×

We use cookies to help make LingQ better. By visiting the site, you agree to our cookie policy.


image

هاري بوتر وحجر الفيلسوف, ١٣ نيكــولاس فـلامـيل

١٣ نيكــولاس فـلامـيل

نجح (دمبلدور) في إقناع (هاري) بألا يعود إلى البحث عن مرآة أريسيد.. وهكذا استقرت عباءة الإخفاء مطوية في قاع صندوقه طوال الفترة الباقية من إجازة الكريسماس.. وكم تمنى (هاري) لو أنه يستطيع أن ينسى كل ما رآه في المرآة..لكن الأمر كان صعبًا؛ فقد بدأت تنتابه الكوابيس.. وظل يحلم المرة تلو الأخرى بوالديه وهما يختفيان في ضوء أخضر خاطف، بينما ترتفع ضحكة مخيفة خبيثة!

وعندما حكى لـ(رون) عن أحلامه، قال له: «كان (دمبلدور) على حق.. إن المرآة يمكن أن تصيبك بالجنون!».

عادت (هرمايني) قبل انتهاء الإجازة بيوم..وعندما اطلعت على كل ما حدث في غيابها، أصابها الرعب من فكرة ترك (هاري) سريره وتجوله ليلًا في ممرات المدرسة المظلمة لمدة ثلاث ليال متتالية. (ماذا لو أمسك بك (فيلش)؟) وكانت خيبة أملها كبيرة عندما اكتشفت أنهما لم يعثرا على أثر لـ(نيكولاس فلاميل) وفقدوا الأمل تقريبًا في العثور على معرفة حقيقة (فلاميل) من أحد كتب المكتبة رغم أن (هاري) كان مصرًّا على أنه قرأ اسمه في مكان ما.. وبمجرد أن بدأت الدراسة، عادوا إلى البحث السريع في الكتب خلال دقائق الراحة القليلة بين الحصص، وحتى هذه لم يكن (هاري) قادرًا عليها الآن، بعد أن بدأت تمارين (الكويدتش) من جديد وشغلت كل وقته.

كان (وود) يكثف التمارين أكثر من أي وقت مضى وحتى الأمطار الشديدة التي حلت محل الثلوج لم تقلل من عزيمته. واشتكى التوءم (ويزلي) من شدة التمرينات، لكن (هاري) كان في جانب (وود)؛ لأن فوزهم على فريق (هافلباف) في المباراة القادمة سيجعلهم متفوقين على (سليذرين)، وبذلك تفوز (جريفندور) ببطولة المنازل بعد سبع سنوات من غياب الكأس عنهم.. وبعيدًا عن رغبته في الفوز، وجد (هاري) أن شدة التمرينات وما تسببه من تعب قد أبعدا الكوابيس عنه.

وفي أثناء أحد التمارين في يوم ممطر طيني.. نقل (وود) إلى فريقه بعض الأخبار السيئة..كان يؤنب التوءم (ويزلي) على مطاردتهما لبعضهما والتظاهر بأنهما على وشك السقوط عن مقشتيهما..قال (وود) غاضبًا: «هلَّا توقفتما عن هذا العبث! هذه بالضبط التصرفات التي يريد (سنايب) أن تقوما بها في المباراة! سيكون هو الحكم.. وستكون هذه فرصته لسلب أكبر عدد من النقاط من (جريفندور)!»

سقط (جورج ويزلي) فعلًا من على مقشته عندما سمع هذا الكلام، وقال وفمه ممتلئ بالطين: «(سنايب) سيكون الحكم في المباراة! لماذا؟ إنه لم يكن حكم (كويدتش) في يوم من الأيام! لن يكون حكمًا عادلًا أبدًا خاصة مع احتمال تفوقنا على (سليذرين)!».

وهبط بقية الفريق بجوار (جورج) شاكين.

قال (وود): «لا أعرف.. ليست غلطتي.. لكن علينا أن نؤدي مباراة نظيفة وجيدة..ولا نترك له فرصة للوقوف ضدنا!».

لكن (هاري) كان له أسباب أخرى تجعله يتمنى ألا يقترب منه (سنايب) في أثناء المباراة.. وترك اللاعبين يتناقشون مع بعضهم بعد انتهاء التدريب وأسرع إلى الغرفة العامة.. حيث كانت (هرمايني) تلعب الشطرنج مع (رون)، وكان الشطرنج هو الشيء الوحيد الذي تخسر فيه (هرمايني)، وهو شيء يعتقد (هاري) و(رون) أنه جيد بالنسبة لها.

هتف (رون) عندما جلس (هاري) بجواره: «ولا كلمة.. أريد التركيز».

لكن نظراته وقعت على وجه (هاري).. توقف فورًا عن اللعب وقال: «ماذا بك؟ تبدو مرعبًا! !».

وبصوت خافت؛ حتى لا يسمعهم أحد أخبرهما برغبة (سنايب) المفاجئة والمشئومة في أن يصبح حكمًا في مباراة (الكويدتش)!

قالت (هرمايني) على الفور: «لا تلعب!».

قال (رون): «اعتذر بالمرض!».

اقترحت (هرمايني): «تظاهر بأن ساقك مكسورة!».

(رون): «نعم.. اكسر ساقك!».

قال (هاري): «لا أستطيع.. لا يوجد في الفريق احتياطي آخر لمركزي..إذا تغيبت.. فلن يلعب فريق (جريفندور)!».

في هذه اللحظة، دخل (نيفيل) إلى القاعة..لم يعرف أحد كيف نجح في المرور من فتحة اللوحة..فقد كانت ساقاه ملتصقتين.. واقترب منهم وهو يقفز كالأرنب.. وعرفوا على الفور أنها لعنة ربط الأرجل.. لابد أنه أخذ يقفز طوال الطريق صاعدًا إلى برج (جريفندور).

ضحك الجميع ما عدا (هرمايني) التي قفزت وقرأت اللعنة المضادة وتحررت ساقا (نيفيل) ووقف على قدميه وهو يرتجف!

سألته (هرمايني) وهي تقوده ليجلس مع (هاري) و(رون): «ماذا حدث؟».

قال: «إنه (مالفوي).. قابلته خارج المكتبة.. وقال: إنه كان يبحث عن أحد للتمرين عليه!».

حثته (هرمايني) قائلة: «قدِّم شكوى للأستاذة (ماكجونجال)!».

هز (نيفيل) رأسه وقال: «لا أريد المزيد من المتاعب!».

قال (رون): «يجب أن تواجه (مالفوي) يا (نيفيل)!.. إنه يحب إيذاء الناس، لكن ليس معنى هذا أن نستسلم له!».

غص (نيفيل) وقال حزينًا: «لست في حاجة لأن تخبرني بأنني لست شجاعًا بما يكفي ولا أستحق أن أكون في (جريفندور)؛ لأن (مالفوي) قام بهذه المهمة!».

مد (هاري) يده في جيبه وأخرج منه واحدة من شيكولاتة الضفادع.. كانت آخر واحدة في العلبة التي أهدتها له (هرمايني) في الكريسماس وقدمها إلى (نيفيل) الذي كان يبدو على وشك البكاء وقال: «إنك تساوي عشرة مثل (مالفوي)..لقد اختارتك قبعة التنسيق لتكون في (جريفندور).. أليس كذلك؟! ولكن هو ــ (مالفوي) ــ أين هو؟ إنه في ذلك المنزل الكريه (سليذرين)!».

ابتسم (نيفيل) ابتسامة صغيرة، وقال: «شكرًا يا (هاري)!» وفتح الشيكولاتة وأخرج منها بطاقة السحرة وقال: «سوف أذهب إلى النوم، هل تريد بطاقة السحرة يا (هاري)؟ أظن أنك قد بدأت في تجميع البطاقات..».

ومضى (نيفيل).. ونظر (هاري) إلى البطاقة وقال: «ياه! صورة (دمبلدور) مرة أخرى، لقد كانت أول صورة حصلت عليها في الـ...!».

شهق (هاري) فجأة، وقلب الصورة، ونظر إلى ظهرها، ثم نظر إلى (هرمايني) و(رون)!

وهمس: «لقد وجدته! وجدت (فلاميل)! قلت لكم: إنني قرأت اسمه في مكان ما من قبل.. لقد قرأته في القطار وأنا قادم إلى المدرسة.. اسمعوا: وتعود شهرة الأستاذ (دمبلدور) إلى انتصاره على الساحر الشرير (جريندلوالد) عام ١٩٤٥ واكتشافه الفوائد الاثنتي عشرة لدماء التنين.. ولاختراعاته الكيميائية مع زميله (نيكولاس فلاميل)!».

قفزت (هرمايني) على قدميها..لم تبدُ متحمسة إلى هذه الدرجة منذ حصلوا على درجات أول امتحان لهم بالمدرسة وقالت: «انتظرا هنا..».

وأسرعت تجري إلى عنبر نوم البنات، وعادت قبل أن يتبادلا نظرات الدهشة..وكانت تحمل بين ذراعيها كتابًا قديمًا ضخمًا.. وهمست متحمسة: «لم أفكر في البحث في هذا الكتاب الذي استعرته من المكتبة منذ أسابيع للقراءة الخفيفة».

قال (رون): «خفيفة!»، ولكن (هرمايني) طلبت منه ألا يتكلم؛ حتى تبحث عن شيء في الكتاب.. وأخذت تقلب صفحات الكتاب وتتمتم لنفسها حتى وجدت ما تبحث عنه، وهمست بانفعال: «كنت أعرف ذلك! هذا ما توقعته بالضبط!».

قال (رون) مشاكسًا: «هل مسموح لنا بالكلام الآن؟». وتجاهلته (هرمايني).

وهمست بطريقة درامية: «(نيكولاس فلاميل) هو الوحيد المعروف بصانع حجر الفيلسوف!».

ولم يبدُ على (هاري) و(رون) التأثر الذي توقعته!

قالا معًا: «ماذا؟».

قالت: «يا إلهي! ألا تقرأان أبدًا.. ها هو ذا.. انظرا.. اقرأا!».

وفتحت الكتاب أمام أعينهما.. وقرأ (هاري) و(رون):

«انصبت الدراسات القديمة للكيمياء على عمل حجر الفيلسوف والذي تقول عنه الأساطير: إن له قوى مدهشة.. فالحجر يحول أي معدن إلى ذهب، وينتج عنه إكسير الحياة، والذي يجعل الإنسان خالدًا لا يموت!

وكانت هناك قصص عديدة عن حجر الفيلسوف عبر العصور ولكن الحجر الوحيد الموجود حاليًّا هو حجر (نيكولاس فلاميل).. الكيميائي الشهير، وعاشق الأوبرا..وقد احتفل السيد (فلاميل) بعيد ميلاده الستمائة والخمسة والستين في العام الماضي.. وهو يعيش حياة هادئة في منطقة (ديفون) مع زوجته (بيرينيل) التي يبلغ عمرها ستمائة وثمانية وخمسين عامًا».

وما إن انتهى (هاري) و(رون) من القراءة حتى قالت (هرمايني): «هل رأيتما؟ إن الكلب يحرس حجر الفيلسوف الخاص بـ (فلاميل)! يبدو أنه اكتشف أن هناك من يسعى للاستيلاء عليه، فطلب من (دمبلدور) الذي تربطه به الصداقة أن ينقله من (جرينجوتس) ويحتفظ به لديه!».

قال (هاري): «حجر يحول المعادن إلى ذهب، ويمنع الإنسان من الموت! لا عجب أن يحاول (سنايب) الاستيلاء عليه! كل الناس يرغبون في الحصول على شيء كهذا!».

قال (رون): «لا عجب أننا لم نجد اسمه في كتاب (دراسة في التطورات الحديثة في عالم السحر).. فهو بالتأكيد ليس حديثًا إذا كان عمره ستمائة وخمسًا وستين سنة!».

وخلال حصة مادة (الدفاع ضد فنون الظلام) في اليوم التالي، وفي أثناء كتابتهما للطرق المختلفة لمعالجة عضات المستذئب، كان (هاري) و(رون) لا يزالان يتناقشان فيما يمكنهما فعله بحجر الفيلسوف لو أن لديهما واحدًا، ولم يتذكر (هاري) المباراة المرتقبة إلا عندما قال (رون) إنه سيقوم بشراء فريق لـ(الكويدتش). وقال (هاري) لـ(رون) و(هرمايني): «سوف ألعب هذه المباراة. إن لم أفعل فسيظن طلاب (سليذرين) أنني خائف من مواجهة (سنايب).. سوف أريهم.. ستختفي الابتسامة من وجوههم لو انتصرنا».

ردت (هرمايني): «المهم هو ألا تختفي أنت من الملعب».

ومع اقتراب موعد المباراة.. ازداد (هاري) توترًا.. وكذلك بقية الفريق.. كانت فكرة تقدمهم على (سليذرين) وحصولهم على كأس المنازل فكرة جميلة.. لم يفعل أحد ذلك لسبع سنوات متتالية.. ولكن كيف ينجحون في تحقيق ذلك وهناك ذلك الحكم المتحيز؟

لم يعرف (هاري).. هل هو يتخيل.. أم أن الأمر حقيقة؟ فقد كان يجد (سنايب) أمامه في كل مكان يذهب إليه.. حتى إنه أحيانًا تساءل إن كان (سنايب) يتبعه في محاولة للإمساك به عندما يكون وحده.. وتحولت حصص الوصفات السحرية إلى نوعٍ من العذاب الأسبوعي.. هل يمكن أن يكون (سنايب) قد اكتشف علمهم بحجر الفيلسوف؟ لكن كيف؟ كان ينتاب (هاري) أحيانًا شعور فظيع بأن (سنايب) قادر على قراءة الأفكار!

وفي يوم المباراة، كان (هاري) يعلم أن (هرمايني) و(رون) عندما تمنيا له حظًّا سعيدًا في حجرة الملابس.. كانا يتساءلان ما إذا كانا سيريانه حيًّا مرة أخرى أم لا؟ ولم يكن ذلك شعورًا مريحًا بالنسبة لـ(هاري) الذي ظل شاردًا ولم يسمع كلمة من خطبة (وود) وهو يبدِّل بملابسه ملابس اللعب، ويلتقط مقشته (نيمبوس ٢٠٠٠)!

وفي نفس الوقت، وجدت (هرمايني) و(رون) مكانًا في المدرج بجوار (نيفيل) الذي لم يفهم سببًا لهذا التجهم والقلق الذي يبدو عليهما واندهش من إحضارهما عصويْهما للمباراة..ولم يكن (هاري) يعرف أنهما كانا يتدربان سرًّا على أداء لعنة ربط الأرجل.. لقد جاءتهما الفكرة مما فعله (مالفوي) مع (نيفيل) وكانا مستعدين لاستخدامها ضد (سنايب) لو أبدى أي إشارة لمحاولة إيذاء (هاري).

تمتمت (هرمايني) لـ(رون) بينما كان يدخل عصاه في كمه: «الآن.. لا تنسَ.. إنها لوكوموتور مورتيس».

قال (رون) بحزم: «أعرف.. لا تضايقيني».

وفي حجرة الملابس، أخذ (وود) (هاري) جانبًا وقال له: «اسمع يا (بوتر)، أنا لا أريد أن أضغط عليك، ولكننا بالفعل في أشد الحاجة إلى أن تعثر على الكرة الذهبية في أسرع وقت ممكن؛ حتى تنتهي المباراة بسرعة ونفوّت على (سنايب) فرصة التحيز لفريق (هافلباف) على حسابنا!».

قال (فريد ويزلي) وهو يلقي بنظره خارج الغرفة: «إن المدرسة بأكملها في الخارج! حتى الناظر.. عجبًا! لقد جاء (دمبلدور)؛ ليشاهد المباراة!».

وقفز قلب (هاري)، وقال: «(دمبلدور)؟!» وأسرع إلى الباب؛ لينظر بنفسه وكان (فريد) محقًّا.. إنه هو بلحيته الفضية، لا شك في ذلك! وشعر (هاري) بالارتياح وكاد يضحك عاليًا.. كان متأكدًا أن (سنايب) لن يجرؤ على أذاه بأي صورة في وجود (دمبلدور)!

ولعل ذلك كان السبب في هذا الغضب الواضح الذي ظهر على وجه (سنايب) وهو يراقب الفريقين يدخلان إلى الملعب! حتى إن (رون) لاحظ ذلك وقال لـ(هرمايني): «لم أَرَ (سنايب) عصبيًّا بهذه الطريقة من قبل.. انظري، لقد بدأت المباراة.. آي!».

ضرب أحدهم (رون) في رأسه من الخلف، نظر وراءه ورأى (مالفوي) الذي قال ساخرًا: «من؟ (ويزلي).. آسف.. لم أرك!».

ابتسم (مالفوي) بفخر لصديقيه (كراب) و(جويل)! وعاد يقول: «تُرى، إلى متى سيظل (بوتر) على مقشته هذه المرة؟ هل يريد أحد أن يراهن؟ ما رأيك يا (ويزلي)؟».

لم يردَّ (رون) عليه، وظل مع (هرمايني) يتابعان (هاري) وهو يدور حول الملعب كالصقر باحثًا عن الكرة الذهبية!

وكان (سنايب) قد أعطى لفريق هافلباف ضربة جزاء؛ لأن (جورج ويزلي) قذف (بلادجر) نحوه.

وبعد دقائق، قال (مالفوي) بصوت مرتفع: «أتعرفون كيف يتم اختيار اللاعبين لفريق (جريفندور)؟ إنهم البؤساء الذين يستحقون الشفقة.. انظروا.. مثل (بوتر) الذي لا أهل له، وأولاد عائلة (ويزلي) الفقيرة التي لا مال لديها.. وأنت يا (لونجبوتم) يجب أن تكون في الفريق؛ لأنك بلا عقل!».

واحمر وجه (نيفيل)، ولكنه نظر إلى (مالفوي) وقال: «إنني أساوي عشرة من أمثالك!».

وانفجر (مالفوي) و(جويل) و(كراب) ضاحكين.. أمَّا (رون) الذي كان لا يزال لا يجرؤ على تحويل عينيه بعيدًا عن المباراة فقد قال: «قل له يا (نيفيل)..».

وكان (سنايب) قد منح فريق هافلباف ضربة جزاء أخرى بدون أي سبب على الإطلاق.

قال (مالفوي): «لو أن الذكاء كان ذهبًا، لكنت أنت أفقر من (ويزلي) يا (لونجبوتم)».

وانفجر (رون) ثائرًا خاصة لتوتره من أجل (هاري): «(مالفوي).. إنني أحذرك..كلمة أخرى..».

وصرخت (هرمايني) فجأة: «(رون)! (هاري)!».

(رون): «ماذا؟ أين؟».

كان (هاري) قد اتجه الآن بحركة استعراضية هائلة هابطًا إلى الأسفل.. حتى إن الجماهير شهقت وأخذت تهلل وتصفق، ووضعت (هرمايني) أصابعها في فمها.. و(هاري) يندفع في اتجاه الأرض كالقذيفة!

قال (مالفوي) ساخرًا: «يبدو أنك محظوظ يا (ويزلي)..يبدو أن (بوتر) قد عثر على بعض النقود على الأرض!».

وقبل أن يشعر (مالفوي) بما يحدث..كان (رون) قد قفز فوقه..وأخذا يتصارعان على الأرض..وتردد (نيفيل) قليلًا، ثم اندفع يشترك في القتال!

وصرخت (هرمايني): «هيَّا يا (هاري).. هيَّا!» وقفزت واقفة فوق مقعدها لتشاهد (هاري) وهو ينطلق بأقصى سرعة مباشرة نحو (سنايب) ولم تلاحظ (مالفوي) و(رون) اللذين كانا يتصارعان على الأرض حول مقعدها أو تسمع صوت اللكمات والصراخ الذي كان يتبادله (نيفيل) و(كراب) و(جويل).

وفي الهواء، تحرك (سنايب) على مقشته في اللحظة الأخيرة ليرى شيئًا أحمر يمر كالقذيفة على بُعد بوصات قليلة منه.. وتحول (هاري) معتدلًا، ورفع يده في انتصار، ممسكًا بالكرة الذهبية!

وانفجرت المدرجات بالتصفيق والتهليل؛ فلقد حقق (هاري) رقمًا قياسيًّا جديدًا.. لا أحد يتذكر مباراة تم إمساك الكرة الذهبية فيها بهذه السرعة.

وصرخت (هرمايني) وهي ترقص وتحتضن (بارفاتي باتيل) في الصف الأمامي: «(رون) (رون).. أين أنت؟ لقد انتصرنا! (هاري) انتصر! (جريفندور) في المقدمة!».

وقفز (هاري) من فوق عصاه إلى الأرض، وهو لا يصدق نفسه؛ لقد أمسك بالكرة.. وانتهت المباراة! لم تستمر أكثر من خمس دقائق.. وهبط (سنايب) قريبًا منه وقد اصفر وجهه وتجمدت شفتاه.. وشعر (هاري) بيد تربت على كتفه،ورأى وجه (دمبلدور) الباسم.

قال (دمبلدور): «أحسنت»، ثم أضاف بصوت خافت؛ حتى لا يسمعه أحد سوى (هاري): «يسعدني أنك لم تعد تدور بحثًا عن المرآة.. وشغلت نفسك.. رائع..».

وبعد مرور بعض الوقت، خرج (هاري) وحيدًا من غرفة تغيير الملابس واتجه إلى مخزن المقشات؛ ليضع (نيمبوس ٢٠٠٠) في مكانها.. كان يشعر بسعادة لم يشعر بمثلها في أي وقت في حياته.. لقد حقق نجاحًا رائعًا.. ولم يعد بمقدور أحد أن يقول بعد الآن إنه مجرد اسم مشهور لا غير، كان لهواء المساء رائحة عذبة لم يشمها من قبل.. وسار على العشب المبلل منتشيًا فرحًا، وأخذ يتذكر الساعة الأخيرة عندما حمله فريق (جريفندور) على الأكتاف.. وكان (رون) و(هرمايني) على البعد يقفزان فرحًا و(رون) يشجعه ويحييه بينما كانت الدماء تسيل من أنفه.

وصل (هاري) إلى مخزن المقشات.. اعتمد على الباب الخشبي بظهره.. ونظر مبتهجًا فخورًا إلى القلعة، كانت نوافذها تعكس ضوء غروب الشمس.. بلون أحمر جميل.

نعم.. لقد فعلها.. وانتصر.. انتصر على (سنايب)..

وعلى ذكر (سنايب)..

رآه يهبط سلالم القلعة متسللًا.. كان من الواضح أنه لا يريد لأحد أن يراه، واتجه إلى الغابة المحرمة..ونسي (هاري) كل شيء عن انتصاره وفرحته به..ما الذي يدعو (سنايب) إلى التسلل إلى الغابة المحرمة في هذا الوقت؟ لابد أنه انتهز فرصة انشغال الجميع بالعشاء.. وتسلل دون أن يراه أحد.. ما الذي يحدث؟

قفز (هاري) على ظهر مقشته، وطار في الهواء وأخذ يراقب (سنايب) فوجده يدخل الغابة، فتبعه..كانت الأشجار كثيفة، فلم يستطع أن يراه.. فأخذ يطير في مسارات دائرية وانخفض أكثر مبعدًا قمم الأشجار حتى سمع أصواتًا.. فهبط بهدوء شديد على فرع شجرة ضخمة، وتسلقه بحذر وتدلَّى من الشجرة وهو متعلق بمقشته ونظر بين فروعها وأوراقها.

ورأى (سنايب) واقفًا في الظلال يتحدث مع الأستاذ (كويريل).. لم يستطع (هاري) مشاهدة وجهه، لكنه كان يتحدث بصوت متقطع خائف: «لـ... لست أدري.. لماذا تريد.. أن نتـ... نتقابل في هذا المكان المـ... المخيف يا (سيفيروس)!».

قال (سنايب) ببرود: «لأنني أريد أن أحتفظ بالأمر سرًّا.. يجب ألا يعرف أحد من التلاميذ شيئًا عن حجر الفيلسوف!».

ومال (هاري) إلى الأمام أكثر وتمتم (كويريل) بشيء وقاطعه (سنايب): «هل استطعت أن تجد طريقة للمرور من وحش (هاجريد)؟».

(كويريل): «لـ... لكن.. (سيفيروس).. أنا..».

قال (سنايب) وقد خطا خطوة مقتربًا منه: «(كويريل).. هل تريد أن أكون عدوًّا لك؟».

(كويريل): «إنني... إنني... لا أعرف..».

(سنايب): «إنك تعرف ما أعنيه بالضبط!».

وفي هذه اللحظة، نعقت بومة بصوت عالٍ فارتبك (هاري) وكاد يقع من فوق الشجرة وعندما اعتدل أخيرًا سمع (سنايب) يقول: «...استخدم شيئًا من تلك المهارات المتقدمة التي تتقنها!».

(كويريل): «لـ... لكنني.. لا.. لا أفعل...».

قاطعه (سنايب) بحدة: «حسنًا.. سيكون لنا حديث آخر في وقت قريب! عندما تفكر جيدًا وتقرر لمن ولاؤك!».

والتف في عباءته وخرج مسرعًا من الغابة.. كانت السماء قد أظلمت الآن. إلا أن (هاري) استطاع أن يرى (كويريل) متجمدًا في مكانه؛ كمن أصابته صاعقة!

صاحت (هرمايني): «(هاري)..أين كنت؟».

وخبط (رون) (هاري) على ظهره وهتف: «لقد انتصرنا.. أنت انتصرت.. انتصرنا جميعًا! وهزمت (مالفوي).. وحاول (نيفيل) أن يتغلب على (جويل) و(كراب) وحده! ولكنه لا يزال تحت العلاج عند مدام (بومفري).. الجميع في انتظارك في الغرفة العامة.. سنقيم حفلًا.. سرق (فريد) و(جورج) بعض الكعك والحاجيات من المطبخ استعدادًا للحفل!».

قال (هاري) وأنفاسه متقطعة: «لا بأس بكل هذا، لكن دعونا نجد حجرة خالية.. انتظروا لتسمعوا ما حدث!».

ووجدوا حجرة، وتأكدوا أن (بيف) غير موجود بها قبل أن يغلقوا الباب خلفهم، وقص عليهم (هاري) كل ما رآه وسمعه قائلًا: «لقد كنا على حق.. إنه حجر الفيلسوف، و(سنايب) يحاول إجبار (كويريل) على مساعدته في الحصول عليه.. لقد سأله إن كان يعرف كيف يمر عبر (فلافي) وقال شيئًا عن مهارات (كويريل) السحرية.. أنا متأكد أن هناك أشياء غير فلافي تحرس الحجر، ربما تعاويذ شديدة القوة.. يمكن أن يكون (كويريل) قد صنع تعاويذ مقاومة للسحر الأسود.. يحتاجها (سنايب)؛ حتى يستطيع الدخول....!».

قالت (هرمايني) محذرة: «إذًا أنت تعني أن الحجر سيكون في أمان ما دام (كويريل) مستعدًّا لـ(سنايب)».

قال (رون): «سيكون قد اختفى يوم الثلاثاء القادم».


١٣ نيكــولاس فـلامـيل 13 Nicholas Flamel

نجح (دمبلدور) في إقناع (هاري) بألا يعود إلى البحث عن مرآة أريسيد.. وهكذا استقرت عباءة الإخفاء مطوية في قاع صندوقه طوال الفترة الباقية من إجازة الكريسماس.. وكم تمنى (هاري) لو أنه يستطيع أن ينسى كل ما رآه في المرآة..لكن الأمر كان صعبًا؛ فقد بدأت تنتابه الكوابيس.. وظل يحلم المرة تلو الأخرى بوالديه وهما يختفيان في ضوء أخضر خاطف، بينما ترتفع ضحكة مخيفة خبيثة!

وعندما حكى لـ(رون) عن أحلامه، قال له: «كان (دمبلدور) على حق.. إن المرآة يمكن أن تصيبك بالجنون!».

عادت (هرمايني) قبل انتهاء الإجازة بيوم..وعندما اطلعت على كل ما حدث في غيابها، أصابها الرعب من فكرة ترك (هاري) سريره وتجوله ليلًا في ممرات المدرسة المظلمة لمدة ثلاث ليال متتالية. (ماذا لو أمسك بك (فيلش)؟) وكانت خيبة أملها كبيرة عندما اكتشفت أنهما لم يعثرا على أثر لـ(نيكولاس فلاميل) وفقدوا الأمل تقريبًا في العثور على معرفة حقيقة (فلاميل) من أحد كتب المكتبة رغم أن (هاري) كان مصرًّا على أنه قرأ اسمه في مكان ما.. وبمجرد أن بدأت الدراسة، عادوا إلى البحث السريع في الكتب خلال دقائق الراحة القليلة بين الحصص، وحتى هذه لم يكن (هاري) قادرًا عليها الآن، بعد أن بدأت تمارين (الكويدتش) من جديد وشغلت كل وقته.

كان (وود) يكثف التمارين أكثر من أي وقت مضى وحتى الأمطار الشديدة التي حلت محل الثلوج لم تقلل من عزيمته. واشتكى التوءم (ويزلي) من شدة التمرينات، لكن (هاري) كان في جانب (وود)؛ لأن فوزهم على فريق (هافلباف) في المباراة القادمة سيجعلهم متفوقين على (سليذرين)، وبذلك تفوز (جريفندور) ببطولة المنازل بعد سبع سنوات من غياب الكأس عنهم.. وبعيدًا عن رغبته في الفوز، وجد (هاري) أن شدة التمرينات وما تسببه من تعب قد أبعدا الكوابيس عنه.

وفي أثناء أحد التمارين في يوم ممطر طيني.. نقل (وود) إلى فريقه بعض الأخبار السيئة..كان يؤنب التوءم (ويزلي) على مطاردتهما لبعضهما والتظاهر بأنهما على وشك السقوط عن مقشتيهما..قال (وود) غاضبًا: «هلَّا توقفتما عن هذا العبث! هذه بالضبط التصرفات التي يريد (سنايب) أن تقوما بها في المباراة! سيكون هو الحكم.. وستكون هذه فرصته لسلب أكبر عدد من النقاط من (جريفندور)!»

سقط (جورج ويزلي) فعلًا من على مقشته عندما سمع هذا الكلام، وقال وفمه ممتلئ بالطين: «(سنايب) سيكون الحكم في المباراة! لماذا؟ إنه لم يكن حكم (كويدتش) في يوم من الأيام! لن يكون حكمًا عادلًا أبدًا خاصة مع احتمال تفوقنا على (سليذرين)!».

وهبط بقية الفريق بجوار (جورج) شاكين.

قال (وود): «لا أعرف.. ليست غلطتي.. لكن علينا أن نؤدي مباراة نظيفة وجيدة..ولا نترك له فرصة للوقوف ضدنا!».

لكن (هاري) كان له أسباب أخرى تجعله يتمنى ألا يقترب منه (سنايب) في أثناء المباراة.. وترك اللاعبين يتناقشون مع بعضهم بعد انتهاء التدريب وأسرع إلى الغرفة العامة.. حيث كانت (هرمايني) تلعب الشطرنج مع (رون)، وكان الشطرنج هو الشيء الوحيد الذي تخسر فيه (هرمايني)، وهو شيء يعتقد (هاري) و(رون) أنه جيد بالنسبة لها.

هتف (رون) عندما جلس (هاري) بجواره: «ولا كلمة.. أريد التركيز».

لكن نظراته وقعت على وجه (هاري).. توقف فورًا عن اللعب وقال: «ماذا بك؟ تبدو مرعبًا! !».

وبصوت خافت؛ حتى لا يسمعهم أحد أخبرهما برغبة (سنايب) المفاجئة والمشئومة في أن يصبح حكمًا في مباراة (الكويدتش)!

قالت (هرمايني) على الفور: «لا تلعب!».

قال (رون): «اعتذر بالمرض!».

اقترحت (هرمايني): «تظاهر بأن ساقك مكسورة!».

(رون): «نعم.. اكسر ساقك!».

قال (هاري): «لا أستطيع.. لا يوجد في الفريق احتياطي آخر لمركزي..إذا تغيبت.. فلن يلعب فريق (جريفندور)!».

في هذه اللحظة، دخل (نيفيل) إلى القاعة..لم يعرف أحد كيف نجح في المرور من فتحة اللوحة..فقد كانت ساقاه ملتصقتين.. واقترب منهم وهو يقفز كالأرنب.. وعرفوا على الفور أنها لعنة ربط الأرجل.. لابد أنه أخذ يقفز طوال الطريق صاعدًا إلى برج (جريفندور).

ضحك الجميع ما عدا (هرمايني) التي قفزت وقرأت اللعنة المضادة وتحررت ساقا (نيفيل) ووقف على قدميه وهو يرتجف!

سألته (هرمايني) وهي تقوده ليجلس مع (هاري) و(رون): «ماذا حدث؟».

قال: «إنه (مالفوي).. قابلته خارج المكتبة.. وقال: إنه كان يبحث عن أحد للتمرين عليه!».

حثته (هرمايني) قائلة: «قدِّم شكوى للأستاذة (ماكجونجال)!».

هز (نيفيل) رأسه وقال: «لا أريد المزيد من المتاعب!».

قال (رون): «يجب أن تواجه (مالفوي) يا (نيفيل)!.. إنه يحب إيذاء الناس، لكن ليس معنى هذا أن نستسلم له!».

غص (نيفيل) وقال حزينًا: «لست في حاجة لأن تخبرني بأنني لست شجاعًا بما يكفي ولا أستحق أن أكون في (جريفندور)؛ لأن (مالفوي) قام بهذه المهمة!».

مد (هاري) يده في جيبه وأخرج منه واحدة من شيكولاتة الضفادع.. كانت آخر واحدة في العلبة التي أهدتها له (هرمايني) في الكريسماس وقدمها إلى (نيفيل) الذي كان يبدو على وشك البكاء وقال: «إنك تساوي عشرة مثل (مالفوي)..لقد اختارتك قبعة التنسيق لتكون في (جريفندور).. أليس كذلك؟! ولكن هو ــ (مالفوي) ــ أين هو؟ إنه في ذلك المنزل الكريه (سليذرين)!».

ابتسم (نيفيل) ابتسامة صغيرة، وقال: «شكرًا يا (هاري)!» وفتح الشيكولاتة وأخرج منها بطاقة السحرة وقال: «سوف أذهب إلى النوم، هل تريد بطاقة السحرة يا (هاري)؟ أظن أنك قد بدأت في تجميع البطاقات..».

ومضى (نيفيل).. ونظر (هاري) إلى البطاقة وقال: «ياه! صورة (دمبلدور) مرة أخرى، لقد كانت أول صورة حصلت عليها في الـ...!».

شهق (هاري) فجأة، وقلب الصورة، ونظر إلى ظهرها، ثم نظر إلى (هرمايني) و(رون)!

وهمس: «لقد وجدته! وجدت (فلاميل)! قلت لكم: إنني قرأت اسمه في مكان ما من قبل.. لقد قرأته في القطار وأنا قادم إلى المدرسة.. اسمعوا: وتعود شهرة الأستاذ (دمبلدور) إلى انتصاره على الساحر الشرير (جريندلوالد) عام ١٩٤٥ واكتشافه الفوائد الاثنتي عشرة لدماء التنين.. ولاختراعاته الكيميائية مع زميله (نيكولاس فلاميل)!».

قفزت (هرمايني) على قدميها..لم تبدُ متحمسة إلى هذه الدرجة منذ حصلوا على درجات أول امتحان لهم بالمدرسة وقالت: «انتظرا هنا..».

وأسرعت تجري إلى عنبر نوم البنات، وعادت قبل أن يتبادلا نظرات الدهشة..وكانت تحمل بين ذراعيها كتابًا قديمًا ضخمًا.. وهمست متحمسة: «لم أفكر في البحث في هذا الكتاب الذي استعرته من المكتبة منذ أسابيع للقراءة الخفيفة».

قال (رون): «خفيفة!»، ولكن (هرمايني) طلبت منه ألا يتكلم؛ حتى تبحث عن شيء في الكتاب.. وأخذت تقلب صفحات الكتاب وتتمتم لنفسها حتى وجدت ما تبحث عنه، وهمست بانفعال: «كنت أعرف ذلك! هذا ما توقعته بالضبط!».

قال (رون) مشاكسًا: «هل مسموح لنا بالكلام الآن؟». وتجاهلته (هرمايني).

وهمست بطريقة درامية: «(نيكولاس فلاميل) هو الوحيد المعروف بصانع حجر الفيلسوف!».

ولم يبدُ على (هاري) و(رون) التأثر الذي توقعته!

قالا معًا: «ماذا؟».

قالت: «يا إلهي! ألا تقرأان أبدًا.. ها هو ذا.. انظرا.. اقرأا!».

وفتحت الكتاب أمام أعينهما.. وقرأ (هاري) و(رون):

«انصبت الدراسات القديمة للكيمياء على عمل حجر الفيلسوف والذي تقول عنه الأساطير: إن له قوى مدهشة.. فالحجر يحول أي معدن إلى ذهب، وينتج عنه إكسير الحياة، والذي يجعل الإنسان خالدًا لا يموت!

وكانت هناك قصص عديدة عن حجر الفيلسوف عبر العصور ولكن الحجر الوحيد الموجود حاليًّا هو حجر (نيكولاس فلاميل).. الكيميائي الشهير، وعاشق الأوبرا..وقد احتفل السيد (فلاميل) بعيد ميلاده الستمائة والخمسة والستين في العام الماضي.. وهو يعيش حياة هادئة في منطقة (ديفون) مع زوجته (بيرينيل) التي يبلغ عمرها ستمائة وثمانية وخمسين عامًا».

وما إن انتهى (هاري) و(رون) من القراءة حتى قالت (هرمايني): «هل رأيتما؟ إن الكلب يحرس حجر الفيلسوف الخاص بـ (فلاميل)! يبدو أنه اكتشف أن هناك من يسعى للاستيلاء عليه، فطلب من (دمبلدور) الذي تربطه به الصداقة أن ينقله من (جرينجوتس) ويحتفظ به لديه!».

قال (هاري): «حجر يحول المعادن إلى ذهب، ويمنع الإنسان من الموت! لا عجب أن يحاول (سنايب) الاستيلاء عليه! كل الناس يرغبون في الحصول على شيء كهذا!».

قال (رون): «لا عجب أننا لم نجد اسمه في كتاب (دراسة في التطورات الحديثة في عالم السحر).. فهو بالتأكيد ليس حديثًا إذا كان عمره ستمائة وخمسًا وستين سنة!».

وخلال حصة مادة (الدفاع ضد فنون الظلام) في اليوم التالي، وفي أثناء كتابتهما للطرق المختلفة لمعالجة عضات المستذئب، كان (هاري) و(رون) لا يزالان يتناقشان فيما يمكنهما فعله بحجر الفيلسوف لو أن لديهما واحدًا، ولم يتذكر (هاري) المباراة المرتقبة إلا عندما قال (رون) إنه سيقوم بشراء فريق لـ(الكويدتش). وقال (هاري) لـ(رون) و(هرمايني): «سوف ألعب هذه المباراة. إن لم أفعل فسيظن طلاب (سليذرين) أنني خائف من مواجهة (سنايب).. سوف أريهم.. ستختفي الابتسامة من وجوههم لو انتصرنا».

ردت (هرمايني): «المهم هو ألا تختفي أنت من الملعب».

ومع اقتراب موعد المباراة.. ازداد (هاري) توترًا.. وكذلك بقية الفريق.. كانت فكرة تقدمهم على (سليذرين) وحصولهم على كأس المنازل فكرة جميلة.. لم يفعل أحد ذلك لسبع سنوات متتالية.. ولكن كيف ينجحون في تحقيق ذلك وهناك ذلك الحكم المتحيز؟

لم يعرف (هاري).. هل هو يتخيل.. أم أن الأمر حقيقة؟ فقد كان يجد (سنايب) أمامه في كل مكان يذهب إليه.. حتى إنه أحيانًا تساءل إن كان (سنايب) يتبعه في محاولة للإمساك به عندما يكون وحده.. وتحولت حصص الوصفات السحرية إلى نوعٍ من العذاب الأسبوعي.. هل يمكن أن يكون (سنايب) قد اكتشف علمهم بحجر الفيلسوف؟ لكن كيف؟ كان ينتاب (هاري) أحيانًا شعور فظيع بأن (سنايب) قادر على قراءة الأفكار!

وفي يوم المباراة، كان (هاري) يعلم أن (هرمايني) و(رون) عندما تمنيا له حظًّا سعيدًا في حجرة الملابس.. كانا يتساءلان ما إذا كانا سيريانه حيًّا مرة أخرى أم لا؟ ولم يكن ذلك شعورًا مريحًا بالنسبة لـ(هاري) الذي ظل شاردًا ولم يسمع كلمة من خطبة (وود) وهو يبدِّل بملابسه ملابس اللعب، ويلتقط مقشته (نيمبوس ٢٠٠٠)!

وفي نفس الوقت، وجدت (هرمايني) و(رون) مكانًا في المدرج بجوار (نيفيل) الذي لم يفهم سببًا لهذا التجهم والقلق الذي يبدو عليهما واندهش من إحضارهما عصويْهما للمباراة..ولم يكن (هاري) يعرف أنهما كانا يتدربان سرًّا على أداء لعنة ربط الأرجل.. لقد جاءتهما الفكرة مما فعله (مالفوي) مع (نيفيل) وكانا مستعدين لاستخدامها ضد (سنايب) لو أبدى أي إشارة لمحاولة إيذاء (هاري).

تمتمت (هرمايني) لـ(رون) بينما كان يدخل عصاه في كمه: «الآن.. لا تنسَ.. إنها لوكوموتور مورتيس».

قال (رون) بحزم: «أعرف.. لا تضايقيني».

وفي حجرة الملابس، أخذ (وود) (هاري) جانبًا وقال له: «اسمع يا (بوتر)، أنا لا أريد أن أضغط عليك، ولكننا بالفعل في أشد الحاجة إلى أن تعثر على الكرة الذهبية في أسرع وقت ممكن؛ حتى تنتهي المباراة بسرعة ونفوّت على (سنايب) فرصة التحيز لفريق (هافلباف) على حسابنا!».

قال (فريد ويزلي) وهو يلقي بنظره خارج الغرفة: «إن المدرسة بأكملها في الخارج! حتى الناظر.. عجبًا! لقد جاء (دمبلدور)؛ ليشاهد المباراة!».

وقفز قلب (هاري)، وقال: «(دمبلدور)؟!» وأسرع إلى الباب؛ لينظر بنفسه وكان (فريد) محقًّا.. إنه هو بلحيته الفضية، لا شك في ذلك! وشعر (هاري) بالارتياح وكاد يضحك عاليًا.. كان متأكدًا أن (سنايب) لن يجرؤ على أذاه بأي صورة في وجود (دمبلدور)!

ولعل ذلك كان السبب في هذا الغضب الواضح الذي ظهر على وجه (سنايب) وهو يراقب الفريقين يدخلان إلى الملعب! حتى إن (رون) لاحظ ذلك وقال لـ(هرمايني): «لم أَرَ (سنايب) عصبيًّا بهذه الطريقة من قبل.. انظري، لقد بدأت المباراة.. آي!».

ضرب أحدهم (رون) في رأسه من الخلف، نظر وراءه ورأى (مالفوي) الذي قال ساخرًا: «من؟ (ويزلي).. آسف.. لم أرك!».

ابتسم (مالفوي) بفخر لصديقيه (كراب) و(جويل)! وعاد يقول: «تُرى، إلى متى سيظل (بوتر) على مقشته هذه المرة؟ هل يريد أحد أن يراهن؟ ما رأيك يا (ويزلي)؟».

لم يردَّ (رون) عليه، وظل مع (هرمايني) يتابعان (هاري) وهو يدور حول الملعب كالصقر باحثًا عن الكرة الذهبية!

وكان (سنايب) قد أعطى لفريق هافلباف ضربة جزاء؛ لأن (جورج ويزلي) قذف (بلادجر) نحوه.

وبعد دقائق، قال (مالفوي) بصوت مرتفع: «أتعرفون كيف يتم اختيار اللاعبين لفريق (جريفندور)؟ إنهم البؤساء الذين يستحقون الشفقة.. انظروا.. مثل (بوتر) الذي لا أهل له، وأولاد عائلة (ويزلي) الفقيرة التي لا مال لديها.. وأنت يا (لونجبوتم) يجب أن تكون في الفريق؛ لأنك بلا عقل!».

واحمر وجه (نيفيل)، ولكنه نظر إلى (مالفوي) وقال: «إنني أساوي عشرة من أمثالك!».

وانفجر (مالفوي) و(جويل) و(كراب) ضاحكين.. أمَّا (رون) الذي كان لا يزال لا يجرؤ على تحويل عينيه بعيدًا عن المباراة فقد قال: «قل له يا (نيفيل)..».

وكان (سنايب) قد منح فريق هافلباف ضربة جزاء أخرى بدون أي سبب على الإطلاق.

قال (مالفوي): «لو أن الذكاء كان ذهبًا، لكنت أنت أفقر من (ويزلي) يا (لونجبوتم)».

وانفجر (رون) ثائرًا خاصة لتوتره من أجل (هاري): «(مالفوي).. إنني أحذرك..كلمة أخرى..».

وصرخت (هرمايني) فجأة: «(رون)! (هاري)!».

(رون): «ماذا؟ أين؟».

كان (هاري) قد اتجه الآن بحركة استعراضية هائلة هابطًا إلى الأسفل.. حتى إن الجماهير شهقت وأخذت تهلل وتصفق، ووضعت (هرمايني) أصابعها في فمها.. و(هاري) يندفع في اتجاه الأرض كالقذيفة!

قال (مالفوي) ساخرًا: «يبدو أنك محظوظ يا (ويزلي)..يبدو أن (بوتر) قد عثر على بعض النقود على الأرض!».

وقبل أن يشعر (مالفوي) بما يحدث..كان (رون) قد قفز فوقه..وأخذا يتصارعان على الأرض..وتردد (نيفيل) قليلًا، ثم اندفع يشترك في القتال!

وصرخت (هرمايني): «هيَّا يا (هاري).. هيَّا!» وقفزت واقفة فوق مقعدها لتشاهد (هاري) وهو ينطلق بأقصى سرعة مباشرة نحو (سنايب) ولم تلاحظ (مالفوي) و(رون) اللذين كانا يتصارعان على الأرض حول مقعدها أو تسمع صوت اللكمات والصراخ الذي كان يتبادله (نيفيل) و(كراب) و(جويل).

وفي الهواء، تحرك (سنايب) على مقشته في اللحظة الأخيرة ليرى شيئًا أحمر يمر كالقذيفة على بُعد بوصات قليلة منه.. وتحول (هاري) معتدلًا، ورفع يده في انتصار، ممسكًا بالكرة الذهبية!

وانفجرت المدرجات بالتصفيق والتهليل؛ فلقد حقق (هاري) رقمًا قياسيًّا جديدًا.. لا أحد يتذكر مباراة تم إمساك الكرة الذهبية فيها بهذه السرعة.

وصرخت (هرمايني) وهي ترقص وتحتضن (بارفاتي باتيل) في الصف الأمامي: «(رون) (رون).. أين أنت؟ لقد انتصرنا! (هاري) انتصر! (جريفندور) في المقدمة!».

وقفز (هاري) من فوق عصاه إلى الأرض، وهو لا يصدق نفسه؛ لقد أمسك بالكرة.. وانتهت المباراة! لم تستمر أكثر من خمس دقائق.. وهبط (سنايب) قريبًا منه وقد اصفر وجهه وتجمدت شفتاه.. وشعر (هاري) بيد تربت على كتفه،ورأى وجه (دمبلدور) الباسم.

قال (دمبلدور): «أحسنت»، ثم أضاف بصوت خافت؛ حتى لا يسمعه أحد سوى (هاري): «يسعدني أنك لم تعد تدور بحثًا عن المرآة.. وشغلت نفسك.. رائع..».

وبعد مرور بعض الوقت، خرج (هاري) وحيدًا من غرفة تغيير الملابس واتجه إلى مخزن المقشات؛ ليضع (نيمبوس ٢٠٠٠) في مكانها.. كان يشعر بسعادة لم يشعر بمثلها في أي وقت في حياته.. لقد حقق نجاحًا رائعًا.. ولم يعد بمقدور أحد أن يقول بعد الآن إنه مجرد اسم مشهور لا غير، كان لهواء المساء رائحة عذبة لم يشمها من قبل.. وسار على العشب المبلل منتشيًا فرحًا، وأخذ يتذكر الساعة الأخيرة عندما حمله فريق (جريفندور) على الأكتاف.. وكان (رون) و(هرمايني) على البعد يقفزان فرحًا و(رون) يشجعه ويحييه بينما كانت الدماء تسيل من أنفه.

وصل (هاري) إلى مخزن المقشات.. اعتمد على الباب الخشبي بظهره.. ونظر مبتهجًا فخورًا إلى القلعة، كانت نوافذها تعكس ضوء غروب الشمس.. بلون أحمر جميل.

نعم.. لقد فعلها.. وانتصر.. انتصر على (سنايب)..

وعلى ذكر (سنايب)..

رآه يهبط سلالم القلعة متسللًا.. كان من الواضح أنه لا يريد لأحد أن يراه، واتجه إلى الغابة المحرمة..ونسي (هاري) كل شيء عن انتصاره وفرحته به..ما الذي يدعو (سنايب) إلى التسلل إلى الغابة المحرمة في هذا الوقت؟ لابد أنه انتهز فرصة انشغال الجميع بالعشاء.. وتسلل دون أن يراه أحد.. ما الذي يحدث؟

قفز (هاري) على ظهر مقشته، وطار في الهواء وأخذ يراقب (سنايب) فوجده يدخل الغابة، فتبعه..كانت الأشجار كثيفة، فلم يستطع أن يراه.. فأخذ يطير في مسارات دائرية وانخفض أكثر مبعدًا قمم الأشجار حتى سمع أصواتًا.. فهبط بهدوء شديد على فرع شجرة ضخمة، وتسلقه بحذر وتدلَّى من الشجرة وهو متعلق بمقشته ونظر بين فروعها وأوراقها.

ورأى (سنايب) واقفًا في الظلال يتحدث مع الأستاذ (كويريل).. لم يستطع (هاري) مشاهدة وجهه، لكنه كان يتحدث بصوت متقطع خائف: «لـ... لست أدري.. لماذا تريد.. أن نتـ... نتقابل في هذا المكان المـ... المخيف يا (سيفيروس)!».

قال (سنايب) ببرود: «لأنني أريد أن أحتفظ بالأمر سرًّا.. يجب ألا يعرف أحد من التلاميذ شيئًا عن حجر الفيلسوف!».

ومال (هاري) إلى الأمام أكثر وتمتم (كويريل) بشيء وقاطعه (سنايب): «هل استطعت أن تجد طريقة للمرور من وحش (هاجريد)؟».

(كويريل): «لـ... لكن.. (سيفيروس).. أنا..».

قال (سنايب) وقد خطا خطوة مقتربًا منه: «(كويريل).. هل تريد أن أكون عدوًّا لك؟».

(كويريل): «إنني... إنني... لا أعرف..».

(سنايب): «إنك تعرف ما أعنيه بالضبط!».

وفي هذه اللحظة، نعقت بومة بصوت عالٍ فارتبك (هاري) وكاد يقع من فوق الشجرة وعندما اعتدل أخيرًا سمع (سنايب) يقول: «...استخدم شيئًا من تلك المهارات المتقدمة التي تتقنها!».

(كويريل): «لـ... لكنني.. لا.. لا أفعل...».

قاطعه (سنايب) بحدة: «حسنًا.. سيكون لنا حديث آخر في وقت قريب! عندما تفكر جيدًا وتقرر لمن ولاؤك!».

والتف في عباءته وخرج مسرعًا من الغابة.. كانت السماء قد أظلمت الآن. إلا أن (هاري) استطاع أن يرى (كويريل) متجمدًا في مكانه؛ كمن أصابته صاعقة!

صاحت (هرمايني): «(هاري)..أين كنت؟».

وخبط (رون) (هاري) على ظهره وهتف: «لقد انتصرنا.. أنت انتصرت.. انتصرنا جميعًا! وهزمت (مالفوي).. وحاول (نيفيل) أن يتغلب على (جويل) و(كراب) وحده! ولكنه لا يزال تحت العلاج عند مدام (بومفري).. الجميع في انتظارك في الغرفة العامة.. سنقيم حفلًا.. سرق (فريد) و(جورج) بعض الكعك والحاجيات من المطبخ استعدادًا للحفل!».

قال (هاري) وأنفاسه متقطعة: «لا بأس بكل هذا، لكن دعونا نجد حجرة خالية.. انتظروا لتسمعوا ما حدث!».

ووجدوا حجرة، وتأكدوا أن (بيف) غير موجود بها قبل أن يغلقوا الباب خلفهم، وقص عليهم (هاري) كل ما رآه وسمعه قائلًا: «لقد كنا على حق.. إنه حجر الفيلسوف، و(سنايب) يحاول إجبار (كويريل) على مساعدته في الحصول عليه.. لقد سأله إن كان يعرف كيف يمر عبر (فلافي) وقال شيئًا عن مهارات (كويريل) السحرية.. أنا متأكد أن هناك أشياء غير فلافي تحرس الحجر، ربما تعاويذ شديدة القوة.. يمكن أن يكون (كويريل) قد صنع تعاويذ مقاومة للسحر الأسود.. يحتاجها (سنايب)؛ حتى يستطيع الدخول....!».

قالت (هرمايني) محذرة: «إذًا أنت تعني أن الحجر سيكون في أمان ما دام (كويريل) مستعدًّا لـ(سنايب)».

قال (رون): «سيكون قد اختفى يوم الثلاثاء القادم».