×

We use cookies to help make LingQ better. By visiting the site, you agree to our cookie policy.


image

هاري بوتر وحجر الفيلسوف, ١٠ هـــالـــوويــــن

١٠ هـــالـــوويــــن

لم يصدق (مالفوي) عينيه عندما رأى (رون) و(هاري) في اليوم التالي وعرف أنهما لا يزالان في (هوجوورتس).. كان الإرهاق واضحًا عليهما.. ولكنهما في غاية السرور؛ فقد اعتبرا لقاءهما مع الكلب ذي الرءوس الثلاثة مجرد مغامرة مثيرة.. وكانا في غاية الشوق لتكرار المغامرة.. وفي نفس الوقت، روى (هاري) لـ(رون) كل شيء عن اللفافة التي أخذها (هاجريد) من (جرينجوتس) إلى (هوجوورتس) وقطعا وقتًا طويلًا في مناقشة طبيعة هذا الشيء الذي يحتاج إلى كل هذه الحماية.

قال (رون): «إما أنه شيء خطير جدًّا وإما ثمين جدًّا».

قال (هاري): «وإما الاثنان معًا».

ولكن بما أن كل معلوماتهما عن الشيء الغامض هي أن عرضه لا يزيد على بوصتين، فإن فرصتهما في تخمين طبيعته كانت منعدمة.

أما (نيفيل) و(هرمايني) فلم يهتما نهائيًّا بما يحرسه الكلب. كان كل ما يهم (نيفيل) هو ألا يلتقي بهذا الوحش مرة أخرى.. أما (هرمايني) فقد قاطعت (هاري) و(رون) نهائيًّا ولم تعد تتبادل معهما أي حديث.. وبما أنها كانت تثير ضيقيهما دائمًا بميلها إلى الإمارة والسيطرة، فقد كانا سعيديْن بمقاطعتها لهما، ولم يشغل تفكيرهما غير إيجاد طريقة للرد على (مالفوي).

ثم.. وبعد أسبوع كامل.. حدث ما أسعدهما.. فقد وصل البريد.. وطار البوم كالعادة في البهو العظيم.. ولفت نظر الجميع هذه الربطة الطويلة التي تحملها ست بومات من البوم الكبير. وكان (هاري) مثل باقي التلاميذ مهتمًّا بمعرفة طبيعة هذا الطرد عندما هبط البوم.. ووضع الطرد أمامه.. ثم بمجرد أن طارت البومات الست.. هبطت بومة أخرى.. وألقت برسالة فوق الطرد!

فتح (هاري) الرسالة أولًا.. وكان ذلك من حسن حظه؛ فقد كانت تقول:

«لا تفتح الطرد على المائدة، يحتوي الطرد على مقشتك الجديدة؛ (نيمبوس٢٠٠٠) لكنني لا أريد أن يراها أحد.. وإلا طالب الجميع بمثلها.. سوف يقابلك (أوليفر وود) هذا المساء في ملعب (الكويدتش) في الساعة السابعة؛ لتبدأ أول التمارين.

الأستاذة (م. ماكجونجال)».

واستطاع (هاري) أن يكتم فرحته بصعوبة وهو يناول الرسالة إلى (رون)!! وقال (رون) بحسد: «(نيمبوس٢٠٠٠) إنني حتى لم أَرَ واحدة منها إلى الآن! !».

وتركا البهو بسرعة يريدان فتح الطرد في مكان خاص بهما قبل أن تبدأ الحصة الأولى.. ولكن بعد أن عبرا نصف بهو الدخول.. وَجَدَا الطريق إلى أعلى السلم مغلقًا بـ(كراب) و(جويل)..ومد (مالفوي) يده واختطف الربطة من (هاري)، ثم قال وهو يلقيها إليه مرة أخرى، وقد ظهر على وجهه الغيرة الشديدة: «إنها مقشة.. ستفصل بالتأكيد هذه المرة يا (بوتر).. ممنوع على تلاميذ الفصل الأول استعمال المقشات!».

لم يستطع (رون) أن يتمالك نفسه وقال: «إنها ليست عصا عادية.. إنها (نيمبوس٢٠٠٠).. ماذا لديك أنت في البيت يا (مالفوي)؟.. (كوميت ٢٦)».

ونظر إلى (هاري) باسمًا وقال: «قد تبدو (الكوميت) سريعة.. ولكنها ليست في مستوى (نيمبوس)!».

صاح (مالفوي) غاضبًا: «وما الذي تعرفه أنت يا (ويزلي) عن المقشات. إنكم لا تملكون ما يكفي لشراء نصف مقشة. أراهن أنك وإخوتك توفرون أموالكم لسنوات حتى تستطيعوا شراء واحدة».

قبل أن يرد (رون)، ظهر الأستاذ (فليتويك) بجوار (مالفوي)..وقال: «ماذا يحدث هنا؟ هل تتشاجرون؟».

قال (مالفوي) بسرعة: «لقد وصلت إلى (بوتر) عصا مقشة يا أستاذ!».

قال الأستاذ وهو يبتسم لـ(هاري): «نعم.. نعم.. أخبرتني الأستاذة (ماكجونجال) بكل شيء عن هذا الطرد الخاص. ما نوعها يا (بوتر)؟».

قال (هاري) وهو يكتم الضحك من نظرة الرعب التي ارتسمت على وجه (مالفوي): «إنها (نيمبوس ٢٠٠٠) يا سيدي، والحقيقة أن الفضل يعود لـ(مالفوي)؛ فهو السبب في حصولي عليها».

واتجه (هاري) و(رون) يصعدان السلم ضاحكين من غضب (مالفوي) وحيرته.

وعندما وصلا إلى أعلى السلالم الرخامية، قال (هاري): «حسنًا، إنها الحقيقة.. لو أن (مالفوي) لم يسرق كرة التذكير من (نيفيل) ما كنت قد اشتركت في الفريق».

وجاء صوت غاضب من الخلف: «إذًا أنت تعتقد أنها مكافأة لك على مخالفة تعليمات المدرسة». كان ذلك صوت (هرمايني) التي كانت تنظر إلى الطرد بخيبة أمل.

قال (هاري): أظن أنكِ لا تتكلمين معنا».

(رون): «نعم، واصلي هذا من فضلك.. فإنه أمر عظيم بالنسبة لنا».

سارت (هرمايني) بعيدًا وهي ترفع أنفها عاليًا.

لم يستطع (هاري) التركيز في دروسه في هذا اليوم؛ حيث كان يفكر في المقشة الموضوعة تحت سريره، أو يشرد بفكره إلى ملعب (الكويدتش)؛ حيث سيتعلم كيفية اللعب في المساء، لم يشعر (هاري) بطعم الطعام وهو يتناول عشاءه هذه الليلة، واندفع مع (رون) بعد العشاء؛ ليُخرجا (نيمبوس ٢٠٠٠) من ربطتها.

تنهد (رون) قائلًا: «واو!» وهو يسحب عصا المقشة من ربطتها، وحتى (هاري) الذي لا يعرف الفرق بين أنواع المقشات المختلفة شعر بأنها شيء رائع؛ كانت ناعمة ولامعة، ولها يد من الخشب الماهوجني الثمين، وذيلها من الشعر الناعم المنسق، ومكتوب بالذهب على يدها (نيمبوس٢٠٠٠)!

وعندما اقتربت الساعة من السابعة، ترك (هاري) القلعة، واتجه إلى الملاعب وتوجه إلى ملعب (الكويدتش) وكانت المرة الأولى التي يدخل فيها الاستاد، ورأى دائرة من المقاعد المرتفعة في الهواء؛ حتى يتمكن المشاهدون من متابعة اللعبة، وفي كل طرف من طرفي الملعب كانت هناك ثلاثة أعمدة ذهبية عالية.. ترتفع عن الأرض٥٠ قدمًا.. وفي نهاية كل منها طوق مستدير.

كان (هاري) في شوق للطيران؛ فامتطى عصاه وطرق الأرض بقدمه، وارتفع في الهواء، وشعر بسعادة بالغة وهو يتحرك بها صاعدًا وهابطًا متحركًا لليمين ولليسار بكل سهولة.. والمقشة تستجيب له بالحركة في كل اتجاه يريده بمجرد لمسة منه.

«هيه (بوتر). اهبط الآن!».

وصل (أوليفر وود) وهو يحمل في يده صندوقًا خشبيًّا، وهبط (هاري) بجواره.

قال (وود) وعيناه تلمعان بالسعادة: «رائع.. فهمت الآن ما تعنيه الأستاذة (ماكجونجال).. إنك موهوب بالطبيعة.. كل ما عليَّ هو تعليمك القواعد هذه الليلة، ثم تشترك مع الفريق في التمرين ثلاث مرات أسبوعيًّا».

وفتح الصندوق وكان بداخله أربع كرات مختلفة الأحجام.

قال (وود): «والآن.. إن (الكويدتش) لعبة من السهل أن تفهمها، وإن كان من الصعب أن تلعبها، وتتكون من فريقين في كل منهما سبعة لاعبين، ثلاثة منهم يطلق عليهم مطاردون».

قال (هاري): «ثلاثة مطاردين» وأخرج (وود) كرة حمراء لامعة من الصندوق في حجم كرة القدم تقريبًا وقال: «تسمى هذه الكرة (الكوافل) ويتبادل المطاردون هذه الكرة، ويحاولون إحراز أهداف بإسقاطها داخل الأطواق، وفي كل مرة تدخل (الكوافل) أحد الأطواق تسجل هدفًا ويحسب بعشر نقاط.. هل فهمت ما قلته؟».

قال (هاري): «يرمي المطاردون (الكوافل) عبر الأطواق لإحراز الأهداف؛ إن هذا يشبه لعب كرة السلة فوق مقشات سحرية وبستة أطواق».

قال (وود) بفضول: «ما كرة السلة؟».

قال (هاري) بسرعة: «لا تشغل بالك».

(وود): «اللاعب الرابع هو الحارس، ومهمته هي الطيران حول الأطواق ومنع (كوافل) الفريق المضاد من الدخول فيها، وهذه هي مهمتي فأنا حارس فريق (جريفندور)».

كان (هاري) مصممًا على تذكُّر كل شيء، وقال: «ثلاثة مطاردين وحارس يلعبون بكرة يطلق عليها (الكوافل) حسنًا، لقد فهمت هذا ولكن ما فائدة هذه...؟». وأشار إلى الكرات الثلاث التي ما زالت في الصندوق.

قال (وود): «سأريك الآن. خذ هذا».

ثم أعطى لـ(هاري) مضربًا صغيرًا.. وأراه كرتين متشابهتين.. لونهما أسود وهما أصغر قليلًا من الكوافل.. وتبدوان كأنهما تريدان الهرب من الشرائط التي تثبتهما داخل الصندوق. وقال: «هاتان الكرتان هما (البلادجر).. سأريك ما تفعلانه». ثم أضاف محذرًا (هاري): «ابتعد عن طريقها». وانحنى وقام بتحرير واحدة منهما.

انطلقت الكرة السوداء على الفور في الهواء، ثم طارت في اتجاه (هاري) الذي ضربها بسرعة بالمضرب قبل أن تكسر أنفه؛ فطارت مبتعدة في مسار ملتوٍ ولفَّت حولهم بسرعة قبل أن تتجه إلى (وود) الذي أسرع برمي نفسه عليها، وأعادها إلى مكانها داخل الصندوق بصعوبة بالغة، وثبتها بمكانها، ثم قال وهو ينهج: «أرأيت؟ تطير (البلادجر) بسرعة كبيرة حول اللاعبين وتحاول إيقاعهم من فوق مقشاتهم؛ وذلك هو سبب وجود اثنين من الضاربين في كل فريق.. والضاربان عندنا هما التوءمان (ويزلي) ومهمتهما هي حماية لاعبي فريقهم من (البلادجر) وتوجيهه إلى لاعبي الفريق الخصم. حسنًا، هل فهمت ذلك كله؟».

قال (هاري): «ثلاثة مطاردين يحاولون تسجيل الأهداف بـ(الكوافل) والحارس يحرس الأطواق؛ حتى لا يسجل الفريق الآخر الأهداف.. والضاربان يبعدان (البلادجر) عن فريقهم».

قال (وود): «رائع! !».

وسأله (هاري) بطريقة تمنى أن تبدو عفوية: «هل تسبب (البلادجر) في قتل أي شخص من قبل؟».

(وود): «ليس في (هوجوورتس). كسر فك بعض اللاعبين، ولكن لا شيء أكثر من ذلك. والآن، آخر عضو في الفريق هو الباحث، وهذا هو مركزك. ويجب عليك ألا تقلق من (الكوافل) أو (البلادجر)...».

(هاري): «...إلا إذا أصابتني وفتحت رأسي».

(وود): «لا تقلق. التوءمان (ويزلي) أكثر من ممتازين فيما يخص (البلادجر). هما أنفسهما يشبهان زوجًا من (البلادجر) البشري».

ومد يده داخل الصندوق وأخرج الكرة الرابعة والأخيرة، وكانت في حجم كرة تنس الطاولة، ومصنوعة من الذهب البراق، ولها جناحان من الفضة.

قال (وود): «وهذه هي (السنيتش) أو الكرة الذهبية، وهي أهم كرة في اللعبة كلها، ومن الصعب الإمساك بها؛ فهي سريعة جدًّا ومن الصعب رؤيتها. ومهمة الباحث هي إمساكها؛ لذلك يجب عليك أن تطير متفاديًا المطاردين والضاربين و(البلادجر) و(الكوافل) حتى تمسكها قبل باحث الفريق الآخر؛ لأن الباحث الذي ينجح في ذلك يضاف إلى فريقه ١٥٠ نقطة، وهكذا تنتهي المباراة بفوزه غالبًا، وعادة ما يتحمل الباحث عبئًا كبيرًا جدًّا؛ لأن مباراة (الكويدتش) لا تنتهي إلا عندما يتم الإمساك بالكرة الذهبية. ويمكن أن تستمر مباراة (الكويدتش) لفترات طويلة جدًّا.. وأعتقد أن الرقم القياسي هو ثلاثة أشهر؛ حيث اضطروا إلى إدخال البدلاء مرة بعد مرة؛ حتى يستطيع اللاعبون النوم!

حسنًا، هذا كل شيء.. ألديك أسئلة؟».

هز (هاري) رأسه، إنه يعرف الآن ما سيفعله.. ولكن كيف؟ هذا هو السؤال!

ووضع (وود) الكرة بكل عناية في الصندوق وقال: «لا يمكننا التدريب بها الآن، وقد بدأ الظلام يحل ويمكن أن تضيع. ولكن دعنا نتمرن قليلًا بهذه». وأخرج من جيبه مجموعة من كرات الجولف العادية، وطار الاثنان في الفضاء، وأخذ (وود) يلقي الكرات بسرعة، وبأقصى قوته، بينما يندفع إليها (هاري) في كل الجهات ليلتقطها ونجح في الوصول إليها جميعًا.. لم تسقط منه كرة واحدة.. وكان (وود) سعيدًا وبعد نصف ساعة كان الظلام قد حل فعلًا، ولم يستطيعا الاستمرار.

وفي أثناء عودتهما إلى القلعة، قال (وود) بسعادة: «إن الكأس مكتوب عليها اسمنا منذ الآن.. إنك تلعب أفضل من (تشارلي ويزلي) والذي كان بوسعه أن يلعب باسم إنجلترا لو أنه لم ينشغل بمطاردة التنين بعد تخرجه».

كان (هاري) مشغولًا بتمارين (الكويدتش) ثلاث مرات أسبوعيًّا، بالإضافة إلى الواجبات المدرسية الكثيرة؛ ولذلك لم يصدق نفسه عندما اكتشف مرور شهرين كاملين على وجوده في (هوجوورتس) وأنه يشعر بالألفة وكأنها بيته العزيز أكثر كثيرًا من شعوره عندما كان في شارع (بريفت درايف).. حتى دروسه أصبحت أكثر تشويقًا بعد أن تعلم الأساسيات.

وفي صباح عيد الهالووين، استيقظوا على رائحة شهية تملأ الممرات.. كانت رائحة كعك القرع الخاص بهذا العيد.. وفي حصة التعاويذ، أعلن لهم الأستاذ (فليتويك) أنهم سيبدءون في دروس التحريك اليوم، وقابلوا الخبر بفرحة كبيرة؛ فقد كانوا في شوق لهذه الدروس منذ اللحظة التي رفع فيها الأستاذ (فليتويك) ضفدع (نيفيل) وجعله يطير في الهواء فوق رءوسهم.. وقسمهم الأستاذ كل اثنين معًا.. وكان زميل (هاري) هو (شيموس فينيجان). أما (رون) فكان عليه أن يعمل مع (هرمايني جرانجر) ومن الصعب تحديد أيهما كان أكثر غضبًا من ذلك خاصة أن (هرمايني) لم تكلم أحدًا منهما منذ يوم وصول مقشة (هاري).

قال الأستاذ (فليتويك) وهو واقف فوق كومة الكتب كالمعتاد: «الآن، لا تنسوا حركة المعصم الانسيابية التي تدربنا عليها! حركوا العصا بانسيابية ثم انقروا، لا تنسوا، حركة انسيابية ثم انقروا.. وتذكروا أيضًا أن نطق العبارات السحرية بطريقة صحيحة مهم جدًّا.. لا تنسوا الساحر (باروفيو) الذي نطق تعويذة خطأ ولفظ حرف «س» بدلًا من حرف «ف»، فوجد نفسه على الأرض وقد بركت جاموسة ضخمة فوق صدره».

كان الأمر في منتهى الصعوبة.. أخذ (هاري) و(شيموس) يحركان عصويْهما بانسيابية وينقران مرة بعد مرة.. ولكن الريشة التي كان من المفترض أن يحركاها لم تتحرك من مكانها فوق المكتب. حتى إن (شيموس) فقد صبره في النهاية، وخرج من عصاه شرر أشعل النار في الريشة واضطر (هاري) أن يخمدها بقبعته.

لم يكن حظ (رون) -الذي كان يقف على المائدة التالية لهما ــ أفضل منهما.

أخذ يردد التعويذة وهو يحرك ذراعه الطويلة مثل طاحونة الهواء: «ونجارديام لفيوزا!».

وسمع (هاري) (هرمايني) وهي توجهه قائلة: «إنك تقولها بشكل خطأ.. مدّ في نطقها.. هكذا: ونجارد.. يام لفيو.. زا!».

قال (رون) غاضبًا: «حسنًا.. جربي أنت!».

أرجعت (هرمايني) أكمام ردائها إلى الوراء ونقرت عصاها وقالت ببطء: «ونجارد.. يام لفيو.. زا!».

وإذا بالريشة ترتفع إلى أعلى حوالي أربعة أقدام! وتطير فوق رءوسهم.

صفق الأستاذ (فليتويك) وقال باسمًا: «آهٍ! رائع! أحسنتِ! فلينظر الجميع هنا، لقد نجحت الآنسة (جرانجر) في عملها!».

اشتد غضب (رون) وقال لـ(هاري) في أثناء خروجهما من الفصل: «لهذا لا يحب أحد أن يتعرف إليها.. إنها لا تُحتمل بالمرة».

اصطدم أحدهم بكتف (هاري) وكان يجري مسرعًا.. نظر (هاري) فوجد أنها (هرمايني)، وألقى نظرة على وجهها، ودهش عندما رأى الدموع في عينيها!

قال (هاري): «لقد سمعت ما قلته عليها!».

قال (رون) وقد ظهر عليه الضيق: «وماذا في هذا؟ ألا ترى أنه لا أصدقاء لها؟!».

ولم تظهر (هرمايني) في أثناء الدرس التالي، ولا طوال فترة بعد الظهر.. وفي طريق نزولهم إلى البهو العظيم لحضور مأدبة الهالووين، سمع (هاري) و(رون) زميلتهما (بارفاتي باتيل) تقول لصديقتها (لافيندر) إن (هرمايني) كانت تبكي في حمام البنات، وإنها قالت إنها تريد أن تكون وحدها! وازداد ضيق (رون).. ولكن بعد لحظات، دخلوا البهو العظيم، وشاهدوا ديكور الهالووين الذي أنساهم كل شيء عن (هرمايني).

كانت آلاف الخفافيش تطير خارجةً من السقف والجدران، وانسابت جماعة منها مثل الغمامة السوداء ترفرف فوق الموائد؛ مما جعل أضواء آلاف الشموع الموجودة داخل ثمار القرع تتراقص.. وظهرت الوليمة الفاخرة في الأطباق الذهبية كما حدث في وليمة بداية العام!

وفي اللحظة التي بدأ فيها (هاري) يمد يده ليملأ طبقه بالطعام، اندفع إلى البهو الأستاذ (كويريل) وعمامته تهتز والفزع على وجهه.. ونظر إليه الجميع عندما وصل إلى مقعد الأستاذ (دمبلدور) وانهار مستندًا إلى المائدة وهو ينهج.. وصرخ: «الغول في الأقبية.. جئت لأخبركم بهذا!». ثم سقط على الأرض مغشيًّا عليه!

حدث هرج وضوضاء..واحتاج الأمر إلى أن يصدر الأستاذ (دمبلدور) من طرف عصاه شررًا بنفسجيَّ اللون، حتى يعود الهدوء إلى المكان، وقال: «رواد المنازل.. اصطحبوا تلاميذكم إلى البيوت وعنابر النوم فورًا!».

وهب (بيرسي) على الفور! وقال: «اتبعوني.. تجمعوا معًا.. الفصول الأولى، لا تخشوا شيئًا من الغول. فقط اتبعوا تعليماتي.. والآن هيَّا.. ابقوا ورائي ولا تبتعدوا! أفسحوا الطريق لتلاميذ الصف الأول لو سمحتم! أنا رائد منزل!».

سأل (هاري) وهو يصعد السلم: «كيف وصل الغول إلى هنا؟».

رد (رون): «لا أعرف.. المعروف أنهم أغبياء.. ربما أحضره (بيف) لعيد الهالووين!».

ومروا بالعديد من الناس المذعورين، يجرون في كل اتجاه. وفي أثناء مرورهم بمجموعة من تلاميذ (هافلباف)، جذب (هاري) ذراع (رون) فجأة!

قال: «تذكرت الآن.. (هرمايني)».

(رون): «ماذا بها؟».

(هاري): «إنها لا تعرف بوجود الغول!».

عض (رون) على شفتيه، ثم قال: «حسنًا.. يجب ألا يرانا (بيرسي)!!». وخفضا رأسيهما وانضما إلى تلاميذ (هافلباف) الذاهبين إلى الاتجاه المضاد، وانسلا منهم عند مرورهم بممر جانبي مهجور، وأسرعا متجهين إلى حمام الفتيات! وبمجرد أن مرا بأول منحنى.. سمعا صوت أقدام خلفهما! قال (رون): «بيرسي!»، وجذب (هاري) واختفيا خلف تمثال حجري! اختلسا النظر، فلم يجدا (بيرسي) ولكن (سنايب) الذي عبر الممر بسرعة، واختفى في الجهة الأخرى.

وهمس (هاري): «إلى أين هو ذاهب؟ لماذا لم يذهب إلى الأقبية مع باقي الأساتذة؟!».

(رون): «لا أعرف!».

عبرا الممر التالي بهدوء وحذر وهما يسمعان صوت أقدام (سنايب) يتلاشى شيئًا فشيئًا في نهايته، وقال (هاري): «إنه يتجه إلى الدور الثالث!»، ولكن (رون) أمسك بذراعه وقال: «ألا تشم شيئًا؟».

تشمَّم (هاري) الهواء، ووصلت إلى رئتيه رائحة كريهة، وكأنها قادمة من دورات مياه لم ينظفها أحد قطُّ! ثم سمعا صوت زمجرة تلاه دبيب خطوات عملاقة.. أشار (رون) إلى نهاية الممر نهاية اليسار.. فرأيا شيئًا هائلًا يتحرك نحوهما.. فانكمشا في الظلال، وأخذا ينظران إليه حتى وصل إلى بقعة من نور القمر.. كان منظرًا مهولًا؛ شيئًا طوله ١٢ قدمًا.. ذا جلد رمادي كئيب، وجسمه الضخم الصخري لا يتناسب مع رأسه الأصلع الذي يشبه ثمرة جوز الهند.. وساقاه قصيرتان غليظتان مثل جذع الشجر، كانت الرائحة تهب منه.. شيء لا يصدق.. ويمسك في يده هراوة ضخمة، كان يجرها على الأرض لطول ذراعيه..

وتوقف الغول بجوار أحد الأبواب، ونظر إلى الداخل.. ثم حرك أذنيه الكبيرتين، ولا أحد يعرف ماذا فكر بعقله الصغير.. ولكنه دخل إلى الحجرة!

قال (هاري): «انظر.. المفتاح في الباب.. ما رأيك أن نغلق عليه الغرفة؟!».

قال (رون) بعصبية: «فكرة جيدة».. اقتربا من الباب المفتوح وهما مرعوبان، يدعوان ألا يكون الغول على وشك الخروج، ثم قفز (هاري) بسرعة، وأمسك المفتاح وشد الباب وأغلقه به.

عادا مسرعيْن فرحيْن بالنصر.. لكنْ عندما وصلا إلى ركن الممر، سمعا صرخة رعب هائلة جعلت قلبيهما يتوقفان.. كانت الصرخة قادمة من الحجرة التي أغلقاها على الغول..

قال (رون) وقد أصبح وجهه باهتًا مثل (البارون الدامي): «أوه.. لا!».

صرخ (هاري): «إنه حمام الفتيات!».

وصرخا معًا: «(هرمايني)! !».

وكان عليهما أن يقوما بآخر عمل يريدان فعله.. ولكن لم يكن لديهما خيار آخر.. استدارا وعادا إلى الباب وهما يرتجفان من الرعب، وأدار (هاري) المفتاح، ودفع الباب ليفتحه، واندفعا إلى الداخل!

كانت (هرمايني) ترتعش وهي ملتصقة بالحائط المواجه، وتبدو على وشك الإغماء.. والغول يتقدم نحوها محطمًا الأحواض في طريقه.

قال (هاري) لـ(رون) يائسًا: «يجب أن نشغله». وأمسك بماسورة وألقى بها إلى الحائط بكل قوته.. وتوقف الغول على بعد خطوات قليلة من (هرمايني).. واستدار خلفه ونظر بغباء؛ باحثًا عن مصدر الصوت.. ووقعت عيناه على (هاري).. تردد قليلًا.. ثم تحول إليه وهو يرفع هراوته!

وصاح (رون) من الجهة الأخرى من الغرفة: «هيه، أيها الغبي!».. وألقى عليه أنبوبة حديدية، ولم يبدُ عليه أنه شعر بالأنبوبة التي ارتطمت بكتفه.. ولكنه سمع الصياح وتوقف للحظات مرة أخرى قبل أن يتحول ويتجه نحو (رون) ويعطي الفرصة لـ(هاري) ليدور حوله ويصيح في (هرمايني): «أسرعي.. اجري.. اجري!» ويحاول جرها إلى الباب، لكنها لم تستطع أن تتحرك؛ كانت ملتصقة بالحائط، وقد تقطعت أنفاسها من الرعب! وأثار الصراخ الغول فأخذ يزأر بغضب، واتجه إلى (رون) الذي كان أقرب الجميع إليه، ولا يوجد لديه طريق للفرار!

وهنا قام (هاري) بعمل جنوني.. استجمع قواه وقفز وتعلق برقبة الغول من الخلف، لكن الغول لم يشعر به.. وطارت عصا (هاري) من يده وهو يقفز واندفعت لتدخل في إحدى فتحتي أنف الغول.

وصرخ الغول من الألم.. ومد يده؛ ليمزق (هاري) تمزيقًا.. أو يضربه بهراوته ضربة قاتلة!

وانزلقت (هرمايني) إلى الأرض رعبًا.. وسحب (رون) عصاه.. ودون أن يشعر بما يفعل، وجد نفسه يرفع عصاه ويصيح بالتعويذة التي يعرفها: «وينجار.. ديام لفيو.. زا».

وطارت الهراوة في الهواء فجأة من يد الغول، وارتفعت عاليًا في الهواء، ثم تحولت لتهبط بكل عنف على رأس صاحبها.. وترنح الغول في مكانه، ثم سقط على وجهه فوق الأرض.. وارتطم بها بعنف؛ لتهتز الحجرة كلها وكأنها أصابها زلزال!

ووقف (هاري) وهو يرتعش.. وتجمد (رون) في مكانه، وعصاه في يده لا تزال مرفوعة ينظر إلى ما فعل.

ونطقت (هرمايني) أولًا: «هل هو ميت؟».

(هاري): «لا أظن.. أعتقد أنه فقد وعيه فقط».

انحنى (هاري) وجذب عصاه من أنف الغول؛ كانت مغطاة بشيء يشبه الصمغ الرمادي، وقال: «يع.. مخاط أنف الغول»، ومسح العصا في بنطلون الغول.

فجأة، ارتفعت أصوات أقدام تقترب.. لابد أن أحدًا بالأسفل سمع صوت التحطيم وصرخات الغول.. وبعد لحظة، وصلت الأستاذة (ماكجونجال) واندفعت إلى الحجرة.. يتبعها (سنايب) مباشرة ثم (كويريل) الذي نظر إلى الغول ثم أخرج صيحة صغيرة وجلس على التواليت واضعًا يده على قلبه.

انحنى (سنايب) على الغول، ونظرت الأستاذة (ماكجونجال) إلى (رون) و(هاري) وقد بدا عليها الغضب الشديد.. لم يرها (هاري) غاضبة هكذا من قبل، وانتهى أمله في الحصول على ٥٠ نقطة من أجل (جريفندور).. صرخت الأستاذة فيهما قائلة: «ما الذي أتى بكما إلى هنا؟ أنتما محظوظان فلم يقتلكما! كيف خرجتما من حجرتيْ نومكما؟».

نظر (هاري) إلى (رون)، فوجده لا يزال واقفًا وعصاه مرفوعة في يده.

وألقى (سنايب) على (هاري) نظرة سريعة حادة، وأحنى (هاري) رأسه ونظر إلى الأرض وهو يتمنى أن يُنزل (رون) عصاه.

وفجأة، جاء صوت رفيع من الركن: «من فضلك يا أستاذة (ماكجونجال).. لقد كانا يبحثان عني..». كانت (هرمايني) قد استطاعت أن تقف على قدميها أخيرًا.

الأستاذة (ماكجونجال): «آنسة (جرانجر)!».

(هرمايني): «لقد خرجت أبحث عن الغول لأنني... لأنني ظننت أنني سأنجح في التعامل معه وحدي.. فقد قرأت كل شيء عنه!».

أنزل (رون) عصاه مستعجبًا.. (هرمايني جرانجر) تكذب عن قصد على الأستاذة.

واصلت (هرمايني): «لقد أنقذا حياتي.. كاد يقضي عليَّ.. لولا وصولهما! لقد حشر (هاري) عصاه في أنفه، بينما استطاع (رون) أن يُفقده وعيه بضربة من هراوته! لم يكن لديهما وقت لإحضار أي شخص، لقد كان الغول على وشك قتلي عندما وصلا».

حاول (رون) و(هاري) أن يتظاهرا بأنهما لا يسمعان هذا الكلام للمرة الأولى!

قالت الأستاذة وهي تحدق في ثلاثتهم: «حسنًا، في هذه الحالة.. آنسة جرانجر.. أيتها الفتاة الغبية، كيف فكرتِ أن بإمكانك التعامل مع غول جبلي؟».

خفضت (هرمايني) رأسها.. ولم يستطع (هاري) النطق.. كانت (هرمايني) هي آخر شخص يفعل شيئًا ضد التعليمات، ولكن ها هي ذي تتظاهر بذلك؛ لتخرجهما من المشكلة.

قالت الأستاذة (ماكجونجال): «سيخصم خمس درجات من (جريفندور) بسبب هذا يا آنسة (جرانجر).. لقد خاب أملي فيكِ.. إن لم تكن بك أي إصابات، فمن الأفضل أن تذهبي إلى برج (جريفندور)، مازال الطلاب يكملون الوليمة داخل منازلهم» وخرجت (هرمايني).

والتفتت الأستاذة إلى (هاري) و(رون) وقالت: «ما زلت أقول: إنكما محظوظان؛ لأنه منذ زمن طويل لم يتمكن أحد من طلبة الصف الأول من التغلب على غول جبلي كامل النمو؛ ولذلك يكسب كل منكما خمس درجات تضاف لرصيد (جريفندور)! سيتم إخطار الأستاذ (دمبلدور) بهذا. يمكنكما الانصراف!».

أسرعا مبتعدين..ولم يتكلما إلا بعد أن صعدا دورين كاملين.. كان من المريح أن يبتعدا عن رائحة الغول الفظيعة أكثر من أي شيء آخر!

قال (رون): «كان يجب أن تعطينا أكثر من ١٠نقاط».

قال (هاري): «خمس فقط.. لا تنس أن (هرمايني) خسرت خمسًا!».

(رون): «شكرًا لها؛ لأنها أنقذتنا.. ولا تنس أننا أنقذناها!».

(هاري): «لا تنس أنت أننا أغلقنا الباب عليها مع الغول!».

وكانا قد وصلا إلى لوحة السيدة البدينة، وصاحا بكلمة السر، ودخلا إلى الغرفة العامة التي كانت مزدحمة ومليئة بالضجيج.. والكل مشغول بأكل الطعام الذي تم إرساله إلى برج (جريفندور)..لكن (هرمايني) كانت تقف وحدها في انتظارهما عند الباب.. مرت لحظة سكوت محرجة، وبدون أن ينظر بعضهم إلى بعض؛ قال الثلاثة معًا: «شكرًا!» وأسرعوا للحصول على أطباق الطعام.

ومنذ هذه اللحظة، أصبحت (هرمايني) صديقة لهما.. هناك أشياء عندما يشترك فيها الناس تنتهي بأن يصبحوا أصدقاء، ويبدو أن التغلب على غول جبلي طوله ١٢ قدمًا هو أحد هذه الأشياء..!! !


١٠ هـــالـــوويــــن 10 Halloween 10 Halloween 10 Halloween 10 dia das bruxas 10 Хэллоуин 10 Halloween 10 Cadılar Bayramı

لم يصدق (مالفوي) عينيه عندما رأى (رون) و(هاري) في اليوم التالي وعرف أنهما لا يزالان في (هوجوورتس).. كان الإرهاق واضحًا عليهما.. ولكنهما في غاية السرور؛ فقد اعتبرا لقاءهما مع الكلب ذي الرءوس الثلاثة مجرد مغامرة مثيرة.. وكانا في غاية الشوق لتكرار المغامرة.. وفي نفس الوقت، روى (هاري) لـ(رون) كل شيء عن اللفافة التي أخذها (هاجريد) من (جرينجوتس) إلى (هوجوورتس) وقطعا وقتًا طويلًا في مناقشة طبيعة هذا الشيء الذي يحتاج إلى كل هذه الحماية.

قال (رون): «إما أنه شيء خطير جدًّا وإما ثمين جدًّا». "Either it's something very dangerous or something very precious," Ron said.

قال (هاري): «وإما الاثنان معًا».

ولكن بما أن كل معلوماتهما عن الشيء الغامض هي أن عرضه لا يزيد على بوصتين، فإن فرصتهما في تخمين طبيعته كانت منعدمة.

أما (نيفيل) و(هرمايني) فلم يهتما نهائيًّا بما يحرسه الكلب. كان كل ما يهم (نيفيل) هو ألا يلتقي بهذا الوحش مرة أخرى.. أما (هرمايني) فقد قاطعت (هاري) و(رون) نهائيًّا ولم تعد تتبادل معهما أي حديث.. وبما أنها كانت تثير ضيقيهما دائمًا بميلها إلى الإمارة والسيطرة، فقد كانا سعيديْن بمقاطعتها لهما، ولم يشغل تفكيرهما غير إيجاد طريقة للرد على (مالفوي).

ثم.. وبعد أسبوع كامل.. حدث ما أسعدهما.. فقد وصل البريد.. وطار البوم كالعادة في البهو العظيم.. ولفت نظر الجميع هذه الربطة الطويلة التي تحملها ست بومات من البوم الكبير. وكان (هاري) مثل باقي التلاميذ مهتمًّا بمعرفة طبيعة هذا الطرد عندما هبط البوم.. ووضع الطرد أمامه.. ثم بمجرد أن طارت البومات الست.. هبطت بومة أخرى.. وألقت برسالة فوق الطرد!

فتح (هاري) الرسالة أولًا.. وكان ذلك من حسن حظه؛ فقد كانت تقول:

«لا تفتح الطرد على المائدة، يحتوي الطرد على مقشتك الجديدة؛ (نيمبوس٢٠٠٠) لكنني لا أريد أن يراها أحد.. وإلا طالب الجميع بمثلها.. سوف يقابلك (أوليفر وود) هذا المساء في ملعب (الكويدتش) في الساعة السابعة؛ لتبدأ أول التمارين.

الأستاذة (م. ماكجونجال)».

واستطاع (هاري) أن يكتم فرحته بصعوبة وهو يناول الرسالة إلى (رون)!! وقال (رون) بحسد: «(نيمبوس٢٠٠٠) إنني حتى لم أَرَ واحدة منها إلى الآن! !».

وتركا البهو بسرعة يريدان فتح الطرد في مكان خاص بهما قبل أن تبدأ الحصة الأولى.. ولكن بعد أن عبرا نصف بهو الدخول.. وَجَدَا الطريق إلى أعلى السلم مغلقًا بـ(كراب) و(جويل)..ومد (مالفوي) يده واختطف الربطة من (هاري)، ثم قال وهو يلقيها إليه مرة أخرى، وقد ظهر على وجهه الغيرة الشديدة: «إنها مقشة.. ستفصل بالتأكيد هذه المرة يا (بوتر).. ممنوع على تلاميذ الفصل الأول استعمال المقشات!».

لم يستطع (رون) أن يتمالك نفسه وقال: «إنها ليست عصا عادية.. إنها (نيمبوس٢٠٠٠).. ماذا لديك أنت في البيت يا (مالفوي)؟.. (كوميت ٢٦)».

ونظر إلى (هاري) باسمًا وقال: «قد تبدو (الكوميت) سريعة.. ولكنها ليست في مستوى (نيمبوس)!».

صاح (مالفوي) غاضبًا: «وما الذي تعرفه أنت يا (ويزلي) عن المقشات. إنكم لا تملكون ما يكفي لشراء نصف مقشة. أراهن أنك وإخوتك توفرون أموالكم لسنوات حتى تستطيعوا شراء واحدة».

قبل أن يرد (رون)، ظهر الأستاذ (فليتويك) بجوار (مالفوي)..وقال: «ماذا يحدث هنا؟ هل تتشاجرون؟».

قال (مالفوي) بسرعة: «لقد وصلت إلى (بوتر) عصا مقشة يا أستاذ!».

قال الأستاذ وهو يبتسم لـ(هاري): «نعم.. نعم.. أخبرتني الأستاذة (ماكجونجال) بكل شيء عن هذا الطرد الخاص. ما نوعها يا (بوتر)؟».

قال (هاري) وهو يكتم الضحك من نظرة الرعب التي ارتسمت على وجه (مالفوي): «إنها (نيمبوس ٢٠٠٠) يا سيدي، والحقيقة أن الفضل يعود لـ(مالفوي)؛ فهو السبب في حصولي عليها».

واتجه (هاري) و(رون) يصعدان السلم ضاحكين من غضب (مالفوي) وحيرته.

وعندما وصلا إلى أعلى السلالم الرخامية، قال (هاري): «حسنًا، إنها الحقيقة.. لو أن (مالفوي) لم يسرق كرة التذكير من (نيفيل) ما كنت قد اشتركت في الفريق».

وجاء صوت غاضب من الخلف: «إذًا أنت تعتقد أنها مكافأة لك على مخالفة تعليمات المدرسة». كان ذلك صوت (هرمايني) التي كانت تنظر إلى الطرد بخيبة أمل.

قال (هاري): أظن أنكِ لا تتكلمين معنا».

(رون): «نعم، واصلي هذا من فضلك.. فإنه أمر عظيم بالنسبة لنا».

سارت (هرمايني) بعيدًا وهي ترفع أنفها عاليًا.

لم يستطع (هاري) التركيز في دروسه في هذا اليوم؛ حيث كان يفكر في المقشة الموضوعة تحت سريره، أو يشرد بفكره إلى ملعب (الكويدتش)؛ حيث سيتعلم كيفية اللعب في المساء، لم يشعر (هاري) بطعم الطعام وهو يتناول عشاءه هذه الليلة، واندفع مع (رون) بعد العشاء؛ ليُخرجا (نيمبوس ٢٠٠٠) من ربطتها.

تنهد (رون) قائلًا: «واو!» وهو يسحب عصا المقشة من ربطتها، وحتى (هاري) الذي لا يعرف الفرق بين أنواع المقشات المختلفة شعر بأنها شيء رائع؛ كانت ناعمة ولامعة، ولها يد من الخشب الماهوجني الثمين، وذيلها من الشعر الناعم المنسق، ومكتوب بالذهب على يدها (نيمبوس٢٠٠٠)!

وعندما اقتربت الساعة من السابعة، ترك (هاري) القلعة، واتجه إلى الملاعب وتوجه إلى ملعب (الكويدتش) وكانت المرة الأولى التي يدخل فيها الاستاد، ورأى دائرة من المقاعد المرتفعة في الهواء؛ حتى يتمكن المشاهدون من متابعة اللعبة، وفي كل طرف من طرفي الملعب كانت هناك ثلاثة أعمدة ذهبية عالية.. ترتفع عن الأرض٥٠ قدمًا.. وفي نهاية كل منها طوق مستدير.

كان (هاري) في شوق للطيران؛ فامتطى عصاه وطرق الأرض بقدمه، وارتفع في الهواء، وشعر بسعادة بالغة وهو يتحرك بها صاعدًا وهابطًا متحركًا لليمين ولليسار بكل سهولة.. والمقشة تستجيب له بالحركة في كل اتجاه يريده بمجرد لمسة منه.

«هيه (بوتر). اهبط الآن!».

وصل (أوليفر وود) وهو يحمل في يده صندوقًا خشبيًّا، وهبط (هاري) بجواره.

قال (وود) وعيناه تلمعان بالسعادة: «رائع.. فهمت الآن ما تعنيه الأستاذة (ماكجونجال).. إنك موهوب بالطبيعة.. كل ما عليَّ هو تعليمك القواعد هذه الليلة، ثم تشترك مع الفريق في التمرين ثلاث مرات أسبوعيًّا».

وفتح الصندوق وكان بداخله أربع كرات مختلفة الأحجام.

قال (وود): «والآن.. إن (الكويدتش) لعبة من السهل أن تفهمها، وإن كان من الصعب أن تلعبها، وتتكون من فريقين في كل منهما سبعة لاعبين، ثلاثة منهم يطلق عليهم مطاردون».

قال (هاري): «ثلاثة مطاردين» وأخرج (وود) كرة حمراء لامعة من الصندوق في حجم كرة القدم تقريبًا وقال: «تسمى هذه الكرة (الكوافل) ويتبادل المطاردون هذه الكرة، ويحاولون إحراز أهداف بإسقاطها داخل الأطواق، وفي كل مرة تدخل (الكوافل) أحد الأطواق تسجل هدفًا ويحسب بعشر نقاط.. هل فهمت ما قلته؟».

قال (هاري): «يرمي المطاردون (الكوافل) عبر الأطواق لإحراز الأهداف؛ إن هذا يشبه لعب كرة السلة فوق مقشات سحرية وبستة أطواق».

قال (وود) بفضول: «ما كرة السلة؟».

قال (هاري) بسرعة: «لا تشغل بالك».

(وود): «اللاعب الرابع هو الحارس، ومهمته هي الطيران حول الأطواق ومنع (كوافل) الفريق المضاد من الدخول فيها، وهذه هي مهمتي فأنا حارس فريق (جريفندور)».

كان (هاري) مصممًا على تذكُّر كل شيء، وقال: «ثلاثة مطاردين وحارس يلعبون بكرة يطلق عليها (الكوافل) حسنًا، لقد فهمت هذا ولكن ما فائدة هذه...؟». وأشار إلى الكرات الثلاث التي ما زالت في الصندوق.

قال (وود): «سأريك الآن. خذ هذا».

ثم أعطى لـ(هاري) مضربًا صغيرًا.. وأراه كرتين متشابهتين.. لونهما أسود وهما أصغر قليلًا من الكوافل.. وتبدوان كأنهما تريدان الهرب من الشرائط التي تثبتهما داخل الصندوق. وقال: «هاتان الكرتان هما (البلادجر).. سأريك ما تفعلانه». ثم أضاف محذرًا (هاري): «ابتعد عن طريقها». وانحنى وقام بتحرير واحدة منهما.

انطلقت الكرة السوداء على الفور في الهواء، ثم طارت في اتجاه (هاري) الذي ضربها بسرعة بالمضرب قبل أن تكسر أنفه؛ فطارت مبتعدة في مسار ملتوٍ ولفَّت حولهم بسرعة قبل أن تتجه إلى (وود) الذي أسرع برمي نفسه عليها، وأعادها إلى مكانها داخل الصندوق بصعوبة بالغة، وثبتها بمكانها، ثم قال وهو ينهج: «أرأيت؟ تطير (البلادجر) بسرعة كبيرة حول اللاعبين وتحاول إيقاعهم من فوق مقشاتهم؛ وذلك هو سبب وجود اثنين من الضاربين في كل فريق.. والضاربان عندنا هما التوءمان (ويزلي) ومهمتهما هي حماية لاعبي فريقهم من (البلادجر) وتوجيهه إلى لاعبي الفريق الخصم. حسنًا، هل فهمت ذلك كله؟».

قال (هاري): «ثلاثة مطاردين يحاولون تسجيل الأهداف بـ(الكوافل) والحارس يحرس الأطواق؛ حتى لا يسجل الفريق الآخر الأهداف.. والضاربان يبعدان (البلادجر) عن فريقهم».

قال (وود): «رائع! !».

وسأله (هاري) بطريقة تمنى أن تبدو عفوية: «هل تسبب (البلادجر) في قتل أي شخص من قبل؟».

(وود): «ليس في (هوجوورتس). كسر فك بعض اللاعبين، ولكن لا شيء أكثر من ذلك. والآن، آخر عضو في الفريق هو الباحث، وهذا هو مركزك. ويجب عليك ألا تقلق من (الكوافل) أو (البلادجر)...».

(هاري): «...إلا إذا أصابتني وفتحت رأسي».

(وود): «لا تقلق. التوءمان (ويزلي) أكثر من ممتازين فيما يخص (البلادجر). هما أنفسهما يشبهان زوجًا من (البلادجر) البشري».

ومد يده داخل الصندوق وأخرج الكرة الرابعة والأخيرة، وكانت في حجم كرة تنس الطاولة، ومصنوعة من الذهب البراق، ولها جناحان من الفضة.

قال (وود): «وهذه هي (السنيتش) أو الكرة الذهبية، وهي أهم كرة في اللعبة كلها، ومن الصعب الإمساك بها؛ فهي سريعة جدًّا ومن الصعب رؤيتها. ومهمة الباحث هي إمساكها؛ لذلك يجب عليك أن تطير متفاديًا المطاردين والضاربين و(البلادجر) و(الكوافل) حتى تمسكها قبل باحث الفريق الآخر؛ لأن الباحث الذي ينجح في ذلك يضاف إلى فريقه ١٥٠ نقطة، وهكذا تنتهي المباراة بفوزه غالبًا، وعادة ما يتحمل الباحث عبئًا كبيرًا جدًّا؛ لأن مباراة (الكويدتش) لا تنتهي إلا عندما يتم الإمساك بالكرة الذهبية. ويمكن أن تستمر مباراة (الكويدتش) لفترات طويلة جدًّا.. وأعتقد أن الرقم القياسي هو ثلاثة أشهر؛ حيث اضطروا إلى إدخال البدلاء مرة بعد مرة؛ حتى يستطيع اللاعبون النوم!

حسنًا، هذا كل شيء.. ألديك أسئلة؟».

هز (هاري) رأسه، إنه يعرف الآن ما سيفعله.. ولكن كيف؟ هذا هو السؤال!

ووضع (وود) الكرة بكل عناية في الصندوق وقال: «لا يمكننا التدريب بها الآن، وقد بدأ الظلام يحل ويمكن أن تضيع. ولكن دعنا نتمرن قليلًا بهذه». وأخرج من جيبه مجموعة من كرات الجولف العادية، وطار الاثنان في الفضاء، وأخذ (وود) يلقي الكرات بسرعة، وبأقصى قوته، بينما يندفع إليها (هاري) في كل الجهات ليلتقطها ونجح في الوصول إليها جميعًا.. لم تسقط منه كرة واحدة.. وكان (وود) سعيدًا وبعد نصف ساعة كان الظلام قد حل فعلًا، ولم يستطيعا الاستمرار.

وفي أثناء عودتهما إلى القلعة، قال (وود) بسعادة: «إن الكأس مكتوب عليها اسمنا منذ الآن.. إنك تلعب أفضل من (تشارلي ويزلي) والذي كان بوسعه أن يلعب باسم إنجلترا لو أنه لم ينشغل بمطاردة التنين بعد تخرجه».

كان (هاري) مشغولًا بتمارين (الكويدتش) ثلاث مرات أسبوعيًّا، بالإضافة إلى الواجبات المدرسية الكثيرة؛ ولذلك لم يصدق نفسه عندما اكتشف مرور شهرين كاملين على وجوده في (هوجوورتس) وأنه يشعر بالألفة وكأنها بيته العزيز أكثر كثيرًا من شعوره عندما كان في شارع (بريفت درايف).. حتى دروسه أصبحت أكثر تشويقًا بعد أن تعلم الأساسيات.

وفي صباح عيد الهالووين، استيقظوا على رائحة شهية تملأ الممرات.. كانت رائحة كعك القرع الخاص بهذا العيد.. وفي حصة التعاويذ، أعلن لهم الأستاذ (فليتويك) أنهم سيبدءون في دروس التحريك اليوم، وقابلوا الخبر بفرحة كبيرة؛ فقد كانوا في شوق لهذه الدروس منذ اللحظة التي رفع فيها الأستاذ (فليتويك) ضفدع (نيفيل) وجعله يطير في الهواء فوق رءوسهم.. وقسمهم الأستاذ كل اثنين معًا.. وكان زميل (هاري) هو (شيموس فينيجان). أما (رون) فكان عليه أن يعمل مع (هرمايني جرانجر) ومن الصعب تحديد أيهما كان أكثر غضبًا من ذلك خاصة أن (هرمايني) لم تكلم أحدًا منهما منذ يوم وصول مقشة (هاري).

قال الأستاذ (فليتويك) وهو واقف فوق كومة الكتب كالمعتاد: «الآن، لا تنسوا حركة المعصم الانسيابية التي تدربنا عليها! حركوا العصا بانسيابية ثم انقروا، لا تنسوا، حركة انسيابية ثم انقروا.. وتذكروا أيضًا أن نطق العبارات السحرية بطريقة صحيحة مهم جدًّا.. لا تنسوا الساحر (باروفيو) الذي نطق تعويذة خطأ ولفظ حرف «س» بدلًا من حرف «ف»، فوجد نفسه على الأرض وقد بركت جاموسة ضخمة فوق صدره».

كان الأمر في منتهى الصعوبة.. أخذ (هاري) و(شيموس) يحركان عصويْهما بانسيابية وينقران مرة بعد مرة.. ولكن الريشة التي كان من المفترض أن يحركاها لم تتحرك من مكانها فوق المكتب. حتى إن (شيموس) فقد صبره في النهاية، وخرج من عصاه شرر أشعل النار في الريشة واضطر (هاري) أن يخمدها بقبعته.

لم يكن حظ (رون) -الذي كان يقف على المائدة التالية لهما ــ أفضل منهما.

أخذ يردد التعويذة وهو يحرك ذراعه الطويلة مثل طاحونة الهواء: «ونجارديام لفيوزا!».

وسمع (هاري) (هرمايني) وهي توجهه قائلة: «إنك تقولها بشكل خطأ.. مدّ في نطقها.. هكذا: ونجارد.. يام لفيو.. زا!».

قال (رون) غاضبًا: «حسنًا.. جربي أنت!».

أرجعت (هرمايني) أكمام ردائها إلى الوراء ونقرت عصاها وقالت ببطء: «ونجارد.. يام لفيو.. زا!».

وإذا بالريشة ترتفع إلى أعلى حوالي أربعة أقدام! وتطير فوق رءوسهم.

صفق الأستاذ (فليتويك) وقال باسمًا: «آهٍ! رائع! أحسنتِ! فلينظر الجميع هنا، لقد نجحت الآنسة (جرانجر) في عملها!».

اشتد غضب (رون) وقال لـ(هاري) في أثناء خروجهما من الفصل: «لهذا لا يحب أحد أن يتعرف إليها.. إنها لا تُحتمل بالمرة».

اصطدم أحدهم بكتف (هاري) وكان يجري مسرعًا.. نظر (هاري) فوجد أنها (هرمايني)، وألقى نظرة على وجهها، ودهش عندما رأى الدموع في عينيها!

قال (هاري): «لقد سمعت ما قلته عليها!».

قال (رون) وقد ظهر عليه الضيق: «وماذا في هذا؟ ألا ترى أنه لا أصدقاء لها؟!».

ولم تظهر (هرمايني) في أثناء الدرس التالي، ولا طوال فترة بعد الظهر.. وفي طريق نزولهم إلى البهو العظيم لحضور مأدبة الهالووين، سمع (هاري) و(رون) زميلتهما (بارفاتي باتيل) تقول لصديقتها (لافيندر) إن (هرمايني) كانت تبكي في حمام البنات، وإنها قالت إنها تريد أن تكون وحدها! وازداد ضيق (رون).. ولكن بعد لحظات، دخلوا البهو العظيم، وشاهدوا ديكور الهالووين الذي أنساهم كل شيء عن (هرمايني).

كانت آلاف الخفافيش تطير خارجةً من السقف والجدران، وانسابت جماعة منها مثل الغمامة السوداء ترفرف فوق الموائد؛ مما جعل أضواء آلاف الشموع الموجودة داخل ثمار القرع تتراقص.. وظهرت الوليمة الفاخرة في الأطباق الذهبية كما حدث في وليمة بداية العام!

وفي اللحظة التي بدأ فيها (هاري) يمد يده ليملأ طبقه بالطعام، اندفع إلى البهو الأستاذ (كويريل) وعمامته تهتز والفزع على وجهه.. ونظر إليه الجميع عندما وصل إلى مقعد الأستاذ (دمبلدور) وانهار مستندًا إلى المائدة وهو ينهج.. وصرخ: «الغول في الأقبية.. جئت لأخبركم بهذا!». ثم سقط على الأرض مغشيًّا عليه!

حدث هرج وضوضاء..واحتاج الأمر إلى أن يصدر الأستاذ (دمبلدور) من طرف عصاه شررًا بنفسجيَّ اللون، حتى يعود الهدوء إلى المكان، وقال: «رواد المنازل.. اصطحبوا تلاميذكم إلى البيوت وعنابر النوم فورًا!».

وهب (بيرسي) على الفور! وقال: «اتبعوني.. تجمعوا معًا.. الفصول الأولى، لا تخشوا شيئًا من الغول. فقط اتبعوا تعليماتي.. والآن هيَّا.. ابقوا ورائي ولا تبتعدوا! أفسحوا الطريق لتلاميذ الصف الأول لو سمحتم! أنا رائد منزل!».

سأل (هاري) وهو يصعد السلم: «كيف وصل الغول إلى هنا؟».

رد (رون): «لا أعرف.. المعروف أنهم أغبياء.. ربما أحضره (بيف) لعيد الهالووين!».

ومروا بالعديد من الناس المذعورين، يجرون في كل اتجاه. وفي أثناء مرورهم بمجموعة من تلاميذ (هافلباف)، جذب (هاري) ذراع (رون) فجأة!

قال: «تذكرت الآن.. (هرمايني)».

(رون): «ماذا بها؟».

(هاري): «إنها لا تعرف بوجود الغول!».

عض (رون) على شفتيه، ثم قال: «حسنًا.. يجب ألا يرانا (بيرسي)!!». وخفضا رأسيهما وانضما إلى تلاميذ (هافلباف) الذاهبين إلى الاتجاه المضاد، وانسلا منهم عند مرورهم بممر جانبي مهجور، وأسرعا متجهين إلى حمام الفتيات! وبمجرد أن مرا بأول منحنى.. سمعا صوت أقدام خلفهما! قال (رون): «بيرسي!»، وجذب (هاري) واختفيا خلف تمثال حجري! اختلسا النظر، فلم يجدا (بيرسي) ولكن (سنايب) الذي عبر الممر بسرعة، واختفى في الجهة الأخرى.

وهمس (هاري): «إلى أين هو ذاهب؟ لماذا لم يذهب إلى الأقبية مع باقي الأساتذة؟!».

(رون): «لا أعرف!».

عبرا الممر التالي بهدوء وحذر وهما يسمعان صوت أقدام (سنايب) يتلاشى شيئًا فشيئًا في نهايته، وقال (هاري): «إنه يتجه إلى الدور الثالث!»، ولكن (رون) أمسك بذراعه وقال: «ألا تشم شيئًا؟».

تشمَّم (هاري) الهواء، ووصلت إلى رئتيه رائحة كريهة، وكأنها قادمة من دورات مياه لم ينظفها أحد قطُّ! ثم سمعا صوت زمجرة تلاه دبيب خطوات عملاقة.. أشار (رون) إلى نهاية الممر نهاية اليسار.. فرأيا شيئًا هائلًا يتحرك نحوهما.. فانكمشا في الظلال، وأخذا ينظران إليه حتى وصل إلى بقعة من نور القمر.. كان منظرًا مهولًا؛ شيئًا طوله ١٢ قدمًا.. ذا جلد رمادي كئيب، وجسمه الضخم الصخري لا يتناسب مع رأسه الأصلع الذي يشبه ثمرة جوز الهند.. وساقاه قصيرتان غليظتان مثل جذع الشجر، كانت الرائحة تهب منه.. شيء لا يصدق.. ويمسك في يده هراوة ضخمة، كان يجرها على الأرض لطول ذراعيه..

وتوقف الغول بجوار أحد الأبواب، ونظر إلى الداخل.. ثم حرك أذنيه الكبيرتين، ولا أحد يعرف ماذا فكر بعقله الصغير.. ولكنه دخل إلى الحجرة!

قال (هاري): «انظر.. المفتاح في الباب.. ما رأيك أن نغلق عليه الغرفة؟!».

قال (رون) بعصبية: «فكرة جيدة».. اقتربا من الباب المفتوح وهما مرعوبان، يدعوان ألا يكون الغول على وشك الخروج، ثم قفز (هاري) بسرعة، وأمسك المفتاح وشد الباب وأغلقه به.

عادا مسرعيْن فرحيْن بالنصر.. لكنْ عندما وصلا إلى ركن الممر، سمعا صرخة رعب هائلة جعلت قلبيهما يتوقفان.. كانت الصرخة قادمة من الحجرة التي أغلقاها على الغول..

قال (رون) وقد أصبح وجهه باهتًا مثل (البارون الدامي): «أوه.. لا!».

صرخ (هاري): «إنه حمام الفتيات!».

وصرخا معًا: «(هرمايني)! !».

وكان عليهما أن يقوما بآخر عمل يريدان فعله.. ولكن لم يكن لديهما خيار آخر.. استدارا وعادا إلى الباب وهما يرتجفان من الرعب، وأدار (هاري) المفتاح، ودفع الباب ليفتحه، واندفعا إلى الداخل!

كانت (هرمايني) ترتعش وهي ملتصقة بالحائط المواجه، وتبدو على وشك الإغماء.. والغول يتقدم نحوها محطمًا الأحواض في طريقه.

قال (هاري) لـ(رون) يائسًا: «يجب أن نشغله». وأمسك بماسورة وألقى بها إلى الحائط بكل قوته.. وتوقف الغول على بعد خطوات قليلة من (هرمايني).. واستدار خلفه ونظر بغباء؛ باحثًا عن مصدر الصوت.. ووقعت عيناه على (هاري).. تردد قليلًا.. ثم تحول إليه وهو يرفع هراوته!

وصاح (رون) من الجهة الأخرى من الغرفة: «هيه، أيها الغبي!».. وألقى عليه أنبوبة حديدية، ولم يبدُ عليه أنه شعر بالأنبوبة التي ارتطمت بكتفه.. ولكنه سمع الصياح وتوقف للحظات مرة أخرى قبل أن يتحول ويتجه نحو (رون) ويعطي الفرصة لـ(هاري) ليدور حوله ويصيح في (هرمايني): «أسرعي.. اجري.. اجري!» ويحاول جرها إلى الباب، لكنها لم تستطع أن تتحرك؛ كانت ملتصقة بالحائط، وقد تقطعت أنفاسها من الرعب! وأثار الصراخ الغول فأخذ يزأر بغضب، واتجه إلى (رون) الذي كان أقرب الجميع إليه، ولا يوجد لديه طريق للفرار!

وهنا قام (هاري) بعمل جنوني.. استجمع قواه وقفز وتعلق برقبة الغول من الخلف، لكن الغول لم يشعر به.. وطارت عصا (هاري) من يده وهو يقفز واندفعت لتدخل في إحدى فتحتي أنف الغول.

وصرخ الغول من الألم.. ومد يده؛ ليمزق (هاري) تمزيقًا.. أو يضربه بهراوته ضربة قاتلة!

وانزلقت (هرمايني) إلى الأرض رعبًا.. وسحب (رون) عصاه.. ودون أن يشعر بما يفعل، وجد نفسه يرفع عصاه ويصيح بالتعويذة التي يعرفها: «وينجار.. ديام لفيو.. زا».

وطارت الهراوة في الهواء فجأة من يد الغول، وارتفعت عاليًا في الهواء، ثم تحولت لتهبط بكل عنف على رأس صاحبها.. وترنح الغول في مكانه، ثم سقط على وجهه فوق الأرض.. وارتطم بها بعنف؛ لتهتز الحجرة كلها وكأنها أصابها زلزال!

ووقف (هاري) وهو يرتعش.. وتجمد (رون) في مكانه، وعصاه في يده لا تزال مرفوعة ينظر إلى ما فعل.

ونطقت (هرمايني) أولًا: «هل هو ميت؟».

(هاري): «لا أظن.. أعتقد أنه فقد وعيه فقط».

انحنى (هاري) وجذب عصاه من أنف الغول؛ كانت مغطاة بشيء يشبه الصمغ الرمادي، وقال: «يع.. مخاط أنف الغول»، ومسح العصا في بنطلون الغول.

فجأة، ارتفعت أصوات أقدام تقترب.. لابد أن أحدًا بالأسفل سمع صوت التحطيم وصرخات الغول.. وبعد لحظة، وصلت الأستاذة (ماكجونجال) واندفعت إلى الحجرة.. يتبعها (سنايب) مباشرة ثم (كويريل) الذي نظر إلى الغول ثم أخرج صيحة صغيرة وجلس على التواليت واضعًا يده على قلبه.

انحنى (سنايب) على الغول، ونظرت الأستاذة (ماكجونجال) إلى (رون) و(هاري) وقد بدا عليها الغضب الشديد.. لم يرها (هاري) غاضبة هكذا من قبل، وانتهى أمله في الحصول على ٥٠ نقطة من أجل (جريفندور).. صرخت الأستاذة فيهما قائلة: «ما الذي أتى بكما إلى هنا؟ أنتما محظوظان فلم يقتلكما! كيف خرجتما من حجرتيْ نومكما؟».

نظر (هاري) إلى (رون)، فوجده لا يزال واقفًا وعصاه مرفوعة في يده.

وألقى (سنايب) على (هاري) نظرة سريعة حادة، وأحنى (هاري) رأسه ونظر إلى الأرض وهو يتمنى أن يُنزل (رون) عصاه.

وفجأة، جاء صوت رفيع من الركن: «من فضلك يا أستاذة (ماكجونجال).. لقد كانا يبحثان عني..». كانت (هرمايني) قد استطاعت أن تقف على قدميها أخيرًا.

الأستاذة (ماكجونجال): «آنسة (جرانجر)!».

(هرمايني): «لقد خرجت أبحث عن الغول لأنني... لأنني ظننت أنني سأنجح في التعامل معه وحدي.. فقد قرأت كل شيء عنه!».

أنزل (رون) عصاه مستعجبًا.. (هرمايني جرانجر) تكذب عن قصد على الأستاذة.

واصلت (هرمايني): «لقد أنقذا حياتي.. كاد يقضي عليَّ.. لولا وصولهما! لقد حشر (هاري) عصاه في أنفه، بينما استطاع (رون) أن يُفقده وعيه بضربة من هراوته! لم يكن لديهما وقت لإحضار أي شخص، لقد كان الغول على وشك قتلي عندما وصلا».

حاول (رون) و(هاري) أن يتظاهرا بأنهما لا يسمعان هذا الكلام للمرة الأولى!

قالت الأستاذة وهي تحدق في ثلاثتهم: «حسنًا، في هذه الحالة.. آنسة جرانجر.. أيتها الفتاة الغبية، كيف فكرتِ أن بإمكانك التعامل مع غول جبلي؟».

خفضت (هرمايني) رأسها.. ولم يستطع (هاري) النطق.. كانت (هرمايني) هي آخر شخص يفعل شيئًا ضد التعليمات، ولكن ها هي ذي تتظاهر بذلك؛ لتخرجهما من المشكلة.

قالت الأستاذة (ماكجونجال): «سيخصم خمس درجات من (جريفندور) بسبب هذا يا آنسة (جرانجر).. لقد خاب أملي فيكِ.. إن لم تكن بك أي إصابات، فمن الأفضل أن تذهبي إلى برج (جريفندور)، مازال الطلاب يكملون الوليمة داخل منازلهم» وخرجت (هرمايني).

والتفتت الأستاذة إلى (هاري) و(رون) وقالت: «ما زلت أقول: إنكما محظوظان؛ لأنه منذ زمن طويل لم يتمكن أحد من طلبة الصف الأول من التغلب على غول جبلي كامل النمو؛ ولذلك يكسب كل منكما خمس درجات تضاف لرصيد (جريفندور)! سيتم إخطار الأستاذ (دمبلدور) بهذا. يمكنكما الانصراف!».

أسرعا مبتعدين..ولم يتكلما إلا بعد أن صعدا دورين كاملين.. كان من المريح أن يبتعدا عن رائحة الغول الفظيعة أكثر من أي شيء آخر!

قال (رون): «كان يجب أن تعطينا أكثر من ١٠نقاط».

قال (هاري): «خمس فقط.. لا تنس أن (هرمايني) خسرت خمسًا!».

(رون): «شكرًا لها؛ لأنها أنقذتنا.. ولا تنس أننا أنقذناها!».

(هاري): «لا تنس أنت أننا أغلقنا الباب عليها مع الغول!».

وكانا قد وصلا إلى لوحة السيدة البدينة، وصاحا بكلمة السر، ودخلا إلى الغرفة العامة التي كانت مزدحمة ومليئة بالضجيج.. والكل مشغول بأكل الطعام الذي تم إرساله إلى برج (جريفندور)..لكن (هرمايني) كانت تقف وحدها في انتظارهما عند الباب.. مرت لحظة سكوت محرجة، وبدون أن ينظر بعضهم إلى بعض؛ قال الثلاثة معًا: «شكرًا!» وأسرعوا للحصول على أطباق الطعام.

ومنذ هذه اللحظة، أصبحت (هرمايني) صديقة لهما.. هناك أشياء عندما يشترك فيها الناس تنتهي بأن يصبحوا أصدقاء، ويبدو أن التغلب على غول جبلي طوله ١٢ قدمًا هو أحد هذه الأشياء..!! !