×

We use cookies to help make LingQ better. By visiting the site, you agree to our cookie policy.


image

Arabic YouTube Videos - فيديوهات يوتيوب بالعربية, رحلة اليقين ٥ (جزء ١ من ٢): كيف يلغي الإلحاد العقل والعلم؟

رحلة اليقين ٥ (جزء ١ من ٢): كيف يلغي الإلحاد العقل والعلم؟

السَّلام عليكم

أيُّها الأحِبَّة، في الحلقة الماضية بيَّنَّا أنَّ المُلحد حين أنكر وجود الخالق،

فإنَّ ذلك أدَّى به إلى نزْعِ الموثوقيِّة عن المكوِّنات الفطريَّة الَّتي يجدها الإنسان من نفسه،

وسنرى كيف أنّ هذا يؤدِّي به إلى سلسلةٍ من الإنكارات:

إنكار المسَلَّمات العقليَّة، والأخلاق، وسؤال الغاية، والإرادة الحُرَّة

إنكار وجود هذه المكوِّنات بشكلٍ فِطريٍّ، أو إنكار أن يكون لها قيمةٌ

لماذا؟!

أمَا كان يمكنه أن يُنكر الخالق، ويحافظ على هذه المسَلَّمات

-الَّتي يجدها المُلحد من نفسه رَغمًا عنه- بدل الدُّخول في سلسلة المكابرة والضَّياع هذه؟

لا، لا يستطيع!

لماذا؟ سنرى...

وسنبدأ بالضَّرورات العقليَّة

هذه الحلقة ستكون غزيرة الفائدة

سنناقش فيها: دلالة الضَّرورات العقليَّة على وُجود الله تعالى

كيف يُسقِط الإلحادُ المنهجَ التَّجريبيّ

هل الإلحاد يحترم العقل أم يُسقِطه؟

تناقض المُلحدين

مقولة: (الحقيقة نسبيَّةٌ، وليست هناك حقيقةٌ مُطْلقةٌ)، ما أصْلُها وما نتائجها؟

هل الأشياء دليلٌ على الله؟ أم أنَّ الله هو الدَّليل على كلِّ شيء؟

بدايةً -إخواني- الإيمان يؤسِّس كلَّ شيءٍ على وجود الله تعالى؛ ففي المنظور الإيمانيّ:

خَلَقَ الله السَّماوات والأرض بالحق، ووضع [لها] بحكمته سُننًا ثابتةً،

وفَطَرَ الإنسان على فِطرةٍ تُنتِج له مُسَلَّماتٍ عقليَّةً ضروريَّةً،

يَنطلِق منها عقل الإنسان لاكتشاف حقائق الأشياء

المُلحد لديه مشكلةٌ مع كلِّ عِبارةٍ من هذه العِبارات التسعة:

(خَلَقَ)، (الله)، (بالحق)، (بحكمته)، (سُننًا ثابتة)، (فِطرة)،

(مسَلَّماتٍ عقليةً ضرورية)، (عقْلُ الإنسان)، (حقائق الأشياء)

وسنبيِّن ذلك بالتَّفصيل

في المنظور الإيمانيّ يقول الله تعالى:

(لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) [التين:4]

أيْ أنَّه أوْجَد في الإنسان الانجذابَ الفِطريّ،

والقابليَّةَ لمعرفةِ الحقِّ في المُدْرَكات

والأخلاق، والبحثِ عن الغاية الحقِّ من الحياة

يُودِع هذه المعاني في نفس كلِّ إنسانٍ يَخرج للحياة ليبتدئ بها تَعلُّمَه

(رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ) [طه:50]

وهذا من أشكال الهداية

وقُلنا أنَّ هذه الفِطْرة للإنسان تُشبِه نظام التَّشغيل للكمبيوتر

في المنظور الإلحاديّ، الإنسانُ جاء وَليدَ الصُّدْفة والعشوائيِّة، لا لِحِكْمَةٍ؛ وليس هناك شيءٌ اسمه فِطْرةٌ

لكن، كيف تفسِّرون -أيُّها المُلحِدون- وجود ما يُشْبِه نظام التَّشغيل للإنسان؟

بدايةً، كيف تفسِّرون وجود البَدَهيَّات العقليَّة؟ أي المُسَلَّمات العقليَّة والضَّرورات العقليَّة،

مثل: مبدأ أنَّ البَعْضَ أصغر من الكلِّ، وأنَّ (1+1=2)،

وأنَّ النَّقيضَين لا يجتمعان،

وأنَّ لكلِّ حدثٍ سببًا

هذه قواعدُ عقليَّةٌ يَبني عليها الإنسان معارفه ولا تنبني على شيءٍ قبلها؛

فلا بدَّ أنَّ هناك من أوْدع في نَفْس الإنسان فِطرةً تتعرف عليها وهنا تبدأ رحلة التَّخبُّط الإلحاديَّة

فمِن المُلحدين من قال:

"إنَّ هذه القواعد العقليَّة تتكون من المُدخَلات الحسِّيَّة

ممَّا يشاهده الإنسان ويسمعه عبر أداة الاستقراء"

أي أنَّ الإنسان يرى التُّفاحة تَنضمُّ إلى أخرى، فتُصبحان تفاحتَين،

ومَشاهد كثيرةً مشابهةً تستقرئها عَينُه؛ فتتكوَّن لديه من ذلك قواعد عقليةٌ:

أنَّ الجزء أصغر من الكلِّ، وأنَّ (1+1=2)،

وأنَّ الطفلَ يضربُه أخوه فيحسُّ بالألم؛ فيعلم أنَّ الضَّرب سببٌ للألم

ويرتطم أمامه جسمٌ بالزُّجاج فيكسِرُه؛ فيعلم أنَّ الارتطام سببٌ للكسر

ويرى كلَّ شيءٍ يحصل بسببٍ؛ فتتكوَّن لديه قاعدة السَّببيَّة: (أنَّ لكلِّ شيءٍ حادثٍ سببًا)

لكنَّ المُلحد بذلك قد عكس المسألة؛

فجعل المُدْخلات هي التي تَصُوغ القواعد العقليَّة والمعادلات

وهو شبيه بقول أنَّ كثرة البيانات المُدْخَلة إلى جهاز الكمبيوتر

تكوِّن البرامج القادرة على تحليل المُدخَلات والخروج بنتائجٍ

تَصوَّر لو أنَّنا أدخلْنا عامودَين على صفحة إكسل "Excel sheet"؛ عامودَين متجاورَين،

تحت كلٍّ منهما عددٌ كبيرٌ من الأرقام

هل سيقوم جهاز الكُمبيوتر بنفسه بكتابة مُعادلة:

الرَّقم [الأول] زائد الرقم الثاني يساوي النتيجة؟!

حتى لو زِدنا عدد الأرقام تحت كلِّ عمودٍ إلى ألفٍ، أو مليون

لو أدخلنا عمودين متجاورين: تحت الأول حدثٌ سابقٌ، وتحت الثَّاني حَدَثٌ لاحقٌ،

هل سيستنتج الكمبيوتر بنفسه أنَّ السَّابق سببٌ للَّاحق فيَخرُج بقاعدة السَّببيَّة؟!

المُلحدون أدركوا وجود هذه المشكلة،

لكنَّهم أصرُّوا على التَّهرُّب من فكرة أنَّ هناك (برمجةً) يمكن وصْفُها بأنَّها (حقٌّ)، تُحلِّل المُدْخلات الحِسِّيَّةَ من جهةٍ، وتُعْمِل العقل من جهةٍ، لتَصل إلى نتائج حَقَّةٍ، إذْ هذه البرمجة تحتاج إلى مَن يُوْدِعها في نفْس الإنسان

فأصرُّوا على أنَّ البرمجة وَلِيْدَة الحواسّ

ماشي -بِغَضِّ النَّظر عن مصدر هذه البرمجة-

فلنفترض أنَّها حواسُّكم،

المهمُّ أنَّها وصلت إلى استنتاجاتٍ على رأسها مبدأ السَّببيَّة: أنَّ لكلِّ حادثٍ سببًا

إذًا، فلا بُدَّ أنَّ لهذا الكون سببًا

هنا اضطَرَّ بعض المُلحدين إلى القول بأنَّ استنتاجات هذه البرمجة

ليس شرطًا أن تكون حقائقَ؛

فهي إنَّما نتيجة الاستقراءات، والاستقراءات قد تكون ناقصةً،

بمعنى أنَّه ضِمْن دائرة مشاهداتهم، فلكلِّ شيءٍ سببٌ

لكنْ ليس هناك ما يمنع أن يحدث في زاويةٍ من زوايا الكون شيءٌ بلا سببٍ

نحن كمؤمنين نقول: لكلِّ حادثٍ سببٌ

هذه حقيقةٌ مطلقةٌ يقينيَّةٌ تدلُّ كلُّ المُشاهَدات على صِدْقها وهم يقولون: بل قُصارى ما يُمكنُنا قوله أنَّ الأحداث التي نراها لها أسبابٌ

نقول لهم: طيِّب، وُجود الكون من أساسه،

ألا يجب أن يكون له سببٌ؟! فيكون هناك من أوجده؟!

فيقولون: لا، فنحن لا نرى قاعدة السَّببيَّة حقيقةً مطلقةً عامةً نلتزم آثارها في كل شيءٍ

أَدْرك هؤلاء مدى تناقضهم

وهم يلتزمون بالسَّببيَّة في حياتهم اليوميَّة،

والاستكشاف وبناء النَّظريَّات العلميَّة، وفي كلِّ شيءٍ؛

بينما عندما تأتي المسألة إلى الحقيقة الكبرى،

وهي سبب هذه الأسباب كلَّها

ومصدر الكون، يُنكرون السَّببيَّة

فماذا فعلوا للخروج من هذا التَّناقض؟

أنكروا الضَّرورات العقليَّة بالكليَّة من الأصل، ومنها حقيقة أنَّ لكلِّ حادثٍ سببًا

وقالوا: الأشياء التي نظنُّ أنَّها أسبابٌ، إنَّما حدثتْ باقترانٍ مع ما نظنُّه نتائج

بينما قُصارى الأمر أنَّهما حَدَثانِ تعاقبا، ولا علاقة لأحدهما بالآخر

وعليه اعتبروا أنَّهم خرجوا من مأزق سبب وجود الكون؛

فقالوا أنَّ الكون يمكن أن يوجَد بلا سببٍ أصلاً،

أو أن يُوجِد نفسه بنفسه

وممَّن قال بذلك الفيلسوف البريطاني برتراند راسل "Bertrand Russell"،

و(عالِم الفيزياء) ستيفن هوكينغ "Stephen Hawking"،

ولورانس كراوس "Lawrence Krauss"،

الذي قال أنَّه لا يمكن التَّعْوِيل مُطْلقاً على شيءٍ اسمه: مبادئُ عقليَّةٌ ضروريَّة، وذلك في سياق التَّسويغ لفكرة كتابه: (كونٌ من لا شيءٍ)؛

والتي تقوم على أنَّ الكون -وإن كان ناشئاً من العدم-

إلَّا أنَّه بالإمكان أن يكون أحدثَ نفسَه بنفسِه

وتابعه على هذا الكلام مجموعةٌ من علماء الطَّبيعة، واحتفَوا بكتابه

هربوا من التَّناقض، فوقعوا في الجنون

وحقيقةً أيُّها الإخوة،

هذا الكلام -وإن كان نوعًا من الجنون-

إلَّا أنَّك تجد من يفاخِر به ويتغنَّى بأسماء (العلماء) الذين يُنظِّرون له،

وهو ضريبةٌ من ضرائب الإلحاد، ونتيجةٌ طبيعيَّةٌ له

هؤلاء وإن كانوا ينطلقون من تقديس العلم التَّجريبيّ،

ويقولون: لا نؤمن بما وراء الطبيعة؛ لأنَّه لا يمكن تجربتُه،

إلَّا أنَّ كلامَهم ينتهي بهدم العِلْم التَّجريبيِّ من أساسه

فالاستكشاف كلُّه قائمٌ على رصْد العلاقات السَّببيَّة،

واشتقاق الاستنتاجات العلميَّة المُطْلَقة

أمَّا حسب مبدأ هؤلاء،

فإن كان مليون مُجرِّبٍ لتفاعل الحمض مع القاعدة نتج معه ملحٌ وماءٌ،

فإنَّهم يَمْنَعون أنفسهم من أن يشتقُّوا من ذلك تعميمًا وحقيقةً علميَّةً مطْلَقةً، بل لا مانع -وفق مبدئهم- من أن يَنْتج في المرة المليون وواحد شيءٌ غير الملح والماء

لأنَّهم إن اشتقُّوا قاعدةً علميَّةً،

وأصبحت هذه القاعدة حقيقةً مطلقةً،

فإنَّهم يكونون قد بَنَوا هذه القاعدةَ على ضروراتٍ عقليَّةٍ؛ كاعتبار أنَّ للكون سُننًا ثابتةً، وأنَّ تَفاعل هاتين المادتين سببٌ لتكوِّن الملح والماء

هذه السُّنن، من وضَعَها؟

وهذا التَّسبِيْب، مَنْ جعله حقيقةً راسخةً ثابتةً؟

العشوائيَّة والصُّدْفة لا يضعان سُنناً ولا يُوجدان حقائق مطْلَقةً؛

لذلك، أنكروا المسَلَّمات العقليَّة

وعلى هذا فالعِلْم التَّجريبيُّ يصبح عبثًا بل وتطبيق نتائجه يصبح عبثًا؛

ففَايروس الإيدْز "AIDS virus"، ليس سببًا في الإيدْز

إنَّما هما أمران اقْتَرَنا

والأمراض ليس لها أسبابٌ، والعلاج ليس سببًا للشِّفاء

ولو أنَّ مرضًا جديدًا ظَهَر، فمن العبث ومضْيَعة الوقت أن تُنفَق (المليارات) على معرفة سببه

فقد نكتشف في النِّهاية أنَّ هذا المرض

هو -كالكون- بلا سبب

والمُلحدون الذين تهرَّبوا من التَّناقض بإنكار السَّببيَّة،

لا يجدون بُدًّا من أن يتناقضوا عمليًّا مع ما يدَّعونه

فالمُلحد إنِ ارتطمتْ سيَّارةٌ بسيَّارتِه، فقال له صاحب السَّيَّارة الأخرى:

ضَرْبُ سيَّارتي لسيَّارتك ليس سببًا في التَّلَف الذي أصاب سيَّارتَك،

إنَّما هما شيئان وقَعا باقترانٍ دون علاقةٍ سببيَّةٍ، فلا تُطالبني بتعويضٍ

هل يَقبَلُ المُلحد؟!

إن طعنه أحدٌ بسكِّينٍ ثمّ قال: سَيَلانُ دمكَ ليس سببه طعنتي

فهل يَقبل؟! لا طبعًا

فالمُلحدون يمارسون الاعتراف بالمبادئ العقليَّة الضَّروريَّة رغمًا عنهم في حياتهم وعلومهم

لكن، عندما تأتي المسألة للحقيقة الكبرى،

وهي وجود الخالق -عزَّ وجلَّ- فإنَّهم يتنكَّرون لهذه المبادئ


رحلة اليقين ٥ (جزء ١ من ٢): كيف يلغي الإلحاد العقل والعلم؟ The Journey of Certainty 5 (Part 1 of 2): How does atheism eliminate reason and science?

السَّلام عليكم Hello

أيُّها الأحِبَّة، في الحلقة الماضية بيَّنَّا أنَّ المُلحد حين أنكر وجود الخالق،

فإنَّ ذلك أدَّى به إلى نزْعِ الموثوقيِّة عن المكوِّنات الفطريَّة This led him to discredit the innate components الَّتي يجدها الإنسان من نفسه، which man finds in himself,

وسنرى كيف أنّ هذا يؤدِّي به إلى سلسلةٍ من الإنكارات: We shall see how this leads him to a series of denials:

إنكار المسَلَّمات العقليَّة، والأخلاق، وسؤال الغاية، والإرادة الحُرَّة Denial of rational postulates, morals, the question of purpose, and free will

إنكار وجود هذه المكوِّنات بشكلٍ فِطريٍّ، أو إنكار أن يكون لها قيمةٌ Denying the innate existence of these components, or denying that they have value

لماذا؟!

أمَا كان يمكنه أن يُنكر الخالق، ويحافظ على هذه المسَلَّمات Was he not able to deny the Creator and keep these postulates?

-الَّتي يجدها المُلحد من نفسه رَغمًا عنه- بدل الدُّخول في سلسلة المكابرة والضَّياع هذه؟ - Which the atheist finds of himself against his will - instead of entering this chain of arrogance and loss?

لا، لا يستطيع! No, he can't!

لماذا؟ سنرى... Why? We'll see...

وسنبدأ بالضَّرورات العقليَّة We'll start with the mental imperatives

هذه الحلقة ستكون غزيرة الفائدة This episode will be very useful

سنناقش فيها: دلالة الضَّرورات العقليَّة على وُجود الله تعالى In it, we will discuss: the significance of mental necessities for the existence of God Almighty

كيف يُسقِط الإلحادُ المنهجَ التَّجريبيّ How atheism brings down the experimental method

هل الإلحاد يحترم العقل أم يُسقِطه؟ Does atheism respect or overthrow the mind?

تناقض المُلحدين Atheists' Paradox

مقولة: (الحقيقة نسبيَّةٌ، وليست هناك حقيقةٌ مُطْلقةٌ)، ما أصْلُها وما نتائجها؟ The saying: (Truth is relative, and there is no absolute truth), what is its origin and what are its consequences?

هل الأشياء دليلٌ على الله؟ أم أنَّ الله هو الدَّليل على كلِّ شيء؟ Are things evidence of God? Or is God the guide to everything?

بدايةً -إخواني- الإيمان يؤسِّس كلَّ شيءٍ على وجود الله تعالى؛ ففي المنظور الإيمانيّ: To begin with, my brothers, faith bases everything on the existence of God Almighty. From a religious perspective:

خَلَقَ الله السَّماوات والأرض بالحق، ووضع [لها] بحكمته سُننًا ثابتةً، God created the heavens and the earth with truth, and [for them], by His wisdom, set firm rules.

وفَطَرَ الإنسان على فِطرةٍ تُنتِج له مُسَلَّماتٍ عقليَّةً ضروريَّةً، The innate nature of man is based on an innate nature that produces for him necessary mental premises.

يَنطلِق منها عقل الإنسان لاكتشاف حقائق الأشياء The human mind sets out from it to discover the facts of things

المُلحد لديه مشكلةٌ مع كلِّ عِبارةٍ من هذه العِبارات التسعة: An atheist has a problem with each of these nine statements:

(خَلَقَ)، (الله)، (بالحق)، (بحكمته)، (سُننًا ثابتة)، (فِطرة)، (created), (God), (with the truth), (with His wisdom), (firm Sunna), (fitrah)

(مسَلَّماتٍ عقليةً ضرورية)، (عقْلُ الإنسان)، (حقائق الأشياء) (Necessary mental axioms), (the human mind), (the facts of things)

وسنبيِّن ذلك بالتَّفصيل We will explain that in detail

في المنظور الإيمانيّ يقول الله تعالى: From a religious perspective, God Almighty says:

(لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ) [التين:4]

أيْ أنَّه أوْجَد في الإنسان الانجذابَ الفِطريّ، That is, he found in man an innate attraction,

والقابليَّةَ لمعرفةِ الحقِّ في المُدْرَكات And the ability to know the truth in perceptions

والأخلاق، والبحثِ عن الغاية الحقِّ من الحياة morals, and the search for the true purpose of life

يُودِع هذه المعاني في نفس كلِّ إنسانٍ يَخرج للحياة ليبتدئ بها تَعلُّمَه He deposits these meanings in the soul of every person who goes out to life to begin his learning.

(رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ) [طه:50]

وهذا من أشكال الهداية This is a form of guidance

وقُلنا أنَّ هذه الفِطْرة للإنسان تُشبِه نظام التَّشغيل للكمبيوتر And we said that this human instinct is similar to the operating system of a computer

في المنظور الإلحاديّ، الإنسانُ جاء وَليدَ الصُّدْفة والعشوائيِّة، لا لِحِكْمَةٍ؛ In the atheistic view, man came from chance and randomness, not from wisdom; وليس هناك شيءٌ اسمه فِطْرةٌ There is no such thing as an instinct

لكن، كيف تفسِّرون -أيُّها المُلحِدون- وجود ما يُشْبِه نظام التَّشغيل للإنسان؟ However, how do you - O atheists - explain the existence of something similar to the operating system of man?

بدايةً، كيف تفسِّرون وجود البَدَهيَّات العقليَّة؟ أي المُسَلَّمات العقليَّة والضَّرورات العقليَّة، First of all, how do you explain the existence of mental axioms? i.e. mental axioms and mental necessities,

مثل: مبدأ أنَّ البَعْضَ أصغر من الكلِّ، وأنَّ (1+1=2)، For example: the principle that some are smaller than all, and that (1 + 1 = 2),

وأنَّ النَّقيضَين لا يجتمعان، and that the two do not meet,

وأنَّ لكلِّ حدثٍ سببًا And that every event has a reason

هذه قواعدُ عقليَّةٌ يَبني عليها الإنسان معارفه ولا تنبني على شيءٍ قبلها؛ These are rational rules upon which a person builds his knowledge and is not based on anything before it.

فلا بدَّ أنَّ هناك من أوْدع في نَفْس الإنسان فِطرةً تتعرف عليها There must be someone who has deposited in the human soul a natural instinct that you recognize وهنا تبدأ رحلة التَّخبُّط الإلحاديَّة And here begins the atheistic journey of confusion

فمِن المُلحدين من قال:

"إنَّ هذه القواعد العقليَّة تتكون من المُدخَلات الحسِّيَّة These mental bases consist of sensory input

ممَّا يشاهده الإنسان ويسمعه عبر أداة الاستقراء" What a person sees and hears through the induction tool.

أي أنَّ الإنسان يرى التُّفاحة تَنضمُّ إلى أخرى، فتُصبحان تفاحتَين، That is, a person sees an apple joining another, and they become two apples.

ومَشاهد كثيرةً مشابهةً تستقرئها عَينُه؛ فتتكوَّن لديه من ذلك قواعد عقليةٌ: And many similar scenes that his eyes find; From this, he has mental rules:

أنَّ الجزء أصغر من الكلِّ، وأنَّ (1+1=2)، that the part is smaller than the whole, and that (1 + 1 = 2),

وأنَّ الطفلَ يضربُه أخوه فيحسُّ بالألم؛ فيعلم أنَّ الضَّرب سببٌ للألم and that the child is beaten by his brother, and he feels pain; He knows that beating is a cause of pain

ويرتطم أمامه جسمٌ بالزُّجاج فيكسِرُه؛ فيعلم أنَّ الارتطام سببٌ للكسر In front of him a body hits the glass and shatters it; He knows that impact is a cause of fracture

ويرى كلَّ شيءٍ يحصل بسببٍ؛ فتتكوَّن لديه قاعدة السَّببيَّة: (أنَّ لكلِّ شيءٍ حادثٍ سببًا) He sees everything that happens because of; So he has the rule of causation: (Everything has a cause).

لكنَّ المُلحد بذلك قد عكس المسألة؛ But the atheist in this reversed the matter;

فجعل المُدْخلات هي التي تَصُوغ القواعد العقليَّة والمعادلات So make the inputs that formulate the mental rules and equations

وهو شبيه بقول أنَّ كثرة البيانات المُدْخَلة إلى جهاز الكمبيوتر It is similar to saying that the large amount of data entered into the computer

تكوِّن البرامج القادرة على تحليل المُدخَلات والخروج بنتائجٍ Create programs capable of analyzing inputs and producing results

تَصوَّر لو أنَّنا أدخلْنا عامودَين على صفحة إكسل "Excel sheet"؛ عامودَين متجاورَين، Imagine if we inserted two columns into an Excel sheet; two adjacent columns,

تحت كلٍّ منهما عددٌ كبيرٌ من الأرقام Underneath each is a large number of numbers

هل سيقوم جهاز الكُمبيوتر بنفسه بكتابة مُعادلة: Will the computer itself write an equation:

الرَّقم [الأول] زائد الرقم الثاني يساوي النتيجة؟! The [first] number plus the second number equals the result?!

حتى لو زِدنا عدد الأرقام تحت كلِّ عمودٍ إلى ألفٍ، أو مليون Even if we increase the number of numbers under each column to a thousand, or a million

لو أدخلنا عمودين متجاورين: تحت الأول حدثٌ سابقٌ، وتحت الثَّاني حَدَثٌ لاحقٌ، If we insert two adjacent columns: under the first a previous event, and under the second a subsequent event,

هل سيستنتج الكمبيوتر بنفسه أنَّ السَّابق سببٌ للَّاحق فيَخرُج بقاعدة السَّببيَّة؟! Will the computer itself deduce that the former is a cause of the later and come up with the causation rule?!

المُلحدون أدركوا وجود هذه المشكلة، Atheists realize this problem exists,

لكنَّهم أصرُّوا على التَّهرُّب من فكرة أنَّ هناك (برمجةً) يمكن وصْفُها بأنَّها (حقٌّ)، But they insisted on evading the idea that there is (programming) that can be described as (right), تُحلِّل المُدْخلات الحِسِّيَّةَ من جهةٍ، وتُعْمِل العقل من جهةٍ، لتَصل إلى نتائج حَقَّةٍ، It analyzes the sensory inputs on the one hand, and works the mind on the one hand, in order to arrive at true results, إذْ هذه البرمجة تحتاج إلى مَن يُوْدِعها في نفْس الإنسان This programming needs someone to deposit it in the human soul

فأصرُّوا على أنَّ البرمجة وَلِيْدَة الحواسّ They insisted that programming is the product of the senses

ماشي -بِغَضِّ النَّظر عن مصدر هذه البرمجة- No matter what the source of this programming is,

فلنفترض أنَّها حواسُّكم، Suppose it's your senses,

المهمُّ أنَّها وصلت إلى استنتاجاتٍ على رأسها مبدأ السَّببيَّة: أنَّ لكلِّ حادثٍ سببًا What is important is that it reached conclusions, foremost of which is the principle of causation: that every accident has a cause.

إذًا، فلا بُدَّ أنَّ لهذا الكون سببًا So, this universe must have a cause

هنا اضطَرَّ بعض المُلحدين إلى القول بأنَّ استنتاجات هذه البرمجة Here some atheists were forced to say that the conclusions of this programming

ليس شرطًا أن تكون حقائقَ؛ They do not have to be facts;

فهي إنَّما نتيجة الاستقراءات، والاستقراءات قد تكون ناقصةً، It is the result of the inductions, and the inductions may be incomplete.

بمعنى أنَّه ضِمْن دائرة مشاهداتهم، فلكلِّ شيءٍ سببٌ In the sense that it is within their circle of observations, for everything has a reason

لكنْ ليس هناك ما يمنع أن يحدث في زاويةٍ من زوايا الكون شيءٌ بلا سببٍ But there is nothing to prevent something from happening in some corner of the universe for no reason

نحن كمؤمنين نقول: لكلِّ حادثٍ سببٌ We, as believers, say: Every accident has a cause

هذه حقيقةٌ مطلقةٌ يقينيَّةٌ تدلُّ كلُّ المُشاهَدات على صِدْقها This is an absolute and certain truth that all observations prove to be true وهم يقولون: بل قُصارى ما يُمكنُنا قوله أنَّ الأحداث التي نراها لها أسبابٌ And they say: Rather, all we can say is that the events that we see have causes

نقول لهم: طيِّب، وُجود الكون من أساسه، We say to them: Well, the universe exists from its foundation.

ألا يجب أن يكون له سببٌ؟! فيكون هناك من أوجده؟! Shouldn't he have a reason?! Is there anyone who can find it?!

فيقولون: لا، فنحن لا نرى قاعدة السَّببيَّة حقيقةً مطلقةً عامةً نلتزم آثارها في كل شيءٍ They say: No, we do not see the principle of causation as a general, absolute truth whose effects we adhere to in everything.

أَدْرك هؤلاء مدى تناقضهم They realize how inconsistent they are

وهم يلتزمون بالسَّببيَّة في حياتهم اليوميَّة، They adhere to causation in their daily lives,

والاستكشاف وبناء النَّظريَّات العلميَّة، وفي كلِّ شيءٍ؛ exploration and building scientific theories, and in everything;

بينما عندما تأتي المسألة إلى الحقيقة الكبرى، Whereas when the matter comes to the greater truth,

وهي سبب هذه الأسباب كلَّها It is the cause of all these reasons

ومصدر الكون، يُنكرون السَّببيَّة And the source of the universe, they deny causation

فماذا فعلوا للخروج من هذا التَّناقض؟ What did they do to get out of this contradiction?

أنكروا الضَّرورات العقليَّة بالكليَّة من الأصل، ومنها حقيقة أنَّ لكلِّ حادثٍ سببًا They completely denied mental necessities from the ground up, including the fact that every accident has a cause.

وقالوا: الأشياء التي نظنُّ أنَّها أسبابٌ، إنَّما حدثتْ باقترانٍ مع ما نظنُّه نتائج And they said: The things that we think are causes, but they happen in conjunction with what we think of as results.

بينما قُصارى الأمر أنَّهما حَدَثانِ تعاقبا، ولا علاقة لأحدهما بالآخر While the whole thing is that they are two consecutive events, and they have nothing to do with the other

وعليه اعتبروا أنَّهم خرجوا من مأزق سبب وجود الكون؛ Accordingly, they considered that they got out of the predicament of the reason for the existence of the universe;

فقالوا أنَّ الكون يمكن أن يوجَد بلا سببٍ أصلاً، They said that the universe could exist without a reason at all.

أو أن يُوجِد نفسه بنفسه Or to find himself

وممَّن قال بذلك الفيلسوف البريطاني برتراند راسل "Bertrand Russell"، Among those who said that the British philosopher Bertrand Russell,

و(عالِم الفيزياء) ستيفن هوكينغ "Stephen Hawking"، and (physicist) Stephen Hawking,

ولورانس كراوس "Lawrence Krauss"، Lawrence Krauss,

الذي قال أنَّه لا يمكن التَّعْوِيل مُطْلقاً على شيءٍ اسمه: مبادئُ عقليَّةٌ ضروريَّة، who said that it is absolutely not possible to rely on such a thing as: necessary rational principles, وذلك في سياق التَّسويغ لفكرة كتابه: (كونٌ من لا شيءٍ)؛ This is in the context of justifying the idea of his book: (Being from Nothing);

والتي تقوم على أنَّ الكون -وإن كان ناشئاً من العدم- which is based on the fact that the universe - even if it originated from nothingness -

إلَّا أنَّه بالإمكان أن يكون أحدثَ نفسَه بنفسِه However, it is possible that he created it himself

وتابعه على هذا الكلام مجموعةٌ من علماء الطَّبيعة، واحتفَوا بكتابه A group of naturalists followed him and celebrated his book

هربوا من التَّناقض، فوقعوا في الجنون Flee from contradiction, fall into madness

وحقيقةً أيُّها الإخوة، Indeed, brothers,

هذا الكلام -وإن كان نوعًا من الجنون- This is - albeit kind of crazy -

إلَّا أنَّك تجد من يفاخِر به ويتغنَّى بأسماء (العلماء) الذين يُنظِّرون له، However, you will find people who are proud of him and sing of the names of the (scholars) who theorize him.

وهو ضريبةٌ من ضرائب الإلحاد، ونتيجةٌ طبيعيَّةٌ له It is one of the taxes of atheism, and a natural result of it

هؤلاء وإن كانوا ينطلقون من تقديس العلم التَّجريبيّ، Although they are based on the sanctification of empirical science,

ويقولون: لا نؤمن بما وراء الطبيعة؛ لأنَّه لا يمكن تجربتُه، And they say: We do not believe in the supernatural; because it cannot be experienced,

إلَّا أنَّ كلامَهم ينتهي بهدم العِلْم التَّجريبيِّ من أساسه However, their words end with the demolition of empirical science from its foundation

فالاستكشاف كلُّه قائمٌ على رصْد العلاقات السَّببيَّة، The whole exploration is based on the observation of causal relationships.

واشتقاق الاستنتاجات العلميَّة المُطْلَقة And to derive absolute scientific conclusions

أمَّا حسب مبدأ هؤلاء، But according to their principle,

فإن كان مليون مُجرِّبٍ لتفاعل الحمض مع القاعدة نتج معه ملحٌ وماءٌ، If a million experimenters experimented with the reaction of an acid with a base, it produced salt and water.

فإنَّهم يَمْنَعون أنفسهم من أن يشتقُّوا من ذلك تعميمًا وحقيقةً علميَّةً مطْلَقةً، They prevent themselves from deriving from that a generalization and an absolute scientific truth. بل لا مانع -وفق مبدئهم- من أن يَنْتج في المرة المليون وواحد شيءٌ غير الملح والماء Rather, there is no objection - according to their principle - for one and a million to produce something other than salt and water at one time.

لأنَّهم إن اشتقُّوا قاعدةً علميَّةً، Because if they derive a scientific base,

وأصبحت هذه القاعدة حقيقةً مطلقةً، This rule has become an absolute fact.

فإنَّهم يكونون قد بَنَوا هذه القاعدةَ على ضروراتٍ عقليَّةٍ؛ They would have built this rule on rational necessities. كاعتبار أنَّ للكون سُننًا ثابتةً، وأنَّ تَفاعل هاتين المادتين سببٌ لتكوِّن الملح والماء Considering that the universe has fixed pattern, and that the interaction of these two materials causes the formation of salt and water.

هذه السُّنن، من وضَعَها؟ These Sunnahs, who put them?

وهذا التَّسبِيْب، مَنْ جعله حقيقةً راسخةً ثابتةً؟ And this reasoning, who made it a solid and firm reality?

العشوائيَّة والصُّدْفة لا يضعان سُنناً ولا يُوجدان حقائق مطْلَقةً؛ Randomness and coincidence do not set Sunna and do not create absolute truths;

لذلك، أنكروا المسَلَّمات العقليَّة Therefore, they denied mental premises

وعلى هذا فالعِلْم التَّجريبيُّ يصبح عبثًا بل وتطبيق نتائجه يصبح عبثًا؛ Accordingly, empirical science becomes vain, and even the application of its results becomes vain.

ففَايروس الإيدْز "AIDS virus"، ليس سببًا في الإيدْز AIDS virus is not the cause of AIDS

إنَّما هما أمران اقْتَرَنا They are two things that have come together

والأمراض ليس لها أسبابٌ، والعلاج ليس سببًا للشِّفاء Diseases have no causes, and treatment is not a reason to cure

ولو أنَّ مرضًا جديدًا ظَهَر، فمن العبث ومضْيَعة الوقت أن تُنفَق (المليارات) على معرفة سببه And if a new disease appears, it is absurd and a waste of time to spend (billions) on finding out its cause.

فقد نكتشف في النِّهاية أنَّ هذا المرض We may eventually discover that this disease

هو -كالكون- بلا سبب He - Kalkoun - for no reason

والمُلحدون الذين تهرَّبوا من التَّناقض بإنكار السَّببيَّة، and atheists who evaded contradiction by denying causation,

لا يجدون بُدًّا من أن يتناقضوا عمليًّا مع ما يدَّعونه They do not find it necessary to contradict in practice what they claim

فالمُلحد إنِ ارتطمتْ سيَّارةٌ بسيَّارتِه، فقال له صاحب السَّيَّارة الأخرى: For an atheist, if a car crashes into his car, the owner of the other car said to him:

ضَرْبُ سيَّارتي لسيَّارتك ليس سببًا في التَّلَف الذي أصاب سيَّارتَك، Hitting your car is not the cause of the damage to your car.

إنَّما هما شيئان وقَعا باقترانٍ دون علاقةٍ سببيَّةٍ، فلا تُطالبني بتعويضٍ Rather, they are two things that occurred in conjunction without a causal relationship, so do not ask me for compensation

هل يَقبَلُ المُلحد؟! Does the atheist accept?!

إن طعنه أحدٌ بسكِّينٍ ثمّ قال: سَيَلانُ دمكَ ليس سببه طعنتي If someone stabs him with a knife and then says: The flow of your blood is not caused by my stabbing

فهل يَقبل؟! لا طبعًا Will he accept?! No of course

فالمُلحدون يمارسون الاعتراف بالمبادئ العقليَّة الضَّروريَّة رغمًا عنهم Atheists practice the recognition of necessary rational principles against their will في حياتهم وعلومهم in their lives and knowledge

لكن، عندما تأتي المسألة للحقيقة الكبرى، But, when it comes to the big truth,

وهي وجود الخالق -عزَّ وجلَّ- فإنَّهم يتنكَّرون لهذه المبادئ