×

We use cookies to help make LingQ better. By visiting the site, you agree to our cookie policy.


image

حياة طالب العلم مكتبته, يا باغي الخير أقبل

يا باغي الخير أقبل

يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْــبِل

الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين ، أما بعد :

أتذاكر معكم في هذا المجلس - الذي أسأل الله عز وجل أن يبارك فيه وأن يحقق لنا فيه الخير والنفع والفائدة - أتذاكر معكم فضيلة واحدة من فضائل شهر الصيام جاءت في حديثٍ عدَّد فيه عليه الصلاة والسلام جملةً طيِّبة من فضائل هذا الشهر ؛ حيث قال عليه الصلاة والسلام كما في الترمذي والمسند وغيرهما : ((إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ ، وَيُنَادِي مُنَادٍ : يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ )) .

فهذه وقفة مع قوله عليه الصلاة والسلام ((وَيُنَادِي مُنَادٍ : يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ)) ؛ هذا المنادي الذي ينادي هذا النداء المتكرر كل ليلة من ليالي رمضان - والأقرب والله تعالى أعلم أنه ملَك وكَل الله عز وجل إليه هذه المناداة - لا نسمع صوت ندائه ، تمر معنا ليالي رمضان ولا نسمع صوت ندائه ؛ لكننا على يقين من ذلك وليس في قلوبنا شك ، لأن الذي أخبرنا بذلك الصادق المصدوق صلوات الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى { إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى } [النجم:4] ، ولهذا يجب أن نعتقد عقيدةً جازمة - وهذا من جملة إيماننا بالغيب وإيماننا بالملائكة - أن لله سبحانه وتعالى منادٍ كل ليلة من ليالي رمضان (( يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ )) كل ليلة من ليالي رمضان يتكرر هذا النداء ؛ وهذا فيه تنبيه إلى أن ليالي رمضان ميدانٌ فسيح ووقتٌ رحْب للتنافس في الطاعات والإقبال على الله سبحانه وتعالى والجدِّ في أنواع القربات وحفظ الوقت والبعد عن المحرمات والآثام والمنكرات ، وهذا أمرٌ ينبغي على كل صائم على كل مسلم أن ينتبه له ، وينبغي أن يستذكر كل ليلة النداء (( يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ )) أو ((أمسك)) في رواية ، فسيتذكر هذا النداء كل ليلة ويجاهد نفسه على الإقبال على الخير والإمساك عن الشر والبعد عنه وعن أماكنه وعن الوقوع فيه والحذر من ذلك أشد الحذر .

وهذا الحديث يفيد أن القلوب قلبان : (( يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ )) ، ((يَا بَاغِيَ الشَّرِّ )) ؛ هذا يفيد أن القلوب قلبان :

1- قلب يبغي الخير ؛ يميل إليه ، يرتاح إليه ، نفسه تطلبه ، تبحث عنه وتتحراه ، تبحث عن أماكنه ، يسمع بصلاة التراويح يقبِل عليها ، مجلس علم يقبِل عليه ، تلاوة القرآن ، صلة الأرحام إلى غير ذلك نفسه مقبِلة على الخير، كل ما ذُكر من الخير النفس ترتاح لذلك وتقبل عليه ؛ هذا صنف ، والنداء الموجَّه إلى هؤلاء ((أقبِل)) ، من كان قلبه بهذه الصفة النداء المتكرر كل ليلة من ليالي رمضان هو (( أقبل )) . يا باغي الخير : أي يا من نفسه تطلب الخير وتبغيه وتطلبه أقبِل فإنك في أعظم مواسم الخير وأكبر أوقات التسابق إليه والمنافسة فيه فأقبِل .

2- والصنف الثاني من القلوب : قلبٌ - والعياذ بالله - يبغي الشر ؛ الشر متحرِّك في القلب ، يبحث عن الشر ويطلب أماكنه ويتحراه ، وإذا سمع به اشتاقت إليه نفسه ، وإذا سمع بشيء من الخير انكمشت ولم تقبِل ؛ فهو قلب يبغي الشر ، فإلى هذا الصنف القلوب يأتي النداء (( يا باغي الشر أمسك )) : جاهد نفسك على الإمساك عن الشر والانكفاف عن فعله والبعد عن أماكنه ، جاهد نفسك على ذلك فإنك في موسم الخيرات ، موسم العتق من النار ، موسم غفران الذنوب ((رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ)) ، موسم ربح ، موسم عتق من النار ، موسم فوز برضا الله، غفران للذنوب ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )) ، و ((مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)) .

فهو موسم عظيم مبارك ، فإذا كانت نفسه ليست مقبلة على الخير فعليه أن يمنع نفسه ويزمَّها من مقارفة الشر وفعله ليكون ذلك بوابةً له للاقتراب من الخير والحرص عليه ، وإذا وفَّق الله سبحانه وتعالى عبده لفعل هذا التوجيه المبارك لصاحب الخير الذي تقبل نفسه على الخير يجاهد نفسه على الازدياد والإقبال ، والذي تقبل نفسه على الشر يجاهد نفسه على الانكفاف مع الاستمرار مع ليالي رمضان يتخرَّج من مدرسة الصيام من هذا الشهر المبارك على خير حال ، فصاحب الخير يخرج من رمضان ونفسه ارتاضت على الخيرات وأقبَلت عليها وحرص على المسابقة والمنافسة ، وصاحب الشر أيضاً ارتاضت نفسه على الانكفاف عن الشر ومقارفته وفعله ؛ فيتخرج من مدرسة الصيام من شهر الصيام بمغنمٍ عظيم وربح كبير .

وأعداء الدين وأعداء الفضيلة لا يرغبون لأهل الإيمان أن يعيشوا أجواء رمضان الطيبة ولياليه المباركة وأجواء التعبد والتقرب والإقبال على الخيرات والانكفاف عن الشرور والآثام ، لا يرغبون لهم أن يعيشون هذه العيشة ؛ ولهذا يتبارى الأعداء للدين ودعاة الشر والفساد إلى تهيئة أمور تشغل الناس في ليالي رمضان عن الخير وتوقِعهم في الشر وتحرِّك في نفوسهم الفساد ؛ حتى أن بعض أصحاب القنوات الفضائية الفاسدة العاهرة يخطِّطون لرمضان من شهور لإعداد برامج تستقطِب أهل الإسلام في ليالي رمضان ليُصرَفوا عن الخيرات وليُغمَسوا في الرذائل والفساد ، والشيطان يُصفَّد في رمضان وهم يستلمون المهمة منه في ليالي رمضان للصدِّ عن دين الله تبارك وتعالى ولتهييج الفساد والانحلال والفواحش والمحرمات وأنواع المنكرات .

وينبغي على المسلم أن يجاهد نفسه - كما أسلفت - على استذكار هذا النداء المتكرر مع كل ليلة من ليالي رمضان ، ويجاهد نفسه على الإقبال على الخيرات والانكفاف عن الشرور والآثام مستعيناً بالله تبارك وتعالى طالباً مدَّه وعونه وتوفيقه .

وأسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يوفقنا جميعاً لفعل الخيرات واجتناب المنكرات ، وأن يصلح لنا شأننا كله، وأن يغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات ؛ إنه تبارك وتعالى غفور رحيم جواد كريم .

والله أعلم ، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

الأسئلة

ما صحة حديث ((من صلى بعد العشاء أربعاً كأنما قام ليلة القدر)) ؟

لا أعرف هذا الحديث .

هل في دعاء القنوت يقول المأمومين "آمين" بصوت مرتفع أم منخفض ؟

في القنوت يؤمِّن المأموم على دعاء الإمام ، رفع الصوت ليس مطلوباً وهو التأمين .

أنا سريع الغضب ما النصيحة للابتعاد عن ذلك ؟

النبي عليه الصلاة والسلام لما سأله السائل قال أوصني قال ((لا تغضب )) وقوله عليه الصلاة والسلام ((لا تغضب )) هذا فيه معالجة لمن كان سريع الغضب ، وقوله (( لا تغضب )) يتضمن أمرين ينبغي أن يتنبه لهما من كان سريع الغضب :

الأول : قوله ((لا تغضب )) يفيد البعد عن الأمور التي تثير الغضب وتستجلبه للنفس ، فلا تغضب أي لا تفعل أي أمر يستثير الغضب . هذا الأمر الأول .

الأمر الثاني : قوله (( لا تغضب )) أي لا تفعل شيئا ولا تقل شيئا يدفعك إليه غضبك .فوقت الغضب لا تفعل شيئا ولا تقل أي شيء ، لأن الإنسان وقت الغضب واشتداده لا يكون منضبطاً لا في الأقوال ولا في الأفعال ، ولهذا الذي ينبغي عليه وقت الغضب أن يمنع نفسه من الكلام وأن يمنع نفسه من الفعل إلى أن يسكن الغضب ، ولهذا جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْكُتْ)) ، وجاء في الحديث الآخر أنه صلى الله عليه وسلم قال : ((إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ ، فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ وَإِلَّا فَلْيَضْطَجِعْ )) ، فالحديث الأول يتعلق بالقول والثاني يتعلق بالفعل ، وهما يفيدان أن الإنسان إذا غضب ينبغي عليه أن لا يتكلم بأي كلمة وأن لا يباشر أي فعل ؛ لأن الأفعال والأقوال ستكون وقت الغضب غير منضبطة ، ويضيف إلى ذلك المسارعة إلى التعوذ بالله من الشيطان الرجيم لأن الشيطان يحضر الإنسان في غضبه ويدفعه إلى ما لا تحمد عقباه .

كثيرا ما يشغل فكري في أثناء صلاة القيام فهل أكون ممن لم يقم إيمانا واحتسابا ؟ وكيف أخشع في صلاتي ؟

((من قام رمضان إيمانا واحتسابا )) الحديث ذُكر فيه ضابطان للقيام : الأول الإيمان ، والثاني الاحتساب ؛ يقوم إيماناً بالله وإيماناً بوعده تبارك وتعالى ، واحتسابا للأجر والثواب ، فمن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه .

والخشوع في صلاة القيام أو في الصلاة عموماً يزيد وينقص ولزيادته أسبابه ولنقصانه أسباب ؛ فيجاهد نفسه على الخشوع بفعل أسبابه ، وأيضاً يجاهد نفسه على البعد عن الغفلة التي تعتري الإنسان في عبادته وفي صلاته ، وبالمجاهدة بإذن الله تبارك وتعالى يحصِّل خيرا .

كيف نتقوى في طلب العلم في وقتٍ قلَّ فيه الدروس العلمية وتكاد تكون منقطعة ؟

طلب العلم يحتاج إلى صبر ومجاهدة للنفس وإلحاح على الله سبحانه وتعالى بالدعاء كل يوم يسأل الله عز وجل أن يمنَّ عليه بالعلم النافع وقد كان عليه الصلاة والسلام كل يوم بعد صلاة الصبح يقول : ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا ، وَرِزْقًا طَيِّبًا ، وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا )) فيلحّ على الله بالدعاء ، ويجاهد نفسه ، ويصبر ، ويمضي في طلب العلم قال عليه الصلاة والسلام : ((إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ، وَإِنَّمَا الْحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ، ومَنْ يَتَحَرَّى الْخَيْرَ يُعْطَهُ، وَمَنْ يَتَّقِ الشَّرَّ يُوقَهُ )) ، وإذا تهيأ له أخ أو إخوان من طلاب العلم الصالحين فإن بهم يُشد العضد قال الله تعالى { سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ } ، لما قال {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا } [طه:29-34] قال الله : { سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ }[القصص:35] ، فإذا تهيأ للإنسان أخٌ ناصح أو إخوة ناصحون فإن هذا فيه العون بإذن الله له على العلم ، ويستفيد من الدروس العلمية الصوتية لأهل العلم ، وإن تهيأت دروس في المساجد فهذا أنفع .

هل الأفضل التبكير إلى صلاة المفروضة وأداء السنة في المسجد ، أم يصلي النافلة في بيته ثم يخرج إلى المسجد وقد لا يدرك تكبيرة الإحرام مع الإمام ؟

صلاة الرجل في بيته أفضل إلا المكتوبة ، لكن إذا كان يفوته تكبيرة الإحرام فهنا خرجنا من مسألة الأفضلية -هل الأفضل أن يصلي النافلة في البيت أو في المسجد - إلى مسألة أعظم من ذلك وهي صلاة الفريضة من أولها مع الإمام ، وما تقرب إلى الله عز وجل متقرِّب بشيء أحب إلى الله مما افترضه على عباده ، فإذا كان هذا يؤثر على إدراك الفريضة من أولها فليفعل الشيء الذي يحقق له القيام بالفرض على أكمل وجه ، فإن أعظم شيء يتقرب به العبد إلى الله سبحانه وتعالى الفرائض . وهذه المسألة عندما لا تُفقه يقع خلل ، أحيانا تكون الصلاة قائمة والإمام شرع في قراءة الفاتحة وبعض الناس يخرج المسواك ويتسوَّك !! المسواك سنة وفعله أمرٌ حسن وطيِّب ، لكن إذا كان يشغلك عن جزء من إدراك الفرض من أوله مع الإمام فهذا اشتغال بالنفل عن الفرض ، ((إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة )) فإذا كانت الفريضة قائمة ما يُشتغل بغيرها ، وإذا كان النفل في البيت يعوق عن إدراك الفريضة من أولها يصليها في المسجد .

ما هي ثمرات الاستقامة على طاعة الله ؟

الاستقامة ثمراتها كل خير في الدنيا والآخرة {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً } هذا في الدنيا {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [النحل:97] ، فالاستقامة ثمراتها كل خير وفضيلة في الدنيا والآخرة ، قال الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (13) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأحقاف:13-14] ، وقال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ } [فصلت:30-33]

هذا سائل يذكر أن عنده مال وقد بلغ النصاب ثم بعد ذلك نقص هذا المال عن نصابه ثم رجع مرة أخرى واكتمل النصاب ؛ فيسأل يقول ؟ من أي وقت يبدأ الحول عنده ؟

الحول يبدأ من اكتمال سنة بمال بلغ النصاب ، إذا اكتمل سنة يعني حال الحول على المال الذي عنده فإنه يكون بذلك وجبت فيه الزكاة ، إذا وُجد عنده مال بلغ النصاب وحال عليه الحول فإنه يجب عليه أن يزكيه عند حوَلان الحول ، وإذا كان هذا المال تنامى في تجارة في مرابحة فالشيء الذي تنامى من هذا المال يأخذ حكمه فيقدَّر المال وقت الحول ثم يزكيه .

ما نصيحتكم للشباب وبعض صغار طلبة العلم الذين يشتغلون الجرح والتعديل ؟ إلى من يرجعون في مثل هذه الأمور ؟

يبدأ أول ما يبدأ طالب العلم في بداية الطلب بكتاب الأربعين للإمام النووي رحمه الله تعالى ، يحفظ هذا الكتاب عن ظهر قلب حفظاً متقنا ، ثم يتفقه في الأحاديث الواردة في هذا الكتاب ويعتني بفهم ما اشتملت عليه من قواعد الدين وأصول الشريعة وتفاصيل الأحكام ، ثم يجاهد نفسه بعد ذلك على العمل بذلك وتحقيق العبودية لله سبحانه وتعالى بفعل ما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر ، مع إصلاح القلب ومجاهدة النفس على الاستقامة على طاعة الله سبحانه وتعالى ، ثم يتدرج في كتب العلم حفظاًومذاكرةً ومدارسةً وتفقهاً وتعلُّماً ؛ فهذا الذي ينبغي على الشاب أن يحفظ وقته فيه ؛ في العلم النافع والعمل الصالح المقرِّب إلى الله تبارك وتعالى .

ما هو مقدار الأكل والشرب للصائم حين أذان الفجر ؟ وهل يشرب ما فيالإناء الذي في يده أم يزيد ؟

إذا أذَّن المؤذن فإن الأذان إعلام بدخول الوقت ؛ وهذا يعني وجوب الإمساك فلا يأكل ولا يشرب ، لكن رخص النبي صلى الله عليه وسلم لمن كان في يده إناء الماء أن يشربه ، لا يطلب الإناء وإنما إذا كان في يده إناء الماء له أن يشربه ، أما إذا كان يأكل يتوقف عن الأكل .

ونكتفي بهذا ، والله أعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .


يا باغي الخير أقبل O seeker of goodness, accept

**يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْــبِل**

الحمد لله رب العالمين ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين ، أما بعد :

أتذاكر معكم في هذا المجلس - الذي أسأل الله عز وجل أن يبارك فيه وأن يحقق لنا فيه الخير والنفع والفائدة - أتذاكر معكم فضيلة واحدة من فضائل شهر الصيام جاءت في حديثٍ عدَّد فيه عليه الصلاة والسلام جملةً طيِّبة من فضائل هذا الشهر ؛ حيث قال عليه الصلاة والسلام كما في الترمذي والمسند وغيرهما : ((إِذَا كَانَ أَوَّلُ لَيْلَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ صُفِّدَتْ الشَّيَاطِينُ وَمَرَدَةُ الْجِنِّ ، وَغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ فَلَمْ يُفْتَحْ مِنْهَا بَابٌ ، وَفُتِّحَتْ أَبْوَابُ الْجَنَّةِ فَلَمْ يُغْلَقْ مِنْهَا بَابٌ ، وَيُنَادِي مُنَادٍ : يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ ، وَلِلَّهِ عُتَقَاءُ مِنْ النَّارِ وَذَلكَ كُلُّ لَيْلَةٍ )) .

فهذه وقفة مع قوله عليه الصلاة والسلام ((وَيُنَادِي مُنَادٍ : يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ)) ؛ هذا المنادي الذي ينادي هذا النداء المتكرر كل ليلة من ليالي رمضان - والأقرب والله تعالى أعلم أنه ملَك وكَل الله عز وجل إليه هذه المناداة - لا نسمع صوت ندائه ، تمر معنا ليالي رمضان ولا نسمع صوت ندائه ؛ لكننا على يقين من ذلك وليس في قلوبنا شك ، لأن الذي أخبرنا بذلك الصادق المصدوق صلوات الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى { إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى } [النجم:4] ، ولهذا يجب أن نعتقد عقيدةً جازمة - وهذا من جملة إيماننا بالغيب وإيماننا بالملائكة - أن لله سبحانه وتعالى منادٍ كل ليلة من ليالي رمضان (( يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ )) كل ليلة من ليالي رمضان يتكرر هذا النداء ؛ وهذا فيه تنبيه إلى أن ليالي رمضان ميدانٌ فسيح ووقتٌ رحْب للتنافس في الطاعات والإقبال على الله سبحانه وتعالى والجدِّ في أنواع القربات وحفظ الوقت والبعد عن المحرمات والآثام والمنكرات ، وهذا أمرٌ ينبغي على كل صائم على كل مسلم أن ينتبه له ، وينبغي أن يستذكر كل ليلة النداء (( يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ أَقْبِلْ وَيَا بَاغِيَ الشَّرِّ أَقْصِرْ )) أو ((أمسك)) في رواية ، فسيتذكر هذا النداء كل ليلة ويجاهد نفسه على الإقبال على الخير والإمساك عن الشر والبعد عنه وعن أماكنه وعن الوقوع فيه والحذر من ذلك أشد الحذر .

وهذا الحديث يفيد أن القلوب قلبان : (( يَا بَاغِيَ الْخَيْرِ )) ، ((يَا بَاغِيَ الشَّرِّ )) ؛ هذا يفيد أن القلوب قلبان :

1- قلب يبغي الخير ؛ يميل إليه ، يرتاح إليه ، نفسه تطلبه ، تبحث عنه وتتحراه ، تبحث عن أماكنه ، يسمع بصلاة التراويح يقبِل عليها ، مجلس علم يقبِل عليه ، تلاوة القرآن ، صلة الأرحام إلى غير ذلك نفسه مقبِلة على الخير، كل ما ذُكر من الخير النفس ترتاح لذلك وتقبل عليه ؛ هذا صنف ، والنداء الموجَّه إلى هؤلاء ((أقبِل)) ، من كان قلبه بهذه الصفة النداء المتكرر كل ليلة من ليالي رمضان هو (( أقبل )) . يا باغي الخير : أي يا من نفسه تطلب الخير وتبغيه وتطلبه أقبِل فإنك في أعظم مواسم الخير وأكبر أوقات التسابق إليه والمنافسة فيه فأقبِل .

2- والصنف الثاني من القلوب : قلبٌ - والعياذ بالله - يبغي الشر ؛ الشر متحرِّك في القلب ، يبحث عن الشر ويطلب أماكنه ويتحراه ، وإذا سمع به اشتاقت إليه نفسه ، وإذا سمع بشيء من الخير انكمشت ولم تقبِل ؛ فهو قلب يبغي الشر ، فإلى هذا الصنف القلوب يأتي النداء (( يا باغي الشر أمسك )) : جاهد نفسك على الإمساك عن الشر والانكفاف عن فعله والبعد عن أماكنه ، جاهد نفسك على ذلك فإنك في موسم الخيرات ، موسم العتق من النار ، موسم غفران الذنوب ((رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ دَخَلَ عَلَيْهِ رَمَضَانُ ثُمَّ انْسَلَخَ قَبْلَ أَنْ يُغْفَرَ لَهُ)) ، موسم ربح ، موسم عتق من النار ، موسم فوز برضا الله، غفران للذنوب ((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ ، وَمَنْ قَامَ لَيْلَةَ الْقَدْرِ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )) ، و ((مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)) .

فهو موسم عظيم مبارك ، فإذا كانت نفسه ليست مقبلة على الخير فعليه أن يمنع نفسه ويزمَّها من مقارفة الشر وفعله ليكون ذلك بوابةً له للاقتراب من الخير والحرص عليه ، وإذا وفَّق الله سبحانه وتعالى عبده لفعل هذا التوجيه المبارك لصاحب الخير الذي تقبل نفسه على الخير يجاهد نفسه على الازدياد والإقبال ، والذي تقبل نفسه على الشر يجاهد نفسه على الانكفاف مع الاستمرار مع ليالي رمضان يتخرَّج من مدرسة الصيام من هذا الشهر المبارك على خير حال ، فصاحب الخير يخرج من رمضان ونفسه ارتاضت على الخيرات وأقبَلت عليها وحرص على المسابقة والمنافسة ، وصاحب الشر أيضاً ارتاضت نفسه على الانكفاف عن الشر ومقارفته وفعله ؛ فيتخرج من مدرسة الصيام من شهر الصيام بمغنمٍ عظيم وربح كبير .

وأعداء الدين وأعداء الفضيلة لا يرغبون لأهل الإيمان أن يعيشوا أجواء رمضان الطيبة ولياليه المباركة وأجواء التعبد والتقرب والإقبال على الخيرات والانكفاف عن الشرور والآثام ، لا يرغبون لهم أن يعيشون هذه العيشة ؛ ولهذا يتبارى الأعداء للدين ودعاة الشر والفساد إلى تهيئة أمور تشغل الناس في ليالي رمضان عن الخير وتوقِعهم في الشر وتحرِّك في نفوسهم الفساد ؛ حتى أن بعض أصحاب القنوات الفضائية الفاسدة العاهرة يخطِّطون لرمضان من شهور لإعداد برامج تستقطِب أهل الإسلام في ليالي رمضان ليُصرَفوا عن الخيرات وليُغمَسوا في الرذائل والفساد ، والشيطان يُصفَّد في رمضان وهم يستلمون المهمة منه في ليالي رمضان للصدِّ عن دين الله تبارك وتعالى ولتهييج الفساد والانحلال والفواحش والمحرمات وأنواع المنكرات .

وينبغي على المسلم أن يجاهد نفسه - كما أسلفت - على استذكار هذا النداء المتكرر مع كل ليلة من ليالي رمضان ، ويجاهد نفسه على الإقبال على الخيرات والانكفاف عن الشرور والآثام مستعيناً بالله تبارك وتعالى طالباً مدَّه وعونه وتوفيقه .

وأسأل الله الكريم رب العرش العظيم أن يوفقنا جميعاً لفعل الخيرات واجتناب المنكرات ، وأن يصلح لنا شأننا كله، وأن يغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا وللمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات ؛ إنه تبارك وتعالى غفور رحيم جواد كريم .

والله أعلم ، وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

الأسئلة

**ما صحة حديث ((من صلى بعد العشاء أربعاً كأنما قام ليلة القدر)) ؟**

لا أعرف هذا الحديث .

**هل في دعاء القنوت يقول المأمومين "آمين" بصوت مرتفع أم منخفض ؟**

في القنوت يؤمِّن المأموم على دعاء الإمام ، رفع الصوت ليس مطلوباً وهو التأمين .

**أنا سريع الغضب ما النصيحة للابتعاد عن ذلك ؟**

النبي عليه الصلاة والسلام لما سأله السائل قال أوصني قال ((لا تغضب )) وقوله عليه الصلاة والسلام ((لا تغضب )) هذا فيه معالجة لمن كان سريع الغضب ، وقوله (( لا تغضب )) يتضمن أمرين ينبغي أن يتنبه لهما من كان سريع الغضب :

الأول : قوله ((لا تغضب )) يفيد البعد عن الأمور التي تثير الغضب وتستجلبه للنفس ، فلا تغضب أي لا تفعل أي أمر يستثير الغضب . هذا الأمر الأول .

الأمر الثاني : قوله (( لا تغضب )) أي لا تفعل شيئا ولا تقل شيئا يدفعك إليه غضبك .فوقت الغضب لا تفعل شيئا ولا تقل أي شيء ، لأن الإنسان وقت الغضب واشتداده لا يكون منضبطاً لا في الأقوال ولا في الأفعال ، ولهذا الذي ينبغي عليه وقت الغضب أن يمنع نفسه من الكلام وأن يمنع نفسه من الفعل إلى أن يسكن الغضب ، ولهذا جاء في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ((إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ فَلْيَسْكُتْ)) ، وجاء في الحديث الآخر أنه صلى الله عليه وسلم قال : ((إِذَا غَضِبَ أَحَدُكُمْ وَهُوَ قَائِمٌ فَلْيَجْلِسْ ، فَإِنْ ذَهَبَ عَنْهُ الْغَضَبُ وَإِلَّا فَلْيَضْطَجِعْ )) ، فالحديث الأول يتعلق بالقول والثاني يتعلق بالفعل ، وهما يفيدان أن الإنسان إذا غضب ينبغي عليه أن لا يتكلم بأي كلمة وأن لا يباشر أي فعل ؛ لأن الأفعال والأقوال ستكون وقت الغضب غير منضبطة ، ويضيف إلى ذلك المسارعة إلى التعوذ بالله من الشيطان الرجيم لأن الشيطان يحضر الإنسان في غضبه ويدفعه إلى ما لا تحمد عقباه .

**كثيرا ما يشغل فكري في أثناء صلاة القيام فهل أكون ممن لم يقم إيمانا واحتسابا ؟ وكيف أخشع في صلاتي ؟**

((من قام رمضان إيمانا واحتسابا )) الحديث ذُكر فيه ضابطان للقيام : الأول الإيمان ، والثاني الاحتساب ؛ يقوم إيماناً بالله وإيماناً بوعده تبارك وتعالى ، واحتسابا للأجر والثواب ، فمن قام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه .

والخشوع في صلاة القيام أو في الصلاة عموماً يزيد وينقص ولزيادته أسبابه ولنقصانه أسباب ؛ فيجاهد نفسه على الخشوع بفعل أسبابه ، وأيضاً يجاهد نفسه على البعد عن الغفلة التي تعتري الإنسان في عبادته وفي صلاته ، وبالمجاهدة بإذن الله تبارك وتعالى يحصِّل خيرا .

**كيف نتقوى في طلب العلم في وقتٍ قلَّ فيه الدروس العلمية وتكاد تكون منقطعة ؟**

طلب العلم يحتاج إلى صبر ومجاهدة للنفس وإلحاح على الله سبحانه وتعالى بالدعاء كل يوم يسأل الله عز وجل أن يمنَّ عليه بالعلم النافع وقد كان عليه الصلاة والسلام كل يوم بعد صلاة الصبح يقول : ((اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ عِلْمًا نَافِعًا ، وَرِزْقًا طَيِّبًا ، وَعَمَلًا مُتَقَبَّلًا )) فيلحّ على الله بالدعاء ، ويجاهد نفسه ، ويصبر ، ويمضي في طلب العلم قال عليه الصلاة والسلام : ((إِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ، وَإِنَّمَا الْحِلْمُ بِالتَّحَلُّمِ، ومَنْ يَتَحَرَّى الْخَيْرَ يُعْطَهُ، وَمَنْ يَتَّقِ الشَّرَّ يُوقَهُ )) ، وإذا تهيأ له أخ أو إخوان من طلاب العلم الصالحين فإن بهم يُشد العضد قال الله تعالى { سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ } ، لما قال {وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي (29) هَارُونَ أَخِي (30) اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي (31) وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي (32) كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا (33) وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا } [طه:29-34] قال الله : { سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ }[القصص:35] ، فإذا تهيأ للإنسان أخٌ ناصح أو إخوة ناصحون فإن هذا فيه العون بإذن الله له على العلم ، ويستفيد من الدروس العلمية الصوتية لأهل العلم ، وإن تهيأت دروس في المساجد فهذا أنفع .

**هل الأفضل التبكير إلى صلاة المفروضة وأداء السنة في المسجد ، أم يصلي النافلة في بيته ثم يخرج إلى المسجد وقد لا يدرك تكبيرة الإحرام مع الإمام ؟**

صلاة الرجل في بيته أفضل إلا المكتوبة ، لكن إذا كان يفوته تكبيرة الإحرام فهنا خرجنا من مسألة الأفضلية -هل الأفضل أن يصلي النافلة في البيت أو في المسجد - إلى مسألة أعظم من ذلك وهي صلاة الفريضة من أولها مع الإمام ، وما تقرب إلى الله عز وجل متقرِّب بشيء أحب إلى الله مما افترضه على عباده ، فإذا كان هذا يؤثر على إدراك الفريضة من أولها فليفعل الشيء الذي يحقق له القيام بالفرض على أكمل وجه ، فإن أعظم شيء يتقرب به العبد إلى الله سبحانه وتعالى الفرائض . وهذه المسألة عندما لا تُفقه يقع خلل ، أحيانا تكون الصلاة قائمة والإمام شرع في قراءة الفاتحة وبعض الناس يخرج المسواك ويتسوَّك !! المسواك سنة وفعله أمرٌ حسن وطيِّب ، لكن إذا كان يشغلك عن جزء من إدراك الفرض من أوله مع الإمام فهذا اشتغال بالنفل عن الفرض ، ((إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة )) فإذا كانت الفريضة قائمة ما يُشتغل بغيرها ، وإذا كان النفل في البيت يعوق عن إدراك الفريضة من أولها يصليها في المسجد .

**ما هي ثمرات الاستقامة على طاعة الله ؟**

الاستقامة ثمراتها كل خير في الدنيا والآخرة {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً } هذا في الدنيا {وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ } [النحل:97] ، فالاستقامة ثمراتها كل خير وفضيلة في الدنيا والآخرة ، قال الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (13) أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا جَزَاءً بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الأحقاف:13-14] ، وقال تعالى : {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ (30) نَحْنُ أَوْلِيَاؤُكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَشْتَهِي أَنْفُسُكُمْ وَلَكُمْ فِيهَا مَا تَدَّعُونَ (31) نُزُلًا مِنْ غَفُورٍ رَحِيمٍ } [فصلت:30-33]

**هذا سائل يذكر أن عنده مال وقد بلغ النصاب ثم بعد ذلك نقص هذا المال عن نصابه ثم رجع مرة أخرى واكتمل النصاب ؛ فيسأل يقول ؟ من أي وقت يبدأ الحول عنده ؟**

الحول يبدأ من اكتمال سنة بمال بلغ النصاب ، إذا اكتمل سنة يعني حال الحول على المال الذي عنده فإنه يكون بذلك وجبت فيه الزكاة ، إذا وُجد عنده مال بلغ النصاب وحال عليه الحول فإنه يجب عليه أن يزكيه عند حوَلان الحول ، وإذا كان هذا المال تنامى في تجارة في مرابحة فالشيء الذي تنامى من هذا المال يأخذ حكمه فيقدَّر المال وقت الحول ثم يزكيه .

**ما نصيحتكم للشباب وبعض صغار طلبة العلم الذين يشتغلون الجرح والتعديل ؟ إلى من يرجعون في مثل هذه الأمور ؟**

يبدأ أول ما يبدأ طالب العلم في بداية الطلب بكتاب الأربعين للإمام النووي رحمه الله تعالى ، يحفظ هذا الكتاب عن ظهر قلب حفظاً متقنا ، ثم يتفقه في الأحاديث الواردة في هذا الكتاب ويعتني بفهم ما اشتملت عليه من قواعد الدين وأصول الشريعة وتفاصيل الأحكام ، ثم يجاهد نفسه بعد ذلك على العمل بذلك وتحقيق العبودية لله سبحانه وتعالى بفعل ما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر ، مع إصلاح القلب ومجاهدة النفس على الاستقامة على طاعة الله سبحانه وتعالى ، ثم يتدرج في كتب العلم حفظاًومذاكرةً ومدارسةً وتفقهاً وتعلُّماً ؛ فهذا الذي ينبغي على الشاب أن يحفظ وقته فيه ؛ في العلم النافع والعمل الصالح المقرِّب إلى الله تبارك وتعالى .

**ما هو مقدار الأكل والشرب للصائم حين أذان الفجر ؟ وهل يشرب ما فيالإناء الذي في يده أم يزيد ؟**

إذا أذَّن المؤذن فإن الأذان إعلام بدخول الوقت ؛ وهذا يعني وجوب الإمساك فلا يأكل ولا يشرب ، لكن رخص النبي صلى الله عليه وسلم لمن كان في يده إناء الماء أن يشربه ، لا يطلب الإناء وإنما إذا كان في يده إناء الماء له أن يشربه ، أما إذا كان يأكل يتوقف عن الأكل .

ونكتفي بهذا ، والله أعلم وصلى الله وسلم على عبده ورسوله نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين .