×

We use cookies to help make LingQ better. By visiting the site, you agree to our cookie policy.


image

Arabic YouTube Videos - فيديوهات يوتيوب بالعربية, رحلة اليقين ٣: الفطرة والكمبيوتر

رحلة اليقين ٣: الفطرة والكمبيوتر

(مؤثّرات صوتيّة)

السَّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ

أيُّها الأحبَّةُ، سنَبدأُ اليومَ بأصلِ الأصولِ: بإثباتِ وجودِ اللهِ عزَّ وجلَّ،

لِنُؤسِّسَ القاعدةَ الَّتي منها ننطلقُ إلى ما بعدَها

بدايةً إخوانِي، ما الَّذِي يدُلُّنا على وجودِ اللهِ؟

إنَّها الفِطْرةُ والعقلُ

وسنتكلَّمُ في البدايةِ عنِ الأدلَّةِ الفطريَّةِ

ما هيَ الفطرةُ؟

كثيرًا ما نسمعُ هذهِ الكلمةَ، ماذا تعنِي؟ وكيفَ تدُلُّ على وجودِ اللهِ تعالى؟

(مؤثِّراتٌ صوتيَّةٌ)

الفطرةُ هي قُوًى واندفاعاتٌ مودَعَةٌ في نفسِ الإنسانِ،

تظهرُ آثارُها أثناءَ نموِّهِ وتفاعلِهِ معَ بيئتِهِ،

بدءًا مِن الْتِقامِهِ ثديَ أُمِّهِ ليرضعَ،

ثمَّ انجذابِهِ للحقائقِ والأخلاقِ السَّليمةِ

يمكنُ تشبيهُ الفطرةِ للإنسانِ، بنِظامِ التَّشغيلِ للكمبيوتر "Operating System"

نظامُ التَّشغيلِ هذا لهُ مكوِّناتٌ تتعاونُ وتأتلفُ فيما بينَها لتُعطيَ إنسانًا سَوِيًّا

لاحِظْ قولَ اللهِ تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التّين: 4]

فأحسنُ تقويمٍ يشملُ المكوِّناتِ الفطريَّةَ اللّازمةَ لتحقيقِ الغايةِ مِنْ خلقِ الإنسانِ

وهيَ تُفهَمُ كذلكَ منْ قولِ اللهِ تعالى...

حِكايةً عن موسى عليهِ السَّلامُ: ﴿رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ﴾ [طه: 50]

فإنَّ مِمَّنْ هدَى: الإنسانَ؛

فاللهُ تعالى أحسنَ تقويمَ الإنسانِ، وهداهُ بالفطرةِ...

فهداهُ بالفطرةِ إلى:

1- الإقرارِ بأنَّ لهُ ولهذا الكونِ خالقًا مُدبِّرًا،

والشُّعورِ بالحاجةِ إلى هذا الخالقِ، وكذلكَ اللُّجوءِ إليهِ عندَ الشَّدائدِ

2- وهداهُ بالفطرةِ الَّتي ستُكَوِّنُ لديهِ المُسَلَّماتِ العقليَّةَ،

والَّتي بِها يَفهمُ خطابَ هذَا الخالقِ وتكليفَهُ إِيَّاهُ

3- وهداهُ إلى السُّؤالِ عنِ الغايةِ منْ وجودِهِ، ومصيرِهِ بعدَ موتِهِ،

بما يُكَوِّنُ القوَّةَ الدّافعةَ للبحثِ عن أمرِ خالقِهِ، والعملِ بهِ

4- وهداهُ أيضًا إلى النَّزعةِ الأخلاقيَّةِ مِنْ محبَّةٍ فطريَّةٍ للخيرِ والعدلِ والصَّلاحِ،

وكراهيةٍ للشَّرِّ والظُّلمِ والفسادِ، بما ينسجمُ معَ أوامرِ الخالقِ الشَّرعيَّةِ،

فيميلُ إلَيها الإنسان ُويحبُّها

5- وهداهُ للشُّعورِ بالإرادةِ الحُرَّةِ بما يجعلُهُ مختارًا لأفعالِهِ في طاعةِ الخالقِ أو معْصيَتِهِ:

﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾ [البلد: 10]

6- وهداهُ إلى الغرائزِ اللّازمةِ لِمَعيشتِهِ بشكلٍ سَويٍّ،

ما دامَ في فترةِ الاختِبارِ على هذهِ الأرضِ؛ كغريزةِ الأمومِة، وغريزةِ حُبِّ البقاءِ

(مؤثِّراتٌ صوتيَّةٌ)

هذا التَّعريفُ المُوَسَّعُ للفطرةِ تجدُ قريبًا منهُ في كلامِ ابنِ عاشورَ في التَّحريرِ والتَّنويرِ،

عندَ قولِ اللهِ تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التين: 4]

فهيَ إذًا حُزْمةٌ فطريَّةٌ، تتعاونُ بشكلٍ عجيبٍ لتُنتجَ إنسانًا سوِيًّا يعملُ لغايةٍ

قد يحجُبُ الفطرةَ ما يحجُبُها أثناءَ مسيرِ الإنسانِ...

قد يُغالِبُها الإنسانُ، ويَصُمُّ أُذُنَيْهِ عنْ ندائِها،

بلْ ويكبِتُها ويطمِسُها؛ فلا يعودُ يسمعُ هذا النِّداءَ العميقَ

لكنَّ هذا كُلَّهُ لا يُلغي حقيقةَ أنَّها موجودةٌ أصالةً وابتداءً فيهِ، قبلَ هذِهِ المُغالَبةِ

وتبقى تهجُمُ عليهِ الفَيْنةَ بعدَ الفَيْنةِ،

وتنجذبُ لما ينبشُ عنها وينفضُ الرُّكامَ المُتجمِّعَ عليها

لذا فالفطرةُ تشكِّلُ مأزقًا كبيرًا للملحدينَ؛

فالفطرةُ تشكِّلُ بالنِّسبةِ لهمْ تدخُّلًا خارجيًّا

من قوَّةٍ مُريدةٍ عليمَةٍ، مُتعاليةٍ عن التَّفاعلاتِ البيوكيميائيَّةِ العشوائيَّةِ

(مؤثِّراتٌ صوتيَّةٌ)

وَرْطةُ الملحدينَ هيَ كوَرْطةِ شخصٍ قالَ لكَ: هذا جهازُ كمبيوتر تكوَّنَ بِمَحْضِ الصُّدفةِ

تركَّبتْ أجزاؤُهُ وتناسقَتْ دونَ صانعٍ...

وإنَّما رياحٌ عاصفةٌ هَوْجاءُ جمَّعتْهُ على هذا [النَّحْوِ]

فتحْنَا الكمبيوتر...

فإذا فيهِ نظامُ تشغيلٍ كاملٌ متناسقٌ، وبرامجُ لكلٍّ منها غايةٌ

كيفَ تُفسِّرُ وجودَ هذهِ البرامِجِ أيُّهَا الملْحِدُ؟

إنْ بَلعْنا أُكْذوبَتَكَ المُضحِكةَ عن (بالإنجليزيَّة) الجسمِ الصُّلبِ للحاسوبِ،

فكيفَ تُفسِّرُ وجودَ هذا (بالإنجليزيّة) المُحتوَى البرمَجِيِّ على الجهازِ؟

التَّفاعلاتُ البيولوجيَّةُ الكيميائيَّةُ المجرَّدةُ، والطَّفراتُ العشوائيَّةُ والانتخابُ الطَّبيعيُّ...

لو تجاوزْنَا أنَّها لا يمكِنُها خلقُ إنسانٍ

وسلَّمْنا لكُم، وقلْنا: خَلقَتْ إنسانًا وبثَّتْ فيه الحياةَ،

هذهِ المعاني العمياءُ كلُّها...

مِنْ أينَ لها أنْ تودِعَ في عقلِ هذا الإنسانِ ونفسِه هذهِ الحزمةَ المتناسقةَ الموجَّهةَ؟

وكيف تُفسِّرونَ تكوُّنَ هذهِ الحُزْمةِ -هِيَ هِيَ- في كلِّ نفْسٍ جديدةٍ تولَدُ؟

أقرَّ بعضُ الملحدينَ بالمأزقِ

ومنهُمُ الفيلسوفُ البريطانيُّ الملحِدُ توماس نيجل "Thomas Nagel" في كتابِهِ المعروفِ بعنوانِ:

Mind and Cosmos: Why the Materialist Neo-Darwini[an] Conception Of Nature is

?Almost Certainly False

العقلُ والكونُ:

لماذا التصوُّرُ النِّيو داروِينيُّ للطَّبيعةِ يكادُ يكونُ خطأً قطْعًا؟

(مؤثِّراتٌ صوتيَّةٌ)

والكتابُ يستعرضُ ثلاثَ قضَايَا أساسيَّةٍ، موضِّحًا عجزَ المادِّيَّةِ الدَّاروينيَّةِ عن تقديمِ حلٍّ لها

وهي: الوعيُ، والإدراكُ، والقِيَمُ

ومعَ ذلِكَ، بقيَ الكاتبُ مُلحدًا!

أمّا عامَّةُ الملحدينَ، فكيفَ تعامَلُوا معَ الورْطَةِ؟

تردَّدوا بينَ إنكارِ فِطْريَّةِ هذهِ المُكوِّناتِ؛

أيْ أنَّ منهُمْ منْ أنكرَ وجودَ هذهِ المكوِّناتِ في الإنسانِ -ابْتداءً- معَ ولادتِهِ،

واعتبرَها من تأثيراتِ التَّربيةِ والبيئةِ الاجتماعيَّةِ

ومنهمْ منْ أقرَّ بوجودِها لكنْ حاولَ إيجادَ تفسيراتٍ ماديَّةٍ لها

والطَّرفانِ وقَعَا في أعاجيبِ التَّخبُّطِ والتَّناقضِ واللَّا معقولِ، كما سنرى بإذنِ اللهِ

(مؤثِّراتٌ صوتيَّةٌ)

كانَ هذا بيانًا لتعريفِ الفطرةِ، ولإشكاليَّةِ الملحدينَ الإجماليَّةِ معَها

في الحلَقاتِ القادمةِ...

سنرَى ورَطاتِ الملحدينَ البائسةَ معَ كلِّ مُكوِّنٍ منْ مُكوِّناتِ الفطرةِ المذكورةِ

لتقولَ بِملءِ فيكَ بعدَها:

﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ﴾ [الأعراف: 43]

ويجدرُ بالذِّكرِ أنِّي في هذهِ الحلَقاتِ عنِ الأدلَّةِ الفطريَّةِ على وجودِ اللهِ تعالى...

قدِ استفدْتُ كثيرًا منْ كتابِ شُموعِ النَّهارِ للمهندسِ عبدِ اللهِ العُجَيْرِيِّ حفظَهُ اللهُ

ستكونُ حلَقتُنا القادمةُ -بإذْنِ اللهِ تعالى- عن نزْعةِ التَّديُّنِ،

فكونوا معَنا

والسَّلامُ عليكُمْ ورحمةُ اللّهِ

(مؤثِّراتٌ صوتيَّةٌ)


رحلة اليقين ٣: الفطرة والكمبيوتر The Journey of Certainty 3: Instinct and the Computer Journey of Certainty 3 : l'instinct et l'ordinateur Путешествие к уверенности 3: Инстинкт и компьютер

(مؤثّرات صوتيّة) (Sound effects)

السَّلامُ عليكُم ورحمةُ اللهِ Peace and mercy of God

أيُّها الأحبَّةُ، سنَبدأُ اليومَ بأصلِ الأصولِ: بإثباتِ وجودِ اللهِ عزَّ وجلَّ، Beloved, we will begin today with the origin of the principles: by proving the existence of God, the Mighty and Sublime,

لِنُؤسِّسَ القاعدةَ الَّتي منها ننطلقُ إلى ما بعدَها Let's establish the basis from which we can proceed to what is beyond

بدايةً إخوانِي، ما الَّذِي يدُلُّنا على وجودِ اللهِ؟ First of all, brothers, what evidences us of the existence of God?

إنَّها الفِطْرةُ والعقلُ It is the instinct and the mind

وسنتكلَّمُ في البدايةِ عنِ الأدلَّةِ الفطريَّةِ First, we will talk about the natural evidence

ما هيَ الفطرةُ؟ What is instinct?

كثيرًا ما نسمعُ هذهِ الكلمةَ، ماذا تعنِي؟ وكيفَ تدُلُّ على وجودِ اللهِ تعالى؟ We often hear this word, what does it mean? How do you indicate the existence of God Almighty?

(مؤثِّراتٌ صوتيَّةٌ)

الفطرةُ هي قُوًى واندفاعاتٌ مودَعَةٌ في نفسِ الإنسانِ، Instinct is the forces and impulses deposited in the human soul.

تظهرُ آثارُها أثناءَ نموِّهِ وتفاعلِهِ معَ بيئتِهِ، Its effects appear during its growth and interaction with its environment,

بدءًا مِن الْتِقامِهِ ثديَ أُمِّهِ ليرضعَ، Beginning with his mother's breast regurgitation to be suckled,

ثمَّ انجذابِهِ للحقائقِ والأخلاقِ السَّليمةِ Then his attraction to facts and sound morals

يمكنُ تشبيهُ الفطرةِ للإنسانِ، بنِظامِ التَّشغيلِ للكمبيوتر "Operating System" The instinct of a human being can be likened to the operating system of a computer.

نظامُ التَّشغيلِ هذا لهُ مكوِّناتٌ تتعاونُ وتأتلفُ فيما بينَها لتُعطيَ إنسانًا سَوِيًّا This operating system has components that cooperate and combine among themselves to give a normal human being.

لاحِظْ قولَ اللهِ تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التّين: 4] Note the words of God Almighty: “We have created man in the best of stature.” [Al-Tin: 4]

فأحسنُ تقويمٍ يشملُ المكوِّناتِ الفطريَّةَ اللّازمةَ لتحقيقِ الغايةِ مِنْ خلقِ الإنسانِ The best calendar includes the innate components necessary to achieve the purpose of human creation.

وهيَ تُفهَمُ كذلكَ منْ قولِ اللهِ تعالى... It is also understood from the words of God Almighty...

حِكايةً عن موسى عليهِ السَّلامُ: ﴿رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَىٰ كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَىٰ﴾ [طه: 50] A tale on the authority of Moses, peace be upon him: “Our Lord is He who gave everything its creation, then guided it” (Taha: 50).

فإنَّ مِمَّنْ هدَى: الإنسانَ؛ For those who are guided: the human being;

فاللهُ تعالى أحسنَ تقويمَ الإنسانِ، وهداهُ بالفطرةِ... God, the Most High, is the best way of correcting man, and he guides him by instinct...

فهداهُ بالفطرةِ إلى:

1- الإقرارِ بأنَّ لهُ ولهذا الكونِ خالقًا مُدبِّرًا، 1- Acknowledgment that he and this universe have a Creator who directs,

والشُّعورِ بالحاجةِ إلى هذا الخالقِ، وكذلكَ اللُّجوءِ إليهِ عندَ الشَّدائدِ Feeling the need for this Creator, as well as turning to Him in times of adversity

2- وهداهُ بالفطرةِ الَّتي ستُكَوِّنُ لديهِ المُسَلَّماتِ العقليَّةَ، 2- He is guided by the natural instinct that he will have mental assumptions,

والَّتي بِها يَفهمُ خطابَ هذَا الخالقِ وتكليفَهُ إِيَّاهُ by which he understands the speech of this Creator and his assignment to him

3- وهداهُ إلى السُّؤالِ عنِ الغايةِ منْ وجودِهِ، ومصيرِهِ بعدَ موتِهِ، 3- He guided him to asking about the purpose of his existence and his fate after his death.

بما يُكَوِّنُ القوَّةَ الدّافعةَ للبحثِ عن أمرِ خالقِهِ، والعملِ بهِ What constitutes the motive force to search for the order of his Creator, and to act upon it.

4- وهداهُ أيضًا إلى النَّزعةِ الأخلاقيَّةِ مِنْ محبَّةٍ فطريَّةٍ للخيرِ والعدلِ والصَّلاحِ، 4- He also guided him to the moral inclination of an innate love for good, justice and righteousness.

وكراهيةٍ للشَّرِّ والظُّلمِ والفسادِ، بما ينسجمُ معَ أوامرِ الخالقِ الشَّرعيَّةِ، and hatred for evil, injustice and corruption, in harmony with the legitimate commands of the Creator,

فيميلُ إلَيها الإنسان ُويحبُّها Man tends to it and loves it

5- وهداهُ للشُّعورِ بالإرادةِ الحُرَّةِ بما يجعلُهُ مختارًا لأفعالِهِ في طاعةِ الخالقِ أو معْصيَتِهِ: 5- He guided him to the feeling of free will, which makes him choose his actions in obedience to the Creator or disobeying Him:

﴿وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ﴾ [البلد: 10] “And We guided him to the two paths.” (Al-Balad: 10)

6- وهداهُ إلى الغرائزِ اللّازمةِ لِمَعيشتِهِ بشكلٍ سَويٍّ، 6- He guided him to the instincts necessary for him to live a normal life.

ما دامَ في فترةِ الاختِبارِ على هذهِ الأرضِ؛ كغريزةِ الأمومِة، وغريزةِ حُبِّ البقاءِ As long as he is in the period of probation on this earth; Like the maternal instinct, the instinct of love for survival

(مؤثِّراتٌ صوتيَّةٌ) (Sound effects)

هذا التَّعريفُ المُوَسَّعُ للفطرةِ تجدُ قريبًا منهُ في كلامِ ابنِ عاشورَ في التَّحريرِ والتَّنويرِ، This expanded definition of the fitrah is close to it in the words of Ibn Ashour in al-Tahrir and al-Tanweer.

عندَ قولِ اللهِ تعالى: ﴿لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ﴾ [التين: 4] When God Almighty says: “We have created man in the best of stature” (Al-Tin: 4).

فهيَ إذًا حُزْمةٌ فطريَّةٌ، تتعاونُ بشكلٍ عجيبٍ لتُنتجَ إنسانًا سوِيًّا يعملُ لغايةٍ It is, then, an innate bundle, which cooperates in an amazing way to produce a normal human being who works for a purpose.

قد يحجُبُ الفطرةَ ما يحجُبُها أثناءَ مسيرِ الإنسانِ... Instinct may be obscured by what obscures it during a person’s journey...

قد يُغالِبُها الإنسانُ، ويَصُمُّ أُذُنَيْهِ عنْ ندائِها، A person may overcome it, and turn deaf to its call.

بلْ ويكبِتُها ويطمِسُها؛ فلا يعودُ يسمعُ هذا النِّداءَ العميقَ it suppresses and obliterates them; He will no longer hear this deep call

لكنَّ هذا كُلَّهُ لا يُلغي حقيقةَ أنَّها موجودةٌ أصالةً وابتداءً فيهِ، قبلَ هذِهِ المُغالَبةِ But all this does not cancel out the fact that it originally existed in it, before this transgression.

وتبقى تهجُمُ عليهِ الفَيْنةَ بعدَ الفَيْنةِ، And it keeps attacking him from time to time,

وتنجذبُ لما ينبشُ عنها وينفضُ الرُّكامَ المُتجمِّعَ عليها It is attracted to what is exhumed and the rubble that has gathered on it is shaken off

لذا فالفطرةُ تشكِّلُ مأزقًا كبيرًا للملحدينَ؛ Therefore, instinct poses a great predicament for atheists;

فالفطرةُ تشكِّلُ بالنِّسبةِ لهمْ تدخُّلًا خارجيًّا Instinct constitutes for them an outside intervention

من قوَّةٍ مُريدةٍ عليمَةٍ، مُتعاليةٍ عن التَّفاعلاتِ البيوكيميائيَّةِ العشوائيَّةِ Of a knowing power, transcendent of random biochemical reactions.

(مؤثِّراتٌ صوتيَّةٌ)

وَرْطةُ الملحدينَ هيَ كوَرْطةِ شخصٍ قالَ لكَ: هذا جهازُ كمبيوتر تكوَّنَ بِمَحْضِ الصُّدفةِ The dilemma of atheists is the dilemma of someone who told you: This is a computer that was formed by chance.

تركَّبتْ أجزاؤُهُ وتناسقَتْ دونَ صانعٍ... Its parts were combined and coordinated without a maker...

وإنَّما رياحٌ عاصفةٌ هَوْجاءُ جمَّعتْهُ على هذا [النَّحْوِ] Rather, gusty winds gathered it in this way.

فتحْنَا الكمبيوتر... Turn on the computer...

فإذا فيهِ نظامُ تشغيلٍ كاملٌ متناسقٌ، وبرامجُ لكلٍّ منها غايةٌ So it has a complete and harmonious operating system, and programs for each of them have a purpose

كيفَ تُفسِّرُ وجودَ هذهِ البرامِجِ أيُّهَا الملْحِدُ؟ How do you explain the existence of these programs, you atheist?

إنْ بَلعْنا أُكْذوبَتَكَ المُضحِكةَ عن (بالإنجليزيَّة) الجسمِ الصُّلبِ للحاسوبِ، If we swallow your hilarious lie about (in English) the hard body of a computer,

فكيفَ تُفسِّرُ وجودَ هذا (بالإنجليزيّة) المُحتوَى البرمَجِيِّ على الجهازِ؟ How do you explain the presence of this (in English) software content on the device?

التَّفاعلاتُ البيولوجيَّةُ الكيميائيَّةُ المجرَّدةُ، والطَّفراتُ العشوائيَّةُ والانتخابُ الطَّبيعيُّ... Abstract biochemical reactions, random mutations and natural selection...

لو تجاوزْنَا أنَّها لا يمكِنُها خلقُ إنسانٍ If we transcend that it cannot create a human being

وسلَّمْنا لكُم، وقلْنا: خَلقَتْ إنسانًا وبثَّتْ فيه الحياةَ، We greeted you, and we said: You created a human being and breathed life into him.

هذهِ المعاني العمياءُ كلُّها... All these blind meanings...

مِنْ أينَ لها أنْ تودِعَ في عقلِ هذا الإنسانِ ونفسِه هذهِ الحزمةَ المتناسقةَ الموجَّهةَ؟ From where can it deposit in the mind and soul of this person this harmonious package?

وكيف تُفسِّرونَ تكوُّنَ هذهِ الحُزْمةِ -هِيَ هِيَ- في كلِّ نفْسٍ جديدةٍ تولَدُ؟ How do you explain the formation of this bundle - it is - in every new soul that is born?

أقرَّ بعضُ الملحدينَ بالمأزقِ Some atheists admitted the predicament

ومنهُمُ الفيلسوفُ البريطانيُّ الملحِدُ توماس نيجل "Thomas Nagel" في كتابِهِ المعروفِ بعنوانِ: Among them is the British atheist philosopher Thomas Nagel in his well-known book entitled:

Mind and Cosmos: Why the Materialist Neo-Darwini[an] Conception Of Nature is

?Almost Certainly False

العقلُ والكونُ: The mind and the universe:

لماذا التصوُّرُ النِّيو داروِينيُّ للطَّبيعةِ يكادُ يكونُ خطأً قطْعًا؟ Why is the neo-Darwinian conception of nature almost entirely wrong?

(مؤثِّراتٌ صوتيَّةٌ)

والكتابُ يستعرضُ ثلاثَ قضَايَا أساسيَّةٍ، موضِّحًا عجزَ المادِّيَّةِ الدَّاروينيَّةِ عن تقديمِ حلٍّ لها The book reviews three basic issues, explaining the inability of Darwinian materialism to provide a solution to them.

وهي: الوعيُ، والإدراكُ، والقِيَمُ They are: awareness, awareness, and values

ومعَ ذلِكَ، بقيَ الكاتبُ مُلحدًا! Nevertheless, the writer remained an atheist!

أمّا عامَّةُ الملحدينَ، فكيفَ تعامَلُوا معَ الورْطَةِ؟ As for the general atheists, how did they deal with the predicament?

تردَّدوا بينَ إنكارِ فِطْريَّةِ هذهِ المُكوِّناتِ؛ They hesitated between denying the innate nature of these components;

أيْ أنَّ منهُمْ منْ أنكرَ وجودَ هذهِ المكوِّناتِ في الإنسانِ -ابْتداءً- معَ ولادتِهِ، That is, some of them denied the existence of these components in man - starting with his birth.

واعتبرَها من تأثيراتِ التَّربيةِ والبيئةِ الاجتماعيَّةِ He considered it one of the effects of education and the social environment

ومنهمْ منْ أقرَّ بوجودِها لكنْ حاولَ إيجادَ تفسيراتٍ ماديَّةٍ لها And some of them acknowledged its existence but tried to find material explanations for it

والطَّرفانِ وقَعَا في أعاجيبِ التَّخبُّطِ والتَّناقضِ واللَّا معقولِ، كما سنرى بإذنِ اللهِ And the two sides fell into the marvels of confusion, contradiction, and unreasonableness, as we shall see, God willing.

(مؤثِّراتٌ صوتيَّةٌ)

كانَ هذا بيانًا لتعريفِ الفطرةِ، ولإشكاليَّةِ الملحدينَ الإجماليَّةِ معَها This was a statement of the definition of instinct, and the overall problem of atheists with it.

في الحلَقاتِ القادمةِ... In the coming episodes...

سنرَى ورَطاتِ الملحدينَ البائسةَ معَ كلِّ مُكوِّنٍ منْ مُكوِّناتِ الفطرةِ المذكورةِ We will see the miserable dilemmas of atheists with every component of the mentioned instinct.

لتقولَ بِملءِ فيكَ بعدَها: To say in full after that:

﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي هَدَانَا لِهَٰذَا وَمَا كُنَّا لِنَهْتَدِيَ لَوْلَا أَنْ هَدَانَا اللَّهُ﴾ [الأعراف: 43] “Praise be to God, who guided us to this, and we would not have been guided, had it not been that God guided us.” [Al-A’raf: 43]

ويجدرُ بالذِّكرِ أنِّي في هذهِ الحلَقاتِ عنِ الأدلَّةِ الفطريَّةِ على وجودِ اللهِ تعالى... It is worth noting that in these episodes I discuss the innate evidence for the existence of God Almighty...

قدِ استفدْتُ كثيرًا منْ كتابِ شُموعِ النَّهارِ للمهندسِ عبدِ اللهِ العُجَيْرِيِّ حفظَهُ اللهُ I have benefited a lot from the book Shum`` al-Nahar by the engineer Abdullah al-Ajiri, may God preserve him.

ستكونُ حلَقتُنا القادمةُ -بإذْنِ اللهِ تعالى- عن نزْعةِ التَّديُّنِ، Our next episode will be - by the permission of God Almighty - on the tendency towards religiosity.

فكونوا معَنا be with us

والسَّلامُ عليكُمْ ورحمةُ اللّهِ

(مؤثِّراتٌ صوتيَّةٌ)