×

We use cookies to help make LingQ better. By visiting the site, you agree to our cookie policy.


image

طريق الحياة, ١٣ - الفرح في الرب

١٣ - الفرح في الرب

إن أولاد الله لمدعوون ليكونوا سفراء عن المسيح مظهرين للعالم جود الرب و رحمته، فكما اعلن المسيح صفات الآب على حقيقتها، هكذا ينبغي أن نعلن نحن أيضًا المسيح على حقيقته لعالم لا يعي حنو محبته و شفقتها، و قد وصف يسوع مهمتنا هذه إذ قال مخاطبًا الآب، “كما أرسلتني إلى العالم، أرسلتهم أنا إلى العالم”، “أنا فيهم و انت فيّ... ليعلم العالم انك أرسلتني”، يوحنا ١٧ : ١٨ و ٢٣، و يخبر بها الرسول بولس في قوله عن تلاميذ يسوع “ظاهرين أنكم رسالة المسيح” “معروفة و مقروءة من جميع الناس”، و ٢ كورنثوس ٣ : ٣، ففي كل من أولاده يرسل يسوع رسالة إلى العالم و يرسل بك، و انت من أولاده رسالة إلى أسرتك، و إلى قريتك، و إلى الحي، الذي تسكنه لأنه وهو حال في قلبك يريد أن يتحدث بك إلى قلوب الذين لا يعرفونه، و قد يكون انهم من الذين لا يطالعون الكتب المقدسة، فلا يسمعون صوته من صفحاتها، و لا يرونه في أعماله، و لكنهم، إن انت مثلته أمامهم، قد يفهمون شيئًا من رحمته و يربحون لمحبته و خدمته SC 88.1 جعل المسيح من الذين يتبعونه منارات تنير بنوره الطريق المؤدي إلى السماء لكي يستنير كل من يراهم و يلاحظ صفاتهم و يعرف من هو المسيح و ما هي خدمته SC 89.1 إن نحن مثلنا خدمة المسيح على حقيقتها تبدو جذابة خلابة، و أما المسيحيون الذين تملأ قلوبهم الكآبة و الحزن و تنطق ألسنتهم بالتذمرات و الشكاوي، فهم يمثلون الله و الحياة المسيحية تمثيلاً كاذبًا إذ يحملون الناس على الظن بانه تعالى لا يسر بسرور أولاده و سعادتهم، فهم يشهدون على أبيهم السماوي شهادة زور SC 89.2 يشمت الشيطان بالله عندما ينجح في اقتياد أولاده إلى اليأس و القنوط، و يبتهج إذ يحملهم على الارتياب من إرادة المولى في خلاصهم و في قوته على ذلك، و يرتاح ارتياحًا عظيمًا إذ يراهم يوجسون شرًا من العناية، فان شغل ابليس الشاغل هو أن يصوّر الله لعقولنا كانه تعالى خالٍ من الرأفة و مجرّد من الرحمة، و هكذا يعبر الشيطان عن الحق تعبيرًا كاذبًا و يملا المخيلات بأفكار عن الله فاسدة، و كثيرًا ما نتأمل في أباطيل العدو هذه، و لا نتأمل في الحق، فنهين الله بشكوكنا فيه و تذمراتنا عليه، و الشيطان دؤوب على تصوير الحياة المسيحية كأنها حياة التشاؤم مليئة من الأتعاب و الصعاب، و عندما يظهر المؤمن أمام العالم بمثل هذا المنظر فانه بعدم إيمانه يدعم ادعاء الشيطان الكاذب هذا SC 89.3 كثيرون، و هم يسيرون في طريق الحياة، يطيلون التفكير في غلطاتهم و في هزائمهم و خيبة آمالهم، فتمتليء قلوبهم حزنًا و كآبة، كما حدث لأخت كتبت إليّ و أنا في أوربا تطلب مني كلمة تشجيع في ضيقها العظيم، و حدث في الليلة التالية لقراءة كتابها أنني حلمت أني في بستان و صاحب البستان يقودني في طرقاته و أنا اخطف الزهور و أتلذذ بجمال رائحتها، و إذ بالأخت المشار إليها و هي تسير إلى جانبي و تلفت نظري إلى العوسج و القريص الذي كان يعترض طريقها فكانت تئن و تتنهد و لم تتبع القائد في الطريق بل سلكت بين الشوك و العوسج وهي تقول “آه أليس مما يؤسف له أن هذا البستان الجميل تفسد فيه الأشواك و تبشعها”، فأجابها القائد قائلاً : “دعي الأشواك و شأنها، و إلا فإنها تجرحك، و اقطفي الورد و الزنبق و القرنفل” SC 89.4 ألم تجتز في اختباراتك في مراتع هناء؟ ألم يطرب قلبك فرحًا بالروح يومًا ما؟ و إذا تصفحت سفر حياتك ألا تجد بين صفحاته صفحات ملذة : أو ليست مواعيد الله كزهور عاطرة نابتة على جانبي الطريق يمتلئ قلبك فرحًا لجمالها و حلاوتها؟ SC 90.1 أما العوسج و الأشواك، فهذه إنما تجرحك و تكدرك، و إن حصرت همك في جمعها، و رحت تقدمها للآخرين، أفلا تكون بعملك هذا قد منعت الذين حولك من السير في طريق الحياة؟ بلى، و ازدريت أيضًا بجود الله و نكرته SC 90.2 فليس من الحكمة أن نذكر مكدرات حياتنا الماضية و نكرر ذكر خطاياها و إخفاقاتها و نتحدث عنها و نحزن عليها إلى أن يغمرنا الفشل و اليأس، فان النفس الخائرة العزم يحفها ظلام قاتم لا يتخللها نور الله، بل و تلقي سحابة مظلمة على طريق الآخرين أيضًا SC 90.3 نشكر الله على الصور الجميلة التي يعرضها علينا في كلمته، فلنجمعنَّ توكيدات محبته المباركة، لكي نتأملها باستمرار فنرى ابن الله تاركًا عرش أبيه و لابسًا الطبيعة البشرية لينقذنا من سلطة ابليس. و لنتأمل انتصاره لأجلنا فاتحًا لنا أبواب السماء و معلنًا للعين البشرية حجلة حضرته حيث يتجلى المجد الإلهي، فنرى الجنس الهالك مرفوعًا من وهدة الهلاك التي تردّى فيها بواسطة الخطية، معادًا اتصاله بالقادر على كل شيء، فائزًا في امتحان الإيمان بالفادي، مكتسبًا برّ المسيح و جالسا على عرشه ـ إن هذه هي الصور التي يعرضها علينا و يريد أن نطيل التأمل فيها، فنفرح كل حين SC 90.4 و لكن عندما يبدو علينا الارتياب من محبة الله و عدم الثقة بمواعيده نهينه و نحزن روحه القدوس، و ماذا يكون شعور أم إذا كان أولادها يش كون منها باستمرار، كانها غير معنية بشؤونهم في حين أن كل جهودها منصرفة إلى الاهتمام بهم و العمل على إراحتهم. أو ليس مما يكسر قلبها أن ترى أولادها يرتابون من محبتها؟ و أي والد يرضى بان يعامله بنوه بمثل هذه المعاملة؟ و كيف يعتبر أبونا السماوي شكوكنا في محبته بعد أن بذل وحيده لأجلنا لكي نحيا حياة أبدية كما قال الرسول “الذي لم يشفق على ابنه بل بذله لأجلنا أجمعين كيف لا يهبنا أيضًا معه كل شيء”، رومية ٨ : ٣٢، و مع ذلك فكم من امرئ يقول، إن لم يكن بلسان مقاله فبلسان حاله، إن الله لا يقصدني أنا شخصيًا بهذه المواعيد فربما هو يحب الآخرين و لكنه لا يحبني أنا بالذات SC 90.5 إن هذا الموقف ليضرّ بنفسك لأنك في تعبيرك عما يخامرك من الشكوك تفتح الباب للمجرب و تقوّي في نفسك الميل إلى الارتياب و تحزن الملائكة القائمين على مساعدتك و حراستك، فإذا جرّبك العدو لا تسمح لنفسك بأن تتفوه بكلمة شك أو عدم الإيمان، لأنك إذا فتحت الباب لإيحاءات العدو و وسوساته يملأ صدرك بهواجسه و فكرك بسؤالات التمرد، و إذا تكلمت بما في خلدك لا يعود كلامك بالضرر عليك فحسب، بل تزرع في أفكار غيرك زرعًا ينبت و يأتي بثمر قد لا يبطل مفعوله أبدًا. قد تستفيق انت من التجربة و تنجو من فخ ابليس، و هؤلاء الذين أثرت فيهم بتعبيرك عن شكوكك قد لا يستطيعون الخلاص من الكفر الذي زرعته فيهم بكلامك، فمن المهم جدًا أن نجعل كلامنا مقتصرًا على ما يهب السامعين حياة روحية و قوة إلهية SC 91.1 ينصت الملائكة ليسمعوا ما تخبر به العالم عن أبيك السماوي، فليكن حديثك دائمًا عن الحي في كل حين ليشفع فيك، و إذ تصافح صديقك ليكن الحمد لله على شفتيك و في قلبك، فان هذا ادعي إلى اكتساب صديقك و اجتذاب أفكاره إلى المسيح SC 91.2 لكل الناس محنهم و أحزانهم التي تثقل كاهلهم و لهم تجاربهم التي يصعب علهم مقاومتها، فلا تخبر البشر رفقاءك بأتعابك، بل القها على الله بالصلاة، و خذها لنفسك قاعدة انك لا تتفوه أبدًا بكلمة من شأنها أن تثني عزم غيرك أو تبثّ فيم الشك، بل اعمل ما في وسعك لتخفف عنهم اثقالهم و تقويهم بكلمات الرجاء و الثقة المقدسة SC 91.3 كم من نفس باسلة ترزح تحت وطأة التجربة، و قد أوشكت أن تخور في جهادها ضد نفسها و ضد قوات الشر، فلا تثبط مثل هذه النفس في صراعها الشاق، بل شددها بكلمات التشجيع و الرجاء التي تدفعها إلى المضي في السير، و بذلك ينبعث منك نور المسيح و يضيء على الآخرين، “لان ليس احد يعيش لذاته”، رومية ١٤ : ٧، فانه بتأثيرنا، من حيث لا نشعر، قد يتشجع الآخرون و يتقوون، و قد يضعفون و يخورون، فيصدّون عن الإتيان إلى المسيح و قبول الحق SC 92.1 كثيرون يتصوَّرون أن المسيح كان صارمًا عابسًا بعيدًا عن كل تبسم و فرح، و لذلك ترى كل حياتهم مصطبغة بهذا التصوّر المغلوط SC 92.2 كثيرًا ما نسمع الآية “بكى يسوع” و القول أن الكتاب لا يذكر انه تبسم، صحيح أن مخلصنا كان “رجل الأوجاع و مختبر الحزن” لأنه حمل على قلبه ويلات البشر كلها، و لكن و لئن كانت حياته حياة إنكار الذات و التضحية و خيم عليها سحاب من الآلام و الهموم، إلا أن هذا كله لم يسحق روحه فيه، و لم تكن هيئته هيئة الحزين المتضجر بل هيئة الرائق المطمئن، و قلبه كان كينبوع من الحياة يفيض سلامًا و فرحًا و ابتهاجًا حيثما حل SC 92.3 كان مخلصنا ذا رزانة و جدّ بالغين، و مع ذلك لم يكن متجهمًا مكتئبًا و الذين يقتدون به يفعم حياتهم نفس الاجتهاد الجدي، و إذ يشعرون بثقل المسؤولية الشخصية يبعدون عنهم كل نزق و طيش و هزل، و يكون سلامهم كالنهر، عبة الديانة المسيحية لمعتنقيها، فهي لا تطفئ جمرة الفرح و لا تخمد جذوة الابتهاج و لا تغيّم على الوجه الوضاح البسام، فكما أن المسيح لم يأتِ ليُخدمَ بل ليخدم هكذا هم أيضًا يقتدون به و المحبة مالكة في قلوبهم SC 92.4 إذا تأملنا فيما يأتيه الناس من الأعمال الجائرة القاسية نجد أننا لا نستطيع أن نحبهم كما احبنا و إياهم المسيح، بيد أننا إذا اكثرنا التفكير في حنو محبة المسيح العجيب يفيض روح المسيح منا للناس، و الحب للناس واجب و احترامهم لازم مهما رأينا فيهم من الهفوات و النقائص، و إذا ربينا انفسنا على التواضع و عدم الاعتداد بالذات و اللطف و الصبر أمام هفوات الناس نستأصل بذلك الأنانية من انفسنا و نكسبها سعة صدر و رحبة قلب SC 93.1 قال المرنم، “اتكل على الرب و افعل الخير، اسكن الأرض و ارع الأمانة”، مزمور ٣٧ : ٣، اجل، “اتكل على الرب” لان لكل يوم اثقاله و همومه و محيراته، و لكن حين نجتمع معًا ما اكثر استعدادنا لان نتحدث عن أتعابنا و تجاربنا، فهذا يتوجس شرًا من هنا و ذاك يتوقع صعابًا من هناك، و كلنا نعبر عن ثقل همنا، فكأني بنا و ليس لنا مخلص حبيب شفوق وُجد في الضيق عونًا شديدًا SC 93.2 و يتطلع البعض إلى الهموم التي قد تأتي فيستميلون للخوف منها مع انهم محاطون يوميًا بدلائل المحبة الكثيرة و يتمتعون بهبات العناية، إلا انهم يغضون الطرف عن البركات الحاضرة و ينصرفون إلى التأمل في أمور غير متسحبة قد تأتي، أو في صعوبة قد أتت، و مع صغرها، أعمت اعينهم عن الأشياء الكثيرة التي تستوجب الشكر و الامتنان، فهذه الصعوبات التي يجب أن تدفعهم إلى الله تفصلهم عنه تعالى لأنها تولد فيهم القلق و التذمر SC 93.3 هل بالصواب لا تؤمن؟ و لماذا نكون عديمي الشكر و عديمي الشفقة؟ إن يسوع لصديقنا و السماء كلها مهتمة لصالحنا، فيجب ألا ندع ارتباكات الحياة اليومية و شواغلها أن تجعلنا قلقة البال و مقطبي الجبين، لأننا إذا استسلمنا لهذه الحال فلا بد من أن يكون لنا دائمًا ما ينغصنا و يكدرنا، فينبغي ألا نستسلم للهم فان الهمّ يضنينا و يبلينا دون أن يعيننا على احتمال التجارب SC 93.4 قد ترتبك في تجارتك و قد تعتم الأحوال أمامك و تهددك الخسارة من كل جانب، فلا تخر بل ألق على الرب همك، و احتفظ بهدوّك و انشراحك، و صل إلى الله طالبًا منه الحكمة في إدارة شؤونك لكي تتبصر فيها و تمنع الخسارة و الخراب، و تعمل ما في وسعك للحصول على نتائج مرضية، فقد وعد يسوع بالمساعدة إن بذلنا نحن جهدنا، ثم، و قد قمت بالواجب و انت متكل على معينك الأمين، فاقبل النتائج برضى و فرح SC 93.5 ليست إرادة الرب أن يثقل كاهل شعبه همومًا غير انه لا يريد أيضًا أن يضلنا فلا يقول لنا “لا تخافوا لان طريقكم مأمون و ليست أمامكم مخاطر” كلا، بل هو يعلم أن التجارب و الأخطار تنتظرنا، و قد جعلنا على بينة في الأمر وهو لا يرى أن يأخذ شعبه من عالم الخطية و الشر، بل أن يدلهم على الملجإِ الأمين، فقد صلى من اجل التلاميذ قائلاً، “لست اسأل أن تأخذهم من العالم، بل أن تحفظهم من الشرير” يوحنا ١٧ : ١٥، و خاطبهم قائلاً : “في العالم يكون لكم ضيق، لكن ثقوا، أنا قد غلبت العالم”، يوحنا ١٦ : ٣٣ SC 94.1 في الموعظة على الجبل علّم المسيح تلاميذه دروسًا ثمينة فيما يختص بضرورة الثقة بالله، و كان القصد من هذه الدروس تشجيع أولاد الله على مدى العصور، و قد وصلت إلينا مفعمة بالتعليمات و التعزيات، فقد وجه المسيح أنظار التلاميذ إلى طيور السماء وهي تنطلق في الجو مغردة أناشيد الحمد و الشكران دون أن يشغلها هم أو قلق، وهي مع كونها لا تزرع و لا تحصد، يمدّها الآب السماوي بكل حاجاتها، ثم سأل تلاميذه قائلاً، “ألستم انتم بالحري افضل منها”، فان رزَّاق الإنسان و الحيوان هو الذي يفتح يده و يشبع جميع مخلوقاته خيرًا، وهو تعالى لا يغفل حتى عصافير السماء إذ يسد حاجاتها، و إن كان لا يضع الطعام في مناقيرها، لكنه يعطيها فتلتقط، فهي تعدّ أعشاشها و تقوت صغارها و تنطلق في الجوّ مغرّدة في عملها، لان الآب السماوي يقوتها “ألستم انتم بالحري افضل منها”، و ما قيمة العصافير بالنسبة إليكم و انتم خلائق الله العاقلة و عباده الروحيون؟ أفلا يمدكم خالقكم و مخلص حياتكم بكل ما تحتاجون إليه إن انتم توكلتم عليه؟ SC 94.2 أشار المسيح إلى زهور البرّية النامية بكثرة، الزاهية بجمالها البريء الذي به زينها أبونا السماوي تعبيرًا عن محبته للإنسان، أشار إليها قائلاً : “تأملوا زنابق الحقل، كيف تنمو”، متى ٦ : ٢٨. إن جمال هذه الزهور البري الطبيعي ليفوق كثيرًا مجد سليمان، بل و لا يعادله في ظرافته الطبيعية و بهائها اللامع الحلل التي حاكاها و زخرفها امهر الصناع، ثم اردف يسوع قائلاً : فان كان الله يزين عشب الحقل الذي في يوم واحد يفنى بشتى الالوان البديعة اللطيفة، فكم بالأحرى يعتني بالذي خلقوا على صورته و مثاله فدروس المسيح هذه إنما تحوى توبيخًا لذوي الفكر القلق و القلب الشاكك الجاحد SC 95.1 إن الرب يودّ لو كان أولاده سعداء، في سلوة من العيش، طائعين، كما يدل على ذلك قوله “سلامي أعطيكم، ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا، لا تضطرب قلوبكم و لا ترهب”، يوحنا ١٤ : ٢٨، “كلمتكم بهذا لكي يثبت فرحي فيكم و يكمل فرحكم”، يوحنا ١٥ : ١١ SC 95.2 إن السعادة التي ينشدها الإنسان عن دوافع ذاتية بعيدًا عن طريق الواجب إنما هي سعادة مختلفة التوازن، متقلبة، ذاهبة، تضمحل تاركة النفس حزينة مستوحشة، و لكن في خدمة الله دوام الفرح و الرضى فهو تعالى لا يترك المؤمن يسير في طريق الضلال، يتأسف تأسفًا باطلاً، و ينوح خيبة الآمال، لان البار، و إن كان لا يتمتع بكثير من بركات هذه الحياة إلا انه يتطلع إلى الأبدية بفرح عظيم SC 95.3 قد يكون للمؤمن، حتى في هذه الحياة، فرح الشركة مع المسيح و ابتهاج السلوك في نور محبته و تعزية حضوره الدائم، فان كل خطوة يخطوها تدنيه منه و تهبه اختبارًا أعمق في محبته و تزيده اقترابًا من وطنه المبارك، موطن السلام، فلا نطرحنّ ثقتنا، بل لنزددن تيقنًا و رسوخًا، لان “إلى هنا أعاننا الرب” “١ صموئيل ٧ : ١٢، وهو سيعيننا إلى النهاية، و لنعدد معالم الطريق لنرى كيف أعاننا الرب و خلصنا من يد المهلك، و لنتذكر مراحمه، الدموع التي مسحها، الآلام التي سكّنها، الهموم التي أزالها، المخاوف التي بدَّدها، الحاجات التي سدها، و البركات التي أسبغها، و بذلك نقوّي نفوسنا لمواجهة ما قد يعترضنا في مراحل الطريق الباقية SC 95.4 لا بد من أن نتوقع تحيرات جديدة في الاحتدام المقبل، و لكننا، إذ نعيد النظر إلى ما قد مضى، نقول “إلى هنا أعاننا الرب”، و “كأيامك قوتك” تثنية ٣٣ : ٢٥ (حاشية)، فان الامتحان لن يزيد صعوبةً على ما نستطيع احتماله بالقوة الممنوحة، فلنعمل إذن حيث نجد العمل متيقنين من الانتصار بالذي يقوّينا SC 96.1 عما قريب سيفتح المسيح أبواب السماء على مصراعيها لاستقبال أولاد الله، فيطربون لسماع البركة التي يرددها رب المجد في قوله “تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت المعدَّ لكم منذ تأسيس العالم”، متى ٢٥ : ٣٤ SC 96.2 حينئذٍ يقف يسوع أمام المفديين مرحبًا بهم إلى المنزل الذي يعدّه لهم الآن حيث يكونون في صحبة الذين انتصروا على الشيطان، و صنعوا بنعمة الله أخلاقًا كاملة، و لا يكون هناك الزناة و الكذبة و لا عبدة الأوثان، و أما كل ما كان قد اعترى المفديين من نقص أو ميل إلى الشر فيزول عنهم بدم المسيح، و يحلّ عليهم بهاء مجده الذي يفوق لمعان الشمس، و يضيء فيهم مجد أسمى من المجد الخارجي هو بهاء الصفات المكتملة، “لأنهم بلا عيب قدام عرس الله” يشاطرون الملائكة شرفهم و ميزاتهم SC 96.3 فبالنسبة إلى هذا الميراث المجيد “ماذا يعطي الإنسان عوضًا عن نفسه؟” قد يكون فقيرًا و مع ذلك يملك في نفسه غنى و شرفًا لا يملكهما العالم كله فان النفس المفدية المطهرة من الخطية المقدسة قواها النبيلة لخدمة الله لأثمن من الجواهر، و في السماء يعبر الملائكة عن فرحهم بخاطئ يتوب بتهليلات النصر المقدس و أغانية SC 96.4


١٣ - الفرح في الرب 13- Joy in the Lord

إن أولاد الله لمدعوون ليكونوا سفراء عن المسيح مظهرين للعالم جود الرب و رحمته، فكما اعلن المسيح صفات الآب على حقيقتها، هكذا ينبغي أن نعلن نحن أيضًا المسيح على حقيقته لعالم لا يعي حنو محبته و شفقتها، و قد وصف يسوع مهمتنا هذه إذ قال مخاطبًا الآب، “كما أرسلتني إلى العالم، أرسلتهم أنا إلى العالم”، “أنا فيهم و انت فيّ... ليعلم العالم انك أرسلتني”، يوحنا ١٧ : ١٨ و ٢٣، و يخبر بها الرسول بولس في قوله عن تلاميذ يسوع “ظاهرين أنكم رسالة المسيح” “معروفة و مقروءة من جميع الناس”، و ٢ كورنثوس ٣ : ٣، ففي كل من أولاده يرسل يسوع رسالة إلى العالم و يرسل بك، و انت من أولاده رسالة إلى أسرتك، و إلى قريتك، و إلى الحي، الذي تسكنه لأنه وهو حال في قلبك يريد أن يتحدث بك إلى قلوب الذين لا يعرفونه، و قد يكون انهم من الذين لا يطالعون الكتب المقدسة، فلا يسمعون صوته من صفحاتها، و لا يرونه في أعماله، و لكنهم، إن انت مثلته أمامهم، قد يفهمون شيئًا من رحمته و يربحون لمحبته و خدمته SC 88.1 جعل المسيح من الذين يتبعونه منارات تنير بنوره الطريق المؤدي إلى السماء لكي يستنير كل من يراهم و يلاحظ صفاتهم و يعرف من هو المسيح و ما هي خدمته SC 89.1 إن نحن مثلنا خدمة المسيح على حقيقتها تبدو جذابة خلابة، و أما المسيحيون الذين تملأ قلوبهم الكآبة و الحزن و تنطق ألسنتهم بالتذمرات و الشكاوي، فهم يمثلون الله و الحياة المسيحية تمثيلاً كاذبًا إذ يحملون الناس على الظن بانه تعالى لا يسر بسرور أولاده و سعادتهم، فهم يشهدون على أبيهم السماوي شهادة زور SC 89.2 يشمت الشيطان بالله عندما ينجح في اقتياد أولاده إلى اليأس و القنوط، و يبتهج إذ يحملهم على الارتياب من إرادة المولى في خلاصهم و في قوته على ذلك، و يرتاح ارتياحًا عظيمًا إذ يراهم يوجسون شرًا من العناية، فان شغل ابليس الشاغل هو أن يصوّر الله لعقولنا كانه تعالى خالٍ من الرأفة و مجرّد من الرحمة، و هكذا يعبر الشيطان عن الحق تعبيرًا كاذبًا و يملا المخيلات بأفكار عن الله فاسدة، و كثيرًا ما نتأمل في أباطيل العدو هذه، و لا نتأمل في الحق، فنهين الله بشكوكنا فيه و تذمراتنا عليه، و الشيطان دؤوب على تصوير الحياة المسيحية كأنها حياة التشاؤم مليئة من الأتعاب و الصعاب، و عندما يظهر المؤمن أمام العالم بمثل هذا المنظر فانه بعدم إيمانه يدعم ادعاء الشيطان الكاذب هذا SC 89.3 كثيرون، و هم يسيرون في طريق الحياة، يطيلون التفكير في غلطاتهم و في هزائمهم و خيبة آمالهم، فتمتليء قلوبهم حزنًا و كآبة، كما حدث لأخت كتبت إليّ و أنا في أوربا تطلب مني كلمة تشجيع في ضيقها العظيم، و حدث في الليلة التالية لقراءة كتابها أنني حلمت أني في بستان و صاحب البستان يقودني في طرقاته و أنا اخطف الزهور و أتلذذ بجمال رائحتها، و إذ بالأخت المشار إليها و هي تسير إلى جانبي و تلفت نظري إلى العوسج و القريص الذي كان يعترض طريقها فكانت تئن و تتنهد و لم تتبع القائد في الطريق بل سلكت بين الشوك و العوسج وهي تقول “آه أليس مما يؤسف له أن هذا البستان الجميل تفسد فيه الأشواك و تبشعها”، فأجابها القائد قائلاً : “دعي الأشواك و شأنها، و إلا فإنها تجرحك، و اقطفي الورد و الزنبق و القرنفل” SC 89.4 ألم تجتز في اختباراتك في مراتع هناء؟ ألم يطرب قلبك فرحًا بالروح يومًا ما؟ و إذا تصفحت سفر حياتك ألا تجد بين صفحاته صفحات ملذة : أو ليست مواعيد الله كزهور عاطرة نابتة على جانبي الطريق يمتلئ قلبك فرحًا لجمالها و حلاوتها؟ SC 90.1 أما العوسج و الأشواك، فهذه إنما تجرحك و تكدرك، و إن حصرت همك في جمعها، و رحت تقدمها للآخرين، أفلا تكون بعملك هذا قد منعت الذين حولك من السير في طريق الحياة؟ بلى، و ازدريت أيضًا بجود الله و نكرته SC 90.2 فليس من الحكمة أن نذكر مكدرات حياتنا الماضية و نكرر ذكر خطاياها و إخفاقاتها و نتحدث عنها و نحزن عليها إلى أن يغمرنا الفشل و اليأس، فان النفس الخائرة العزم يحفها ظلام قاتم لا يتخللها نور الله، بل و تلقي سحابة مظلمة على طريق الآخرين أيضًا SC 90.3 نشكر الله على الصور الجميلة التي يعرضها علينا في كلمته، فلنجمعنَّ توكيدات محبته المباركة، لكي نتأملها باستمرار فنرى ابن الله تاركًا عرش أبيه و لابسًا الطبيعة البشرية لينقذنا من سلطة ابليس. Children of God are called to be ambassadors for Christ, showing the world the goodness and mercy of the Lord. Just as Christ revealed the characteristics of the Father for their true nature, so we should also announce the Christ for his truth to a world that is not aware of his love and compassion, and Jesus described our mission when he said addressing the Father. , “As you have sent me into the world, I have sent them into the world,” “I am in them and you are in me… so that the world may know that you have sent me”, John 17:18 and 23, and the Apostle Paul tells of them in his saying about the disciples of Jesus, “They appear to be the message of Christ “It is known and read by all people,” and 2 Corinthians 3: 3. In each of his children Jesus sends a message to the world and sends you, and you are one of his children, a message to your family, to your village, and to the neighborhood, which you live because he and he are A state in your heart wants to speak with you to the hearts of those who do not know him, and it may be that they do not read the Holy Books, and they do not hear his voice from its pages, and they do not see him in his works, but they, if you represent him before them, may understand something of his mercy and They win for his love and service SC 88.1 Christ made beacons of those who follow him to illuminate with his light the path leading to heaven, so that everyone who sees them enlightens and observes their characteristics and knows who Christ is and what he is His service SC 89.1 If we, like us, serving Christ for its true nature seems attractive and fascinating, and as for Christians whose hearts fill with depression and sadness and whose tongues are uttered with grumblings and grievances, they false represent God and the Christian life as they make people think that the Almighty does not please the pleasure of His children And their happiness, as they bear witness to their Heavenly Father false testimony SC 89.2 Satan curses God when he succeeds in leading his children to despair and despair, and he rejoices as he makes them suspicious of the will of the Lord in their salvation and in his power for that, and he rests with a great relief as he sees them despairing of evil From caring, the devil's main concern is to portray God to our minds as the Almighty devoid of mercy and devoid of mercy, and thus Satan expresses the truth in a false way and fills the imaginations with corrupt ideas about God, and we often contemplate these vanities of the enemy, and we do not contemplate In truth, we insult God through our doubts about Him and our grumbling over Him, and Satan is persistent in portraying the Christian life as a life of pessimism full of hardships and difficulties, and when the believer appears before the world in such a view, his unbelief supports Satan's false claim. SC 89.3 Many, and they are Are walking On the way of life, they think long about their mistakes and their defeats and disappointments, and their hearts are filled with sadness and depression, as happened to a sister who wrote to me while I was in Europe asking me a word of encouragement in her great distress, and it happened the next night to read her book that I dreamed that I was in a garden And the owner of the orchard led me along his roads while I grabbed the flowers and enjoyed the beauty of their scent, and as the sister referred to as she walked next to me and drew my attention to the thorns and the nettle that was blocking her way, and she was moaning and sighing, and she did not follow the leader on the road, but walked among the thorns And the bramble she says, “Oh, is it not a pity that this beautiful garden has thorns spoiling and ugly”, and the commander answered her, saying: “Leave the thorns alone, otherwise they hurt you, and pick the roses, lilies and carnations” SC 89.4 Did you not pass your tests? In the blissful parks? Hasn’t your heart been delighted with the soul one day? And if you browse the book of your life, do you not find among its pages pleasing pages: or are the promises of God not like fragrant flowers that grow on the sides of the road, fill your heart with joy for their beauty and sweetness? SC 90.1 As for the thorns and thorns, these only hurt and disturb you, and if you restrict your concern to collecting them, and continue to present them to others, would you not by your action prevent those around you from walking on the path of life? Yes, and I also despised God’s goodness and detestation SC 90.2. It is not wise to mention the troubles of our past lives, and repeat their sins and failures, and talk about them and mourn for them until we are overwhelmed by failure and despair, for the soul’s lost determination is enveloped in a dark darkness that is not permeated by the light of God. And even casting a dark cloud on the path of others also SC 90.3 We thank God for the beautiful images that he presents to us in his word, so let us collect affirmations of his blessed love, so that we contemplate them constantly and see the Son of God leaving his father’s throne and wearing human nature to save us from the authority of the Devil. 神の子供たちはキリストの大使と呼ばれ、世界に主の善と憐れみを示します。キリストが父の真の性質を明らかにしたように、私たちはキリストの真実を、彼の愛と思いやりを知らない世界に発表しなければなりません。イエスは父に話しかけると私たちの使命を説明しました。 、「あなたが私を世に送り出したように、私は彼らを世に送りました」「私は彼らの中にいて、あなたは私の中にいます…あなたが私を遣わしたことを世界が知ることができるように」、ヨハネ17:18と23、そして使徒パウロはイエスの弟子たちについての彼の言葉の中で彼らについて語っています。「彼らはキリストのメッセージのようです。 「それはすべての人に知られ、読まれています」とコリント第二3:3。イエスはそれぞれの子供たちの中で世界にメッセージを送り、あなたを送ります。あなたは彼の子供たちの一人であり、あなたの家族、あなたの村、そしてあなたが住んでいる近所にメッセージを送ります。あなたの心の中の国家は、彼を知らない人々の心にあなたと話したいと思っています、そして彼らは聖なる書物を読んでおらず、そのページから彼の声を聞いておらず、彼の作品で彼を見ていませんが、あなたが彼らの前で彼を代表しているなら、彼らは彼の慈悲の何かを理解しているかもしれません彼らは彼の愛と奉仕のために勝ちますSC88.1キリストは彼に従う人々のビーコンを作り、天国に通じる道を彼の光で照らし、彼らを見るすべての人が彼らの特徴を啓発し観察し、キリストが誰であり彼が何であるかを知るようにしました彼の奉仕SC89.1私たちのように、その真の性質のためにキリストに仕えることは魅力的で魅力的であるように思われ、心が憂鬱と悲しみに満ち、舌が不平と不満で発せられるクリスチャンについては、全能者が彼の子供たちの喜びを喜ばないと人々に思わせるので、彼らは神とクリスチャンの生活を誤って表していますそして彼らの幸福は、天の御父の偽りの証言を証言するSC 89.2サタンは、子供たちを絶望と絶望に導くことに成功したとき、神を呪い、彼らの救いとその力に対する主の意志を疑わせることを喜び、彼らが悪を絶望しているのを見て、彼は大いに安堵します。思いやりから、悪魔の主な関心事は、慈悲と慈悲のない全能者として神を私たちの心に描写することです。したがって、サタンは真実を誤った方法で表現し、想像を神についての腐敗した考えで満たします。私たちはしばしばこれらの敵の虚栄心を熟考します。実のところ、私たちは神への疑念と神に対する不平を言って神を侮辱します。サタンはクリスチャンの生活を困難と困難に満ちた悲観的な生活として描写し続けます。信者がそのような見方で世界の前に現れるとき、彼の不信仰はサタンの誤った主張を支持します。SC89.3多く、そして彼らは歩いている人生の途中で、彼らは自分たちの過ちや敗北や失望について長い間考え、私がヨーロッパにいる間に私に手紙を書いた姉妹が彼女の大きな苦痛の中で励ましの言葉を私に尋ねたように、彼らの心は悲しみと憂鬱に満ちています、そして次の夜、私が庭にいることを夢見ていた彼女の本を読んだことが起こりましたそして、果樹園の所有者は、私が花をつかんでその香りの美しさを楽しんでいる間、私を彼の道に沿って案内しました、そして彼女が私の隣を歩いて、彼女の道を妨げているとげとイラクサに私の注意を引いたと言われるように、彼女はうめき声とため息をつきました、そして彼女は道のリーダーに従わず、とげの間を歩きましたそして、彼女が言うブランブルは、「ああ、この美しい庭にとげが甘やかされて醜いのは残念ではない」と言い、司令官は彼女に答えた。「とげは放っておいてください。そうしないと、あなたを傷つけ、バラ、ユリ、カーネーションを選びます」SC 89.4テストに合格しませんでしたか?至福の公園で?ある日、あなたの心は魂に喜んでいませんか?そして、あなたがあなたの人生の本を閲覧するなら、あなたはそのページの中に楽しいページを見つけませんか?それとも、神の約束は道の脇に生える香りのよい花のようではなく、その美しさと甘さのためにあなたの心を喜びで満たしますか? SC 90.1とげととげに関しては、これらはあなたを傷つけ、邪魔するだけです、そしてあなたがそれらを集めることにあなたの懸念を制限し、そしてそれらを他の人に提示し続けるならば、あなたはあなたの行動によってあなたの周りの人々が人生の道を歩くのを妨げませんか?はい、そして私も神の善と嫌悪を軽蔑しましたSC 90.2。私たちの過去の人生の悩みに言及し、彼らの罪と失敗を繰り返し、失敗と絶望に圧倒されるまで、彼らについて話し、嘆き悲しむのは賢明ではありません。魂の失われた決意は、神の光が浸透しない暗い闇に包まれているからです。そして、他の人の道に暗い雲を投げかけることさえ、SC 90.3神が彼の言葉で私たちに提示する美しい画像に感謝します。それで、私たちは彼の祝福された愛の肯定を集めましょう。そうすれば、私たちは絶えずそれらを熟考し、神の息子が父の王位を離れ、悪魔の権威から私たちを救うために人間の本性を身に着けているのを見ることができます。 و لنتأمل انتصاره لأجلنا فاتحًا لنا أبواب السماء و معلنًا للعين البشرية حجلة حضرته حيث يتجلى المجد الإلهي، فنرى الجنس الهالك مرفوعًا من وهدة الهلاك التي تردّى فيها بواسطة الخطية، معادًا اتصاله بالقادر على كل شيء، فائزًا في امتحان الإيمان بالفادي، مكتسبًا برّ المسيح و جالسا على عرشه ـ إن هذه هي الصور التي يعرضها علينا و يريد أن نطيل التأمل فيها، فنفرح كل حين SC 90.4 و لكن عندما يبدو علينا الارتياب من محبة الله و عدم الثقة بمواعيده نهينه و نحزن روحه القدوس، و ماذا يكون شعور أم إذا كان أولادها يش كون منها باستمرار، كانها غير معنية بشؤونهم في حين أن كل جهودها منصرفة إلى الاهتمام بهم و العمل على إراحتهم. أو ليس مما يكسر قلبها أن ترى أولادها يرتابون من محبتها؟ و أي والد يرضى بان يعامله بنوه بمثل هذه المعاملة؟ و كيف يعتبر أبونا السماوي شكوكنا في محبته بعد أن بذل وحيده لأجلنا لكي نحيا حياة أبدية كما قال الرسول “الذي لم يشفق على ابنه بل بذله لأجلنا أجمعين كيف لا يهبنا أيضًا معه كل شيء”، رومية ٨ : ٣٢، و مع ذلك فكم من امرئ يقول، إن لم يكن بلسان مقاله فبلسان حاله، إن الله لا يقصدني أنا شخصيًا بهذه المواعيد فربما هو يحب الآخرين و لكنه لا يحبني أنا بالذات SC 90.5 إن هذا الموقف ليضرّ بنفسك لأنك في تعبيرك عما يخامرك من الشكوك تفتح الباب للمجرب و تقوّي في نفسك الميل إلى الارتياب و تحزن الملائكة القائمين على مساعدتك و حراستك، فإذا جرّبك العدو لا تسمح لنفسك بأن تتفوه بكلمة شك أو عدم الإيمان، لأنك إذا فتحت الباب لإيحاءات العدو و وسوساته يملأ صدرك بهواجسه و فكرك بسؤالات التمرد، و إذا تكلمت بما في خلدك لا يعود كلامك بالضرر عليك فحسب، بل تزرع في أفكار غيرك زرعًا ينبت و يأتي بثمر قد لا يبطل مفعوله أبدًا. قد تستفيق انت من التجربة و تنجو من فخ ابليس، و هؤلاء الذين أثرت فيهم بتعبيرك عن شكوكك قد لا يستطيعون الخلاص من الكفر الذي زرعته فيهم بكلامك، فمن المهم جدًا أن نجعل كلامنا مقتصرًا على ما يهب السامعين حياة روحية و قوة إلهية SC 91.1 ينصت الملائكة ليسمعوا ما تخبر به العالم عن أبيك السماوي، فليكن حديثك دائمًا عن الحي في كل حين ليشفع فيك، و إذ تصافح صديقك ليكن الحمد لله على شفتيك و في قلبك، فان هذا ادعي إلى اكتساب صديقك و اجتذاب أفكاره إلى المسيح SC 91.2 لكل الناس محنهم و أحزانهم التي تثقل كاهلهم و لهم تجاربهم التي يصعب علهم مقاومتها، فلا تخبر البشر رفقاءك بأتعابك، بل القها على الله بالصلاة، و خذها لنفسك قاعدة انك لا تتفوه أبدًا بكلمة من شأنها أن تثني عزم غيرك أو تبثّ فيم الشك، بل اعمل ما في وسعك لتخفف عنهم اثقالهم و تقويهم بكلمات الرجاء و الثقة المقدسة SC 91.3 كم من نفس باسلة ترزح تحت وطأة التجربة، و قد أوشكت أن تخور في جهادها ضد نفسها و ضد قوات الشر، فلا تثبط مثل هذه النفس في صراعها الشاق، بل شددها بكلمات التشجيع و الرجاء التي تدفعها إلى المضي في السير، و بذلك ينبعث منك نور المسيح و يضيء على الآخرين، “لان ليس احد يعيش لذاته”، رومية ١٤ : ٧، فانه بتأثيرنا، من حيث لا نشعر، قد يتشجع الآخرون و يتقوون، و قد يضعفون و يخورون، فيصدّون عن الإتيان إلى المسيح و قبول الحق SC 92.1 كثيرون يتصوَّرون أن المسيح كان صارمًا عابسًا بعيدًا عن كل تبسم و فرح، و لذلك ترى كل حياتهم مصطبغة بهذا التصوّر المغلوط SC 92.2 كثيرًا ما نسمع الآية “بكى يسوع” و القول أن الكتاب لا يذكر انه تبسم، صحيح أن مخلصنا كان “رجل الأوجاع و مختبر الحزن” لأنه حمل على قلبه ويلات البشر كلها، و لكن و لئن كانت حياته حياة إنكار الذات و التضحية و خيم عليها سحاب من الآلام و الهموم، إلا أن هذا كله لم يسحق روحه فيه، و لم تكن هيئته هيئة الحزين المتضجر بل هيئة الرائق المطمئن، و قلبه كان كينبوع من الحياة يفيض سلامًا و فرحًا و ابتهاجًا حيثما حل SC 92.3 كان مخلصنا ذا رزانة و جدّ بالغين، و مع ذلك لم يكن متجهمًا مكتئبًا و الذين يقتدون به يفعم حياتهم نفس الاجتهاد الجدي، و إذ يشعرون بثقل المسؤولية الشخصية يبعدون عنهم كل نزق و طيش و هزل، و يكون سلامهم كالنهر، عبة الديانة المسيحية لمعتنقيها، فهي لا تطفئ جمرة الفرح و لا تخمد جذوة الابتهاج و لا تغيّم على الوجه الوضاح البسام، فكما أن المسيح لم يأتِ ليُخدمَ بل ليخدم هكذا هم أيضًا يقتدون به و المحبة مالكة في قلوبهم SC 92.4 إذا تأملنا فيما يأتيه الناس من الأعمال الجائرة القاسية نجد أننا لا نستطيع أن نحبهم كما احبنا و إياهم المسيح، بيد أننا إذا اكثرنا التفكير في حنو محبة المسيح العجيب يفيض روح المسيح منا للناس، و الحب للناس واجب و احترامهم لازم مهما رأينا فيهم من الهفوات و النقائص، و إذا ربينا انفسنا على التواضع و عدم الاعتداد بالذات و اللطف و الصبر أمام هفوات الناس نستأصل بذلك الأنانية من انفسنا و نكسبها سعة صدر و رحبة قلب SC 93.1 قال المرنم، “اتكل على الرب و افعل الخير، اسكن الأرض و ارع الأمانة”، مزمور ٣٧ : ٣، اجل، “اتكل على الرب” لان لكل يوم اثقاله و همومه و محيراته، و لكن حين نجتمع معًا ما اكثر استعدادنا لان نتحدث عن أتعابنا و تجاربنا، فهذا يتوجس شرًا من هنا و ذاك يتوقع صعابًا من هناك، و كلنا نعبر عن ثقل همنا، فكأني بنا و ليس لنا مخلص حبيب شفوق وُجد في الضيق عونًا شديدًا SC 93.2 و يتطلع البعض إلى الهموم التي قد تأتي فيستميلون للخوف منها مع انهم محاطون يوميًا بدلائل المحبة الكثيرة و يتمتعون بهبات العناية، إلا انهم يغضون الطرف عن البركات الحاضرة و ينصرفون إلى التأمل في أمور غير متسحبة قد تأتي، أو في صعوبة قد أتت، و مع صغرها، أعمت اعينهم عن الأشياء الكثيرة التي تستوجب الشكر و الامتنان، فهذه الصعوبات التي يجب أن تدفعهم إلى الله تفصلهم عنه تعالى لأنها تولد فيهم القلق و التذمر SC 93.3 هل بالصواب لا تؤمن؟ و لماذا نكون عديمي الشكر و عديمي الشفقة؟ إن يسوع لصديقنا و السماء كلها مهتمة لصالحنا، فيجب ألا ندع ارتباكات الحياة اليومية و شواغلها أن تجعلنا قلقة البال و مقطبي الجبين، لأننا إذا استسلمنا لهذه الحال فلا بد من أن يكون لنا دائمًا ما ينغصنا و يكدرنا، فينبغي ألا نستسلم للهم فان الهمّ يضنينا و يبلينا دون أن يعيننا على احتمال التجارب SC 93.4 قد ترتبك في تجارتك و قد تعتم الأحوال أمامك و تهددك الخسارة من كل جانب، فلا تخر بل ألق على الرب همك، و احتفظ بهدوّك و انشراحك، و صل إلى الله طالبًا منه الحكمة في إدارة شؤونك لكي تتبصر فيها و تمنع الخسارة و الخراب، و تعمل ما في وسعك للحصول على نتائج مرضية، فقد وعد يسوع بالمساعدة إن بذلنا نحن جهدنا، ثم، و قد قمت بالواجب و انت متكل على معينك الأمين، فاقبل النتائج برضى و فرح SC 93.5 ليست إرادة الرب أن يثقل كاهل شعبه همومًا غير انه لا يريد أيضًا أن يضلنا فلا يقول لنا “لا تخافوا لان طريقكم مأمون و ليست أمامكم مخاطر” كلا، بل هو يعلم أن التجارب و الأخطار تنتظرنا، و قد جعلنا على بينة في الأمر وهو لا يرى أن يأخذ شعبه من عالم الخطية و الشر، بل أن يدلهم على الملجإِ الأمين، فقد صلى من اجل التلاميذ قائلاً، “لست اسأل أن تأخذهم من العالم، بل أن تحفظهم من الشرير” يوحنا ١٧ : ١٥، و خاطبهم قائلاً : “في العالم يكون لكم ضيق، لكن ثقوا، أنا قد غلبت العالم”، يوحنا ١٦ : ٣٣ SC 94.1 في الموعظة على الجبل علّم المسيح تلاميذه دروسًا ثمينة فيما يختص بضرورة الثقة بالله، و كان القصد من هذه الدروس تشجيع أولاد الله على مدى العصور، و قد وصلت إلينا مفعمة بالتعليمات و التعزيات، فقد وجه المسيح أنظار التلاميذ إلى طيور السماء وهي تنطلق في الجو مغردة أناشيد الحمد و الشكران دون أن يشغلها هم أو قلق، وهي مع كونها لا تزرع و لا تحصد، يمدّها الآب السماوي بكل حاجاتها، ثم سأل تلاميذه قائلاً، “ألستم انتم بالحري افضل منها”، فان رزَّاق الإنسان و الحيوان هو الذي يفتح يده و يشبع جميع مخلوقاته خيرًا، وهو تعالى لا يغفل حتى عصافير السماء إذ يسد حاجاتها، و إن كان لا يضع الطعام في مناقيرها، لكنه يعطيها فتلتقط، فهي تعدّ أعشاشها و تقوت صغارها و تنطلق في الجوّ مغرّدة في عملها، لان الآب السماوي يقوتها “ألستم انتم بالحري افضل منها”، و ما قيمة العصافير بالنسبة إليكم و انتم خلائق الله العاقلة و عباده الروحيون؟ أفلا يمدكم خالقكم و مخلص حياتكم بكل ما تحتاجون إليه إن انتم توكلتم عليه؟ SC 94.2 أشار المسيح إلى زهور البرّية النامية بكثرة، الزاهية بجمالها البريء الذي به زينها أبونا السماوي تعبيرًا عن محبته للإنسان، أشار إليها قائلاً : “تأملوا زنابق الحقل، كيف تنمو”، متى ٦ : ٢٨. إن جمال هذه الزهور البري الطبيعي ليفوق كثيرًا مجد سليمان، بل و لا يعادله في ظرافته الطبيعية و بهائها اللامع الحلل التي حاكاها و زخرفها امهر الصناع، ثم اردف يسوع قائلاً : فان كان الله يزين عشب الحقل الذي في يوم واحد يفنى بشتى الالوان البديعة اللطيفة، فكم بالأحرى يعتني بالذي خلقوا على صورته و مثاله فدروس المسيح هذه إنما تحوى توبيخًا لذوي الفكر القلق و القلب الشاكك الجاحد SC 95.1 إن الرب يودّ لو كان أولاده سعداء، في سلوة من العيش، طائعين، كما يدل على ذلك قوله “سلامي أعطيكم، ليس كما يعطي العالم أعطيكم أنا، لا تضطرب قلوبكم و لا ترهب”، يوحنا ١٤ : ٢٨، “كلمتكم بهذا لكي يثبت فرحي فيكم و يكمل فرحكم”، يوحنا ١٥ : ١١ SC 95.2 إن السعادة التي ينشدها الإنسان عن دوافع ذاتية بعيدًا عن طريق الواجب إنما هي سعادة مختلفة التوازن، متقلبة، ذاهبة، تضمحل تاركة النفس حزينة مستوحشة، و لكن في خدمة الله دوام الفرح و الرضى فهو تعالى لا يترك المؤمن يسير في طريق الضلال، يتأسف تأسفًا باطلاً، و ينوح خيبة الآمال، لان البار، و إن كان لا يتمتع بكثير من بركات هذه الحياة إلا انه يتطلع إلى الأبدية بفرح عظيم SC 95.3 قد يكون للمؤمن، حتى في هذه الحياة، فرح الشركة مع المسيح و ابتهاج السلوك في نور محبته و تعزية حضوره الدائم، فان كل خطوة يخطوها تدنيه منه و تهبه اختبارًا أعمق في محبته و تزيده اقترابًا من وطنه المبارك، موطن السلام، فلا نطرحنّ ثقتنا، بل لنزددن تيقنًا و رسوخًا، لان “إلى هنا أعاننا الرب” “١ صموئيل ٧ : ١٢، وهو سيعيننا إلى النهاية، و لنعدد معالم الطريق لنرى كيف أعاننا الرب و خلصنا من يد المهلك، و لنتذكر مراحمه، الدموع التي مسحها، الآلام التي سكّنها، الهموم التي أزالها، المخاوف التي بدَّدها، الحاجات التي سدها، و البركات التي أسبغها، و بذلك نقوّي نفوسنا لمواجهة ما قد يعترضنا في مراحل الطريق الباقية SC 95.4 لا بد من أن نتوقع تحيرات جديدة في الاحتدام المقبل، و لكننا، إذ نعيد النظر إلى ما قد مضى، نقول “إلى هنا أعاننا الرب”، و “كأيامك قوتك” تثنية ٣٣ : ٢٥ (حاشية)، فان الامتحان لن يزيد صعوبةً على ما نستطيع احتماله بالقوة الممنوحة، فلنعمل إذن حيث نجد العمل متيقنين من الانتصار بالذي يقوّينا SC 96.1 عما قريب سيفتح المسيح أبواب السماء على مصراعيها لاستقبال أولاد الله، فيطربون لسماع البركة التي يرددها رب المجد في قوله “تعالوا يا مباركي أبي رثوا الملكوت المعدَّ لكم منذ تأسيس العالم”، متى ٢٥ : ٣٤ SC 96.2 حينئذٍ يقف يسوع أمام المفديين مرحبًا بهم إلى المنزل الذي يعدّه لهم الآن حيث يكونون في صحبة الذين انتصروا على الشيطان، و صنعوا بنعمة الله أخلاقًا كاملة، و لا يكون هناك الزناة و الكذبة و لا عبدة الأوثان، و أما كل ما كان قد اعترى المفديين من نقص أو ميل إلى الشر فيزول عنهم بدم المسيح، و يحلّ عليهم بهاء مجده الذي يفوق لمعان الشمس، و يضيء فيهم مجد أسمى من المجد الخارجي هو بهاء الصفات المكتملة، “لأنهم بلا عيب قدام عرس الله” يشاطرون الملائكة شرفهم و ميزاتهم SC 96.3 فبالنسبة إلى هذا الميراث المجيد “ماذا يعطي الإنسان عوضًا عن نفسه؟” قد يكون فقيرًا و مع ذلك يملك في نفسه غنى و شرفًا لا يملكهما العالم كله فان النفس المفدية المطهرة من الخطية المقدسة قواها النبيلة لخدمة الله لأثمن من الجواهر، و في السماء يعبر الملائكة عن فرحهم بخاطئ يتوب بتهليلات النصر المقدس و أغانية SC 96.4