×

We use cookies to help make LingQ better. By visiting the site, you agree to our cookie policy.


image

هاري بوتر وحجر الفيلسوف, ١٤ نوربرت..التنين النرويجي

١٤ نوربرت..التنين النرويجي

يبدو أن (كويريل) كان أشجع مما تصوروا، فرغم أنه خلال الأسابيع التي تلت هذه الأحداث أصبح أكثر هزالًا واصفرارًا، فإنه لم يبدُ عليه أنه قد استسلم!

وفي كل مرة يسير (هاري) و(رون) و(هرمايني) بجوار الممر في الدور الثالث ــ كانوا يلصقون آذانهم بالباب؛ ليتأكدوا من وجود (فلافي) في الداخل يصدر نباحه المكتوم.. أما (سنايب)، فكان يدور حول المكان بغضبه المعهود؛ وهو ما طمأنهم أن الحجر لا يزال في أمان. وكان (هاري) كلما رأى (كويريل) ابتسم له مشجعًا وأصبح، (رون) يطلب من التلاميذ التوقف عندما كانوا يضحكون من طريقته في الكلام.

في ذلك الوقت، كانت (هرمايني) تهتم بشيء آخر بخلاف حجر الفيلسوف.. فقد بدأت بوضع جدول للمراجعة النهائية، وقائمة بكل المذكرات؛ استعدادًا للامتحانات..وأخذت تحث (هاري) و(رون) على أن يفعلا مثلها.

(رون): «الامتحانات لا تزال بعيدة جدًّا يا (هرمايني)».

قالت (هرمايني) بحزم: «ليست عشرة أسابيع بالزمن الطويل.. إنها مثل الثانية بالنسبة لـ(نيكولاس فلاميل)».

قال (رون) مذكرًا إياها: «ولكن عمرنا ليس ستمائة سنة.. وعلى أية حال، لماذا تراجعين أصلًا.. أنك تعرفين كل شيء بالفعل».

(هرمايني): «لماذا أراجع؟!! أمجنون أنت؟!! ألا تدرك أننا يجب أن ننجح في هذه الامتحانات حتى ننتقل للسنة الثانية؟ إنها مهمة جدًّا. كان يجب أن أبدأ في المذاكرة منذ شهر على الأقل.. لا أعرف ما الذي حدث لي..».

لكن الأساتذة كانوا في صف (هرمايني).. وقد كثفوا الواجبات المدرسية.. حتى لم يعد لديهم أي وقت للراحة.. ولم تكن أعياد (عيد الفصح) ممتعة مثل الكريسماس، وكان من الصعب أن يخلد أي شخص للراحة، بينما (هرمايني) تكرر الاستخدامات الاثني عشر لدماء التنين، أو تتدرب على حركة العصا، وقضى (هاري) و(رون) وقتهما معها في المكتبة، وهما لا ينقطعان عن التأوه والتثاؤب، محاولين إنهاء الواجبات الإضافية التي يعطيها لهم المدرسون!

بعد ظهر أحد الأيام، انفجر (رون) قائلًا: «مهما فعلت، فلن أتذكر كل هذا..»، ثم رمى ريشته ونظر من نافذة المكتبة.. إنه أول يوم من الأيام الجميلة التي يصفو فيها الجو منذ شهور.. كانت السماء زرقاء صافية، والهواء يبشر بقدوم الصيف!

كان (هاري) غارقًا في البحث عن كلمة «ديتاني» في كتاب (مائة عشب وطحلب سحري) ولم يرفع نظره حتى سمع (رون) يقول: «(هاجريد).. ماذا تفعل في المكتبة؟».

وظهر (هاجريد) بوضوح أمامهم وهو يخفي شيئًا وراء ظهره، وكان منظره بمعطفه الجلدي لا يتلاءم مع المكان!

قال لهم بصوت مراوغ لفت نظرهم: «أُلقي نظرة!». ثم نظر إليهم بشك وقال: «وأنتم.. ماذا تفعلون؟ هل لا تزالون تبحثون عن (نيكولاس فلاميل)؟!».

قال (رون) بحماس: «ياه! لقد عرفنا كل شيء عنه منذ وقت طويل ونعرف ما يحرسه هذا الكلب، إنه حجر الفيلـ...».

صرخ (هاجريد): «هش شش».. ونظر حوله بسرعة؛ ليرى إذا كان هناك من يستمع إليهم.. وقال: «لا ترفعا صوتيْكما بمثل هذا الكلام!».

قال (هاري): «لدينا بعض الأسئلة نريد أن نوجهها إليك. مثلًا: ما الأشياء التي تحرس الحجر مع (فلافي).. و...؟».

قال (هاجريد) مرة أخرى: «هش شش.. اسمعوا.. تعالوا لنتناول الشاي، أنا لا أعدكم بقول أي شيء.. ولكن لا تجهروا بهذا الكلام هنا.. ليس من المفترض أن يعرف التلاميذ شيئًا عن هذا الموضوع! سيظنون أنني أخبرتكم..».

قال (هاري): «حسنًا.. سوف نراك قريبًا..».

وأسرع (هاجريد) بالخروج..

سألت (هرمايني): «ما الذي يخفيه وراء ظهره؟».

(هاري): «هل تظنين أنه شيء له علاقة بالحجر؟».

قال (رون) الذي كان قد ملَّ من المذاكرة: «سأذهب إلى القسم الذي كان فيه!».

غاب دقيقة، وعاد وهو يحمل بعض الكتب.. ألقاها على المنضدة وقال هامسًا: «كلها حول التنين.. انظروا إلى عناوين هذه الكتب: (أنواع التنين في إنجلترا وإيرلندا) و(من البيضة وحتى اللهب) و(دليل مربي التنين)».

قال (هاري): «كان (هاجريد) يتمنى دائمًا أن يكون لديه تنين.. هذا ما قاله لي في أول مرة التقينا فيها!».

قال (رون): «لكن هذا مخالف لقوانيننا.. لقد تم تحريم تربية التنين طبقًا لميثاق السحرة لعام ١٧٠٩. والجميع يعرفون ذلك. فمن الصعب ألا يتعرف عليك العامة إذا احتفظت بتنين في فناء منزلك الخلفي.. كما أنه لا يمكن استئناس التنين؛ فهو في منتهى الخطورة.. يجب أن ترى الحروق التي أصيب بها (تشارلز) من التنينات البرية في رومانيا!».

قال (هاري): «ألا توجد تنينات برية في بريطانيا؟».

قال (رون): «موجودة بالطبع.. هناك تنين مقاطعة (ويلز) الأخضر العادي، وتنين منطقة (هيبريدز) الأسود. لكن وزارة السحر تقوم بجهود كبيرة لإخفاء أمر وجودها.. ولمعلوماتك فإن جماعتنا يجب أن تستمر بإلقاء التعاويذ على العامة الذين يشاهدونها حتى ينسوا ما رأوه».

سألت (هرمايني): «إذًا.. ما الذي ينويه (هاجريد)؟».

بعد ساعة، وصلوا إلى كوخ (هاجريد) الخشبي.. ودهشوا عندما لاحظوا أن (هاجريد) قد أسدل الستائر على جميع النوافذ، وقبل أن يسمح لهم بالدخول سأل قائلًا: «مَنْ بالباب؟»، ثم أغلق الباب بسرعة بعد دخولهم.

كان الجو حارًّا في الداخل.. فرغم أنه كان يومًا دافئًا.. فإن (هاجريد) أشعل نيرانًا قوية.. وصنع لهم الشاي.. وعرض عليهم بعض «السندوتشات» لكنهم رفضوا.

قال: «إذًا.. ما الذي تريدون السؤال عنه؟».

قال (هاري): «نحن نتساءل إذا كان من الممكن أن تخبرنا عن الأشياء التي تحرس الحجر، بالإضافة إلى (فلافي)؟».

عبس (هاجريد) في وجهه وقال: «بالطبع لا أستطيع.. أولًا.. لأنني لا أعرف. وثانيًا.. لأنكم تعرفون الآن بالفعل أكثر مما ينبغي، كل ما أستطيع أن أخبركم به هو أن هذا الحجر موجود هنا لسبب مهم؛ لقد كاد يُسرق في (جرينجوتس).. أتوقع أنكم قد استنتجتم كل ذلك.. إنني حائر، كيف علمتم بأمر (فلافي)؟».

قالت (هرمايني) بصوت دافئ متملق: «اسمع يا (هاجريد).. ربما لا تريد أن تخبرنا.. لكننا متأكدون أنك لا تخفَى عنك خافية مما يدور هنا». اهتزت لحية (هاجريد) فعرفوا أنه يبتسم، وأكملت (هرمايني) قائلة: «نحن فقط نريد أن نعرف من الذي صنع هذه الحراسة؟ من الذي وضع (دمبلدور) ثقته فيهم؟ فنحن نعرف أنه لا يثق إلا بك!». وانتفخ صدر (هاجريد) عندما سمع هذه الكلمات الأخيرة، وابتسم (هاري) و(رون) لـ(هرمايني).

قال (هاجريد): «حسنًا.. لا أظن أنني سأسبب الأذى لأي شخص لو قلت لكم.. فلنر.. لقد استعار (فلافي) مني.. كما وضع بعض المدرسين تعاويذ الأستاذة (سبراوت) ــ الأستاذ (فليتويك) ــ الأستاذة (ماكجونجال)..». وأخذ يعدُّهم على أصابعه وأضاف: «وهناك أيضًا الأستاذ (كويريل) و(دمبلدور) نفسه صنع شيئًا بالطبع.. انتظروا، لقد نسيت اسمًا.. آه، الأستاذ (سنايب)».

«(سنايب)؟! !».

قال: «نعم.. هل ما زلتم تعتقدون أنه يحاول سرقته؟ لقد اشترك (سنايب) في حماية الحجر.. ومن غير المعقول أن يحاول سرقته».

وعرف (هاري) أن (هرمايني) و(رون) يفكران في الشيء نفسه الذي يفكر فيه؛ وهو أنه إذا كان (سنايب) قد اشترك في حماية الحجر، فقد كان سهلًا عليه أن يعرف كيف قام باقي المدرسين بحماية الحجر، وربما هو على علم بكل شيء ما عدا تعويذة (كويريل) وطريقة المرور من (فلافي)..

سأله (هاري) قلقًا: «أظن أنك أنت الوحيد الذي يعرف طريقة المرور من فلافي..ولن تخبر أحدًا بهذا! ولا حتى أحد الأساتذة!».

رد (هاجريد) بفخر: «طبعًا.. لا أحد ما عدا (دمبلدور)!».

نظر (هاري) إلى زميليه وقال: «حسنًا، هذا شيء جيد.. (هاجريد)، هل يمكن أن تفتح نافذة؟ فالجو شديد الحرارة هنا!».

قال (هاجريد): «آسف يا (هاري)..لا أستطيع!».

لاحظ (هاري) أنه ينظر إلى النيران، ونظر إليها (هاري) بدوره!

(هاري): «(هاجريد).. ما هذا؟».

ولكنه عرف ما هو.. في قلب النيران، تحت إبريق الشاي.. كانت ترقد بيضة سوداء عملاقة!

قال (هاجريد) وهو يمسك لحيته بعصبية: «آه... إنها.. إنها...».

سأله (رون) وهو يقترب من النيران؛ لينظر إلى البيضة: «(هاجريد).. مِنْ أين أتيت بها؟ لابد أنك دفعت فيها ثمنًا باهظًا!».

قال (هاجريد): «لا.. لقد فزت بها.. كنت بالأمس في القرية.. واشتركت في بعض ألعاب الورق مع رجل غريب.. وأظن أنه كان سعيدًا بالتخلص منها!».

قالت (هرمايني): «لكن ماذا ستفعل بعد أن تُفقس البيضة؟».

قال وهو يسحب كتابًا ضخمًا من تحت الوسادة: «لقد قمت ببعض القراءات.. انظروا.. أحضرت هذا الكتاب من المكتبة (تربية التنين من أجل التسلية والربح).. إنه كتاب قديم بالطبع..ولكن به كل شيء.. احتفظ بالبيضة في النار؛ لأن أمه تنفخ فيه النار عادة.. وعندما يخرج التنين من البيضة، تطعمه جردلًا من الشراب، ودماء الدجاج كل نصف ساعة.. وهنا: كيف تفرق بين أنواع البيض؟ وما عندي بيضة تنين نرويجي.. إنه نوع نادر!».

وكان يبدو شديد السعادة، ولكن (هرمايني) كانت على عكسه.

قالت: «(هاجريد).. إنك تعيش في كوخ خشبي».

لكن (هاجريد) لم يكن يستمع، وأخذ يقلب النيران وهو يغني بمرح!

ومرت الأيام وقد زاد مشاغلهم أمرٌ آخر.. فماذا لو عرف أحد أن (هاجريد) يحتفظ بتنين غير قانوني في كوخه؟!

تنهد (رون) وقال: «أتساءل كيف سيكون الوضع لو عاش الإنسان حياة خالية من المشاكل». كانوا مشغولين ليلة بعد ليلة في الواجبات الإضافية التي كانت تُطلب منهم، وقد بدأت (هرمايني) الآن في عمل جداول مراجعة لـ(هاري) و(رون) أيضًا؛ مما زاد من ضيقهم.

ثم وفي أثناء الإفطار في أحد الأيام، أحضرت (هيدويج) رسالة أخرى من (هاجريد).. كان بها كلمتان فقط: «إنها تُفقس».

أراد (رون) أن يترك حصة علم النباتات ويتجه مباشرة إلى (هاجريد)، ولكن (هرمايني) رفضت!

قال (رون): «(هرمايني).. كم مرة في حياتنا ستسنح لنا فرصة رؤية تنين يخرج من البيضة؟».

قالت: «يجب أن نذهب إلى دروسنا.. إننا سنكون سببًا في مشاكل كبيرة لـ(هاجريد) لو اكتشف أحد سبب غيابنا».

همس (هاري): «هش.. سكوت!».

كان (مالفوي) يقف على بُعد خطوات.. وقد وقف ليستمع لحديثهم.. تُرَى، ما الذي سمعه؟ كانت نظراته الخبيثة تخيف (هاري)!

أخذ (رون) و(هرمايني) يتجادلان طوال الطريق إلى الحصة وأخيرًا، وافقت (هرمايني) على الذهاب في فترة الراحة الصباحية.. وعندما دق جرس انتهاء الدروس.. أسرع الثلاثة جريًا إلى الكوخ المجاور للغابة، وحيَّاهم (هاجريد) وهو يبدو منفعلًا وسعيدًا!

وأدخلهم قائلًا: «إنه على وشك الخروج!».

كانت البيضة فوق المائدة.. وقد ظهرت بها تشققات عميقة وشيء يتحرك بداخلها.. وصوت دقات غريبة تأتي منها.

سحبوا مقاعدهم.. والتفُّوا حول المائدة ينظرون وقد كتموا أنفاسهم! فجأة، تشققت البيضة.. وتحطمت.. وخرج التنين الصغير إلى المائدة.. كان جميلًا ومجعدًا.. يشبه مظلة سوداء.. له أجنحة طويلة مقارنة بجسمه النحيل.. كما كان له أنف طويل له فتحات واسعة، وقرون نابتة وعيون مستديرة بارزة..

وسعل..وخرجت شعلتان من أنفه!

همس (هاجريد): «أليس جميلًا؟».

ومد يده يربت على رأس التنين، ولعق التنين أصابعه، وظهرت أنيابه المرقطة!

قال (هاجريد): «حفظه الله.. إنه يعرف أمه!».

سألته (هرمايني): «(هاجريد)، ما مدى سرعة نمو التنين النرويجي؟».

وقبل أن يجيبها احمر وجهه غضبًا.. وقفز واقفًا وجرى إلى إحدى النوافذ!

«ماذا حدث؟».

قال: «رأيت تلميذًا ينظر من خلال فتحة الستائر.. لقد جرى عائدًا إلى المدرسة».

أسرع (هاري) ينظر من الباب، ونظر إلى بعيد..ورغم بُعد المسافة، لم يكن هناك شك.. لقد رأى (مالفوي) التنين!

طوال الأسبوع، كانت ابتسامة (مالفوي) الخبيثة تثير فيهم القلق والتوتر، وكانوا يقضون كل أوقات راحتهم عند (هاجريد)؛ محاولين أن يقنعوه بالتخلي عن التنين.. استحثه (هاري) قائلًا: «(هاجريد).. دعه يذهب.. أطلقه حرًّا!».

(هاجريد): «مستحيل.. إنه صغير.. سوف يموت!».

نظروا إلى التنين، كان حجمه قد تزايد ثلاث مرات في أسبوع واحد..وكان يخرج من أنفه شيئًا كالنيران.. أما (هاجريد)، فقد أهمل كل واجباته؛ فلم يعد لديه وقت إلا لرعاية التنين الصغير!

قال (هاجريد): «لقد قررت أن أطلق عليه اسم نوربرت.. إنه يعرفني الآن، انظروا (نوربرت).. (نوربرت) أين مامي؟».

همس (رون) في أذن (هاري): «لقد فقد عقله تمامًا!».

قال (هاري): «(هاجريد).. بعد أسبوعين، سيكون (نوربرت) أكبر من بيتك، وقد يذهب (مالفوي)؛ ليخبر (دمبلدور) في أي وقت!».

أغلق (هاجريد) فمه! ثم قال: «أعرف أنني لا أستطيع الاحتفاظ به إلى الأبد.. لكن لا يمكنني أن أرميه في الشارع.. مستحيل!».

تحول (هاري) فجأة إلى (رون) وقال: «(تشارلي)!».

قال (رون): «هل فقدت عقلك أنت أيضًا.. أنا (رون) ولست (تشارلي)؟!».

قال (هاري): «لا.. (تشارلي) شقيقك.. إنه في رومانيا يقوم بدراساته حول التنين، لو أرسلنا له (نوربرت) فسوف يقوم برعايته! ثم يطلق سراحه في موطنه!».

(رون): «فكرة رائعة.. ما رأيك يا (هاجريد)؟».

في النهاية، وافق (هاجريد) على أن يرسلوا بومة لـ(تشارلي) بشأن التنين!

في ليلة الأربعاء من الأسبوع التالي، جلس (هاري) و(هرمايني) في الغرفة العامة وحدهما، بعد أن نام الجميع.. وبمجرد أن دقت ساعة الحائط معلنةً منتصف الليل، فتحت فتحة اللوحة فجأة، وظهر (رون) أمامهما من العدم، بعد أن أسقط عباءة الإخفاء عنه.. كان في كوخ (هاجريد) يساعده في إطعام (نوربرت) الذي يأكل الفئران الآن.

قال (رون) وهو يظهر يده: «لقد عضني..».

كانت يده تنزف الدماء، وهي مربوطة بمنديل كبير، وواصل كلامه: «لن يكون بإمكاني أن أمسك ريشة الكتابة لمدة أسبوع على الأقل، هذا التنين هو أكبر حيوان متوحش رأيته في حياتي.. لكن (هاجريد) يعامله وكأنه أرنب صغير.. عندما عضني، عاتبني (هاجريد) قائلًا: «إنه فعل ذلك؛ لأنني بعثت فيه الخوف.. وعندما تركته كان يغني له إحدى أغاني النوم للأطفال!».

وسمعوا دقًّا رقيقًا على النافذة!

قال (هاري) وهو يسرع إلى الشباك: «إنها (هيدويج).. معها رسالة من (تشارلي)!».

ومد الثلاثة رءوسهم ليقرءوا الرد معًا!

«عزيزي (رون)..

كيف حالك؟ شكرًا على خطابك.. يسعدني الاهتمام بالتنين النرويجي.. لكن.. ليس من السهل إحضاره إلى هنا.. وأظن أن أفضل طريقة هي إرساله مع مجموعة من أصدقائي القادمين لزيارتي الأسبوع القادم! المشكلة الوحيدة أنه يجب ألا يراهم أحد وهم يحملون تنينًا غير قانوني!

هل تستطيع أن تصحبه إلى أعلى البرج في منتصف ليلة السبت؟

سيقابلونك هناك، ويأخذونه بعيدًا، بينما الظلام ما زال كاسيًا..

أرسل لي الرد بأسرع وقت ممكن!

المخلص

(تشارلي)».

تبادل الثلاثة النظرات..

قال (هاري): «لدينا عباءة الإخفاء.. إنها كبيرة بحيث يمكنها أن تلتف حول (نوربرت) واثنين منا!».

ووافقه (رون) و(هرمايني) فقد عانوا جميعًا أشد المعاناة خلال الأسبوع السابق. وكانوا مستعدين لعمل أي شيء من أجل التخلص من (نوربرت)، و(مالفوي).

ظهرت عقبة في اليوم التالي؛ استيقظ (رون) وقد اشتدت آلام يده.. وأصبحت متورمةً.. وخاف من الذهاب إلى مدام (بومفري)؛ فقد تتعرف على عضة التنين ولكنه لم يجد بدًّا من الذهاب في الظهيرة بعد أن تحول لون يده إلى لون أخضر غريب.

في نهاية اليوم الدراسي، ذهبت (هرمايني) و(هاري) لزيارته في جناح المستشفى، ووجداه بالفراش في حالة سيئة.

وهمس (رون) قائلًا لهم: «إنها ليست يدي فقط، رغم أنني أشعر أنها على وشك الوقوع مني؛ ولكن (مالفوي) أخبر مدام (بومفري) أنه يريد استعارة كتاب مني لكي يأتي إلى هنا ويسخر مني، وهددني بالذهاب إلى مدام (بومفري) وإخبارها بما عَضَّنِي، وكنت قد أخبرتها أنها عضة كلب! ولكنني أعتقد أنها لم تصدقني. كان يجب ألا أضربه في مباراة (الكويدتش)؛ هذا سبب كل ما يفعله».

حاول (هاري) و(هرمايني) تهدئة (رون).

وقالت (هرمايني): «إن الأمر سينتهي ليلة السبت».. ولكن كلامها لم يُطمئن (رون) بل على العكس فقد اعتدل جالسًا في سريره فجأة، وصاح بعصبية: «ليلة السبت! آه.. لا.. يا إلهي! لقد تذكرت الآن.. إن رسالة تشارلي موجودة داخل الكتاب الذي أخذه (مالفوي).. سيعرف الآن أننا سنتخلص من (نوربرت)!».

لم يستطع (هاري) ولا (هرمايني) الرد على (رون).. فقد حضرت مدام (بومفري) وطلبت منهما الخروج؛ لأن (رون) في حاجة إلى الراحة!

قال (هاري) لـ(هرمايني): «ليس لدينا الوقت الكافي لنرسل إلى (تشارلي) لتعديل الخطة، كما أنها قد تكون فرصتنا الوحيدة لنتخلص من (نوربرت).. لا مفر من المخاطرة.. ثم إن لدينا عباءة الإخفاء.. و(مالفوي) لا يعرف شيئًا عنها!».

عندما ذهبَا إلى (هاجريد) للاتفاق معه، كان كلبه في الخارج مربوط الذيل، وفتح (هاجريد) الشباك وقال لهما: «لا أستطيع أن أدعكما تدخلان؛ لأن (نوربرت) في مرحلة حرجة، لكن الأمر تحت السيطرة».

وعندما سمع بالأخبار، امتلأت عيناه بالدموع، وربما كان ذلك بسبب عض التنين لساقه، ولكنه قال: «آهٍ! لا بأس، لقد وصل إلى حذائي فقط.. إنه يلعب معي فقط.. فهو لا يزال طفلًا صغيرًا على أية حال».

وضرب الطفل الصغير الحائط بذيله، فاهتزت النوافذ، وعادا إلى القلعة وهما يتمنيان لو جاء يوم السبت سريعًا!

وكانا يشعران بالأسف من أجل (هاجريد).. عندما حان وقت وداعه لـ(نوربرت) لولا أنهما كانا في قمة القلق مما سيقومان بفعله، كانت الليلة مظلمة، والسماء مليئة بالسحب وكانا قد تأخرا في الوصول إلى كوخ (هاجريد).. لأنهما اضطرا لانتظار انصراف (بيف) وابتعاده عن طريقهما والذي كان يلعب التنس مع الحائط في بهو الدخول!

كان (هاجريد) مستعدًّا.. وقد وضع (نوربرت) في قفص متين، وقال: «وضعت له عددًا كافيًا من الفئران، وبعض الشراب من أجل الرحلة! ومعه أيضًا دبُّه الصغير؛ ليلعب به إذا شعر بالوحدة».

وكان صوته مختنقًا بالبكاء!

«مع السلامة يا (نوربرت).. لن تنساك ماما أبدًا!».

وغطى (هاري) و(هرمايني) القفص بالعباءة ودخلا تحتها..

كيف سينجحان في الوصول إلى أعلى البرج..لم يعرفا قط.

كان الوقت قد قارب منتصف الليل وهما يلهثان حامليْن (نوربرت) عبر السلالم الرخامية في المدخل، ثم إلى بهو الدخول، ثم إلى سلالم أخرى، والعديد من الممرات المظلمة ثم سلالم ثالثة.. وهكذا.

قال (هاري) وهما يصلان إلى آخر ممر تحت البرج العالي: «وصلنا.. تقريبًا!».

ثم سمعا أصواتًا أمامهما جعلتهما يكادان يُسقطان القفص من أيديهما.. وقد نسيا أنهما غير مرئيين، ونظرا في الظلام إلى خيال اثنين من الناس يواجهان بعضهما على بُعد خطوات، وقد ارتفع ضوء مصباح!

كانت الأستاذة (ماكجونجال) بملابس النوم تمسك (مالفوي) من أذنه قائلةً: «أمسكت بك.. تُخصم عشرون درجة من (سليذرين).. تتجول في منتصف الليل.. كيف تجرؤ؟».

صاح (مالفوي): «يا أستاذة.. إنه (هاري بوتر).. إنه قادم.. ومعه تنين!».

قالت: «ما هذا الكلام الفارغ! وتجرؤ على قص الأكاذيب أيضًا.. هيَّا.. تعالَ.. سوف أذهب إلى الأستاذ (سنايب) بخصوصك يا (مالفوي)!».

كانت الدرجات الباقية إلى سطح البرج هي أسهل ما قاما به بعد ذلك، ووصلا إلى المكان، وشعرا بهواء الليل البارد، وهما يتركان القفص فوق الأرض.. وألقيا عنهما العباءة.. وتنفسا بعمق، وقفزت (هرمايني) في الهواء!

قالت: «سيتم احتجاز (مالفوي).. أريد أن أغني!».

قال (هاري) ناصحًا: «لا..لا تفعلي!».

انتظرا عشر دقائق، ثم وصلت أربع مقشات ترفرف في الهواء، وهبطت في الظلام!

كان أصحاب (تشارلي) مجموعة مرحة.. وشاهد (هاري) و(هرمايني) كيف ربطوا القفص بأغلال متينة؛ حتى يتمكنوا من رفعه بينهم، ثم بعد أن انتهوا صافحهم (هاري) و(هرمايني).. وشكراهم بكل حرارة!

أخيرًا، ها هو ذا (نوربرت).. يذهب.. بعيدًا.. بعيدًا.. بعيدًا..

وأسرعا يهبطان السلالم.. وقلباهما يرقصان فرحًا.. الآن.. لا يوجد نوربرت.. لا يوجد تنين.. و(مالفوي) محبوس.. ما الذي يمنعهما من السعادة؟!

كانت الإجابة تنتظرهما أسفل السلم، وبمجرد أن وصلا إلى الممر، ظهر وجه (فيلش) فجأة في الظلام!

قال: «أهلًا.. أهلًا.. أهلًا.. أظن أن البعض قد وقع في مشكلة كبيرة!»

كانا قد نسيا العباءة على سطح البرج!! !


١٤ نوربرت..التنين النرويجي 14 Norbert..Norwegian Dragon 14 Norbert..Dragon Norvégien 14 Norbert..Norveç Ejderhası

يبدو أن (كويريل) كان أشجع مما تصوروا، فرغم أنه خلال الأسابيع التي تلت هذه الأحداث أصبح أكثر هزالًا واصفرارًا، فإنه لم يبدُ عليه أنه قد استسلم!

وفي كل مرة يسير (هاري) و(رون) و(هرمايني) بجوار الممر في الدور الثالث ــ كانوا يلصقون آذانهم بالباب؛ ليتأكدوا من وجود (فلافي) في الداخل يصدر نباحه المكتوم.. أما (سنايب)، فكان يدور حول المكان بغضبه المعهود؛ وهو ما طمأنهم أن الحجر لا يزال في أمان. وكان (هاري) كلما رأى (كويريل) ابتسم له مشجعًا وأصبح، (رون) يطلب من التلاميذ التوقف عندما كانوا يضحكون من طريقته في الكلام.

في ذلك الوقت، كانت (هرمايني) تهتم بشيء آخر بخلاف حجر الفيلسوف.. فقد بدأت بوضع جدول للمراجعة النهائية، وقائمة بكل المذكرات؛ استعدادًا للامتحانات..وأخذت تحث (هاري) و(رون) على أن يفعلا مثلها.

(رون): «الامتحانات لا تزال بعيدة جدًّا يا (هرمايني)».

قالت (هرمايني) بحزم: «ليست عشرة أسابيع بالزمن الطويل.. إنها مثل الثانية بالنسبة لـ(نيكولاس فلاميل)».

قال (رون) مذكرًا إياها: «ولكن عمرنا ليس ستمائة سنة.. وعلى أية حال، لماذا تراجعين أصلًا.. أنك تعرفين كل شيء بالفعل».

(هرمايني): «لماذا أراجع؟!! أمجنون أنت؟!! ألا تدرك أننا يجب أن ننجح في هذه الامتحانات حتى ننتقل للسنة الثانية؟ إنها مهمة جدًّا. كان يجب أن أبدأ في المذاكرة منذ شهر على الأقل.. لا أعرف ما الذي حدث لي..».

لكن الأساتذة كانوا في صف (هرمايني).. وقد كثفوا الواجبات المدرسية.. حتى لم يعد لديهم أي وقت للراحة.. ولم تكن أعياد (عيد الفصح) ممتعة مثل الكريسماس، وكان من الصعب أن يخلد أي شخص للراحة، بينما (هرمايني) تكرر الاستخدامات الاثني عشر لدماء التنين، أو تتدرب على حركة العصا، وقضى (هاري) و(رون) وقتهما معها في المكتبة، وهما لا ينقطعان عن التأوه والتثاؤب، محاولين إنهاء الواجبات الإضافية التي يعطيها لهم المدرسون!

بعد ظهر أحد الأيام، انفجر (رون) قائلًا: «مهما فعلت، فلن أتذكر كل هذا..»، ثم رمى ريشته ونظر من نافذة المكتبة.. إنه أول يوم من الأيام الجميلة التي يصفو فيها الجو منذ شهور.. كانت السماء زرقاء صافية، والهواء يبشر بقدوم الصيف!

كان (هاري) غارقًا في البحث عن كلمة «ديتاني» في كتاب (مائة عشب وطحلب سحري) ولم يرفع نظره حتى سمع (رون) يقول: «(هاجريد).. ماذا تفعل في المكتبة؟».

وظهر (هاجريد) بوضوح أمامهم وهو يخفي شيئًا وراء ظهره، وكان منظره بمعطفه الجلدي لا يتلاءم مع المكان!

قال لهم بصوت مراوغ لفت نظرهم: «أُلقي نظرة!». ثم نظر إليهم بشك وقال: «وأنتم.. ماذا تفعلون؟ هل لا تزالون تبحثون عن (نيكولاس فلاميل)؟!».

قال (رون) بحماس: «ياه! لقد عرفنا كل شيء عنه منذ وقت طويل ونعرف ما يحرسه هذا الكلب، إنه حجر الفيلـ...».

صرخ (هاجريد): «هش شش».. ونظر حوله بسرعة؛ ليرى إذا كان هناك من يستمع إليهم.. وقال: «لا ترفعا صوتيْكما بمثل هذا الكلام!».

قال (هاري): «لدينا بعض الأسئلة نريد أن نوجهها إليك. مثلًا: ما الأشياء التي تحرس الحجر مع (فلافي).. و...؟».

قال (هاجريد) مرة أخرى: «هش شش.. اسمعوا.. تعالوا لنتناول الشاي، أنا لا أعدكم بقول أي شيء.. ولكن لا تجهروا بهذا الكلام هنا.. ليس من المفترض أن يعرف التلاميذ شيئًا عن هذا الموضوع! سيظنون أنني أخبرتكم..».

قال (هاري): «حسنًا.. سوف نراك قريبًا..».

وأسرع (هاجريد) بالخروج..

سألت (هرمايني): «ما الذي يخفيه وراء ظهره؟».

(هاري): «هل تظنين أنه شيء له علاقة بالحجر؟».

قال (رون) الذي كان قد ملَّ من المذاكرة: «سأذهب إلى القسم الذي كان فيه!».

غاب دقيقة، وعاد وهو يحمل بعض الكتب.. ألقاها على المنضدة وقال هامسًا: «كلها حول التنين.. انظروا إلى عناوين هذه الكتب: (أنواع التنين في إنجلترا وإيرلندا) و(من البيضة وحتى اللهب) و(دليل مربي التنين)».

قال (هاري): «كان (هاجريد) يتمنى دائمًا أن يكون لديه تنين.. هذا ما قاله لي في أول مرة التقينا فيها!».

قال (رون): «لكن هذا مخالف لقوانيننا.. لقد تم تحريم تربية التنين طبقًا لميثاق السحرة لعام ١٧٠٩. والجميع يعرفون ذلك. فمن الصعب ألا يتعرف عليك العامة إذا احتفظت بتنين في فناء منزلك الخلفي.. كما أنه لا يمكن استئناس التنين؛ فهو في منتهى الخطورة.. يجب أن ترى الحروق التي أصيب بها (تشارلز) من التنينات البرية في رومانيا!».

قال (هاري): «ألا توجد تنينات برية في بريطانيا؟».

قال (رون): «موجودة بالطبع.. هناك تنين مقاطعة (ويلز) الأخضر العادي، وتنين منطقة (هيبريدز) الأسود. لكن وزارة السحر تقوم بجهود كبيرة لإخفاء أمر وجودها.. ولمعلوماتك فإن جماعتنا يجب أن تستمر بإلقاء التعاويذ على العامة الذين يشاهدونها حتى ينسوا ما رأوه».

سألت (هرمايني): «إذًا.. ما الذي ينويه (هاجريد)؟».

بعد ساعة، وصلوا إلى كوخ (هاجريد) الخشبي.. ودهشوا عندما لاحظوا أن (هاجريد) قد أسدل الستائر على جميع النوافذ، وقبل أن يسمح لهم بالدخول سأل قائلًا: «مَنْ بالباب؟»، ثم أغلق الباب بسرعة بعد دخولهم.

كان الجو حارًّا في الداخل.. فرغم أنه كان يومًا دافئًا.. فإن (هاجريد) أشعل نيرانًا قوية.. وصنع لهم الشاي.. وعرض عليهم بعض «السندوتشات» لكنهم رفضوا.

قال: «إذًا.. ما الذي تريدون السؤال عنه؟».

قال (هاري): «نحن نتساءل إذا كان من الممكن أن تخبرنا عن الأشياء التي تحرس الحجر، بالإضافة إلى (فلافي)؟».

عبس (هاجريد) في وجهه وقال: «بالطبع لا أستطيع.. أولًا.. لأنني لا أعرف. وثانيًا.. لأنكم تعرفون الآن بالفعل أكثر مما ينبغي، كل ما أستطيع أن أخبركم به هو أن هذا الحجر موجود هنا لسبب مهم؛ لقد كاد يُسرق في (جرينجوتس).. أتوقع أنكم قد استنتجتم كل ذلك.. إنني حائر، كيف علمتم بأمر (فلافي)؟».

قالت (هرمايني) بصوت دافئ متملق: «اسمع يا (هاجريد).. ربما لا تريد أن تخبرنا.. لكننا متأكدون أنك لا تخفَى عنك خافية مما يدور هنا». اهتزت لحية (هاجريد) فعرفوا أنه يبتسم، وأكملت (هرمايني) قائلة: «نحن فقط نريد أن نعرف من الذي صنع هذه الحراسة؟ من الذي وضع (دمبلدور) ثقته فيهم؟ فنحن نعرف أنه لا يثق إلا بك!». وانتفخ صدر (هاجريد) عندما سمع هذه الكلمات الأخيرة، وابتسم (هاري) و(رون) لـ(هرمايني).

قال (هاجريد): «حسنًا.. لا أظن أنني سأسبب الأذى لأي شخص لو قلت لكم.. فلنر.. لقد استعار (فلافي) مني.. كما وضع بعض المدرسين تعاويذ الأستاذة (سبراوت) ــ الأستاذ (فليتويك) ــ الأستاذة (ماكجونجال)..». وأخذ يعدُّهم على أصابعه وأضاف: «وهناك أيضًا الأستاذ (كويريل) و(دمبلدور) نفسه صنع شيئًا بالطبع.. انتظروا، لقد نسيت اسمًا.. آه، الأستاذ (سنايب)».

«(سنايب)؟! !».

قال: «نعم.. هل ما زلتم تعتقدون أنه يحاول سرقته؟ لقد اشترك (سنايب) في حماية الحجر.. ومن غير المعقول أن يحاول سرقته».

وعرف (هاري) أن (هرمايني) و(رون) يفكران في الشيء نفسه الذي يفكر فيه؛ وهو أنه إذا كان (سنايب) قد اشترك في حماية الحجر، فقد كان سهلًا عليه أن يعرف كيف قام باقي المدرسين بحماية الحجر، وربما هو على علم بكل شيء ما عدا تعويذة (كويريل) وطريقة المرور من (فلافي)..

سأله (هاري) قلقًا: «أظن أنك أنت الوحيد الذي يعرف طريقة المرور من فلافي..ولن تخبر أحدًا بهذا! ولا حتى أحد الأساتذة!».

رد (هاجريد) بفخر: «طبعًا.. لا أحد ما عدا (دمبلدور)!».

نظر (هاري) إلى زميليه وقال: «حسنًا، هذا شيء جيد.. (هاجريد)، هل يمكن أن تفتح نافذة؟ فالجو شديد الحرارة هنا!».

قال (هاجريد): «آسف يا (هاري)..لا أستطيع!».

لاحظ (هاري) أنه ينظر إلى النيران، ونظر إليها (هاري) بدوره!

(هاري): «(هاجريد).. ما هذا؟».

ولكنه عرف ما هو.. في قلب النيران، تحت إبريق الشاي.. كانت ترقد بيضة سوداء عملاقة!

قال (هاجريد) وهو يمسك لحيته بعصبية: «آه... إنها.. إنها...».

سأله (رون) وهو يقترب من النيران؛ لينظر إلى البيضة: «(هاجريد).. مِنْ أين أتيت بها؟ لابد أنك دفعت فيها ثمنًا باهظًا!».

قال (هاجريد): «لا.. لقد فزت بها.. كنت بالأمس في القرية.. واشتركت في بعض ألعاب الورق مع رجل غريب.. وأظن أنه كان سعيدًا بالتخلص منها!».

قالت (هرمايني): «لكن ماذا ستفعل بعد أن تُفقس البيضة؟».

قال وهو يسحب كتابًا ضخمًا من تحت الوسادة: «لقد قمت ببعض القراءات.. انظروا.. أحضرت هذا الكتاب من المكتبة (تربية التنين من أجل التسلية والربح).. إنه كتاب قديم بالطبع..ولكن به كل شيء.. احتفظ بالبيضة في النار؛ لأن أمه تنفخ فيه النار عادة.. وعندما يخرج التنين من البيضة، تطعمه جردلًا من الشراب، ودماء الدجاج كل نصف ساعة.. وهنا: كيف تفرق بين أنواع البيض؟ وما عندي بيضة تنين نرويجي.. إنه نوع نادر!».

وكان يبدو شديد السعادة، ولكن (هرمايني) كانت على عكسه.

قالت: «(هاجريد).. إنك تعيش في كوخ خشبي».

لكن (هاجريد) لم يكن يستمع، وأخذ يقلب النيران وهو يغني بمرح!

ومرت الأيام وقد زاد مشاغلهم أمرٌ آخر.. فماذا لو عرف أحد أن (هاجريد) يحتفظ بتنين غير قانوني في كوخه؟!

تنهد (رون) وقال: «أتساءل كيف سيكون الوضع لو عاش الإنسان حياة خالية من المشاكل». كانوا مشغولين ليلة بعد ليلة في الواجبات الإضافية التي كانت تُطلب منهم، وقد بدأت (هرمايني) الآن في عمل جداول مراجعة لـ(هاري) و(رون) أيضًا؛ مما زاد من ضيقهم.

ثم وفي أثناء الإفطار في أحد الأيام، أحضرت (هيدويج) رسالة أخرى من (هاجريد).. كان بها كلمتان فقط: «إنها تُفقس».

أراد (رون) أن يترك حصة علم النباتات ويتجه مباشرة إلى (هاجريد)، ولكن (هرمايني) رفضت!

قال (رون): «(هرمايني).. كم مرة في حياتنا ستسنح لنا فرصة رؤية تنين يخرج من البيضة؟».

قالت: «يجب أن نذهب إلى دروسنا.. إننا سنكون سببًا في مشاكل كبيرة لـ(هاجريد) لو اكتشف أحد سبب غيابنا».

همس (هاري): «هش.. سكوت!».

كان (مالفوي) يقف على بُعد خطوات.. وقد وقف ليستمع لحديثهم.. تُرَى، ما الذي سمعه؟ كانت نظراته الخبيثة تخيف (هاري)!

أخذ (رون) و(هرمايني) يتجادلان طوال الطريق إلى الحصة وأخيرًا، وافقت (هرمايني) على الذهاب في فترة الراحة الصباحية.. وعندما دق جرس انتهاء الدروس.. أسرع الثلاثة جريًا إلى الكوخ المجاور للغابة، وحيَّاهم (هاجريد) وهو يبدو منفعلًا وسعيدًا!

وأدخلهم قائلًا: «إنه على وشك الخروج!».

كانت البيضة فوق المائدة.. وقد ظهرت بها تشققات عميقة وشيء يتحرك بداخلها.. وصوت دقات غريبة تأتي منها.

سحبوا مقاعدهم.. والتفُّوا حول المائدة ينظرون وقد كتموا أنفاسهم! فجأة، تشققت البيضة.. وتحطمت.. وخرج التنين الصغير إلى المائدة.. كان جميلًا ومجعدًا.. يشبه مظلة سوداء.. له أجنحة طويلة مقارنة بجسمه النحيل.. كما كان له أنف طويل له فتحات واسعة، وقرون نابتة وعيون مستديرة بارزة..

وسعل..وخرجت شعلتان من أنفه!

همس (هاجريد): «أليس جميلًا؟».

ومد يده يربت على رأس التنين، ولعق التنين أصابعه، وظهرت أنيابه المرقطة!

قال (هاجريد): «حفظه الله.. إنه يعرف أمه!».

سألته (هرمايني): «(هاجريد)، ما مدى سرعة نمو التنين النرويجي؟».

وقبل أن يجيبها احمر وجهه غضبًا.. وقفز واقفًا وجرى إلى إحدى النوافذ!

«ماذا حدث؟».

قال: «رأيت تلميذًا ينظر من خلال فتحة الستائر.. لقد جرى عائدًا إلى المدرسة».

أسرع (هاري) ينظر من الباب، ونظر إلى بعيد..ورغم بُعد المسافة، لم يكن هناك شك.. لقد رأى (مالفوي) التنين!

طوال الأسبوع، كانت ابتسامة (مالفوي) الخبيثة تثير فيهم القلق والتوتر، وكانوا يقضون كل أوقات راحتهم عند (هاجريد)؛ محاولين أن يقنعوه بالتخلي عن التنين.. استحثه (هاري) قائلًا: «(هاجريد).. دعه يذهب.. أطلقه حرًّا!».

(هاجريد): «مستحيل.. إنه صغير.. سوف يموت!».

نظروا إلى التنين، كان حجمه قد تزايد ثلاث مرات في أسبوع واحد..وكان يخرج من أنفه شيئًا كالنيران.. أما (هاجريد)، فقد أهمل كل واجباته؛ فلم يعد لديه وقت إلا لرعاية التنين الصغير!

قال (هاجريد): «لقد قررت أن أطلق عليه اسم نوربرت.. إنه يعرفني الآن، انظروا (نوربرت).. (نوربرت) أين مامي؟».

همس (رون) في أذن (هاري): «لقد فقد عقله تمامًا!».

قال (هاري): «(هاجريد).. بعد أسبوعين، سيكون (نوربرت) أكبر من بيتك، وقد يذهب (مالفوي)؛ ليخبر (دمبلدور) في أي وقت!».

أغلق (هاجريد) فمه! ثم قال: «أعرف أنني لا أستطيع الاحتفاظ به إلى الأبد.. لكن لا يمكنني أن أرميه في الشارع.. مستحيل!».

تحول (هاري) فجأة إلى (رون) وقال: «(تشارلي)!».

قال (رون): «هل فقدت عقلك أنت أيضًا.. أنا (رون) ولست (تشارلي)؟!».

قال (هاري): «لا.. (تشارلي) شقيقك.. إنه في رومانيا يقوم بدراساته حول التنين، لو أرسلنا له (نوربرت) فسوف يقوم برعايته! ثم يطلق سراحه في موطنه!».

(رون): «فكرة رائعة.. ما رأيك يا (هاجريد)؟».

في النهاية، وافق (هاجريد) على أن يرسلوا بومة لـ(تشارلي) بشأن التنين!

في ليلة الأربعاء من الأسبوع التالي، جلس (هاري) و(هرمايني) في الغرفة العامة وحدهما، بعد أن نام الجميع.. وبمجرد أن دقت ساعة الحائط معلنةً منتصف الليل، فتحت فتحة اللوحة فجأة، وظهر (رون) أمامهما من العدم، بعد أن أسقط عباءة الإخفاء عنه.. كان في كوخ (هاجريد) يساعده في إطعام (نوربرت) الذي يأكل الفئران الآن.

قال (رون) وهو يظهر يده: «لقد عضني..».

كانت يده تنزف الدماء، وهي مربوطة بمنديل كبير، وواصل كلامه: «لن يكون بإمكاني أن أمسك ريشة الكتابة لمدة أسبوع على الأقل، هذا التنين هو أكبر حيوان متوحش رأيته في حياتي.. لكن (هاجريد) يعامله وكأنه أرنب صغير.. عندما عضني، عاتبني (هاجريد) قائلًا: «إنه فعل ذلك؛ لأنني بعثت فيه الخوف.. وعندما تركته كان يغني له إحدى أغاني النوم للأطفال!».

وسمعوا دقًّا رقيقًا على النافذة!

قال (هاري) وهو يسرع إلى الشباك: «إنها (هيدويج).. معها رسالة من (تشارلي)!».

ومد الثلاثة رءوسهم ليقرءوا الرد معًا!

«عزيزي (رون)..

كيف حالك؟ شكرًا على خطابك.. يسعدني الاهتمام بالتنين النرويجي.. لكن.. ليس من السهل إحضاره إلى هنا.. وأظن أن أفضل طريقة هي إرساله مع مجموعة من أصدقائي القادمين لزيارتي الأسبوع القادم! المشكلة الوحيدة أنه يجب ألا يراهم أحد وهم يحملون تنينًا غير قانوني!

هل تستطيع أن تصحبه إلى أعلى البرج في منتصف ليلة السبت؟

سيقابلونك هناك، ويأخذونه بعيدًا، بينما الظلام ما زال كاسيًا..

أرسل لي الرد بأسرع وقت ممكن!

المخلص

(تشارلي)».

تبادل الثلاثة النظرات..

قال (هاري): «لدينا عباءة الإخفاء.. إنها كبيرة بحيث يمكنها أن تلتف حول (نوربرت) واثنين منا!».

ووافقه (رون) و(هرمايني) فقد عانوا جميعًا أشد المعاناة خلال الأسبوع السابق. وكانوا مستعدين لعمل أي شيء من أجل التخلص من (نوربرت)، و(مالفوي).

ظهرت عقبة في اليوم التالي؛ استيقظ (رون) وقد اشتدت آلام يده.. وأصبحت متورمةً.. وخاف من الذهاب إلى مدام (بومفري)؛ فقد تتعرف على عضة التنين ولكنه لم يجد بدًّا من الذهاب في الظهيرة بعد أن تحول لون يده إلى لون أخضر غريب.

في نهاية اليوم الدراسي، ذهبت (هرمايني) و(هاري) لزيارته في جناح المستشفى، ووجداه بالفراش في حالة سيئة.

وهمس (رون) قائلًا لهم: «إنها ليست يدي فقط، رغم أنني أشعر أنها على وشك الوقوع مني؛ ولكن (مالفوي) أخبر مدام (بومفري) أنه يريد استعارة كتاب مني لكي يأتي إلى هنا ويسخر مني، وهددني بالذهاب إلى مدام (بومفري) وإخبارها بما عَضَّنِي، وكنت قد أخبرتها أنها عضة كلب! ولكنني أعتقد أنها لم تصدقني. كان يجب ألا أضربه في مباراة (الكويدتش)؛ هذا سبب كل ما يفعله».

حاول (هاري) و(هرمايني) تهدئة (رون).

وقالت (هرمايني): «إن الأمر سينتهي ليلة السبت».. ولكن كلامها لم يُطمئن (رون) بل على العكس فقد اعتدل جالسًا في سريره فجأة، وصاح بعصبية: «ليلة السبت! آه.. لا.. يا إلهي! لقد تذكرت الآن.. إن رسالة تشارلي موجودة داخل الكتاب الذي أخذه (مالفوي).. سيعرف الآن أننا سنتخلص من (نوربرت)!».

لم يستطع (هاري) ولا (هرمايني) الرد على (رون).. فقد حضرت مدام (بومفري) وطلبت منهما الخروج؛ لأن (رون) في حاجة إلى الراحة!

قال (هاري) لـ(هرمايني): «ليس لدينا الوقت الكافي لنرسل إلى (تشارلي) لتعديل الخطة، كما أنها قد تكون فرصتنا الوحيدة لنتخلص من (نوربرت).. لا مفر من المخاطرة.. ثم إن لدينا عباءة الإخفاء.. و(مالفوي) لا يعرف شيئًا عنها!».

عندما ذهبَا إلى (هاجريد) للاتفاق معه، كان كلبه في الخارج مربوط الذيل، وفتح (هاجريد) الشباك وقال لهما: «لا أستطيع أن أدعكما تدخلان؛ لأن (نوربرت) في مرحلة حرجة، لكن الأمر تحت السيطرة».

وعندما سمع بالأخبار، امتلأت عيناه بالدموع، وربما كان ذلك بسبب عض التنين لساقه، ولكنه قال: «آهٍ! لا بأس، لقد وصل إلى حذائي فقط.. إنه يلعب معي فقط.. فهو لا يزال طفلًا صغيرًا على أية حال».

وضرب الطفل الصغير الحائط بذيله، فاهتزت النوافذ، وعادا إلى القلعة وهما يتمنيان لو جاء يوم السبت سريعًا!

وكانا يشعران بالأسف من أجل (هاجريد).. عندما حان وقت وداعه لـ(نوربرت) لولا أنهما كانا في قمة القلق مما سيقومان بفعله، كانت الليلة مظلمة، والسماء مليئة بالسحب وكانا قد تأخرا في الوصول إلى كوخ (هاجريد).. لأنهما اضطرا لانتظار انصراف (بيف) وابتعاده عن طريقهما والذي كان يلعب التنس مع الحائط في بهو الدخول!

كان (هاجريد) مستعدًّا.. وقد وضع (نوربرت) في قفص متين، وقال: «وضعت له عددًا كافيًا من الفئران، وبعض الشراب من أجل الرحلة! ومعه أيضًا دبُّه الصغير؛ ليلعب به إذا شعر بالوحدة».

وكان صوته مختنقًا بالبكاء!

«مع السلامة يا (نوربرت).. لن تنساك ماما أبدًا!».

وغطى (هاري) و(هرمايني) القفص بالعباءة ودخلا تحتها..

كيف سينجحان في الوصول إلى أعلى البرج..لم يعرفا قط.

كان الوقت قد قارب منتصف الليل وهما يلهثان حامليْن (نوربرت) عبر السلالم الرخامية في المدخل، ثم إلى بهو الدخول، ثم إلى سلالم أخرى، والعديد من الممرات المظلمة ثم سلالم ثالثة.. وهكذا.

قال (هاري) وهما يصلان إلى آخر ممر تحت البرج العالي: «وصلنا.. تقريبًا!».

ثم سمعا أصواتًا أمامهما جعلتهما يكادان يُسقطان القفص من أيديهما.. وقد نسيا أنهما غير مرئيين، ونظرا في الظلام إلى خيال اثنين من الناس يواجهان بعضهما على بُعد خطوات، وقد ارتفع ضوء مصباح!

كانت الأستاذة (ماكجونجال) بملابس النوم تمسك (مالفوي) من أذنه قائلةً: «أمسكت بك.. تُخصم عشرون درجة من (سليذرين).. تتجول في منتصف الليل.. كيف تجرؤ؟».

صاح (مالفوي): «يا أستاذة.. إنه (هاري بوتر).. إنه قادم.. ومعه تنين!».

قالت: «ما هذا الكلام الفارغ! وتجرؤ على قص الأكاذيب أيضًا.. هيَّا.. تعالَ.. سوف أذهب إلى الأستاذ (سنايب) بخصوصك يا (مالفوي)!».

كانت الدرجات الباقية إلى سطح البرج هي أسهل ما قاما به بعد ذلك، ووصلا إلى المكان، وشعرا بهواء الليل البارد، وهما يتركان القفص فوق الأرض.. وألقيا عنهما العباءة.. وتنفسا بعمق، وقفزت (هرمايني) في الهواء!

قالت: «سيتم احتجاز (مالفوي).. أريد أن أغني!».

قال (هاري) ناصحًا: «لا..لا تفعلي!».

انتظرا عشر دقائق، ثم وصلت أربع مقشات ترفرف في الهواء، وهبطت في الظلام!

كان أصحاب (تشارلي) مجموعة مرحة.. وشاهد (هاري) و(هرمايني) كيف ربطوا القفص بأغلال متينة؛ حتى يتمكنوا من رفعه بينهم، ثم بعد أن انتهوا صافحهم (هاري) و(هرمايني).. وشكراهم بكل حرارة!

أخيرًا، ها هو ذا (نوربرت).. يذهب.. بعيدًا.. بعيدًا.. بعيدًا..

وأسرعا يهبطان السلالم.. وقلباهما يرقصان فرحًا.. الآن.. لا يوجد نوربرت.. لا يوجد تنين.. و(مالفوي) محبوس.. ما الذي يمنعهما من السعادة؟!

كانت الإجابة تنتظرهما أسفل السلم، وبمجرد أن وصلا إلى الممر، ظهر وجه (فيلش) فجأة في الظلام!

قال: «أهلًا.. أهلًا.. أهلًا.. أظن أن البعض قد وقع في مشكلة كبيرة!»

كانا قد نسيا العباءة على سطح البرج!! !