيها الامتحانات التحريرية.. وقد تسلموا ريش كتابة جديدًا مزودًا بتعويذة ضد الغش!

وقد أدَّوا امتحانات عملية أيضًا، حيث قام الأستاذ (فليتويك) بنداء أسمائهم؛ ليدخلوا إلى فصله الواحد تلو الآخر؛ ليرى إن كانوا يستطيعون جعل ثمرة أناناس ترقص فوق المكتب أم لا؟ بينما طلبت منهم الأستاذة (ماكجونجال) أن يحولوا فأرًا إلى علبة نشوق وكلما كانت العلبة أجمل، أعطتهم نقاطًا أكثر، وكانت تخصم منهم النقاط إن كان للعلبة شارب، وجعلهم (سنايب) في منتهى التوتر والقلق عندما كان يمد رأسه ليرى ما يفعلونه بينما كانوا يحاولون تذكُّر كيفية عمل وصفة النسيان.

بذل (هاري) كل ما بوسعه في الامتحانات رغم الألم الشديد في جبهته، والذي ظل يشعر به منذ رحلته إلى الغابة..وقد عاودته الكوابيس المخيفة التي زادت سوءًا بعد أن زاد عليها الآن المخلوق المقنع الذي يمتص دماء الحصان وحيد القرن، فبات مؤرقًا معظم الليالي حتى إن (نيفيل) ظن أن (هاري) يعاني توترًا بسبب الامتحانات.

كان (رون) و(هرمايني) ــ رغم خوفهما من (فولدمور) ــ أكثر هدوءًا من (هاري) وأقل قلقًا بخصوص الحجر؛ ربما لأنهما لم يشاهدا ما رآه في الغابة، أو لأنهما ليس لديهما أثر جرح في الرأس يسبب هذا الألم الرهيب، أو لأن الكوابيس المخيفة لا تزورهما في الأحلام!

وفي اليوم الأخير من الامتحانات، كان عليهم تأدية امتحان تاريخ السحر لمدة ساعة كاملة يجيبون فيها عن أسئلة عن الساحر الذي اخترع المرجل ذاتي التقليب وبعدها يصبحون أحرارًا تمامًا لمدة أسبوع كامل حتى تظهر نتائج امتحاناتهم..عندما أعلن الشبح الأستاذ (بينز) نهاية الوقت المحدد، وطلب منهم ترك الأقلام والأوراق.. لم يتمالك (هاري) نفسه فقفز هاتفًا بمرح مثل باقي زملائه..

وبينما أسرعوا مع الجميع إلى الحدائق المشمسة بالخارج، قالت (هرمايني): «كان هذا أسهل كثيرًا مما توقعت، لم يكن عليَّ أن أذاكر قانون التعامل مع المستذئبين لعام ١٦٣٧ ولا ثورة (الفريك) المتحمس».

كانت (هرمايني) تحب مراجعة إجابات أسئلة الامتحانات بعد الانتهاء منها إلا أن (رون) قال: إن هذا يزيد من توتره ويمرضه، فتجول الثلاثة (هاري) و(رون) و(هرمايني) حول القلعة، واتجهوا إلى البحيرة، ثم ألقوا بأنفسهم تحت شجرة.. كان التوءم (ويزلي) و(لي جوردان) يدغدغون مجسات حبار عملاق كان قد خرج ليستدفئ في الظلال الدافئة.

وتنهد (رون) بسعادة ثم قال وهو يتمطى على الحشائش: «لا مذاكرة بعد الآن..هيا يا (هاري).. اضحك.. امرح.. أمامنا أسبوع كامل حتى تظهر نتيجة الامتحان.. لا داعي للقلق منذ الآن!».

كان (هاري) يدلك رأسه وهتف قائلًا بغضب: «أتمنى لو أعرف معنى هذا! إنه ألم شديد في تلك الندبة.. لقد آلمتني من قبل.. ولكن لم يكن الألم بهذه الشدة ولم يكن يتكرر كثيرًا مثلما يحدث هذه الأيام».

قالت (هرمايني): «اذهب إلى مدام (بومفري)».

قال (هاري): «لست مريضًا.. لكنني أشعر بأنه إنذار؛ بأن شيئًا خطيرًا سوف يحدث!».

قال (رون) الذي كان يشعر بالكسل بسبب الحر الشديد: «استرخ يا (هاري).. (هرمايني) على حق.. الحجر في أمان ما دام (دمبلدور) موجودًا معنا.. وعلى أية حال، ليس هناك دليل على أن (سنايب) وجد طريقة للمرور من (فلافي).. فقد كاد يفقد قدمه في المرة التي حاول فيها المرور منه، وهو بالتأكيد لن يبادر بالمحاولة مرة أخرى ومن المؤكد أن (هاجريد) لن يخذل (دمبلدور) وينطق بكلمة عن (فلافي) لأى شخص!».

أومأ (هاري) برأسه إلا أنه لم يستطع أن يبعد عن عقله شعورًا بأن هناك شيئًا كان عليه أن يفعله؛ شيئًا مهمًّا.. وعندما حاول شرح ذلك لهما..قالت (هرمايني): «هذا بسبب الامتحانات، لقد صحوت من نومي مساء الأمس وأخذت أراجع مذكرات مادة التحويل وانتهيت من نصفها قبل أن أتذكر أننا انتهينا من امتحان هذه المادة».

ومع ذلك، كان (هاري) متأكدًا أن هذا الشعور لا علاقة له بالامتحانات، وأخذ يراقب بومة وهي ترفرف بجناحيها طائرةً عبر السماء الزرقاء الصافية.. قادمة نحو المدرسة وهي ممسكة برسالة في فمها، وأخذ يفكر في أن (هاجريد) هو الوحيد الذي أرسل له رسائل.. (هاجريد) لن يخون (دمبلدور) أبدًا.. (هاجريد) لن يخبر أحدًا أبدًا كيف يمر من (فلافي).. أبدًا.. ولكن...

فجأة قفز (هاري) واقفًا على قدميه!

سأله (رون) بكسل: «إلى أين؟».

قال (هاري) وقد ابيض وجهه: «لقد خطر شيء ببالي حالًا.. يجب أن نذهب إلى (هاجريد).. الآن».

قالت (هرمايني) وهي تسرع بالوقوف: «لماذا؟».

قال (هاري) وهو يسرع على الأرض المبتلة: «أليس غريبًا.. أن يكون أكثر شيء يتمناه (هاجريد) في الحياة.. أن يملك تنينًا.. فيصادف شخصًا غريبًا يحقق له أمنيته؟ كم رجلًا يسير وفي جيبه بيضة تنين خاصة أن هذا مخالف لقانون السحرة؟ لماذا لم أفكر في هذا من قبل؟».

قال (رون): «ما الذي تقصده؟».. لكن (هاري) كان قد أسرع في اتجاه الغابة ولم يُجبه.

وكان (هاجريد) جالسًا في مقعد له ذراعان.. يفصص كمية كبيرة من البسلة في وعاء ضخم وقد شمر أكمامه وأرجل بنطلونه.

وابتسم عندما رآهم وقال: «مرحبًا.. هل أنهيتم امتحاناتكم؟ ما رأيكم في كوب من الشاي؟».

قال (رون): «نعم..من فضلك...» لكن (هاري) قاطعه.. وقال: «شكرًا.. نحن في عجلة من أمرنا..(هاجريد) يجب أن أسألك بعض الأسئلة: هل تذكر الرجل الذي لعبت معه الورق، وكسبت منه (نوربرت)؟ ما شكله؟».

قال (هاجريد) بلا اهتمام: «لست أدري.. كان يضع غطاء حول رأسه، ولم يخلعه!».

تبادل الثلاثة النظرات في ذهول! ولاحظ (هاجريد) ذلك فقال: «إنه شيء عادي.. كثيرًا ما أقابل أناسًا ذوي أشكال غريبة في (رأس الخنزير)؛ إنها الحانة الموجودة في القرية.. أما الرجل الذي أعطاني البيضة فقد أبقى الغطاء فوق رأسه فلم أر وجهه».

هبط (هاري) جالسًا بجوار وعاء البسلة وسأله: «وما الذي تحدثتما عنه يا (هاجريد)؟ هل ذكرت (هوجوورتس)؟»، قال (هاجريد) وهو عاقد حاجبيه محاولًا التذكر: «ربما.. لقد سألني عن وظيفتي.. وقلت له: إنني حارس أراضي المدرسة..وسألني عن نوعية المخلوقات التي أقوم برعايتها فقلت له وأخبرته عن أمنيتي بالحصول على تنين.. آه.. لا أذكر بالضبط.. ثم قال لي: إن لديه بيضة تنين.. ويمكنه أن يلعب الورق معي عليها.. ولكنه يجب أن يكون متأكدًا أن بإمكاني رعايته.. وقلت له بعد (فلافي) يصبح التنين شيئًا سهلًا!»، وسأله (هاري) وهو يحاول أن يبقي صوته هادئًا: «وهل سأل.. سألك عن (فلافي)؟».

رد (هاجريد): «حسنًا، نعم، قال لي: «من المخيف أن أقابل كلبًا له ثلاثة رءوس.. وقلت له: «إن (فلافي) يصبح مثل قطعة الحلوى إذا عرفت كيف تعامله.. فبمجرد أن تعزف له قطعة موسيقى، يستغرق فورًا في نوم عميق..».

فجأة، توقف (هاجريد) فزعًا.. وصرخ: «ما كان يجب أن أخبره بهذا.. لقد نسيت ما قلت.. إلى أين أنتم ذاهبون؟».

لم ينطق واحد من الثلاثة بكلمة، حتى وصلوا إلى بهو الدخول الذي بدا باردًا وكئيبًا مقارنة بالحدائق!

قال (هاري): «يجب أن نذهب إلى (دمبلدور) فورًا.. لقد أخبر (هاجريد) الرجل الغريب كيف يمر من (فلافي)..وقد يكون هذا الرجل (سنايب) أو (فولدمور) نفسه.. كل ما أرجوه هو أن يصدقنا (دمبلدور).. ربما يستطيع (فيرتز) تأييدنا إذا لم يوقفه (بين).. أين مكتب (دمبلدور)؟».

وأخذوا ينظرون حولهم وكأنهم يتمنون رؤية لافتة ترشدهم إلى الاتجاه الصحيح، واكتشفوا أنهم لا يعرفون مكان مكتب (دمبلدور).. ولم يذهب إليه أي واحد فيهم من قبل.. وفجأة، ظهرت أمامهم الأستاذة (ماكجونجال)، وهي تحمل عددًا ضخمًا من الكتب.. وسألتهم: «ماذا تفعلون بالداخل أنتم الثلاثة؟».

قالت (هرمايني) بشجاعة: «نريد أن نقابل الأستاذ (دمبلدور)!

كررت بدهشة وكأن ما طلبوه شيء غريب: «تريدون مقابلة الأستاذ (دمبلدور)؟ لماذا؟»

ابتلع (هاري) ريقه وقال: «إنه أمر سري!»، وتمنى (هاري) لو أنه لم يتكلم؛ فقد ظهر الغضب على الأستاذة (ماكجونجال).

وقالت ببرود: «لقد سافر الأستاذ (دمبلدور) منذ عشر دقائق.. وصلته بومة برسالة مستعجلة من وزارة السحر..وسافر إلى لندن على الفور».

قال (هاري) بتوتر: «ذهب؟ الآن؟».

الأستاذة: «الأستاذ (دمبلدور) ساحر عظيم يا (بوتر) ولديه الكثير من المشاغل..».

(هاري): «ولكن هذا أمر مهم».

الأستاذة: «أظن أن موضوع الوزارة أهم من موضوعكم يا (بوتر)!».

ألقى (هاري) بالحذر خلف ظهره وقال: «اسمعي يا أستاذة.. إن موضوعنا هو حجر الفيلسوف..».

فوجئت الأستاذة (ماكجونجال) وارتبكت وسقطت الكتب من يديها ولم تنحن لالتقاطها، وقالت بدهشة: «كيف عرفتم بمثل هذا؟».

قال (هاري): «نعرف يا أستاذة أن (سنـ...) شخصًا ما سيحاول سرقة الحجر؛ ولهذا يجب أن أتكلم مع الأستاذ (دمبلدور)!».

نظرت إليهم نظرات تملؤها الصدمة والشك، وقالت في النهاية: «إن الأستاذ لن يعود من لندن إلا في الغد..لا أعرف كيف علمتم بأمر الحجر.. ولكن اطمئنوا.. لا أحد يستطيع الوصول إلى حجر الفيلسوف.. فهو محمي تمامًا».

(هاري): «ولكن يا أستاذة...».

قالت باختصار: «أنا أعرف تمامًا ما أتكلم عنه يا (بوتر)! أقترح عليكم أن تخرجوا وتتمتعوا بالهواء والشمس!»، وانحنت لتجمع الكتب التي وقعت.

لكنهم لم يفعلوا!

وعندما ابتعدوا بما يكفي حتى لا تسمعهم الأستاذة (ماكجونجال)، قال (هاري): «أنا متأكد أن (سنايب) سيحاول المرور عبر الباب الأرضي الليلة، لقد اكتشف كل ما يريد معرفته، كما أنه أبعد (دمبلدور) عن الطريق الآن؛ فهو من أرسل تلك الرسالة..أراهن أن وزارة السحر ستفاجأ عندما يصل (دمبلدور) إليهم».

«ولكن، ماذا يمكن...».

شهقت (هرمايني) والتفت (هاري) و(رون).

كان (سنايب) واقفًا أمامهم.

قال بنعومة: «مساء الخير».

فحدقوا به جميعًا.

قال وهو يبتسم ابتسامة غريبة مريبة: «لا ينبغي أن تكونوا بالداخل في يوم مثل هذا».

بدأ (هاري) يقول: «لقد كنا...»، ولكنه لم يكن لديه فكرة عما سيقوله بالضبط.

قال (سنايب): «يجب أن تكونوا أكثر حذرًا.. عندما يراكم الناس تتجولون بهذه الطريقة المريبة..سيظنون أنكم تنوون شيئًا.. و(جريفندور) لا يحتمل فقدان المزيد من النقاط.. ما رأيكم؟».

احمر وجه (هاري).. واستداروا عائدين إلى الخارج.. ولكن (سنايب) ناداهم مرة أخرى، وقال: «كن على حذر يا (بوتر).. لو قمت بالتجول ليلًا من جديد، فسوف أتأكد شخصيًّا من فصلك.. أتمنى لكم يومًا جميلًا جميعًا».

وأسرع الخطى في اتجاه حجرة الأساتذة.

وعندما وصلوا إلى السلالم الخارجية.. تحول إليهما (هاري) وهمس بسرعة: «حسنًا، هذا ما علينا فعله..يجب أن يقوم أحدنا بمراقبة (سنايب).. ينتظره خارج حجرة الأساتذة ويتبعه إذا غادرها.. من الأفضل أن تقومي أنتِ بذلك يا (هرمايني)».

(هرمايني): «ولماذا أنا؟».

قال (رون): «هذا واضح، يمكنك أن تتظاهري بأنك في انتظار الأستاذ (فليتويك)»، ثم قال بصوت رفيع: «أنا قلق جدًّا يا أستاذ (فليتويك)..أظن أنني أجبت السؤال الرابع عشر بطريقة خطأ...».

قالت (هرمايني): «اسكت»، لكنها وافقت على أن تقوم بمراقبة (سنايب).

وقال (هاري) لـ(رون): «من الأفضل أن ننتظر خارج الممر في الدور الثالث، هيا بنا».

ولكنهما لم يستطيعا تنفيذ هذا الجزء من الخطة؛ لأنهما بمجرد أن وصلا إلى الباب الذي يفصل (فلافي) عن باقي المدرسة، قابلا الأستاذة (ماكجونجال) التي استشاطت غضبًا لرؤيتهما.

وانفجرت قائلة: «أظن أنكما تعتقدان أنكما قادران على حمايته أكثر من مجموعة من التعاويذ! توقفا عن هذا الهراء! إذا سمعت أنكما اقتربتما من هنا مرة أخرى، فسأخصم خمسين درجة من (جريفندور)! نعم يا (ويزلي) من منزلي!».

وعاد (هاري) و(رون) إلى الغرفة العامة، وقال (هاري): «على الأقل (هرمايني) لا تزال تراقب (سنايب)»، ولكن لوحة السيدة البدينة تحركت كاشفة عن فتحتها ودخلت (هرمايني) منها.

وقالت باكية: «أنا آسفة يا (هاري)! لقد خرج (سنايب) من حجرة المدرسين وسألني عما أفعله هناك فقلت له: إنني أنتظر الأستاذ (فليتويك)، فذهب وأحضره لي ولقد أنهيت الكلام معه حالًا ولا أعرف أين ذهب (سنايب)».

قال (هاري): «حسنًا، إنها نهاية المطاف إذًا».

حدق إليه الاثنان.. كان شاحبًا وعيناه تلمعان.

قال (هاري): «في المساء، سأخرج من هنا.. وأحاول الوصول إلى الحجر أولًا!».

(رون): «أنت مجنون!».

(هرمايني): «لا تفعل! أبعد كل ما قالته (ماكجونجال) و(سنايب)؟ سوف تُفصل من المدرسة!».

صاح (هاري): «وما أهمية ذلك؟ ألا تفهمان؟ لو حصل (سنايب) على الحجر.. فسيعود (فولدمور)!.. ألم تسمعا بما قام به عندما كان يحاول الاستيلاء على السلطة من قبل؟ لن تكون هناك (هوجوورتس) ليتم فصلي منها! سوف يحطمها تمامًا.. أو يحولها إلى مدرسة للسحر الأسود! لا أهمية لفقد النقاط بعد الآن.. هل تظنان أنه سيترككما أنتما وأسرتيكما تعيشون في أمان لو فاز (جريفندور) بكأس المنازل؟ وحتى إذا تم القبض عليَّ قبل أن أصل إلى الحجر.. فسيكون عليَّ أن أعود إلى منزل آل (درسلي) وأنتظر حتى يجدني (فولدمور) هناك.. ربما سيتأخر موتي قليلًا عن بقائي هنا؛ لأنني لن أنضم إلى جانب الشر أبدًا.. سوف أمر من الباب الأرضي الليلة ولن يوقفني أي شيء تقولانه! لقد قتل (فولدمور) أبي وأمي! هل نسيتما ذلك؟».

ونظر إليهما محملقًا!

قالت (هرمايني) بصوت ضعيف: «معك حق يا (هاري)..».

قال (هاري): «سوف أستعمل عباءة الإخفاء.. من حسن الحظ أنها أعيدت لي!».

سأل (رون): «ولكن، هل ستكفينا نحن الثلاثة؟».

(هاري): «نحن الثلاثة؟!».

(رون): «طبعًا.. هل تتصور أننا سنتركك تذهب وحدك؟».

قالت (هرمايني) بحماس: «بالطبع لا.. كيف تظن أنك ستصل إلى الحجر بدوننا؟ من الأفضل أن أذهب وأنظر في كتبي.. ربما أجد شيئًا ينفعنا...».

قال (هاري): «ولكن إذا تم القبض علينا، فسيتم فصلكما أنتما أيضًا..».

قالت عابسة: «ليس إذا استطعت منع ذلك، لقد أخبرني الأستاذ (فليتويك) أنني حصلت على ١١٢٪ في مادته، ولا أظن أن شيئًا سيتسبب في طردي بعد ذلك».

بعد العشاء، انعزلوا وحدهم في الغرفة العامة في انتظار ذهاب باقي زملائهم للنوم..لم يضايقهم أحد..فعلى أية حال، لم يعد لدى تلاميذ (جريفندور) ما يقولونه لـ(هاري).. وكانت هذه هي أول ليلة لا يكون فيها (هاري) متضايقًا من مقاطعتهم له..كانت (هرمايني) تراجع مذاكرتها بسرعة؛ عسى أن تجد شيئًا يساعدهم في مواجهة التعاويذ القوية التي سيلاقونها.. أما (هاري) و(رون) فقد جلسا دون كلام وقد غرق كل منهما في أفكاره الخاصة عما ينوون القيام به.

وببطء، بدأت الغرفة تخلو من التلاميذ الذين اتجهوا الواحد تلو الآخر إلى أسرّتهم.

غمغم (رون) بينما غادر (لي جوردان) أخيرًا الغرفة وهو يتمطى ويتثاءب: «من الأفضل أن تحضر عباءة الإخفاء إلى هنا..».

أسرع (هاري) إلى حجرة النوم الغارقة في الظلام، وسحب العباءة.. ووقعت عيناه على المزمار الذي أرسله له (هاجريد) كهدية في الكريسماس، أخذه معه ليستعمله مع (فلافي)؛ فهو لا يعرف الغناء!

ثم أسرع عائدًا إلى الغرفة العامة!

قال: «من الأفضل أن نضع العباءة علينا هنا.. ونتأكد أنها سوف تغطينا جميعًا حتى لا يرانا (فيلش).. وقد ظهرت قدم أحدنا تتحرك وحدها..».

وجاء صوت من آخر الحجرة: «ماذا تفعلون؟».

وظهر (نيفيل) من وراء أحد المقاعد الكبيرة وهو يحمل ضفدعه (تريفور) الذي يبدو أنه قد حاول الهرب من جديد!

قال (هاري) وهو يخفي العباءة وراء ظهره: «لا شيء يا (نيفيل).. لا شيء!».

نظر (نيفيل) إلى وجوههم بشك وقال: «ستخرجون مرة أخرى».

قالت (هرمايني): «لا يا (نيفيل).. لن نخرج.. لماذا لا تذهب إلى النوم؟».

نظر (هاري) إلى ساعة الجد الموجودة عند الباب..ليس لديهم وقت..لابد أن (سنايب) يعزف لفلافي الموسيقى الآن حتى ينام.

قال (نيفيل): «لا يمكنكم الخروج.. سوف نخسر مزيدًا من النقاط.. وهذا يضر (جريفندور) كثيرًا».

قال (هاري): «أنت لا تفهم شيئًا.. إنه أمر هام!».

قال (نيفيل) بإصرار: «لن أسمح لكم بالخروج.. سوف.. سوف أقاتلكم!»، ثم تحرك بسرعة ليقف أمام فتحة اللوحة.

هتف (رون): «ابتعد عن الفتحة يا (نيفيل) ولا تكن غبيًّا».

قال (نيفيل): «لا تقل لي إنني غبي.. ليس من حقك أن تخالف القوانين! ولا تنس أنك مَنْ قلت لي إنني يجب أن أواجه الناس!».

قال (رون) حانقًا: «ولكن ليس نحن.. إنك لا تعرف ما تفعله يا (نيفيل)».

وخطا (رون) خطوة باتجاهه وأسقط (نيفيل) (تريفور) الذي أسرع مبتعدًا ليختبئ.

قال (نيفيل) وهو يرفع قبضتيه: «هيا إذًا، حاول أن تضربني! أنا مستعد!».

وتحول (هاري) إلى (هرمايني) وقال يائسًا: «افعلي شيئًا!».

تقدمت (هرمايني) خطوات نحو (نيفيل).. وقالت: «إنني حقًّا آسفة يا (نيفيل)!».

ورفعت عصاها السحرية نحوه. وصاحت وهي تشير إليه: «بيتريفيكوس توتالوس..!».

تجمدت يدا (نيفيل) بجواره.. وكذلك ساقاه.. ثم جسده كله.. وأخذ جسده يتأرجح حتى سقط أخيرًا على وجهه على الأرض.

وأسرعت (هرمايني) وقلبته على ظهره.. كان فمه مغلقًا تمامًا ولا يستطيع الكلام.. لا تتحرك سوى عينيه اللتين تنظران إليهم في رعب!

همس (هاري): «ما الذي فعلتِه به؟».

قالت (هرمايني) بحزن: «إنها تعويذة تجمد الجسد بالكامل، إنني حقًّا آسفة يا (نيفيل)!».

قال (هاري): «لقد اضطررنا لذلك يا (نيفيل)..لا وقت لدينا للشرح».

قال (رون) بينما قاموا بالعبور فوقه ووضعوا عباءة الإخفاء عليهم: «سوف تفهم كل شيء فيما بعد يا (نيفيل)».

ولم يكن ترك (نيفيل) على الأرض بلا حراك بشير خير بالنسبة لهم.. ومضوا وهم يرتعدون؛ خوفًا من خيال كل تمثال يمرون به ظنًّا منهم أنه (فيلش) وكل صوت للريح ظنًّا أنه صوت اندفاع (بيف) في اتجاههم.. وعندما وصلوا إلى السلم الأول.. رأوا قرب قمته القطة السيدة (نوريس)!

همس (رون) في أذن (هاري): «فلنشُطها.. هذه المرة فقط» هز (هاري) رأسه بالنفي.. وقاموا بالصعود بهدوء وحرص متفادين إياها ونظرت نحوهم بعينيها اللتين تشبهان المصابيح.. لكنها لم تفعل شيئًا!

ولم يقابلوا أحدًا آخر.. حتى وصلوا إلى السلم المؤدي إلى الدور الثالث، ووجدوا (بيف) في منتصف السلم يقوم بفك السجادة حتى يتعثر فيها الصاعدون.

وقال فجأة في أثناء صعودهم في اتجاهه وقد ضاقت عيناه السوداوان الخبيثتان: «من هناك؟ أعرف أنك هناك حتى لو كنت لا أراك..هل أنت غول أم شبح أم تلميذ غبي؟».

وارتفع في الهواء وأخذ يطير هناك وهو يحدق إليهم.

وقال: «يجب أن أنادي (فيلش) فورًا إن كان هناك شيء غير مرئي يتحرك في المكان».

خطر لـ(هاري) خاطر مفاجئ.

قال بصوت هامس أجش: «(البارون الدامي) لديه أسباب ليكون خفيًّا يا (بيف)».

كاد (بيف) يقع من الصدمة.. وتمالك نفسه وطار على بُعد حوالي قدم من السلم.

وقال مداهنًا: «أنا آسف جدًّا يا سيدي البارون.. إنه خطئي، إنه خطئي.. إنني لم أتمكن من رؤيتكم..بالطبع لم أتمكن من ذلك؛ لأن سيادتك خفيّ.. اغفر لـ(بيف) غباءه يا سيدي».

قال (هاري): «لديَّ عمل هنا يا (بيف).. ابتعد عن هذا المكان الليلة».

قال (بيف) وهو يرتفع في الهواء مرة أخرى: «سأفعل بكل تأكيد يا سيدي.. أرجو أن يمضي عملك بنجاح يا سيدي (البارون).. لن أقوم بإزعاجك بأية حال من الأحوال».

واندفع مبتعدًا عن المكان.

قال (رون): «منتهى الذكاء يا (هاري)!».

لحظات وكانوا قد وصلوا إلى الممر..ورأوا الباب.. كان مفتوحًا نصف فتحة!

قال (هاري) بهدوء: «حسنًا، يبدو أن (سنايب) قد مر من (فلافي) بالفعل».

ويبدو أن رؤية الباب المفتوح قد جعلتهم متوجسين مما هم على وشك مواجهته، وتحول (هاري) ليواجه صديقيه تحت العباءة، وقال لهما: «إذا أردتما أن تعودا.. فلن ألومكما.. يمكنكما أن تأخذا العباءة..لن أكون بحاجة إليها بعد الآن!».

قال (رون): «لا تكن غبيًّا».

قالت (هرمايني): «سنذهب معك».

دفع (هاري) الباب..وفتحه على مصراعيه، وارتفعت زمجرة الكلب برءوسه الثلاثة، رغم أنه لا يراهم!

همست (هرمايني): «ما هذا الشيء الموجود عند أقدامه؟».

قال (رون): «يبدو مثل قيثارة..يبدو أن (سنايب) قد تركه هنا».

قال (هاري): «يبدو أنه يصحو من نومه بمجرد توقف العزف».

ورفع (هاري) مزمار (هاجريد) ونفخ فيه لم تكن تخرج منه نغمات فعلًا.. إلا أن عيون الوحش بدأت في النعاس بمجرد بدء العزف واستمر (هاري) في العزف.. وببطء هدأت زمجرة الكلب، ثم سقط على ركبه، وتمدد على الأرض.. ونام!

وقال (رون) وهم ينزلقون من تحت العباءة، ويتسللون إلى الباب الأرضي: «استمر في العزف..لا تتوقف!».

كان بإمكانهم أن يشعروا بأنفاس الكلب ذات الرائحة الكريهة عندما اقتربوا من رءوسه.

وقال (رون) وهو ينظر من فوق ظهر الكلب: «أظن أن بإمكاننا جذب الباب وفتحه، هل تريدين الذهاب أولًا يا (هرمايني)؟».

قالت (هرمايني): «لا!».

قال (رون): «حسنًا»، وداس على أسنانه بتصميم وخطا فوق أقدام الكلب بحرص.. ومد يده وجذب حلقة الباب التي ارتفعت معه بصوت مسموع!

سألت (هرمايني) بتوتر: «ماذا ترى؟».

قال: «لا شيء.. إنه ظلام عميق.. لا شيء نتسلقه.. علينا أن نُلقي بأنفسنا!».

وكان (هاري) مستمرًّا في العزف.. أشار لـ(رون) حتى ينتبه إليه! وأشار إلى نفسه!

قال (رون): «هل تريد الذهاب أولًا؟ هل أنت متأكد؟ لا أعرف كم يبلغ عمق هذا الشيء. أعط المزمار لـ(هرمايني) حتى يستمر الوحش نائمًا».

وناول (هاري) المزمار إلى (هرمايني).. وخلال الثواني التي انقطع فيها العزف بدأ الكلب في الزمجرة لكن بمجرد أن بدأت (هرمايني) في العزف عاد إلى النوم.. وعبر (هاري) من فوقه، ونظر من خلال الباب الأرضي إلى أسفل.. لم ير أي إشارة إلى القاع!

تدلى (هاري) من الباب المفتوح حتى أصبح يمسك به بأطراف أصابعه، ثم رفع رأسه لـ(رون) وقال: «إذا حدث لي شيء.. فاذهب مع (هرمايني) إلى بيت البوم، وابعث برسالة إلى (دمبلدور) مع (هيدويج).. اتفقنا؟».

(رون): «اتفقنا».

(هاري): «أراك بعد دقيقة..».

وترك (هاري) يده.. وشعر (هاري) بالهواء البارد الرطب يمر بجواره وهو يسقط بسرعة إلى أسفل ثم هبط على شيء طري، صدر عن اصطدامه به صوت مكتوم، وجلس مكانه، وتحسس ما حوله ولم تكن عيناه قد اعتادتا الظلام بعد.. وشعر أنه يجلس فوق شيء ناعم كأنه نبات ما.. ونظر إلى الباب ونادى (رون): «كل شيء عادي! لقد سقطت على شيء ناعم.. يمكنك الهبوط!» وقفز (رون) على الفور وهبط بجوار (هاري).

وكان أول ما نطق به: «ما هذا الشيء الذي نجلس عليه؟».

قال (هاري): «لا أعرف.. إنه نوع من النبات.. أظن أنه هنا ليخفف من أثر الوقوع..هيا يا (هرمايني)!».

وتوقف صوت الموسيقى البعيد وسمعوا نباحًا عاليًا من الكلب، لكن (هرمايني) كانت قد قفزت بالفعل وهبطت على الجانب الآخر من (هاري)..

قالت (هرمايني): «يجب أن نكون على عمق أميال تحت المدرسة».

قال (رون): «من حسن الحظ وجود هذا النبات!».

(هرمايني): «حسن الحظ؟!! انظروا إلى أنفسكم!».

وقفزت بسرعة واقفة وناضلت لتصل إلى الحائط الرطب.. كان النبات قد بدأ يتمدد ويتحرك.. ويتحول إلى حبال مثل الثعابين محاولًا تقييد قدميها.. وكانت أقدام (هاري) و(رون) مقيدة بقوة دون أن يلاحظا ذلك.

نجحت (هرمايني) في تحرير نفسها قبل أن يتمكن النبات من تقييدها.. وأخذت الآن تشاهد الولدين وهما يقاتلان بكل قواهما محاوليْن تحرير نفسيهما من النبات.. ولكن كلما زادت شدة مقاومتهما له، زادت شدة وسرعة التفاف أذرع النبات حولهما.

وصرخت فيهما (هرمايني): «كفى حركة.. أنا أعرف ما هذا.. إنها مخالب الشيطان!».

قال (رون) وهو يحاول مقاومة النبات الذي أخذ يلتف حول عنقه: «هذه معلومة رائعة..شكرًا!».

صرخت فيه (هرمايني): «اسكت.. إني أحاول أن أتذكر طريقة قتله!».

قال (هاري) وهو يلهث مصارعًا النبات الذي بدأ يضغط على صدره: «أسرعي! لا أستطيع التنفس!».

(هرمايني): «مخالب الشيطان.. مخالب الشيطان.. ماذا قالت الأستاذة سبراوت عنه.. إنه يحب الظلام..والرطوبة..».

صرخ (هاري): «إذن.. أشعلي نارًا!».

صاحت (هرمايني) وهي تضغط على يدها: «فعلًا.. لكن لا يوجد خشب ولا...».

صرخ (رون):

«هل جننت؟ هل أنت ساحرة أم لا؟».

قالت: «آه.. صحيح!».

وأخرجت عصاها السحرية، وأطلقت التعويذة التي استعملتها في عباءة (سنايب) وخرجت الشعلات الصغيرة لتمسك بالنبات.. وفي لحظات، انكمشت الفروع الثعبانية على نفسها مبتعدة عن الحرارة والنار، وأطلقت سراح الولدين..والتفت مبتعدة!

قال (هاري) وهو ينضم لـ (هرمايني) عند الحائط.. ماسحًا العرق عن وجهه: «من حسن الحظ أنك تأخذين بالك في مادة علم النباتات يا (هرمايني)».

قال (رون): «ومن حسن الحظ أن (هاري) لا يفقد عقله في الأزمات.. لا يوجد خشب.. هه!».

قال (هاري): «من هنا!» وأشار إلى ممر حجري، وكان هو الطريق الوحيد أمامهم!

كان الشيء الوحيد الذي يسمعونه ــ بالإضافة إلى وقْع أقدامهم ــ هو سقوط نقط الماء التي تجري هابطة على الجدران. كان الممر الذي يمشون فيه منحدرًا إلى أسفل؛ مما ذكَّر (هاري) بـ(جرينجوتس).. وانخلع قلبه عندما تذكر التنانين التي قيل إنها تحرس الخزائن في بنك السحرة..ماذا يحدث لو قابلوا تنينًا؛ تنينًا كامل النمو..لقد رأوا ما يكفيهم من (نوربرت)!

همس (رون): «هل تسمع شيئًا؟».

وأصغى (هاري)، فسمع صوتًا يشبه الحفيف والخشخشة قادمًا من نهاية الممر أمامهم.

قال (هاري): «هل تظن أنه شبح؟».

(رون): «لا أعرف..يبدو مثل صوت رفرفة بالنسبة لي».

(هاري): «هناك ضوء أمامنا..يمكنني أن أرى شيئًا يتحرك».

وصلوا إلى نهاية الممر، ورأوا أمامهم حجرة جميلة مضاءة بأضواء باهرة.. يرتفع سقفها مثل القوس فوق رءوسهم وتمتلئ الغرفة بطيور صغيرة تلمع مثل الجواهر.. تطير مرفرفة حول المكان بلا توقف! وفي الناحية الأخرى من الحجرة، باب ضخم من الخشب السميك!

قال (رون): «ماذا يحدث لو دخلنا؟ هل يمكن أن تهاجمنا هذه الطيور؟».

قال (هاري): «ربما.. إنها لا تبدو متوحشة..ولكن أظن أنها قد تقوم بمهاجمتنا معًا.. حسنًا، ماذا يمكننا أن نفعل؟ سوف أجري».

ثم أخذ نفسًا عميقًا.. وغطى عينيه بيده.. واخترق الغرفة جريًا حتى وصل إلى الباب، لكن الطيور لم تهاجمه..وتبعه (رون) و(هرمايني) على الفور!

بدءوا يحاولون فتح الباب، لكنه لم يستجب لهم.. ظل صامدًا تحت دفعهم وضربهم له بكل قوة.. وجربت (هرمايني) فتحه بتعويذة الوهومورا ولكنه لم يفتح أيضًا.

قال (رون): «ماذا نفعل الآن؟».

قالت (هرمايني): «لا يمكن أن تكون هذه الطيور هنا للديكور فقط».

وأخذوا يراقبون الطيور التي تطير حول المكان وهي تشع وتلمع.

فجأة، قال (هاري): «انظروا؛ إنها ليست طيورًا حقيقية، إنها مفاتيح! مفاتيح مجنحة.. انظروا بعناية..وهذا يعني حتمًا...» وأخذ ينظر حول الغرفة باحثًا.. بينما الآخران يدققان النظر في سرب المفاتيح.

«...نعم ــ انظروا! مقشات سحرية! مفتاح هذا الباب هو واحد من هذه الطيور، علينا الإمساك به باستعمال المقشات السحرية...».

قالت (هرمايني): «ولكن هناك المئات منها!».

فحص (رون) قُفل الباب وقال: «نحن نبحث عن مفتاح كبير من النوع القديم.. ربما يكون مصنوعًا من الفضة مثل مقبض الباب».

وهكذا ركبوا المقشات..وضربوا الأرض بأقدامهم وطاروا وسط المفاتيح المجنحة، وحاولوا الإمساك بها ولكن المفاتيح المسحورة كانت تطير مبتعدة عن أيديهم كلما اقتربوا منها.

ولأن (هاري) هو أصغر باحث في الفريق لهذا القرن..فقد كانت لديه حاسة العثور على الأشياء المطلوبة؛ ولهذا لاحظ مفتاحًا فضيًّا كبيرًا.. له جناح محني وكأنه قد استعمل في فتح الباب من قبل.. وصاح (هاري): «هذا هو المفتاح! هذا المفتاح الكبير هناك ــ لا ــ الآخر ــ الذي له أجنحة زرقاء براقة ــ ريشه كله مجعد في اتجاه واحد».

طار (رون) بسرعة في الاتجاه الذي أشار إليه (هاري)..فارتطم بالسقف وكاد يسقط من فوق المقشة.

قال (هاري) دون أن يبعد عينيه عن المفتاح: «يجب أن نحاصره..أنت يا (رون) تعال ناحيته من أعلى..وأنت يا (هرمايني) انتظري تحته وامنعيه من النزول - وأنا سأحاول الإمساك به..هيا الآن!».

وانخفض (رون) في اتجاهه..بينما صعدت (هرمايني) إليه من أسفل فتفادى المفتاح كليهما وانقضَّ عليه (هاري) فاندفع المفتاح ناحية الحائط وانحنى (هاري) إلى الأمام وثبته على الحائط بإحدى يديه وارتفع تشجيع (رون) و(هرمايني) حول الغرفة.

وهبطوا بسرعة.. وأسرعوا إلى الباب.. ودفع (هاري) المفتاح في القُفل، وأداره.. ونجحوا.. بمجرد أن سمعوا تكة الباب، طار المفتاح بعيدًا.. وقد فتح الباب على التو.

ونظر (هاري) إلى زميليه ويده على مقبض الباب وقال: «مستعدان؟».. فأومأا برأسيْهما فدفع الباب بيده!

كانت الغرفة الثانية مظلمة تمامًا.. لم يروا فيها شيئًا.. ولكن بمجرد أن خطوا داخلها، أضاءت وظهر منظر غاية في الغرابة!

كانوا يقفون على حافة رقعة شطرنج كبيرة..وكانت قطع الشطرنج أطول منهم وتبدو منحوتة من حجر أسود..وقد رصت القطع السوداء أمامهم، وفي مواجهتها القطع البيضاء! وارتعد (هاري) و(رون) و(هرمايني) قليلًا.. فلم يكن لقطع الشطرنج وجوه.

همس (هاري): «ما المطلوب الآن؟».

قال (رون): «الأمر واضح.. علينا أن نلعب حتى يمكننا عبور الغرفة إلى الجهة المقابلة».

ونظروا! فوجدوا في الناحية المقابلة بابًا آخر مواجهًا لهم.. وراء القطع البيضاء..

قالت (هرمايني) بعصبية: «كيف؟».

قال (رون): «أظن أننا يجب أن نكون قطعًا من قطع الشطرنج».

واتجه (رون) إلى الفارس الأسود ورفع يده ولمس الحصان الحجري الذي دبت فيه الحياة في الحال وضرب الأرض بقدمه وحرك الفارس رأسه الذي يرتدي فوقه خوذة لينظر إلى (رون).

قال (هاري): «هل يجب أن ننضم إليك في اللعب حتى نعبر؟».

أومأ الفارس الأسود برأسه والتفت (رون) إلى زميليه وقال: «يجب أن أفكر في الأمر.. أظن أننا يجب أن نأخذ مكان ثلاث من القطع السوداء...».

وصمت (هاري) و(هرمايني) وتركا (رون) يفكر.. وأخيرًا قال: «أعرف أنكما غير خبيريْن في اللعبة.. لا تعترضا وسأشرح لكما ما تفعلانه».

قال (هاري): «لن نعترض..فقط قل لنا ما علينا أن نفعله».

قال (رون): «حسنًا، (هاري) خذ مكان الفيل.. وأنتِ يا (هرمايني) خذي مكان تلك القلعة».

«وماذا عنك؟».

(رون): «سأكون الفارس».

ويبدو أن قطع الشطرنج كانت تسمعهم؛ لأن الفارس والفيل والقلعة انسحبوا على الفور من فوق رقعة الشطرنج وتركوا مربعاتهم خالية وحل محلهم (هاري) و(رون) و(هرمايني)!

قال (رون) وهو ينظر إلى الجهة الأخرى من الرقعة: «الأبيض يبدأ اللعب دائمًا في الشطرنج.. نعم.. انظروا...».

تحرك بيدق أبيض مربعين إلى الأمام.

وبدأ (رون) يوجه القطع السوداء وكانوا يتحركون بصمت إلى أي مكان يرسلهم إليه..كانت ركبتا (هاري) ترتجفان.. ماذا لو خسروا؟

(رون): «(هاري) - تحرك مائلًا أربعة مربعات إلى اليمين».

كانت أول صدمة لهم عندما تم أخذ فارسهم الآخر، فقد قام الوزير بالإطاحة به وسحبه إلى خارج الرقعة حيث رقد على وجهه دون حراك.

قال (رون) وقد ظهر عليه القلق: «كان يجب أن أضحي به حتى أترك لكم فرصة أخذ الفيل.. هيا يا (هرمايني)..».

وكلما سقطت قطعة من قطع الشطرنج في فريقهم كانت القطع البيضاء تطيح بها بلا رحمة.. وسرعان ما تراكمت مجموعة أخرى من القطع السوداء على الحائط بجوار الفارس.. ولاحظ (رون) مرتين أن (هاري) و(هرمايني) معرضان للخطر، فقام بإبعادهما عنه وتحرك هو نفسه أكثر من مرة حول الرقعة؛ ليأخذ عددًا من القطع البيضاء مساويًا لما خسروه من القطع السوداء.

وتمتم (رون) فجأة: «لقد كدنا نصل.. يجب أن أفكر جيدًا...».

حوَّل الوزير الأبيض وجهه الخالي من الملامح ناحية (رون).

قال (رون) بهدوء: «اسمعا.. لا يوجد سوى حل واحد.. يجب أن أسقط..».

هتف (هاري) و(هرمايني): «لا!».

صاح (رون): «هذا هو الشطرنج! يجب أن نقوم ببعض التضحيات.. سأتحرك إلى الأمام خطوة واحدة وسوف يأخذني الوزير، وبهذا سيكون الطريق مفتوحًا أمامك إلى الملك يا (هاري)!».

«ولكن...».

«هل تريد إيقاف (سنايب) أم لا؟».

«(رون)..».

«اسمع.. إذا لم تسرع، فسوف يسبقك إلى الحجر».

ولم يجدا بدًّا من تنفيذ خطته.

قال (رون) وقد ظهر التصميم على وجهه الشاحب: «استعدا الآن.. سأبدأ وبمجرد فوزكما لا تتلكأا.. أكملا طريقكما..».

وخطا (رون) إلى الأمام وضربه الوزير على رأسه بذراعه الحجرية فسقط إلى الأرض.. صرخت (هرمايني) ولكنها لم تترك مربعها.. وسحب الوزير (رون)، الذي فقد الوعي إلى خارج الرقعة.

وتحرك (هاري) مرتجفًا ثلاثة مربعات إلى الشمال.

وخلع الملك الأبيض تاجه ورماه عند قدمي (هاري).. لقد فازا.. وتفرقت القطع البيضاء مفسحة الطريق أمامهما إلى الباب وألقى (هاري) و(هرمايني) نظرة أخيرة يائسة على (رون)، ثم سارا في طريقهما خارجين من الباب إلى الممر التالي.

(هرمايني): «ماذا لو أنه...؟».

قال (هاري) محاولًا إقناع نفسه: «سيكون على ما يرام..ماذا أمامنا الآن؟».

قالت: «لقد عبرنا تعويذة سبراوت وهي مخالب الشيطان و(فليتويك) هو صاحب تعويذة المفاتيح المجنحة.. و(ماكجونجال) أستاذة التحويل هي صاحبة الشطرنج.. يبقى أمامنا تعاويذ (سنايب) و(كويريل)...».

ووصلا إلى باب آخر.

همس (هاري): «هل ندفعه؟».

(هرمايني): «هيا».

دفع (هاري) الباب.. وملأت أنفيهما رائحة كريهة.. جعلت كليهما يرفعان العباءات لتغطية أنفيهما، وقد دمعت أعينهما ورأيا جسد غول أكبر من الذي قاتلوه من قبل وهو ملقى ميتًا على الأرض.. وقد أصيب في رأسه!

وهمس (هاري) بينما يخطو بحذر فوق قدميه الضخمتين: «من حسن الحظ أننا لم نضطر لمواجهة هذا الوحش! هيا بنا.. لا أستطيع التنفس».

وعبرا فوقه إلى باب آخر دفعاه ونظرا بخوف إلى الداخل.. لكن.. لا شيء مخيف.. مجرد مائدة عليها سبع زجاجات ذات أشكال مختلفة تقف في صف واحد!

قال (هاري): «هذه تعويذة (سنايب)! ماذا علينا أن نفعل؟».

وتقدما إلى الأمام..وفي الحال، اشتعلت نار بنفسجية في الباب خلفهما.. ونيران سوداء في الباب أمامهما!

قال (هاري): «نحن في مصيدة..ماذا نفعل!»

أمسكت (هرمايني) بورقة سميكة على المائدة بجوار الزجاجات، ونظر (هاري) من فوق كتفها ليقرأ:

«الخطر أمامك والأمان خلفك..

اثنان منا فقط يستطيعان مساعدتك

سبع نحن، لكن واحدة فقط تتقدم بها

وأخرى ستعيدك إلى الخلف إذا شربتها

اثنتان بهما خمر ستثبط همتك

وثلاث بها سم قاتل ينتظرك

عليك أن تختار إلا إذا أردت البقاء هنا للأبد

وسنعطيك أربعة مفاتيح تساعدك

الأول، أنه مهما حاول السم التخفي بدهاء

فسوف تجد دائمًا بعضًا منه على يسار الخمر.

الثاني، أنه رغم اختلاف من يقفون على طرفي النقيض

لكنك لو تقدمت إلى الأمام فلن تجد لك صديقًا

الثالث، أنك طبعًا ترى اختلاف أحجامنا

لاحظ أنك لن تجد الموت في أكبرنا ولا أصغرنا.

الرابع، أن الثانية من اليسار والثانية من اليمين

لهما نفس الطعم ولو اختلف شكلاهما.

وأخيرًا تنهدت (هرمايني) بارتياح.. واستغرب (هاري) عندما وجدها تبتسم وهو آخر شيء يمكن أن يفكر بفعله الآن.

قالت (هرمايني): «رائع.. إنه لغز يحتاج إلى إعمال العقل وليس السحر.. يحتاج إلى حل بالتفكير السليم! وقد يحتار القارئ فيه إلى الأبد!».

(هاري): «ونحن أيضًا؟».

قالت: «طبعًا لا.. كل ما نريده هنا على الورق.. سبع زجاجات.. ثلاث منها بها سموم.. واثنتان بهما خمر..وواحدة نعبر بها بسلام النيران البنفسجية.. وأخرى للنيران السوداء!».

(هاري): «ولكن..كيف نعرفها؟».

قالت: «انتظر دقيقة!».

أخذت (هرمايني) تقرأ الورقة عدة مرات وتمر على الزجاجات، وهي تتمتم لنفسها وتشير إليهما، ثم توقفت وصفقت بيديها، وأشارت إلى أصغر الزجاجات وقالت: «هذه الزجاجة تشرب ما بها..تمر من النيران السوداء وتصل إلى الحجر!».

نظر (هاري) إلى الزجاجة وقال: «ولكن ما بها قليل جدًّا.. يكفي شخصًا واحدًا بالكاد!».

ونظرا أحدهما إلى الآخر.

وقال (هاري): «أيهما تعبر النيران البنفسجية؟».

أشارت (هرمايني) إلى زجاجة مستديرة في آخر الجانب الأيمن وقالت: «هذه!».

قال (هاري): «حسنًا.. اشربي ما بها.. لا، اسمعي.. اعبري النيران.. واصطحبي معك (رون) وبواسطة المقشات الموجودة في غرفة المفاتيح الطائرة يمكنكما الخروج من الباب الأرضي والمرور عبر (فلافي) إلى الخارج.. اذهبا مباشرة إلى بيت البوم.. وأرسلي (هيدويج) برسالة عاجلة إلى (دمبلدور).. فنحن في حاجة شديدة له..قد أستطيع أن أؤخر (سنايب) قليلًا.. ولكنني لست ندًّا له!».

(هرمايني): «ولكن يا (هاري) ــ ماذا إذا كان (أنت ــ تعرف ــ من) معه؟!».

قال (هاري) وهو يشير إلى ندبته: «حسنًا، لقد سبق أن كنت محظوظًا معه.. ربما يحالفني الحظ هذه المرة أيضًا!».

ارتعشت شفتا (هرمايني) واندفعت نحو (هاري) فجأة واحتضنته.

«(هرمايني)!».

«أنت ساحر عظيم يا (هاري)..أتعرف ذلك؟».

قال (هاري) وقد شعر بالحرج بعد أن تركته: «لست في مستوى براعتك».

قالت (هرمايني): «أنا! الكتب! والمهارة! هناك أشياء أهم منهما.. الصداقة والشجاعة و.. آه يا (هاري).. كن حذرًا!».

قال (هاري): «هيا.. اشربي أنت أولًا. أنت متأكدة أنها الزجاجة الصحيحة؟».

قالت (هرمايني): «طبعًا»، وأخذت جرعة كبيرة من الزجاجة المستديرة، ثم ارتعدت.

قال (هاري) بقلق: «إنها ليست سمًّا؟».

قالت: «لا، ولكنها كالثلج!».

قال: «أسرعي! قبل أن ينتهي مفعولها!».

قالت: «حظ سعيد..وكن حذرًا!».

قال: «هيا.. اذهبي!».

واستدارت (هرمايني) وعبرت النيران البنفسجية..

وأخذ (هاري) نفسًا عميقًا وأمسك بالزجاجة الصغيرة.. واستدار مواجهًا النيران السوداء.

وقال: «هأنذا قادم» ثم شرب ما في القنينة في جرعة واحدة.

وشعر فعلًا بأنه أصبح كتلة من الجليد، ثم وضع الزجاجة وتقدم إلى الأمام وقد وضع يديه حول ذراعيه وشاهد اللهب الأسود ملتصقًا به، لكنه لم يحس بتأثير النيران..ومرت لحظة لم يكن يرى فيها شيئًا سوى النيران السوداء، ثم وصل إلى الحجرة التالية؛ الحجرة الأخيرة!

كان هناك شخص بالفعل! لكنه لم يكن (سنايب).. ولا حتى (فولدمور)! !


١٦ عبـر البـاب الأرضي 16 Through the ground door 16 Par la porte du sol

لن يعرف (هاري) أبدًا كيف تمكن من اجتياز هذه الامتحانات.. وهو يتوقع اندفاع (فولدمور) من الباب ليقتله بين لحظة وأخرى.. إلا أن الأيام مرت يومًا بعد الآخر ولم يكن هناك شك أن (فلافي) موجود وراء الباب المغلق وأنه في أحسن حال!

كان الجو شديد الحرارة خصوصًا في قاعة الامتحان الكبيرة التي يؤدون فيها الامتحانات التحريرية.. وقد تسلموا ريش كتابة جديدًا مزودًا بتعويذة ضد الغش!

وقد أدَّوا امتحانات عملية أيضًا، حيث قام الأستاذ (فليتويك) بنداء أسمائهم؛ ليدخلوا إلى فصله الواحد تلو الآخر؛ ليرى إن كانوا يستطيعون جعل ثمرة أناناس ترقص فوق المكتب أم لا؟ بينما طلبت منهم الأستاذة (ماكجونجال) أن يحولوا فأرًا إلى علبة نشوق وكلما كانت العلبة أجمل، أعطتهم نقاطًا أكثر، وكانت تخصم منهم النقاط إن كان للعلبة شارب، وجعلهم (سنايب) في منتهى التوتر والقلق عندما كان يمد رأسه ليرى ما يفعلونه بينما كانوا يحاولون تذكُّر كيفية عمل وصفة النسيان.

بذل (هاري) كل ما بوسعه في الامتحانات رغم الألم الشديد في جبهته، والذي ظل يشعر به منذ رحلته إلى الغابة..وقد عاودته الكوابيس المخيفة التي زادت سوءًا بعد أن زاد عليها الآن المخلوق المقنع الذي يمتص دماء الحصان وحيد القرن، فبات مؤرقًا معظم الليالي حتى إن (نيفيل) ظن أن (هاري) يعاني توترًا بسبب الامتحانات.

كان (رون) و(هرمايني) ــ رغم خوفهما من (فولدمور) ــ أكثر هدوءًا من (هاري) وأقل قلقًا بخصوص الحجر؛ ربما لأنهما لم يشاهدا ما رآه في الغابة، أو لأنهما ليس لديهما أثر جرح في الرأس يسبب هذا الألم الرهيب، أو لأن الكوابيس المخيفة لا تزورهما في الأحلام!

وفي اليوم الأخير من الامتحانات، كان عليهم تأدية امتحان تاريخ السحر لمدة ساعة كاملة يجيبون فيها عن أسئلة عن الساحر الذي اخترع المرجل ذاتي التقليب وبعدها يصبحون أحرارًا تمامًا لمدة أسبوع كامل حتى تظهر نتائج امتحاناتهم..عندما أعلن الشبح الأستاذ (بينز) نهاية الوقت المحدد، وطلب منهم ترك الأقلام والأوراق.. لم يتمالك (هاري) نفسه فقفز هاتفًا بمرح مثل باقي زملائه..

وبينما أسرعوا مع الجميع إلى الحدائق المشمسة بالخارج، قالت (هرمايني): «كان هذا أسهل كثيرًا مما توقعت، لم يكن عليَّ أن أذاكر قانون التعامل مع المستذئبين لعام ١٦٣٧ ولا ثورة (الفريك) المتحمس».

كانت (هرمايني) تحب مراجعة إجابات أسئلة الامتحانات بعد الانتهاء منها إلا أن (رون) قال: إن هذا يزيد من توتره ويمرضه، فتجول الثلاثة (هاري) و(رون) و(هرمايني) حول القلعة، واتجهوا إلى البحيرة، ثم ألقوا بأنفسهم تحت شجرة.. كان التوءم (ويزلي) و(لي جوردان) يدغدغون مجسات حبار عملاق كان قد خرج ليستدفئ في الظلال الدافئة.

وتنهد (رون) بسعادة ثم قال وهو يتمطى على الحشائش: «لا مذاكرة بعد الآن..هيا يا (هاري).. اضحك.. امرح.. أمامنا أسبوع كامل حتى تظهر نتيجة الامتحان.. لا داعي للقلق منذ الآن!».

كان (هاري) يدلك رأسه وهتف قائلًا بغضب: «أتمنى لو أعرف معنى هذا! إنه ألم شديد في تلك الندبة.. لقد آلمتني من قبل.. ولكن لم يكن الألم بهذه الشدة ولم يكن يتكرر كثيرًا مثلما يحدث هذه الأيام».

قالت (هرمايني): «اذهب إلى مدام (بومفري)».

قال (هاري): «لست مريضًا.. لكنني أشعر بأنه إنذار؛ بأن شيئًا خطيرًا سوف يحدث!».

قال (رون) الذي كان يشعر بالكسل بسبب الحر الشديد: «استرخ يا (هاري).. (هرمايني) على حق.. الحجر في أمان ما دام (دمبلدور) موجودًا معنا.. وعلى أية حال، ليس هناك دليل على أن (سنايب) وجد طريقة للمرور من (فلافي).. فقد كاد يفقد قدمه في المرة التي حاول فيها المرور منه، وهو بالتأكيد لن يبادر بالمحاولة مرة أخرى ومن المؤكد أن (هاجريد) لن يخذل (دمبلدور) وينطق بكلمة عن (فلافي) لأى شخص!».

أومأ (هاري) برأسه إلا أنه لم يستطع أن يبعد عن عقله شعورًا بأن هناك شيئًا كان عليه أن يفعله؛ شيئًا مهمًّا.. وعندما حاول شرح ذلك لهما..قالت (هرمايني): «هذا بسبب الامتحانات، لقد صحوت من نومي مساء الأمس وأخذت أراجع مذكرات مادة التحويل وانتهيت من نصفها قبل أن أتذكر أننا انتهينا من امتحان هذه المادة».

ومع ذلك، كان (هاري) متأكدًا أن هذا الشعور لا علاقة له بالامتحانات، وأخذ يراقب بومة وهي ترفرف بجناحيها طائرةً عبر السماء الزرقاء الصافية.. قادمة نحو المدرسة وهي ممسكة برسالة في فمها، وأخذ يفكر في أن (هاجريد) هو الوحيد الذي أرسل له رسائل.. (هاجريد) لن يخون (دمبلدور) أبدًا.. (هاجريد) لن يخبر أحدًا أبدًا كيف يمر من (فلافي).. أبدًا.. ولكن...

فجأة قفز (هاري) واقفًا على قدميه!

سأله (رون) بكسل: «إلى أين؟».

قال (هاري) وقد ابيض وجهه: «لقد خطر شيء ببالي حالًا.. يجب أن نذهب إلى (هاجريد).. الآن».

قالت (هرمايني) وهي تسرع بالوقوف: «لماذا؟».

قال (هاري) وهو يسرع على الأرض المبتلة: «أليس غريبًا.. أن يكون أكثر شيء يتمناه (هاجريد) في الحياة.. أن يملك تنينًا.. فيصادف شخصًا غريبًا يحقق له أمنيته؟ كم رجلًا يسير وفي جيبه بيضة تنين خاصة أن هذا مخالف لقانون السحرة؟ لماذا لم أفكر في هذا من قبل؟».

قال (رون): «ما الذي تقصده؟».. لكن (هاري) كان قد أسرع في اتجاه الغابة ولم يُجبه.

وكان (هاجريد) جالسًا في مقعد له ذراعان.. يفصص كمية كبيرة من البسلة في وعاء ضخم وقد شمر أكمامه وأرجل بنطلونه.

وابتسم عندما رآهم وقال: «مرحبًا.. هل أنهيتم امتحاناتكم؟ ما رأيكم في كوب من الشاي؟».

قال (رون): «نعم..من فضلك...» لكن (هاري) قاطعه.. وقال: «شكرًا.. نحن في عجلة من أمرنا..(هاجريد) يجب أن أسألك بعض الأسئلة: هل تذكر الرجل الذي لعبت معه الورق، وكسبت منه (نوربرت)؟ ما شكله؟».

قال (هاجريد) بلا اهتمام: «لست أدري.. كان يضع غطاء حول رأسه، ولم يخلعه!».

تبادل الثلاثة النظرات في ذهول! ولاحظ (هاجريد) ذلك فقال: «إنه شيء عادي.. كثيرًا ما أقابل أناسًا ذوي أشكال غريبة في (رأس الخنزير)؛ إنها الحانة الموجودة في القرية.. أما الرجل الذي أعطاني البيضة فقد أبقى الغطاء فوق رأسه فلم أر وجهه».

هبط (هاري) جالسًا بجوار وعاء البسلة وسأله: «وما الذي تحدثتما عنه يا (هاجريد)؟ هل ذكرت (هوجوورتس)؟»، قال (هاجريد) وهو عاقد حاجبيه محاولًا التذكر: «ربما.. لقد سألني عن وظيفتي.. وقلت له: إنني حارس أراضي المدرسة..وسألني عن نوعية المخلوقات التي أقوم برعايتها فقلت له وأخبرته عن أمنيتي بالحصول على تنين.. آه.. لا أذكر بالضبط.. ثم قال لي: إن لديه بيضة تنين.. ويمكنه أن يلعب الورق معي عليها.. ولكنه يجب أن يكون متأكدًا أن بإمكاني رعايته.. وقلت له بعد (فلافي) يصبح التنين شيئًا سهلًا!»، وسأله (هاري) وهو يحاول أن يبقي صوته هادئًا: «وهل سأل.. سألك عن (فلافي)؟».

رد (هاجريد): «حسنًا، نعم، قال لي: «من المخيف أن أقابل كلبًا له ثلاثة رءوس.. وقلت له: «إن (فلافي) يصبح مثل قطعة الحلوى إذا عرفت كيف تعامله.. فبمجرد أن تعزف له قطعة موسيقى، يستغرق فورًا في نوم عميق..».

فجأة، توقف (هاجريد) فزعًا.. وصرخ: «ما كان يجب أن أخبره بهذا.. لقد نسيت ما قلت.. إلى أين أنتم ذاهبون؟».

لم ينطق واحد من الثلاثة بكلمة، حتى وصلوا إلى بهو الدخول الذي بدا باردًا وكئيبًا مقارنة بالحدائق!

قال (هاري): «يجب أن نذهب إلى (دمبلدور) فورًا.. لقد أخبر (هاجريد) الرجل الغريب كيف يمر من (فلافي)..وقد يكون هذا الرجل (سنايب) أو (فولدمور) نفسه.. كل ما أرجوه هو أن يصدقنا (دمبلدور).. ربما يستطيع (فيرتز) تأييدنا إذا لم يوقفه (بين).. أين مكتب (دمبلدور)؟».

وأخذوا ينظرون حولهم وكأنهم يتمنون رؤية لافتة ترشدهم إلى الاتجاه الصحيح، واكتشفوا أنهم لا يعرفون مكان مكتب (دمبلدور).. ولم يذهب إليه أي واحد فيهم من قبل.. وفجأة، ظهرت أمامهم الأستاذة (ماكجونجال)، وهي تحمل عددًا ضخمًا من الكتب.. وسألتهم: «ماذا تفعلون بالداخل أنتم الثلاثة؟».

قالت (هرمايني) بشجاعة: «نريد أن نقابل الأستاذ (دمبلدور)!

كررت بدهشة وكأن ما طلبوه شيء غريب: «تريدون مقابلة الأستاذ (دمبلدور)؟ لماذا؟»

ابتلع (هاري) ريقه وقال: «إنه أمر سري!»، وتمنى (هاري) لو أنه لم يتكلم؛ فقد ظهر الغضب على الأستاذة (ماكجونجال).

وقالت ببرود: «لقد سافر الأستاذ (دمبلدور) منذ عشر دقائق.. وصلته بومة برسالة مستعجلة من وزارة السحر..وسافر إلى لندن على الفور».

قال (هاري) بتوتر: «ذهب؟ الآن؟».

الأستاذة: «الأستاذ (دمبلدور) ساحر عظيم يا (بوتر) ولديه الكثير من المشاغل..».

(هاري): «ولكن هذا أمر مهم».

الأستاذة: «أظن أن موضوع الوزارة أهم من موضوعكم يا (بوتر)!».

ألقى (هاري) بالحذر خلف ظهره وقال: «اسمعي يا أستاذة.. إن موضوعنا هو حجر الفيلسوف..».

فوجئت الأستاذة (ماكجونجال) وارتبكت وسقطت الكتب من يديها ولم تنحن لالتقاطها، وقالت بدهشة: «كيف عرفتم بمثل هذا؟».

قال (هاري): «نعرف يا أستاذة أن (سنـ...) شخصًا ما سيحاول سرقة الحجر؛ ولهذا يجب أن أتكلم مع الأستاذ (دمبلدور)!».

نظرت إليهم نظرات تملؤها الصدمة والشك، وقالت في النهاية: «إن الأستاذ لن يعود من لندن إلا في الغد..لا أعرف كيف علمتم بأمر الحجر.. ولكن اطمئنوا.. لا أحد يستطيع الوصول إلى حجر الفيلسوف.. فهو محمي تمامًا».

(هاري): «ولكن يا أستاذة...».

قالت باختصار: «أنا أعرف تمامًا ما أتكلم عنه يا (بوتر)! أقترح عليكم أن تخرجوا وتتمتعوا بالهواء والشمس!»، وانحنت لتجمع الكتب التي وقعت.

لكنهم لم يفعلوا!

وعندما ابتعدوا بما يكفي حتى لا تسمعهم الأستاذة (ماكجونجال)، قال (هاري): «أنا متأكد أن (سنايب) سيحاول المرور عبر الباب الأرضي الليلة، لقد اكتشف كل ما يريد معرفته، كما أنه أبعد (دمبلدور) عن الطريق الآن؛ فهو من أرسل تلك الرسالة..أراهن أن وزارة السحر ستفاجأ عندما يصل (دمبلدور) إليهم».

«ولكن، ماذا يمكن...».

شهقت (هرمايني) والتفت (هاري) و(رون).

كان (سنايب) واقفًا أمامهم.

قال بنعومة: «مساء الخير».

فحدقوا به جميعًا.

قال وهو يبتسم ابتسامة غريبة مريبة: «لا ينبغي أن تكونوا بالداخل في يوم مثل هذا».

بدأ (هاري) يقول: «لقد كنا...»، ولكنه لم يكن لديه فكرة عما سيقوله بالضبط.

قال (سنايب): «يجب أن تكونوا أكثر حذرًا.. عندما يراكم الناس تتجولون بهذه الطريقة المريبة..سيظنون أنكم تنوون شيئًا.. و(جريفندور) لا يحتمل فقدان المزيد من النقاط.. ما رأيكم؟».

احمر وجه (هاري).. واستداروا عائدين إلى الخارج.. ولكن (سنايب) ناداهم مرة أخرى، وقال: «كن على حذر يا (بوتر).. لو قمت بالتجول ليلًا من جديد، فسوف أتأكد شخصيًّا من فصلك.. أتمنى لكم يومًا جميلًا جميعًا».

وأسرع الخطى في اتجاه حجرة الأساتذة.

وعندما وصلوا إلى السلالم الخارجية.. تحول إليهما (هاري) وهمس بسرعة: «حسنًا، هذا ما علينا فعله..يجب أن يقوم أحدنا بمراقبة (سنايب).. ينتظره خارج حجرة الأساتذة ويتبعه إذا غادرها.. من الأفضل أن تقومي أنتِ بذلك يا (هرمايني)».

(هرمايني): «ولماذا أنا؟».

قال (رون): «هذا واضح، يمكنك أن تتظاهري بأنك في انتظار الأستاذ (فليتويك)»، ثم قال بصوت رفيع: «أنا قلق جدًّا يا أستاذ (فليتويك)..أظن أنني أجبت السؤال الرابع عشر بطريقة خطأ...».

قالت (هرمايني): «اسكت»، لكنها وافقت على أن تقوم بمراقبة (سنايب).

وقال (هاري) لـ(رون): «من الأفضل أن ننتظر خارج الممر في الدور الثالث، هيا بنا».

ولكنهما لم يستطيعا تنفيذ هذا الجزء من الخطة؛ لأنهما بمجرد أن وصلا إلى الباب الذي يفصل (فلافي) عن باقي المدرسة، قابلا الأستاذة (ماكجونجال) التي استشاطت غضبًا لرؤيتهما.

وانفجرت قائلة: «أظن أنكما تعتقدان أنكما قادران على حمايته أكثر من مجموعة من التعاويذ! توقفا عن هذا الهراء! إذا سمعت أنكما اقتربتما من هنا مرة أخرى، فسأخصم خمسين درجة من (جريفندور)! نعم يا (ويزلي) من منزلي!».

وعاد (هاري) و(رون) إلى الغرفة العامة، وقال (هاري): «على الأقل (هرمايني) لا تزال تراقب (سنايب)»، ولكن لوحة السيدة البدينة تحركت كاشفة عن فتحتها ودخلت (هرمايني) منها.

وقالت باكية: «أنا آسفة يا (هاري)! لقد خرج (سنايب) من حجرة المدرسين وسألني عما أفعله هناك فقلت له: إنني أنتظر الأستاذ (فليتويك)، فذهب وأحضره لي ولقد أنهيت الكلام معه حالًا ولا أعرف أين ذهب (سنايب)».

قال (هاري): «حسنًا، إنها نهاية المطاف إذًا».

حدق إليه الاثنان.. كان شاحبًا وعيناه تلمعان.

قال (هاري): «في المساء، سأخرج من هنا.. وأحاول الوصول إلى الحجر أولًا!».

(رون): «أنت مجنون!».

(هرمايني): «لا تفعل! أبعد كل ما قالته (ماكجونجال) و(سنايب)؟ سوف تُفصل من المدرسة!».

صاح (هاري): «وما أهمية ذلك؟ ألا تفهمان؟ لو حصل (سنايب) على الحجر.. فسيعود (فولدمور)!.. ألم تسمعا بما قام به عندما كان يحاول الاستيلاء على السلطة من قبل؟ لن تكون هناك (هوجوورتس) ليتم فصلي منها! سوف يحطمها تمامًا.. أو يحولها إلى مدرسة للسحر الأسود! لا أهمية لفقد النقاط بعد الآن.. هل تظنان أنه سيترككما أنتما وأسرتيكما تعيشون في أمان لو فاز (جريفندور) بكأس المنازل؟ وحتى إذا تم القبض عليَّ قبل أن أصل إلى الحجر.. فسيكون عليَّ أن أعود إلى منزل آل (درسلي) وأنتظر حتى يجدني (فولدمور) هناك.. ربما سيتأخر موتي قليلًا عن بقائي هنا؛ لأنني لن أنضم إلى جانب الشر أبدًا.. سوف أمر من الباب الأرضي الليلة ولن يوقفني أي شيء تقولانه! لقد قتل (فولدمور) أبي وأمي! هل نسيتما ذلك؟».

ونظر إليهما محملقًا!

قالت (هرمايني) بصوت ضعيف: «معك حق يا (هاري)..».

قال (هاري): «سوف أستعمل عباءة الإخفاء.. من حسن الحظ أنها أعيدت لي!».

سأل (رون): «ولكن، هل ستكفينا نحن الثلاثة؟».

(هاري): «نحن الثلاثة؟!».

(رون): «طبعًا.. هل تتصور أننا سنتركك تذهب وحدك؟».

قالت (هرمايني) بحماس: «بالطبع لا.. كيف تظن أنك ستصل إلى الحجر بدوننا؟ من الأفضل أن أذهب وأنظر في كتبي.. ربما أجد شيئًا ينفعنا...».

قال (هاري): «ولكن إذا تم القبض علينا، فسيتم فصلكما أنتما أيضًا..».

قالت عابسة: «ليس إذا استطعت منع ذلك، لقد أخبرني الأستاذ (فليتويك) أنني حصلت على ١١٢٪ في مادته، ولا أظن أن شيئًا سيتسبب في طردي بعد ذلك».

بعد العشاء، انعزلوا وحدهم في الغرفة العامة في انتظار ذهاب باقي زملائهم للنوم..لم يضايقهم أحد..فعلى أية حال، لم يعد لدى تلاميذ (جريفندور) ما يقولونه لـ(هاري).. وكانت هذه هي أول ليلة لا يكون فيها (هاري) متضايقًا من مقاطعتهم له..كانت (هرمايني) تراجع مذاكرتها بسرعة؛ عسى أن تجد شيئًا يساعدهم في مواجهة التعاويذ القوية التي سيلاقونها.. أما (هاري) و(رون) فقد جلسا دون كلام وقد غرق كل منهما في أفكاره الخاصة عما ينوون القيام به.

وببطء، بدأت الغرفة تخلو من التلاميذ الذين اتجهوا الواحد تلو الآخر إلى أسرّتهم.

غمغم (رون) بينما غادر (لي جوردان) أخيرًا الغرفة وهو يتمطى ويتثاءب: «من الأفضل أن تحضر عباءة الإخفاء إلى هنا..».

أسرع (هاري) إلى حجرة النوم الغارقة في الظلام، وسحب العباءة.. ووقعت عيناه على المزمار الذي أرسله له (هاجريد) كهدية في الكريسماس، أخذه معه ليستعمله مع (فلافي)؛ فهو لا يعرف الغناء!

ثم أسرع عائدًا إلى الغرفة العامة!

قال: «من الأفضل أن نضع العباءة علينا هنا.. ونتأكد أنها سوف تغطينا جميعًا حتى لا يرانا (فيلش).. وقد ظهرت قدم أحدنا تتحرك وحدها..».

وجاء صوت من آخر الحجرة: «ماذا تفعلون؟».

وظهر (نيفيل) من وراء أحد المقاعد الكبيرة وهو يحمل ضفدعه (تريفور) الذي يبدو أنه قد حاول الهرب من جديد!

قال (هاري) وهو يخفي العباءة وراء ظهره: «لا شيء يا (نيفيل).. لا شيء!».

نظر (نيفيل) إلى وجوههم بشك وقال: «ستخرجون مرة أخرى».

قالت (هرمايني): «لا يا (نيفيل).. لن نخرج.. لماذا لا تذهب إلى النوم؟».

نظر (هاري) إلى ساعة الجد الموجودة عند الباب..ليس لديهم وقت..لابد أن (سنايب) يعزف لفلافي الموسيقى الآن حتى ينام.

قال (نيفيل): «لا يمكنكم الخروج.. سوف نخسر مزيدًا من النقاط.. وهذا يضر (جريفندور) كثيرًا».

قال (هاري): «أنت لا تفهم شيئًا.. إنه أمر هام!».

قال (نيفيل) بإصرار: «لن أسمح لكم بالخروج.. سوف.. سوف أقاتلكم!»، ثم تحرك بسرعة ليقف أمام فتحة اللوحة.

هتف (رون): «ابتعد عن الفتحة يا (نيفيل) ولا تكن غبيًّا».

قال (نيفيل): «لا تقل لي إنني غبي.. ليس من حقك أن تخالف القوانين! ولا تنس أنك مَنْ قلت لي إنني يجب أن أواجه الناس!».

قال (رون) حانقًا: «ولكن ليس نحن.. إنك لا تعرف ما تفعله يا (نيفيل)».

وخطا (رون) خطوة باتجاهه وأسقط (نيفيل) (تريفور) الذي أسرع مبتعدًا ليختبئ.

قال (نيفيل) وهو يرفع قبضتيه: «هيا إذًا، حاول أن تضربني! أنا مستعد!».

وتحول (هاري) إلى (هرمايني) وقال يائسًا: «افعلي شيئًا!».

تقدمت (هرمايني) خطوات نحو (نيفيل).. وقالت: «إنني حقًّا آسفة يا (نيفيل)!».

ورفعت عصاها السحرية نحوه. وصاحت وهي تشير إليه: «بيتريفيكوس توتالوس..!».

تجمدت يدا (نيفيل) بجواره.. وكذلك ساقاه.. ثم جسده كله.. وأخذ جسده يتأرجح حتى سقط أخيرًا على وجهه على الأرض.

وأسرعت (هرمايني) وقلبته على ظهره.. كان فمه مغلقًا تمامًا ولا يستطيع الكلام.. لا تتحرك سوى عينيه اللتين تنظران إليهم في رعب!

همس (هاري): «ما الذي فعلتِه به؟».

قالت (هرمايني) بحزن: «إنها تعويذة تجمد الجسد بالكامل، إنني حقًّا آسفة يا (نيفيل)!».

قال (هاري): «لقد اضطررنا لذلك يا (نيفيل)..لا وقت لدينا للشرح».

قال (رون) بينما قاموا بالعبور فوقه ووضعوا عباءة الإخفاء عليهم: «سوف تفهم كل شيء فيما بعد يا (نيفيل)».

ولم يكن ترك (نيفيل) على الأرض بلا حراك بشير خير بالنسبة لهم.. ومضوا وهم يرتعدون؛ خوفًا من خيال كل تمثال يمرون به ظنًّا منهم أنه (فيلش) وكل صوت للريح ظنًّا أنه صوت اندفاع (بيف) في اتجاههم.. وعندما وصلوا إلى السلم الأول.. رأوا قرب قمته القطة السيدة (نوريس)!

همس (رون) في أذن (هاري): «فلنشُطها.. هذه المرة فقط» هز (هاري) رأسه بالنفي.. وقاموا بالصعود بهدوء وحرص متفادين إياها ونظرت نحوهم بعينيها اللتين تشبهان المصابيح.. لكنها لم تفعل شيئًا!

ولم يقابلوا أحدًا آخر.. حتى وصلوا إلى السلم المؤدي إلى الدور الثالث، ووجدوا (بيف) في منتصف السلم يقوم بفك السجادة حتى يتعثر فيها الصاعدون.

وقال فجأة في أثناء صعودهم في اتجاهه وقد ضاقت عيناه السوداوان الخبيثتان: «من هناك؟ أعرف أنك هناك حتى لو كنت لا أراك..هل أنت غول أم شبح أم تلميذ غبي؟».

وارتفع في الهواء وأخذ يطير هناك وهو يحدق إليهم.

وقال: «يجب أن أنادي (فيلش) فورًا إن كان هناك شيء غير مرئي يتحرك في المكان».

خطر لـ(هاري) خاطر مفاجئ.

قال بصوت هامس أجش: «(البارون الدامي) لديه أسباب ليكون خفيًّا يا (بيف)».

كاد (بيف) يقع من الصدمة.. وتمالك نفسه وطار على بُعد حوالي قدم من السلم.

وقال مداهنًا: «أنا آسف جدًّا يا سيدي البارون.. إنه خطئي، إنه خطئي.. إنني لم أتمكن من رؤيتكم..بالطبع لم أتمكن من ذلك؛ لأن سيادتك خفيّ.. اغفر لـ(بيف) غباءه يا سيدي».

قال (هاري): «لديَّ عمل هنا يا (بيف).. ابتعد عن هذا المكان الليلة».

قال (بيف) وهو يرتفع في الهواء مرة أخرى: «سأفعل بكل تأكيد يا سيدي.. أرجو أن يمضي عملك بنجاح يا سيدي (البارون).. لن أقوم بإزعاجك بأية حال من الأحوال».

واندفع مبتعدًا عن المكان.

قال (رون): «منتهى الذكاء يا (هاري)!».

لحظات وكانوا قد وصلوا إلى الممر..ورأوا الباب.. كان مفتوحًا نصف فتحة!

قال (هاري) بهدوء: «حسنًا، يبدو أن (سنايب) قد مر من (فلافي) بالفعل».

ويبدو أن رؤية الباب المفتوح قد جعلتهم متوجسين مما هم على وشك مواجهته، وتحول (هاري) ليواجه صديقيه تحت العباءة، وقال لهما: «إذا أردتما أن تعودا.. فلن ألومكما.. يمكنكما أن تأخذا العباءة..لن أكون بحاجة إليها بعد الآن!».

قال (رون): «لا تكن غبيًّا».

قالت (هرمايني): «سنذهب معك».

دفع (هاري) الباب..وفتحه على مصراعيه، وارتفعت زمجرة الكلب برءوسه الثلاثة، رغم أنه لا يراهم!

همست (هرمايني): «ما هذا الشيء الموجود عند أقدامه؟».

قال (رون): «يبدو مثل قيثارة..يبدو أن (سنايب) قد تركه هنا».

قال (هاري): «يبدو أنه يصحو من نومه بمجرد توقف العزف».

ورفع (هاري) مزمار (هاجريد) ونفخ فيه لم تكن تخرج منه نغمات فعلًا.. إلا أن عيون الوحش بدأت في النعاس بمجرد بدء العزف واستمر (هاري) في العزف.. وببطء هدأت زمجرة الكلب، ثم سقط على ركبه، وتمدد على الأرض.. ونام!

وقال (رون) وهم ينزلقون من تحت العباءة، ويتسللون إلى الباب الأرضي: «استمر في العزف..لا تتوقف!».

كان بإمكانهم أن يشعروا بأنفاس الكلب ذات الرائحة الكريهة عندما اقتربوا من رءوسه.

وقال (رون) وهو ينظر من فوق ظهر الكلب: «أظن أن بإمكاننا جذب الباب وفتحه، هل تريدين الذهاب أولًا يا (هرمايني)؟».

قالت (هرمايني): «لا!».

قال (رون): «حسنًا»، وداس على أسنانه بتصميم وخطا فوق أقدام الكلب بحرص.. ومد يده وجذب حلقة الباب التي ارتفعت معه بصوت مسموع!

سألت (هرمايني) بتوتر: «ماذا ترى؟».

قال: «لا شيء.. إنه ظلام عميق.. لا شيء نتسلقه.. علينا أن نُلقي بأنفسنا!».

وكان (هاري) مستمرًّا في العزف.. أشار لـ(رون) حتى ينتبه إليه! وأشار إلى نفسه!

قال (رون): «هل تريد الذهاب أولًا؟ هل أنت متأكد؟ لا أعرف كم يبلغ عمق هذا الشيء. أعط المزمار لـ(هرمايني) حتى يستمر الوحش نائمًا».

وناول (هاري) المزمار إلى (هرمايني).. وخلال الثواني التي انقطع فيها العزف بدأ الكلب في الزمجرة لكن بمجرد أن بدأت (هرمايني) في العزف عاد إلى النوم.. وعبر (هاري) من فوقه، ونظر من خلال الباب الأرضي إلى أسفل.. لم ير أي إشارة إلى القاع!

تدلى (هاري) من الباب المفتوح حتى أصبح يمسك به بأطراف أصابعه، ثم رفع رأسه لـ(رون) وقال: «إذا حدث لي شيء.. فاذهب مع (هرمايني) إلى بيت البوم، وابعث برسالة إلى (دمبلدور) مع (هيدويج).. اتفقنا؟».

(رون): «اتفقنا».

(هاري): «أراك بعد دقيقة..».

وترك (هاري) يده.. وشعر (هاري) بالهواء البارد الرطب يمر بجواره وهو يسقط بسرعة إلى أسفل ثم هبط على شيء طري، صدر عن اصطدامه به صوت مكتوم، وجلس مكانه، وتحسس ما حوله ولم تكن عيناه قد اعتادتا الظلام بعد.. وشعر أنه يجلس فوق شيء ناعم كأنه نبات ما.. ونظر إلى الباب ونادى (رون): «كل شيء عادي! لقد سقطت على شيء ناعم.. يمكنك الهبوط!» وقفز (رون) على الفور وهبط بجوار (هاري).

وكان أول ما نطق به: «ما هذا الشيء الذي نجلس عليه؟».

قال (هاري): «لا أعرف.. إنه نوع من النبات.. أظن أنه هنا ليخفف من أثر الوقوع..هيا يا (هرمايني)!».

وتوقف صوت الموسيقى البعيد وسمعوا نباحًا عاليًا من الكلب، لكن (هرمايني) كانت قد قفزت بالفعل وهبطت على الجانب الآخر من (هاري)..

قالت (هرمايني): «يجب أن نكون على عمق أميال تحت المدرسة».

قال (رون): «من حسن الحظ وجود هذا النبات!».

(هرمايني): «حسن الحظ؟!! انظروا إلى أنفسكم!».

وقفزت بسرعة واقفة وناضلت لتصل إلى الحائط الرطب.. كان النبات قد بدأ يتمدد ويتحرك.. ويتحول إلى حبال مثل الثعابين محاولًا تقييد قدميها.. وكانت أقدام (هاري) و(رون) مقيدة بقوة دون أن يلاحظا ذلك.

نجحت (هرمايني) في تحرير نفسها قبل أن يتمكن النبات من تقييدها.. وأخذت الآن تشاهد الولدين وهما يقاتلان بكل قواهما محاوليْن تحرير نفسيهما من النبات.. ولكن كلما زادت شدة مقاومتهما له، زادت شدة وسرعة التفاف أذرع النبات حولهما.

وصرخت فيهما (هرمايني): «كفى حركة.. أنا أعرف ما هذا.. إنها مخالب الشيطان!».

قال (رون) وهو يحاول مقاومة النبات الذي أخذ يلتف حول عنقه: «هذه معلومة رائعة..شكرًا!».

صرخت فيه (هرمايني): «اسكت.. إني أحاول أن أتذكر طريقة قتله!».

قال (هاري) وهو يلهث مصارعًا النبات الذي بدأ يضغط على صدره: «أسرعي! لا أستطيع التنفس!».

(هرمايني): «مخالب الشيطان.. مخالب الشيطان.. ماذا قالت الأستاذة سبراوت عنه.. إنه يحب الظلام..والرطوبة..».

صرخ (هاري): «إذن.. أشعلي نارًا!».

صاحت (هرمايني) وهي تضغط على يدها: «فعلًا.. لكن لا يوجد خشب ولا...».

صرخ (رون):

«هل جننت؟ هل أنت ساحرة أم لا؟».

قالت: «آه.. صحيح!».

وأخرجت عصاها السحرية، وأطلقت التعويذة التي استعملتها في عباءة (سنايب) وخرجت الشعلات الصغيرة لتمسك بالنبات.. وفي لحظات، انكمشت الفروع الثعبانية على نفسها مبتعدة عن الحرارة والنار، وأطلقت سراح الولدين..والتفت مبتعدة!

قال (هاري) وهو ينضم لـ (هرمايني) عند الحائط.. ماسحًا العرق عن وجهه: «من حسن الحظ أنك تأخذين بالك في مادة علم النباتات يا (هرمايني)».

قال (رون): «ومن حسن الحظ أن (هاري) لا يفقد عقله في الأزمات.. لا يوجد خشب.. هه!».

قال (هاري): «من هنا!» وأشار إلى ممر حجري، وكان هو الطريق الوحيد أمامهم!

كان الشيء الوحيد الذي يسمعونه ــ بالإضافة إلى وقْع أقدامهم ــ هو سقوط نقط الماء التي تجري هابطة على الجدران. كان الممر الذي يمشون فيه منحدرًا إلى أسفل؛ مما ذكَّر (هاري) بـ(جرينجوتس).. وانخلع قلبه عندما تذكر التنانين التي قيل إنها تحرس الخزائن في بنك السحرة..ماذا يحدث لو قابلوا تنينًا؛ تنينًا كامل النمو..لقد رأوا ما يكفيهم من (نوربرت)!

همس (رون): «هل تسمع شيئًا؟».

وأصغى (هاري)، فسمع صوتًا يشبه الحفيف والخشخشة قادمًا من نهاية الممر أمامهم.

قال (هاري): «هل تظن أنه شبح؟».

(رون): «لا أعرف..يبدو مثل صوت رفرفة بالنسبة لي».

(هاري): «هناك ضوء أمامنا..يمكنني أن أرى شيئًا يتحرك».

وصلوا إلى نهاية الممر، ورأوا أمامهم حجرة جميلة مضاءة بأضواء باهرة.. يرتفع سقفها مثل القوس فوق رءوسهم وتمتلئ الغرفة بطيور صغيرة تلمع مثل الجواهر.. تطير مرفرفة حول المكان بلا توقف! وفي الناحية الأخرى من الحجرة، باب ضخم من الخشب السميك!

قال (رون): «ماذا يحدث لو دخلنا؟ هل يمكن أن تهاجمنا هذه الطيور؟».

قال (هاري): «ربما.. إنها لا تبدو متوحشة..ولكن أظن أنها قد تقوم بمهاجمتنا معًا.. حسنًا، ماذا يمكننا أن نفعل؟ سوف أجري».

ثم أخذ نفسًا عميقًا.. وغطى عينيه بيده.. واخترق الغرفة جريًا حتى وصل إلى الباب، لكن الطيور لم تهاجمه..وتبعه (رون) و(هرمايني) على الفور!

بدءوا يحاولون فتح الباب، لكنه لم يستجب لهم.. ظل صامدًا تحت دفعهم وضربهم له بكل قوة.. وجربت (هرمايني) فتحه بتعويذة الوهومورا ولكنه لم يفتح أيضًا.

قال (رون): «ماذا نفعل الآن؟».

قالت (هرمايني): «لا يمكن أن تكون هذه الطيور هنا للديكور فقط».

وأخذوا يراقبون الطيور التي تطير حول المكان وهي تشع وتلمع.

فجأة، قال (هاري): «انظروا؛ إنها ليست طيورًا حقيقية، إنها مفاتيح! مفاتيح مجنحة.. انظروا بعناية..وهذا يعني حتمًا...» وأخذ ينظر حول الغرفة باحثًا.. بينما الآخران يدققان النظر في سرب المفاتيح.

«...نعم ــ انظروا! مقشات سحرية! مفتاح هذا الباب هو واحد من هذه الطيور، علينا الإمساك به باستعمال المقشات السحرية...».

قالت (هرمايني): «ولكن هناك المئات منها!».

فحص (رون) قُفل الباب وقال: «نحن نبحث عن مفتاح كبير من النوع القديم.. ربما يكون مصنوعًا من الفضة مثل مقبض الباب».

وهكذا ركبوا المقشات..وضربوا الأرض بأقدامهم وطاروا وسط المفاتيح المجنحة، وحاولوا الإمساك بها ولكن المفاتيح المسحورة كانت تطير مبتعدة عن أيديهم كلما اقتربوا منها.

ولأن (هاري) هو أصغر باحث في الفريق لهذا القرن..فقد كانت لديه حاسة العثور على الأشياء المطلوبة؛ ولهذا لاحظ مفتاحًا فضيًّا كبيرًا.. له جناح محني وكأنه قد استعمل في فتح الباب من قبل.. وصاح (هاري): «هذا هو المفتاح! هذا المفتاح الكبير هناك ــ لا ــ الآخر ــ الذي له أجنحة زرقاء براقة ــ ريشه كله مجعد في اتجاه واحد».

طار (رون) بسرعة في الاتجاه الذي أشار إليه (هاري)..فارتطم بالسقف وكاد يسقط من فوق المقشة.

قال (هاري) دون أن يبعد عينيه عن المفتاح: «يجب أن نحاصره..أنت يا (رون) تعال ناحيته من أعلى..وأنت يا (هرمايني) انتظري تحته وامنعيه من النزول - وأنا سأحاول الإمساك به..هيا الآن!».

وانخفض (رون) في اتجاهه..بينما صعدت (هرمايني) إليه من أسفل فتفادى المفتاح كليهما وانقضَّ عليه (هاري) فاندفع المفتاح ناحية الحائط وانحنى (هاري) إلى الأمام وثبته على الحائط بإحدى يديه وارتفع تشجيع (رون) و(هرمايني) حول الغرفة.

وهبطوا بسرعة.. وأسرعوا إلى الباب.. ودفع (هاري) المفتاح في القُفل، وأداره.. ونجحوا.. بمجرد أن سمعوا تكة الباب، طار المفتاح بعيدًا.. وقد فتح الباب على التو.

ونظر (هاري) إلى زميليه ويده على مقبض الباب وقال: «مستعدان؟».. فأومأا برأسيْهما فدفع الباب بيده!

كانت الغرفة الثانية مظلمة تمامًا.. لم يروا فيها شيئًا.. ولكن بمجرد أن خطوا داخلها، أضاءت وظهر منظر غاية في الغرابة!

كانوا يقفون على حافة رقعة شطرنج كبيرة..وكانت قطع الشطرنج أطول منهم وتبدو منحوتة من حجر أسود..وقد رصت القطع السوداء أمامهم، وفي مواجهتها القطع البيضاء! وارتعد (هاري) و(رون) و(هرمايني) قليلًا.. فلم يكن لقطع الشطرنج وجوه.

همس (هاري): «ما المطلوب الآن؟».

قال (رون): «الأمر واضح.. علينا أن نلعب حتى يمكننا عبور الغرفة إلى الجهة المقابلة».

ونظروا! فوجدوا في الناحية المقابلة بابًا آخر مواجهًا لهم.. وراء القطع البيضاء..

قالت (هرمايني) بعصبية: «كيف؟».

قال (رون): «أظن أننا يجب أن نكون قطعًا من قطع الشطرنج».

واتجه (رون) إلى الفارس الأسود ورفع يده ولمس الحصان الحجري الذي دبت فيه الحياة في الحال وضرب الأرض بقدمه وحرك الفارس رأسه الذي يرتدي فوقه خوذة لينظر إلى (رون).

قال (هاري): «هل يجب أن ننضم إليك في اللعب حتى نعبر؟».

أومأ الفارس الأسود برأسه والتفت (رون) إلى زميليه وقال: «يجب أن أفكر في الأمر.. أظن أننا يجب أن نأخذ مكان ثلاث من القطع السوداء...».

وصمت (هاري) و(هرمايني) وتركا (رون) يفكر.. وأخيرًا قال: «أعرف أنكما غير خبيريْن في اللعبة.. لا تعترضا وسأشرح لكما ما تفعلانه».

قال (هاري): «لن نعترض..فقط قل لنا ما علينا أن نفعله».

قال (رون): «حسنًا، (هاري) خذ مكان الفيل.. وأنتِ يا (هرمايني) خذي مكان تلك القلعة».

«وماذا عنك؟».

(رون): «سأكون الفارس».

ويبدو أن قطع الشطرنج كانت تسمعهم؛ لأن الفارس والفيل والقلعة انسحبوا على الفور من فوق رقعة الشطرنج وتركوا مربعاتهم خالية وحل محلهم (هاري) و(رون) و(هرمايني)!

قال (رون) وهو ينظر إلى الجهة الأخرى من الرقعة: «الأبيض يبدأ اللعب دائمًا في الشطرنج.. نعم.. انظروا...».

تحرك بيدق أبيض مربعين إلى الأمام.

وبدأ (رون) يوجه القطع السوداء وكانوا يتحركون بصمت إلى أي مكان يرسلهم إليه..كانت ركبتا (هاري) ترتجفان.. ماذا لو خسروا؟

(رون): «(هاري) - تحرك مائلًا أربعة مربعات إلى اليمين».

كانت أول صدمة لهم عندما تم أخذ فارسهم الآخر، فقد قام الوزير بالإطاحة به وسحبه إلى خارج الرقعة حيث رقد على وجهه دون حراك.

قال (رون) وقد ظهر عليه القلق: «كان يجب أن أضحي به حتى أترك لكم فرصة أخذ الفيل.. هيا يا (هرمايني)..».

وكلما سقطت قطعة من قطع الشطرنج في فريقهم كانت القطع البيضاء تطيح بها بلا رحمة.. وسرعان ما تراكمت مجموعة أخرى من القطع السوداء على الحائط بجوار الفارس.. ولاحظ (رون) مرتين أن (هاري) و(هرمايني) معرضان للخطر، فقام بإبعادهما عنه وتحرك هو نفسه أكثر من مرة حول الرقعة؛ ليأخذ عددًا من القطع البيضاء مساويًا لما خسروه من القطع السوداء.

وتمتم (رون) فجأة: «لقد كدنا نصل.. يجب أن أفكر جيدًا...».

حوَّل الوزير الأبيض وجهه الخالي من الملامح ناحية (رون).

قال (رون) بهدوء: «اسمعا.. لا يوجد سوى حل واحد.. يجب أن أسقط..».

هتف (هاري) و(هرمايني): «لا!».

صاح (رون): «هذا هو الشطرنج! يجب أن نقوم ببعض التضحيات.. سأتحرك إلى الأمام خطوة واحدة وسوف يأخذني الوزير، وبهذا سيكون الطريق مفتوحًا أمامك إلى الملك يا (هاري)!».

«ولكن...».

«هل تريد إيقاف (سنايب) أم لا؟».

«(رون)..».

«اسمع.. إذا لم تسرع، فسوف يسبقك إلى الحجر».

ولم يجدا بدًّا من تنفيذ خطته.

قال (رون) وقد ظهر التصميم على وجهه الشاحب: «استعدا الآن.. سأبدأ وبمجرد فوزكما لا تتلكأا.. أكملا طريقكما..».

وخطا (رون) إلى الأمام وضربه الوزير على رأسه بذراعه الحجرية فسقط إلى الأرض.. صرخت (هرمايني) ولكنها لم تترك مربعها.. وسحب الوزير (رون)، الذي فقد الوعي إلى خارج الرقعة.

وتحرك (هاري) مرتجفًا ثلاثة مربعات إلى الشمال.

وخلع الملك الأبيض تاجه ورماه عند قدمي (هاري).. لقد فازا.. وتفرقت القطع البيضاء مفسحة الطريق أمامهما إلى الباب وألقى (هاري) و(هرمايني) نظرة أخيرة يائسة على (رون)، ثم سارا في طريقهما خارجين من الباب إلى الممر التالي.

(هرمايني): «ماذا لو أنه...؟».

قال (هاري) محاولًا إقناع نفسه: «سيكون على ما يرام..ماذا أمامنا الآن؟».

قالت: «لقد عبرنا تعويذة سبراوت وهي مخالب الشيطان و(فليتويك) هو صاحب تعويذة المفاتيح المجنحة.. و(ماكجونجال) أستاذة التحويل هي صاحبة الشطرنج.. يبقى أمامنا تعاويذ (سنايب) و(كويريل)...».

ووصلا إلى باب آخر.

همس (هاري): «هل ندفعه؟».

(هرمايني): «هيا».

دفع (هاري) الباب.. وملأت أنفيهما رائحة كريهة.. جعلت كليهما يرفعان العباءات لتغطية أنفيهما، وقد دمعت أعينهما ورأيا جسد غول أكبر من الذي قاتلوه من قبل وهو ملقى ميتًا على الأرض.. وقد أصيب في رأسه!

وهمس (هاري) بينما يخطو بحذر فوق قدميه الضخمتين: «من حسن الحظ أننا لم نضطر لمواجهة هذا الوحش! هيا بنا.. لا أستطيع التنفس».

وعبرا فوقه إلى باب آخر دفعاه ونظرا بخوف إلى الداخل.. لكن.. لا شيء مخيف.. مجرد مائدة عليها سبع زجاجات ذات أشكال مختلفة تقف في صف واحد!

قال (هاري): «هذه تعويذة (سنايب)! ماذا علينا أن نفعل؟».

وتقدما إلى الأمام..وفي الحال، اشتعلت نار بنفسجية في الباب خلفهما.. ونيران سوداء في الباب أمامهما!

قال (هاري): «نحن في مصيدة..ماذا نفعل!»

أمسكت (هرمايني) بورقة سميكة على المائدة بجوار الزجاجات، ونظر (هاري) من فوق كتفها ليقرأ:

«الخطر أمامك والأمان خلفك..

اثنان منا فقط يستطيعان مساعدتك

سبع نحن، لكن واحدة فقط تتقدم بها

وأخرى ستعيدك إلى الخلف إذا شربتها

اثنتان بهما خمر ستثبط همتك

وثلاث بها سم قاتل ينتظرك

عليك أن تختار إلا إذا أردت البقاء هنا للأبد

وسنعطيك أربعة مفاتيح تساعدك

الأول، أنه مهما حاول السم التخفي بدهاء

فسوف تجد دائمًا بعضًا منه على يسار الخمر.

الثاني، أنه رغم اختلاف من يقفون على طرفي النقيض

لكنك لو تقدمت إلى الأمام فلن تجد لك صديقًا

الثالث، أنك طبعًا ترى اختلاف أحجامنا

لاحظ أنك لن تجد الموت في أكبرنا ولا أصغرنا.

الرابع، أن الثانية من اليسار والثانية من اليمين

لهما نفس الطعم ولو اختلف شكلاهما.

وأخيرًا تنهدت (هرمايني) بارتياح.. واستغرب (هاري) عندما وجدها تبتسم وهو آخر شيء يمكن أن يفكر بفعله الآن.

قالت (هرمايني): «رائع.. إنه لغز يحتاج إلى إعمال العقل وليس السحر.. يحتاج إلى حل بالتفكير السليم! وقد يحتار القارئ فيه إلى الأبد!».

(هاري): «ونحن أيضًا؟».

قالت: «طبعًا لا.. كل ما نريده هنا على الورق.. سبع زجاجات.. ثلاث منها بها سموم.. واثنتان بهما خمر..وواحدة نعبر بها بسلام النيران البنفسجية.. وأخرى للنيران السوداء!».

(هاري): «ولكن..كيف نعرفها؟».

قالت: «انتظر دقيقة!».

أخذت (هرمايني) تقرأ الورقة عدة مرات وتمر على الزجاجات، وهي تتمتم لنفسها وتشير إليهما، ثم توقفت وصفقت بيديها، وأشارت إلى أصغر الزجاجات وقالت: «هذه الزجاجة تشرب ما بها..تمر من النيران السوداء وتصل إلى الحجر!».

نظر (هاري) إلى الزجاجة وقال: «ولكن ما بها قليل جدًّا.. يكفي شخصًا واحدًا بالكاد!».

ونظرا أحدهما إلى الآخر.

وقال (هاري): «أيهما تعبر النيران البنفسجية؟».

أشارت (هرمايني) إلى زجاجة مستديرة في آخر الجانب الأيمن وقالت: «هذه!».

قال (هاري): «حسنًا.. اشربي ما بها.. لا، اسمعي.. اعبري النيران.. واصطحبي معك (رون) وبواسطة المقشات الموجودة في غرفة المفاتيح الطائرة يمكنكما الخروج من الباب الأرضي والمرور عبر (فلافي) إلى الخارج.. اذهبا مباشرة إلى بيت البوم.. وأرسلي (هيدويج) برسالة عاجلة إلى (دمبلدور).. فنحن في حاجة شديدة له..قد أستطيع أن أؤخر (سنايب) قليلًا.. ولكنني لست ندًّا له!».

(هرمايني): «ولكن يا (هاري) ــ ماذا إذا كان (أنت ــ تعرف ــ من) معه؟!».

قال (هاري) وهو يشير إلى ندبته: «حسنًا، لقد سبق أن كنت محظوظًا معه.. ربما يحالفني الحظ هذه المرة أيضًا!».

ارتعشت شفتا (هرمايني) واندفعت نحو (هاري) فجأة واحتضنته.

«(هرمايني)!».

«أنت ساحر عظيم يا (هاري)..أتعرف ذلك؟».

قال (هاري) وقد شعر بالحرج بعد أن تركته: «لست في مستوى براعتك».

قالت (هرمايني): «أنا! الكتب! والمهارة! هناك أشياء أهم منهما.. الصداقة والشجاعة و.. آه يا (هاري).. كن حذرًا!».

قال (هاري): «هيا.. اشربي أنت أولًا. أنت متأكدة أنها الزجاجة الصحيحة؟».

قالت (هرمايني): «طبعًا»، وأخذت جرعة كبيرة من الزجاجة المستديرة، ثم ارتعدت.

قال (هاري) بقلق: «إنها ليست سمًّا؟».

قالت: «لا، ولكنها كالثلج!».

قال: «أسرعي! قبل أن ينتهي مفعولها!».

قالت: «حظ سعيد..وكن حذرًا!».

قال: «هيا.. اذهبي!».

واستدارت (هرمايني) وعبرت النيران البنفسجية..

وأخذ (هاري) نفسًا عميقًا وأمسك بالزجاجة الصغيرة.. واستدار مواجهًا النيران السوداء.

وقال: «هأنذا قادم» ثم شرب ما في القنينة في جرعة واحدة.

وشعر فعلًا بأنه أصبح كتلة من الجليد، ثم وضع الزجاجة وتقدم إلى الأمام وقد وضع يديه حول ذراعيه وشاهد اللهب الأسود ملتصقًا به، لكنه لم يحس بتأثير النيران..ومرت لحظة لم يكن يرى فيها شيئًا سوى النيران السوداء، ثم وصل إلى الحجرة التالية؛ الحجرة الأخيرة!

كان هناك شخص بالفعل! لكنه لم يكن (سنايب).. ولا حتى (فولدمور)! !